فتوى الشيخ الشعراوى بخصوص القضاء والقدر

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فتوى الشيخ الشعراوى بخصوص القضاء والقدر

    رد من فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى على سؤال فى القضاء والقدر

    البعض يحتج بالقضاء والقدر على ما يفعله من الأمور ، وترى بعض العصاة مثلاً يحتجون بالقدر في أن الله لم يرد لهم الهداية ، وقدر عليهم ذلك ، فلماذا يحاسبون !!!
    سألته سائلة : عرف الله أنه عادل ، فلماذا خلق الإنسان مختلف الظروف ، ثم يحاسب الجميع حساباً واحداً ، برغم اختلاف ظروف كلاً منهم ، وهو الذي قدر لهم حياتهم ، وظروفهم ؟

    فأجاب فضيلة الشيخ الشعراوي :

    لابد أن تفهمي الفرق بين قضى ، وبين قدر .

    ( قضى ) ، يعني حكم حكماً لازماً لا يمكن أن ينتهي ، وذلك في الأمور التي لا دخل للإنسان فيها ، ولذلك فالله لا يحاسبك على القضاء .

    ولكن ( قدّر) ، يعني أن الأمور تأتي في المستقبل من وجهة نظرك ، فتقول : إنني قدرت أن أفعل كذا . وعندما يأتي وزير الزراعة مثلاً بناء على الإحصاءات والأرقام ويقول : تقدر الدولة محصول القطن هذا العام بكذا مليون قنطار . مع أن علم البشر ناقص ، وتقديره حسب المعلومات التي وصلت إليه .

    ولكن تقدير الله عز وجل لا يحدث فيه خلاف ، لأن معلوماته مؤكدة . فإذا قدر على إنسان في الأزل أن يكون عاصياً ، فمعنى ذلك أنه علم أزلاً أن هذا الإنسان سيختار المعصية . ولكن ساعة اختيار المعصية .. هل أرغمه الله عليها ؟

    الوزير حينما قدر المحصول ، هل أرغم الأرض على أنها تنفذ تقديره ؟ لا . بل هو قدر حسب المعلومات التي وصلت إليه والمسألة تسير في طريقها الطبيعي بدون تدخل منه .

    كذلك خلق الله الخلق ، وقال : هناك أمور قضيتها ، وهذه لا أحاسب عليها أحداً ، وهناك أمور تركت للعبد الاختيار فيها ... ولكن قدرت أن العبد سوف يعمل كذا ساعة كذا ، لا أقهره على أن يعمل ، لأنه عمل بصفة الاختيار ، ولكني أعلم ما سوف يعمل .

    فالله قدّر ، لأنه علم أنك ستختار ، ولم يقدّر ليوجب عليك أن تصنع ما قدّر . وهذا هو الفرق بين القضاء والتقدير .

    ولنضرب لذلك مثلاً ، فلو أن كلية الحقوق مثلاً حددت جائزة ، فقال عميد الكلية لأستاذ المادة : إنه يريد امتيازاً في مادة كذا ، ليعطى جائزة قدرها كذا .. فرشح الأستاذ أحد تلاميذه ، لأنه يعرفه ، فلم يثق العميد في كلامه ، وعقد اختباراً ، فجاءت النتيجة حسب ما قدر الأستاذ ، فهل كان الأستاذ على يد الطالب ساعة أن كتب الإجابة ؟

    كلا . ولكنه حكم لعلمه بامتياز هذا الطالب بالذات ، ولكنه علمٌ قد يختل ، لأنه علم بشر ، ولكن علم الله لا يختل أبداً .
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

  • #2
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    رحم الله الشيخ الشعراوي كان عبقريا في شرح و تبسيط معاني مفرادات و تراكيب و صور القرآن الكريم، بما يؤدي لفهم من يسمعه مهما كان مستواه العلمي، فجزاه الله خيرا و غفر له.

    تعليق


    • #3
      شـكــ وبارك الله فيك ـــرا ........

      جزاك الله خيرا أستاذنا ( سيف الكلمة)

      ورحم الله الشيخ الشعراوى ( العلامة الكبير)

      وأسعى لقراءة كتبه باستمرار( فمكتبته غزيرة بانتاجه وبعلمه الراقى)

      موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم

        الاخ الحبيب سيف الكلمة
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        كل من عاصر الامام الراحل محمد متولى الشعراوى يشعر باهمية هذا الرجل
        نعم
        فكلنا يعلم ما كان يتمتع به من علم وحكمة وجراة رحمه الله تعالى وجزاه عنا خيرا

        ووالله منذ ان تم استبعاد حلقاته من التلفاز لم نعد نشعر بهذه الحلاوة التى كنا نشعر بها فقد ارتبط عندى يوم الجمعة بلقاء الشعراوى فما ان ننتهى من اداء الصلاة حتى نسارع لمشاهدة خواطره مع كتاب الله

        رحمه الله تعالى

        شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

        {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}
        (24) سورة السجدة

        تعليق


        • #5
          رحم الله الشيخ الشعراوى فعلا كان له اسلوب فريد فى تبسيط المفاهيم و خصوصا بضرب الامثلة من واقع الحياة
          و اراه هنا اجاد فى تعرف معنى القضاء و القدر و لكنى لا اظن ان الاجابة كافية شافيه عن السؤال المباشر

          المشاركة الأصلية بواسطة سيف الكلمة مشاهدة المشاركة
          سألته سائلة : عرف الله أنه عادل ، فلماذا خلق الإنسان مختلف الظروف ، ثم يحاسب الجميع حساباً واحداً ، برغم اختلاف ظروف كلاً منهم
          هل صحيح ان الحساب واحد فعلا
          اليس الحساب على قدر التكليف و التكليف على قدر مقدرة الانسان
          لو انسان اعمى مثلا حرم من نعمة البصر هل سيحاسبه على الامر بغض البصر!!!!
          ولو واحد فقير هل سيحاسبه على الزكاة و التصدق..!!!
          لا اعتقد ذلك
          "لا يكلف الله نفسا الا وسعها"
          "و ان ليس للانسان الا ماسعى"
          و السعى على قدر السعة

          شكرا لاستاذنا سيف الكلمة على الموضوع الجميل و الحيوى

          تعليق


          • #6
            هل صحيح ان الحساب واحد فعلا
            اليس الحساب على قدر التكليف و التكليف على قدر مقدرة الانسان
            لو انسان اعمى مثلا حرم من نعمة البصر هل سيحاسبه على الامر بغض البصر!!!!
            ولو واحد فقير هل سيحاسبه على الزكاة و التصدق..!!!
            لا اعتقد ذلك
            "لا يكلف الله نفسا الا وسعها"
            "و ان ليس للانسان الا ماسعى"
            و السعى على قدر السعة

            شكرا لاستاذنا سيف الكلمة على الموضوع الجميل و الحيوى
            الإجابة علي هذا فيها تفصيل ،
            فالرجل الأعمي إذا نوي أنه إذا أنعم الله عليه بنعمة النظر أنه سيغض بصره، وكان صادقاً في نيته فسيؤجر أجر الذي يغض بصره من المبصرين ، أما بعكس ما إذا كان لم يخطر علي باله مثل هذا الأمر أصلاً ،
            والرجل المريض إذا كان له عمل يداوم عليه قبل مرضه فسيعطي أجره عندما كان صحيحاً معافي ،
            والفقير إذا أو الجاهل إذا نوي أنه إذا رزقه الله العلم أو المال الوفير فسينفق منه في سبيل الله وفي فعل الخير فسيعطي أجر المنفق أو من تعلم العلم ويعلم غيره ابتغاء وجه الله .
            مع التنبه إلي أمر ،
            أن النية وحدها لا تكفي إلا للعاجز عن الفعل ، أما من ينوي ولديه القدرة علي الفعل فلم يفعل ، فقد يأثم علي تركه الواجبات ، لذا من يقدر علي تعلم القران الكريم ولم يفعل فهو آثم بتتعته ومن لا يقدر علي تعلمه ويتتعتع فيه فله أجران ،
            والله اعلم .
            أدوات للباحثين على الشبكة: البحث في القرآن الكريم هنا تفاسيره هنا القرآن بعدة لغات هنا سماع القرآن هنا القراءات القرآنية هنا
            الإعجاز العلمي هنا بحث في حديث بإسناده هنا و هنا معاجم عربية هنا معاجم اللغات هنا
            كتب وورد
            هنا المكتبة الشاملة هنا كتب مصورة هنا و هنا وهنا وهنا وهنا وهنا و هنا وهنا وهناوهنا وهنا وهنا وهنا وهنا كتب مخطوطة هنا
            للتأكد من الأخبار العصرية موقع فتبينوا

            تعليق


            • #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              شكرا لاستاذنا سيف الكلمة على الموضوع الجميل
              ورحم الله شيخنا الفاضل الإمام محمد متولي الشعراوي وانا احد محبيه

              تعليق


              • #8
                شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة هبـة الله مشاهدة المشاركة
                  رحم الله الشيخ الشعراوى فعلا كان له اسلوب فريد فى تبسيط المفاهيم و خصوصا بضرب الامثلة من واقع الحياة
                  و اراه هنا اجاد فى تعرف معنى القضاء و القدر و لكنى لا اظن ان الاجابة كافية شافيه عن السؤال المباشر

                  سألته سائلة : عرف الله أنه عادل ، فلماذا خلق الإنسان مختلف الظروف ، ثم يحاسب الجميع حساباً واحداً ، برغم اختلاف ظروف كلاً منهم
                  هل صحيح ان الحساب واحد فعلا
                  اليس الحساب على قدر التكليف و التكليف على قدر مقدرة الانسان
                  لو انسان اعمى مثلا حرم من نعمة البصر هل سيحاسبه على الامر بغض البصر!!!!
                  ولو واحد فقير هل سيحاسبه على الزكاة و التصدق..!!!
                  لا اعتقد ذلك
                  "لا يكلف الله نفسا الا وسعها"
                  "و ان ليس للانسان الا ماسعى"
                  و السعى على قدر السعة

                  شكرا لاستاذنا سيف الكلمة على الموضوع الجميل و الحيوى
                  علم الشيخ الشعراوى رحمه الله أن السائلة لديها خلط بين القضاء وبين القدر
                  وأن هذا الخلط هو سبب السؤال
                  فبين أن المقضى به وهو ما لا اختيار فيه لا حساب بشأنه
                  ولكن ما قدر الله أنه سيحدث فهو فى أمور الإختيار من العبد
                  ولأن علم الله كامل فتقديره صائب أن هذا العبد سيكون اختياره كذا
                  وأعطى مثالا بتقدير وزير الزراعة الصائب حول كمية المحصول المتوقع مستقبلا بسبب توفرالمعلومات لديه من حيث الكم والكيف
                  فإذا علمنا أن الله هو العليم الذى لديه العلم الكلى عما كان وعما هو كائن وعما سيكون فينا بعدعرفنا أن تقدير الله مستند إلى هذا العلم
                  ومثال آخر
                  المعلم فى الفصل يتوقع أن تلميذا سيرسب ويتوقع سيتفوق فى نهاية العام من خلال علمه بمستوى اجتهاد كل منهما طوال العام
                  فهذت من المعلم توقع مستقبلى مبنى على تقدير مستند إلى معلومات متوفرة لديه عن تلميذيه
                  فهذا التوقع المستقبلى من المعلم ومن الوزير عملية تقديرية قد تصيب أو تخطىء وفق دقة معلومات المعلم أو الوزير
                  ولكن علم الله الكامل يكون فيه التقدير صائبا بسبب كمال العلم
                  فتقدير الله هو القدر ويكون فى الأمور موضع الإختيار وهى موضع التكليف والسعى
                  وقضاء الله فى الأمور المقضى بها وتكون فى مواضع ليس للعبد فيها اختيار كأن يولد متخلف عقليا فلا تكليف ولا حساب فهذا من قضاء الله عليه
                  وكأن تؤجل الدراسة لمدة عام بسبب وباء أو حرب فهذا بالنسبة للتلميذ قضاء لا اختيار له فيه

                  أما كف البصر فقد يستعين العبد بالسمع فيكف قلبه عن زنا السمع أو يزنى بإذنه أو بحاسة اللمس مثلا فهذه توجد لها بدائل والعبرة بالنية وما عقد العبد عليه عزمه لكون الأعمال بالنيات
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق


                  • #10
                    جزاكم الله خيراً أستاذنا سيف الكلمة ..
                    سيظل منتدى حراس العقيدة بعون الله وفضله نبراساً للعلم والإيمان والصحبة الصالحة ..
                    بارك الله فيكم وأحسن إليكم جميعاً ..

                    تعليق


                    • #11
                      اين القضاء والقدر

                      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تزول قدمُ ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس:عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وماذا عملَ فيما عَلِمَ »
                      من هدا الحديث حياتنا ما نفعله باختيارنا ادن اين القضاء والقدر هدا الحديث
                      هل يجب كل الناس ان يكون نفس مستوى التعليم والشهادات و مستوى العمل
                      ام لا بد ان يكون اختلاف
                      فمثلا نجد اناس معظمهم درسوا ونجحوا و تخرجوا من جامعات و البعض انسحبوا في مستوى متدهور من التعليم
                      هل هنا نقول القضاء والقدر ليس حتمية كل الناس ان يصعدوا نجباء و كلهم يتخرجوا من الجامعات



                      ستجد الرد هنا


                      الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله و على آله وصحبه اجمعين
                      حياكم الرحمن بخير و وفقنا الله و اياكم الى ما يحبه و يرضاه في الدنيا و الآخرة
                      بخصوص هذه المسألة فنقول ببساطة و بعون الله انه يجب ان تعلم اخي الكريم ان العبد بصفة عامة فهو ( مُسَيَّر و في نفس الوقت مُخَيٍّر ) .. فانت مسير لان الله تعالى قد خلق لك قضاء و قدر لا يمكن الهروب منه قال تعالى : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد/22 ، وقال تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49 . و في نفس الوقت انت مخير لان الله تعالى قد منح لك عقلا و ادراكا تُميز به بين الخير و الشر و ما فيه مصلحتك ..فترك لك الاختيار .. اما ان تكون شخصا صالحا لنفسه و لمجتمعه .. و اما ان تكون شخصا ضارا لنفسه و لمجتمعه ... فتُحاسب بناءا على اختيارك و افعالك ..
                      و للتوضيح اكثر نذكر لك ما يلي :
                      توضيح مسألة هل الانسان مسير ام مخير ؟

                      بداية فان كل ما يجري في هذا الكون مهما صغر أو عظم فهو بقضاء الله تعالى وقدره وسبق علمه به في سابق أزله، كما قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ{القمر: 49 } وقال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.." إلى آخر الحديث. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة.وفي سنن أبي داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول ما خلق القلم، فقال له اكتب، قال: وما أكتب يا رب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة
                      . ويدخل في عموم شيء أفعال العباد، وهي تشمل حركاتهم وأفكارهم واختيارهم فكل ما يعمله الإنسان أو يحصل من خير أو شر فهو مقدر قبل ميلاده.
                      ومع ذلك فقد جعل الله تبارك وتعالى للعبد اختيارا ومشيئة وإرادة بها يختار طريق الخير أو الشر، وبها يفعل ما يريد، وعلى أساسها يحاسب على أفعاله التي اختارها لنفسه لأنها أفعاله حقيقة، ولذلك فالاختيار مع وجود العقل وعدم الإكراه هو مناط التكليف إذا فُقِد ارتفع التكليف. ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه إذا سلب ما وهب أسقط ما أوجب.
                      ومما يدل على خلق الله لأفعال العباد قوله تعالى:
                      وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ{الصافات: 96} وقوله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُوفي الحديث: إن الله خالق كل صانع وصنعته. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي والألباني
                      .
                      فقد أثبت في الآيتين أن لهم عملا ومشيئة وأسندهما إليهم وأثبت أنهما من خلق الله. وعلى هذه المشيئة والعمل الذي يفعله العبد باختياره يحاسب العبد ويجازى ويسامح فيما فعله من دون قصد أو كان مضطرا إليه، وذلك أن الله خلق الإنسان وأعطاه إرادة ومشيئة وقدرة واستطاعة واختيارا، وجعل فيه قابلية الخير والشر. قال تعالى:
                      وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
                      {الشمس:7، 8}.
                      وقال تعالى:
                      وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا
                      [آل عمران:145].
                      وقال تعالى:
                      إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً
                      [الإنسان:29].
                      وفي الحديث:
                      إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده. رواه البخاري
                      .
                      وقد كلف الله الإنسان وألزمه الأحكام باعتبار ما أعطاه من العقل والطاقات والإرادة، فإذا فقد هذه الأشياء فعجز أو أكره أو حبس لم يعد مكلفا.
                      ولا يقال إن الإنسان مسير أو مخير بالإطلاق بل الحق و الصواب أن الإنسان مخير ومسير، فهو ميسر لما خلق له، أما كونه مخيراً فلأن الله تعالى أعطاه عقلاً وسمعاً و إدراكاً وإرادةً فهو يعرف الخير من الشر والضار من النافع وما يلائمه وما لا يلائمه، فيختار لنفسه المناسب ويدع غيره، وبذلك تعلقت التكاليف الشرعية به من الأمر والنهي، واستحق العبد الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية. قال تعالى
                      إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا
                      {الإنسان: 2،3}
                      وأما كونه مسيراً فلأنه لا يخرج بشيء من أعماله كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته، قال عز من قائل: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ {التَّكوير:29} وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب مقادير الخلق إلى يوم القيامة" رواه الترمذي وصححه، وأبو داوود. والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.
                      ولذلك فالإنسان ميسر لما خلق له، ففي صحيح مسلم أن سراقة بن مالك قال:
                      يا رسول الله؛ بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.
                      قال الامام النووي في شرح مسلم: وفي هذه الأحاديث النهي عن ترك العمل والاتكال على ما سبق به القدر، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد الشرع بها، وكل ميسر لما خلق له لا يقدر على غيره.
                      فما يفعله العبد من الأفعال يفعله بمحض اختياره وإرادته، وكل إنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختيار وبين ما يقع منه باضطرار وإجبار، فالإنسان الذي ينزل من السطح على السلم نزولا اختياريا يعرف أنه مختار، على العكس من سقوطه هاويا من السطح إلى الأرض، فإنه يعلم أنه ليس مختارا لذلك، ويعرف الفرق بين الفعلين، فهو في الأول مختار، وفي الثاني غير مختار.
                      وبناء على هذا، فإن الإنسان يعمل باختياره يأكل ما شاء، ويتزوج من شاء، ويعمل ما شاء، والله يراقب أعماله ويجازيه على اختياره ما دام عاقلا
                      قال تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ{التوبة:105}. وقال تعالى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {النحل:32}.
                      قال سماحة الشيخ الألباني: أدلة الوحي تفيد أن للإنسان كسبا وعملا وقدرة وإرادة، وبسبب تصرفه بتلك القدرة والإرادة يكون من أهل الجنة أو النار.
                      هذا و قد ورد سؤال مماثل على فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فأجاب :
                      على السائل أن يسأل نفسه هل أجبره أحد على أن يسأل هذا السؤال وهل هو يختار نوع السيارة التي يقتنيها ؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير . ثم يسأل نفسه هل يصيبه الحادث باختياره ؟ هل يصيبه المرض باختياره ؟ هل يموت باختياره ؟ إلى أمثال ذلك من الأسئلة وسيتبين له الجواب هل هو مسير أو مخير .
                      والجواب: أن الأمور التي يفعلها الإنسان العاقل يفعلها باختياره بلا ريب واسمع إلى قول الله تعالى : ( فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبًا ) وإلى قوله : ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) وإلى قوله : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً ) وإلى قوله : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) حيث خير الفادي فيما يفدي به.
                      ولكن العبد إذا أراد شيئاً وفعله علمنا أن الله -تعالى -قد أراده - لقوله – تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم . وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) فلكمال ربوبيته لا يقع شيء في السموات والأرض إلا بمشيئته تعالى و هو رب السماوات و الارض ذي الجلال و الاكرام.
                      وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت والحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة . انتهى . من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج2
                      هذا؛ ويجب التنبه إلى البعد عن الخوض في القدر، عملا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه:
                      إذا ذُكِرَ القدر فأمسكوا. رواه الطبراني وصححه الألباني.
                      وراجع "شفاء العليل" للامام الجليل ابن القيم.
                      والله تعالى أعلم.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: فتوى الشيخ الشعراوى بخصوص القضاء والقدر

                        تم دمج موضوع ( أين القضاء والقدر ) بموضوع الأستاذ سيف الكلمة لتشابه المحتوى
                        وَريحُ يوسفَ لا تَأتي نَسائمُها
                        إِلا لِقلبٍ كانَ هواهُ يَعقوبا



                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
                        ردود 0
                        40 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة عاشق طيبة
                        بواسطة عاشق طيبة
                         
                        ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
                        ردود 0
                        62 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                        ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
                        رد 1
                        64 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة د. نيو
                        بواسطة د. نيو
                         
                        ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
                        ردود 0
                        23 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة محمد بن يوسف
                        بواسطة محمد بن يوسف
                         
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
                        ردود 0
                        73 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                         
                        يعمل...
                        X