فيلسوف السلفية المعاصر د-مصطفى حلمي

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عبدالله المصري مسلم اكتشف المزيد حول عبدالله المصري
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيلسوف السلفية المعاصر د-مصطفى حلمي

    بسم الله و الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله


    فيلسوف السلفية المعاصر
    هو الأستاذ الدكتور / مصطفى حلمي

    يقول عنه العلامة الدكتور محمد بن اسماعيل المقدم :


    ((إن الأستاذ الدكتور "مصطفى محمد حلمي" هو صاحب أهم الدراسات"الفلسفية" عن السلفية في العالم الإسلامي، و هو الرجل الذي رد الإعتبار إلى السلفية، و جددها، و حفر لها موقعاً مرموقاً في المناهج الدراسية "الفلسفية" بالجامعات العربية، إنطلاقاً من كلية "دار العلوم" بمصر، و هو الذي صحح موقف الكثير من المثقفين و الأكاديميين من "السلفية"، لأنه خاطبهم بلغتهم، خطاب المتخصص المتمكن المحيط بثقافة عصره، و بذلك نفخ في أنصار المنهج السلفي روح الإعتزاز به عن يقين بأنه يعلو و لا يعلى عليه، كما بث فيهم قوة معنوية و بصيرة نافذة تؤهلهم للتصدي للإنتقادات العلمانية و التغريبية الموجهة للسلفية.))


    و يقول عنه أيضاً : ((إن سيرة الأستاذ الدكتور "مصطفى حلمي" العملية لا تنفصل عن سيرته العلمية، فهي انعكاس صادق يجسد القدوة السلفية المتميزة بالربانية، و رقة القلب، و سعة الصدر، و الحلم، و خفض الجناح للمؤمنين، و خصلة أخرى جميلة هي أبرز ما تلمحه من محاسن أخلاقه: إنها التواضع الجم الذي يأسر قلب من يجلس إليه، نحسبه كذلك و الله حسيبه، و لا نزكي على الله أحداً))


    و عن مؤلفاته فيقول : ((لقد انطلق هذا العالم الجليل في مشروعه العلمي نحو الدفاع عن عقيدة و منهج أهل السنة و الجماعة من خلال محاور خمسة أصدر فيها ما يزيد على الثلاثين كتاباً ما بين تأليف و تحقيق، و هي :


    المحور الأول : السلفية


    و هي أهم المحاور على الإطلاق، و قد أَثْرَت مصنفاته فيها المكتبة الإسلامية المعاصرة، و أحدثت نقلة نوعية في مناهج دراسة ما يسمى "بالفلسفة الإسلامية" و توِّج إنجازه فيها بأن شَرُفت جائزة الملك فيصل – رحمه الله – العالمية في الدراسات الإسلامية، بأن ضُمّ اسمه إلى الأعلام المتميزين الذين سَعَتْ إليهم تكريماً لهم، و عرفاناً بفضلهم. لقد


    حفر الأستاذ الدكتور "مصطفى حلمي" – حفظه الله تعالى – في صخرة المناهج الفلسفية مكاناً مرموقاً للسلفية و أرغمها على أن تتقبلها، و أن تغير موقفها السلبي من السلفية التي طالما استبعدتها، و تجاهلتها، بل شوهتها، و صدت عنها.


    و لقد رد أستاذنا الإعتبار إلى هذا العلم الشريف "السلفية" بأن نفض عنه غبار الإتهام بمضادة العقل، و بين الفهم السوي لعلاقة العقل و النقل عند أهل السنة و الجماعة، و أعاد رسم الصورة السلفية في الفكر و الثقافة، و قعَّدها و ضبطها، و حدد معالمها بصورة حاسمة من خلال كتاباته الماتعة في هذا المجال، و أهمها :


    1- منهج علماء الحديث و السنة في أصول الدين.
    2- السلفية بين العقيدة الإسلامية و الفلسفة الغربية.
    3- قواعد المنهج السلفي في الفكر الإسلامي.


    المحور الثاني : التصوف


    حيث اهتم فضيلته برصد أصول التصوف، و انتقده انتقاداً منهجياً، و وزنه بميزان أهل الحديث، ثم أعاد تعريفه، و حاول أ، يقدم الجانب المشرق من التصوف السني البريء من البدع و الشطحات، و ذلك من خلال الكتب التالية :


    1- التصوف و الإتجاه السلفي في العصر الحديث.
    2- أعمال القلوب بين علماء السنة و الصوفية.
    3- مع المسلمين الأوائل في نظرتهم للحياة و القيم.
    4- ابن تيمية و التصوف.
    5- معرفة الله و طريق الوصول إليه عند ابن تيمية.


    المحور الثالث : الفكر السياسي الإسلامي


    1- و من بحوثه الرائدة في هذا المجال رسالته لنيل درجة الماجستير حول "فكرة الإمامة عند أهل السنة و الجماعة"، و نظام الخلافة في الفكر الإسلامي، و التي نوقشت خلال الحقبة الناصرية.


    2- ثم أضاف إلى ذلك دراسة و تحقيقاً لكتاب "غياث الأمم في التياث الظلم" لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني.


    3- ثم تحقيق كتاب "النكير على منكري النعمة من الدين و الخلافة و الأمة" الذي أصدره بعنوان : “ الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية"، و الذي صار أحد كتابين يتداولان سراً في تركيا مع كتاب "الرجل الصنم" الذي كشف حقيقة أتاتورك.


    المحور الرابع : أسلمة العلوم


    فقد صدر في الثمانينات كتابه "مناهج البحث في العلوم الإنسانية بين علماء الإسلام و فلاسفة الغرب" و كان بذلك رائداً في هذا المجال الحيوي، تميز بالإلتزام الصارم بأصول و قواعد منهج أهل السنة بعيداً عن الإتجاهات الإعتزالية التي أشربها بعض دعاة الأسلمة.


    المحور الخامس : مقاومة التغريب و الغزو الثقافي


    وذلك من خلال كتبه :
    1- الفكر الإسلامي في مواجهة الغزو الثقافي.
    2- الإسلام و المذاهب الفلسفية المعاصرة.
    3- الإسلام و الأديان : دراسة مقارنة.
    4- الأخلاق بين فلاسفة الغرب و علماء الإسلام.
    5- الرؤية الإسلامية للفلسفات و المذاهب الغربية.

    )) انتهى بتصرف.

    روابط لبعض كتبه :

    نظام الخلافة في الفكر الإسلامي
    الموجز في العقيدة الإسلامية (مختصر عقيدة الإمام السفاريني)
    قواعد المنهج السلفي في الفكر الإسلامي (بحوث في العقيدة...
    منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين
    الإسلام والأديان (دراسة مقارنة)
    الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية
    الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الإسلام
    مناهج البحث في العلوم الإنسانية بين علماء الإسلام وفلاسفة...
    الإسلام والمذاهب الفلسفية نحو منهج لدراسة الفلسفة
    ابن تيمية والتصوف
    معرفة الله عز وجل وطريق الوصول إليه عند ابن تيمية
    السلفية بين العقيدة الإسلامية والفلسفة الغربية
    (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) الزمر46
    (اللهم رب جبرائيل ومكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) من حديث استفتاح النبي - صلى الله عليه و سلم - صلاته بالليل.
    الراوي: عائشة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة الدرجة: صحيح

    (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان 31
    (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران 8


  • #2
    مصطفى حلمي: بعث وتجديد السلفية فلسفيا


    ربما لم يُظلم في عالم الفكر والفلسفة مصطلح كما ظُلمت السلفية؛ فقد ظلت في الدرس الفلسفي والوعي الثقافي العربي لزمن طويل عنوانا على الرجعية والتخلف؛ في الوقت الذي ظلت فيه -وهذه هي المفارقة- عقيدة عموم مسلمي أهل السنة والقاعدة الأساسية لمعظم حركات التجديد والإصلاح الإسلامية في العصر الحديث!!
    وربما وجدت السلفية من يتبناها ويجدد فيها ويدافع عنها دعويا وحركيا؛ لكنها لم تجد من يعكف على خدمتها ويجددها فلسفيا في العصر الحديث إلا قليلا، ومن هؤلاء القليل وعلى رأسهم يأتي الدكتور مصطفى حلمي (وُلد 10-11-1932م) أستاذ الفلسفة الإسلامية الذي يمكن أن يعد صاحب أهم الدراسات الفلسفية عن السلفية في العالم العربي.

    السيرة العلمية
    لا نستطيع الحديث عن جهود الدكتور مصطفى حلمي دون استعراض سيرته العلمية التي لن تنفصل عن مشروعه الفكري؛ فقد توجه الرجل لدراسة الفلسفة عن قناعة ورغبة في خدمة العقيدة الإسلامية فتخصص فيها متأخرا؛ إذ حصل على ليسانس الآداب في الفلسفة وعلم النفس والاجتماع من كلية الآداب جامعة الإسكندرية (عام 1960)، وكان قد قارب الثلاثين، ثم أكمل رحلته العلمية فحصل على درجة الماجستير من الكلية نفسها عام 1967 عن: "الإمامة (الخلافة) عند أهل السنة والجماعة"، ثم حصل على درجة الدكتوراة من الكلية نفسها 1971م، وكانت عن "موقف المدرسة السلفية من التصوف منذ بدايته حتى العصر الحديث".
    بعد ذلك أخذ طريق العمل الأكاديمي؛ فعُين مدرسا للفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة 1972م، وظل فيها إلى أن أحيل للتقاعد أستاذا غير متفرغ بعد بلوغه السبعين في العام الماضي (2002)، وفي هذه الأثناء أعير لأكثر من جامعة إسلامية؛ فعمل بتدريس الفلسفة الإسلامية في جامعة الرياض (الملك سعود حاليا) من 1972 إلى 1980. ثم انتقل إلى الجامعة الإسلامية العالمية في باكستان من 1986 – 1987، ثم جامعة أم القرى بمكة المكرمة من 1987 إلى 1992م.


    مشروع للدفاع عن أهل السنة
    أما إذا تحدثنا عن مشروعه الفكري فيمكن القول إن منطلقه هو الدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة الخالصة النقية من الانحراف والزيغ، ومجاله هو الفلسفة، ومحاوره خمسة هي: السلفية، والتصوف، والفكر السياسي الإسلامي، وأسلمة العلوم، والغزو الثقافي، وقدم فيه نحو 30 كتابا ما بين تأليف وتحقيق؛ لا يخلو أي منها من إضافة وتجديد بدرجات متفاوتة، كان أهم جهوده على الإطلاق وهي تعد إبداعا في الفلسفة الإسلامية المعاصرة دراساته عن السلفية والتي كانت نقلة في مجال مناهج دراسة الفلسفة الإسلامية في القرن الماضي (العشرين)، ونال عنها جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية ( عام 1987).


    السلفية.. المفترى عليها
    كانت السلفية كلمة سيئة السمعة على المستوى الفلسفي؛ فكانت مستبعدة منه تماما، وكانت مناهج دراسة الفلسفة الإسلامية في جامعات العالم الإسلامي -مثلها مثل الجامعات الأوربية- تقتصر على الفرق الكلامية المختلفة عن مذهب أهل السنة والحديث وعلى رأسها المعتزلة، أو تهتم بالبحث عن الصلات بين معتقدات هذه الفرق وبين المصادر الخارجية من عقائد وأديان وفلسفات يونانية وفارسية.. ولم يكن الدرس الفلسفي ومناهجه يُعنى بالسلفية أو أهل السنة والحديث، وكذلك لم ير لديهم ما يستحق الدراسة باعتبار أن السلفية ضد العقل بالأساس؛ ومن ثم فليس فيها جانب عقلي فلسفي يستحق الدراسة.
    كما كان مفهوم السلفية نفسه مختلطا في الفكر الإسلامي الحديث، ويختلط فيه المنهج والنموذج بالمذهب الذي يتبنى آراء فقهية بعينها وبجماعات تنسب نفسها إلى السلفية، كما كانت السلفية في الوعي الثقافي قرينة للرجعية، وضد التقدم، وذلك بتأثير الرؤية الغربية التي أصّلت مبدأ النظر إلى السلفية كمرادف للتأخر والرجعية والعداء للتحضر والعقلانية، ثم جاءت كتابات مصطفى حلمي عن السلفية؛ لتحدث ما يمكن أن نعده انقلابا أعاد رسم الصورة السلفية في الفكر والفلسفة والثقافة الإسلامية العامة. وله في هذا المجال ثلاثة كتب رئيسية.
    الكتاب الأول هو "منهج علماء الحديث والسنة في أصول الدين (علم الكلام)"، وفيه يكشف عن خطأ النظرة الفلسفية السائدة التي تقصر "علم الكلام" على الفرق الكلامية الخارجة عن أهل السنة والحديث، ويتحدث المؤلف عن علم كلام سني غير علم الكلام البدعي الذي هاجمه ورفضه أئمة أهل السنة والحديث، وهذا العلم هو المتعلق بالجانب العقلي في النصوص الدينية والذي سماه الإمام السفاريني "علم التوحيد"، وأصل لهذه الفكرة التي تقوم على أن النظر عند أهل السنة والحديث للنصوص الدينية كان باعتبارها نصوصا عقلية شرعية، وأن هذا النظر لا يتعارض فيه العقل مع النقل، وأبرز هذه الرؤية من خلال دراسة وافية لمنهج ابن تيمية أحد أعلام أهل السنة والحديث والذي يرفض تعارض النصوص الشرعية مع الأدلة العقلية، ويضع الشرع ضد البدعة وليس العقل.
    فى هذا الكتاب الرائد قدم دراسة شاملة أبرز فيها جوانب ومعالم علم الكلام السني غير البدعي (والذي سماه علم أصول الدين) عند أئمة علوم الحديث وأهل السنة مثل الحسن البصري وسعيد بن المسيب وابن قتيبة والدارمي وابن حنبل وبقية الأئمة الأربعة وابن تيمية وابن القيم... وغيرهم ممن كانوا دائما محل اتهام بمعاداة العقل وموضع رفض من أهل الفلسفة.
    وفي كتابه "قواعد المنهج السلفي في الفكر الإسلامي" قدَّم دراسة جديدة لقواعد المنهج السلفي وفق التصور الإسلامي النابع من العقيدة كما يفهمها أهل السنة، وأجملها في ثلاث قواعد هي: تقديم الشرع على العقل، ورفض التأويل (وهو ما تختلف به عن الأشعرية التي تلتقي بها تحت اسم أهل السنة والجماعة)، والاستدلال بالآيات القرانية، وفيه يكشف أن السلفية ليست مرحلة زمنية فقط ولا مذهبا يتبنى آراء فقهية بعينها؛ بل هي نموذج ومثال ومنهج، وتعني الشمول والأصالة والتقدم والتحضر، وكانت مرادفا وشرطا للنهضة في جميع عصور الحضارة الإسلامية، ويشرح أن اتباع المنهج السلفي يعني "الارتفاع" إلى مستوى السلف في فهم العقيدة الإسلامية استيعابا وتنفيذا، وليس "الرجوع" إلى زمنهم بوسائله وأدواته، أي أن الاتباع في "القيم" التي حققوها وعاشوا من أجلها لا "الوسائل" التي استخدموها.
    أما في كتاب "السلفية بين العقيدة الإسلامية والفلسفة الغربية" فقد قدم د. مصطفى حلمي دراسة مفصلة يفرق فيها بين السلفية في الفكر الإسلامي وتعني الازدهار والشمول والأصالة والتقدم والتحضر، والسلفية في الفكر الغربي كرجعية تؤدي لتخلف المجتمعات الغربية، ويقضي على قدرتها على النهوض. وقدم السلفية في هذا الكتاب كأساس لمواجهة كل مشروعات التغريب الفكري، كما قدم فيه رؤيته السلفية للخروج من أسر المنهج الغربي في دراسة التاريخ والنظر إليه كماض وليس كفكرة.
    وقد أعادت هذه الكتب الثلاث الاعتبار إلى السلفية؛ فجددتها على المستوى الفلسفي بما أفسح لها المجال في مناهج دراسة الفلسفة في الجامعات العربية؛ فكانت أول مقرر لها في مناهج دراسة الفلسفة الإسلامية في كلية دار العلوم المصرية، كما حسنت صورتها على المستوى الثقافي، وبثت في نفوس أنصارها قوة معنوية في التصدي للانتقادات العلمانية الموجهة للسلفية والتيارات الإسلامية الحديثة التي قامت عليها.


    ابن تيمية مجددا
    وفي كل دراساته عن السلفية كان د. مصطفى حلمي يقدم شيخ الإسلام ابن تيمية وأفكاره وكتاباته كنموذج؛ باعتباره أكثر أئمة أهل السنة والحديث تجسيدا للمنهج السلفي في صورته التجديدية والأصلية في الوقت نفسه. وإذا كان الراحل د. محمد رشاد سالم أول من أدخل ابن تيمية وعرَّف به في مصر؛ فإن د. مصطفى حلمي صار الحجة في كل ما يتصل بابن تيمية، والمرجع فيه على المستوى الفلسفي؛ فهو الذي قام بتحقيق ودراسة العمل الضخم "نظريات ابن تيمية في السياسة والاجتماع" للمستشرق الفرنسي هنري لاوست الذي يعد أهم من تخصصوا في ابن تيمية وأكثر المستشرقين إنصافا له. كما كتب عنه كتابي: "ابن تيمية والتصوف"، و"معرفة الله وطريق الوصول إليه عند ابن تيمية".. وكان النموذج الأول الذي قدمه كممثل لأهل السنة والحديث في كل الدراسات الفلسفية التي قدمها (السلفية/علم الكلام/التصوف/الخلافة).

    الطريق إلى تصوف سني
    وقد انصب جهده في مجال التصوف على إعادته إلى الوجهة السنية، وعقد مصالحة بين السلفية والتصوف؛ فقام بنقد التصوف من وجهة نظر أهل السنة والحديث نقدا منهجيا، ثم أعاد تعريفه، وكشف عن الصلة بين التصوف والاتجاه السني السلفي، وسعى إلى إعادة النظر إلى التصوف في سياقه التاريخي؛ بحيث يفك الاشتباك بينه وبين المدرسة السلفية ليقدم تصوفا سنيا غير بدعي، وقدم في هذا عدة مؤلفات هي: التصوف والاتجاه السلفي في العصر الحديث، وأعمال القلوب بين علماء السنة والصوفية، مع المسلمين الأوائل في نظرتهم للحياة والقيم، ابن تيمية والتصوف، ومعرفة الله وطريق الوصول إليه عند ابن تيمية.
    ويمكن القول: إن عمله في هذا المجال الذي بدأه مبكرا منذ أطروحته للدكتوراة كان محاولة لرصد أصول التصوف عن أهل السنة والحديث، ووضع قواعد سنية للتصوف تعيد وصل الاتجاهين بعد أن افترقا قرونا.


    في الفكر السياسي الإسلامي
    واهتم د. مصطفى حلمي بقضية الخلافة أو الإمامة كواحدة من أهم قضايا الفكر السياسي الإسلامي، وكانت البداية في رسالته للماجستير "فكرة الإمامة عند أهل السنة والجماعة" التي كانت أول دراسة شاملة لنظام الخلافة عن علماء وأئمة أهل السنة والجماعة، وجاءت مكملة لرسالة أخرى قدمها عن الخلافة عند الشيعة الدكتور أحمد صبحي، فأكملت دراسة نظام الخلافة عند اتجاهات الفكر السياسي الإسلامي، وكانت جديدة في وقتها وأشبه بالمغامرة؛ حيث نوقشت (1967) أثناء الحكم الناصري وقت أن كان الحديث عن الخلافة يجلب الأذى لأصحابه حتى ولو كان حديثا أكاديميا. وقد قدم فيها كتابيه: نظام الخلافة في الفكر الإسلامي، ونظام الخلافة بين أهل السنة والشيعة.
    ثم أكمل دراسته للموضوع بتحقيق ودراسة كتاب "غياث الأمم في التياث الظلم" لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني؛ وهو أحد أهم كتب الفكر السياسي في التاريخ الإسلامي، وأهم ما فيه التأسيس لنظرية الخروج على الإمام الجائر، كما حقق كتاب شيخ الإسلام مصطفى صبري آخر شيوخ الدولة العثمانية: "النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة"، وقدم له دراسة شاملة، وأصدره بعنوان "الأسرار الخفية وراء إلغاء الخلافة العثمانية"، وهو واحد من أهم الكتب السياسية الحديثة في مسألة الخلافة، وأول كتاب كشف حقيقة سقوط الخلافة العثمانية، وكشف شخصية كمال أتاتورك الحقيقية، وكان أحد كتابين يُتداولان سرًّا في تركيا (مع كتاب: الرجل الصنم) حيث منعته الحكومة العلمانية، وهاجمته وسائل إعلامها.


    أسلمة العلوم.. رؤية أخرى
    واهتم د. مصطفى حلمي بهذه الفكرة مبكرا، قبل أن تنتشر في الأدبيات الإسلامية؛ فأصدر في الثمانينيات كتابه "مناهج البحث في العلوم الإنسانية بين علماء الإسلام وفلاسفة الغرب".
    وقدَّم في هذا الكتاب محاولة لتأصيل مناهج دراسة العلوم الإنسانية من منظور إسلامي، وقيمة الكتاب ليست في طرحه الذي اقتصر على أفكار وأسس عامة؛ وإنما في كون دراسة أسلمة العلوم ضمن مقررات الفلسفة الإسلامية في جامعة عربية جديدة وقتها، مثل جامعة القاهرة، وقد تأثر بها أساتذة آخرون في أقسام الفلسفة بالجامعات المصرية، مثل د/محمد أبو ريان، ود/حسن الشرقاوي (فى كلية الآداب جامعة الإسكندرية).
    غير أن أهم ما تميز به د. مصطفى حلمي عن غيره من دعاة أسلمة العلوم هو التزامه الصارم بأصول وقواعد منهج أهل السنة والحديث بعيدا عن أفكار الاتجاهات الاعتزالية التي أثَّرت في أفكار عدد من دعاة أسلمة المعرفة.


    مقاومة التغريب والغزو الثقافي
    واحتلت هذه القضية مساحة كبيرة من اهتمامه، وأصدر فيها عدة كتب تمثل في مجموعها رؤية متكاملة في مواجهة الغزو الثقافي وعمليات التغريب التي يتعرض لها مسلمو اليوم، وتظهر هذه الرؤية متكاملة في كتابه "الفكر الإسلامي في مواجهة الغزو الثقافي"؛ فقدم فيها تعريفا بالمذاهب والفلسفات والأديان المعاصرة ونقدها وبيان موقف الإسلام منها، وكشف حقيقتها للأجيال المسلمة، وصدر له في هذا كتب: الإسلام والمذاهب الفلسفية المعاصرة، الإسلام والأديان- دراسة مقارنة، والأخلاق بين فلاسفة الغرب وعلماء الإسلام، الرؤية الإسلامية للفلسفات والمذاهب الغربية، وتؤكد استعلاء الإسلام على غيره من مذاهب وفلسفات وأديان.
    وفى هذا قدم دراسات متناثرة عن أفكار علي عزت بيجوفيتش، ورينيه جينو، وروجيه دوباسكويه، ومراد هوفمان، ولكن كان أهم ما كتبه في ذلك كتابه عن روجيه جارودي "إسلام جارودي بين الحقيقة والافتراء"؛ حيث كان من أوائل من اشتغلوا بفكر "جارودي" لتدعيم آرائه الناقدة للغرب ومشروعاته السياسية ومذاهبه الفكرية، ولنقد وتصويب بعض الأخطاء التي وقع فيها فيما يخص الفكر والعقيدة الإسلامية، وربما كان هذا الكتاب الأول في بابه.
    وكعادة علماء السلف في كتابة رسائل وملخصات لتحصين المسلم وبنائه ثقافيا وعقائديا كتب د. مصطفى حلمي عدة رسائل عن: "كيف نصون الهوية الإسلامية في عصر العولمة؟"، و"أضواء على ثقافة المسلم المعاصر"، وهو مجموعة بحوث تتناول ثقافة المسلم المعاصر في نواحيها العقدية والتعبدية والثقافية والحضارية والسلوكية، و"الموجز في العقيدة الإسلامية" وهو مختصر مفيد لواحد من أهم كتب العقيدة (للإمام السفاريني).



    النشأة والحياة
    ولا يمكن الحديث عن إنتاج الدكتور مصطفى حلمي في الفلسفة دون أن نتحدث عن نشأته وتربيته وشيوخه الذين أثروا في تكوينه الفكري؛ فقد نشأ في أسرة متدينة بالفطرة، وكان أول من تأثر به والده الذي كان شيخا ديِّنًا بذَرَ فيه بذور التدين؛ فعرف التدين والالتزام مبكرا، رغم أجواء التضييق على الإسلام في الخمسينيات والستينيات أثناء الحكم الناصري والمد الاشتراكي، وقبل تصاعد الصحوة الإسلامية في عقد السبعينيات. وقد لا يعرف الكثيرون أن الدكتور مصطفى كان جزءا من الحركة الإسلامية التي تكونت في نهاية الستينيات وعملت بشكل مستقل عن الإخوان المسلمين في أثناء سجنهم، وكانت أقرب إلى التيار العام الذي استوعب كل الاتجاهات الإسلامية، مثل الجمعية الشرعية، وأنصار السنة، والإخوان... منها إلى الحركة المحددة فكريا وتنظيميا.
    ومن الطريف أن أول وأهم أساتذته كان واحدا من كبار التجار في مدينة الإسكندرية وهو الشيخ محمد رشاد غانم الذي كان ينتمي إلى جماعة أنصار السنة، وكانت لديه مكتبة ضخمة جدا جمعها من سفرياته للتجارة في كثير من أنحاء العالم، وعنه أخذ علوم التوحيد التي صاغته وشكلته فيما بعد. أما في دراسته وحياته الأكاديمية فقد أثر فيه عدد من أقطاب الفلسفة الإسلامية وتاريخ العلوم الإسلامية، منهم: علي سامي النشار، وثابت الفندي، ومحمد علي أبو ريان، وأحمد صبري..
    ومنذ زمن تعودت على زيارة هذا العالم الجليل، فلفت نظري أنه لا يكتب عن علماء السلف وأئمتهم فحسب بل ويتمثلهم ويلتزم بأسلوب حياتهم؛ فهو يبدأ يومه مع صلاة الفجر وينهيه بعد صلاة العشاء، ولا يبدأ حديثه إلا بعد حمد الله والثناء عليه وخطبة الحاجة حتى ولو كان تعليقا بسيطا ولا ينهيه إلا بدعاء ختام المجلس، ويتحاشى أن يتصدر المجالس، ولا يحفل بالظهور في وسائل الإعلام بل ويتحاشاها، كما يتحاشى كل ما يقرب إلى السلطة والسلطان والنفوذ، وقد لا يرضيه أن أكتب عن شخصه، وربما اعْتَبَرَهُ إظهارا لعمل حرص على ستره، لكن العذر في أنه في غيبة أهل العلم تخلو الساحة للمدعين، وأن من اشتهروا ليس بالضرورة الأفضل، وقديما قالوا: الليث أفقه من مالك، ولكن خذله تلامذته!.


    كتبه (حسام تمام) نقلا عن موقع "إسلام أونلاين"

    (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) الزمر46
    (اللهم رب جبرائيل ومكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) من حديث استفتاح النبي - صلى الله عليه و سلم - صلاته بالليل.
    الراوي: عائشة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة الدرجة: صحيح

    (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان 31
    (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران 8

    تعليق


    • #3
      للرفع ..

      حياكم الله أخى عبد الله على هذا الموضوع الرائع ..

      خالص تحياتى ..
      سيظل منتدى حراس العقيدة بعون الله وفضله نبراساً للعلم والإيمان والصحبة الصالحة ..
      بارك الله فيكم وأحسن إليكم جميعاً ..

      تعليق


      • #4
        جزيت الفردوس أخى الكريم

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة هشام مشاهدة المشاركة
          للرفع ..

          حياكم الله أخى عبد الله على هذا الموضوع الرائع ..

          خالص تحياتى ..
          جزاك الله خيراً أخي الحبيب هشام .. حياك الله.

          المشاركة الأصلية بواسطة فجرالاسلام مشاهدة المشاركة
          جزيت الفردوس أخى الكريم
          و جزيت مثله أخي الحبيب، أسأل الله أن ينفع المسلمين به .
          (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) الزمر46
          (اللهم رب جبرائيل ومكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) من حديث استفتاح النبي - صلى الله عليه و سلم - صلاته بالليل.
          الراوي: عائشة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة الدرجة: صحيح

          (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان 31
          (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران 8

          تعليق


          • #6
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            للرفع ..
            (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) الزمر46
            (اللهم رب جبرائيل ومكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) من حديث استفتاح النبي - صلى الله عليه و سلم - صلاته بالليل.
            الراوي: عائشة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة الدرجة: صحيح

            (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان 31
            (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران 8

            تعليق


            • #7
              وظل فيها إلى أن أحيل للتقاعد أستاذا غير متفرغ بعد بلوغه السبعين في العام الماضي (2002)،
              ما أعلمه أن الدكتور مصطفى ما زال يحاضر فى كلية دار العلوم

              تعليق


              • #8
                جزاكم الله خيراً أخى الفاضل عبد الله المصرى عن هذا الموضوع الرائع ..قمت بتحميل كتابه منهج علماء الحديث

                والسنة فى أصول الدين بارك الله فى عمر فضيلة الدكتور مصطفى حلمى وجزاه كل خير..

                للرفع ..
                { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

                تعليق


                • #9
                  شوقتنا لقراءة كتبه، أخي الفاضل.

                  تعليق


                  • #10
                    للرفع ..
                    { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

                    تعليق


                    • #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عمر المختار مشاهدة المشاركة
                      جزاكم الله خيراً أخى الفاضل عبد الله المصرى عن هذا الموضوع الرائع ..قمت بتحميل كتابه منهج علماء الحديث

                      والسنة فى أصول الدين بارك الله فى عمر فضيلة الدكتور مصطفى حلمى وجزاه كل خير..

                      للرفع ..
                      المشاركة الأصلية بواسطة العائدة إلى الله مشاهدة المشاركة
                      شوقتنا لقراءة كتبه، أخي الفاضل.
                      بارك الله فيكم و جزاكم الله خيراً ...
                      (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) الزمر46
                      (اللهم رب جبرائيل ومكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) من حديث استفتاح النبي - صلى الله عليه و سلم - صلاته بالليل.
                      الراوي: عائشة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 770 خلاصة الدرجة: صحيح

                      (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) الفرقان 31
                      (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آل عمران 8

                      تعليق


                      • #12
                        د. مصطفى حلمي: الجهاد هو كسر الشوكة التي تحول بين الدعاة ونشر الإسلام
                        7 - 5 - 2008

                        كتب : أسامة الهتيمي

                        أكد الأستاذ الدكتور مصطفى حلمي أستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة القاهرة، والمفكر الإسلامي المعروف، أن ما نطق به الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش في بداية الحرب والعدوان على العراق من أنها حرب صليبية، كان تشخيصا حقيقيا للحالة المعاصرة فيما بين الغرب والإسلام، فهي لم تكن فلتة لسان ولكن بوش كان يقصد ما يقول، وهو ما أكدته كتب الدكتورة زينب عبد العزيز وهي متخصصة في الحضارة الفرنسية ولها ترجمة للقرآن الكريم، ومع هذا فقد امتد نشاطها إلى متابعة حركات التنصير ولها كتاب ممتاز جدا اسمه "تنصير العالم" كانت تحلل فيه قرارات مجلس الفاتيكان من سنة 1962 إلى ،1965 فبينت هذه القرارات ومدى خطورتها على العالم الإسلامي ومن كتبها الأخيرة كتاب "حرب صليبية بكل المقاييس" وهي قائمة على استقراء نصوص من المصادر الأجنبية (بحث أكاديمي) يبين فعلا أن هناك حربا صليبية.

                        كما يبدو أن نظرية هنتنجتون تنفذ في الواقع، وهناك الكثير من الكتب التي تحلل سلوك ما يسمى باليمين الأمريكي المتعصب دينيا، والذي يتبنى فكرة مهاجمة الإسلام والمسلمين، وهذه ظاهرة ينبغي أن نعيها جيدا ونعرف أبعادها وأن نكون مؤهلين للرد عليها.

                        وقال الدكتور حلمي إن أبرز وأهم نقطة ينبغي تبيانها هي التأكيد على أن الإسلام دين خير ودين قيم ودين حضارة، وليس شرا كما يقولون عليه، كما يجب على المسلمين إبراز القيم الإسلامية التي نفخر بها ونتحدى بها العالم، وتوضيح أنها ليست قيم نظرية، فبدراسة الحضارة الإسلامية منذ ظهور الإسلام وحتى الآن واضح أنه، وعلى الرغم من قلة الذين يستمسكون بهذه القيم، إلا أنها موجودة فقد كانت واضحة بشكل عام في ذروة الحضارة الإسلامية وما زالت موجودة إلى الآن.

                        وأضاف الدكتور حلمي أننا إذا تحدثنا عن الحضارة فليس باعتبارها التقدم التكنولوجي، إذ لو تحدثنا عن الحضارة لكي تكون كاملة، فلابد من الحديث عن التكنولوجيا مع القيم، ومع أننا بالفعل افتقدنا الجانب التكنولوجي من حضارتنا - وهذا جانب مؤلم - لكن ما زالت قيمنا في الذروة، وهي قيم التوحيد والصدق والفضائل والإيثار، حتى السلوكيات فيكفينا فخرا أن شريعتنا تحرم علينا المسكرات والزنا وشرب الخمر والمخدرات والكذب ... الخ .

                        فالشريعة نفسها لها صبغة أخلاقية، ليست مجرد نجاة من الدنيا وسعي للآخرة، ولكن أيضا فيها تنظيم للحياة الإنسانية في كل شعبها، وهذا لابد من الكشف عنه وبيانه فتاريخنا وشريعتنا ناصع البياض.

                        والفتوحات الإسلامية لم تكن لقهر الشعوب ولا لاستنزاف ثرواتها كما فعل الغرب معنا ومع الشعوب وما زال يفعل، ولكن كانت لنشر الدعوة إلى الله عز وجل، فالجهاد كان يعني كسر الشوكة التي كانت تحول بين الدعاة ونشر الإسلام وبعد ذلك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فالإسلام لم ينتشر بالسيف كما يزعمون، فالإسلام دخل في إفريقيا واندونيسيا وآسيا وبلاد كثيرة جدا ولم يدخلها جيش إسلامي، ولكن بعض الدعاة إلى الله عز وجل هم من تم على أيديهم فتح القلوب.

                        وفي إطار الدعوة لتوضيح القيم الإسلامية وعدم استغلال المسلمين للآليات الحديثة قال الدكتور حلمي إنني أعجب من أن يكون لأهل الباطل من القنوات الفضائية والصحف والمجلات والإذاعات ما ينشرون به أفكارهم، فيما نحن أهل الحق ليس لدينا قناة أو قناتين أو أي وسيلة إعلامية بشكل مكثف وليس بالطريقة الموجود عليها الآن من التفرق والتشرذم، حيث يقول كل شخص ما يريد دون أن يكون هناك خطة إستراتيجية لأهل الحق تملأ كل هذه الموضوعات والقضايا، أي لابد من وجود تنسيق لبيان مفاهيم التوحيد والقيم والشريعة، خاصة وأن هناك العديد من المؤتمرات الدولية ومنها مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الذي أكد أن الشريعة الإسلامية صالحة لهذا الزمان.

                        وحول مزاعم الغرب بأن هجومهم على الإسلام يأتي في إطار حرية الرأي والتعبير أوضح الدكتور حلمي أن هذا غير صحيح، فهل يستطيع الغرب أن يتكلم بحرية عن المحرقة اليهودية "الهولوكوست" .. بالطبع لا .. إذن هذا كلام باطل، كما أنه ليس من الحرية أن تجرح الغير فهذه فوضى .. وعليه فإن الغرب لابد أن يعرف أن الإسلام ليس له ذنب فيما يعيشه المسلمون من تخلف، فهذا اتهام باطل ولعل دراسة الحضارات سواء كانت الفارسية أو الحضارة الغربية المعاصرة التي هي عبارة عن تشكيلة من التراث اليوناني والروماني مع الدين المسيحي، فعندما ننظر إلى هذه الحضارة الغربية والتي تعود إلى الجد الروماني ستجد أنك في حال عمل خط بياني ستجد أن الحضارة الرومانية استغرقت ألف عام حتى وصلت إلى ذروتها، في المقابل انظر إلى الحضارة الإسلامية وهذا أمر مذهل وقد أذهل كل مؤرخي الحضارات ستجد أنه خلال قرن بل أقل من قرن من الزمان عم نور الحضارة الإسلامية على العالم القديم، وهذا رد مفحم على من يدعون أن الإسلام عائق لأنه كما يعرف الجميع أن العلم في الإسلام بالمعنى الواسع الشرعي والتكنولوجي .. كما أن الأوروبيين المنصفين اعترفوا بأن كل التقدم التكنولوجي الموجود الآن هو امتداد للجهود التي بذلها علماء الإسلام سواء كان في الفلك أو في الطب أو في الصيدلة أو في الفيزياء.. الخ، وأنه كان للمسلمين في حقول العلم التجريبي إسهامات كثيرة - وارجع في ذلك لكتب الدكتور أحمد فؤاد باشا حين بين أن جذور العلم الحديث بدايتها كانت عند المسلمين مثل جابر بن حيان وابن سينا والحسن بن الهيثم وغيرهم - فكيف مع هذا يتهم الإسلام بأنه عائق ضد التقدم.

                        وأوضح الدكتور حلمي أن التقدم هذا لفظ لا يستخدم إلا في الحقل التكنولوجي حيث يوجد في العلم التجريبي تقدم وتأخر، فليس هناك تقدم في القيم فالقيم ثابتة وإلا وقعنا في نظرية النسبية عند الوضعيين، ومن آفات الحضارة الغربية القول بأن القيم نسبية.

                        وحول عوامل النهضة قال الدكتور حلمي إن أول نقطة يجب مراعاتها هي معالجة آثار الغزو الثقافي، ولا شك أن هناك غزو ثقافي، فنبدأ بالاهتمام بتعليم الدين كعقيدة وشريعة وعادات وقيم ونظم كما تعلمه الأوائل، فمناهج التعليم لابد أن تضع في نصابها تكوين الإنسان المسلم بالشكل المطلوب من حيث العقيدة والعبادات والسلوك ومكانة الإنسان كخليفة لله في الأرض أي تصحيح المفاهيم التي فرضت علينا من الغرب كتأثير الفلسفات وتغيير نظم التعليم وتأثير الإعلام أي تأصيل للمناهج وللعلم.

                        واستطرد قائلا إنه فيما يتعلق بتأصيل المناهج فهي النقطة التي حصل فيها تغيير كبير بسبب الغزو الثقافي، خاصة داخل ما يسمى بالعلوم الإنسانية كالنفس والاجتماع والأخلاق، فهذه لابد أن يكون لنا منهج خاص لأنها تأثرت بالغزو الثقافي وأفقدتنا بعض الأصالة، فلابد من العودة لأصولنا ولله الحمد لا ينقصنا شيء، وإذا اطلعت على التراث فعلماؤنا لم يتركوا شيئًا، غير أن الأمر يحتاج إلى كثير جهد لإبراز هذا التراث بشكل معاصر فعلى سبيل المثال لم يكن في القديم ما يسمى بعلم النفس بالمعنى المعاصر إنما الكلام كان عن النفس الإنسانية وهو كلام كثير مبثوث عند علماء الفقه والصوفية والتفسير فالمسألة تحتاج إذن إلى تجميع وتنقيب وإبراز .. وكذلك علم الاجتماع، فابن خلدون لقب بصاحب النظرية الاجتماعية وفلسفة التاريخ، فتراثنا إذن غني وعلينا أن نقيم مناهج تعليمية على أساس تراثنا الأصيل وأن ننقيه من الشوائب التي فرضت علينا منذ الغزو العسكري وأخطر منه الغزو الثقافي.

                        وحول الخطط الغربية التي تستهدف إبعاد المسلمين عن قيمهم عبر وسائل العولمة الحديثة قال الدكتور حلمي إنه لابد أن نقابلها بخطط مقابلة إذ لابد أن يكون عندنا محطات فضائية تمول بواسطة دول إسلامية وليس بواسطة تمويل أفراد وتجند علماء متخصصين في كل المجالات ويكون لها غرضين: الغرض الأول بيان ميزة الإسلام في كل هذه الفروع العلمية، والمهمة الثانية دحض والرد على كل التهم الباطلة التي توجه للإسلام عن جهل أو سوء نية، فالعملية تحتاج إلى جهد مكثف بل بالعكس فإن هذه الأجهزة الحديثة لابد أن نستفيد منها، فهذه آلات يمكن أن تستخدم في الخير ويمكن أن تستخدم في الشر إذا كان هم يستخدمونها في الشر فعلينا أن نستخدمها في الخير.

                        ولفت الدكتور حلمي إلى أن الشعوب الإسلامية بفطرتها ترى أن الإسلام بقيمه وشريعته هو المنقذ لتصحيح خط سير المجتمعات وتنقيتها من الرذائل التي فرضت عليها من الغرب ومعرفتها الدقيقة بأن الشريعة هي التي تحقق السعادة الحقيقية في هذه الدنيا لهذا فإن علي هذه الشعوب إقناع المسئولين بأن في الشريعة العلاج لمشكلاتنا وأن عليهم أن ينظروا في توصيات مؤتمر "لاهاي" حيث يقول المؤتمر بالنص: "إن الشريعة الإسلامية صالحة لحل المشكلات المعاصرة".
                        http://www.shareah.com/index.php?/re...n/view/id/883/

                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
                        ردود 0
                        40 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة عاشق طيبة
                        بواسطة عاشق طيبة
                         
                        ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
                        ردود 0
                        62 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                        ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
                        رد 1
                        64 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة د. نيو
                        بواسطة د. نيو
                         
                        ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
                        ردود 0
                        23 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة محمد بن يوسف
                        بواسطة محمد بن يوسف
                         
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
                        ردود 0
                        75 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                         
                        يعمل...
                        X