زينـب و القـــس و الداعيــة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سامسونج مسلم اكتشف المزيد حول سامسونج
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زينـب و القـــس و الداعيــة

    الأربعاء 3 نوفمبر 2010
    عن مقالة / محمد محمود عمارة

    زينب فتاة مسلمة منتقبة ، قادتها خطواتها على النت إلى موقع من مواقع المناظرات بين الأديان ، ولأنها ، كغيرها من ملايين الشباب و الشابات المسلمين ، كل ثقافتها الشرعية مستمدة من شرائط الكاسيت و برامج الفضائيات ، لم تصمد طويلاً أمام القس المشهور و هو يلقى بقنابل الشك في دروبها ، لم تستطع الرد على الشبهات التي أثارها و التي بدت منطقية ، و كانت النتيجة وقوعها فريسة صراع نفسي هائل مزقها ، صراع بين إيمان وُلدت به و تربت عليه و شك زرعه القس ببراعة.
    لم تجد مخرجاً من هذا المأزق سوى الاستعانة بداعية مشهور لتعرض عليه شبهات القس لعلها تجد عنده جواباً شافياً. لم يجبها صاحبنا ، بل شرع في توجيه الاتهامات و التجريح في إيمانها ، ثم أخبرها أن لا وقت لديه لأمثالها ، و أنه لن يضير الإسلام شيئاً خروجها و من على شاكلتها من ضعاف الإيمان من حظيرته. وهكذا لم تجد زينب لدى الداعية نصف ساعة من وقته ليجب على أسئلتها و لم تجد في صدره رحابة كانت أحوج ما تكون لها ، بينما أبدى القس الكثير من التساهل و أعطاها من وقته المشحون الكثير.
    و انتهت الجولة بانتصار القس و هروب زينب من بيت أهلها لتخلع نقابها و خمارها و تتعمد في إحدى الكنائس لتعلن عن هويتها الجديدة كمتنصرة ، ثم بدأت تؤم الكنائس بانتظام.
    اُحيطت زينب بكل أشكال الرعاية التي يُحاط بها المتنصرون الجدد فتم توفير المسكن و النفقات و الهوية الجديدة باسم جديد خلعها من تاريخ إسلامي طويل .
    أما أسرتها فقد عانت الأمرين من فقدانها و بحث عنها أبوها في كل مكان حتى و جدها أخيراً ، استجابت له وعادت معه بعد أن طمأنها و أعطاها الأمان و أخبرها أنها حرة في اختيار عقيدتها و أنها ستبقى ابنته سواء كانت مسلمة أو مسيحية ، فحبه لها لن يتغير.
    و في منزلها ، اختلطت الأحضان بالدموع ، لكن يبقى قرار صارم أصدره الأب من قبل : "ممنوع مفاتحتها أو مجرد الحديث معها في أمر معتقدها الجديد" ، كانت زينب تتصرف بحرية و تلقائية ، ووجدت أبوها عند وعده: لم يجبرها على شئ ولم يغير معاملته معها.
    بعد عدة أيام استأذنها في حديث ودي ثم أخبرها أنه لا يزال على عهده و وعده في أن لها حرية اختار عقيدتها ، لكنها مسئولة منه أمام الله لأنها لا زالت تحت وصايته ، و أن تلك المسئولية تحتم عليه أن يحاول معها محاولة أخيرة ، محاولة لا إكراه فيها ، لكنها نقاش مع شيخ من أصدقائه متخصص في مقارنة الأديان .
    استجابت زينب و جلست مع الشيخ و طرحت عليه كل ما عنّ لها من أسئلة و ألقت عليه كل الشبهات التي طرحها القس المشهور ، فأجابها الشيخ بكل رحابة صدر و فند الشبهات باقتدار حتى لم يبق عندها شئ تقوله. طلبت منه جلسات أخرى فلم يتأخر ، طلبت منه مناظرة القس عبر النت حتى تصل إلى الحقيقة ويطمئن قلبها ، فلم يمانع . و حاور الشيخ القسيس ، فأخذ الأخير يتهرب و يتملص و يتراجع عن بعض أفكاره ، هنا أدركت الحقيقة وعادت إلى حظيرة الإيمان ، و انتهت الجولة الثانية بانتصار الداعية.
    قرأت قصة زينب على صفحات جريدة الأسبوع منذ عدة سنوات ، و بقت أحداثها ملتصقة في ذهني ، و كنت دائماً أقول لمن حولي : لم تكن زينب بحاجة إلى كل تلك السنين الضائعة من عمرها في التنقل من دين إلى دين ، كانت في غنى عن الألم النفسي الناتج عن صراع الأفكار بداخلها ، كانت في غنى عن ذلك لو سلحت نفسها ببعض العلم الشرعي ، كانت بغني عن ذلك لو أن المدع الأول الذي يدعي زوراً و بهتاناً أنه داعية وسع صدره كما فعل الآخر ، و أنصت و اهتم لشباب و شابات صغار تتخطفهم الفتن من كل جانب ، لو أنه أعطاها من وقته نصف ساعة لوفر عليها من عمرها شهوراً و ربما أعواماً. أعرف أناساً مثله يدعون العلم الشرعي ، لكنهم غلاظ شداد في التعامل ، فتراهم ينفرون و لا يجذبون ، يُشعرك أنه يحمل هم الكون فوق رأسه لذلك لا ترى الابتسامة على وجهه و لو على سبيل المصادفة .
    أذكر يوم سافرت إلى الحج ، و أثناء رمي الجمرات كان الزحام شديداً وكنت أقف بعيداً عن الحوض و من خوفي أن أؤذي أحد بجمراتي ، طاش بعضها بعيداً عن الحوض فزدت عن العدد ، و لما هممت بسؤال أحد المشايخ المرافقين لحملة الحج ( كوظيفة بمقابل مادي للإجابة على استفسارات الحجاج ) عن مشروعية ما فعلت فوجئت بالرجل يصرخ فيَ بمجرد اقترابي منه ولم أبدأ حتى السؤال : اتركوني حرام عليكم ، و عبارات أخرى لا أذكرها ، لأنني شعرت بحرج شديد لا سيما و أنني وجدت كل الأنظار تلتفت إليَ وهي تتساءل عن الجرم الذي فعلته ، بعدها التفت إلي و قال بهدوء بالنسبة لسؤالك الإجابة كذا كذا ، صراحة لم انتبه لكلامه لأنني كرهته في تلك اللحظة و كرهت أن أسمع فتوى من أمثاله.
    إن الدعوة إلى الله ليست وظيفة و لا عمل روتيني ، بل هي عمل تطوعي يقوم به من كان مؤهلاً لذلك و مسلحاً بالعلوم الشرعية ، و فوق ذلك له من سعة الصدر و الأفق ما يجعله يستوعب الناس على اختلاف مشاربهم و أهوائهم ، و تكون لديه القدرة على مخاطبة الناس ، كلٌ على قدر عقله.
    لقد أعجبني الأب في قصة زينب ، أعجبتني حكمته في تعامله مع الأمر ، لأنني على يقين أن هناك آباء كثر لو كانوا في مكانه ما توانوا لحظة عن ذبح ابنتهم ، لكن أيهما أفضل: أن تعيد ضالاً إلى حظيرة الإيمان و أن تهديه سواء السبيل فيكون خيراً لك من حمر النعم؟! أم تقتله فيموت على الشرك والكفر؟!
    :? ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ? النحل125 ، ? وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ? آل عمران159
    لقد سار الرجل نحو هدفه بكل تؤدة وثقة أنه لامحالة سيحققه. لقد كان الرجل في سلوكه مع ابنته مثالا و نموذجاً لتطبيق آيات الدعوة وبذلك وصل إلى هدفه و عادت زينب ، فهل اعتبرنا من قصتها؟!

  • #2
    مقال ممتاز ، جزاكم الله خيراً

    تعليق


    • #3
      جزاكم الله خيرا



      ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) أي ضنكا في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره , بل صدره ضيق حرج لضلاله , وإن تنعم ظاهره , ولبس ما شاء , وأكل ما شاء , وسكن حيث شاء فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك , فلا يزال في ريبة يتردد فهذا من ضنك المعيشة ( المصباح المنير فى تهذيب تفسير بن كثير , صفحة 856 ).

      تعليق


      • #4
        لم تجد مخرجاً من هذا المأزق سوى الاستعانة بداعية مشهور لتعرض عليه شبهات القس لعلها تجد عنده جواباً شافياً. لم يجبها صاحبنا ، بل شرع في توجيه الاتهامات و التجريح في إيمانها ، ثم أخبرها أن لا وقت لديه لأمثالها ، و أنه لن يضير الإسلام شيئاً خروجها و من على شاكلتها من ضعاف الإيمان من حظيرته

        لاحول َ ولا قوةَ إلا بالله
        وكما قالَ الشيخُ : محُمد حسّان : نحنُ أكبر حجر عثرة أمام من يُريد أن يعتنِق الإسلام .

        بينما أبدى القس الكثير من التساهل و أعطاها من وقته المشحون الكثير
        تلك سجيتُهم دائما ً , يمدون يد العطفِ حينما تنزل بضعاف النُفوس النوازِل .
        سجية تلك فيهم غير محدثة ٍ .... يصطادون فى الماء العكر ... لعلهم أن النفوس الصافية لن تذهب لتعبد من كان يدخل الخلاء ...
        اُحيطت زينب بكل أشكال الرعاية التي يُحاط بها المتنصرون الجدد فتم توفير المسكن و النفقات و الهوية الجديدة باسم جديد خلعها من تاريخ إسلامي طويل .
        تذكرنى دائما ً ب ( بلغَنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان، ولا مضيعة، فالحق بنا نواسِك )
        استجابت زينب و جلست مع الشيخ و طرحت عليه كل ما عنّ لها من أسئلة و ألقت عليه كل الشبهات التي طرحها القس المشهور ، فأجابها الشيخ بكل رحابة صدر و فند الشبهات باقتدار حتى لم يبق عندها شئ تقوله. طلبت منه جلسات أخرى فلم يتأخر
        سُبحان الله ... وشتان َ شتان َ بين مٌدعى العلم , وبين العالم الربانى المُخلِص الذى تحترقُ نفسهُ ويأخذُ بيد غيره إلى النجاة ... وبين من يؤدى مهنته كوظيفة ليأخذَ راتبه .
        و حاور الشيخ القسيس ، فأخذ الأخير يتهرب و يتملص و يتراجع عن بعض أفكاره ، هنا أدركت الحقيقة وعادت إلى حظيرة الإيمان ، و انتهت الجولة الثانية بانتصار الداعية.
        قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ
        إن الدعوة إلى الله ليست وظيفة و لا عمل روتيني ، بل هي عمل تطوعي يقوم به من كان مؤهلاً لذلك و مسلحاً بالعلوم الشرعية ، و فوق ذلك له من سعة الصدر و الأفق ما يجعله يستوعب الناس على اختلاف مشاربهم و أهوائهم ، و تكون لديه القدرة على مخاطبة الناس ، كلٌ على قدر عقله.



        سبحان َ الله , ولنا فى رسول ِ الله قٌدوة
        فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) الكهف
        لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) الشعراء
        باخع : أى مُهلك نفسك غما ً , حزنا وتأسُفا ً عليهم ...
        * للدعوة همومُ تؤرق نومَ صاحِبها أحيانا جعلت نبينا ً يضيقُ صدره ويكابد البلايا , ويبكى ويقول ُ أمتى أمتى ....
        نسأل الله َ أن يستخدِمنا لنُصرة دينه , وأن يرزُقنا الإخلاص فى القولِ والعَمل .. اللهم آمين
        سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) الأعراف

        تعليق


        • #5
          من المؤلم أن تسمح لنفسك أن تتشتت منك وأن تسأل من هم غير آهلين للثقة
          وتبقى غريب وحيد فى سجن أن سجانه ..
          وأن تأتمن على نفسك لمن هم لم يحفظوا الحرف فى كتابهم
          اللهم احفظ شباب وبنات المسلمين

          ثقتي في الله تمنحني الحياة
          أهدروا دموعي على بساط تراب الوطن
          فقلت نذرت بكائي حتى تصبح شمس الوطن
          سفكوا دمي وقالوا عاشقة تحب الوطن
          فقلت خذوا الدماء واروا بها صحاري الوطن
          قالوا الوطن بلا تراب وأنت لم يكن لكِ وطن
          فقلت جسدي من التراب .. وترابه من هذا الوطن
          فمن ترابي ابنوا الوطن
          حتى أعود لقلب الوطن
          بجد ... بحبك يا وطن

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 أغس, 2023, 11:28 م
          ردود 0
          27 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 17 أكت, 2022, 01:16 م
          ردود 112
          164 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عادل خراط
          بواسطة عادل خراط
           
          ابتدأ بواسطة اسلام الكبابى, 30 يون, 2022, 04:29 م
          ردود 3
          35 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عاشق طيبة
          بواسطة عاشق طيبة
           
          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 28 أكت, 2021, 02:21 م
          ردود 0
          120 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عادل خراط
          بواسطة عادل خراط
           
          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 01:31 م
          ردود 3
          64 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عادل خراط
          بواسطة عادل خراط
           
          يعمل...
          X