" وَمَا الرَّحْمَٰنُ " .. التعريف بالرّحمن الرّحيم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ندى الصباح الحمد لله على نعمة الاسلام اكتشف المزيد حول ندى الصباح
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • " وَمَا الرَّحْمَٰنُ " .. التعريف بالرّحمن الرّحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    كان لنا مع صفة الرحمه وقفه



    والآن ننتقل إلى تعريف الاسم




    الرَّحْمٰن – الرَّحِيم



    الرحمٰن الرحيم : اسمان مشتقان من الرحمة


    الرحمة فى الأصل : رقة فى القلب تستلزم التفضل والإحسان إلى المرحوم وتكون بالمسامحة واللطف أو المعاونة والعطف .


    - وهذا جائز فى حق العباد ولكنه محال فى حق الله تعالى لعدم ممثالته للحوادث .


    لأن الرحمة بين البشر انفعال فى النفس يقتضى الإحسان ، والله تعالى مُنزَّه عن الانفعالات ، والرحمة لا تخلو من رقة مؤلمة تعترى الرحيم فتحركه إلى قضاء حاجة المرحوم .


    - فالإنسان إذا رحم إنسان يقول : تمزق قلبى لحاله .. فقد ترى طفلاً صغيراً واقفاً فى ساعة شديدة البرد ليبيع خبزاً، حينها تنفعل وتحس بألم فى نفسك وتشعر برحمة تدفعك لمساعدة هذا الطفل .


    - إذاً الإنسان حين يقف أمام حالة بائسة يتألم فى أعماقه ويحس بمشاعر رحيمة معينة ، أما رب العالمين فلا تعتريه هذه المشاعر لأنه مُنزَّه عن هذا الانفعال وذاك الألم .


    - أما الإنسان فإنه حين يرى مخلوقاً معذباً فإنه يرحمه حتى يريح نفسه مما اعتراه من مشاعر منغصة مؤلمة فهذا ضعف فيه .


    - لكن الله تعالى يرحم لمصلحة المخلوق لا لمصلحة الراحم ، فهو سبحانه منزه عن مثل هذه المشاعر التى تعترى مشاعر الرحيم من بنى البشر ، وهو سبحانه يرحم مخلوقاته ليرحمهم ، لا يرحمهم ليتخلص من شعور اعتراه لأنه منزه عن ذلك وليس كمثله شىء .


    لذلك فإن رحمة الله لابد أن تحمل على معنى يليق به جلَّ جلاله .


    فهى:( صفة تقتضى إيصال الخير إلى من يشاء من عباده ودفع الشر عنهم على وفق ما تقتضيه حكمته ) .



    ومما سبق يتبين : أن رحمة الله ليست شفقة على خلقه كما هو بالمعنى المعروف فى رحمة الإنسان لأخيه الإنسان .


    فرحمة الله عز وجل ليست كرحمة المخلوقين ، والاتفاق فى الاسم لا يقتضى الاتفاق فى المسمى ، فالخالق له صفات تليق به والمخلوقات لهم صفات تليق بهم وتختص بهم .


    وإذا كانت الرحمة فى أصل مادتها تعنى رقة فى القلب على المرحوم فذلك جائز فى حق العباد ولكنه مُحال فى حق الله لأنه لا يشبه الحوادث فهو سبحانه ذو رحمة على ما يليق بجلاله كسائر الصفات .



    - ولكن كثير من الناس يخلط ما بين معنى الرحمة المعروف بين البشر والتى تليق بهم وهى رقة القلب ، وبين الرحمة التى تليق بالله فيظن أن رحمة الله شفقة منه على عباده .



    وينشأ من ذلك أخطاء فى التصور والفهم تؤدى إلى سوء الأفعال والأحوال المؤدية للخسران .



    منها


    1- أنه يتصور أن رحمة الله تتنافى مع مشقة التكاليف الشرعية لكونها مخالفة لهوى النفس .


    فإذا شق عليه أمر من الشريعة فإنه يشكك فى هذا الأمر فيقول أن الله لم يأمر بذلك لكونه شاق على نفسه .. وهذه المشقة تتعارض مع رحمة الله التى يتوهم معنى كونها شفقة .


    وقد أعطانا القرآن مثلاً لمن فهموا معنى رحمة الله بهذا التصور الخاطىء . وهم أصحاب القرية فى سورة ( يس ) حين قالوا لرسلهم : ( َمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ) وذلك لأنهم وجدوا ما أمرهم به الرسل شاق على أنفسهم


    لأنه مخالف لهواهم فظنوا أن ذلك يتنافى مع رحمة الله .. فاستدلوا بوصف الرحمٰن على أنه ما أنزل شىء من هذه التكاليف التى جاءت بها الرسل وهى عبادة الله وحده وترك الشرك .



    والصواب :
    إن من تمام رحمة الله تعالى بعباده هو ابتلاءهم بالأوامر والنواهى امتحاناً لهم ليُظهر الصادق من الكاذب والمستحق للنعيم من المستحق للعذاب .


    فلا بد أن يوجد فى التكاليف الشرعية من المشقة ما يميز الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب .


    ومعلوم أن الشهوات محبوبة للنفس فلا بد أن يكون مخالفة هوى النفس فيه من المشقة ما يؤلمها ، فإذا كانت هذه المشقة بها يندفع عن النفس العذاب الدائم ويثمر لها البقاء فى النعيم فحينئذٍ لا يكون هناك تعارض بين هذه المشقة وبين رحمة الله بل هى من تمام رحمة الله بعباده لأن بها تتم مصالحهم الأخروية .


    فالأوامر والنواهى لم يفرضها الله على عباده لحاجة منه إليهم وإنما تزكية لنفوسهم ومنعهم من الشهوات التى ترديهم فى الجحيم .



    ٢- ومنها : الاغترار بكرم الله


    سوء الفهم لمعنى رحمة الله تعالى .. واعتقاد كونها شفقة من الله على عباده يجعل الإنسان يظن إنه مُسامح على تقصيره فى الأمر ومعذور بإتيانه للنهى اغتراراً بكرم الله تعالى وسوء فهم لمعنى رحمته .


    فتراه يتمادى فى غفلته أو يباشر المعصية ويعتقد إنه مسامح لكونه مشغول بطلب الرزق ..
    أو لضعف نفسه عن ترك المعصية
    أو لأنه صاحب تفوق فى جهة من جهات الخير ،
    أو لأنه أقل ذنوباً من غيره ،


    فيظن أن الله تعالى سيرحمه أى سيشفق عليه لهذه الأسباب .



    وهكذا كل من قل خوفه من الله تعالى عن القدر المطلوب منه حين يقصر فى طاعة أو يقع فى معصية فإن السبب الأكبر فى قلة خوفه هو سوء فهمه لمعنى رحمة الله وإسقاطه معنى الشفقة على مفهوم رحمة الله تعالى .


    لذا تجد الواحد منهم يبقى فى تقصيره أو يستمر فى عصيانه اعتماداً على رحمة الله وأنه سيتجاوز عن تقصيره ومعاصيه شفقة عليه .


    والصواب : أن رحمة الله تقتضى أن يتجاوز الله تعالى عن تقصير العبد وعصيانه حين يكون العبد معترفاً بهذا التقصير تائباً من ذلك العصيان ، فتكون توبته سبب لرحمة الله .


    أما بدون محاولة للخروج من التقصير وخوف من العقوبة على الذنب يدفعه إلى التوبة والإصلاح فلا سبيل إلى هذا التجاوز مهما رأى فى نفسه من الأعذار ما يكون سبباً للشفقة عليه .




    ٣- ومنها : أن يتصور أن رحمة الله تتنافى مع وقوع البلاء على العبد لأن الشفقة تتعارض مع حصول الألم والأذى .


    فكل من فهم رحمة الله شفقة منه على عباده .. لا يستطيع أن يستوعب وجود الرحمة مع وقوع البلاء والأقدار المكروهة للعبد .


    والصواب : إن رحمة الله صفة تقتضى إيصال المنافع للعبد وإن كرهتها نفسه وشقت عليها ، لذلك قد تأتى الرحمة من طريق فيه مشقة وألم وحرمان إذا كانت المصلحة لا تتم إلا بذلك .


    - فإن أرحم الناس من شق عليك فى إيصال مصالحك ودفع المضار عنك .


    - فالأب الذى يشق على ولده بالضرب ليؤدبه أو يمنعه شهواته التى تضره فهو بذلك يرحمه .. وإذا أهمل ذلك كان لقلة رحمته به وإن ظن أنه يريحه ويرحمه .


    - ومثال ذلك : إذا أصيب ولد بمرض فى يده استلزم قطعها فإن الأم قد ترفض بشدة وتبكى مخافة إلحاق الألم بالولد حين تقطع يداه ، أما الأب فقد يصر على قطع يده رجاء الشفاء لولده .. فأيهما أرحم للولد ؟
    إن الأب أشد رحمة لأنه بهذا الألم المؤقت بقطع اليد يدفع عن ولده ضرر أكبر عن سائر البدن .
    والأم أقل رحمة لأنها كرهت له ألم مؤقت وأهلكت سائر البدن .



    - كذلك ... ولله المثل الأعلى ..


    ● فإن من رحمة الله تعالى أن يسلط على خلقه أنواع البلاء ليسوقهم إليه ، فيبتليهم ليعافيهم ويمنعهم ليعطيهم .
    قال تعالى : ( فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ )
    وقال : ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
    فهذه رحمة الله تعالى للعاصى لكى يرجع وينيب



    ● وفيما يقع للمؤمن من أقدار مكروهة تكفير لذنوبه ورفعاً لدرجاته ، ففى الحديث الصحيح :
    ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه )
    فهو سبحانه قد يأخذ ليعطى ويقبض ليبسط ويبتلى ليجزى فالله تعالى أعلم بمصلحة العبد .. فابتلاؤه له ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته من رحمته به .


    ولكن العبد لجهله وظلمه يتهم ربه بابتلائه ولا يعلم أن إحسانه إليه بابتلائه .
    وقد جاء فى الأثر : أن المبتلى إذا دعى له : اللهم ارحمه ، يقول الله سبحانه : كيف أرحمه من شىء به أرحمه .
    وفى أثر آخر : إن الله إذا أحب عبده حماه الدنيا وطيباتها وشهواتها كما يحمى أحدكم مريضه .


    فهذا من تمام رحمته به لا من بخله عليه ، كيف وهو الجواد الماجد الذى له الجود كله وجَود جميع المخلوقين فى جنب جوده أقل من ذرة فى جبال الدنيا ورمالها .


    ● ومن رحمته سبحانه أن نغص الدنيا على أهلها وكدرها لئلا يسكنوا إليها ولا يطمئنوا إليها فيرغبوا عن النعيم المقيم فى الآخرة . قال تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ )


    وقال تعالى : ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ )


    فمن جهل ذلك سيكون دائم السخط والجزع من كبد الدنيا ويرى تضييق الدنيا شر وبسطها خير ويرى عطاياها إنعام والحرمان منها إهانة .



    -ومنها : ان يعتقد ان رحمة الله تعالى لا تتنافى مع وجود جهنم وتعذيب أهلها :


    لأن رحمة الله شملت جميع المخلوقات منذ أن خلقهم وتكفل بتوفير مقومات الحياة لهم من ماء وهواء وطعام إلى غير ذلك مما لا يعد ولا يحصى ، وفى مقابل ذلك طلب منهم عبادته وطاعته مما هو ميسور لهم من العبادات وهذه العبادة تكفل لهم فى الدنيا حياة كريمة هادئة ...


    فمن عصى بعد ذلك ولم يعبد الله بما يتناسب مع نعمه عليه فقد أسقط موجبات الرحمة فى الآخرة واستحق أن يعامله الحق عز وجل بمقتضى عدله المطلق الذى يقتضى معاملة كل إنسان وفقاً لعمله فى الدنيا .


    ولو ساوى الله تعالى بين العباد فى الحساب وأدخل الجميع الجنة لأصبح ظالماً لعباده الصالحين الطائعين فعدله عز وجل يقتضى أن يكون رحمن الدنيا فتشمل رحمته فى الدنيا جميع خلقه . وأن يكون رحيم الآخرة فتشمل رحمته فى الآخرة عباده الصالحين الطائعين ويكون تعذيبه للنفوس الشريرة التى دأبت على المعصية رحمة لتطهير هذه النفوس من شرها وعنادها فإذا أدخلها الجنة بعد ذلك دخلت طاهرة بما يتناسب مع قداسة الجنة وقداسة أهلها .


    ● لذلك فإن من رحمته سبحانه لعباده أن حذرهم نفسه لئلا يغتروا به فيعاملوه بما لا تحسن معاملته فيخسرون أنفسهم .

    يقول تعالى : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ )

    وقال : ( وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ )

  • #2
    الرحمة العامة والرحمة الخاصة :


    لله فى خلقه رحمة عامة ورحمة خاصة .. والرحمة العامة ينالها كل الناس أما الرحمة الخاصة لا ينالها إلا من تقرب إلى الله بما يحبه .

    مثال ذلك : أب له خمسة أولاد ، كل هؤلاء الأولاد يأكلون الطعام ويلبسون الثياب وينامون على الفرش وفى غرف دافئة ، فالأب يعطى كل أولاده بالتساوى فرحمته عامة ، لكن أحد هؤلاء الأولاد على قرب شديد من الأب فهو يبر أباه براً شديداً وذو وفاء متميز وإخلاصه لأبيه كبير لذلك فالأب يخص هذا الابن بأشياء خاصة .


    الرحمة العامة :

    كنعمة الإيجاد والخلق والرزق وتمهيد الأرض وإنبات الثمار وإشراق الشمس وإنزال المطر وإرسال الرسل وإنزال الكتب لهداية الخلق هذه رحمة ينالها كل الناس المؤمن والكافر ، الطائع والعاصى .


    قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )




    الرحمة الخاصة :


    كمحبة الخير والبر وذوق طعم الإيمان وحلاوته والأمن والعافية وتيسير الهدى وزيادة العلم .

    وهذه الرحمة لا ينالها كل أحد ... وإنما يخص الله بها من تعرض لها بالإيمان والعمل الصالح وطاعة الله ورسوله والتقرب إلى الله بفعل ما يحبه وترك ما يغضبه .


    قال تعالى : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )


    فهذه الرحمة الخاصة تحصل للمهتدين .. وتكون بحسب هداهم ، فكلما كان نصيب الإنسان من الهدى أتم كان حظه من الرحمة أوفر وكلما زاد الإنسان علماً زاد رحمة .. وكلما زاد طاعة زاد هدى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى .. )


    [glow1=ff0099]
    فالرحمة الخاصة تنفع أصحابها فى الدنيا والآخرة

    والرحمة العامة تنفع أصحابها فى الدنيا فقط



    والنجاح أن يخصك الله بالرحمة الخاصة



    [/glow1]



    فكثير من الناس يستدل على أن الله تعالى يحبه ويريد له الخير بما يعطيه الله من نعم الدنيا .. كنعمة المال والصحة والأولاد والجاه والملك ولا يلتفت لنعمة الهدى والاستقامة على طاعة الله .



    فالرحمة التى تكون عنوان لفلاحك ونجاتك فى الآخرة هى الرحمة الخاصة التى إذا حُرمت منها فأنت المحروم حقاً ولو كنت أغنى الناس فى الدنيا وإذا خصك الله بها فأنت المرحوم حقاً ولو كنت أفقر الناس فى الدنيا .




    فاسأل نفسك عن عطاء الله لك من أى نوع ؟



    - فقد يكون عطاؤه لك من نوع قارون ( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ )
    - وقد يكون عطاؤه لك من نوع فرعون ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ )



    فهؤلاء أعطاهم وهو لا يحبهم لذلك حرمهم من عطاءه فى الآخرة .
    فالبطولة أن يكون عطاء الله لك من نوع عطاء الصالحين .....



    ● أم كعطائه ليوسف عليه السلام ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا )



    ● وعطائه لموسى عليه السلام ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي )



    ● وعطائه لمحمد صلى الله عليه وسلم ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )




    فالله تعالى يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب ولا يعطى الآخرة إلا لمن يحب .



    - فقد يعطيك الله المال ويجعل قلبك ممتلئ بالقلق .



    - وقد يعطيك الصحة ويجعلك أشقى الناس .



    - وقد يعطيك مكانة اجتماعية مرموقة ولا تكون عند الله مقبولاً .




    [glow1=ff0099]فالنجاح أن يخصك الله برحمته الخاصة[/glow1]


    [glow1=ff0099]
    [/glow1]


    فيملأ قلبك نوراً ويقربك منه ويؤتيك الحكمة ويعلمك القرآن ويحبب إليك مجالس العلم ويبغض إليك المعاصى ويسهل لك عمل الصالحات ويجرى الخير على يديك للناس .


    هذه الأشياء تجعلك تحس أن لك مكانة عند الله تتمثل فى حفظه لك ورعايته وهذه هى المعية الخاصة التى تنشأ عن رحمته الخاصة ، هذه المعية الخاصة التى هى التأييد والنصر والحفظ والتوفيق تجعلك تحس بفرح شديد كفرحة شخص له علاقة قوية ومودة مع شخص مهم له مكانة بين الناس ، فكيف بمن كانت له مودة مع خالق الكون .



    قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا )



    فينبغى أن تسعى لنيل رحمة الله الخاصة ، واعلم أن هذه الرحمة الخاصة مشروطة بالطاعة والمجاهدة ،

    يقول تعالى :

    ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ )

    تعليق


    • #3
      الرَّحْمٰن :



      ▪الرحمٰن ... صفة ذات .. واسم علم على الذات لأنها تشمل جميع الصفات ، فالرحمٰن لابد أن يكون حىّ قيّوم قادر قوى لطيف سميع عليم حكيم عزيز .. له الكمال المطلق .

      لأن الرحمة هى إيصال المنافع للعباد وهذا لا يصدر إلا ممن له كمال الصفات ، والرحمٰن دال على جميع الصفات .. فمن رحمة الله أنه الغفار والوهاب ، والرزاق ، الشكور ، الكريم ، التواب ، الهادى ، العفو ...

      ▪ الرحمٰن ...
      صفة ذات أى إنه رحمن فى ذاته ومعنى صفة ذات إنها غير متعلقة بالفعل ، فهو رحمن سواء وجد من يرحمه أم لا ، سواء رحم أو لم يرحم .

      ▪ الرحمٰن ...
      اسم يدل على أن الله عز وجل مستغن عن سائر خلقه فهم مفتقرون إليه يرجون رحمته ويخافون عذابه ، لأن الرحمة تقتضى المرحوم .. ولا مرحوم إلا وهو محتاج والإله لا يكون مرحوماً إنما هو راحم ، أما المخلوق فهو مرحوم لأنه ضعيف ولأنه عاجز ولأنه فقير لأن قيامه ليس بذاته بل قيامه بغيره إذاً هو مرحوم .

      فالعبد مرحوم لأنه عبد ، وما دمت عبد فأنت مفتقر إلى الله عز وجل ، وما دمت عبد فلا بد إنك بحاجة إلى الرحمة .

      ▪ الرحمٰن ..

      اسم علم على الذات لذلك لا يتسمى به غيره ولم يتجرأ أحد على التسمى به إلا مسيلمة الكذاب حين أطلق على نفسه( رحمن اليمامة ) فلما فعل ذلك التصق باسمه لفظة الكذاب إلى يوم القيامة .

      الرحمٰن الرحيم :
      كلاهما صيغة مبالغة تفيد الكثرة والزيادة فى الصفة ، وتأمل مدى سعة رحمة الله حتى لا يعبر عنها باسم واحد وإنما يعبر عنها باسمان كلاهما صيغة مبالغة تفيد كثرة الرحمة .

      - لذا .. فقد روى البخارى من حديث عمر بن الخطاب قال :

      قدم على النبى صلى الله عليه وسلم سبى فإذ امرأة من السبى قد تحلب ثديها تسقى إذا وجدت صبياً فى السبى أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبى صلى الله عليه وسلم أترون هذه طارحة ولدها فى النار ؟ لا وهى تقدر على أن لا تطرحه ، فقال : لله أرحم بعباده من هذه بولدها .

      - وروى البخارى من حديث أبى هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
      جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً وأنزل فى الأرض جزءاً واحداً فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه .


      فما من شىء فى الوجود إلا وهو مغمور برحمة الله حتى الكفار أنفسهم فهم يغدون ويروحون فى رحمة الله وفى كل لمحة تفيض عليهم رحمات إلهية فهم يستمتعون بالحياة والصحة والعافية والقوة والجمال والمال والبنين ويتنسمون الهواء ويشربون الماء وغير ذلك من ألوان النعيم الذى يفيضه الله عليهم من رحمته العامة .. أما رحمته الخاصة فهى وقف على المؤمنين .


      فإذا كانت هذه هى سعة رحمة الله تعالى حتى شملت فى الدنيا المؤمن والكافر فينبغى أن يزيد ذلك رجاءنا فى طلب رحمته .. فهى مبسوطة لكل من يريدها .

      تعليق


      • #4
        الفرق بين الرحمٰن والرحيم :

        قيل : الرحمٰن صفة ذات والرحيم صفة فعل .

        والمعنى : أن الرحمٰن هو الاسم الدال على أن الرحمة قائمة بالله سبحانه أى هو ذو الرحمة التى لا نظير لها .

        والرحيم ... صفة فعل تدل على كثرة من تناله الرحمة من خلقه بدليل أنك تقول : الله رحيم بعباده أى أن أثر رحمته ينال عباده ولا تقول رحمن بعباده .

        ولقوله تعالى : ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا )

        * فكأن الرحمٰن ( الوصف ) والرحيم ( الفعل )

        فالأول .. ( الرحمٰن ) دال على أن الرحمة صفته .
        والثانى .. ( الرحيم ) دال على إنه تعالى يرحم خلقه برحمته .

        فلا يمكن الاستغناء بأحد الاسمين عن الآخر وليس الثانى توكيد الأول لأن لكل منهما معنى خاص .


        * الرحمٰن ... يدل على صفته العامة المختصة به جل جلاله ويستحيل أن توجد لغيره إذ لا يوجد مخلوق تعم رحمته جميع المخلوقات فى أوليائه وأعدائه .

        والرحيم ... وصف يدل على الفعل الذى تقع المشاركة فيه ولذلك وصف سبحانه نفسه بأنه خير الراحمين ، وأرحم الراحمين .


        * الرحمٰن .. اسم خاص بالله عز وجل فلا يجوز إطلاقه على أحد من البشر، قال تعالى: (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ)

        أما الرحيم .. فيجوز إطلاقه على العبد ولذلك وصف الله عز وجل به نبيه فقال: (حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )

        * الرحمٰن .. يدل على رحمته العامة التى تشمل المؤمن والكافر .

        والرحيم .. يدل على رحمته الخاصة بالمؤمنين فقط .

        وكلاهما صيغة مبالغة تدل على الكثرة .


        فالرحمٰن ... صيغة مبالغة لكثرة عدد الذين تشملهم رحمته فيها لأن رحمة الله فى الدنيا تشمل جميع الناس فهو يرزق من آمن به ومن لم يؤمن به ، فعدد الذين تشملهم رحمة الله فى الدنيا هم كل خلق الله بصرف النظر عن إيمانهم .

        لكن فى الآخرة الأمر مختلف فالله رحيم بالمؤمنين فقط ، فالكفار والمشركون مطرودون من رحمة الله ، إذن الذين تشملهم رحمة الله فى الآخرة أقل عدداً من الذين تشملهم رحمته فى الدنيا .



        فإن قلت : فلماذا وضعت صيغة المبالغة فى ( الرحيم ) طالما إنه خاص بالمؤمنين فقط وهم أقل عدداً من المحرومين من رحمة الله ؟

        الجواب : إن المبالغة فى العطاء للمؤمنين وفى الخلود فى العطاء ، فنعم الله فى الآخرة أكبر كثيراً منها فى الدنيا فالمبالغة هنا لكثرة النعم وخلودها ، فكأن المبالغة فى الدنيا بعمومية العطاء والمبالغة فى الآخرة بخصوصية العطاء وكثرة النعم والخلود فيها .


        الرحمة الخاصة للمؤمن فى الدنيا والآخرة :

        وإن كانت رحمة الله عامة شاملة فى الدنيا للمؤمن والكافر فهذا لا ينفى أن المؤمن يختص منها بنصيب متميز .
        - فالرحمة بالكفار والعصاة تتجلى فى إبقاء الله لهم وإمهالهم إلى أن يحين أجلهم .. أما فى الآخرة فلا نصيب لهم فى رحمة الله .

        - أما المؤمن فإن رحمة الله به فى الدنيا هى الحياة الكريمة الهادئة المستقرة .. الحياة التى ينعم فيها المؤمن برضاه عن نفسه وعن خالقه وعن حياته حتى لو ابتلى أشد البلاء فى صحته أو ماله أو أهله ، ثم تناله رحمة الله فى الآخرة بالبقاء فى النعيم المقيم .



        مجىء اسم الرحيم بعد الرحمٰن :

        جاء اسم الرحيم بعد الرحمٰن : ليبعث فى المؤمنين الرجاء والطمع فى رحمته ، فإن العبد إذا سمع أن الله رحمن ربما وقع فى نفسه أنه رحمن فى ذاته لا تتعدى رحمته إلى مخلوقاته فإذا سمع اسم الرحيم وقر فى قلبه أن الرحمة كما هى من أوصاف ذاته فهى من أوصاف أفعاله فيطمع فيها ويرجوها ويتعرض لها بالطاعة والانقياد .


        فتأمل ذلك : [glow1=ff0099]ليزيد رجاءك فى طلب رحمته[/glow1][glow1=ff0099]
        [/glow1]


        فالإنسان قد يرحم وهو ليس رحيم ... والرحيم من الخلق قد لا يرحم رغم كونه رحيم ، فالذى يمنع عنك الرحمة من أخيك الإنسان إما أن يكون رحيم لكنه لا يريد أن يرحمك ، أو يريد أن يرحمك لكنه غير قادر على أن يرحمك .

        ● لكن الله تعالى يريد أن يرحمك لأنه رحيم .
        ● وهو قادر على أن يرحمك لأنه رحمن .

        فالرحمٰن الرحيم : هو الرحيم فى ذاته وإن لم يوجد مرحوم ، وهو الرحيم الذى يحب أن يرحم .

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 أغس, 2023, 11:28 م
        ردود 0
        27 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 17 أكت, 2022, 01:16 م
        ردود 112
        164 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
         
        ابتدأ بواسطة اسلام الكبابى, 30 يون, 2022, 04:29 م
        ردود 3
        35 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عاشق طيبة
        بواسطة عاشق طيبة
         
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 28 أكت, 2021, 02:21 م
        ردود 0
        120 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
         
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 01:31 م
        ردود 3
        64 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
         
        يعمل...
        X