أيعيب ربي أن خلقني أسود البشرة!!

تقليص

عن الكاتب

تقليص

sara94 مسلم اكتشف المزيد حول sara94
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أيعيب ربي أن خلقني أسود البشرة!!

    النوبيون المصريون
    بين عقدة "البرابرة" وأزمة "الانتماء"
    تابعت عن كثب ما حدث بين موظف فى وزارة الشباب والرياضة المصرية بمحافظة أسوان ومواطن نوبى يشغل عضو مجلس إدارة أحد مراكز الشباب فى قرية نوبية. أهان الموظف هذا المواطن، ونعت النوبيين بأنهم بَرابْرة "بفتح الباء الأولى وسكون الباء الثانية ". وهو لفظ شائع بين المصريين غَذّته الأفلام المصرية القديمة والمسرحيات قديمها وحديثها. ويُطلق هذا اللفظ على كل من هو أسود اللون من أبناء أسوان وليس أهل النوبة وحدهم. كما تابعت رد فعل النوبيين بدءا من مطالبتهم باعتذار الموظف المذكور ودعوتهم إلى وقفة احتجاجية واعتصام مفتوح ومنع أجهزة الأمن ذلك، وتابعت كذلك دعوة أحد الأدباء النوبيين إلى ترجمة كلمة "برابرة "، التى وصفها بالعنصرية، ونشرها فى الصحف الأجنبية والمواقع الإلكترونية والفضائيات، إلى مطالبة القلة من النوبيين بتحرير النوبة والإنفصال عن مصر. وكل هذه إرهاصات لمشكلة جديدة قد تتفاقم مع الزمن وتصبح مشكلة كبرى قد يطلق عليها "مشكلة جنوب مصر" لتصبح كمشكلة "جنوب السودان". وكثيرا ما سمعنا عن مطالبات بانضمام النوبة السودانية إلى النوبة المصرية وتشكيل كيان مستقل يجمع الشعبين معا، ولو أضفنا إلى ذلك دعوة قلة من الأقباط إلى الإنفصال بصعيد مصر عن الوطن الأم وتشكيل كيان قبطى فى هذا الصعيد، لتمزقت وحدة مصر لتصبح سودانا آخر. ومعروف سلفا أن هذه الإتجاهات الانفصالية تغذيها القوى الاستعمارية الكبرى ووراءهم اليهود بالطبع.

    ولا تخلو جُعبة أى مواطن "أسود" أو أسمر (تخفيفا) من أبناء أسوان من عشرات المواقف المماثلة التى شعر فيها بالإهانة بسبب لونه، لكن الصورة ليست قاتمة، والأمر ليس بهذا التصور الموحش، فهناك عشرات المواقف والمواقف التى يظهر فيها المصريون الود والثناء والتقدير لأبناء أسوان - بوجه خاص - دون غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى. ويكاد يُجمع المصريون على تميز أبناء أسوان بما يسمونه: بـ "الطيبة والأمانة والإخلاص". وكما يقف اللون حاجزا دون إتمام زواج شاب من "أسوان " من فتاة بيضاء من بنات القاهرة أو غيرها، فهناك حالات لا تُحصى ولا تُعد لزيجات ناجحة لم يقف اللون فيها عائقا دون إتمامها. والذى أقصده هنا تماما هو أنه يجب البحث عن أى تفسيرات تكون السبب وراء هذا النعت الذى ألصقه المصريون بالنوبيين إلا الإتهام بالعنصرية ومحاولة تضخيم هذا الإتهام إلى أن يصبح ماردا لا يمكن رده.

    كنت أسير يوما فى أحد شوارع لندن الهادئة، وكانت تسير ورائى امرأة بريطانية برفقة طفلتها الصغيرة، ولما شاهدتنى الطفلة صرخت "نجرو.. نجرو"، لكن أمها نهرتها وأسكتتها. وهنا تساءلت: لماذا نتهم أهلنا فقط بالعنصرية ضد النوبيين، وهاهم أطفال بريطانيا يتفوهون ضدنا بألفاظ عنصرية؟. فكل ما فعلته الطفلة الإنجليزية هو أنها استبدلت كلمة "بربرى" بكلمة " نجرو".

    كنت أصلى الجمعة فى أحد مساجد "شيكاغو" فى أواخر السبيعينات من القرن الماضى، وبعد الصلاة جلس الخطيب الأمريكى الأسود يتحدث مع المصلين حتى صلاة العصربلهجة خطابية عالية القوة أَنْسَى فيها المصلين ثِقَل الوقت عليهم. لم أتذكر مما قاله إلا جملة واحدة قال فيها:" إن الله تعالى يقول: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1] والليل يعنى الظلام الأسود، فالسواد إذن ليس بالشيئ السيئ حتى نخجل منه ". تفسير فلسفى أعطى راحة عميقة للمصلين.عرفت بعدها أن هذا الخطيب هو "والاس الدين محمد" زعيم المسلمين السود فى الولايات المتحدة وقتها.

    ليس سواد البشرة هو أسوأ الأمور، فهناك ما هو أسوأ. إنه قُبْح الوجه. وقد سألت فتاة فى مقتبل العمر: لوتقدم لك شابان أحدهما قبيح الوجه والآخر أسود البشرة وليس لك إلا أن تختارى واحدا منهما، أجابت على الفور: أختار الأسود طبعا. وعاجلتها بسؤال آخر: حتى ولو كان قبيح الوجه هذا أبيض البشرة؟ أكدت الفتاة: أختار الأسود. لم تفهم الفتاة مقصدى من السؤال ويصعب عليها استيعابه لصغر سنها.

    لقد حفر التاريخ أسماء علماء لم يوصفوا بسواد البشرة بل بدمامة الوجه، وهى حالة صنّفَتها الفتاة الصغيرة بأنها أسوأ من سواد البشرة. الشيخ الإمام "عبد العزيز الكنانى" يرحمه الله عُرف بدمامة وجهه. عندما دخل الشيخ "الكنانى" على الخليفة "المأمون" قبل أن تبدأ مناظرته الشهيرة عن خلق القرآن مع "بِِشْر المريسى" كان يرتعد وينتفض، لكنه سمع رجلا من جلساء " المأمون " يقول له " يا أمير المؤمنين يكفيك من كلام هذا قُبح وجهه، لا والله ما رأيت خلق الله قط أقبح وجها منه ". ولما رأى "المأمون" أن "الكنانى" يرتعد وينتفض، أراد أن يؤنسه و يُسْكن مابه من الروعة والجزع والخوف، فكان ينظر إليه و يُكْثر كلامه مع جلسائه ويكلم خليفته "عمرو بن مسعدة"، ويتكلم بأشياء كثيرة مما لا يحتاج أن يتكلم بها يريد بذلك كله إيناس " الكنانى".

    كان "المأمون" يطيل النظر إلى الإيوان، ويدير طَرْفه فيه، فوقعت عينه على موضع من نقش الجص قد انتفخ، فقال: يا عمرو أما ترى هذا الذي قد انتفخ من هذا النقش، وسيقع، فبادره في يومنا هذا، فقال عمرو: قطع الله يد صانعه، فإنه قد استحق العقوبة على عمله هذا.

    التقط "الكنانى" إهانة جليس المأمون له، وملاحظة الخليفة على الجص المنتفخ، ورد ابن مسعدة على الخليفة. وقبل أن تبدأ المناظرة قال "الكنانى" للخليفة المأمون:" يا أمير المؤمنين أطال الله بقاءه إن رأيت أن تأذن لي أن أتكلم بشيء قد شغل قلبي قبل مناظرتي لبشر. فقال له الخليفة: تكلم بما شئت فقد أذنت لك. فقال الكنانى: أسألك بالله يا أمير المؤمنين من بلغك إنه كان أجمل ولد آدم -صلى الله عليه وسلم-. فأطرق مَلِيا، ثم رفع رأسه فقال: يوسف عليه السلام. فقال: صدقت يا أمير المؤمنين- فوالله ما أُعْطي يوسف على حُسْن وجهه بَعْرتين (من البعير)، ولقد سُجن وضُيّق عليه من أجل حُسْن وجهه رغم براءته بالشاهد الذي أنطقه الله عز وجل بتصديقه وبيان قوله، ورغم إقرار امرأة العزيز أنها هي التى راودته عن نفسه فاستعصم فحُبس بعد ذلك كله لحُسْن وجهه، قال الله تعالى:﴿ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ﴾ [يوسف: 35]..... فدّل قوله عَزّ وجل على أنه سُجن بغير ذنب وإنما السبب هو حُسْن وجهه، وذلك ليبعدوه عن امرأة العزيز وغيرها، فطال في السجن حَبْسه إلى أن سئل عن تعبير رؤيا، ولما فسّر هذه الرؤيا عرف الملك علمه ومعرفته فاشتاق إليه، ورَغب في صحبته فقال عز وجل: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِيبِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ﴾ [يوسف: 54]... كان هذا القول من الملك بسبب ما عرفه من علم يوسف ومعرفته وقبل أن يسمع كلامه، فلما دخل يوسف على الملك وسمع الملك كلامه وحُسْن عبارته جعله مسؤولا عن خزائن الأرض وما خفى منها، وفوّض إليه الأمور كلها وتبرأ منها وصار كأنه يقيمها من تحت يده. إن كل ما بلغه يوسف عليه السلام كان بسبب كلامه وعلمه وليس بسبب جماله. قال الله عز وجل:﴿ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 54-55]....ولم يقل إنى حَسَن جميل. وقال الله عز وجل: ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ﴾ [يوسف: 56]..... فوالله يا أمير المؤمنين ما أبالي إن وجهي أقبح مما هو، وإني أُحْسن من الفهم والعلم أكثر مما أُحْسن. فكان هذا الذي بلغه يوسف عليه السلام بكلامه وعلمه وليس بجماله.

    قال المأمون: وأي شي أردت بهذا القول، وما الذي دعاك إلى ذكر هذا؟ فقال "الكنانى" سمعت بعض من هاهنا يقول لأمير المؤمنين: يكفيك من كلامه قبح وجهه، فما يضرني قبح وجهي مع ما رزقني الله عز وجل من فهم كتابه، والعلم بسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فتبسم المأمون حتى وضع يده على فيه. واستطرد "الكنانى" قائلا: يا أمير المؤمنين أطال الله بقاءه فقد رأيتك تنظر إلى هذا النفش وانتفاخ الجص وتذكره، وسمعت عمرا يعيب ذلك ويدعو على صانعه، ولا يعيب الجص، ولا يدعو عليه، فقال المأمون: العيب لا يقع على الشيء المصنوع، وإنما يقع العيب على الصانع، قال: صدقت يا أمير المؤمنين، ولكن هذا يعيب ربي لم خلقني قبيحا فازداد " المأمون" تبسما حتى ظهرت (ثناياه). (الحيدة بتصرف يسير).

    هذا هو الإمام الشيخ "عبد العزيز الكنانى" لا يتحدث أحد عن فتنة خلق القرآن، إلا ويعرف " الكنانى". وما من أحد يعرف كتاب "الحَيْدة" إلا ويعرف "الكنانى" أيضا. فأين سواد البشرة من قبح الوجه؟ ويكفى كل نوبى أن يستعير لنفسه أو لغيره من عبارة "الكنانى" الخالدة فيقول:"أيعيب ربى أن خلقنى أسود البشرة؟ ".

    يقول الإمام ابن القيم في ذكر فضيلة الجمال وميل النفوس إليه على كل حال:
    "اعلم أن الجمال ينقسم إلى قسمين: ظاهر وباطن فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة والشجاعة، وهذا الجمال الباطن هو محل نظر الله من عبده وموضع محبته كما في الحديث الصحيح "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" وهذا الجمال الباطن يزين الصورة الظاهرة وإن لم تكن ذات جمال فتكسوا صاحبها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتست روحه من تلك الصفات فإن المؤمن يعطى مهابة وحلاوة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وهذا أمر مشهود بالعيان فإنك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورة وإن كان أسود أو غير جميل ولا سيما إذا رزق حظا من صلاة الليل فإنها تنور الوجه وتحسنه.

    وقد كان بعض النساء تكثر صلاة الليل فقل لها في ذلك فقالت إنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهي ومما يدل على أن الجمال الباطن أحسن من الظاهر أن القلوب لا تنفك عن تعظيم صاحبه ومحبته والميل إليه ".

    ولهذا لا أتخيل أولا أن إحياء التراث النوبى والثقافة النوبية، أو اللهجة النوبية التى لا يعرفها غيرهم، أو محاولة غزو مصر كلها بالفنانين النوبيين أو بالأغانى أو الإيقاعات النوبية، أو مشاركتهم فى الأفلام...الخ، ولا أتخيل ثانيا أن إقرار دراسة التاريخ النوبى فى المناهج المدرسية، أومعرفة كل المصريين أو حتى العالم بأسره عن "طهراقا" أو "بعانخى"، أو تأكدهم أن الاسره الـ 25 هى نوبية الأصل، أو أن يعترف "زاهى حواس" نفسه - خبير الآثار الفرعونية المعروف الذى كان بصحبة "أوباما" عند زيارته لأهرامات مصر، وأهداه قبعته التى يفخر بتميزه بها- ان "تود آنج آمون" هو الإسم النوبى الصحيح " لـ " توت عنخ آمون "كان نوبيا"، ولا أتخيل ثالثا أن مقولة النوبيين:
    "نحن ابناء النوبه نعتز بنوبيتنا وهى أصلنا وهى حضارتنا....ومهما تطاول الجهال فنحن نقولها بكل قوه وكبرياء وعِزّه "نوبى أنا" وبكل فخر "نوبى أنا" ملء الفم وملء كل الأسماع، ولا أتخيل رابعا أن الدعاوى القضائية التى يزمع النوبيون رفعها ضد من يهينوهم، أو إصدار تشريع يمنع التعرض لهم بالإهانة، أو حتى الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه إهانة النوبيين، ولا أتخيل خامسا وأخيرا أن سعى القلة للإنفصال عن مصر وتحالفهم مع نوبة السودان، لا أتخيل كل ذلك بقادر على أن يرفع قََدْر النوبيين ويحقق لهم العِزّة والإحترام أو أن يمسح كلمة "برابرة" من التاريخ الثقافى للبلاد..... شيئ واحد هو الذى يرفع قدر النوبيين ويحقق العزة والتقدير والمهابة والإحترام لهم، فإذا ابتغوا العِزّة فى غيره أذلهم الله. إنه "الإسلام". ويكفينا دليلا على ذلك رصد ومتابعة اليهود لاتجاه النوبيين نحو الإسلام الصحيح، وخوفهم من ذلك. انظر مقالتنا " الفلاحون والنوبيون المصريون: لماذا يخشاهم اليهود؟".

    إن الإسلام " كعقيدة " -كما يقول العلماء- يشكل رابطة للتجمع يختارها الإنسان بنفسه، ليست كالرابطة التى تقوم على أساس الجنس، حيث لا يستطيع أن يغير جنسه، ولاهى رابطة على أساس اللون فهو لا يملك أن يغير لونه، ولا هى على أساس اللغة فهو لا يستطيع أن يغير لغته بيسر، ولا على أساس الطبقة فقد لا يستطيع أن يغير طبقته، ولا أن يغير قومه اذا كان التجمع قائما على أساس القومية، ومن ثم تبقى الحواجز قائمة أبدا دون التجمع الإنسانى، ويصبح الناس فيها كالقطيع الذى يعيش خلف سياج الحدود الأرضية، أو حدود الجنس واللون، وكلها حدود تقام للماشية فى المرعى كى لا يختلط قطيع بقطيع. أما التجمع الإنسانى القائم على أساس العقيدة والفكر فهو تجمع راق يملكه الفرد بذاته بدون أن يُغَير أصله أو لغته أو جنسه أو طبقته.

    إن الأصل فى الإنسان هو أنه أكرم بكثير من كل تقدير عرفته البشرية، ومن هنا فإن "النوبى" أكرم بكثير من أن يلهث وراء تقدير واحترام بشر مثله- طوعا أو كرها بفعل تشريع -.إن النوبى إنسان بنفخة من روح الله ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 29] وهو بهذه النفخة أحد الذين استخلفهم الله فى الأرض، ولهذا جعل الله الرابطة التى يتجمع عليها البشر هى الرابطة المستمدة من النفخة الإلهية الكريمة، جعلها رابطة العقيدة فى الله، فعقيدة المؤمن هى وطنه وهى قومه وهى أهله، وهى لغته، وهى ثقافته، وهى حضارته،ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع وسياج. فإذا اختار النوبيون رابطة غير رابطة العقيدة تحقق لهم الإنفراد بثقافتهم ستبقى الحواجز قائمة أبدا بينهم وبين غيرهم، ولن يحقق لهم هذا الإنفراد الإحترام الذى يرجونه ومن ثم فلن يمنع الناس هنا من أن يطلقون عليهم "مجمتع البرابرة" أو "دولة البرابرة" تمييزا لهم عن غيرهم. أما إذا اختاروا رابطة العقيدة ضمنوا الرفعة والعزة لهم، وضمنوا احترام وتقدير غيرهم لهم، ذلك أن رابطة العقيدة فى الله مستمدة من النفخة الإلهية وليست من تراث شعب أو أمة من خلق الله ذاته.


    http://www.alukah.net/Culture/0/27090/

  • #2
    الفلاحون والنوبيون المصريون: لماذا يخشاهم اليهود؟


    كل فلاح مصري يـغـادر قـريته متجهاً إلى المدينة للدراسة أو للعمل أو للزيارة يشكل خطراً على اليهود . وتتفاوت درجــات هــذا الخطـر، تعظم إذا سافر إلى القاهرة بالذات ، وتخف قليلاً إذا ذهب إلى عاصمة محافظته ، أو إلى مديـنـة مــن المدن التي تبعد عن قريته ، وإذا عاد إلى قريته بعد انتهاء مهمته في المدينة فهو مصدر خطر أيضاً.

    الفلاح المصري كما تقول دراسات الباحثين اليهود، يـتـمـيـزبمواظبته على الـصـلاة فـي الـمسجد ، ولا تكاد تخلو قرية من قرى مصر من وجود مسجد بها يذهب الفلاحون إليه للصلاة.

    القرية المصرية كانت لقرون عديدة تدفع بأبنائها إلى القاهرة لدراسة الدين في الأزهر. وكان الأزهر إلـى عـهـد قـريـب الـطـريق الأكثر تميزاً في تحقيق نقلة اجتماعية ذات قيمة لأبناء القرى. إن العديد من العلماء بل إن أكثر من نصف شيوخ الأزهر ينحدرون من أصول ريفية. كان الأزهر في الماضي قلعة الدفاع عـن الدين ، وموقع مختلف الأنشطة الدينية ، أما اليوم فإنه تحت قبضة الحكومة ويخضع لإشـراف وضـبـطٍ قـوي مـن جانبها ، فتحول إلى موقع مسالم يندر أن يجد فيه أي نشاط معاد للحكومة فرصة للظهور(1).

    إذا تعلم الفلاح المصري فسيصبح يوماً ما خطراً على اليهود ، لأنــه قــد يصـبـح عضواً في جماعة إسلامية. وإذا ذهـــب الفلاح المصري إلى القاهرة فأين سيقيم : في الجمالية ، أو في الدرب الأحمر، أو في الحسينية ، أو في منطقة حزام الفقر القاهري ، أم سيقيم في الحلمية الجديدة أو القصر العيني ؟ وكل هذه المناطق لها دلالاتها عند اليهود.

    أما إذا ذهب إلى المدن الكبرى في المحافظات فإن الخطر على اليهود قائم. هناك الجامعات الإقليمية ، وهناك فرص العمل ، ووسائل الراحة ، وهناك الجماعات الإسلامية أيضاً. أينما ذهب فإنها هنـاك سواء ذهب إلى الإسكندرية أو بور سعيد أو الزقازيق ، أو ذهب إلى طنطا ، أو نجع حمــادي ، أو غيرها من مدن المحافظات التي لم يكن لها ذكر في الماضي على خريطة مصر السياسية.

    إذا ذهب الفلاح المصري إلى الصلاة في المسجد أو في المدينة ، أو استمع إلى حلقات الدروس التي يتعلم فيها أصول دينه، أو اشــتـرك فـي جمـعـيـات إسلامية خيرية فإن الخطر على اليهود قائم أيضاً.
    من الخير للفلاح المصري - كما يرى الباحثون اليهود - أن يقرأ جريدة (اللواء الإسلامي) لأنـهــا الجريدة التي أنشأتها الحكومة بغرض محاربة ما يـسـمـى (بالـنـمــــو الـخـطــــر للأصولية)(2).

    لا ضرر من أن يستمع الفلاح المصري إلى إذاعة القرآن الكريم ، أو إلى البرامج الدينية في الراديو والتلفزيون ، لكنهم يحذرون من دروس الشيخ الشعراوي الذي كانوا يرونه يوماً هذا الوزير الذي دفعته السلطات للدفاع عن الخط العصري ، ثم عادوا يعتبرونه اليوم أحد الأصوليين. على الفلاح المصري ألا يقرأ كتابات الشيخ كشك ، ولا أن ينظر في مؤلفات سيد قطب. لا ضرر من انضمام الفلاح المصري لحلقات الصوفية ، مع الحذر من أن تكون هذه الحلقات معبراً إلى الجماعات الإسلامية.

    (القرية النوبية) قنبلة زمنية موقوتة يحسب لها اليهود حساباً دقيقاً ، كما كان النصارى يفعلون من قبل ، فسلطوا عليها مركز بحوث الجامعة الأمريكية بالقاهرة لدراسة ما يسمى بالسلوك الديني للـقــــــروي النوبي. اليهود قلقون من البعث الديني في قرى النوبة ذات المستوى التعليمي المرتفع ، وقلقون من اتجاه نساء النوبة نحو الإسلام الصحيح ، لكنهم مطمئنون إلى أنها لا زالت بعيدة عن مرمى الجماعات الإسلامية.
    لقد فشلت الحركات الإســـلامـيــة - كما يرى الباحثون اليهود - في تجنيد أتباع لها في القرى المصرية ، لكن الحقيقة المفزعة هي أن القرية المصرية هي التي ولدت قادة الحركات الإسلامية والفكر الإسلامى .

    إن مـدنــاً مثل طنطا وأبو تيج والأقصر مثلاً كانت في الماضي مجرد مراكز تجارية إقليمية، وأماكن للأضرحة والقباب والاحتفالات بالموالد، تـجـــذب إلـيـهــا الكثير مــن الفلاحين المصريين ، لكنها اليوم - إلى جانب ذلك - تشكل مركز إمداد بما يسمى (بالفكر الأصولي) و(الجماعات الأصولية). إن الفلاحين يرسلون أبناءهم إلى هذه المدن للدراسة. الموظـفــــون يفضلون أداء صلاة الجمعة بها. إن مدن المحافظات تعتبر مراكز لنشر سلوكيات الإسلام الصحيح ، وهناك يتعرض الفلاحون لهذا (الفكر الأصولي) كما ظهر من تبني الطلاب من ذوي الأصول الريفية لهذا الفكر.
    اهتمامات الباحثين اليهود بما يجري على الساحة المصرية لا حد لها ، ففي الوقت الذي انشغل فيه المراقبون بتطورات حركة الصحوة الإسلامية بما يسمونه بالمظاهر العنيفة لهذه الصحوة ، ودوافع قادتها ، كان الباحثون اليهود مشغولين بدراسة الأبعاد العميقة لهذه الصحوة ، وعلى الساحة المصرية بالذات.

    انطلق الباحثون اليهود من مقدمتين أساسيتين بنوا عليهما نتائج دراستهم ، تقول المقدمة الأولى عندهم إن للإسلام مظهرين : أولهما هو الإسلام الصحيح (الذي يعتمد على الأصول) وهو مصدر الخطر الحقيقي عليهم ، لأنه يجمع حوله ما يسمونه بوقود التيار الأصولي والجماعات الإسلامية ، وخاصة المسلحة منها. أما الثاني فيسميه اليهود بالإسلام الشعبي ، وهو عبارة عن ممارسات للإسلام ذات جذور لا إسلامية بعضها فرعوني ، مثل الاحتفال بعروس النيل واحتفالات الزار ، والموالد ، وعبادة الأضرحة ، واستخدام التعاويذ والتمائم ، وأخذ العهد ، والحلقات الصوفية ، وكذلك كل ما يسلكه الناس في حياتهم اليومية على اعتبار أنه من الدين ، وهو في حقيقته عادات موروثة موغلة في القدم تعتبر من أقدم عادات الأمم في العالم.

    أما المقدمة الثانية فتقول : إن السلوك الديني الشعبي ذا الجذور الإسلامية ينتشر في القرية المصرية ، أما سلوكيات الإسلام الصحيح فإنها ترتبط بسكان الحضر المتعلمين. لكن هذه الارتباطات ليست حادة ولا قاطعة ، حيث يمكن أن يختلط الإسلام ذو المظهر الشعبي بالإسلام الصحيح في القرية. ويمكن أن توجد مظاهر عديدة لسلوكيات غير صحيحة للإسلام بين سكان المدن.

    من هاتين المقدمتين انطلقت دراسات الباحثين اليهود فانكبوا على دراسة كل ما توافر لديهم من مصادر ومراجع قديمة وحديثة ، لعلها تفيدهم في فهم أبعاد الصحوة في مصر ، والتخطيط لمواجهتها بما يرونه مناسباً. انشغل الباحثون اليهود بمحاولة الإجابة على سؤالين هامين :
    الأول : إلى أين تتجه الوفود المهاجرة من الريف المصري إلى المدينة: إلى الإسلام الصحيح ، أم إلى مظاهره غير الصحيحة التي تربت عليها؟
    الثاني : هل تفهم الحكومة المصرية وتعي جيداً هذه القضية ، وماذا أعدت لمواجهتها ومدى قوة وفاعلية هذه المواجهة؟
    تابع اليهود بدايات الصدام بين دعاة الإسلام الصحيح ، ومظاهر السلوك الديني غير الصحيح منذ بداية القرن التاسع عشر. تركز هذا الصدام على شعائر الوفاة وزيارات الأضرحة واحتفالات الزار والحلقات الصوفية ، وقاده في بعض الأحيان الشباب العائد من القاهرة بعد دراسته في الأزهر ، وساعد على توقده تحسن وسائل الاتصال والمواصلات بين القرية والمدينة.

    اليهود مطمئنون إلى أن مظاهر السلوك الديني غير الإسلامي لا زالت قائمة ومنتشرة ومستمرة ، بل إن جانباً منها قد كسي بغطاء إسلامي. إنهم مطمئنون أيضاً إلى أن دعاة الإسلام الصحيح لم يتمكنوا بعد من القضاء تماماً على هذه المظاهر. قارن اليهود قائمة الاحتفالات بالموالد والأولياء في القرن التاسع عشر بتلك القائمة الحديثة التي أعدها باحثون مثل (ماكفرسون) في الأربعينيات و(بانيرث ودي جونج) في الستينيات والسبعينيات. توصل اليهود إلى أن هناك انخفاضاً في كم الاحتفالات بها ، لكن الشعبية الكبيرة لأضرحة الحسين ، والسيدة زينب ، والإمام الشافعي طمأنتهم.

    عاد اليهود إلى موقف الأزهر من هذه القضية تاريخياً ، فتوصلوا إلى أن صلابة موقف الأزهر في الدفاع عن الإسلام الصحيح أصبحت في ذمة التاريخ. إنهم اليوم مطمئنون لنجاح الأزهر البالغ في تجنب الجدل الديني حول هذه القضية ، وقدرته على الدفاع عن هذه التركيبة التي تجمع بين الإسلام الصحيح ومظاهره الشعبية ، والفتاوى التي تصدر دفاعاً عن هذا الجانب أو ذاك.
    ليست للمسلمين العصريين أية جذور عميقة في تربة الشعب المصري - كما يرى الباحثون اليهود - إنهم كحركة ظهرت بين الصفوة التابعة للفكر الغربي - قابعون بأفكارهم في دوائر الحكومة ويكتبون في صحفها. ويدخل الأزهريون الذين يعملون لصالح الحكومة ضمن فئة هؤلاء المسلمين العصريين ، وإن كانت الصحوة الإسلامية قد أوقعتهم في ورطة شديدة.

    التغيرات الدينية في القرية المصرية بطيئة وما يسمى بـ (الفكر الأصولي) أقل انتشاراً في قرى مصر من مدنها. هذا شيء مطمئن ، لكن دخول هذا الفكر إلى القرية في صورة مواد مطبوعة ، أو عن طريق الزيارات المتكررة لباعة الكتب المتجولين ؛ ووجود هذا الفكر بين صفحات الكتب التي يحتفظ بها معلمو المدارس في مكتباتهم المتواضعة بمنازلهم شيء لا يطمئن. الطبيعة المحافظة للقرية المصرية حالت في نظر اليهود دون انضمام القرويين إلى التنظيمات الإسلامية. لم يكن الفلاحون قادرين على وصل الهوة بين ما توارثوه وبين فكر هذه التنظيمات. هذا شيء طيب ، لكن الذي ليس بطيب هو أن الفلاحين المقيمين في المدن هم الذين انضموا لهذه التنظيمات .

    الذي يجري في القرية النوبية لا يطمئن اليهود. صحيح أن الحركات الإسلامية المسلحة لم تنجح في جذب شباب النوبة ؛ لكن النوبيين بعد استيطانهم الجديد ، وبعد تغير قياداتهم التقليدية ، قد تخلصوا من الكثير من الشعائر ذات الأصل الوثني ، واعتدلت حفلاتهم الدينية ، وتقلصت حفلات الذكر والزار. ويرجع الباحثون اليهود هذا التفكير الديني إلى حركة الذهاب والعودة المتكررة لأبناء النوبة إلى القاهرة من قرى النوبة ، فيعودون إلى أهليهم بأفكار صحيحة عن الإسلام.

    انزعج اليهود من مسألة التعليم الرسمي في مصر ، لقد خطط منذ عشرات السنين أن يؤدي التعليم إلى علمنة البلاد ، لكن الذي حدث بالفعل قد خيّب الآمال ، لقد أدى التعليم إلى تغيير الأنماط الاجتماعية الدينية في مصر لصالح (الفكر الأصولي) كما يسميه اليهود. لم يعد يخفى على أحد ارتفاع المستوى التعليمي لشباب الجماعات الإسلامية ، إن نصف هؤلاء الشباب هم طلاب جامعات ، والعديد منهم خريجون مهنيون متعلمون ، وذلك على العكس تماماً من الحالة التعليمية لأعضاء التنظيمات الإسلامية في الأربعينيات والخمسينيات. إن هذا الشباب قد درس العلم والتكنولوجيا ، وهم مؤهلون الآن لما يسميه اليهود بمرحلة (ما بعد العصر) وهي مرحلة تطهر الإسلام من شرور السيطرة الغربية وعادات الاستهلاك الترفي ، والعودة بالأخلاق إلى أحضان الإسلام. سيمكن هذا التعليم الشباب من فهم ما يقوله المفكرون الإسلاميون الذي يحتاج إلى درجة عالية من التجريد ، وتساهم شرائط الفيديو والكاسيت بدور ملحوظ في هذا المجال.

    ارتفاع المستوى التعليمي بين الرجال وانتشار أفكار الإسلام الصحيح ساعدهم على معارضة انغماس نسائهم في مظاهر السلوك الديني الخاطئ ، والمشاركة في حفلات الزار. وامتد الأمر إلى مطالبة النساء بتخصيص أماكن لهن في المساجد للصلاة وللاستماع إلى الدروس الدينية. لقد حدث ذلك في القرى كما حدث في المدن. حتى المناطق البدوية في مصر اتجهت إلى الإسلام الصحيح فبنت المساجد واستعانت بأئمة لها من الحضر.

    إن لإذاعة القرآن الكريم والبرامج الدينية في التلفزيون المصري شعبية كبيرة بين الفلاحين. لكن هذه الشعبية لا تقلق اليهود فهي شعبية ناتجة عن إشباع لحاجة (عاطفية) وليست (أيديولوجية)0 الذي يزعجهم هو أن يبدأ الفلاحون في فهم معاني الآيات التي يستمعون إليها فهماً صحيحاً. هنا سيتجاوز الاستماع حد النشوة والتأثر الروحي بصوت المقرئ إلى حد التفكر والعمل بها ، وهذا ما يحسب له اليهود ألف حساب.
    القاهرة بالنسبة للباحثين اليهود هي المنطقة الوحيدة للأنشطة التي تمثل خطراً حقيقياً على الحكومة وعلى اليهود معاً. القاهرة (إحصائياً) هي المستقبل البشري الأعظم لما يسمونه بالحركات الأصولية. تتفاوت أحياء القـاهـــــرة فـي خـطـــورتها. يصعب على الجماعات الإسلامية - كما يرى الباحثون اليهود - أن تنشر أفكارها في أحياء الجمالية والدرب الأحمر والحسينية ، فهذه الأحياء تقليديـة نسبياً ، وتحتوي على أضرحة وقبور كثيرة ، لكن هذه الجماعات يمكن أن تـجـــــد لها أتباعاً في أحياء ما يسميه اليهود - بحزام الفقر القاهري - قد تجد هذه الجماعات صعوبة في التغلغل إلى الأحياء المركزية الوسطى بالقاهرة ، كما قد يصعب عليها نشر أفكارهــــا بين أفراد الطبقات العليا - الوسطى ، كما حدث لجمعية الشبان المسلمين التي خسف دورها بسبب مخاطبتها لجماعة عالية المستوى اجتماعياً وسياسياً وتعليمياً. لكن القادة الدينيين قد ينجحون في ممارسة دور أكبر في التأثير على أفراد الطبقة الدنيا الوسطى ، كما حدث مع الشيخين عبد الحميد كشك وحافظ سلامة ، وقد ينجحون أيضاً في نشر أفكارهم في أحياء منفتحة على الفكر العصري والفكر الأصولي معاً.

    الحـكـومـــــــة نفسها - في نظر الباحثين اليهود - قد تخدم هذا الفكر (الأصولي) عن غير قصد. إنـهــــا وهي تحاول استخدام الإسلام لصالحها تغذي السلوك الأصولي والتمسك بالإسلام بين أفراد الطبقات الدنيا من السكان ، كما حدث إبان فترة حكم السادات،حيث ركزت الحكومة على المظاهر الخارجية للشعائر الإسلامية، وحـيـنـمـــا اســتـعـانت بعض الأحــــزاب السياسية ببعض المشايخ للمشاركة في برامجها السياسية التي بدأتها بـتـلاوة القرآن الكريم ، وقدمت تقاويم الصوم في شهر رمضان كهدايا.

    لا زالت تجربة الجمعيات الإسلامية في تقديم البرامج الثقافية الفصول المسائية لمساعدة الناس على فهم أمور دينهم عالقة في أذهان اليهود ، لذلك فإنهم يحذرون من هذه الجمعيات التي تعطي دروساً في القرآن والدين في الأحياء المختلفة. إنها ستجذب بلا شك أعداداً من المهاجرين من الريف ، وكذلك الجمعيات الخيرية والمساجد كلها مراكز تجنيد جاهزة يمكن أن تستغلها الجماعات الإسلامية.

    أمـا كــيـف يسـتـقـبـل القرويون المهاجرون إلى المدن الأفكار (الأصولية) والأفكار (القرآنية) بالذات فهي منطقة لا تـزال تحـــت أعـين الباحثين اليهود ، كما أن أعينهم تركز عليهم وتراقبهم في القاهرة والإسكندرية وغيرهـمـــا مــــن المدن. هل سيسلكون الطريق إلى الإسلام الصحيح أم سيحافظون على عاداتهم التي قدموا بها من الريف؟
    ما عرضناه هو جانب من جوانب اهـتـمـامــات الباحثين اليهود. كتبوه ونشروه دون أدنى اعتبار لإمكانية اســتـفـادتـنـا مــنـــه لأنهم واثقون من مقالة (موشي دايان): »إن العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون«.

    ------------------
    د. أحمد إبراهيم خضر
    الأستاذ المشارك بجامعات القاهرة والأزهر والملك عبد العزيز سابقا


    -----------------
    الهوامش:
    1- انظر: Uri Kupferschmidt, Reformist and Militant Islam in Rural and Urban Egypt, Middle Eastern Studies, Vol:23, 4, Oct. 1987 pp.403-418.
    بالرغم من أن هذه الدراسة ظهرت كاملة في عام 1987 فإن مسودتها قد قدمت إلى حلقة (دراسة الإسلام بين الريف والحضر في منطقة غرب أفريقيا) التي عقدتها الجامعة العبرية بالقدس في يونيو 1983.
    2- يقول (إيمانويل سيفان) عضو معهد الدراسات المتقدمة في برنستون ، وأستاذ للتاريخ الأوربي الحديث وتاريخ الشرق الأوسط في الجامعة العبرية بالقدس ، ورئيس تحرير مجلة (جيروزاليم كوارترلي): " ربما كانت قصة جريدة اللواء الإسلامي من أعظم قصص النجاح العربي الملحوظ في الأعوام الأخيرة. ظهرت الجريدة في عام 1981 كملحق ديني لجريدة الحزب الحاكم (مايو) وتحولت في عام 1982 إلى جريدة أسبوعية مستقلة تصدرها مطابع الحزب الحاكم. إن العالم الذي تتعامل معه الجريدة هو عالم الأشباح والموتى والجن الضار وغير الضار. عالم مليء بغواية الشيطان وأتباعه وعلى المؤمن أن يتجه إلى أحد الرجال المقدسين أو إلى المعجزات إذا دعت الحاجة. عالم يتصل فيه المؤمن بالموتى وخاصة من الأقارب يومياً. الموت والآخرة والخطيئة التي يستحق عليها العقاب مظاهر دائمة الحضور في الجريدة ، إنه عالم القرون الوسطى. إن نوع التدين الذي تقدمه الجريدة لا ينفصل عن النوع الذي يقدمه المسلمون والعصريون الذين يعطون تفسيرات نفسية للأرواح الشريرة والشيطان ويعطون المعجزات أهمية رمزية ".
    انظر: Emmanuel Sivan, The Two Faces of Fundamentalism, The Jerusalem Q., 27 , Spring, 1983 , pp. 127-144.


    http://www.myportail.com/actualites-...-0.php?id=1335

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة د تيماء, 16 مار, 2024, 02:41 ص
    ردود 0
    16 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د تيماء
    بواسطة د تيماء
     
    ابتدأ بواسطة د تيماء, 12 فبر, 2024, 07:30 م
    ردود 0
    19 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د تيماء
    بواسطة د تيماء
     
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:01 ص
    ردود 0
    10 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:00 ص
    ردود 0
    7 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 12 سبت, 2023, 02:05 ص
    ردود 0
    11 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    يعمل...
    X