إنجيل متى - دراسة تحليلية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ياسر منير مسلم اكتشف المزيد حول ياسر منير
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إنجيل متى - دراسة تحليلية

    - إنجيل متى:
    يحتلّ إنجيل متى بين الأناجيل الأربعة المكانـة الأولى فى نظـام ترتيب أسفار العهد الجديد؛ إذ أن هذا الإنجيـل امتداد للعهد القديم بشكل مـا، فقـد كُتِبَ ليُثْبِت أن المسيح " يكمل تاريخ إسرائيل "
    [1]. ولعل السر فى ذلك يعود إلى أن متّى كان يفهم اليهود ويتعاطف مع تطلعاتهم كرجل يهودى المولد[2].
    أما شخصية متى نفسه فإِنّ الدكتور موريس بوكاى يقـول: " لنقل بصراحـة: إنّـه لم يعد مقبولًا اليوم القـول: إنّـه أحد حواريى المسيح "، وهـذه هى الصورة التى يرسمها الدكتور موريس بوكاى لمتى ( معتمدًا فيها على معطيات إنجيله ) ترمى إلى التأكيد على أن متى لم يكن من تلاميذ المسيح - عليه السلام-
    [3].
    لقد ورد ذكر متى فى موضعين من الإنجيل المنسوب لمتى، هما: " وفيما يسوع مُجْتَازٌ من هناك رأى إنسانًا جالسًا عند مكان الجباية اسمه متى، فقال له: اتبعنى، فقام وتَبِعَهُ " ( 9 : 9 ). أما المرة الثانية التى ذكر فيها اسم متى، فكانت ضمن قائمة التلاميذ الاثنى عشر: " وأمّا أسماء الاثنى عشر رسولًا فهى هذه: ... متى العشّار" ( 10: 3 ). ويرى Fenton J.C. - مُفَسّر هذا الإنجيل – أنّ رَبْط مؤلف هذا الإنجيل بشخصية متى التلميذ – على حد تعبيره – خَيَالٌ وَوَهْمٌ
    [4].

    إذن هذا الإنجيل تُحيطه هو وصاحبه الأوهام والظنون، حتى قال فاستس – كبير علماء فرقة مانى كيز فى القرن الرابع -: إنّ هذا الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه "
    [5]. وهذا الذى ذكره فاستس هو ما أكده كثير من النقاد، حيث ذكروا أنّ إنجيل متى من تأليف أحد أتباع متى[6].
    وقدماء النصارى كافة وكثير من المتأخرين يتفق على أن الإنجيل المنسوب إلى متى كان باللغة العبرانية، وأنّه فُقِد بسبب تحريف الفرق النصرانية، والفتن التى تعرضت لها النصارى فى القرون الثلاثة. وأما نسخة إنجيل متى الموجودة الآن باللغة العبرية فهى مُترجمة عن الترجمة اليونانيـة، ولا يوجد عندهم سند لهذه الترجمة، ولا يعرفون اسم المترجم ولا أحوالـه - كما اعترف بذلك جيروم - لكنهم يقولون بالظنّ: لعل فلانًا أو فلانًا ترجمه، وبمثل هذا الظن لا يثبت إسناد الكتاب إلى مُصنّفه
    [7]. ويتفق الجميع على الاعتقاد بأن متى قد كتب إنجيله اعتمادًا على مصادر مشتركة بينه وبين مرقس ولوقا - وإن كان يختلف عنهما فى نقاط جوهرية - إلا أنّه استخدم - بشكل واسع- إنجيل مرقس الذى لم يكن أحد حواريى المسيح - على ما يقرر الأستاذ كولمان، باحث لاهوتى -[8].
    وأما بالنسبة لتاريخ كتابة هذا الإنجيل فيرى ابن حزم أن صاحبه ألفه بعد تسع سنين من رفع المسيح – عليه السلام -
    [9]، لكن هذا الكلام - على حد تعبير الدكتور حماية - غير مُسلّم به. وباب الاختلاف فى تاريخ تدوينه لا يمكن سدُّه؛ فيرى الدكتور على عبد الواحد وافى أنه كتب حَوَالى سنة 60م[10]، ويذكر الأستاذ هورن أنه كتب سنة 61 أو 62 أو 63 أو 64 من الميلاد، ويرى البعض أن تاريخ كتابته يرجع إلى ما بين عام 80 و90م، أو ربما قبل ذلك بقليل. أما فنتون فيذكر أنه قد حرّر فى الفترة من 80 إلى 105م[11]. ولا يمكن الوصول إلى يقين كامل فى هذا الموضوع.
    كذلك لا يُعْرَف مكان كتابته على وجه التحديد، فقد يكون كُتِبَ بسوريا، أو ربما بأَنْطاكيَة، أو بفينيقيا. ولما كان من الصعب ربط إنجيل متى بمدينة مُحدّدة فمن المُنَاسب أن يُقَال: بأنه كُتِبَ فى مَكانٍ مَا فى المِنْطقة المحيطة بها، أو فى أى مَكانٍ مَا يقع فى شمال فلسطين
    [12].
    ومعنى هذا أنّ الباحث المُنْصِف لا يستطيع العثور على الحقيقة لهذا السِّفْر، وإنّما الذى يجزم به أى باحث مُنْصِف هو أَنّ إنجيل متّى:
    - لا يُعْرَف صاحبه على وجه التحديد.
    - مكان كتابته غير مُحَدّد.
    - مشكوك فى تاريخ تدوينه.
    - لا تُعْرَف لغة تدوينه.
    - مشكوك فى مترجمه.
    مشاكل إنجيل متى:
    يوجد فى هذا الإنجيل عدد من المشاكل الخطيرة يمكن تحديدها فى ثلاث رئيسة:
    1- خطأ الاستشهاد بنبؤات العهد القديم: لقد كان إنجيل متى مهتمًّا بربط كل ما يتعلق بالمسيح بنبؤات العهد القديم؛ وبسبب هذا الهدف الإنجيلى كَثُرَتِ الأخطاء، الناتجة عن التطبيق الخاطئ لتلك النبؤات على ما حدث للمسيح.
    2- تَوَقّع نهاية العالم سريعًا: لقد كان متى حريصًا على تأكيد سرعة نهاية العالم، فقد توَقّع أن تأتى نهاية العالم فى أيّام المسيح، قبل أن يكون رسله قد أكملوا التبشير بالإنجيل فى مدن إسرائيل
    [13]، وقبل أن يُدرك الموت بعض معاصرى المسيح، والذين استمعوا إلى تعاليمه[14]، وقبل أن يكون ذلك الجيل الذى عاصر المسيح وتلاميذه قد فنى[15]. ويذكر " فنتون " أنّ شيئًا من هذا لم يحدث، كما توقع متّى[16].
    3- خاتمة إنجيل متى التى تنسب للمسيح قوله لتلاميذه: " فاذهبوا، وتلّمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " ( متى 28: 19 )، هى محلّ شكّ من العلماء، كما يذكر أدولف هرنك
    [17].

    .................................................. .....................

    [1]- د. موريس بوكاى: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة ". ص81. ط2. 2004م. مكتبة مدبولى – القاهرة.
    [2]- أ. أحمد عبد الوهاب: المسيح فى مصادر العقائد المسيحية " خلاصة أبحاث علماء المسيحية فى الغرب ". ص57. ط2. 1408هـ / 1988م. مكتبة وهبة – القاهرة.
    [3]- د. موريس بوكاى: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة ". ص83.
    [4]- د. محمد الشرقاوى: مقدمته لـ " الرد الجميل " للغزالى. ص81. وأيضًا له: فى مقارنة الأديان " بحوث ودراسات ". ص171. ط2. 1410هـ / 1990م. دار الجيل- بيروت. ويقرر عبد الله الترجمان – القس الإسبانى إنسلم تورميدا الذى أسلم - أن متى لم يدرك المسيح – عليه السلام – ولا رآه قط إلا فى العام الذى رفعه الله إليه ( عبد الله الترجمان الأندلسى: تحفة الأريب فى الرد على أهل الصليب. ص66 ).
    [5]- الشيخ رحمت الله الهندى: إظهار الحقّ. جـ 2. ص 538.
    [6]- أ. عبد الكريم الخطيب: المسيح فى القرآن والتوراة والإنجيل. ص86. ط1. 1385 هـ / 1965 م. دار الكتب الحديثة – القاهرة. وأيضًا: د. محمد أحمد ملكاوى: مختصر كتاب إظهار الحق. ص27. ط 1416 هـ / 1995م. مكتبة فهد الوطنية – الرياض.
    [7]- الشيخ رحمت الله الهندى: إظهار الحقّ. جـ1. ص 151.
    [8]- د. موريس بوكاى: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة ". ص84. ط2. 2004م. مكتبة مدبولى – القاهرة. وانظر: الشيخ عيسى الأثرى: إقامة الدليل على تحريف الإنجيل " مقال ". العدد الخامس ص236. ط 1415هـ. مجلة الحكمة - ليدز. وكذلك: د. محمد أحمد ملكاوى: مختصر كتاب إظهار الحق. ص26.
    [9]- انظر: الفصل فى الملل والأهواء والنحل. جـ 2. ص 13.
    [10]- انظر: الأسفار المقدسة فى الأديان السابقة للإسلام. ص 64.
    [11]- د. محمد الشرقاوى: مقدمته لـ " الرد الجميل ". ص85. وأيضًا له: فى مقارنة الأديان. ص174. وكذلك: د. محمود حماية: ابن حزم ومنهجه فى دراسة الأديان. ص275. أيضًا: د. مصطفى حلمى: الإسلام والأديان. ص205. وانظر: د. موريس بوكاى: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة ". ص83.
    [12]- ابن حزم: الفصل فى الملل والأهواء والنحل. جـ 2. ص 14. وانظر: د. موريس بوكاى: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " دراسة الكتب المقدسة فى ضوء المعارف الحديثة ". ص83. وأيضًا: أ. أحمد عبد الوهاب: المسيح فى مصادر العقائد المسيحية. ص59. كذلك: د. محمد الشرقاوى: مقدمته لـ " الرد الجميل ". ص85. وأيضًا له: فى مقارنة الأديان. ص174.
    [13]- انظر: " ومتـــى طردوكم فى هذه المدينــة فاهربوا إلى الأخرى، فإنى الحق أقـــــول لكــــم: لا تكملون مدن إسرائيـــل حتّى يأتى ابن الإنســـان"( متى 10: 23).
    [14]- انظر: " الحقّ أقول لكم: إنّ من القيام ها هنا قومًا لا يذقون الموت حتّى يَرَوا ابن الإنسان آتيًا فى ملكوته " ( متى 16: 28 ).
    [15]- انظر: " الحقّ أقول لكم: لا يمضى هذا الجيل حتى يكون هذا كله " ( متى 24: 34 ).
    [16]- أ. أحمد عبد الوهاب: المسيح فى مصادر العقائد المسيحية. ص 61.
    [17]- نفس المرجع السابق. ص 61.

  • #2
    الأستاذ الفاضل أبو أنس ..
    جزاكم الله خيراً ..

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة ابن الوليد, منذ 2 أسابيع
    ردود 3
    109 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة ابن الوليد
    بواسطة ابن الوليد
     
    ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 19 مار, 2024, 03:12 م
    ردود 0
    44 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة زين الراكعين  
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 مار, 2024, 04:29 ص
    ردود 0
    7 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 17 مار, 2024, 07:28 م
    رد 1
    52 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة زين الراكعين  
    ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 16 مار, 2024, 12:29 م
    ردود 0
    22 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة زين الراكعين  
    يعمل...
    X