استفسار بخصوص ذاكرة المرأة الحامل

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحب الصحابة الطاهرين مسلم موحد من السعودية اكتشف المزيد حول أحب الصحابة الطاهرين
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    نتابع باذن الله

    وقرأ البعض : ( أن ) تضل احداهما ( فتذكـــُــر ) احداهما الاخري

    أن بالفتح ...... و ... فتذكر بتسكين الذال وتخفيف الكاف بالضم دون التشديد

    علي اعتبار ان العرب تقول المرأة ( تذكـــُــر الاخري )

    والمقصود بان المراة تذكـــُــر المرأة اي ان شهادة المرأة مع المرأة تقوم بشهادة الذكر

    اي ان شهادة المرأة في الحقوق المالية نصف شهادة الذكر فان اجتمعت امرأتان فإن الثانية ( تذكــُــر ) الاولي اي ترفع شهادتها الي شهادة الذكر ( الرجل )

    والمعني انه يخشي ان تنسي او تزيغ احداهما لذلك فان امراة واحدة لا تكفي للشهادة وانما تجتمع للشهادة معها امرأة اخري كي ترتفع شهادتهما معا الي شهادة رجل واحد فيتحقق قول

    واستشهدوا شهيدين من ( رجالكم ) .... فخص الشهيدين انهما رجلان

    فان لم يكونا رجلين .... جاز ان يكون رجلا واحد ولكن لا تكون معه امرأة واحدة وانما تجتمع معه للشهادة امرأتان لتقوما مقام رجل واحد

    وهذه القراءة كانت قراءة اهل الحجاز والمدينة وهي قراءة غريبة نوعا

    الا انها صحيحة لغويا حيث ان العرب التي تقول بزيادة ( قوة ) الرجل علي قوة المرأة يمكن ان تقصد انه اذا نسيت امرأة فان الاخري تقوي ذاكرتها فتضمن ان تكون ذاكرة الاثنين مثل ذاكرة الذكر في قوتها

    كما لا يفوتنا ان نؤكد ان :

    هذا خاص بشهادة الحقوق المالية فقط ..... والا

    فان شهادة المرأة في بعض الاحوال تكون مقام شهادة رجلين او اكثر فيما لا ينبغي ان يطلع عليه الرجال كما اسلفنا

    مثل البكارة والثيبوبة والرضاع وغيرها مما لا يطلع عليه الرجال

    وهذا الراي الاخير ان اجتماع امرأتين يكونان مقام رجل لا يقول به الكثيرون بل ان بعضهم يظن خطأه لاسباب معتبرة

    منها انه علي خلاف قول اغلب المفسرين واغلب القراء

    ومنها انه اذا ضلت المرأة فانها تحتاج الي من يذكـــّــرها .... لا من يجعلها ذكرا .... وتحتاج الي من يردها الي الحق لضمان حفظ الحقوق

    و قول اغلب المفسرين يقصد به :

    ان المرأة اذا ضلت او زاغت او نسيت فانه من المقبول ان نقول انها تحتاج الي ( التذكير ) وليس الي ( الإذكار )


    وعليه فان خلاصة مقصود الاية هو :

    ان تنسي او تزيغ او تتحير او تنكر امرأة ...... فتذكرها الثانية و تردها الي الصواب والحق

    وذلك لضمان حفظ الحقوق المالية


    وهو ما اخترته مختصرا للزميل الكريم


    بارك الله فيكم اخي الحبيب

    ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [النحل : 125]

    تعليق


    • #17
      المشاركة الأصلية بواسطة أحب الصحابة الطاهرين مشاهدة المشاركة
      200 سؤال في العقيدة كم صفحة يا إخوة أتمنى أشتري هذه الكتاب .
      رابط تحميل كتاب [200 سؤال وجواب في العقيدة] من على الإنترنت :
      http://www.arablib.com/harf?view=boo...M4anpUZmttQ0pE

      يمكنك مطالعته بتأنٍ أخونا الفاضل - وستجد له على الإنترنت أيضاً - شروحات مختلفة لكبار علمائنا مسموعة ومقروءة ستفيدك كثيراً فخذ وقتك فيها ولا تعجل ، فالمهم هو الفهم الصحيح والاستيعاب لا مجرد الانتهاء من الكتاب ..

      أسأل الله تعالى أن ينفعك بما يعلمك ..
      فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً
      شرح السيرة النبوية للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيــــــــل.. أدلة وجود الله عز وجل ..هام لكل مسلم مُوَحِّد : 200 سؤال وجواب في العقيدة
      مـــاذا فعلتَ قبل تسجيلك الدخـول للمنتدى ؟؟.. ضيْفتنــــــــــــــــــــــــــا المسيحية ، الحجاب والنقـاب ، حكـم إلـهي أخفاه عنكم القساوسة .. هـل نحتـاج الديـن لنكـون صالحيـن ؟؟
      لمــاذا محمد هو آخر الرسل للإنس والجــن ؟؟ .. حوار شامل حول أسماء الله الحسنى هل هي صحيحة أم خطـأ أم غير مفهـومـــة؟!.. بمنـاسبة شهر رمضان ..للنساء فقط فقط فقط
      إلى كـل مسيحـي : مـواقف ومشـاكل وحلـول .. الثـــــــــــــــــــــــــالوث وإلغــاء العقـــــــــــــــــــل .. عِلْـم الرّجــال عِند أمــة محمــد تحَـدٍّ مفتوح للمسيحيـــــة!.. الصلـوات التـي يجب على المرأة قضاؤهــا
      أختي الحبيبة التي تريد خلع نقابها لأجل الامتحانات إسمعـي((هنا)) ... مشيئـــــــــــــــــــــة الله ومشيئـــــــــــــــــــــة العبد ... كتاب هام للأستاذ ياسر جبر : الرد المخرِس على زكريا بطرس
      خدعوك فقالوا : حد الرجم وحشية وهمجية !...إنتبـه / خطـأ شائع يقع فيه المسلمون عند صلاة التراويـح...أفيقـوا / حقيقـة المؤامـرة هنـا أيها المُغَيَّبون الواهمون...هل يحق لكل مسلم "الاجتهاد" في النصوص؟
      الغــــــزو التنصيـــــــــري على قناة فتافيت (Fatafeat) ... أشهر الفنانين يعترفون بأن الفن حرام و"فلوسه حرام" ... المنتقبة يتم التحرش بها! الغربيون لا يتحرشون ! زعموا .

      أيهــا المتشكـــــــــــــــــــــــــــك أتحــــــــــــــــــــــــداك أن تقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرأ هذا الموضــــــــــوع ثم تشك بعدها في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
      <<<مؤامرة في المزرعة السعيدة>>>.||..<<< تأمــــــــــــــــــــلات في آيـــــــــــــــــــــــــــــات >>>
      ((( حازم أبو إسماعيل و"إخراج الناس من الظلمات إلى النور" )))

      تعليق


      • #18
        بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

        السلامُ عليكُم ورَحمَة اللهِ وبركاتُه

        أمَّا ذاكِرَةُ المرأة الحامِل فلا مُتعلِّق لها بأصلِ الشبهةِ، ولو حاوَلَ بعضُ المُسلمين درءَ الشبهةِ بهذه المسألةِ فقدْ خالَف المَعقولَ والمَنقولَ، ولكِن طالما ثارَت الشبهةُ فلا مَناصَ مِنَ الردِّ عليها بما يُظهِرُ الحقَّ ويُجلى النورَ والصِدْقَ.

        والردُّ على هذهِ الشبهةِ يَحتاجُ إلى تِبيانِ بعضِ القواعِدِ وإظهارِ بعضِ الإشاراتِ، وهىَ وإن كانَت - فى أغلبها - ظاهِرَة لكلِّ ذى عَينين إلا أنَّه قدْ شاءَ اللهُ تعالى ألا يَقنعَ أهلُ الباطِلِ بما يَظهرُ لهُم مِن حجج الحقِّ الدامغاتِ فلا يَملِكُ أهلُ الحقِّ إلا إظهارَ الظاهِر وتوضيحَ الواضِح دونما كللٍ أو مَلل، ولِهذا قال اللهُ تعالى { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) } ( الحجر ).


        ومَوضِعُ الشُبهةِ فى ضعْفِ عقلِ المرأةِ فى قولِ اللهِ سُبحانه { ...... وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ...... (282) } ( البقرة ) وما رواهُ الإمامُ البخارىُّ وغيرُه عَن أبى سَعيدٍ الخدرى رضى اللهُ تعالى عنه مِن قولِه : "خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أضحى ، أو فِطرٍ ، إلى المصلَّى ، فمر على النساءِ ، فقال : يا معشرَ النِّساءِ تصَدَّقنَ فإني أُريتُكُنَّ أكثرَ أهلِ النارِ . فقُلْن : وبم يا رسولَ اللهِ ؟ قال : تُكثِرنَ اللَّعنَ ، وتَكفُرنَ العَشيرَ ، ما رأيتُ مِن ناقِصاتِ عَقلٍ ودينٍ أذهبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحازِمِ مِن إحداكُنَّ. قُلن : وما نُقصانُ دينِنا وعَقلِنا يا رسولَ اللهِ ؟ قال : أليس شَهادةُ المَرأةِ مثل نِصفِ شَهادَةِ الرَّجُلِ . قُلن : بلى ، قال : فذلك من نقصانِ عَقلِها , أليس إذا حاضَتِ لم تُصلِّ ولم تَصُم. قُلن : بلى ، قال : فذلك مِن نُقصانِ دينها". فنقول :


        أولا : أمَّا النصَّان المَذكورانِ فمَنسوبانِ للوَحى الإلهىِّ، ومَعلومٌ - شرْعا وعَقلا - أنَّ الوَحىَ إذا صَحَّتْ نِسبتُه إلى مَصدَرِهِ فلا يجوزُ التعقيبُ عليهِ، فأمَّا مِن جِهةِ الشرْعِ فالنصوصُ مُستفيضَةٌ فى مَنعِ ذلِك وذمِّه وأمَّا مِن جِهةِ العَقلِ فإنَّه يأبى جحودَ الخالِقِ بعدَ مَعرِفةِ وجودِهِ فيأبى نِسبَة النقصِ إليهِ فى حِكمَةٍ أو عِلمٍ أو قُدرَةٍ ويُسلِّمُ لكلِّ ذلِك.


        ولكِنَّ المُشتبِهَ إذ اتَّبعَ هواهُ وتقطَّعت بهِ السبُلُ عَن السبيلِ القويم لم يَجنَحْ - كما يقتضى العقلُ مِن العاقِلِ - لبحثِ تِلكَ المسألةِ الأوليَّةِ الأصوليَّةِ التى لا مَناصَ للعقلِ عَن بحثِها وهىَ مَدى صِحَّة نِسبَةِ هذين النصَّين إلى الوَحى الإلهى، وهذهِ بذاتِها سَفاهَة ما بعدها سفاهَةٌ ذلِك أنَّ العقلَ لو بَحثَ هذهِ المسألةَ فوجدَهُما مُنقطِعَى النسبَة إلى الوحى الإلهىِّ لانتهَت القضيَّةُ دونَ مَجهودٍ، وانقضَتِ الدعوى شكلا قبلَ النظرِ فى الموضوعِ لصدورِها مِن غيرِ ذى صِفة، ولو وجَدَهُما مُحَقَّقى النسبة إلى الوَحى الإلهىِّ لانقضت الدعوى شكلا ومَوضوعا لكونِها حائِزَة حُجيَّة الأمرِ المَقضى بهِ؛ إذ لا تَعقيبَ على أحكامِ الخالِق لأنَّهُ ليسَ أعلمُ بالخلقِ مِن خالِقِهِم.


        ولكِنَّ المُشتبِهَ لا يبحَثُ فى هذهِ المسألةِ ولا يسألُ فيها لأنَّه - كما هوَ ظاهِرٌ - مُجرَّدُ "مُشتبِهٍ"، فيكفيهِ أنْ يأتىَ إلى النصوصِ الإسلاميَّةِ ويقومَ بتفسيرِها على هواهُ ومُرادِه كمَن يَكذِبُ الكِذبَة ويُصدِّقها ثمَّ يضحَكُ على نفسِهِ بها، ونحنُ نقولُ : "فها اللهُ لو كانَ اللهُ سُبحانه أنقصَ مِن قدْرِ المرأةِ أو تكريمِها أو جعلها فى مَنزِلةٍ أدنى مِنَ الرَّجُلِ كما جعلَ الحيوانَ فى مَنزِلةٍ أدنى مِن الإنسانِ لكانَ أوَّلُ مَن قالَ "سمعنا وأطعنا" هُنَّ النِّساءُ ولما تنصَّل مِن ذلِك الرِّجالُ" فالمسألةُ مُنتهيَةٌ لدينا نحنُ المُسلمين فطالما ظهرَ لنا أنَّ الأمرَ قدْ أتى مِن الخالِقِ فإنَّنا نقولُ سمِعنا وأطعنا،فكما كرَّمَ سُبحانه الإنسانَ على الحَيوانِ وكما فضَّل بعضَ النبيِّين على بَعضٍ وكما فضَّل بعضَ البلدانِ على بَعضٍ وكما فضَّل بعضَ الشهورِ على بَعضٍ فكذلِك هوَ وحده سُبحانه الذى يَملِكُ أنْ يُفضِّل الرِّجالَ على النِّساء أو النِّساءَ على الرِّجالِ، فالجميعُ خلقُهُ وهوَ الخالِقُ وحده، أولا يَكفى المُشتبهين بديننا قولُ اللهِ سُبحانه { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) } ( الزخرف ) أو قولُه سُبْحانه { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) } ( الملك ) فإنَّما نحنُ عِبادٌ للهِ تعالى الواحِدِ الأحدِ الذى يقولُ عَنهُ هؤلاءِ إنَّهُ قالَ وقال وقال ونحنُ نقولُ "إنْ كانَ قالَ فقدْ صَدَق" ولكِن "هل قال ؟!" هذا هو السؤال !


        ثانيا : لا يَصِحُّ القولُ أنَّ القولَ بنُقصانِ عقلِ المرأةِ يُعارِضُ العِلمَ الحديثَ؛ فنحنُ نرى العِلمَ يُقِرُّ بوجودِ اختلافٍ بينَ عقلِ الرَّجُلِ وعقلِ المرأةِ، الأمرُ الذى لمْ يَعُدْ محلَّ شكٍّ فى الأوساطِ العِلميَّةِ أو أوساطِ المُطلِّعين على الأبحاثِ العِلميَّة، ولكِن يبقى العِلمُ قاصِرا عَن الوصولِ إلى مَدى هذا الاختلافِ وأبعادِهِ بل وليسَ حتى قريبا مِن ذلِك، فإنَّ العِلم فيما يَتعلَّقُ بالمُخِّ مازالَ يبدو أشبَهٍ بطِفلٍ يخطو خطواتِهِ الأولى، ولكِنَّ مُجرَّد اكتشافِ وجودِ الاختلافِ كافٍ بمُفرَدِه لتأكيدِ ما أكَّدَهُ الاستقراءُ على مرِّ العصورِ بتفاوتِ العقلينِ الشقيقين، ثمَّ الاستقراءُ لحالِ البشرِ على مرِّ التاريخِ - والاستقراءُ نَوعٌ مِن العِلمِ - يُظهِرُ هذا التفاوتَ فى أجلى صوَرِهِ سواءٌ فى جانبِ التفكيرِ العاطِفىِّ أو المادىِّ، وإنْ كانَت بعضُ الشعوبِ قديما قدْ غالت فى توصيفِ هذا التفاوُتِ حتَّى وَضعَت بعضُها النِّساءَ عَن كرامَةِ الإنسانِ ومكانَةِ البشرِ، إلا أنَّ الإسلامَ قدْ أجادَ هذا التوصيف فجعلَهُ مُخبِرا عَن طبيعةِ المرأةِ التى خلقها اللهُ تعالى عليها تيسيرا عليها فى أداءِ مُهمَّتها التى أرادها مِنها، ولو كانَ كلُّ نقصٍ فى أداةٍ مِن أدواتِ الإنسانِ يهبِطُ بهِ درَجَةً فى مُستوى التكريمِ لصارَ الإنسانِ أدنى المَخلوقاتِ مَنزِلة؛ فالإنسانُ لا يَملِكُ القُدرَة على التنويمِ المَغناطيسىِّ كبَعضِ الأسماكِ، ولا يستطيعُ أنْ يُنتِجَ السُمَّ كبعضِ الحيواناتِ بل وبعضِ النباتاتِ، ولا يَستطيعُ أن يُغيِّرَ جِلدَهُ كالأفاعى أو لونَهُ كالحرباوات، ولا يستطيعُ أنْ يتحكَّمَ فى عقلِ إنسانٍ مِثلِهِ فضلا عَن عقلِ كائنٍ أكثرَ تعقيدا مِنهُ كما تفعلُ بعضُ الكائناتِ الدقيقةِ، حاسَّةُ الشمِّ عِندهُ أقلُّ بكثيرٍ مِن كثيرٍ مِن الكائناتِ وكذلِك بصرُهُ وكذلِكَ سَمعُهُ، فضلا عَن الأمورِ الظاهِراتِ الواضِحاتِ فالإنسانُ لا يَقدِرُ على الطيرانِ كالطيورِ أو السباحةِ كالأسماكِ أو حتى الجرى على الأرضِ كما تجرى بعضُ الحيواناتِ، غيرَ أنَّ العُلماءَ الآنَ يعرِفون أنَّ كلَّ نقصٍ فى الإنسانِ إنَّما كانَ مَقصودا ليكونَ قادرا على أداءِ مُهمَّتِه التى خُلِق لأجلِها، والتى هو - كما هوَ ظاهِرٌ - بارِعٌ فيها، فكذلِك نقصانُ عقلِها كانَ تخفيفا عليها وتيسيرا لها لآداءِ مُهمَّتِها التى خُلِقت لأجلِها والتى لا يَقدِرُ أذكى الرِّجالِ على مِثلِها، ولا علاقة بين هذا وبينَ التكريمِ مِن وَجهٍ.


        ثالثا : استفاضَتْ النصوصُ الإسلاميَّةُ العامَّةُ والخاصَّةُ بتكريمِ المَرأةِ والارتقاءِ بقدْرِها ومَنزِلتِها، حتى أنَّنا لو أردنا ذِكرَ طرَفٍ يسيرٍ مِنها ما وَسِعتنا هذهِ المِساحَةُ المَحجوزَة هُنا، لِذا أكتفى فى ذلِكَ بنصَّينِ عامَّينِ مِن أجلِّ ما اطَّلعَت عليهِ البشريَّةُ فى تاريخِها، هُما قولُ اللهِ تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) } ( الحُجُرات ) مَعَ قولِهِ سُبحانه { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) } ( الإسراء )، ونصَّينِ خاصَّينِ مِن خواتيمِ سورَةِ التحريمِ إذ ضرَبَ اللهُ تعالى فيهما المَثل للمؤمنين جميعا بامرأتينِ مِن أكرَمِ النِّساء وأعلاهُنَّ قدرا ومَنزِلةً، قال الله { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) }، وأكرِّرُ وأقولُ : أمَّا النُّصوصُ الإسلاميَّةُ فى تَكريمِ المرأةِ فقد استفاضَت حتى فاضَت فلمْ تخفَ على عاقِلٍ ولمْ يَجحَدها مُنصِفٌ.


        رابعا : لم يَعرِفْ المُسلِمون فى تاريخِهِم ما عرفهُ غيرُهُم مِن شعوبِ الأرضِ مِن إهانَةٍ للمرأةِ وتحقيرٍ لها ودنوٍّ بمنزلتِها مِن المَنزِلةِ الإنسانيَّةِ إلى البهيميَّةِ الحيوانيَّةِ، بل على النقيضِ مِن ذلِكَ نجِدُ أخبارَ المُسلمين لا تخلو مِن أخبارِ نسائِهِم على مرِّ الأجيالِ والعُصورِ، فنَجِدُ فى كُتُبِ السيَرِ والرِّجالِ والطبقاتِ والتواريخِ أخبارَ العابِداتِ الزاهِداتِ العالِماتِ ومَن تربَّى على أيديهنَّ مِن الرِّجالِ أو تلقى العِلم عليهِنَّ مِن العُلماءِ، بل نجدُ حتى المُجاهِداتِ المُحارِباتِ والتاجِراتِ الماهِراتِ، فضلا عمَّا نجِدُه فى شرائِعِ هذا الدينِ مِن مُساواةٍ بينَ الرِّجالِ والنِّساءِ فى جميعِ الأحكامِ والميادينِ، خلا ما فى بعضِ المسائلِ الفرعيَّةِ التى تعودُ إلى الاختلافِ بينَ طبيعةِ كلٍّ مِنهما لا تُجاوِزُ ذلِك، وهذا أيضا مِمَّا لا يخفى على عاقِلٍ ولا يَجحَدُهُ مُنصِفٌ.


        يُتبعُ بإذنِ الله .....
        وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

        رحِمَ
        اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

        تعليق


        • #19
          خامسا : فى آية البقرَةِ قالَ اللهُ سُبحانه { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } الأمرُ الذى يُثيرُ العَجَب إذ لمْ يَتوقَّف المُشتبِهُ عِندَ هذا الحُكمِ مُعترِضا على اشتراطِ رَجُلينِ للشهادَةِ، زاعِما أنَّ فى ذلِك إهانَةٌ للرَّجُلِ إذ لا تقومُ الشهادَةُ بهِ وحدَهُ بل يَجِبُ أن يُضمَّ إليهِ رجُلٌ آخرُ لتكتمِلَ شهادَتُه، فإذا سألنا عَن العِلَّةِ مِن اشتراطِ رجُلينِ للشهادَةِ وجَدنا الإجابَة فى قولِ اللهِ سُبحانه { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى }. فأبهَمَ اللهُ تعالى العِلَّة فى الحُكمِ الأوَّلِ ونصَّ عليها فى الثانى فعُلِمَ أنَّ العِلَّة واحِدَةٌ، فكما أنَّ الضلال جائِزٌ على المرأةِ فهو كذلِكَ جائِزٌ على الرَّجُلِ، واللهُ سُبحانه هو وحدَهُ الذى لا يَضِلُّ ولا ينسى، فجُعِلَ الرَّجُلُ مَعَ الرَّجُلِ لتقويَتِه والقيامِ بشهادَتِه كما جُعِلَتْ المرأةُ مَعَ المرأةِ لتقويَتِها والقيامِ بشهادَتها، ولكِن يأبى المُشتبِهُ إلا أنْ يصمَّ أذنيهِ ويُغلق عينيهِ حتى لا يرى إلا ما يُرضى هواهُ بما يوافِقُ باطِله.

          سادِسا : قولُ اللهِ سُبحانه { فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ } نَصٌّ فى إبطالِ شبهةِ المُشتبِهِ؛ فالمنصوصُ عليهِ أنَّ الشَّهادَة لا تُقبَلُ إلا مِمَّن نرضاهُم مِن الشهداءِ، والمُسلِمون يَشترِطونَ للشَّهادَةِ "العقل" بأنْ يكونَ الشَّاهِدُ "عاقلا" والآيَةُ الكريمَةُ تنصُّ على قبولِ الشَّهادَةِ مِن رجلٍ وامرأتينِ "مِمَّن نرضاهُم مِن الشُّهداءِ" فهى بهذا السياقِ نصٌّ يَقتضى تشريفَ المرأةِ ومُساواتها بالرَّجُلِ فى التكريمِ فمُقتضى النصِّ أنَّهُ كما أنَّ الرِّجالَ فيهِم مَن نرضاهُ للشَّهادَةِ ومَن لا نرضاهُ - لكفر أو صغر أو جنون .... - فكذلِكَ النِّساءُ فيهِنَّ مَن نرضاهُنَّ للشهادَةِ ومَن لا نرضاهُنَّ - لكفر أو صغر أو جنون .... - فإذا اجتمَعَ للشَّهادَةِ مائة صبىٍّ دونَ البلوغِ ومائتى رجٍلٍ بعقلِهِم مَرَض وثلاثمائة كافِرٍ مَع امرأتينِ مِمَّن نرضاهُنَّ للشَّهادَة فإنَّنا نقبلُ المرأتين ونردُّ الستمائة رجل، والنصُّ لا يَحتاجُ لتوضيحٍ ولكِنَّهُ الكفرُ إذ يطبعُ اللهُ به على قلوبِ الكافرين.

          سابعا : قولُ اللهِ سُبحانه { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } إنَّما هوَ شهادَةُ براءَةٍ للمَرأةِ مِمَّا رماها بهِ الظالمونَ على مرِّ الأزمانِ وما تقوَّل بهِ أعداءُ الإسلامِ والإيمانِ؛ فإنَّهُ إذا كانَ "نقصانُ العقلِ" لدى المرأةِ على ما يَفهمُهُ أعداءُ الدينِ - مُتعلِّقا بنقصانِ الإنسانيَّةِ أو البشريَّةِ - لكانَ ذلِك عامًّا فى جميعِ النِّساءِ ولكِن يأبى اللهُ إلا أنْ يُبرِّءَ ساحَتها بكتابِهِ الكريمِ بالنصِّ على أنَّهُ إذا أصابَ امرأةً شئٌ مِن الضلالِ فلا يَعنى هذا عمومَ ذلِك فى جميعِ النِّساءِ فجَعلَ اللهُ سُبحانَه القائِمَ على تذكيرِها امرأة مِثلها، فإذا كانَت المَرأةُ مُعرَّضة للنِّسيانِ كما أنَّها تتذكَّرُ إذا تمَّ تذكيرُها وقَدْ لا تقعُ فى النِّسيانِ بل تُذكِّرُ أختا لها فبأىِّ شئٍ تختلِفُ المَرأةُ عَن الرَّجُل !



          يُتبَع بإذنِ الله .....
          وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

          رحِمَ
          اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

          تعليق


          • #20
            ثامنا : ولنقِف وَقفةً مَع كلِمَةِ "أن تَضِلَّ" فى الآيةِ الكريمةِ، ذلِكَ أنَّ المَقصودَ مِنها كما قالَ عُلماؤنا "النسيانُ الجُزئىُّ" أى الذى يدَعُ الناسىَ فى حَيرَةٍ مِن أمرِهِ - هل كانَ كذا أم كذا وهل حدثَ كذا أم كذا - فتِلكَ الحَيرَة بسَببِ النِّسيان هى المُعبَّرُ عَنه بالضلالِ، أمَّا النسيانَ الكلىَّ فإنَّهُ يدعُ المرأ على يقينٍ بأنَّه لا يذكرُ شيئا مِمَّا يُسألُ عَنهُ وهذا لا تقومُ بهِ الشَّهادَة، فالمُحترَزُ مِنه فى الآيَةِ الكريمةِ هو أن تنسى المرأةُ شيئا مِن تفاصيلِ العقدِ - كأن تُخطِئ فى اسمِ والدِ المَدينِ أو أجلِ الدين -.

            وهذا الضلالُ عينُهُ هوَ المّذكورُ فى سورَةِ طهَ فى قولِ اللهِ سُبحانه { قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) } إذ فرَّق فيهِ ربُّنا بينَ الضلالِ والنسيانِ، كما أنَّ آيةَ البقرَةِ نفَت الضلالَ بالتذكيرِ، فإذا كانَ الضلالُ شيئا غيرَ النسيانِ المَعهودِ ولكِنَّه يُرْفَعُ بالكِتابَةِ أو التذكيرِ فما هوَ ؟


            قال الإمامُ ابنُ كثيرٍ فى تفسيرِه لآيةِ طه : "أي لا يشذ عنه شيء, ولا يفوته صغير ولا كبير, ولا ينسى شيئاً يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط, وأنه لا ينسى شيئاً, تبارك وتعالى وتقدس وتنزه, فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان: أحدهما عدم الإحاطة بالشيء, والاَخر نسيانه بعد علمه, فنزه نفسه عن ذلك."

            فهذان نقصانان قدْ يَعتريانِ الإنسانَ أحدُهما "النسيانُ" والآخرُ "عدمُ الانتباهِ إلى التفاصيلِ الصغيرَة" أو "الضلال" وكلاهُما يجرى على الرَّجُلِ وعلى المرأةِ نقلا وعَقلا، ولكِنَّنا نَجدُ العِلمَ الحديثَ يُخبرنا باختلافِ طبيعةِ عقلِ الرَّجُلِ عَن عقلِ المرأةِ بل حتى أنَّ العُلماء يصفون الرَّجل بانَّ عقله "صندوقى" وأنَّ المرأة عقلها "شبكىٌّ" فالرَّجلُ يعملُ عقلُه بطريقةِ صبِّ كلِّ تركيزِه واهتمامه على موضوعٍ بعينِه بخلافِ المرأةِ التى تستطيعُ توزيعَ تركيزِها واهتمامِها على موضوعاتٍ عِدَّة فى وقتٍ واحِد، ويُرتِّبون على ذلِك أنَّ قُدرَة الرَّجُلِ على الولوجِ إلى التفاصيلِ وإدراكِها أكبرُ مِن المرأةِ، فلو تركنا لعقولِنا العنان فى تفسيرِ كِتاب اللهِ تعالى لأسهَبَت فى هذا التوافُقِ العجيبِ بينَ التعبيرِ القرآنىِّ والتعبيرِ العِلمىِّ، ولكِنَّنا لا نزيدُ على أن نقول "آمَنَّا بهِ كلٌّ مِن عِندِ ربِّنا"، واللهُ تعالى أعلم.

            تاسعا : مَعلومٌ أنَّ الإشهادَ على الدينِ مَشروعٌ احترازا لِحالِ المُنازَعةِ، فلو أمِن الدائنُ والمدينُ بَعْضَهُما ما كتبا الدينَ ولا أشهدا عليهِ، فإنَّما الإشهادُ يكونُ إجراءا إحترازيا لا يؤتى ثمَرَتَهُ إلا عِندما تقومُ المُنازَعَة على الدين، والمُنازَعةُ قدْ لا تقومُ إلا بعدَ سنواتٍ عِدَّة - كأنْ يكونَ أجلُ الدينِ ثلاث أو أربعَ سنواتٍ - فيَتطلَّبُ الأمرُ مِن الشاهِدِ أنْ يَحْتَفِظ فى ذاكِرَتِه بالتفاصيلِ التى شهِدَ عليها طولَ هذهِ المُدَّةِ أو حتى تقومَ المُنازَعةُ، وهىَ تفاصيلٌ ليسَت بالهيِّنَةِ كمِقدارِ الدينِ وأجلِهِ وأسماءِ أطرافِه ومُناسَبَتِه وغيرِ ذلِك مِن التفاصيلِ التى حضرَها الشاهِد.

            ولا شكَّ أنَّ المُستقرئ الحَصيفِ لطبائعِ الأشياءِ يرى أنَّ ذلِكَ أصعبُ على المرأةِ مِنهُ على الرَّجُل وأنَّها كثيرا ما تُفلِتُ مِنها بعضُ التفاصيلِ الصغيرَةِ، قدْ يكونُ هذا راجِعا إلى قِلَّةِ اهتمامِها بالمُعاملاتِ الماليَّةِ عَن الرَّجُلِ، أو إلى كَثرَةِ مَشاغِلها واهتماماتِها فى هذهِ الفترَةِ مِن رعايَةٍ للأسرَةِ والزوجِ ونحوِ ذلِك، أو حتى إلى الاختلافِ الذى أقرَّهُ العِلمُ بينَ عقلِها وعقلِ الرَّجُلِ الذى يجعلُها تُشعِّبُ تركيزها فى مجالاتٍ عِدَّة مِمَّا يستلزِمُ مِن الدِّماغِ بذلَ مجهودٍ أكبرَ يجعلُ سرعةَ تخليهِ عَن التفاصيلِ غيرِ المُهمَّةِ أو الثانويَّةِ أكبرَ مِنه عِند الرَّجُل، أو قدْ يكونُ راجِعا إلى كلِّ ذلِك أو إلى غيرِ ذلِك، ولكِنَّ الواقِعَ كما يراهُ كلُّ مُنصِفٍ مُتجَرِّدٍ أنَّ احتمالَ الضلالِ عِند المرأةِ أكبرُ مِنه عِندَ الرَّجل - مَع التأكيدِ على كونهِ يبقى احتمالا - وأنَّ النصوصَ الإسلاميَّة خاليَةٌ مِمَّا يَحطُّ مِن كرامَةِ المراةِ أو قدرِها عَن الرَّجُل وإن كانَت أقرَّت وجودَ الاختلافِ الطبيعىِّ بينهُما.

            عاشِرا : بيَّنَ اللهُ سُبحانه الحِكمَة مِن جميعِ هذهِ الأحكامِ بقولِهِ عزَّ مِن قائِلٍ { ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا } فجميعُ هذهِ الأحكامِ مِن الكِتابَةِ والإشهادِ وكيفيَّةِ الكِتابَة وكيفيَّةِ الإشهاد إنَّما فصَّلها لنا اللهُ تعالى فى أطولِ آيَةٍ مِن كِتابهِ العزيزِ لأغراض ثلاثة، فهىَ تُحقِّقُ العَدلَ عِند اللهِ وتَضمنُ الصِدْق فى الشَّهادَةِ وتُعطى النَّاسَ الأمان على أموالِهِم وحقوقِهِم، فحاصِلُ الأمرِ أنَّ إشهادَ امرأتين عِوضا عَن رجُلٍ لنْ يَخرُج عَن أنْ يكونَ الغرضُ مِنه تحقيقَ واحِدٍ مِن هذهِ الأهدافِ الثلاثةِ، فإمَّا أن يكونَ هذا أقسط عِند اللهِ أو أنَّهُ أقومُ للشَّهادَة أو أنَّه شُرِعَ مُراعاةً لتحقيقِ الاطمئنانِ للنَّاسِ على أموالِهِم وحقوقِهِم.

            ومِن عجيبِ القولِ - بل وسفيهه - أن يأتىَ الكافِرُ على خُكْمٍ هذهِ صِفتُه فيجعلُه دليلا على تحقيرِ الإسلامِ للمرأةِ !

            حادِىَ عشر : ما يَدلُّ على أنَّ الأمورَ فى الإسلامِ لا تؤخَذُ بهذهِ السطحيَّةِ التى يأخذُها بها المُلحِدون أنَّ البيِّنة على وقوعِ الزِّنا لا تقومُ بغيرِ أربعةِ رجالٍ، فلا يَكفى فيها رَجلٌ أو رجلين أو حتى ثلاثة ولا يُعوَّض فيها عَن الرِّجالِ بالنِّساءِ فلا تقومُ بثمانيَةِ نساء ولا بعشرة ولا حتى بمائة، وهذا كلُّه رغمَ أنَّ الشهادَة فى هذهِ الأمورِ لا تحتاجُ إلى ما تحتاجُهُ الشَّهادَة على المُعاملاتِ مِن قوَّةِ عَقلٍ، فالشَّهادَةُ هُنا على الفورِ والتفاصيلُ فيها أقلُّ وهىَ مِمَّا يعلمُه الرِّجالُ والنِّساءُ بالطبيعةِ، إذ يكفى فيها أنْ يرى الشاهِدُ مِن فلانٍ فى فلانة ما يُعرَفُ بهِ الزِّنا، ولكِن يأبى اللهُ تعالى أن يُقحِم المرأة فى الشَّهادَةِ على الحدودِ لِما قدْ يُصاحبُ ذلِك مِن أضرار بليغة تعصفُ بنفسيَّتِها أنْ ترى أحدا يُرجَمُ أو يُجلَدُ أو تُقطَعَ يدُهُ أو رجلُه بسبب شهادَتها، فضلا عمَّا قدْ يحيقُ بها مِن تهديدٍ مِن المَشهودِ عليهِ فيلحَقُ بها خطرُ ذلِك فى نفسِها أو أهلها كما يحدثُ الآنَ فى جميعِ دولِ العالمِ وما أُنشِئ لأجلِ مواجَهَتِهِ برنامَجُ "حماية الشهود" الشهير فى الغربِ، إلى غيرِ ذلِك مِن حِكَمِ اللهِ البالغاتِ فى كلِّ أمرٍ أو قضاءٍ، ولا نقولُ إلا آمنَّا بهِ كلٌّ مِن عِندِ ربِّنا.

            ثانى عَشر : أمَّا الحديثُ الشريفُ الذى بدأنا بهِ مِن روايةِ البُخارىِّ عَن أبى سعيدٍ الخُدرىِّ مِن قولِه : "خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أضحى ، أو فِطرٍ ، إلى المصلَّى ، فمر على النساءِ ، فقال : يا معشرَ النِّساءِ تصَدَّقنَ فإني أُريتُكُنَّ أكثرَ أهلِ النارِ . فقُلْن : وبم يا رسولَ اللهِ ؟ قال : تُكثِرنَ اللَّعنَ ، وتَكفُرنَ العَشيرَ ، ما رأيتُ مِن ناقِصاتِ عَقلٍ ودينٍ أذهبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحازِمِ مِن إحداكُنَّ. قُلن : وما نُقصانُ دينِنا وعَقلِنا يا رسولَ اللهِ ؟ قال : أليس شَهادةُ المَرأةِ مثل نِصفِ شَهادَةِ الرَّجُلِ . قُلن : بلى ، قال : فذلك من نقصانِ عَقلِها , أليس إذا حاضَتِ لم تُصلِّ ولم تَصُم. قُلن : بلى ، قال : فذلك مِن نُقصانِ دينها" فالذى أراهُ أنَّ الحديثَ واضِحٌ أيَّما وضوحٍ ويشرَحُ نفسَهُ أبلغَ شرْحٍ فرسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم والذى قالَ للنِّساءِ أنَّهُن "ناقِصاتُ عقلٍ" هوَ نفسُهُ الذى قال لهُنَّ أنَّهُنَّ "ناقِصاتُ دينٍ"، وَقدْ سألنَهُ بأبى هوَ وأمِّى "ما نُقصانُ ديننا وعَقلنا ؟" فأمَّا عَن نُقصانِ الدينِ فأجابَهُنَّ بقولِه "أليس إذا حاضَتِ لم تُصلِّ ولم تَصُم" فهذا نقصانُ دينِها، وإنَّ المُتأمِّل الحصيفَ يَتعجَّبُ مِن هذا الاستخدامِ أن يُسمِّىَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم عَدَمَ صلاةِ المرأةِ وصِيامِها فى أيامِ حَيضِها "نقصانا" فى دينِها، بينما واقِعُ الحالِ أنَّها تترُكُ الصلاةَ والصيَّامَ طاعةً وامتثالا لنهى اللهِ سُبحانه لها أن تُصلىَ فى هذهِ الأيامِ أو تصومَ، فهل تُحتَسبُ طاعتُها للهِ نُقصانا عليها ؟ ولِماذا لمْ يعترِضنَ عليهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بهذا المَعنى فيقلن "إنَّ ربَّك هو الذى مَنعنا من الصلاةِ والصيام" أو يقلن "إذا فسنصلى ونصومُ فى أيَّامِنا كى يَكمُل دينُنا" ؟ الإجابَةُ ببساطة أنَّهُنَّ فَهِمْنَ - رضى اللهُ تعالى عَنهُنَّ - أنَّ هذا النقصانَ لا يَعيبُهُنَّ ولا يؤاخَذنَ بهِ أمامَ اللهِ ولا يُنقِصُ مِن كرامَتِهِنَّ أو شأنِهِنَّ وإنَّما هوَ أمرٌ كتبَهُ اللهُ تعالى عليهِنَّ لِحِكمَةٍ عِندَهُ قدْ لا يكونُ لهُنَّ اطِّلاعٌ عليها ولكِنَّهُنَّ آمَنَّ بها إيمانِهِنَّ بهِ سُبحانه وتعالى.

            فكَذلِك الحالُ فى "نقصانِ العَقل" فقد اقتصَرَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّم فى تفسيرِه بأنَّ اللهَ جعلَ شهادَة إحداهُنَّ على النصف مِن شهادة الرَّجُل، ولكِنَّهُ لمْ يَذكُر الحِكْمَة مِن هذا الحُكمِ فإنَّهُ ولا شكَّ يُقارِنُه بـ"نقصان الدينِ" فى كونِه "تشريعا مِن اللهِ تعالى شرَعَهُ للتخفيفِ عَن المراةِ والتيسيرِ عليها لحِكمَةٍ يراها وعِلمٍ يَعلمُه" وكما أنَّ الأوَّل لا امتهانَ فيهِ للمرأةِ فكذلِك الثانى، فلمَّا فَهِمنَ ذلِكَ قَنعنَ ولمْ يُجادِلنَ رضى اللهُ تعالى عَنهُنَّ.


            واللهُ تعالى أعلى وأعلم
            وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
            وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

            رحِمَ
            اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة محمد خالد, منذ 4 أسابيع
            رد 1
            34 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
             
            ابتدأ بواسطة خادم للجناب النبوى الشريف, 22 أكت, 2023, 06:48 ص
            ردود 0
            35 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة خادم للجناب النبوى الشريف  
            ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 28 أغس, 2023, 07:58 ص
            ردود 0
            19 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
            ابتدأ بواسطة mohamed faid, 18 ماي, 2023, 07:38 م
            ردود 0
            35 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة mohamed faid
            بواسطة mohamed faid
             
            ابتدأ بواسطة Aiman93, 24 يون, 2022, 11:04 ص
            رد 1
            27 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة عاشق طيبة
            بواسطة عاشق طيبة
             
            يعمل...
            X