( وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )

الفساد كلمة دائما نتجنب الخوض فيها وكأننا فى منأى عنها .. نتأذى ونشمئز منها واذا ما تناولناها نكون على استحياء .. نصف بها جوانب خارج محيطنا ومجالنا نصف بها غيرنا وكأنها بعيدة عنا وعن احوالنا .. ونحن عن جهل و دون ان ندرى او نعلم قد نكون والعياذ بالله من المفسدين او ساهمنا ولو بقدر فى جلب الفساد الى امتنا وأراضينا بل وديارنا
الفساد لفظ قبيح ومذموم فى مضمونه وتفاصيله لكنه ليس بالغريب عنا اذا ما تأملنا احوالنا وواجهنا انفسنا وحددنا موقعنا منه بكل صدق وأمانة دون مواراه ولا هروب .. الفساد فى الارض عدو يجب مواجهته ومحاصرته وإضعافه بل وازالته ومحو اثاره ولنبدأ من بيوتنا

فى الحديث (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )
الراوي: أبو هريرة
أمتنا هى بيتى وبيتك .. دارى ودارك وديار الاسلام والمسلمين .. واذا ما أسس هذا البيت الذى هو نواة لمجتمع اسلامى صحيح على تقوى الله .. لاصبح بنيانه اكثر عمقا و صلابة وتماسكا وارتفاعا .. ولكن هل هذا حال بيوتنا .. هل هذا هو حقا حالنا .. كم بيت أسس على تقوى الله .. كم بيت أعطى فيه الاهل القوامة لرجل ذو دين وخلق حفظا للأمانة .. كم بيت ساهمنا فى إفساده دون ان نشعر ودفعنا فيه بأخواتنا وفتاياتنا ونسائنا لأزواج لا ترجو لله وقارا اشربوا فى قلوبهم مناهج باطلة بعيدة كل البعد عن شريعتنا .. غريبة عن اسلامنا .. لرجال اخلصوا العمل لدنياهم وفتنوا بها اهليهم ورعاياهم .. واستثنوا الدين من حياتهم اليومية وهمشوا الكتاب والسنة فضلوا وأضلوا بهم السبيل
ما الأسس التى يأخذ بها اولى الامر والاهل اذا ما تقدم رجل لخطبة فتياتهم .. ما المقاييس التى تتعامل بها الفتاه لقبول الخطيب وتفضيله عن غيره .. ما هى المعايير التى بالفعل تسلكها الأسر فى اختيار الزوج واعطاء القوامة له فى زمننا الحالى ولمن تكون له المفاضلة والاولوية .. الوضع الاجتماعى .. المركز المرموق .. القدرة المادية .. النسب المشرف .. الوسامة .. وغيرها من المواصفات التى يرى فيها الاهل الاولويات والأفضلية لزوج يأملون معه لابنتهم بيت لامع براق فى مظهره وهو فى حقيقته على شفا حفرة من النار

اين اتباع الكتاب والسنة فى اختياراتنا .. اين مكانة اصحاب الدين والخلق من عقول تشبعت حب المادة وزينة زائلة خادعة تدعو الى هلاك وفتنة وفساد عريض وزهو كاذب مرده ليوم لا انساب بينهم ولا مفخره
وفى الحديث ( يا أبا أمامة ! ما أنا وأمة سفعاء الخدين سفعاء المعصمين آمنت بربها وتحننت على ولدها إلا كهاتين ، وفرق بين السبابة والوسطى ، والله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها ، كلكم لآدم وحواء ، كطف الصاع بالصاع ، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم ، فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه )
الراوي: أبو أمامة
من المؤسف حقا ان ننحى شباب و رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه التزموا الكتاب والسنة ونستبعدهم من اختياراتنا ونحرم انفسنا وأهلينا وبيوتنا شرف الانتساب إليهم .. من المؤسف ان نعطى القوامة لرجل لا دين له حتى لو كان على خلق دون خوف من الله وتقوى .. كيف نأمن على انفسنا وفتياتنا ونسائنا وبيوتنا مع من اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فخانوا الله وخانوا أماناتهم .. كيف نأمل ان نعمر ديارنا وقد بنيناها على معايير ومقاييس فاسدة على شفا جرف هاو وهار ركنا فيها الى زينة الحياة الدنيا واستثنينا الباقيات الصالحات وأخرانا من قواميسنا ومفاهيمنا ومرجعيتنا ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

عار علينا ان يجد اصحاب الدين والخلق كل هذا التجاهل والاهمال وان نضعهم فى ميزان جائر مع من هم دون ذلك ونقدم عليهم علمانيين لاعهد لهم ولا إلا .. نعهد اليهم باخواتنا وهم بعهد الله وشريعته مستهزءون ومضيعون .. من الظلم ان يجد من قالوا ربنا الله كل تلك الصعوبات اذا ما فكروا فى الاقتران بمن تهوى اليهم انفسهم من خيار بناتنا واخواتنا للاستقرار وبناء اسرة على تقوى من الله .. من الغباء والقصور فى الفكر بل والجهل بأمور العقيدة ان يصل الهلع والفزع بالفتاة واهلها من صاحب الدين وأن يوصف بالتزمت والشدة دون بينة الا انه صاحب لحية ويؤدى الفروض بمواقيتها فى المساجد ويغار على اهل بيته .. من العبث بمصائر نساء الامة وفتياتها ان ينفر الاهل من اصحاب الغيرة على دينهم وأهليهم مفضلين عليهم كل ديوث جالب من الغرب والشرق لكل مفسدة ومهلكة .. حتى وصل الامر بالبعض الى الخوف من الاقتران بمن يعرفونهم حق المعرفة من ذويهم ومعارفهم لمجرد ان التزم الشاب او الرجل دينه ومسجده .. وكأنه اصبح مصدر خطر لا أمان
الحديث (- إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد . قالوا : يا رسول الله ! وإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه . ثلاث مرات )
الراوي: أبو حاتم المزني

.. اين العقل والوعى الدينى .. اين الاخلاص لله ورسوله .. اين الاسلام الحق .. أين نحن من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقد ألقينا بكتاب الله وسنة نبيه المصطفى وراء ظهورنا .. اين نحن من فساد عريض ساهمنا فيه وجلبناه لديارنا بأيدينا عن عمد او دون قصد الا جهل منا بعقيدتنا او عزة بالاثم أخذت منا عقولنا وأخذتنا حتى من أنفسنا
(وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )

يتبع بإذن الله .. معا نستعرض ابواب المفاسد والمهالك التى فتحناها بأيدينا