من روائع ما كتب الشيخ علي الطنطاوي -يحدث دوريا-

تقليص

عن الكاتب

تقليص

mohamadamin مسلم اكتشف المزيد حول mohamadamin
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من روائع ما كتب الشيخ علي الطنطاوي -يحدث دوريا-

    الشيخ على الطنطاوي









    بعد الخمسين:





    نظرت في التقويم فوجدت أني أستكمل اليوم (23جمادى الأولى 1379هـ) اثنتين وخمسين سنة قمرية، فوقفت ساعة أنظر فيها في يومي وأمسي، أنظر من أمام لأرى ما هي نهاية المطاف، وأنظر من وراء لأرى ماذا أفدت من هذا المسير.






    وقفت كما يقف التاجر في آخر السنة ليجرد دفاتره ويحرر حسابه، وينظر ماذا ربح وماذا خسر. وقفت كما تقف القافلة التي جُنّ أهلوها وأخذهم السُّعَار، فانطلقوا يركضون لا يعرفون من أين جاؤوا ولا إلى أين يذهبون، ولا يهدؤون إلاّ إذا هدّهم التعب فسقطوا نائمين كالقتلى!





    وكذلك نحن إذ نعدو على طريق الحياة؛ نستبق كالمجانين ولكن لا ندري علامَ نتسابق، نعمل أبداً من اللحظة التي نفتح فيها عيوننا في الصباح إلى أن يغلقها النعاس في المساء، نعمل كل شيء إلا أن نفكر في أنفسنا أو ننظر من أين جئنا وإلى أين المصير!





    وجردت دفاتري، أرى ماذا طلبت وماذا أُعطيت.





    * * *





    طلبت المجد الأدبي وسعيت له سعيه، وأذهبت في المطالعة حِدّة بصري وملأت بها ساعات عمري، وصرّمت الليالي الطِّوال أقرأ وأطالع، حتى لقد قرأت وأنا طالب كتباً من أدباء اليوم مَن لم يفتحها مرة لينظر فيها! وما كان لي أستاذ يبصرني طريقي ويأخذ بيدي، وما كان من أساتذتي مَن هو صاحب أسلوب في الكتابة يأخذني باتّباع أسلوبه، ولا كان فيهم مَن له قدم في الخطابة وطريقة في الإلقاء يسلكني مسلكه ويذهب بي مذهبه( ) . وما يسميه القراء أسلوبي في الكتابة ويدعوه المستمعون طريقتي في الإلقاء شيء مَنَّ الله به عليّ لا أعرفه لنفسي، لا أعرف إلاّ أني أكتب حين أكتب وأتكلم حين أتكلم منطلقاً على سجيتي وطبعي، لا أتعمد في الكتابة إثبات كلمة دون كلمة ولا سلوك طريق دون طريق، ولا أتكلف في الإلقاء رنّةً في صوتي ولا تصنّعاً في مخارج حروفي.






    ... وكنت أرجو أن أكون خطيباً يهز المنابر وكاتباً تمشي بآثاره البرد( ) ، وكنت أحسب ذلك غاية المنى وأقصى المطالب، فلما نلته زهدت فيه وذهبت مني حلاوته، ولم أعد أجد فيه ما يُشتهى ويُتمنّى.وما المجد الأدبي؟ أهو أن يذكرك الناس في كل مكان وأن يتسابقوا إلى قراءة ما تكتب وسماع ما تذيع، وتتوارد عليك كتب الإعجاب وتقام لك حفلات التكريم؟ لقد رأيت ذلك كله، فهل تحبون أن أقول لكم ماذا رأيت فيه؟ رأيت سراباً... سراب خادع، قبض الريح!





    وما أقول هذا مقالة أديب يبتغي الإغراب ويستثير الإعجاب، لا والله العظيم (أحلف لكم لتصدقوا) ما أقول إلاّ ما أشعر به. وأنا من ثلاثين سنة أعلو هذه المنابر وأحتل صدور المجلات والصحف، وأنا أكلم الناس في الإذاعة كل أسبوع مرة من سبع عشرة سنة إلى اليوم، ولطالما خطبت في الشام ومصر والعراق والحجاز والهند وأندونيسيا خطباً زلزلت القلوب، وكتبت مقالات كانت أحاديث الناس، ولطالما مرت أيام كان اسمي فيها على كل لسان في بلدي وفي كل بلد عشت فيه أو وصلت إليه مقالاتي، وسمعت تصفيق الإعجاب، وتلقيت خطب الثناء في حفلات التكريم، وقرأت في الكلام عني مقالات ورسائل، ودرَس أدبي ناقدون كبار ودُرّس ما قالوا في المدارس، وتُرجم كثير مما كتبت إلى أوسع لغتين انتشاراً في الدنيا: الإنكليزية والأردية، وإلى الفارسية والفرنسية... فما الذي بقى في يدي من ذلك كله؟ لا شيء. وإن لم يكتب لي الله على بعض هذا بعضَ الثواب أكُنْ قد خرجت صفر اليدين!.






    إني من سنين معتزل متفرد، تمر عليّ أسابيع وأسابيع لا أزور فيها ولا أزار، ولا أكاد أحدّث أحداً إلاّ حديث العمل في المحكمة أو حديث الأسرة في البيت. فماذا ينفعني وأنا في عزلتي إن كان في مراكش والهند وما بينهما مَن يتحدث عني ويمدحني، وماذا يضرني إن كان فيها من يذمني أو لم يكن فيها كلها مَن سمع باسمي؟






    ولقد قرأت في المدح لي ما رفعني إلى مرتبة الخالدين، ومن القدح فيّ ما هبط بي إلى دركة الشياطين، وكُرِّمت تكريماً لا أستحقه وأُهملت حتى لقد دُعي إلى المؤتمرات الأدبية وإلى المجالس الأدبية الرسمية المبتدئون وما دُعيت منها إلى شيء، فألفت الحالين وتعوّدت الأمرين، وصرت لا يزدهيني ثناء ولا يهزّ السبُّ شعرةً واحدة في بدني.





    أسقطت المجد الأدبي من الحساب لما رأيت أنه وهم وسراب.





    * * *





    وطلبت المناصب، ثم نظرت فإذا المناصب تكليف لا تشريف، وإذا هي مشقة وتعب لا لذّة وطرب، وإذا الموظف أسير مقيِّد بقيود الذهب، وإذا الجزع من عقوبة التقصير أكبر من الفرح بحلاوة السلطان، وإذا مرارة العزل أو الإعفاء من الولاية أكبر من حلاوة التولية. ورأيت أني مع ذلك كله قد اشتهيت في عمري وظيفة واحدة، سعيت لها وتحرّقت شوقاً إليها... هي أن أكون معلماً في المدرسة الأولية في قرية حرستا( ) وكان ذلك من أكثر من ثلاثين سنة، فلم أنلها فما اشتهيت بعدها غيرها.





    وطلبت المال وحرصت على الغنى، ثم نظرت فوجدت في الناس أغنياء وهم أشقياء وفقراء وهم سعداء.






    ووجدتني قد توفي أبي وأنا لا أزال في الثانوية، وترك أسرة كبيرة وديوناً كثيرة، فوفّى الله الدين وربى الولد وما أحوج إلى أحد، وجعل حياتنا وسطاً ما شكونا يوماً عوزاً ولا عجزنا عن الوصول إلى شيء نحتاج إليه، وما وجدنا يوماً تحت أيدينا مالاً مكنوزاً لا ندري ماذا نصنع به، فكان رزقنا والحمد لله كرزق الطير: تغدو خِماصاً وترجع بِطاناً.





    فلم أعد أطلب من المال إلاّ ما يقوم به العيش ويقي الوجهَ ذلَّ الحاجة.






    وطلبت متعة الجسد وصرّمت ليالي الشباب أفكر فيها وأضعت أيامه في البحث عن مكانها، وكنت في سكرة الفتوة الأولى لا أكاد أفكر إلا فيها ولا أحن إلاّ إليها، أقرأ من القصص ما يتحدث عنها ومن الشعر ما يشير إليها. ثم كبرت سني وزاد علمي، فذهبت السكرة وصحّت الفكرة، فرأيت أن صاحب الشهوة الذي يسلك إليها كل سبيل كالعطشان الذي يشرب من ماء البحر وكلما ازداد شرباً ازداد عطشاً، ووجدت أن مَن لا يرويه الحلال يقنع به ويصبر عليه لا يرويه الحرام ولو وصل به إلى نساء الأرض جميعاً.






    ثم ولّى الشباب بأحلامه وأوهامه، وفترت الرغبة ومات الطلب، فاسترحت وأرحت.





    * * *





    وقعدت أرى الناس، أسأل: علامَ يركضون؟ وإلامَ يسعون؟ وما ثَمّ إلاّ السراب!





    هل تعرفون السراب؟ إنّ الذي يسلك الصحراء يراه من بعيد كأنّه عينٌ من الماءِ الزّلال تحدّقُ صافية في عينِ الشّمس، فإذا كدّ الرِّكاب وحثّ الصِّحابَ ليبلغه لم يلقَ إلاّ التراب.





    هذه هي ملذّات الحياة؛ إنّها لا تلذّ إلاّ من بعيد.






    يتمنّى الفقير المال، يحسب أنّه إذا أعطي عشرة آلاف ليرة فقد حيزت له الدّنيا، فإذا أعطيها فصارت في يده لم يجد لها تلك اللّذة التي كان يتصوّرها وطمع في مئة الألف ... إنّه يحسّ الفقر بها وهي في يده كما يحسّ الفقر إليها يوم كانت يده خلاءً منها، ولو نال مئة الألف لطلب المليون، ولو كان لابن آدم واديًا من ذهب لابتغى له ثانيًا، ولا يملأ عينَ ابن آدم إلاّ التراب.






    والشاعر العاشق يملأ الدنيا قصائد تسيل من الرّقة وتفيض بالشّعور، يعلن أنّه لا يريد من الحبيبة إلاّ لذّة النظر ومتعة الحديث، فإذا بلغها لم يجدهما شيئًا وطلب ما وراءهما، ثمّ أراد الزّواج فإذا تمّ له لم يجد فيه ما كان يتخيّل من النعيم، ولذابت صور الخيال تحت شمس الواقع كما يذوب ثلج الشّتاء تحت همس الرّبيع، ولرأى المجنون في ليلى امرأةً كالنساء ما خلق الله النساء من الطين وخلقها (كما كان يُخيّل إليه) من القشطة، ثمّ لَمَلّها وزهد فيها وذهب يجنُّ بغيرها!






    ويرى الموظّفُ الصغيرُ الوزيرَ أو الأميرَ ينزل من سيارته فيقف له الجندي وينحني له الناس، فيظن أنّه يجد في الرياسة أو الوزارة مثل ما يتوهّم هو من لذّتها ومتعتها لحرمانه منها، ما يدري أنّ الوزير يتعوّد الوزارة حتّى تصير في عينه كوظيفة الكاتب الصغير في عين صاحبها. أوهام ... ولكننا نتعلّق دائمًا بهذه الأوهام!





    * * *





    وفكرت فيما نلت في هذه الدنيا من لذائذ وما حملت من عناء طالما صبرت النفس على إتيان الطاعة واجتناب المعصية، رأيت الحرام الجميل فكففت النفس عنه على رغبتها فيه، ورأيت الواجب الثقيل حملت فحملت النفس عليه على نفورها منه ، وطالما غلبتني النفس فارتكبت المحرمات وقعدت عن الواجبات، تألمت واستمتعت، فما الذي بقي من هذه المتعة وهذا الألم؟ لا شيء. قد ذهبت المتعة وبقي عقابها وذهب الألم وبقي ثوابه.






    ولم أرَ أضلَّ في نفسه ولا أغشَّ للناس ممّن يقول لك: لا تنظر إلاّ إلى الساعة التي أنتَ فيها، فإنَّ ما مضى فاتَ والمؤمّل غيبٌ ولكَ السّاعةُ التي أنتَ فيها





    لا والله؛ ما فات ما مضى ولكن كُتب لك أو عليك، أحصاه الله ونسوه. والآتي غيب كالمشاهَد. وما مَثَل هذا القائل إلاّ كمَثَل راكب سفينة أشرفت على الغرق ولم يبقَ لها إلاّ ساعات، فما أسرع إلى زوارق النجاة إسراع العقلاء ولا ابتغى طوق النجاة كما يبتغيه من فاته الزورق، ولكنه عكف على تحسين غرفته في السفينة الغارقة يزين جدرانها بالصور ويكنس أرضها من الغبار، يقول لنفسه: ما دامت السفينة غارقة على كلّ حال فلِمَ لا أستمتع بساعتي التي أنا فيها؟ يُفسد عمرَه كله بصلاح هذه الساعة، وإذا عرض له العقل يسفّه عملَه فليضرب وجه العقل بكأس الخمر التي تعمي عينيه فلا يبصر ولا يهتدي، وإنّ من الخمر لخمرة المال وخمرة السلطان!






    هذا مثال من يجعل هذه الدنيا الفانية أكبر همّه ويزهد في الآخرة الباقية، ولو عقل لزهد في الدنيا. لا يحمل ركوته وعصاه ويسلك البراري وحيدًا، ولا يقيم في زاوية ويمد يده للمحسنين؛ فإن هذا هو زهد الجاهلين، وهو معصية في الدين. إنّ الزهد الحق هو زهد الصحابة والتابعين، الذين عملوا للدنيا واقتنوا الأموال واستمتعوا بالطيّبات الحلال وأظهروا نِعَم الله عليهم، ولكن كانت الدنيا في أيديهم لا في قلوبهم، وكان ذكر الله أبدًا في نفوسهم وعلى ألسنتهم، وكانت الشريعة نبراسهم وإمامهم، وكانت أيديهم مبسوطةً بالخير، وكانوا لا يفرحون بالغنى حتى يَبطروا ولا يحزنون للفقر حتى ييأسوا، بل كانوا بين غنيٍّ شاكر وفقيرٍ صابر. ومَن يحصل المال وينفقه في الطاعة خيرٌ ممّن لا يحصل ولا ينفق بل يسأل ويأخذ، ومن يتعلّم العلم ويعمل به خيرٌ ممّن يعتزل الناس للعبادة في زاويةٍ أو مغارة، ومن يكون ذا سلطانٍ ومنصب فيقيم العدل ويدفع الظلم خيرٌ ممّن لا سلطان له ولا عدل على يديه ...وليست العبادة أن تصفّ الأقدام في المحاريب فقط، ولكن كلّ معروفٍ تسديه إن احتسبته عند الله كان لك عبادة، وكلّ مباحٍ تأتيه إن نويت به وجه الله كان عبادة؛ إذا نويت بالطعام التقوّي على العمل الصالح وبمعاشرة الأهل الاستعفاف والعفاف وبجمع المال من حِلّه القدرة به على الخير، كان كلّ ذلك لك عبادة، وكلّ نعمة تشكر عليها وكلّ مصيبة تصبر لله عليها كانت لك عبادة.






    والإنسان مفطورٌ على الطمع، تراه أبدًا كتلميذ المدرسة؛ لّما بلغ فصلاً كان همّه أن يصعد إلى الذي فوقه. ولكن التلميذ يسعى إلى غاية معروفة إذا بلغها وقف عندها، والمرء في الدنيا يسعى إلى شيءٍ لا يبلغه أبدًا؛ لأنه لا يسعى إليه ليقف عنده ويقنع به بل ليجاوزه راكضًا يريد غايةً هي صورةٌ في ذهنه ما لها في الأرض من وجود





    !





    وقد يُعطى المال الوفير والجاه الواسع والصحة والأهل والولد، ثمّ تجده يشكو فراغًا في النّفْس وهمًّا خفيًّا في القلب لا يعرف له سببًا، يحسّ أنّ شيئًا ينقصه ولا يدري ما هو، فما الذي ينقصه فهو يبتغي استكماله؟






    لقد أجاب على ذلك رجلٌ واحد؛ رجلٌ بلغ في هذه الدنيا أعلى مرتبة يطمح إليها رجل: مرتبة الحاكم المطلق في ربع الأرض فيما بين فرنسا والصين، وكان له مع هذا السلطان الصحة والعلم والشّرف، هو عمر بن عبد العزيز الذي قال: "إنّ لي نفسًا توّاقة، ما أُعطيت شيئًا إلاّ تاقت إلى ما هو أكبر: تمنّت الإمارة، فلمّا أعطيَتها تاقت إلى الخلافة، فلمّا بلغتها تاقت إلى الجنّة"!






    هذا ما تطلبه كلّ نفس؛ إنّها تطلب العودة إلى موطنها الأوّل، وهذا ما تحسّ الرغبة الخفيّة أبدًا فيه والحنين إليه والفراغ الموحِش إن لم تجده.






    فهل اقتربتُ من هذه الغاية بعدما سرت إليها على طريق العمر اثنتين وخمسين سنة؟





    يا أسفي! لقد مضى أكثر العمر وما ادّخرت من الصالحات، ولقد دنا السّفر وما تزوّدتُ ولا استعددت، ولقد قَرُبَ الحصاد وما حرثت ولا زرعت، وسمعت المواعظ ورأيت العِبَر فما اتّعظت ولا اعتبرت، وآن أوانُ التوبة فأجّلت وسوّفت.






    اللهمّ اغفر لي ما أسررتُ وما أعلنت، فما يغفر الذنوب إلا أنت.





    اللهمّ سترتني فيما مضى فاسترني فيما بقي، ولا تفضحني يوم الحساب

  • #2
    فضيلة الشيخ علي الطنطاوي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    شيخنا الحبيب الشيخ علي الطنطاوي من الشيوخ الكرام الذي أثروا كثيرا في افكار كثير من اجيالنا لاسيما في فترة الثمانينات ،، ولعل ذلك مستمرا الى اليوم ،، لذا احب ان استعرض معكم بعضا من انتاجه الفكري وموروثه الثقافي والدعوي ،، كحلقة يسيرة من حلقات الذكر والدعوة التى لطالما استمتع كثير منا بها في مناسبات كثيرة من رمضانات سابقة وغيره ،، ولتعريف قرائنا وزوارنا الفضلاء به وبموقعه ،، ممن لا يعرفه بإذن الله ..
    شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

    سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
    حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
    ،،،
    يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
    وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
    وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
    عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
    وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




    أحمد .. مسلم

    تعليق


    • #3
      رد: فضيلة الشيخ علي الطنطاوي

      قصة معلم


      جمعة, 01/25/2013 - 03:59 —‏ admin

      قلت لصديق لي أديب: إني لأقرأ لك منذ عشر سنوات، فما رأيتك أسففت إسفافك في هذه الأيام، وإني لأشك أأنت تكتب ما تكتبه، أم يجري به قلمك وأنت نائم، فتأخذه فتضع عليه اسمك؟ فماذا عراك أيها الصديق، فأضاع بلاغتك، ومحا آيتك؟
      قال: دعني يا فلان دعني، فإن سراج حياتي يخبو، وشمعتي تذوب، وما أخالني إلا ميتاً عما قريب، أو دائراً في الأسواق مجنوناً انتهيت بعت رأسي وقلبي برغيف من الخبز.
      قلت: أربع عليك أيها الرجل، وأخبرني ما بك، فلقد والله أرعبتني.
      قال: وماذا بي إلا أني معلم، إني معلم في مدرسة ابتدائية نهاري نهار المجانين، وليلي ليل القتلى، فمتى أفكر، ومتى أكتب، وأنا أروح العشية إلى البيت مهدود الجسم، مصدوع الرأس، جاف الحلق، فلا أستطيع أن أنام حتى أقرأ مائة حماقة، وأصحح مائة كراسة، فأعمي عيني بقراءتها، والإشارة إلى خطئها، وبيان صوابها، وتقدير درجاتها، فإذا انتهيت من هذا كله – ولا يقرأ تلميذ من كل هذا شيئاً، ولا ينظر فيه - عمدت إلى دفتر تحضير الدروس، وهو الموت الأحمر، والبلاء الأزرق، الذي صبَّ علينا هذا العام صباً، فكتبت فيه ماذا أنا فاعل غداً في الفصل، دقيقة دقيقة، ولحظة لحظة، وماذا أنا قائل من كلمة، أو مقرر من قاعدة، أو ضارب من مثل، حتى إذا بلغت آخر كلمة فيه، استنفدت آخر قطرة من ماء حياتي، فسقطت في مكاني قتيلاً، فحملت إلى السرير حملاً، فنمت نوماً مضطرباً تملؤه الأحلام المزعجة، والصور المرعبة، فأحسُّ كأن أمامي ركام الدفاتر التي سأصححها غداً، فلا أنجو منها حتى أبصر المفتش يتكلم من فوق المآذن، فلا يدع قاعدة من قواعد التربية، ولا نظرية من نظريات التعليم، ظهرت في فرنسا أو إنكلترا، إلا أرادني على تطبيقها، في فصل فيه سبعون تلميذاً قد حشيت بهم المقاعد حشواً، وصفوا على الشبابيك، ووضعوا على الرفوف، مما لا يرضى عنه منهج من مناهج التربية، ولا قانون من قوانين الصحة، فإذا انمحت هذه الصورة، رأيت كأني أفهم تلميذاً وهو يصغي إليّ ولا يفهم، فأكرر وأعيد فلا يفهم، فأقوم إليه أنظر ما يصنع، فإذا هو منصرف إلى دبيرة (زلقطة) يربط رجلها بخيط. فإذا شتمته أو أخرجته من الفصل، ذهب يستنجد القانون فينجده القانون الذي حرم العقوبات كلها، وكفّ يد المعلم، وشدّ لسانه بنسعة... ولا أزال في هذه الأحلام تنوء بي، فأتقلب من جنب إلى جنب، أحس كأن رأسي من الصداع بثقل أُحُد، حتى يصبح الله بالصباح، فأفيق مذعوراً أخشى أن يسبقني الوقت، فلا أدري كم ركعت وكم سجدت، ولا كيف أكلت ولبست، وأهرول إلى المدرسة لا أستطيع التأخر ولو طحنتني الأوجاع، أو أحرقتني الحمّى، لأن المعلم لا يسمح له القانون أن يمرض في أيام المدرسة، وعنده أربعة أشهر ((عطلة الصيف)) يستطيع أن يمرض فيها، فإذا خالف ومرض، حرم الراتب ومنع العطاء (كان هذا قانون تلك الأيام)!
      أغدو إلى المدرسة، فأدخل على تلاميذ السنة الثالثة الأولية، وهؤلاء هم تلاميذي، لم يجدوني أهلاً لأكبر منهم فلا أنفك أقطع من عقلي لأكمل عقولهم، وأمزّق نفسي لأرقّع نفوسهم، ثم لا أفلح في تعليمهم ولا أنجح في تفهيمهم، ولا أدري من أين السبيل إلى مداركهم، فأنفق ساعة كاملة، أقلِّب أوجه القول، وأستقري عبارات اللغة، لأفهمهم كيف يكون (الاسم هو الكلمة التي تدل على معنى مستقل في الفهم وليس الزمن جزءاً منه) فلا يفهمون من ذلك شيئاً، ولا أقدر أن أطرح هذا التعريف السخيف أو أستبدل به، فأهذي ساعة ثم أقول: من فهم؟
      فيرفع ولد أصبعه. فأحمد الله على أن واحد قد فهم، وأقول:
      قم يا بني - بارك الله فيك -، فأخبرني عن معنى هذا التعريف.
      فيقول: يا أستاذ هذا داس قدمي.
      فأصيح به: ويحك أيها الخبيث! إني أسألك عن تعريف الاسم، فلماذا تضع فيه قدمك؟ ألم أقل لكم أن هذه الشكاوى ممنوعة أثناء الدرس؟
      فيقول: ولماذا يدوس هو على رجلي!؟
      فأصيح بالآخر: لم دست على رجله يا شيطان؟
      فيقول: والله لقد كذب، ما دست على رجله ولكن هو الذي عضُّني في أذني.
      فأغضب وأصرخ في وجهه: وكيف يعضّك وأنا قاعد هنا؟
      فيقول: ليس الآن، ولكنه عضّني أمس.
      ويتطوع العفاريت الصغار للشهادة للمدعي والمدعى عليه، ويزلزل الفصل، فأضرب المنصة بالعصا، وأسكتهم جميعاً مهدداً من يتكلم بأقسى العقوبات، ولا أدري أنا ما أقسى العقوبات هذه؟ فيخنسون ويُبْلسون فأعود إلى الدرس فإذا هو قد طار من رؤوسهم، على أنه ما استقر فيها قط!
      وينفخ في الصور، فتقوم القيامة، ويخرج الأولاد إلى الفرصة، ثم ترجع إلى درس القرآن. فأقول:
      من يحفظ سورة الفاتحة؟
      فيتصايحون: أنا أنا أنا.
      سكوت! واحد فقط اقرأ أنت.
      الحمد لله رب العالمين إياك نعبِد.
      فأقول: إياك نعبُد.
      فيقول: نعبِد.
      ويحك: نَعْ بُ د.
      فيقول: نَعْ بِ د.
      انتبه يا بني: نَعْ بود.
      فيقولها.
      حسن. قل نعبُد.
      فيقول: نعبِد.
      فلا نزال في نعبُد ونعبِد حتى ينتهي الدرس. ولا يلفظونها إلا بالكسر لأنهم حفظوها من السنة الأولى خطأ.
      ولا أزال في هذا البلاء بياض نهاري، ولا يأتي المساء وفيَّ بقية عقل، أو أثر من قوة، ثم لا أنا أرضيت الوزارة، ولا أنا نفعت أبناء المسلمين، ولا أنا انصرفت إلى مطالعاتي وكتاباتي.
      وهذه مكتبتي لم أدخلها منذ أول العام الدراسي، وهذه مشروعات المقالات والبحوث التي أكتبها، وهذه مسودَّات الكتاب الجديد الذي أؤلفه مبثوثة في جوانب الغرفة، ضائعة مهملة. أفتلومني بعد، على أني لا أجوِّد في هذه الأيام؟
      قلت: هذه والله حالي فلست ألومك، فرَّج الله عني وعنك!


      _______________
      http://www.tntawy.com/content/%D9%82...B9%D9%84%D9%85
      www.tntawy.com/lli
      شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

      سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
      حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
      ،،،
      يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
      وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
      وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
      عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
      وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




      أحمد .. مسلم

      تعليق


      • #4
        رد: فضيلة الشيخ علي الطنطاوي

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        اذا كان هذا المعلم تخرج من كلية التربية فهذا الذى يحدث له عيب منه لانه لم يطبق ما تعلمه ؛ واذا لم يكن من خريجيها فكان افضل له ان يسعى للحصول على سنة واحدة كدبلوم تربوى منها ليعرف كيف يدير الفصل وكيف يوصل المعلومة .
        لقد مر بى موقف مشابه لموقفه من خلال حصص التدريب العملى فى سنة دبلوم تربوىمع البنات فى مدارس للبنات فى الصف الاول الاعدادى كمعلمة للدراسات الاجتماعية ؛ وفى الصف الثالث الثانوى كمعلمة للفلسفة !
        المهم ان الفصول عددها كبير وكان نصيبى مع فصول المشاغبات للمعلمين والمعلمات خاصة التدريب العملى وكانت زميلاتى تهرب منهن ؛ ولكن الحمد لله الامر معى كان مختلف (( فكما تدين تدان )) اى ان ذلك لم يحدث معى رغم تواجدى مع المشاغبات لانى لم اشاغب المعلمات وقت ان كنت طالبة اما الاخريات فكان قولهن الظاهر ما كنا نفعله بيتحقق فينا .
        ازمة الفصول زادت والعدد الاّن تخطى المئة فى الصف الاول الابتدائى ويقل قليلا فى الصف الثانى ، والمعلمون والمعلمات منهم المتفوق والحازم ومنهم عكس ذلك وهذا يدل على مستوى مهارة المعلم ويؤكده ما يصل اليه التلاميذ من تفوق او عكس ذلك .
        المشكلة ليست العدد فقط ولكن ميزانية التعليم فى المدارس والوسائل التعليمية ومرافق المدرسة فكلاهما قليل ولا يفى بحاجة المعلم والطالب وكذلك توجد ازمة عدد معلمين بالتعيين الحكومى وكثير يعملوا بالحصة ومعرضين للايقاف فى اى وقت ومثلهم العمال فى المدرسة مما يبتعد بهؤلاء عن الحالة النفسية السوية التى يجب ان يكون عليها من يعملون فى التعليم وينعكس ذلك على الطلاب دراسيا وصحيا لان ليس كل الاسر تستطيع احتواء ابنائها تعليميا وصحيا ؛ والقوانين التى تصدر وتجدد من حين لاّخر يستخدمها المعلمون فى تهديد التلاميذ ومنهن من قالت القانون الجديد رقم كذا يخلينا نقدر عليكم فى كذا وكذا ومنهن من تسب داخل الفصل !(( التلاميذ واسرهم !)) اضافة لصراعات المعلمين وصراع العمال وصراع التلاميذ داخل وخارج المدرسة (( بلا مبالغة )) الافضل ان يتحقق التعليم عن بعد فى ظل هذة الفوضى التى لا يستطيع مدير المدرسة ان يتحكم فيها مهما حاول ؛او يصبح الذهاب الى المدرسة كنظام المعاهد ارشادى فتقل اعداد الحصص والتلاميذ ويتوفر المعلمون والعمال والوسائل التعليمية وتنتهى مشكلات كثيرة اكثر من ذلك ومنها الحقائب الثقيلة والسلوكيات والكلمات الغير اخلاقية التى تنتقل من المدرسة الى الاسرة مع الاسف والتى تؤثر على الصحة الجسدية والنفسية ؛ فالحقائب الثقيلة تجعل التلاميذ معرضين لمرض يسمى (( الجنف )) والعياذ بالله والعدوانية والسباب فى المدرسة يترك اّثار سيئة على التلاميذ واسرهم .اللهم ارفع عنا هذا البلاء المسمى (( مدرسة ))الا ما صلح منها .
        اشراقة : بعض المدارس الاّن تعنى بالدين والاخلاق والسلوكيات الى جانب العلم وتشدد الرقابة على المعلمين والعمال وتتفاعل مع الاسر .ولكنها مدارس خاصة .اما المدارس الاخرى فتضم الحسن والسئ ولا حول ولا قوة الا بالله .

        تعليق


        • #5
          رد: من روائع ما كتب الشيخ علي الطنطاوي -يحدث دوريا-

          ما هي السماء

          سبت, 03/16/2013 - 17:56 —‏ admin

          علي الطنطاوي (ت 1420هـ - 1999 م)

          نشر عام (1987م)

          …سيعجب أكثر القراء ويقولون: ارفع رأسك في النهار ترَ فوقك بحرًا أزرق، ما لأوله بداية، ولا لآخره نهاية، فإن كان الليل صار ملاءة سوداء، لا يدرك البصر طرفيها، قد طُرِّزت بلآلئ مضيئة، تلمع مثل النجوم، هذه هي السماء، فهل يجهل أحد السماء حتى يسأل ما هي السماء.

          ما هذا السقف الأزرق إلا الهواء، ولما أطلق الروس أول مركبة اخترقته زُلزلت عقول كنا نحسبها أثبت من الجبال، وخفَّت أحلام كانت أثقل من الرواسي، وكاد أقوام يكفرون بعد إيمانهم، فحسبوا- جهلًا منهم- أنهم شاركوا الله في ملكه بما وصلوا إليه من العلم، وأنهم سيروا في الفضاء قمرًا آخر مثل القمر.

          كنت أذيع يومئذ أحاديث دائمة من إذاعة دمشق، فقلت معلقًا على هذا الخبر: إنما مثلكم ومثل قمركم كجماعة من النمل كانت في قريتها في يوم عاصف، فحملت نملة منها قطعة من القش، ثم أفلتتها فحملتها الريح مسافة عشرة أمتار، فظنت النملة أنها صارت من الآلهة. ولا إله إلا الله، وجاء بعد ذلك من يكتب أن العلم انتصر على الطبيعة وقهرها، فأذعت حديثًا آخر قلت فيه: إنَّ القشة ما طارت إلا بالقانون الطبيعي الذي طبع الله الكون عليه، وما يستطيع أحد أن يقهر الطبيعة، وإن قال ذلك سفاهة وجهلًا.

          وقد نبَّهنا الله إلى ذلك في القرآن، ولكن مَن يتنبَّه؟! ألم تقرءوا خبر (الذي حاجَّ إبراهيم في ربِّه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحي وأميت)، أي أنه يأتي برجل حُكم عليه بالقتل، فيعفو عنه فيحييه، ويعمد إلى آخر فيقتله فيميته، على أنَّه ما أحيا ولا أمات إلا بالسنن التي سنَّها الله، والقوانين الطبيعية التي طبع الله الكون عليها، فلما طلب إبراهيم شيئًا يخرج على هذه القوانين، فقال له: (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) ماذا كان جوابه (فبهت الذي كفر).

          ولقد قلت منذ سنين في بعض أحاديثي على مائدة الإفطار في رمضان: إنَّ لكل عصر وثنية، وإنَّ وثنية هذا العصر هي المبالغة في تقدير العلم وتقديسه، وجعله ندًّا للدين. وما العلم؟ العلوم الطبيعية عند أهلها هي: الوصول إلى معرفة قانون الله بالمشاهدة، ثم بالتجربة، ثم بالمعرفة.

          مراحل لابد منها، نيوتن مثلًا شاهد شيئًا يسقط، فراقبه ولاحظه وفكر فيه، ثم فرض فرضية وجاء بنظرية، ثم أراد أن يختبر صحة هذه النظرية من بطلانها، وصوابها من خطئها، فعمد إلى التجربة، فإذا اتحدت الظروف، ولو اختلفت البلدان، ثم كانت النتيجة واحدة- فذلك القانون الطبيعي .

          وإذا قلت (الطبيعي) فلست أعني هذه المقالة الحمقاء التي كان يقول بها السفهاء والسخفاء من أن الطبيعة هي التي خلقت، وهي التي صنعت، وهي التي عملت، بل أعني بقول (الطبيعي) أنَّه ليس من عمل البشر، وإلا فما الطبيعة؟ إنَّ لفظة فعيلة بمعنى مفعولة، أي أشياء مطبوعة، وكل مطبوع لا بد له من طابع، وقد بطلت الآن هذه المقالة، وانصرف العلماء الكبار عنها، وعادوا إلى إدراك الحقيقة الكبرى، وهي الإيمان بأنَّ لهذا الكون خالقًا حكيمًا قادرًا سميعًا بصيرًا، واقرءوا إن شئتم كتاب (العلم يدعو إلى الإيمان) وكتاب (الطب محراب الإيمان) والكتب الكثيرة التي أُلِّفت في موضوعه ومعناه.

          هذا هو العلم، ثم إنَّنا لم نُؤتَ منه إلا قليلًا، عرفنا قانون الجاذبية، ولكن ما هي الجاذبية؟ ما ماهيتها؟ وعرفنا الكهرباء وقوانينها وظواهرها، وجعلناها علمًا يُدرس في المدارس والجامعات، وألَّفنا فيها كتبًا ومجلدات، ولكن هل عرف أحد ماهية الكهرباء … (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) إنَّ البشر إنَّما يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا، أمَّا الحقائق والماهيات فلم يصل إليها علمهم…

          إنَّ الأرض ذرة صغيرة، فما الذي عرفناه من خبر هذا الفضاء؟ عرفنا بعلومنا ما يعرفه أطفال يلعبون على شاطئ البحر المحيط، جمعوا قليلًا من الأصداف الملونة، ووضعوا أيديهم على ما في البحر…

          وهذه القوانين الطبيعية هل تنفذ هي نفسها في العوالم البعيدة عنا، التي لا نعرف إلا لمحة عنها، أم هي قاصرة على عالمنا الأرضي وما يقاربه؟
          لذا رجعت أفكر في خلق السموات والأرض فلم أجد عند البشر علمًا منه، إنَّ الله ما أطلعهم إلا على طرف من أطراف هذا الفضاء …
          فما السماء؟
          السماء في لغة العرب كل ما علاك فأظلك، أما المقرر في العلم فهو أن الشمس والقمر يسبحان في الفضاء، وهذا أمر قد صرح به القرآن فقال: (وكل في فلك يسبحون) وأن الشمس والقمر على بعدها عنا يصل نورها إلينا في نحو ثمان دقائق؛ لأنَّ النور يقطع في مسيرة ثلاثمائة ألف كيل (كيلو متر) في الثانية، أي أنها تبعد عنا ثمان دقائق بالزمن الضوئي، والقمر يبعد عنا ثانية وثلث الثانية بهذا الزمن، فلو أننا استطعنا أن نصنع مركبة تسير بسرعة الضوء (وهي أقصى سرعة ممكنة، فإن زادت السرعة على ذلك ذهب الجسم، كما يقول آينشتاين، وتحول طاقة) لبلغنا القمر في ثانية وثلث الثانية، ولوصلنا إلى الشمس في ثمان دقائق.

          وأنَّ هذه الأجرام التي تظهر لنا نقطة في الفضاء في الليلة الظلماء (وقد لا تظهر لنا أبدًا) منها ما يبعد عنا ألف ألف (أي مليونًا) من السنين بالزمن الضوئي، ومنها ما يبعد عنا مائة مليون وألف مليون سنة وأكثر، فاحسبوا كم ثمان دقائق في هذه المدة التي تبلغ ألف مليون؛ لتتصوروا كم هي أبعد من الشمس.

          أما كبرها فنحن نعلم أن القمر أصغر من أرضنا، والأرض لا تعدُّ شيئًا إلى جنب الشمس، ومن النجوم العملاقة ما لو أن الشمس ألقيت فيه هي وسياراتها، لكانت بالنسبة إليه كحبة رمل أُلقيت في بوادي نجد، أو كقطرة ماء قطرت في البحر المحيط.
          وهذه النجوم والأجرام على ضخامتها كثيرة لا تحصى، يزيد عددها على ملايين الملايين، وتسير بسرعة مهولة، ومع ذلك لا تصطدم إلا إذا اصطدمت ست نحلات تطير وحدها حول الأرض؛ لأن الفضاء واسع واسع كسعة جو الأرض بالنسبة إلى النحلات، كما يقول مؤلف كتاب (النجوم في مسالكها).
          فأين مكان السماء من هذا الفضاء؟

          الله خبَّرنا أنَّ السماء ليست حدودًا وهمية، بل هي جرم حقيقي؛ لأنَّه سماها بناء، وقال: (بنيناها) (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها)… وقال: (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها) ووصفها بأنها سقف لهذا العالم، فقال: (وجعلنا السماء سقفا). وقال: (والسقف المرفوع) وجعل لها أبوابًا تُفتح وتُغلق، فقال: (ففتحنا أبواب السماء). و(لا تفتح لهم أبواب السماء) ونفى أن يكون فيها منافذ غير هذه الأبواب، فقال: (وما لها من فروج) وأن السماء تفتح يوم القيامة، (وفتحت السماء) وأنها تنشق، (فإذا السماء انشقت) وتنفطر وتكشط، وبينت النصوص أنَّ السموات سبع (فسواهن سبع سموات)… وأن الله قد جعلها طباقا قال: (سبع سموات طباقًا).

          فليست السموات خطوطًا وهمية هي مدارات الكواكب ،كما ذهب إلى ذلك جماعة من الفضلاء، أخطؤوا وما أصابوا، وليست السماء حاجزًا متصورًا، بل هي كما وصفها ربنا بناء، إنها مادة محيطة بهذا الفضاء وما فيه، ولها أبواب تفتح وتغلق، وعليها حرس، وإذا جاء الموعد تطوى السماء كطي السجل للكتب .

          ثم إنَّ الله عزَّ وجلَّ بعد أن وصف السماء بأنها بناء، وأنها سقف مرفوع أكمل الصورة، فجعل لهذا السقف مصابيح، فقال: (وزينا السماء الدنيا بمصابيح)، وصرَّح بأنَّ هذه المصابيح هي الكواكب. (بزينة الكواكب) فدلَّ على أنَّ الكواكب تحت السماء الدنيا؛ لأن المصابيح لا تكون إلا تحت السقف.

          والذي تبين لي من هذا كلِّه؛ من نصوص الكتاب المبين، ومن مقررات علماء الفلك أنَّ الشمس وتوابعها (وهن الأرض وأخواتها)، وهذه النجوم والأجرام التي لا يحصي عددها- تسبح في فضاء عظيم، وهذا الفضاء تحيط به كله كرة هائلة، وهذه الكرة هي السماء الدنيا، وهذا العالم بأرضه وشمسه وأجرامه جميعًا في وسطها.

          ولهذه الكرة سمك، الله أعلم بمقداره، قال تعالى: (رفع سمكها فسواها) وهي في فضاء لعله مثل هذا الفضاء أو أصغر أو أكبر، وحوله كرة أخرى لها سمك هي السماء الثانية ثم فضاء ثم كرة … وهكذا إلى السماء السابعة، وبغير هذه الصورة لا تكون السموات طباقًا، لا تكون طباقًا إلا إن انطبقت كلُّ نقطة فيها على التي تقابلها من الأخرى.

          وبعد السماء السابعة مخلوقات يستحيل على العقل أن يتخيلها أو يتصورها، منها الكرسي (وسع كرسيه السموات والأرض) ثم العرش (وهو رب العرش العظيم) وسدرة المنتهى، وما عبر الله عنه بما لم تره إلا عين بشرية واحدة أكرم الله صاحبها، فأراه هذه الآية الكبرى ليلة المعراج، هي عين نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.
          وهذه كلها عظمة المخلوق فما بالكم بعظمة الخالق، لا إله إلا هو تعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا…

          وإذا كان علماء الفلك يقولون بأنَّ من النجوم والمجرات ما يسير الضوء الصادر عنه في الفضاء من أول الزمان، ولم يصل إلينا إلى الآن، فمعنى ذلك أننا لو اخترعنا مركبة فضائية تسير بسرعة الضوء، ولو ركبنا فيها يوم وُلد نوح، وسرنا من ذلك الوقت إلى اليوم- لا نكون قد قطعنا من طريق السماء الدنيا إلا كما تقطع النملة التي تمشي
          دقيقة واحدة من هنا إلى أميركا.

          وأنا حين أنتهي إلى هذه الصورة، وأرى أن عالمنا كله بأجرامه وفضائه محبوس في وسط الكرة الصغرى التي هي السماء الدنيا أجد ذهني ينتقل إلى الجنين المحبوس في بطن أمه هذا الجنين لو استطعت أن تسأله، واستطاع أن يجيبك، وقلت له: ما هي الدنيا؟ لقال لك: الدنيا هي هذا البطن وهذه الأغشية. فلو خبرته أن ها هنا دنيا أكبر، عالمًا فيه برٌّ وبحر وسهل وجبل ومدن كبار، وأن دارًا واحدة من دور هذه المدن أكبر من دنياه هو بملايين المرات- لم يستطع أن يفهم ما تقول أو أن يتصوره، وكذلك نحن حين نسمع أنَّ الجنة عرضها كعرض السموات والأرض، وأن قصرًا واحدًا من قصورها أكبر من هذه الأرض كلها.

          إنَّ نسبة ملك الله إلى هذا الفضاء الذي فيه الكواكب والنجوم والمجرات كنسبة هذا الفضاء إلى بطن الأم بل هو أكبر، فسبحان الله! لا إله إلا الله، وما أحمق من لا يؤمن بالله.

          والله الذي خلق هذه المخلوقات التي يعجز العقل عن تصور مدى كبرها، خلق أخرى يعجز عن تخيل مدى صغرها، ففي الذرة التي لا تراها العين شبه هذه الفضاء، فيها قريب مما فيه من الأجرام الدقيقة التي تمشي على نظام قدَّره رب العالمين، يدور بعضها من حول بعض، تتقارب وتتباعد، وتختلف وتأتلف، على قانون محكم وضعه رب العالمين، وفي الخلية الحية وما كشفوه فيها من المورِّثات التي تنقل بعض الطبائع والسمات من الآباء إلى الأبناء آية أخرى.

          وفي كل شيء له آية ولكن الناس في غفلة عن ذكر الله (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله).


          ______________
          المصدر: فصول في الثقافة والأدب للشيخ علي الطنطاوي

          http://www.tntawy.com/content/%D9%85...7%D8%A1-%D8%9F
          www.tntawy.com/lic
          شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

          سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
          حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
          ،،،
          يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
          وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
          وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
          عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
          وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




          أحمد .. مسلم

          تعليق


          • #6
            رد: فضيلة الشيخ علي الطنطاوي

            بَرَكَةُ-التَقوى-مَعَ-الغافلين

            أربعاء, 01/23/2013 - 16:34 —‏ admin

            ذكر أن شابا فيه تقي وفيه غفلة.. طلب العلم عند أحد المشايخ حتى إذا أصاب منه حظا قال الشيخ: لا تكونوا عالة على الناس فإن العالم الذي يمد يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير فليذهب كل واحد منكم وليشتغل بالصنعة التي كان أبوه يشتغل بها.. وليتقِ الله فيها

            وذهب الشاب إلى أمه فقال لها: ما هي الصنعة التي كان أبي يشتغل بها..؟؟ فاضطربت المرأة فقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله فما بالك وللصنعة التي يشتغل بها..؟؟ فألحّ عليها وهي تتملص منه.. حتى اضطرها إلى الكلام أخبرته وهي كارهة أن أباه كان لصاً..!! فقال لها: إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كل بصنعة أبيه ويتقي الله فيها.. قالت الأم: ويحك.. وهل في السرقة تقوى..؟؟ وكان في الولد غفلة وحمق فقال لها: هكذا قال الشيخ.

            وذهب فسأل.. وتسقط الأخبار حتى عرف كيف يسرق اللصوص فأعدّ عدّة السرقة.. وصلى العشاء وانتظر حتى نام الناس وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ.. فبدأ بدار جاره وهمّ أن يدخلها ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى وليس من التقوى إيذاء الجار.. فتخطى هذه الدار ومرّ بأخرى.. فقال لنفسه: هذه دار أيتام والله حذّر من أكل مال اليتيم.. وما زال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني وليس فيه حرس ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيده عن حاجته.. فقال: هاهنا.. وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدها.. ففتح ودخل فوجد دارا واسعة وغرفاً كثيرة.. فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال.. وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئاً كثيراً.. فهمّ بأخذه ثم قال: لا يؤدّ زكاة أمواله لنخرج الزكاة أولاً.. وأخذ الدفاتر وأشعل فانوساً صغيراً جاء به معه.. وراح يراجع الدفاتر ويحسب.. وكان ماهراً في الحساب خبيراً بإمساك الدفاتر.. فأحصى الأموال وحسب زكاتها فنحّى مقدار الزكاة جانبا واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات فنظر فإذا هو الفجر فقال: تقوى الله تقضي بالصلاة أولاً.

            وخرج إلى صحن الدار فتوضأ من البركة وأقام الصلاة.. فسمع رب البيت فنظر.. فرأى عجباً: فانوساً مضيئاً..!! ورأى صندوق أمواله مفتوحاً ورجلا يقيم الصلاة فقالت له امرأته: ما هذا..؟؟ والله لا أدري.. ونزل إليه فقال: ويلك من أنت..؟؟ وما هذا..؟؟ قال اللص: الصلاة أولاً ثم الكلام.. فتوضأ تقدم فصل بنا فإن الإمامة لصاحب الدار.. فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح ففعل ما أمره.. والله أعلم كيف صلى

            فلما قضيت الصلاة قال له: خبّرني من أنت..؟؟ وما شأنك..؟؟ قال: لص. قال: وما تصنع بدفاتري..؟؟ قال: أحسب الزكاة التي لم تخرجها من ست سنوات وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصاريفها.. فكاد الرجل يجن من العجب وقال له: ويلك ما خبّرك..؟؟ هل أنت مجنون..؟؟ فخبّره خبره كله فلما سمعه التاجر ورأى ضبط حسابه.. ذهب إلى زوجته فكلمها.. وكان له بنت ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زوّجتك بنتي وجعلتك كاتباً وحاسباً عندي.. وأسكنتك أنت وأمك في داري ثم جعلتك شريكي..؟؟ قال أقبل.. وأصبح الصباح فدعا المأذون بالشهود وعقد العقد (1) وهذه الحادثة إنما ذكرتها لطرافتها على ما فيها من غرابة إستئناساً بها

            _________________
            http://www.tntawy.com/content/%D8%A8...84%D9%8A%D9%86
            www.tntawy.com/lqY
            شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

            سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
            حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
            ،،،
            يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
            وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
            وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
            عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
            وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




            أحمد .. مسلم

            تعليق


            • #7
              رد: فضيلة الشيخ علي الطنطاوي

              آخر-أبطال-غرناطة

              أربعاء, 01/23/2013 - 16:34 —‏ admin

              لم تشهد شمس اليوم الواحد والعشرين من المحرَّم سنة 897 هـ حينما أَطَلَّتْ على غرناطة تلك المدينةُ الضاحكة للحياة، الساكنةُ إلى النعيم، السابحةُ في جوِّ النَّغَمِ العَذْب، والعِطْر الأريج، بل رأت مدينةً واجمةً حَيْرَى، قد أَقْفَرَتْ منَ الرجال إلا قبضةً منَ الأبطال، رابَطَتْ حيال الأسوار، هي بقيَّة ذلك الجيش الذي دانت له إسبانيا كلها، وأظلت أَلْوِيَتُهُ فرنسا وإيطاليا، قَدْ وَقَفَتْ تُدافِعُ عَنْ آخِرِ حِصْنٍ لِلإسلام في هذا القطر المُمَزَّع، تَذُودُ عن بيوت الله، ومقابر الأجداد.

              ولقد جازت غرناطةُ أيَّامًا سُودًا عوابِسَ، ورأتْ مصائبَ ثِقالاً متتابعات؛ ولكنها لم تجد مثل هذه الليلة التي قَضَتْها مُسهِدَةً مذعورَةً، تنظر حَوالَيْها فلا تُبْصِرُ إلا مُدُنًا خضعت للعدو، فجاسَ خلالها، واستقرَّ فيها، وقد كانت أرضَ العروبة، وكانت ديارَ الإسلام، وأُمَّةً استُذِلَّتْ واستُعْبِدَتْ، وقدْ كانتْ أعَزَّ منَ النُّسور، وأَمْنَعَ منَ العُقْبَانِ؛ وبقيتْ هي وحدَها تحمي الحِمَى وتدافع عن الأرض والعِرض والدين، وتحمل وَحْدَها أوزار الماضي وما كان فيه من تخاذُل وأَثَرَةٍ وانقسام؛ وتؤدي وحدَها الدَّيْن، دَين الجهاد، الذي كان في أعناق مُدُن الأندلس كلِّها والمسلمين أجمعين، فنامتْ عنها مُدُن الأندلس، وشغلتها خيالاتُ الإمارة، وألقاب مملكة في غير موضعها.

              وجعلتْ تنظُرُ غرناطةُ إلى القصر البَهِيِّ العظيمِ، وهو آخِرُ هاتِيكَ القُصور، التي شغل رُوَاؤُها الأمراءَ، وأنْسَتْهُم سُكْناها أخلاقَ صحرائِهِم الأُولَى، فكانت مقابرَ لأمجادهم طَفِقَتْ تنظر إليه فلا ترى من بُناةِ الحمراء إلاَّ الرَّجُلَ الضَّعيفَ، المرأةَ الملتَحِيَةَ التي اسمُها أبو عبدالله الصغير، وأُمُّهُ الشَّريفةُ الأَبِيَّةُ؛ الرَّجُل الذي خُلِق في جسم امرأة: عائشة، فحوَّلَتْ وَجْهَهَا عنِ القصر إلى جِهَةِ السُّورِ تسأل: هل عاد موسى؟

              ولقد كان "موسى" أَمَلَ هذا الشعبِ، وإليه مَفْزَعُهُ، وعليه - بعدَ الله - اعتمادُهُ، بدا له في ساعة الخطر كما يبدو النَّجْمُ الهادي للضالِّ الآيِسِ.

              لقد طلع فجأة منَ الظلام؛ ظلامِ الدهماء، فإذا هو يلمع في لحظة واحدة الْتِمَاعَ البدر المنير وكذلك يَقْذِفُ هذا الشعبُ العربِيُّ بالأبطال كلَّمَا حاقت الشدائدُ، وادلهمَّت الخُطوب وإذا هو أَمَلُ أُمَّة، وإذا هو مِلْءُ السمع والبصر، وملء السَّهْلِ والجَبَل، وإذا هو بطل المعركة المُكْفَهِرَّةِ، دعا إلى القتال شَعْبًا كَلَّ مِنَ القتال، فَلَبَّاهُ على كَلاَلِهِ، هذا الشعب الذي عَلَّمَهُ محمدٌ كيف يُلَبِّي كُلَّما دُعِيَ إلى التضحية والجهاد، لبَّاه وتشقَّقَتْ أَسْمَالُهُ البَالِيَة عن أُسُودِ غَابٍ، وسِبَاعِ عَرِين. ووقف بهؤلاءِ الأسودِ في وجه السيل الإسبانيِّ الطَّامِي، وما زال ثابتًا، ولكنَّ أُسُودَه قد سقطوا صَرْعَى في ميادين الشَّرَف.

              خرج موسى منذ إحدى عَشْرَةَ ساعَةً يَضْرِبُ الضَّرْبَةَ الأخيرة ينالُ بِها إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ، إمَّا النصر وإما الشهادة، ويَرُدُّ العَدُوَّ الذي أبقى عليه حِلم المسلمين حتى قَوِيَ بضَعْفِهِم، واشتدَّ بِلِينِهِمْ. وانتزع منهمُ الأرض قَرْيَةً قريةً، وبَلَدًا بلدًا، حتَّى أقبل يَطْرُدُهُم من آخِرِ منزل لهم في الأندلس، من غرناطة.

              وعلتْ غرناطةَ فترةُ الجَزَعِ، من خَوْفِها على (موسى)؛ لقدْ جَعَلَتْهُ قائِدَها، وسلَّمَتْهُ الدَّفَةَ، لِيقودَ السفينة الهائمة على وَجْهِها وسطَ الأعاصير والزوابع إلى الشاطئ الآمن، فإذا عجز موسى عن نَجاتها، لم يُنجِها أحدٌ من بعدِهِ، وقد كان موسى آخِرَ خيط من خيوط الرجاء، وآخِرَ شعاعة من هذه الشَّمْسِ الَّتي سَطَعَتْ فملأتِ الأرض نورًا وهُدًى، ثم أدركها المَغِيبُ، فإذا انقطع هذا الخيط عمَّ ظلامُ اليأس وانتشر، وقد كان موسى آخِرَ مَقْطَع من هذا النشيد الذي أَلَّفَ مَطْلَعَهُ طارق، ثم توالى على نَظْمِهِ (شعراءُ...) البطولة عبدالرحمن وعبدالرحمن وعبدالرحمن؛ الغافقيُّ والداخلُ والناصرُ.

              فحَمَلَهُ الأبطال المساعير إلى الأقاصي والأداني، وتجاوبت بأصدائه صُهُولُ فرنسا، وبِطاح إيطاليا، ثم ضَعُفَ وتَخافَتَ، ولم يَبْقَ منه إلا هذا المَقْطَع، فَإذا انْقَضَى جَفَّ النشيد على الشفاهِ، وانقطع ومات.

              وقد كان موسى آخِرَ سَطْرٍ في سِفر الحقِّ والبطولة والمجد؛ ذلك الذي كَتَبَهُ العرب المسلمون في ثمانمائة سنة، فمحاه الأسبان في سنوات، ولم يبق إلا هذا السطر، فإذا طُمِسَ ذَهَبَ السِّفْرُ وباد، وقد كان موسى آخِرَ نَفَسٍ من أنفاس الحياة في الأندلس المسلمة؛ فإذا وقف هذا النَّفَسُ الواحد، وسكن هذا الذَّماءُ الباقي، صارت الأندلسُ المسلمةُ أثرًا بعد عين، وصارت ذكرى عزيزةً في نَفْسِ كلِّ مسلم، وأمانةً في عُنُقِهِ إلى يوم القيامة.

              وانطلقتْ من أعالي الأسوار؛ أنْ "لَقَدْ عَادَ مُوسَى". فتقاذَفَتْها الألْسُنُ وتناقَلَتْها الآذانُ، فطارت في أرجاء المدينة، وسارت في جوانبها مَسِيرَ البَرْقِ، فَبَلَغَتِ السَّاحاتِ والدُّروب، ووَلِجَتِ الدُّور والمنازل، وأوْغَلَتْ خلال البُيوت والسَّراديب؛ فَلَمْ تَلْبَثْ أن نَفَضَتْها نَفْضًا فَأَلْقَتْ بِأَهْليها إلى الأَزِقَّةِ والشوارع، فإذا هي ممتلئةٌ بِالنَّاس من كلِّ جنس وسِنٍّ ومنزلة. وإذا هي تَزْخَرُ بهذا النهر الإنسانيِّ الذي يجري صَوْبَ الأسوار، صَخَّابًا جَيَّاشًا مُزْبِدًا، يَتَحَدَّر ويُسْرِعُ مَجْنونًا، كأنَّما تَدْفَعُه قُوَّةٌ خفِيَّة هائلةٌ احتوتْها هذه الكلماتُ السحريةُ (المُكَهْرَبَة) الثلاث: "لقد عاد موسى"!.

              لقد كان يومًا من الأيام الغُرِّ التي تضيء الطريقَ لمن يَسْلُكُ فِجاجَ التاريخ، وتجيء في الليالي كالعبقريِّ في الناس، وتصنع العجائبَ لتكون معجزة في الزمان؛ ما شهدت مِثْلَهُ غرناطة، ولا أبصرت منه (إلا قليلاً) عينُ الوجود! يومَ أضاع فيه الناسُ غريزة المحافظة على الذات، في غِمار غريزة النَّوع، ونسُوا نفوسهم ليذكروا الدِّين والوطن، وانْبَتُّوا منَ الحاضر المَقِيتِ، ليعيشوا في الماضي الفَخْم، فماجَ في سوح غرناطة بحرٌ منَ الأجسام البشرية حَمَلَ أصحابُها أرواحَهُم على أَكُفِّهِم، وقدموا بين أيديهم دماءهم، التي غَضِبَ فيها ميراثُ ثمانية قُرون كلُّها مجدٌ وعزٌّ، ونفوسهم التي عصفت فيها ذكرياتُ أَلْفِ معركة منصورةٍ؛ فمشتْ في الأعصاب النار، واستعدَّ كُتَّاب التاريخ ليكتبوا أَعْجَبَ موقف للشعب إذا هَبَّ.

              ووصل موسى، ذلك البطلُ البَدْرِيُّ الذي أخطأ طريقَهُ في الزمان، فلم يَأْتِ في سنوات الهجرة الأُولَى، بل جاء في الأَوَاخِرِ من القرن التاسع، ولم يَطْلُعْ في الحجاز التي كانت تَبْتَدِئُ تاريخها المَجيدَ، بل في الأندلس التي كانت تَخْتم تاريخها.

              وكانت تعلوه كآبةٌ، فأنْصَتَ الشعب واحترم كآبةَ هذا الرجل الذي لو سَبَقَ به الدهر لَصَنَعَ يَرْمُوكًا أُخرى أو قَادِسِيَّةً ثانية، ولكنَّ الله الذي فتح تاريخنا في الأندلس بموسى، قد خَتَمَهُ الآن بموسى!.

              ونظر موسى حولَه، فإذا حولَه شيوخٌ قد أراق الكَرَمُ على شَيْباتهم بهاءه ونورَهُ، وأطفالٌ كالزَّهْر فتحوا عُيونهم على الدنيا فوجدوها غارقةً في بِركة منَ الدم، ونِسْوَةٌ تفتحتِ الأكمام عن زهراتها، فَرَأَتِ الطُّرقات مَنْ لم تكنِ الشمس تَرَاهُنَّ صِيانَةً وتَعَفُّفًا، قد بَرَزْنَ يَسِرْنَ إلى المعركة ويُزاحِمْنَ الرجال، ولم يكنَّ يَخْشَيْنَ على جَمَالِهِنَّ، فقد غَطَّتْ عاطفةُ الجِهاد على عاطفة الجنس، فكان كل رجل أخًا فيه لِكلِّ امرأة؛ فأَحْنَى رأسَهُ، ورأى الناسُ في عَيْنَيِ البطلِ دمعة تَتَرَقْرَقُ، وفَتَحَ فَمَهُ فحَبَسَ الناس أنفاسهم.

              فإِذا هو يُعْلِنُ النَّبأَ المَهُولَ، نبأ تسليم أبي عبدالله الصغير مفاتيحَ غِرناطة! نبأٌ بدأ صغيرًا كما تبدو المصائب، فلم يَدْرِ الناس لهول المفاجأة ما أَثَرُ هذا وما خَطَرُهُ، ولكن القرونَ الآتياتِ دَرَتْ ما أَثَرُ هذا النبأ، ولم تفرغ إلى اليوم من وَصْفِ فواجعه وأهواله.

              ونظر موسى فإذا الصَّرْح الذي أَنْفَقَ في إقامته الدَّهْرَ الأطولَ، قدِ انهار في دقائق، وإذا هذه الديارُ التي سُقِيَتْ بدم الجدود، وامتزجت برُفَاتِهِمْ، وقامتْ على أيديهم، يُسْلِمُها جبانٌ مَأْفونٌ للعدو المُغِير، وإذا السادة صاروا خولاً، والملوكُ عَبِيدًا، وجعل يفكِّر في هذه الفئة التي حولَه، في أكرم زَهرات غرناطة وأزكاها، هل يُجَنِّبُها الموتَ الحاصِرَ ويَرُدُّها إلى حيث وَجَدَتِ الراحة والدَّعة، أم يُخَلِّصُها من حياة كلُّها ذُلٌّ وأَلَمٌ، ويَسُوقُها إلى موت شريف؟

              وإنه لَفِي تفكيره وإذا بأطفال غرناطة يُنْشِدُونَ ذلك النشيدَ الذي لا يُعرَفُ مَنْ نَظَمَهُ لهم، فيُصغِي الناسُ ويستَمِعُ الفَلَكُ الدَّائِر: "لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ، إنَّا ذاهبون إلى الجنَّة.

              إنَّ أرض غرناطة لن تَضِيقَ عن لَحْدِ طفل صغيرٍ مات في سبيل الله.

              إن أزهار غرناطة لن تَمْنَعَ عِطرَها قَبْرًا لم يُمَتَّعْ صاحبُهُ بعِطْرِ الحياة.

              إن ينابيعَ غرناطة لن تَحْرِمَ ماءَها ثَرَى لَحْدٍ، ما ارتَوَى صاحبُهُ من مائها.

              أنتِ يا أرضُ غرناطة أُمُّنَا الثانيةُ فضُمِّينَا إلى صَدْرِكِ الدافئ الذي ضَمَّ آباءنا الشُّهَدَاء.

              لا تَبْكِ يا أُمَّاهُ بلِ اضْحَكِي، واحفظي لِعَبَنَا، سيأتي إخوتنا فيلعبون بها.

              فذَكِّرِيهِمْ بأنَّنا تركناها من أجل هذا الوطن، سنلْتَقِي يا أُمَّاهُ! إنَّكِ لن تُؤْثِرِي الحياة في ظلال الأسبان على الموت تحت الراية الحجازيَّة.

              ولن تَضِيقَ عَنَّا أرض غرناطة؛ ما ضاقت أرضُنَا بشهيد".

              ولم يَعُدْ يُطيقُ مُوسى أكثرَ من ذلك، فلَكَزَ فَرَسَهُ، وانطلق إلى حيث لا يدري أحدٌ، كما جاء من حيث لم يَدْرِ أحد.

              وكَذَلِكَ ذَهَبَ آخِرُ أبْطَال الأندلس، لم يُخْلِفْ له قَبْرًا في الأرض، ولا سِيرَةً واضحةً في التاريخ، بل مرَّ على الدنيا كأنه حُلْمٌ بهيج!.

              رحمةُ الله على موسى بن أبي الغَسَّانِ، وعلى أولئك الأبطال.

              ______________________

              http://www.tntawy.com/content/%D8%A2...A7%D8%B7%D8%A9

              www.tntawy.com/lq4
              شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

              سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
              حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
              ،،،
              يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
              وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
              وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
              عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
              وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




              أحمد .. مسلم

              تعليق


              • #8
                رد: فضيلة الشيخ علي الطنطاوي

                المشاركة الأصلية بواسطة نفس مطمئنة مشاهدة المشاركة
                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                اذا كان هذا المعلم تخرج من كلية التربية فهذا الذى يحدث له عيب منه لانه لم يطبق ما تعلمه ؛ واذا لم يكن من خريجيها فكان افضل له ان يسعى للحصول على سنة واحدة كدبلوم تربوى منها ليعرف كيف يدير الفصل وكيف يوصل المعلومة .
                لقد مر بى موقف مشابه لموقفه من خلال حصص التدريب العملى فى سنة دبلوم تربوىمع البنات فى مدارس للبنات فى الصف الاول الاعدادى كمعلمة للدراسات الاجتماعية ؛ وفى الصف الثالث الثانوى كمعلمة للفلسفة !
                المهم ان الفصول عددها كبير وكان نصيبى مع فصول المشاغبات للمعلمين والمعلمات خاصة التدريب العملى وكانت زميلاتى تهرب منهن ؛ ولكن الحمد لله الامر معى كان مختلف (( فكما تدين تدان )) اى ان ذلك لم يحدث معى رغم تواجدى مع المشاغبات لانى لم اشاغب المعلمات وقت ان كنت طالبة اما الاخريات فكان قولهن الظاهر ما كنا نفعله بيتحقق فينا .
                ازمة الفصول زادت والعدد الاّن تخطى المئة فى الصف الاول الابتدائى ويقل قليلا فى الصف الثانى ، والمعلمون والمعلمات منهم المتفوق والحازم ومنهم عكس ذلك وهذا يدل على مستوى مهارة المعلم ويؤكده ما يصل اليه التلاميذ من تفوق او عكس ذلك .
                المشكلة ليست العدد فقط ولكن ميزانية التعليم فى المدارس والوسائل التعليمية ومرافق المدرسة فكلاهما قليل ولا يفى بحاجة المعلم والطالب وكذلك توجد ازمة عدد معلمين بالتعيين الحكومى وكثير يعملوا بالحصة ومعرضين للايقاف فى اى وقت ومثلهم العمال فى المدرسة مما يبتعد بهؤلاء عن الحالة النفسية السوية التى يجب ان يكون عليها من يعملون فى التعليم وينعكس ذلك على الطلاب دراسيا وصحيا لان ليس كل الاسر تستطيع احتواء ابنائها تعليميا وصحيا ؛ والقوانين التى تصدر وتجدد من حين لاّخر يستخدمها المعلمون فى تهديد التلاميذ ومنهن من قالت القانون الجديد رقم كذا يخلينا نقدر عليكم فى كذا وكذا ومنهن من تسب داخل الفصل !(( التلاميذ واسرهم !)) اضافة لصراعات المعلمين وصراع العمال وصراع التلاميذ داخل وخارج المدرسة (( بلا مبالغة )) الافضل ان يتحقق التعليم عن بعد فى ظل هذة الفوضى التى لا يستطيع مدير المدرسة ان يتحكم فيها مهما حاول ؛او يصبح الذهاب الى المدرسة كنظام المعاهد ارشادى فتقل اعداد الحصص والتلاميذ ويتوفر المعلمون والعمال والوسائل التعليمية وتنتهى مشكلات كثيرة اكثر من ذلك ومنها الحقائب الثقيلة والسلوكيات والكلمات الغير اخلاقية التى تنتقل من المدرسة الى الاسرة مع الاسف والتى تؤثر على الصحة الجسدية والنفسية ؛ فالحقائب الثقيلة تجعل التلاميذ معرضين لمرض يسمى (( الجنف )) والعياذ بالله والعدوانية والسباب فى المدرسة يترك اّثار سيئة على التلاميذ واسرهم .اللهم ارفع عنا هذا البلاء المسمى (( مدرسة ))الا ما صلح منها .
                اشراقة : بعض المدارس الاّن تعنى بالدين والاخلاق والسلوكيات الى جانب العلم وتشدد الرقابة على المعلمين والعمال وتتفاعل مع الاسر .ولكنها مدارس خاصة .اما المدارس الاخرى فتضم الحسن والسئ ولا حول ولا قوة الا بالله .
                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                عموما "القصة" للعبرة والعظة واستخراج بعض المشكلات لمحاولة تلافيها مستقبلا

                هكذا كان اسلوب الشيخ لطرح المشكلات وعلاجها ، فلا مقارنة حقيقية بين حال الماضي وبين حال اليوم الا فيما تجذر من قضايا
                ليس المطلوب الاندماج مع القصة وبدء اللوم على اى طرف فيها وانما المطلوب هو طرح الحلول ومعالجة المشكلات

                والشيخ الكريم كان يحكي هذه القصص منذ زمن قديم جدا فترة الثمانينات وما حولها ونحو ذلك
                وبالتالي لا جدوى من نقاش مشكلات التعليم آنذاك الا ما بقي منها متصلا الى اليوم

                والله المستعان ..
                شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

                سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
                حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
                ،،،
                يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
                وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
                وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
                عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
                وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




                أحمد .. مسلم

                تعليق


                • #9
                  رد: من روائع ما كتب الشيخ علي الطنطاوي -يحدث دوريا-

                  هذه هي ملذّات الحياة؛ إنّها لا تلذّ إلاّ من بعيد
                  كان من حكماء العصر .. رحمة الله عليه ..

                  تعليق


                  • #10
                    رد: من روائع ما كتب الشيخ علي الطنطاوي -يحدث دوريا-

                    أعرابي-في-حمام


                    جمعة, 01/25/2013 - 03:57 —‏ admin
                    صحبنا في رحلتنا إلى الحجاز، دليل شيخ من أعراب نجد يقال له: صلَبى ما رأيت أعرابياً مثله قوةَ جَنَان، وفصاحة لسان، وشدة بيان، ولولا مكان النبرة البدوية لحسبته قد انصرف الساعة من سوق عكاظ، لبيان لهجته، وقوة عارضته، وكثرة ما يدور على لسانه من فصيح الكلام، وكان أبيّ النفس، أشمّ المعطس، كريم الطباع، لكن فيه لوثة وجفاء من جفاء الأعراب، رافقنا أيام طويلة، فما شئنا خلة من خلال الخير إلا وجدناها فيه، فكان يواسينا إذا أصبنا، ويؤثرنا إذا أَضَقنا، ويدفع عنا إذا هوجمنا، ويفديّنا إذا تألمنا، على شجاعة نادرة، ونكتة حاضرة، وخفة روح، وسرعة جواب، قلنا له مرة:

                    - إن (صْلَبة) في عرب اليوم، كباهلة في عرب الأمس، قبيلة لئيمة يأنف الكرام من الانتساب إليها، وأنت فيما علمنا سيّد كريم من سادة كرام، وليس لك في هذه القبيلة نسب؟ فما لك تدعى صلبى، فضحك، وقال:
                    - صدقتم والله، ما أنا من صلبة، ولا صلبة مني، وإني لكريم العم والخال، ولكنّ هذا الاسم نكتة أنا مخبركم بها.
                    قلنا: هات، قال:
                    - كان أبواي لا يعيش لهما ولد، فلما ولدت خشيا عليّ فسمياني صْلَبى، قلنا: ائن سمياك صْلَبى عشت؟ قال:
                    إن عزرائيل أكرم من أن يقبض روح صْلَبى.
                    وسألناه مرة: هل أنت متزوج يا صْلَبى؟ قال:
                    - لقد كنت متزوجاً بشرّ امرأة تزوجها رجل، فما زلت أحسن إليها، وتسيء إليّ، حتى ضقت باحتمالها ذرعاً فطلقتها ثلاثاً وثلاثين.
                    قلنا: إنها تبين منك بثلاث، فعلام الثلاثون؟
                    فقال على الفور: صدقة مني على الأزواج المساكين!
                    وطال بنا الطريق إلى تبوك، وملّ القوم، فجعلوا يسألونه عن تبوك، ويكثرون عليه، يتذمرون من بعدها، حتى إذا كثروا قال لهم:
                    ما لكم تلومونني على بعدها؟ والله لم أكن أنا الذي وضعها هناك، ولم يكن صْلَبي يعرف المدن، ولم يفارق الصحراء قط إلا إلى حاضرته تبوك (وتبوك لا تزيد عن خمسين بيتاً) فلما بلغنا مشارف الشام أغريناه بالإبلاد ودخول المدينة، وجعلنا نصف إليه الشام، ونشوّقه فيأبى، وكنت صفّيه من القوم وخليله ونجيّه فجعلت أحاوره وأداوره، وبذلت في ذلك الجهد فلم أصنع معه شيئاً لما استقر في نفسه من كراهية المدن وإساءة الظن بأهلها، وكان عربياً حراً، ومسلماً موحداً، لا يطيق أن يعيش يوماً تحت حكم (الروم) أو يرى مرة مظاهر الشرك.
                    فودعناه وتركناه.
                    * * *
                    وعدت إلى دمشق، فانغمست في الحياة، وغصت في حمايتها أكدّ للعيش، وأسعى للكسب، فنسيت صلَبى وصُحبته، وكدت أنسى الصحراء وأيامها، ومرّت على ذلك شهور، وكان أمس فإذا بي ألمح في باب الجابية وسط الزحمة الهائلة، وجهاً أعرفه فلحقت به أتبيّنه فإذا هو وجه صْلَبى، فصحت به:
                    - صْلَبى! قال: لا صْلَبى ولا مْلَبى.
                    قلت: ولم ويحك؟ قال: أنا في طلبك منذ ثلاث، ثم لا تأتي إليّ ولا تلقاني؟
                    فقلت له ضاحكاً: وأي ثلاث وأي أربع؟ أتحسبها تبوك فيها أربعمائة نسمة؟ إنها دمشق يا صْلَبي، فيها أربعمائة ألف إنسان، فأين تلقاني بين أربعمائة ألف؟
                    قال: صدقت والله.
                    قلت: هلم معي، فاستخرجته من هذه الزحمة الهائلة، وملت به إلى قهوة خالية، فجلسنا بها، ودعوت له بالقهوة المرة والشاهي، فسرّ، وانطلق يحدثني، قال:
                    - لمّا فارقتكم ورجعت وحيداً، أسير بجملي في هذه البادية الواسعة، جعلت نفسي تحدثني أن لو أجبت القوم ورأيت المدينة، فلما كان رمضان مرّ بنا بعض الحضريين فدعوني إلى صحبتهم لأرشدهم الطريق، ثم أغروني كما أغريتموني، وحاوروني كما حاورتموني حتى غلبوني على أمري ودخلوا بي دمشق، فما راعني والله يا ابن أخي إلا سيارة كبيرة كسيارتكم هذه، لكنها أهول وأضخم، لها نوافذ وفيها غرف، وقد خطوا لها خطين من حديد فهي تمشي عليهما، فأدخلوني إليها، فخشيت والله وأبيت، فأقسموا لي وطمأنوني، فدخلت ويدي على خنجري إن رأيت من أحد شيئاً أكره وجأته به، وعيني على النافذة إن رابني من السيارة أمر قفزت إلى الطريق، وجلست، فما راعنا إلا رجل بثياب عجيبة قد انشق إزاره شقاً منكراً، ثم التف على فخذيه فبدا كأنما هو بسراويل من غير إزار، وعمد إلى ردائه فصف في صدره مرايا صغيره من النحاس، ما رأيت أعجب منها، فعلمت أنه مجنون وخفت أن يؤذينا، فوضعت كفي على قبضة الخنجر، فابتسم صاحبي وقال: هو الجابي. قلت: جابي ماذا، جبّ الله (...)!
                    قال: اسكت، إنه جابي (الترام) أعني هذه السيارة.
                    ثم مدّ يده بقرشين اثنين، أعطاه بها فتاتة ورق، فما رأيت والله صفقة أخسر منها، وعجبت من بلاهة هذا الرجل إذ يشتري بقرشين ورقتين لا تنفعان وجلست لا أنبس، فلم تكن إلا هنَيّة حتى جاء رجل كالأول له هيئة قِزْدية ألا أنه أجمل ثياباً، وأحسن بزّة، فأخذ هذه الأوراق فمزقها، فثارت ثائرتي، قلت: هذا والله الذل، فقّبح الله من يقيم على الذل والخسيفة، وقمت إليه فلبّبته وقلت له:
                    - يا اين الصانعة، أتعمد إلى شيء اشتريناه بأموالنا، ودفعنا به قروشنا فتمزقه، لأمزّقن عمرك.
                    وحسبت صاحبي سيدركه من الغصب لكرامته، والدفاع عن حقه مثل ما أدركني فإذا هو يضحك، ويضحك الناس ويعجبون من فعلي، لأن عمل هذا الرجل - فيما زعموا- تمزيق أوراق الناس التي اشتروها بأموالهم...
                    ولما نزلنا من هذه الآفة، قال لي صاحبي: هلّم إلى الحمام. فقلت: وما الحمام يا ابن أخي؟
                    قال: تغتسل وتلقي عنك وعثاء السفر.
                    قلت: إن كان هذا هو الحمام، فما لي فيه من مأرب، حسبي هذا النهر أغطس فيه فأغتسل وأتنظف.
                    قال: هيهات... إن الحمام لا يعدله شيء، أو ما سمعت أن الحمام نعيم الدنيا؟
                    قلت: لا والله ما سمعت. قال: إذن فاسمع ورَهْ.
                    وأخذني فأدخلني داراً قوراء في وسطها بركة عليها نوافير يتدفق منها الماء، فيذهب صعداً كأنه عمود من البلور ثم يتثنى ويتكسر ويهبط كأنه الألماس، له بريق يخطف الأبصار، صنعة ما حسبت أن يكون مثلها إلا في الجنان، وعلى أطراف الدار دكك كثيرة، مفروشة بالأسرة والمتكآت والزرابيّ كأنها خباء الأمير، فلم نكد نتوسطها حتى وثب إلينا أهلوها وثبة رجل واحد، يصيحون علينا صياحاً غريباً، فأدركت أنها مكيدة مدبرة، وأنهم يريدون اغتيالي، فانتضيت خنجري وقلت: والله لا يدنو مني أحد إلا قطعت رقبته، فأحجموا وعجبوا ورعبوا، وغضب صاحبي وظنني أمزح، ومال عليّ يعاتبني عتاباً شديداً. فقلت له: ويحك أو ما تراهم قد أحاطوا بنا؟ قال:
                    إنهم يرحبون بنا ويسلمون علينا، فسكت ودخلت، وعادوا إلى حركتهم يضحكون من هذا المزاح، ويدورون حولنا بقباقيبهم العالية، ويجيئون ويذهبون، وأنا لا أدري ما هم صانعون حتى قادونا إلى دكة من هذه الدكك، وجاءوا ينزعون ثيابنا فتحققت أنها المكيدة، وأنهم سيسلبونني خنجري حتى يهون عليهم قتلي، فقد عجزوا أن يقاتلوني وبيدي الخنجر، فأبيت وهممت بالخروج، ولكن صاحبي ألحّ عليّ وأقسم لي، فأجبت واستسلمت وإن روحي لتزهق حزناً على إني ذللت هذا الذل حتى أسلمتهم سَلَبي يسلبونني وأنا حي. ولو كنت في البادية لأريتهم كيف يكون القتال، حتى إذا تمّ أمر الله ولم يبق عليّ شيء، قلت: أما من مسلم؟ أما من عربي؟ أتكشف العورات في هذا البلد فلا يغار أحد، ولا يغضب إنسان؟
                    فهدّأ صاحبي من ثورتي وقال: أفتغتسل وأنت متزر؟ قلت: فكيف أتكشف بعد هذه الشيبة، وتذهب عني في العرب فتكون فضيحتي إلى الأبد؟
                    قال: من أنبأك أنك ستتكشف؟ هلا انتظرت!
                    فانتظرت وسكت فإذا غلام من أغلمة الحمام، يأخذ بيده إزاراً فيحجبني به حتى أنزع أزراري وأتزرّ به، فحمدت الله على النجاة، وكان صاحبي قد تعرى فأخذ بيدي وأدخلني إلى باطن الحمام، فإذا غرف وسطها غرف، وساحات تفضي إلى ساحات، ومداخل ومخارج ملتفّة متلوية، يضّل فيها الخرّيت وهي مظلمة كأنها قبر قد انعقدت فوقها قباب وعقود، فيها قوارير من زجاج تضيء كأنها النجوم اللوامع، في السماء الداجية، وفي باطن الحمام أناس عري جالسون إلى قدور من الصخر فيها ماء، فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم، وقلت هذه والله دار الشياطين وجعلت ألتمس آية الكرسي فلا أذكر منها شيئاً، فأيقنت أنها ستركبني الشياطين لما نسيت من آية الكرسي، وجعلت أبكي على شيبتي أن يختم لها هذه الخاتمة السيئة، وإني لكذلك، وإذا بالخبيث يعود إليّ يريد أن ينزع هذا الإزار الذي كسانيه، فصحت به: يا رجل، اتق الله، سلبتني ثيابي وسلاحي، وعدت تجردني وتعريني، الرحمة يا مسلمون، الشفقة أيها الناس! فوثب إليّ الناس، وأحدقوا بي، وجعلوا يضحكون، فقال صاحبي:
                    - ما هذا يا صْلَبى، لا تضحك الناس علينا، أعطه الإزار، قلت: وأبقى عرياناً؟ قال: لا، ستأخذ غيره، هذا كساء يفسد إذا مسه الماء، وإن للماء كساء آخر.
                    ونظرت فإذا عليه هيئة الناصح، وإذا هو يدفع إليّ إزاراً آخر، فاستبدلته به مكرهاً وتبعت صاحبي إلى مقصورة من هذه المقاصير، فجلسنا علا قدر من هذه القدور، وأنا أستجير بالله لا أدري ماذا يجري عليّ؟ فبينما أنا كذلك وإذا برجل عار، كأنه قفص عظام، له لحية كثة، وشكل مخيف وقد تأبط ليفاً غليظاً يا شرّ ما تأبط، وحمل ماعوناً كبيراً، يفور فوراناً، فاسترجعت وعلمت أنه السمّ وأنه سيتناثر منه لحمي، فقصد إليّ، فجعلت أفرّ منه وأتوثب من جانب إلى جانب وهو يلحقني ويعجب من فعلي، ويظن أني أداعبه، وصاحبي يضحك ويقسم لي أنه الصابون، وأنه لا ينظف شيء مثله.
                    قلت: ألا شيء من سدر! ألا قليل من أشنان؟
                    قال: والله ما أغشك، فجرب هذا إنه خير منه.
                    فاستجبت واستكنت، وأقبل الرجل يدلكني دلكاً شديداً وأنا أنظر هل تساقط لحمي، هل تناثر جلدي، فلا أجد إلا خيراً فأزمعت شكره لولا أني وجدته يتغفلني فيمد يده تحت الإزار إلى فخذي، فيدلكه ويقرصه، فقلت: هذا ماجن خبيث، ولو ترك من شره أحد لتركني، ولصرفته عني شيبتي، وهممت بهشم أنفه وهتم أسنانه، ولحظ ذلك صاحبي فهمس في أذني أنه ينظفك وكذلك يصنع مع الناس كلهم، فلما انتهى وصب عليّ الماء، شعرت والله كأنما نشطت من عقال، وأحسست الزهو والخفة، فصحت فأنكرت صوتي فقلت: ما هذا، أينطق لساني مغنٍ من الجن؟ وأعدت الصيحة فازددت لصوتي إنكاراً. واستخفني الطرب، فجعلت أغني وأحدو، فقال صاحبي: لعلك استطبت صوتك؟
                    قلت: أي والله، قال: أفأدلك على باب القاضي؟
                    قلت: وما أصنع في باب القاضي؟ قال: ألا تعرف قصة جحا؟
                    قلت: لا والله، ما أعرف جحا ولا قصته.
                    قال: كان جحا عالماً نحريراً، وأستاذاً كبيراً، لكن كان فيه فضائل نادرة، وكان خفيف الروح، فدخل الحمام مرة فغنى فأعجبه صوته -وكان أقبح رجل صوتاً- وراقه حسنه، فخرج من فوره إلى القاضي، فسأله أن ينصبه مؤذناً وزعم أن له صوتاً لا يدخل أذناً إلاّ حمل صاحبها حملاً فوضعه في المسجد، فقال القاضي: اصعد المنارة فأذن نسمع.
                    فلما صعد فأذّن، لم يبق في المسجد رجل إلا فر هارباً، فقال له القاضي: أي صوت هذا، هذا الصوت الذي ذكره ربنا في الكتاب.
                    قال: أصلح الله القاضي، ما يمنعك أن تبني لي فوق المئذنة حماماً؟!.
                    * * *
                    ولمح الأعرابي صديقاً له من أعراب نجد، قد مرّ من أمام القهوة، فقطع عليّ الحديث وخرج مهرولاً يلحق به.


                    ___________________

                    http://www.tntawy.com/content/%D8%A3...85%D8%A7%D9%85
                    www.tntawy.com/llq
                    شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

                    سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
                    حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
                    ،،،
                    يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
                    وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
                    وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
                    عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
                    وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




                    أحمد .. مسلم

                    تعليق

                    مواضيع ذات صلة

                    تقليص

                    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                    ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
                    ردود 0
                    30 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
                    ردود 0
                    34 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                     
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
                    ردود 0
                    55 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                     
                    ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
                    ردود 0
                    61 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة صلاح عامر
                    بواسطة صلاح عامر
                     
                    ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
                    ردود 0
                    48 مشاهدات
                    0 معجبون
                    آخر مشاركة صلاح عامر
                    بواسطة صلاح عامر
                     
                    يعمل...
                    X