بولس .......... الحقيقة والخيال

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشرقاوى مسلم اكتشف المزيد حول الشرقاوى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بولس .......... الحقيقة والخيال

    بولس .......... الحقيقة والخيال


    مقدمة
    إن الناظر المتفحص للأناجيل التي بين أيدينا اليوم سيجد إتجاهين متناقضين من التعاليم لا يعرف أحدهما الآخر , ولم يلتق أحدهما بالآخر .

    الإتجاه الأول
    هو الأناجيل الاربعة والتي تحكي عن تاريخية يسوع وعن شبابه كمسيح الله وحياته ومعجزاته واتباع الشريعة الموسوية والحض عليها وخصوصية الدعوة لبني إسرائيل والبشارة بالملكوت وتعظيم الرسل الإثناعشر ومكانتهم عند المسيح وعند الله ,وموعظته لهم على الجبل وتكليفهم بحمل الدعوة وكيفية الإيمان والحياة الأبدية وملكوت الله وأهمية العمل المدفوع بالإيمان .

    والإتجاه المُعاكس
    هو رسائل بولس والتي تتحدث عن شخص لا نعرف عنه إلا العقيدة البولسية في الخلاص وهي أنه تألم (رومية 8: 17),(2كور 11: 22),(فليبي 3: 5 ),(اعمال22 :3 ) ومات على الصليب (رومية6 :6),(غلاطية5 :24 , 6 :14 ),(كولسوي2 :12) وقبر (رومية6 :4) وقام من الأموات(رومية2: 24 - 6: 4,9 - 7: 4 - 8 : 11 - 10: 9 ).(1كور 6: 14 - 15 : 4 ...الخ) أما متى وأين حدث ذلك فلا نعرف عنه شيئاً,أما ما يخص المسيح وحياته وتعاليمه هو فلا نعرف من بولس الذي عاصر المسيح عن المسيح شيئاً إلا أنه ولد من إمرأة تحت الناموس (غلاطية 4:4 ) وانه من نسل ابراهيم (غلاطية 3 :16) ومن عقب داود (رومية 1 :4),(تيموثي2 :8) وأنه ينتمي إلى شعب إسرائيل (رومية 9 : 3),(2كورنثوس11: 22 ),(فيلبي3 : 5),(أعمال 22: 3).

    وهذا فيه من الغرابة الكثير وما يستحق التوقف عنده بالنقد والتحليل ,لأنه من المفترض أن بولس هذا عاصر تاريخية المسيح النبي وصانع المعجزات الذي أكل مع العشارين والخطاة .

    إلا أننا نجد كاتب الرسائل قد ترك فجوة هائلة بين
    • لم يذكر عن ميلاد المسيح وموته.
    • لم يذكر شيئاً عن والدة المسيح مريم أو عن الحاكم الروماني , ولم يسكت فقط عن ذكرأمه مريم أو عن دور بيلاطس البنطي ,بل
    • لم يذكر شيئاً عن المعتقدات والتعاليم التي تعلمناها من الإنجيل ,
    • لم يذكر شيئاً عن عظاته على الجبل وأمثلته عن مملكة الله ,
    • لم يذكر شيئاً عن يوحنا المعمدان أو الجليل أو جيثماني أو الجلجثة ,لقد سكت تماماً عن مواجهات يسوع مع الكتبة والفريسيين,
    • لم يذكر شيئاً عن بطرس صخرة المسيح الذي عليه يبني المسيح كنيسته إلا أنه قضى معه 15 يوماً فقط لا ليتعلم منه ولكن ليتعرف عليه (غلاطية1 : 18 ) ثم إتهامه له ومعه برنابا واليهود المتنصرون بالرياء وعدم الإستقامة ومخالفة الإنجيل بعد أربعة عشر عاماً (غلاطية2 :11-14 ) وإتهام بطرس بالخوف من جماعة يعقوب كما في (غلاطية 2: 12)
    • ولم يذكر شيئاً عن يعقوب ويوحنا وصفا سوى أنه رأى يعقوب عند بطرس (غلاطية 1 : 19) ومن ثم التهكم منهم والتباهي بأنهم لم يُعلموه شيئاً ورفضه بدعوتهم للختان بل وبأسلوب يُشكك في كونهم أعمدة (غلاطية 2: 6 , 2 :9 ), ومن هو يعقوب؟!! إنه أخو المسيح الذي دانت له اليهودية كلها بالولاء, يعقوب هذا الذي كان هو الوحيد من بين جميع اليهود الذي يدخل قدس الأقداس.بل حتى رسالة يعقوب باتت لتخرج من الإنجيل وسط صراع الآباء عن صحتها وخطأها لا لشيء إلا لأنها تُخالف تعاليم بولس عن الإيمان والعمل .

    فكيف يسكت بولس تماماً عن حياة وسيرة يسوع؟!!..

    فهو ليس مجرد شخص عادي وإنما الباعث له بالرسالة والوحي كما ادعى!!! ..وكيف يُهمش ويُقلل من شأن الرسل الإثنى عشر الذين شهد لهم المسيح بانهم سيدينون اسباط إسرائيل؟!!..بل إن أول ما فعله بولس هو سفره إلى العربية لمدة ثلاث سنوات (غلاطية1 :17 )

    • كان من باب اولى أن يقوده حب المسيح وشوق الإيمان الصادق إلى التواضع والسفر إلى اليهودية في الحال و مقابلة من أحبهم المسيح ومن حملوا نوره على الأرض وهم الرسل الإثناعشر ,

    • كان من باب أولى حتى لا يكون سعى او قد يسعى باطلاً ان يعرض تعاليمه في الحال عليهم .وهذا مالم يحدث إلا بعد ثلاثة سنوات قضى فيها 15 يوماً لم يرى إلا بطرس ويعقوب ثم هجرهم ورحل , ولم يعد إلا بعد اربعة عشر سنة (غلاطية2 :1- 2 ) .

    فكيف يكون هو الغيور على تعاليم المسيح السالك حسب الإستقامة وينتظر طيلة هذه المُدة دون عرض ما يكرز به على المُعتبرين؟!!..بل إن النتيجة كانت أنه جاهر بمخالفتهم واتهامهم بالرياء والإفتخار بأنه لم يلجأ ولم يُذعن لهم ولو ساعة (غلاطية2 : 5) .






    ولو اكتفينا برسائل بولس لنعرف شيئاً عن المسيح وعقيدته
    لما عرفنا شيء أكثر من عقيدة صاحب الرسائل في أن هناك شخص يُسمى يسوع مات على الصليب وقام من الأموات أما متى وأين فلا نعلم. وأن أتباع هذا الشخص وتلاميذه المُعتبرون أعمدة لم يسيروا حسب استقامة الإنجيل وخالفوا أقوال المسيح وراؤوا ونافقوا , وأن بولس وعقيدته هي الصحيحة وماعداها خطأ.

    وأما عن عقيدة بولس التي ألبسها للمسيح فلا يتعدى المسيح عند بولس فيها كونه أيقونة يتم تعليق أفكار الكاتب ومعتقده عليها بلا أي دليل او استشهاد بل وبكل تناقض تام مع أقوال المسيح وتلاميذه أنفسهم , فيُصبح الملكوت ليس ما قال به المسيح وإنما من اتبع إيمان وأفكار صاحب الرسائل , ويُصبح العمل بلا قيمة والقيمة لاتكون الا بإتباع إيمان وأفكار صاحب الرسائل .

    لقد استطاع مؤلف الرسائل البولسية أن يمحو شخصية المسيح ويُضيف تعاليم جديدة يُغير بها دين المسيح كاملاً ويضع دينه وعقيدته التي لا تجد لها أي سند سوى أفكاره , مستخدماً أيقونة المسيح في حين أنه لو تم استخدام اي اسم آخر وأي ايقونة أخرى لجاز وانطبق فكر كاتب الرسائل عليها , في حين أن الاناجيل وإن شابها بعض التدخل فإنها لا تنطبق إلا على شخص بعينه وهو المسيح.

    والأكثر من ذلك أن يضج نصف الكتاب بتعاليم بولس ولا نجد لرسائل وتعاليم الرسل إلا القليل جداً والمشكوك في امرها والتي تُظهرهم بمظهر الضعف والتسليم بأحقية بولس بل والتي باتت لتخرج من الإنجيل وسط صراع الآباء على صحتها وخطأها لا لشيء إلا لأنها تُخالف تعاليم بولس عن الإيمان.

    لقد نجح كاتب الرسائل البولسية في تدمير دين الله وبجدارة ثلاث مرات :
    • المرة الأولى حين استطاع أن يُهمش الناموس والشريعة الموسوية ويجعلها لعنة غير نافعة لأجل فرض أفكار وعقيدة بولس.

    • والمرة الثانية حين نجح بجدارة في أن يُهمش تعاليم المسيح و جعل المسيح نفسه ملعوناً من أجل فرض أفكار وعقيدة بولس.

    • المرة الثالثة حين استطاع أن يُهمش تعاليم الرسل ويقضي على كتاباتهم ويُظهرهم بمظهر المرائين والمُقرين بأفكار وعقيدة بولس.

    مما جعله يستحق وبجدارة في رأي مايكل هارت صاحب كتاب الخالدون المئة أن يكون سادس العظماء الذين عرفتهم البشرية بل ويرمي بموسى للمرتبة الأربعين ويؤخر المسيح للمرتبة الثالثة وينفرد محمد صلى الله عليه وسلم (1) بالسبق والصدارة وحده .

    "فطبقاً لرأي هارت فإن شرف تأسيس المسيحية يجب تقسيمه بين المسيح عليه السلام وبولس. والأخير كما يعتقد هارت هو المؤسس الحقيقي للمسيحية. فمن مجموع الأسفار السبعة والعشرين للعهد الجديد نجد أن القديس بولس قد كتب أكثر من نصفها، وخلافًا لبولس فإن السيد المسيح لم يكتب كلمة واحدة في السبع والعشرين سفرًا .ولا تندهش حينما تجد في الإنجيل الموجود بين أيدينا اليوم أن أكثر من 90 في المائة في السبع والعشرين سفرًا للعهد الجديد ليست من أقوال المسيح. هذا هو الاعتراف المسيحي النزيه على ما يسمونه الإنجيل، وفي أي مواجهة مع المبشرين المسيحيين ستجدهم يستشهدون مائة في المائة من بولس ولا مكان للمسيح.في حين أن المسيح عليه السلام قال: "إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي" (2) وقال أيضًا: "فمن نقض هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يُدعى أصغر في ملكوت السماوات" (3)
    وإذا سألت أي نصرانى : هل تحفظ هذه الشريعة والوصايا؟ يجيب: "لا"،
    فإن سألته بعدها: لماذا لا تفعل؟ سيجيبك بلا اختلاف "الشريعة سُمِّرت على الصليب"، وهو يعني بذلك أن الشريعة قد انتهت أو ألغيت ويضيف"ونحن الآن نعيش تحت الرحمة والنعمة الإلهية"

    .إذاً كل ما يؤمن به نصارى اليوم هو مئة بالمئة إيمان وفكر وعقيدة بولس .وفي كل مرة تستحث المسيحي بما قاله سيده ومعلمه "المسيح عليه السلام" فإنه يواجهك بشيء من الرسالتين الأولى والثانية إلى أهل كورينثوس، والرسالة إلى أهل غلاطية، والرسالة إلى أهل أفسس، والرسالة إلى أهل فيلبي ...إلخ. فإذا سألته: مَن مؤلفها؟ فسيجيبك: بولس.. بولس.. بولس .ومن هو سيدك؟ سيجيبك: "المسيح عليه السلام"، ولكنه دائمًا سيناقض سيده "المسيح عليه السلام" بالقديس بولس. ولن تجد مسيحياً متعلماً يناقش حقيقة أن المؤسس الحقيقي للمسيحية هو القديس بولس، ولذلك كان على مايكل هارت ليكون منصفًا أن يصنف "المسيح عليه السلام" في المرتبة الثالثة في كتابه. " (4) من كتاب الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم لإمام الدعاة أحمد ديدات مع بعض التعديل الغير مُغير للمعنى
    "وقد خلت قائمة مايكل هارت من تلاميذ المسيح الذين غلبتهم دعوة بولس مؤسس المسيحية الحقيقي، بينما كان الامبرطور قسطنطين صاحب مجمع نيقية الذي تبنى رسمياً القول بألوهية المسيح (325م) في المرتبة الثامنة والعشرين" هل العهد الجديد كلمة الله-هل كان بولس رسولاً-د.منقذ السقار

    • كيف سكت اللاهوتيون عن هذا التجاهل الكامل في رسائل بولس لسيرة وحياة وعقيدة يسوع والرسل الإثنى عشر؟!!.

    • كيف أذعن آباء الكنيسة الاولى لرسائل بولس وتخطوا مراحل الشك إلى اليقين بقانونيتها مع أنهم يفتقدون لأي دليل قد يوحي شيئاً عن حقيقة كاتبها؟!!

    • أين ذهبت رسائل وتعاليم الرسل ومن الذي أخرجها من الإنجيل؟!!

    • ولماذا لم يكن مقياس صحة رسائل بولس هي تعاليم الرسل وليس العكس؟!!!

    إن هذا المبحث كاملاً سيبدأ من جديد من حيث بدأت الكنيسة الأولى , من جمع كل ما توافر لدينا من مخطوطات وكتابات لنستدل ونستقرأ التاريخ خاصة وأن الحقيقة المُسلمة هي أن من ينفرد بكتابة التاريخ هو الطرف المُنتصر وكل من خالفه خطأ. فمن هو بولس؟!!.. وماذا يُخفي التاريخ عنه؟!!! وما هي حقيقته؟؟!!!..هذا ما تكشفه الكتابات في الفصول التالية.


    ف ون
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 أكت, 2020, 04:21 ص.
    الـ SHARKـاوي
    إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
    ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
    فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
    فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
    ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

  • #2
    تسجيل مروووووووووور ومتابعه .....
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 أكت, 2020, 04:21 ص.

    تعليق


    • #3
      الفصل الأول


      مصادر البحث
      لربيسيبلالايتةنومزكن ...... كل من يُريد أن يعرف شيئاً عن ماضي أو حاضر شخص ما يجب عليه أن يعتمد على كل ما توافر تحت يديه من وثائق أو كتابات مُوثقة ولا يُلقي سمعه لتخمين ومعتقد الآخرين أو أفكارهم خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالتاريخ , فالتاريخ يكتبه المُنتصر ويُطوعه لإرادته والعجز والفشل حين يُحاول المنتصر بكل الطرق أن ينفي أو يُزيل إلى الأبد معالم الحقيقة . والقاعدة المعروفة أن الحقيقة المختبئة هنا أو هناك ستظهر إن آجلاً أو عاجلاً.

      إن هذا النمط من إستقراء التاريخ جداً صعب إن كان يعتمد على مصادر يونانية أو لاتينية او عبرانية قديمة يجهلها الأغلبية اليوم فيلجأ الكثيرون إلى المصادر المُترجمة سامحين لأنفسهم بتلاعب المترجمين بهم او قصور ترجمتهم لتضليل نتيجة ما قد يعتقدونه الحقيقة.إن متعة البحث في المصادر كما وُجدت بلغاتها الأصلية تكمن في كل كلمة وكل جملة تقراها ,ففي لحظة غير متوقعة قد تجد كلمة تفتح لك بوابة الحقيقة على مصراعيها , وقد يكون أراد بها الكاتب الأصلي غيماناً وشيئاً يختلف عن فكرة ومعتقد المترجم, مما قد يجعل المُترجم يتغاضى عنها او يُعيد صياغتها بإيمانه وعقيدته هو .ولكن الأمر يختلف تماماً مع بولس الرسول.

      فالبحث في المصادر التي تُعرفنا ببولس سهل جداً وتعتمد على دعامتين اساسيين:

      1)أعمال الرسل : وهو أفضل ما يُعرفنا ببولس حتى اليوم , وبرغم تزايد عدد علماء الكتاب المقدس واللاهوتيون المُشككون في اهميته التاريخيه

      2)رسائل بولس نفسها : التي نقلها لنا العهد الجديد وهي اكثر قوة في تاريخيتها عن بولس من اعمال الرسل, وبالتالي فسنتعامل مع 13 رسالة او اربعة عشر إن اعتبرنا الرسالة للعبرانيين من كتاباته برغم الشك الكبير من آباء الكنيسة وعلمائها حول صاحبها.(5).

      بل إن أول ما عرفت الكنائس بأن هناك لبولس رسائل متعددة كان في القرن الثاني .(6) وأول من أدرجها في الإنجيل وآمن بأنها من الإنجيل هو مارسيون.(7) والسبب الوحيد الذي يجعل الكنيسة اليوم تؤمن بأن بولس هو كاتب الرسائل كلها لا يستند على تاريخية وإنما فقط إيماناً بمنطق أن الإنجيل كله كلمة الله غير مُعرض للتحريف, في حين كان هذا قد يصح لو كانت الرسائل فعلاً إنجيلاً.

      إلا أن مارسيون الهرطوقي هو أول من ادخلها ضمن الإنجيل فكيف يُعتد بشهادة هرطوقي يؤمن بأن للكون إلهين إله شر وهو إله العهد القديم وإله خير وهو إله العهد الجديد فكيف يعتد آباء الكنائس بما آمن به الهرطوقي مارسيون؟!!

      ومن بين الشكوك والإختلاف حول مصادر الرسائل الأربعة عشر نستثني سبعة رسائل منهم وهي حسب ماقد بات مؤكداّ اليوم ان كاتبها هو بولس فعلاً ولا شك في مصدريتها(8) وهي :
      1) الرسالة إلى رومية
      2) لرسالة الأولى لأهل كورنثوس
      3) الرسالة الثانية لأهل كورنثوس
      4) الرسالة إلى غلاطية
      5) الرسالة إلى فيلبي
      6) الرسالة الأولى إلى تسالونيكس
      7) الرسالة إلى فيلمون

      وقبل أن نتحول إلى دراسة المصدر الثاني عن بولس وهي الرسائل البولسية وعرض خلافات اللاهوتيين حولها والمشاكل التي تعتريها فإنه لابد أن نعرف أولاً من هو بولس ذلك الذي تعج الرسائل بالحديث عنه وعن صفاته وعن عقيدته وأفكاره أكثر من الحديث عن المسيح نفسه وذلك من خلال دراسة المصدر الأول (أعمال الرسل).

      فمن هو بولس؟.. وماذا نعرف عنه؟ ..
      أو على الأقل ماذا نعتقد فيه كما عرفناه من قساوستنا؟
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 أكت, 2020, 04:21 ص.
      الـ SHARKـاوي
      إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
      ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
      فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
      فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
      ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

      تعليق


      • #4


        بولس حسب كاتب أعمال الرسل

        1- بولس هذا الذي نُكرس عنه البحث هو يهودي يُسمى شاؤل.

        2-كان يضطهد أتباع المسيح ويسومهم سوء العذاب

        3-وخارج دمشق ظهر له المسيح ويقول له "شاول شاول لما تضطهدني" ومن وقتها تحول شاول إلى النصرانية وتسمى بالإسم بولس

        4-ومن يومها صار بولس أشهر رسل المسيح إلى الأمم وقام برحلاته التبشيرية حول منطقة البحر المتوسط

        5-وأخيراً بعد سجنه في أورشليم ذهب إلى روما.

        لو أخبرنا شخص ما عن الفقرات الخمسة أعلاه عن بولس...فهل هذا يجعلنا نؤكد ان هذا الشخص قد عاصر بولس ؟!!!.. بالطبع لا . إن هذه الفقرات التي عرفناها عن بولس مأخوذة من أعمال الرسل الذي كتبه لوقا (أعمال 9 :4 ,13: 2 , 21 :27) وليست من رسائل بولس.

        لوقا الطبيب(14) شخصيته يحوطها الغموض، فيقول البعض إنه كان طبيباً من أصل يهودي رافق بولس في حلّه وترحاله وأعماله، وهذا ما أشارت إليه رسائل بولس، أما الدكتور بوست فيرى أنه لم يكن أنطاكياً، بل كان رومانياً نشأ في إيطاليا. ويقول إن الذين يدّعون أن لوقا أنطاكيا قد اشتبه عليهم أمره. ويرى آخرون من علماء التاريخ المسيحي أنه كان مصوراً . عاصر بولس وتتلمذ على يديه ,كما تقول تقاليد الكنيسة .

        إلا ان المُدقق ليتعجب كيف يكون لوقا تلميذاً لبولس ومُتبعاً لعقيدته ولا يتحدث عن عقيدة بولس كما تحدث عن عقيدة المسيح وتلاميذ المسيح؟!! بل ولا يعرض فكر بولس العقدي أو حتى يؤكد على وجوب التسليم به؟!!!

        وإذا عاصر إنسان شخصاً ما , وتعلم منه ونقل عنه.فهل ينسى أن يُخبرنا أهم شيء ننتظره لخلاصنا؟!! وهو تعاليم هذا الرجل؟!!... تعاليم الإيمان؟!!..فأين تعاليم بولس التي نادى بها؟!!..بل هناك شيء آخر يُشكك في معاصرة لوقا لبولس وهو التناقض الصريح بين التعاليم في أعمال الرسل في لوقا وتعاليم بولس في الرسائل. والتناقض الصريح بين حال بطرس في لوقا وحال بطرس في الرسائل.

        إن كاتب الأعمال له رسالة واضحة لكل من يقرأ ما كتب :
        إن رسالته بكل بساطة هي التوفيق بين نقيضين , التوفيق بين النصارى اليهود بزعامة يعقوب أخا الرب ومعه بطرس ويوحنا , والتوفيق بين المتنصرين من الأمم بزعامة بولس الرسول .

        بل وإظهارهم بمظهر الإتفاق الدائم والطاعة فيما بينهم ,مستخدماً بطرس كمثال للنصارى المتهودين. وكأن الكاتب يعمد في سفر أعمال الرسل إلى بولسة بطرس وبطرسة بولس ..

        وهذا يُناقض تاريخية الأحداث ,ويُناقض تماماً أمانة النقل التاريخي. فما ظهر من بولس تجاههم في الرسائل من مخالفة وفراق واتهام وصل إلى التشكيك في إيمانهم يؤكد أن لوقا لم يُعاصر بولس أو أنه يُؤلف التاريخ وليس يُدونه .

        وبرغم المقدمة التي بدأها لوقا بالحديث المُستفيض عن صعود المسيح مُتشبهاً بعادات المؤرخين القدماء في تقديم مادتهم التاريخية,إلا ان أعمال لوقا إجمالاً قد كتبها بلغة أدبية رمزية رومانتيكية ممتلئة بالمبالغة والخيال وهو مالم يُعرف إلا في القرن الثاني حيث جرت العادة في المبالغة في تعظيم الرسل بإضفاء خطابات إعجازية لتقوية الإيمان والذي جعل الكنيسة تقوم بإخراج كل هذه الخيالات من الكتابات التي حوتها. الخيال والمبالغة لا يتماشى بحال من الأحوال مع العرض التاريخي . إلا أن عرض لوقا للجانب التاريخي للمسيح قد يعود إلى مصدر إعتمد عليه في نقل العقيدة عن المسيح وهو ما يؤكده بعض المخطوطات القديمة (15) وكثير من علماء الإنجيل المحافظين أنفسهم(16).

        إذن فلوقا كان يكتب ماعرفه وما اعتقده من عقائد عن المسيح من مصدر مُعتمد وقتها, وناقلاً اسلوبه على صورة نمط تاريخي متشبهاً بكتب التاريخ اليوناني. إلا أنه يفشل تماماً في عرض الجوانب التاريخية والعقدية لمعلمه وهذا يُشكك في أصالة معاصرته له.

        فماهي مصادر لوقا؟!!
        وماهي درجة الإلهامية في كتاباته؟!
        وهل يصح إعتبار لوقا شاهداً على حقيقة بولس؟!!
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 أكت, 2020, 04:21 ص.
        الـ SHARKـاوي
        إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
        ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
        فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
        فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
        ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

        تعليق


        • #5

          إن ما أشرنا إليه أعلاه يعني ان لوقا كاتب الانجيل و الاعمال كان يعتمد على مصدرين أحدهما إنجيلي يأخذ منه العقيدة والآخر تاريخي يستعير منه أسلوبه في السرد والتأليف وينسج على منواله .

          وإذا صح ذلك فإنه يعني أن لوقا لم يكن شاهد عيان وإنما ناقل من مصادر يمتلكها أو قد تسلمها . ويرى البعض أن هذا المصدر الذي أخذ عنه لوقا الأسلوب هو المؤرخ اليهودي يوسيفوس ,فكلاهما يستشهد بكثير من الأحداث والشخصيات والتي لم توجد في الاناجيل وإنما عند لوقا ويوسيفوس فقط ,بل وبنفس طريقة السرد والعرض مع بعض الإختصار أو التفصيل أحياناً .فإن لوقا في كتابته للأعمال نجده ينهج تماماً طريقة يوسيفوس المؤرخ اليهودي في دفاعه عن اليهودية وفي لغته الادبية بل وفي كلماته الإبداعية. حتى أنه من التشابه البيّن يصعب معرفة من نقل عن الآخر , ولا يُمكن القول أن لوقا هوالمصدر ليوسيفوس لأن الأخير يستفيض في أحداث ذكرها لوقا مقتضبة .

          بل إن اللاهوتيون اليوم أصبحوا مؤمنين تماماً أن لوقا الكاتب كان يمتلك مصدراً ينقل منه .وأصبحت مجادلات اللاهوتيين اليوم أن المصدر الذي نقل منه لوقا هو الإنجيل (Q) وإنجيل مرقس .(11) وأن استخدامه لكتابات يوسيفوس كان لغرض ان يستنبط منه اسلوبه الأدبي والإطار الذي يضع فيه كتاباته ولا مجال لعرض آراء اللاهوتيين وخلافاتهم هنا (9) . وقد كانت الكنيسة لفترات طويلة تظن أن لوقا نفسه هو الكاتب والمبرر الوحيد لهذا الإفتراض هو انتقال لوقا في الحديث من أسلوب الجماعة (هم) إلى اسلوب الجماعة ( نحن ) مما أعطى الشعور بأنه عاصر بولس كما في (أعمال 16: 9 - 13 ) . إلا أنه هذا ليس مُبرراً لهذا الإفتراض , لأن هذا الإفتراض أيضاً لا ينفي أن يكون الكاتب ناقلاً عن مصدر آخر لمن شاهد بولس وعاينه, بل وقد عُرف فيما بعد من الكتابات القديمة المكتشفة أن هذا كان الأسلوب البلاغي الساري وقتها.(17)
          غير أنه يُمكن الإستدلال من النص نفسه أن لوقا لم يكن معاصراً لبولس بل وليس مسجلاً للتاريخ وإنما مخترعاً له .
          فلوقا مبدع يُُحسن التأليف ولا يُحسن التأريخ

          والآن لنُلخص ما سبق في نقاط يُستدل بها على أن لوقا لم يكن شاهد عيان لبولس:

          أولاً: إن ما حكاه لوقا عن بولس فيه أخطاء تاريخية لا تتفق تماماً مع ما حكاه بولس نفسه في رسائله , وهذه الأخطاء لا يقع فيها من كان مُصاحباً لمعلمه وعالماً بسيرته ومُتبعاً لعقيدته.

          ثانياً: إن لوقا عند سرده لتاريخ بولس مليء بالمبالغة والخيال وإلصاق المعجزات به بل إنه قاسم بطولة اعمال الرسل مناصفة بين بطرس وبولس , متجاهلاً دور باقي الرسل وكأن لابد أن يُطلق على الكتاب أعمال بطرس وبولس وليس أعمال الرسل . فنجده بدأ حكر نصف الكتاب الثاني خاصاً بالحديث عن بولس وعن معجزاته متجاهلاً باقي الرسل . بل وجاعلاً الرسل و بولس متفقين تماماً في الرأي والعقيدة بلا أي خلاف ماعدا التلميح العابر عن ثمة خلاف مع برنابا .
          وكأن رسالة أعمال الرسل ماهي إلا التأكيد على أن الروح القدس هبط على التلاميذ لأجل بولس , فيؤمن بولس ثم يكون كل السفر خصيصاً له .وهذا أقرب إلى محاولة رومانسية لإعطاء هالة لشخص ما . أو محاولة نفي شبهة عنه بتصوير هالة المعجزات حوله ولذا فـ تاريخيتها لابد أن تؤخذ بحذر.

          ثالثاً : إن لوقا نفسه لا ينفي الإطلاع على مصادر أخذ عنها ودققها فيقول في مقدمة إنجيله :" إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً - إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق - أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علِّمتَ به " ( لوقا 1/1-4 ).
          و يفهم من هذه المقدمة أمور، منها:

          1- أن إنجيله وكتابه أعمال الرسل خطاب شخصي، وليس وحي من الله, وهل يليق أن يكون هذا المدى بالإستهزاء بالنصارى أن يُخصص لوقا كتابته لصديقه ثاوفيلس فقط؟!!..ألم يعلم أنه وحي من الروح القدس فوجب تبليغه للجميع؟!!...2

          2- أنه دوّنه بدافع شخصي، إذ يقول رأيت أنا أيضاً ...وهذا دليل صريح بأنه ليس من الروح القدس في شيء وإنما مُحاكاة لكل من يكتب حيث أنهم كثيرون,ولما لايكتب وما استلمه عنده متيقن؟!!..

          3- وأن كثيرين كتبوا غيره، إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا 4

          4- وأن له مراجع نقل عنها بتدقيق،أو تقاليد تسلمها وبالتالي فلم يكن شاهد عيان للحدث كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة , إذاً فكتاب لوقا له كتاب سابق عنه ينقل منه أو مصادر أخرى يعتمد عليها وليس وحي من الله.

          ويُلاحظ القارىء الكريم أن لوقا لم يذكر في مقدمته شيئاً عن إلهام إلهي ألهمه الكتابة أو وحي من الروح القدس نزل عليه. وإذا كان الحواريون والتلاميذ غير عارفين بإلهامية ذواتهم وبعضهم، فكيف عرف النصارى ما جهله أصحاب الشأن ؟!!..

          ماهو دليل النصارى على إلهامية لوقا؟!!..
          لا دليل في الأناجيل على إلهامية أحد منهم، إلا ما ادعاه كاتب الرسائل البولسية لنفسه . إذن فلوقا هنا قد قام بتعديل المصدر الرئيسي للعقيدة كإنجيل ما , كان واختفى أو أنه نقل عن هذا المصدر ثم ركب نقله في جمل أدبية وبصمها بالبصمة التاريخية على غرار أسلوب مصدر آخر والهدف من ذاك كله هو تعظيم المسيح ثم تعظيم بولس وإخفاء حقيقة الخلاف العميق بينه وبين الرسل والتي اعترف بها بولس نفسه .

          رابعاً : المبالغة والخيالات التي لا تتفق مع روح عارض للتاريخ ولا تتفق مع كتابات القرن الأول , فالمبالغة والخيال في التعظيم هي سمة اشتهر بها آباء الكنائس في القرن الثاني لا لغرض الكذب وإنما لتقوية الإيمان في القلوب كما يقولون.(12)

          خامساً : إذا كان إنجيل مرقس هو الكتاب السابق لإنجيل لوقا (13), وإذا كان لوقا يُشير إلى دمار أورشليم على يد نيرون(14) مما يعني أنه لم يُكتب قبل عام 70 بأي حال من الأحوال , فإذا كان لوقا هو تلميذ بولس ومعاصره فبالتالي يكون سكوته عن نهاية بولس لشيء يدعو إلى العجب والغرابة ,أن لا يعرف تلميذ مصير استاذه بل ولا يوجد مصدر آخر تكلم عن نهاية بولس صراحة وكأن لوقا وجد أن المصدر الذي اعتمد عليه ينتهي عند هذا الحد.

          سادساً : كيف يكون لوقا تلميذاً لبولس ومُتبعاً لعقيدته ولا يتحدث عن عقيدة بولس كما تحدث عن عقيدة المسيح وتلاميذ المسيح؟!! و يكون الصمت المطبق على تعاليم بولس وبدون الرسائل لم نكن لنرسم عنها شيئاً!!..بل ذاب فكر بولس العقدي مع فكر باقي الرسل وظهر بطرس مؤكداً على صحة بولس ومنطقه وعقيدته وليس مرائياً ومنافقاً كما اتهمه بولس في الرسائل!!!.. وكأن الكاتب استخدم وراهن ببطرس كأداة يصعد بها بولس لقمة النقاء العقدي !!!..فبطرس هذا الذي شغل النصف الاول من الاعمال ...هذا الصخرة نفسه يشهد الآن لصحة بولس ... ولكن يبدو أن لوقا لم يصله كتابات معلمه بولس الذي اتهم بطرس بعدم الاستقامة والرياء .

          الخلاصة مما سبق

          أن انجيل لوقا وأعمال الرسل يُمثل جزء تاريخي هام في وقتنا الحاضر ولكن ليس هذا الحال عند مقارنته برسائل بولس .
          من ثمة قياس هام يجب عتباره في النقد التاريخي وهو أن كل مبالغة أو خيال عند النقد يتم حذفها وعدم الإعتبار بها كمصدر تاريخي والإبقاء على الكلام الخبري المجرد الذي يتماشى مع المنطق أو مع الرسائل أو المستندات التي نمتلكها , ومستنداتنا هي كتابات بولس عن نفسه حتى الآن.
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 أكت, 2020, 04:21 ص.
          الـ SHARKـاوي
          إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
          ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
          فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
          فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
          ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

          تعليق


          • #6

            الرابي غمالائيل

            (أعمال 22 :3 ) أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ وَلَكِنْ رَبَيْتُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّباً عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُوراً لِلَّهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ.

            نرى من الفقرة السابقة أن بولس بالنسبة لكاتب الأعمال برغم يهوديته إلا أنه لم يتربى في فلسطين ولكن في الشتات اليهودي، فقد وُلد في طرسوس (أعمال 9: 11 , 21: 39 , 22 :3 ). وفي تلك الأيام كان هناك مدينة هيللينية (16) يختلط فيها اليونان مع الشعب الشرقي (تركيا حالياً ) .

            ونرى من فقرة الأعمال السابقة أن بولس تعلم عقيدته من الرابي غمالائيل , وقد كان هذا المعلم اليهودي معروفاً في التقليد اليهودي أيضاً ,فنقرأ عنه (بموت الرابي غمالائيل الكبير لم يعد هناك أي توقير للشريعة, ومات النقاء والتقشف في نفس الوقت ) (18 ).
            Mishnah, Sotah ix.15,p. 451
            Strack-Billerbeck, Vol 2, See p. 557,636


            إن إتفاق كاتب الأعمال بذكر إسم الرابي غمالائيل لا تعني تاريخية بولس إطلاقاً , وإنما هو تأكيد لعدم تاريخيته وعدم موثوقية كاتب الاعمال التاريخية.

            فلم يُعرف من التقليد اليهودي في القرنين الأولين إطلاقاً أي شخص يُدعى شاول أو بولس قد يكون تتلمذ على يد الرابي غالامائيل وقام بمناقضته او الخروج عن تعاليمه .
            كما أنه وبالتأكيد فإن التلميذ الذي نهل العلم على يد غالامائيل, فلابد أنه قد أخذ تعاليمه عنه بالنص العبراني القديم للعهد القديم ولا يُمكن بحال ان يقتبس كل فقرات العهد القديم من النص اليوناني !!!!.. وكأنه لم يسمع بالكتاب العبراني!! (19)

            =========

            شاول مضطهد الكنسية

            يحكي سفر الأعمال عن اضطهاد بولس للكنيسة وأنه "كان يسطو على الكنيسة وهو يدخل البيوت، ويجر رجالاً ونساءً، ويسلمهم إلى السجن ) (أعمال 8 :3 ). ولكن فإن أول ظهور لبولس في مسرح الأحداث الإنجيلية كما يُوضحه كاتب الأعمال هو كمُضطهد لأتباع المسيح ومباشرته بنفسه لقتل شهيد الكلمة الأول استفانوس أول شهيد في المسيحية .والذي كان بولس يُشاهد رجمه ويُباركه بنفسه.

            و يُخبرنا كاتب الأعمال في آخر قصة استشهاد استفانوس أنه ( كَانَ شَاوُلُ رَاضِياً بِقَتْلِهِ.) (أعمال 8 :1) . وما يهمنا هنا هو أن إستفانوس الشهيد برغم أهمية كونه شهيد المسيحية الأول إلا انه لم يُعرف له أي دور في المسيحية الأولى ولم يُعرف له أي حدث مهم إلا هذه القصة التي ذكرها كاتب الأعمال و استُشهد فيها استفانوس في وجود شاول .
            وكأن أهمية استفانوس وأهمية استشهاده هو وجود شاول فقط لاغير . لقد أجاد لوقا الدراما في سرد قصة مصرع استفانوس الشهيد ورسم صورة مُروعة عجيبة لمسرحية رجم مُتكلفة تقُد مضجع القارىء المُسالم الجالس في أمان على وسادته وتستبدل هدوؤه بالرهبة والهلع من العقاب اليهودي على كل كافر مُجدف. فهل يا تُرى استحقت القصة كل هذا التكلف؟!! ..وما هو الهدف من ورائها؟!!!...

            ولقد أجاد كثيرون أيضاً من متتبعي سيرة حياة بولس وصف ماوصلهم من إحساس لما قد حكاه كاتب السيناريو ..." رجل محاط من كل جهة , و اكثر المحيطين إسراعاً أمسك بالضحية . وكورال آخر سرعان ما تكوّّن يُحيط ويقترب ليمنع هروبه , ومع هذا يُفسح المجال بمسافة لا بأس بها للآخرين ليجلدوا ويرجموا الضحية , ومن أول مظهر للرجم,آلاف الأيادي تُرفع دُفعة واحدة , وتنعطف القذائف فجأة ودباش الحجارة المتطايرة, حتى فريق المُشوهين لا يتركون المكان بدون ترك كدمة هنا او جرح صغير يترقرق, أو انف تنزف" ..
            ويُضيف هيلدبراند وصفه عن بولس فيرى أن شاول "فقط ملاحظ ساخر للمسرح الرهيب , ولكن هذا يجعله يبدو في منظر أكثر كراهة تعافها النفس.فالآخرين على الأقل لديهم الغضب الذي يملأ أحشائهم , وذروة الغضب تحتل فروة رأسهم فهم بجوار بعضهم البعض متكالبين على استفانوس المجدف . ولكن شاول يعرف كيف يسيطر على نفسه ولا يلوث يديه .هو ببساطة يُشاهد وبكل رضا" ...
            وبعيداً عن خيال الكاتب ووصفه للحدث ,فإن ما يهمنا هو ما قاله بشأن شاول , فهو هذا الساخر المراقب الذي لا نعرف عنه أي شيء سوى من كان هو قبل أن يُصبح شاول...

            إذاً فهدف هذه القصة واضح وهي تقديم شاول الى مسرح الاحداث والتعريف به في وجهه القبيح كفريسي يهودي , وليس التعريف بقيمة استفانوس. فاستفانوس قد يكون اي شخص آخر .أما شاول فلا يُمكن ان يتغير لأن السفر كله صُنع خصيصاً له. وبهذا فقد أجاد كاتب الأعمال إستخدام ستفانوس كوسيلة في توضيح جزء من نفسية شاول الفريسي عدو أتباع المسيح قبل تحوله .Dieter Hildebrandt: Paulus- Ein Doppelleben,39

            وهذا ينقلنا إلى نقطة أكثر أهمية وهي تاريخية هذا الحدث . فلا يوجد في أي مرجع للمسيحية الأولى إطلاقاً أي ذكر عن أعمال استفانوس, فلا استيفانوس ولا قصة استشهاده او اي دور له يُذكر, بل إن استشهاد استفانوس نفسه ليس له أي أهمية تُذكر ويذروه غبار التاريخ إذا ما عرفنا بإستشهاد يعقوب أخو الرب عام 66 ميلادية, والتي كانت تستحق من كاتب السفر التدقيق عليها او الحديث عنها . وهذا يعني أن هذه القصة من إختراع كاتب الأعمال(20) فاستفانوس استشهد لأجل تجديفه على الهيكل وكان يحمل نفس الدوافع والمسلمات التي حملها يعقوب أيضاً والذي قتل يعقوب من أجلها. وكأن لوقا كاتب الأعمال أراد أن يبني قصة يقدم لنا بها شاول فاستعار من قصة يعقوب تجديفه على الهيكل وألبس السيناريو الطبيعة الذي يتوقعه أي شخص عن المجتمع القديم وبدأ في سرد قصة أهم مافيها ليس استفانوس وإنما شاول . يقول شويب أن " تنقيح الحقائق سمح للوقا أن يفرغ كل ماهو ضد العقيدة , والتي كانت غريبة تماماً له "..لتجد طريقها على لسان استفانوس عدو الهيكل, " والمتحدث إلى القوة اليونانية في المجتمع القديم, ويضع الكلام على لسان شخص ثانوي في الأحداث" .
            ,Dr. Robert H. Eisenman: ‘Maccabees, Zadokites, Christians and Qumran’ (1983, E. J. Brill of Leiden, Holland) (20) العالم والمؤرخ في تاريخ الديانة اليهودية ألألماني H. J. Schoeps في كتابه Jewish Christianity .

            وهنا مرة أخرى نتسائل لو أن لوقا الكاتب ليس له هدف آخر إلا توضيح أهمية استفانوس , ولو أن لهذا الحدث تاريخيته فكيف يُهمل كاتب الأعمال تماماً ذكر استشهاد يعقوب ويذكر بدلاً منها استشهاد استفانوس؟!!!..هل أصبح مقياس عظمة الشهادة أيضاً هو وجود شاول في مسرح الحدث؟!!!..إذاً لا تبرير لما يفعله كاتب الأعمال إلا أنه يُمهد الطريق لشاول الطرسوسي.

            بولس في طريقه إلى دمشق

            بولس يبدو كمتطرف متحمس للشريعة اليهودية في أقوى صوره , ولا يُضالعه في ذلك أحد . فها هو ياخذ تصريحاً من السنهدرين في أورشاليم خصيصاً
            لملاحقة اتباع المسيح وسفكهم والتنكيل بتجمعاتهم وبلا رحمة في دمشق
            (أعمال 9: 1- 2 ) أَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَهَدُّداً وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ
            فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَطَلَبَ مِنْهُ رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ إِلَى الْجَمَاعَاتِ حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاساً مِنَ الطَّرِيقِ رِجَالاً أَوْ نِسَاءً يَسُوقُهُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ....


            قوة العزم وقوة التصميم تجعل مثل هذا الشخص أن يقطع 350 كيلو متراً ليتجه إلى دمشق؟!!!!... والتي قد تُكلفه سبعة أيام حتى يقطعهم؟!!!!..
            نعم إذا اراد كاتب الرواية ذلك , فما المانع؟!!!... إن لوقا أراد أن يُظهر بولس كيف كان وكيف تحول فبدأ ينسج ويؤلف تاريخه , فنعم قد يتحمل الصعاب ليفعل أي شيء , حتى ولو كلفه الأمر أن يقطع مئة وخمسين ميلاً ,

            ولكن ! هل كانت دمشق تحت سلطة السنهدرين؟!!!.
            بالطبع لا . فدمشق مدينة مستقلة تماماً وليست تحت سيطرة السنهدرين , وهل كان يسمح الرومان بتدخل السنهدرين في دمشق؟!!.

            إن هذا الحدث فبركة تاريخية لا تجد لها دليلاً إلا اللهم لو اعتبرنا أن دمشق هي قمران وليست دمشق المدينة الموجودة في سوريا الآن .

            وهنا نتذكر وثيقة دمشق التي أعيد اكتشافها في مخطوطات قمران وأظهرت نظرية أن دمشق ليست المدينة التي نعرفها ,
            فإذا اعتبرنا أن دمشق هي قمران كما تُظهر الوثيقة أو كما استنتج بعض من دافع عهن فكرة أن اليهود المتنصرين هم سكان قمران . فإن هذا يُدخل النصارى في مأزق جديد , ويؤكد صحة هذه النظرية

            وأن المجتمع القمراني كان عبارة عن تجمعات اليهود المتنصرين الهاربين إلى قمران.وعليه تكون جميع المخطوطات القمرانية المكتشفة تتعلق باليهود المتنصرين الذين هربوا من اليهودية إلى دمشق (قمران) (22 ) مخطوطات قمران - كتابات ما بين العهدين - موسى ديب الخوري

            وهذا سيضع النصارى في مأزق وصراعات مختلفة , بدأءاً من إعتراف الجماعة بإبن لله آخر غير المسيح , وبمسيح رئيس آخر آخر غير المسيح المتألم. ولا مجال لمناقشة ذلك

            هنا . فإما التسليم بان دمشق هي قمران أو الإعتراف بالحقيقة التي لا جدال فيها وهي أن دمشق لا يُمكن بحال أن تكون تحت سلطة السنهدرين ويقضي النصارى بيديهم على الثقة في كتابات لوقا.


            من شاول إلى بولس

            إتجه شاول إلى دمشق للتنكيل بأتباع المسيح ولكن فجأة وعندما اقترب منها وقبل أن يدخلها إذ بحدوث أهم حدث نعرفه في حياة بولس .. التحول. التحول من شاول إلى بولس , التحول من مضطهد لأتباع المسيح إلى رسول للمسيح . فجأة بلا مقدمات , وأصبحت قصته بتفاصيلها أشهر ما عرفته المسيحية وأفضل ما تتغنى به من تحول الفاجر الفاسق إلى رسول .

            و تعارف الجميع على أن شاول بمجرد أن ظهر له المسيح اصبح بولس , كما يظهر من رسائله . إلا أنه يُفهم من لوقا رأي آخر , فالمتأمل لما رواه لوقا سيجد أن شاول لم يُدعى بولس في الحال , بل إن لوقا يُفاجئنا بان بولس ظل ولوقت طويل محتفظاً بالإسم شاول . وعندما غير شاول اسمه إلى بولس , فإن هذا لم نعرفه ولم يظهر لنا إلا فجأة في
            (أعمال 13 : 9 ) وَأَمَّا شَاوُلُ الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضاً فَامْتَلأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَشَخَصَ إِلَيْهِ ...
            فعرفنا ان الإسم الآخر لشاول هو بولس ... الإسم الروماني هو بولس .وقد يكون شاول قد تسمى بهذا الإسم (بولس) بعد أن نجح في تحويل القنصل الروماني في قبرص سيرجيوس بولس إلى المسيحية .

            أما عن قصة التحول للمسيحية فينسجها لنا لوقا في ثلاث روايات ويؤكد عليها ويحكيها كل مرة , مُسلطاً الضوء على تحول بولس ..مما يوحي إلينا بأهمية الحدث الذي يُريدنا لوقا أن نستوعبه .

            وبرغم تكراره القصة ثلاث مرات إلا أننا لا نجد فيهم أبداً اي شيء قد يُعرفنا ببولس .وتعالوا لنرى الرواية الأولى للقصة :

            (أعمال 9 : 3 - 9 ) وَفِي ذَهَابِهِ حَدَثَ أَنَّهُ اقْتَرَبَ إِلَى دِمَشْقَ فَبَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلَهُ نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ فَسَقَطَ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتاً قَائِلاً لَهُ: «شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟» فَسَأَلَهُ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ». فَسَأَلَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَا رَبُّ مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُم وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ تَفْعَلَ». وَأَمَّا الرِّجَالُ الْمُسَافِرُونَ مَعَهُ فَوَقَفُوا صَامِتِينَ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلاَ يَنْظُرُونَ أَحَداً. فَنَهَضَ شَاوُلُ عَنِ الأَرْضِ وَكَانَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْعَيْنَيْنِ لاَ يُبْصِرُ أَحَداً. فَاقْتَادُوهُ بِيَدِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى دِمَشْقَ. وَكَانَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يُبْصِرُ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ.
            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 أكت, 2020, 04:21 ص.
            الـ SHARKـاوي
            إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
            ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
            فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
            فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
            ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

            تعليق


            • #7
              شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

              تعليق


              • #8
                من هو بولس الرسول(رسول النصارى )

                كتب/ ضياء الحق محمد الرفاعي-سوريا

                (شاؤول) الذي تسمّى (بولس) فيما بعد هو مؤسس النصرانية الحالية، فالدين الحالي هو دين بولس، ونصارى اليوم بجميع طوائفهم يتبعون (بولس) ويدعونه رسولاً.

                ودعوني أعرض على حضراتكم ملخصاً لحال رسول النصارى فالضد يظهر حسنه الضد.

                مات المسيح عليه السلام ولم يُملِ الإنجيلَ على حوارييه كما فعل النبي، محمد صلى الله عليه وسلم، بل تركه تعاليمٌ في الصدور، ولم يترك أتباعاً كثيرين؛ إذ كان تلاميذه -الحواريين- إثنا عشر رجلاً، منهم يهوذا الاسخريوطي الخائن. وتعرضوا بعده لاضطهاد شديد فتفرقوا في البلاد، وفور رفع المسيح عليه السلام -دخل النصرانية رجلا يقال له (شاول) وتسمى بعد ذلك بـ(بولس) [10م-67 م]، وهو الذي أسس النصرانية الحالية.

                فكل ما هو موجود اليوم -تقريباً- من النصرانية يرجع إلى (بولس الرسول) كما يسمونه، فهو رسول النصرانية الحقيقي.

                هذا الرجل كان يهودي الأب والأم، شديد التعصب لدينه، دارساً للفلسفة على يد أشهر معلميها في زمانه، حاقداً أشد الحقد على النصرانية، مشمراً عن ساقه في معاداة هذا الدين الجديد، وكان لصاً سارقاً يسطو على الكنائس والمعابد. وبين عشية وضحاها، وفي قصة لم يرويها غيره، وتتضارب حولها روايات المؤيدين، فضلاً عن المعارضين تحول (بولس) إلى (رسول) من عند (رب المجد يسوع(1))، حيث ادّعى أن (الرب يسوع) ظهر له وهو في طريقه لدمشق وعاتبه على معاداته له ولأتباعه، وأمره بأن يكون رسولاً له إلى الناس يتكلم لهم بلسان المسيح -عليه السلام-.

                وحيث أن الحواريين قلة ومضطهدون ومشتتون، واليهود هم المسيطرون، أخذ (بولس) يتكلم بما يحلو له، وخُلع عليه لقب (رسول) وهو لم يكن -ولو ليوم واحد- من تلاميذ المسيح -عليه السلام-.

                ماذا فعل بولس ؟!

                عزل المسيح -عليه السلام- وجعله إلهاً يُعبد مع الله، وأخذ هو دور الرسول، بكل ما تعنيه كلمة رسول من معاني: فأحل وحرم، وكتب الرسائل إلى البلاد، وضمّت رسائله فيما بعد للكتاب (المقدس)، فأحدث أخطر انحراف عقدي عرفته البشرية، وهو ما يعرف بالمسيحية اليوم... كل النصارى يعظّمون (بولس)، وهو عند كلهم (رسول) من عند (رب المجد يسوع)!!

                اسمع إليه وهو يحكي قصة ظهور المسيح -عليه السلام- له وتكليفه له بالرسالة، يقول: "فقلت أنا من أنت يا سيد؟ فقال: أنا يسوع، الذي أنت تضطهده. ولكن قم وقف على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأظهر لك به، منقذا إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم". (انظر أعمال الرسل:26:15)

                وقارنوا هذا بحال رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وهو الصادق الأمين، وهو الذي لم يسجد لصنم، ولم يشرب خمراً ولم يعرف عنه أدنى انحراف خلقي، وهو يتعبد في الغار الليالي ذوات العدد.

                وأخذ (بولس) يكلم الناس على أنه رسول (رب المجد يسوع) إليهم، وأخذ يملي عليهم رؤاه وأحلامه على أنها وحي من عند (الرب يسوع)، فأحل حرامهم وحرم حلالهم، وكتب بيده في كتابهم، مدعياً أنها تعاليم (الرب يسوع). وكان هذا الرجل يكذب على الله علانية، مبرراً ذلك بأنه وسيلة لرفعة الرب(2)!!

                يقول في رسالته لرومية [Rom7] -وهي مدرجة ضمن (الكتاب المقدس) الذي يقولون أنه وحي من عند الله: "فاإه إن كان صدق الله قد ازداد بكذبي لمجده، فلماذا أُدان أنا بعد كخاطئ. (SVD).

                وكان هذا الرجل يصانع الناس، ويتعامل مع كل ملة بما تعتقد وتحب! اسمع يقول في رسالته الأولى لكرونثوس [9 : 20 وما بعدها]: "صِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ، مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ، وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيه".

                وقد أصبح بالفعل شريكاً في الإنجيل.

                وقارن هذا بحال نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو يواجه الجاهلية كلها علانية دون مواربة ولا مداهنة، بل مصارحة ومكاشفة تامة تميز الحق من الباطل، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.

                وهذه حالةٌ تذكرك بأقطاب الصوفية والمشعوذين، إلا أنها في أمتنا وجدت علماء السنة وقفوا لها بالمرصاد، أما هذه الحالة -أعني بولس- فقد تطاولت وانتشرت حتى أفسدت كل شيء في النصرانية.

                وهلك بولس مقتولاً مشرداً بلا أنصار، يذكرون في روما سنة 67م. وسبحان الله العظيم كيف تنصرف القلوب عن الحق وتعمى عن الطريق المستقيم!

                يوجد في العهد القديم -الذي يؤمن به النصارى- من النصوص ما يثبت أن حالة بولس هذه حالة كذّاب، لا يمكن أن يُصدّق. وأسوق إليك دليلاً من العهد القديم, ودليلاً من العهد الجديد..

                اسمع...

                في العهد القديم(3)، سفر التثنية [13:1]: "إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلماً وأعطاك آية أو أعجوبة... فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم؛ لأن الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم... وذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم يُقتل لأنه تكلم بالزيغ من وراء الرب إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر، وفداكم من بيت العبودية لكي يطوّحكم عن الطريق التي أمركم الرب إلهكم أن تسلكوا فيها، فتنزعون الشر من بينكم".

                وكان بولس حالماً ومات مقتولاً كما يقول النص -أو النبوءة كما يسمونها- ومع ذلك اتبعوه!!

                وفي العهد الجديد مقياس آخر لكذب المدعي، وانظر كيف ينطبق تماماً على بولس. واسمع: جاء في إنجيل متّى 24 : 24 ما نصه: "لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً".

                وفي متّى أيضاً [7 : 22 ــ23]: "كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة.: فحينئذ أصرّح لهم إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم".

                ونبينا صلى الله عليه وسلم مات منصوراً مؤزراً، بعد فتح من الله مبين ونصر من الله عزيز.

                وهذا الرجل هو الذي تكلم بالفداء، وهو الذي تكلم في الصلب، وأن المسيح ابن الله أو هو الله كما يعتقدون، وهو الذي حرّم الختان وقد كانوا يختتنون، وكان المسيح مختوناً.

                ومما ينبغي ذكره هنا أن هناك تشريعات ليست من بولس، بل من الرهبان، وأشهرها الصيام! فوقته وما يؤكل فيها، وكل تفاصيله الموجودة الآن ليست من شريعة المسيح، بل ليست في الكتاب المحرف الآن... كلها من تشريعات الرهبان فيما بعد.

                ومما ينبغي أن يذكر هنا أيضاً، أن النصارى يلحقون بأنبيائهم كل نقيصة، حتى الفاحشة والكفر وسب الرب والتطاول عليه، وفي ذات الوقت يعظمون رهبانهم وقساوستهم!!

                فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

                وقوم هذا حال رسولهم الذي يشرع لهم يسخرون من كل الكمال وجملة الجمال صلى الله عليه وسلم؟!

                ما كان لهم، وما كان لي أن أقارن بين شخص سيء السيرة والمعتقد، ونبيينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما فقط فعلت ليعلم القارئ أن القوم هم أولى بالسخرية، وأنهم لو تدبروا لكلحوا وما نطقوا.

                منقول للفائده من (http://www.freecopts.net/forum/showthread.php?5205

                تعليق


                • #9
                  مش عارف ليه بولس دا بيفكرني بعبدلله بن سبأ ........يهود .......وحاولوا انهم يدمروا دين الله بس الفارق ان الأول نجح للأسف والتاني لم ينجح ..........صحيح القرف اللي قاله لسه موجود بس برضه قضى اخف من قضى

                  تعليق

                  مواضيع ذات صلة

                  تقليص

                  المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                  ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                  ردود 0
                  23 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                  بواسطة *اسلامي عزي*
                   
                  ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 3 أسابيع
                  ردود 0
                  24 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة زين الراكعين  
                  ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 9 مار, 2024, 05:43 م
                  ردود 0
                  58 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة زين الراكعين  
                  ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 5 مار, 2024, 10:20 ص
                  ردود 3
                  45 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة زين الراكعين  
                  ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 23 ينا, 2024, 11:53 م
                  ردود 0
                  18 مشاهدات
                  0 معجبون
                  آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                  بواسطة *اسلامي عزي*
                   
                  يعمل...
                  X