جزاك الله خيرًا على نيتك الطيبة ..

لكن ..

هذه النظرية التي تتبناها تحتاج إلى دعائم ..

مثلاً : لو كان الرسم القرآني فيه إعجاز ، لكان معنى ذلك أن الله اختار رسم الألفاظ اختيارًا ..
فأين هو الخبر عن الصحابة أو كتبة الوحي منهم الذي يفيد أنهم كتبوا القرآن بناء على اختيار الله ؟! ..
لاحظ أن الوحي الإلهي كان على نبينا عليه الصلاة والسلام ، وهو الذي يبلغه إلى الناس .. فلماذا لم يصل إلينا حديثـًا واحدًا ولو ضعيفـًا ولو مكذوبـًا يرشد الرسول فيه كاتبه إلى حذف حرف أو إضافته بناءً على وحي الله إليه ؟!

وأيضـًا : أين إرشاد العلماء بدءًا من الصحابة ومرورًا بخير القرون ثم الذين يلونهم .. أين إرشادهم إلى هذا اللون من الإعجاز ؟ .. نعم ، سكوتهم عن الإعجاز العلمي مثلاً له مسوغه ، فلم يكن في عصرهم ما جد أمامنا الآن .. وأما رسم الحروف فليس جديدًا ، فلا مسوغ لسكوت العلماء عنه على مر القرون .

وأيضـًا : فإن الحكم بأن السبب في حذف الحرف الفاني كذا ، هو سبب مبني على أن عادة الكتابة السائدة آنذاك هو إثبات الحرف .. فالقول بأن الحذف كان لحكمة وإعجاز يحتاج قبل ذلك إلى إثبات عادات الكتابة السائدة آنذاك .. وأصحاب هذه النظرية لم يثبتوا لنا قط عادات الكتابة الجاهلية .. بل ظاهر كلامهم أنهم قاسوا في المسألة بحسب عادات الكتابة المستحدثة .. بل ظاهر كلامهم عدم إدراكهم لتغير قواعد الكتابة على مر القرون بعد الإسلام .

وأيضـًا : فقد قامت دراسات قوية في هدم هذه النظرية ، دراسات مبنية على حفريات وآثار جاهلية ، دراسات مبنية على قواعد متينة من علوم العربية وفقهها .. وقد أثبتت هذه الدراسات بطلان هذه النظرية من وجوه كثيرة ، وأن كتابة الصحابة للمصاحف هي مجرد صورة لقواعد الكتابة في عصرهم ..
ويمكنك أن تراجع دراسة قوية جدًا في المسألة هي كتاب "رسم المصحف" للدكتور غانم قدوري الحمد ، وهي رسالة أكاديمية كانت بإشراف الدكتور عبد الصبور شاهين .. والعالمان هما من هما في علوم اللغة وفقهها .

وأيضـًا : مما يفقد الثقة في هذه النظرية أننا لا نجد اهتمامـًا بها من أئمة المسلمين وعلمائهم القدامى .. وإنما كان من يتبناها دومـًا هم الصوفية بل منحرفي الصوفية أو ممن أصابه بعض من أفكارهم .

جزا الله خيرا الكاتب والمعلق أستاذنا الحبيب متعلم.