مأساة ستار أكاديمي 2010...بعين جزائرية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أبو أصيل اليمني اكتشف المزيد حول أبو أصيل اليمني
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مأساة ستار أكاديمي 2010...بعين جزائرية

    [align=justify]

    بلاد المطربين.. أوطاني




    مقالة جميلة لاحلام مستغانمي


    وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات، في توقيت وصول الشاب خالد إلى النجوميّة العالميّة. أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد• كانت أغنية "دي دي واه" شاغلة الناس ليلاً ونهاراً. على موسيقاها تُقام الأعراس، وتُقدَّم عروض الأزياء، وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً، وتذهب إلى مشاغلها صباحاً.


    كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي مخطوط "الجسد"، أربعمائة صفحة قضيت أربع سنوات في نحتها جملة جملة، محاوِلة مااستطعت تضمينها نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا.لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً: "آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد!"، واجداً في هذا الرجل الذي يضع قرطاً في أذنه، ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه، ولا جواب له عن أي سؤال سوى الضحك الغبيّ، قرابة بمواجعي.
    وفوراً يصبح السؤال، ما معنى عِبَارة "دي ديواه"؟ وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها، يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر، التي بسبب الاستعمار لا تفهم اللغة العربية!


    وبعد أن أتعبني الجواب عن "فزّورة" (دي دي واه)، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي، وعامل محطة البنزين المصري، ومصففة شعري عن جهلي وأُميتي، قررت ألاّ أفصح عن هويتي الجزائرية، كي أرتاح.


    لم يحزنّي أن مطرباً بكلمتين، أو بالأحرى بأغنية من حرفين،حقق مجداً ومكاسب، لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات، بقدر ما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ.


    ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأميرعبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد ...
    اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، وإلى الْمُغنِّي الذي يمثله في "ستار أكاديمي" ... وهكذا، حتى وقت قريب، كنت أتلقّى المدح كجزائرية منقِبَل الذين أحبُّوا الفتاة التي مثلت الجزائر في "ستار أكاديمي"، وأُواسَى نيابة عنها .... هذا عندما لا يخالني البعض مغربية، ويُبدي لي تعاطفه مع صوفيا.


    وقبل حرب إسرائيل الأخيرة على لبنان، كنت أتابع بقهر ذات مساء، تلك الرسائل الهابطة المحبطة التي تُبث على قنوات الغناء، عندما حضرني قول "ستالين" وهو ينادي، من خلال المذياع، الشعب الروسي للمقاومة، والنازيون على أبواب موسكو، صائحاً: "دافعوا عن وطن بوشكينوتولستوي". وقلت لنفسي مازحة، لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم ومروى وروبي وأخواتهن .... فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود.


    وليس واللّه في الأمر نكتة. فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية، التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسيرمصري، ولم يجد الرجل أحداً في انتظاره من "الجماهير" التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربّع في جريدة، بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم "ستار أكاديمي" محمد عطيّة بعد وقوع جرحى جرّاء تَدَافُع مئات الشبّان والشابّات، الذين ظلُّوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول طائرة من بيروت.


    في أوطان كانت تُنسب إلى الأبطال، وغَدَت تُنسب إلى الصبيان، قرأنا أنّ محمد خلاوي، الطالب السابق في "ستار أكاديمي"، ظلَّ لأسابيع لا يمشي إلاّ محاطا ًبخمسة حراس لا يفارقونه أبداً .. ربما أخذ الولد مأخذ الجد لقب "الزعيم" الذي أطلقه زملاؤه عليه!

    ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، وشعرت بالخجل، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات "ستار أكاديمي"، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة، وُضِعَت تحت تصرّفه، لأنه رفع اسم بلده عالياً!

    ولاحول ولا قوّة إلاّ باللّه.. أواه.. ثمّ أواه.. مازال ثمَّة مَن يسألني عن معنى "ديدي واه"!
    [/CENTER]

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية
    التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسير
    مصري، ولم يجد
    الرجل أحداً في انتظاره من "الجماهير" التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق
    سراحه أكثر من مربّع في جريدة


    لا حول ولا قوة إلا بالله ......
    أفهم ما تعنى..... ولكن أمثال هؤلاء(( الأبطال )) غايتهم أسمى بكثير ولا أعتقد
    أنه حزن على ذلك وأن كان حزن بالفعل فأكيد على تركه أسيرا كل هذه المدة ..........


    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا.

    تعليق


    • #3
      ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأميرعبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وفي السبعينات إلىبلد هواري بومدين والمليون شهيد ... اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، وإلى الْمُغنِّيالذي يمثله في "ستار أكاديمي" ... وهكذا، حتى وقت قريب، كنت أتلقّى المدح كجزائرية منقِبَل الذين أحبُّوا الفتاة التي مثلت الجزائر في "ستار أكاديمي"، وأُواسَى نيابةعنها .... هذا عندما لا يخالني البعض مغربية، ويُبدي لي تعاطفه مع صوفيا.


      لا اجد رد ابلغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

      عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
      سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات:
      يصدق فيها الكاذب
      ويكذب فيها الصادق،
      ويؤتمن فيها الخائن
      ويخون فيها الأمين،
      وينطق فيها الرويبضة.
      قيل يا رسول الله وما الرويبضة؟

      قال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة

      الانسان الناقص والتافه والفاسق اصبح صاحب السمعه والراى

      تغيرت المفاهيم ... ولكن صدق رسول رب العالمين

      نسأل الله العلى العظيم ان يرد الامه الى دينها ردا جميلا

      واعتقد لا بد لنا ان نقول ان هذا الهدم ظل لعشرات السنين

      والهدم اسهل من البناء

      ولله الحمد الان اعتقد ان البناء بدأ

      ولله الحمد من شباب الامه من هم اسود ... يجب الا نهضم حقهم

      وان شاء الله الخير قادم

      واهل فلسطين واهل القدس واهل غزة .... دليل من ادلة الوعى ومن ادلة النصر باذن رب العالمين

      ولكن الدور الذى نتحمله خطير

      يجب ان يكون كل واحد منا مؤثرا فى مكانه وفيمن يخالط

      ويؤثر ويغير ويوضح ... ويثق ان الحق معه

      لان معه كتاب رب العالمين وسنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم

      هؤلاء الشباب التائه مخدوعين .. لم يعلموا شىء عن تاريخهم المجيد

      وليس امامهم قدوة بسبب غياب دور المسجد وغيره من العوامل

      فالمسؤلية كبيرة .. والامانه عظيمه .. والاجر جزيل

      واهم ما فى الامر الاخلاص فى العمل والتوكل على رب القلوب ليغيرها

      هيا بنا جميعا لنتحرك لنغير .. ونوضح ... وننقذ شباب يحتاج اليكم يا حراس العقيدة لانقاذهم من الغرق

      استعينوا بالله .. ولا تنسوا الدعاء

      اللهم اهدنا واهدى بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
      قال تعالى {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران139
      لا ولن يكتمل حلمى الا بك يا اقصى
      MY Dream Will Not Be Completed
      Without AL-AQSA

      تعليق


      • #4
        حال مخزية بكل المقاييس .
        ليس عندي سوى اقصى عبارات الاشمئزاز و السخط من هذه الأحوال .
        في الماضي كنت استمع للاغاني ليس لدرجة الهوس لكن استمتاعا . . كان ذلك حتى انشغلت بقراءة القرآن و من ساعتها أدركت المعنى الحقيقي ل " لهو الحديث " . . و أصبحت الاغاني تقع علي اذاني ثقيلة كريهة و اشهد ان حلاوة القرآن و حلاوة الاغاني لا يجتمعان في قلب واحد .
        يعلم الله كم الكره الذي أكنه للمطربيين و الممثلين . . و أنا في كل لحظة أري وجوههم ألومهم علي كل حال سيئة وصلنا إليها .
        قد يبدو كلامي حاقدا لكن هذا هو الواقع ، و يكفي انه في مرة أثناء حوار مع نصراني قال لي أنتم أيها المسلمين ارهابيون تستحلون قتل المسيحيين ، فأنكرت هذا مستغربا و قلت له انه ليس لهم عندنا سوي المودة و المعاملة بالحسنى ، فرد علي متهكما و متهما و قال " يا راجل . . هم و اموالهم غنيمة لنا " ! ! . . استغربت إذ لا يمكن ان يكون سمع هذا الكلام من شيخ ابدا . . حتى تذكرت انها جملة من فيلم الارهابي . . ساعتها أدركت سبب نبرة التهكم في كلامه . . فقد ظن المسكين اني كنت اكذب عليه و أنافقه و خاطبني بلغة " مش عليا أنا الكلام دا " . . طبعا كان تصديق الرجل لما رآه اقوى من ان تجدي معه عبارات التوضيح و ان كان قد مرر هذه النقطة في الحديث لكن أعلم انه مازال يشك .
        ساعتها ازددت لمثل هذه الأشياء بغضا . . و لو يعلم هذا الذي صنع هذا الفيلم انه من غير ما يدري قد صد عن سبيل الله ما كان فعلها .
        نسأل الله الهداية و الثبات و صلاح الأحوال .

        تعليق


        • #5
          رسالة إلى من يقول أن الغناء ليس حراما ...
          إنظر وإعتبر !

          لا أملك إلا أن أقول حسبنا الله ونعم الوكيل

          تعليق


          • #6
            أصبحت الاغاني تقع علي اذاني ثقيلة كريهة و اشهد ان حلاوة القرآن و حلاوة الاغاني لا يجتمعان في قلب واحد .
            نعم أخي الكريم المستعصم
            بارك الله فيك

            حب الأغاني وحب القرآن لا يجتمعان فى قلب مسلم
            إن دخل أحدهما القلب , طرَد الآخر

            نسأل الله الهداية
            فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً
            شرح السيرة النبوية للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيــــــــل.. أدلة وجود الله عز وجل ..هام لكل مسلم مُوَحِّد : 200 سؤال وجواب في العقيدة
            مـــاذا فعلتَ قبل تسجيلك الدخـول للمنتدى ؟؟.. ضيْفتنــــــــــــــــــــــــــا المسيحية ، الحجاب والنقـاب ، حكـم إلـهي أخفاه عنكم القساوسة .. هـل نحتـاج الديـن لنكـون صالحيـن ؟؟
            لمــاذا محمد هو آخر الرسل للإنس والجــن ؟؟ .. حوار شامل حول أسماء الله الحسنى هل هي صحيحة أم خطـأ أم غير مفهـومـــة؟!.. بمنـاسبة شهر رمضان ..للنساء فقط فقط فقط
            إلى كـل مسيحـي : مـواقف ومشـاكل وحلـول .. الثـــــــــــــــــــــــــالوث وإلغــاء العقـــــــــــــــــــل .. عِلْـم الرّجــال عِند أمــة محمــد تحَـدٍّ مفتوح للمسيحيـــــة!.. الصلـوات التـي يجب على المرأة قضاؤهــا
            أختي الحبيبة التي تريد خلع نقابها لأجل الامتحانات إسمعـي((هنا)) ... مشيئـــــــــــــــــــــة الله ومشيئـــــــــــــــــــــة العبد ... كتاب هام للأستاذ ياسر جبر : الرد المخرِس على زكريا بطرس
            خدعوك فقالوا : حد الرجم وحشية وهمجية !...إنتبـه / خطـأ شائع يقع فيه المسلمون عند صلاة التراويـح...أفيقـوا / حقيقـة المؤامـرة هنـا أيها المُغَيَّبون الواهمون...هل يحق لكل مسلم "الاجتهاد" في النصوص؟
            الغــــــزو التنصيـــــــــري على قناة فتافيت (Fatafeat) ... أشهر الفنانين يعترفون بأن الفن حرام و"فلوسه حرام" ... المنتقبة يتم التحرش بها! الغربيون لا يتحرشون ! زعموا .

            أيهــا المتشكـــــــــــــــــــــــــــك أتحــــــــــــــــــــــــداك أن تقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرأ هذا الموضــــــــــوع ثم تشك بعدها في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
            <<<مؤامرة في المزرعة السعيدة>>>.||..<<< تأمــــــــــــــــــــلات في آيـــــــــــــــــــــــــــــات >>>
            ((( حازم أبو إسماعيل و"إخراج الناس من الظلمات إلى النور" )))

            تعليق


            • #7
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

              عدنا والحمد لله بعد صلاة الجمعة وصلاة الغائب على روح المرحوم الشيخ محمد سيد طنطاوي

              حب الأغاني وحب القرآن لا يجتمعان فى قلب مسلم
              إن دخل أحدهما القلب , طرَد الآخر

              نعم والله ... فانا عندما عزمت على عدم سماع الأغاني ، حملت القرآن الكريم بصوت الشيخ فارس عباد ، والله إني لأكون في إنبهار عندما أسمع صوته العذب الجميل ...
              بارك الله فيه وفيكم

              تعليق


              • #8
                جزاك الله خيراً أخونا الكريم / رشيد المالكي ..

                لقد أثرت موضوعاً قيماً .. واختيارك موفق للمقال ..


                المشاركة الأصلية بواسطة المستعصم مشاهدة المشاركة
                في الماضي كنت أستمع للأغاني ليس لدرجة الهوس لكن استمتاعا ..
                كان ذلك حتى انشغلت بقراءة القرآن ..
                ومن ساعتها أدركت المعنى الحقيقي ل " لهو الحديث " ..
                وأصبحت الأغاني تقع علي أذني ثقيلة كريهة ..
                و أشهد أن حلاوة القرآن و حلاوة الأغاني لا يجتمعان في قلب واحد .
                بارك الله فيك أخونا الكريم / المستعصم ..
                وهذا ما حدث معي تماماً ..
                وإن كنت لا أزال أجاهد نفسي في هذا الأمر ..
                وحسبي الله ونعم الوكيل في كل من يفرض المنكرعلى الناس فرضاً ..
                فلا تكاد تذهب لأي مكان إلا ولا بد أن تصادف أذنك بعضاً منه ..
                أسأل الله لي ولكم سلامة القلب ونقاءه من هذا الهوى ..
                وأطمع فيما عند الله .. مما لا أذنُ سمعت .. ولا خطر على قلب بشر ..
                اللهم آمين ..

                و لو يعلم هذا الذي صنع هذا الفيلم انه من غير ما يدري قد صد عن سبيل الله ما كان فعلها .


                المشكلة لو كان يدري ويعي تماماً ما يفعل ..

                نسأل الله الهداية و الثبات و صلاح الأحوال .


                اللهم آمين ..
                .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

                تعليق


                • #9
                  ومن ساعتها أدركت المعنى الحقيقي ل " لهو الحديث " ..
                  بصراحة لم أكن مقتنع منذ فترة صغيرة بتحريم الغناء ، إلا عندما قرأت كتاب روضة الأنوار في سيرة النبي المختار للشيخ عبد الرحمن المباركفوري ، حيث ذكر أنه في مرحلة بداية الدعوة الجهرية ، عمل مشركي قريش على تقويض الإسلام ومحاصرته عن طريق ثلاثة أمور :
                  1- تعذيب المسلمين الجدد .
                  2- نشر الشبهات حول الإسلام .
                  3- مقاطعة التجمعات التي كان يجمعها سيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ لإلقاء الخطب وقراءة القرآن الكريم ،، ومن ذلك ما فعله أحدهم بان ذهب إلى المدن والقرى المحيطة بمكة وتعلم منهم القصص والأساطير ، فكان يأتي بعد أي خطبة يلقيها سيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ فيجمع الناس ويقص عليهم ما علمه ، ثم يول أحديثي خير أم حديث محمد ؟
                  ومما قام به هذا المشرك أيضا أنه إشترى جارية " مغنية " ، فكان كلما علم بان فلان نوى الدخول في الإسلام ذهب له بهذه المغنية وقال لها : أسقيه وأطعميه وغني له .
                  فنزلت الآية الكريمة (( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ...))
                  فإقتنعت نقلا وعقلا بتحريم الغناء لما فيه من لهو عن ذكر الله عز وجل ،،،

                  ولكن بقى أمامي سؤال لطالما سألته ولم أجد له إجابة ::

                  هل الأغاني الدينية ( التي تحتوي على موسيقى والتي لا تحتوي ) حلال أم حرام ؟
                  أفيدوني أفادكم الله

                  تعليق


                  • #10
                    واقع فظيع للأسف نعيشه مع شباب المسلمين هذه الأيام
                    واقع فرضته علينا ..... و ما يسمى الحضارة الغربية المستوردة
                    التي لم يرد بها إلا تحطيم أساس الأمة وتكبيلهم بهذه القيود الزائفة
                    للأسف هذا هو واقعنا المؤلم ما بين برامج موجهة من فضائيات غزت كل بيت وكل غرفة
                    وكل عقل .....تريد أن تزيغه عن جادة الحق
                    حتى يبقى (مسطولا) غافلا عما يحاك ضد أمته الإسلامية
                    بورك من كتب .. ومن نقل
                    اذكروا الله يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون

                    تعليق


                    • #11
                      هل الأغاني الدينية ( التي تحتوي على موسيقى والتي لا تحتوي ) حلال أم حرام ؟

                      هذا النوع ليس اسمه أغانى بل انشاد

                      عموماً هذه فتوى لفضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوى بخصوص الغناء :

                      د. يوسف القرضاوي :

                      الأصل في الأشياء والإباحة

                      قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) (سورة البقرة/29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شئ من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقى في دائرة العفو الواسعة، قال تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) (سورة الأنعام/ 119).

                      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينْسى شيئاً"، وتلا: (وما كان ربك نسياً) (سورة مريم/ 64) رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.

                      وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الدار قطني عن أبي ثعلبة الخشني.
                      وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووى في الأربعين.

                      وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها؟

                      أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها:

                      أ_ استدل المحرمون بما روى عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالى: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) (سورة لقمان/ 6) وفسروا لَهْو الحديث بالغناء.

                      قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
                      أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                      والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
                      والثالث: أن بعض الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) وهذه صفة من فعلها كان كافراً بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوا.

                      ولو أن امرأ اشترى مصحفاً ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافراً! فهذا هو الذي ذم الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالى. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامداً عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئاً من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن1. أ ه‍.

                      ب_ واستدلوا بقوله تعالى في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (سورة القصص/55) والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.

                      ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالى: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (سورة القصص/ 55)، فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (سورة الفرقان/ 63).

                      ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.

                      وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعنى ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرماً ما لم يضيع حقاً أو يشغل عن واجب.
                      روى عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتى به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيه باللغو، قال تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) (سورة البقرة/225، سورة المائدة/ 89).
                      قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص؟!2.
                      على أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"3.

                      ج‍_ واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيه اضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.

                      وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فأن قوله: "فهو باطل" لا يدل على التحريم بل يدل على عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوى لها على الحق. على أن الحصر في الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلى الحبشة وهم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولاشك أن التفرج في البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، لا يحرم عليه شئ منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.

                      د_ واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري ـ معلقا ـ عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعرى ـ شك من الرواي ـ عن النبي عليه السلام قال: "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر4 والحرير والخمر والمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
                      والحديث وأن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسندات المتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور على (هشام بن عمار)5 وقد ضعفه الكثيرون.
                      ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادة حرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" ـ كما ذكر ابن العربي ـ لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازاً عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعنى الحقيقي، لكان كفراً.
                      ولو سلمنا بدلالتها على الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعى على أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخزّ وحرير، ولذا روى ابن ماجه هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حيان في صحيحه.

                      ه‍_ واستدلوا بحديث: "إن الله تعالى حرم القَيْنة (أي الجارية) وبيعها وثمنها، وتعليمها".
                      والجواب عن ذلك:
                      أولاً: أن الحديث ضعيف.

                      ثانياً: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلس الشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدون بالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روى في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها. [الإحياء ص1148] وسيأتي.

                      ثالثاً: كان هؤلاء القيان المغنيات يُكَوِّنَّ عنصراً هاماً من نظام الرقيق، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجياً، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي على امتلاك (القينة) وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.

                      و_ واستدلوا بما روى نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتى قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلى الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
                      والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.
                      ولو صح لكان حجة على المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حراما ما أباح النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حراماً ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر دليل على أنه حلال.
                      وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنّبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئاً وأن يبيت عنده دينار أو درهم...الخ.

                      ز_ واستدلوا أيضاً بما روى: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذا حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهو رأى لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال ـ وبخاصة الصوفية ـ إن الغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم على المعصية، ويهيج الشوق إلى الله تعالى، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم، قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذوق عرف، وليس الخبر كالعيان.
                      على أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغنى لا للسامع، إذ كان غرض المغنى أن يعرض نفسه على غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافق ويتودد إلى الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجب تحريماً، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهملجة، وسائر أنواع الزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب، ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب المعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثير [الإحياء ص1151].

                      ح_ واستدلوا على تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند الناس من أن صوت المرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله على أن صوت المرأة عورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ملأ من أصحابه وكان الصحابة يذهبون إلى أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهم ويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.

                      فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روى الصحيحان أن النبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمع ابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.

                      أدلة المجيزين للغناء:

                      تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحداً بعد الآخر، ولم يقف دليل منها على قدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقى حكم الغناء على أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد على ذلك غير سقوط أدلة التحريم، فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية؟

                      وهاك بيانها:

                      أولاً: من حيث النصوص:
                      استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلى هذا الحد.

                      والمعول عليه هنا هو رد النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضى الله عنه وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل على وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدى الآخرين، وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.

                      وقد روى البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".

                      وروى النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحَبْى رسول الله أهلَ بدر يفعل هذا عندكم؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.

                      وروى ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلا قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، غبنت بسبعمائة درهم! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعى في بيع المغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.

                      واستدلوا بقوله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) (سورة الجمعة/ 11).
                      فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما ـ بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحا بها ـ عن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وتركه قائما.

                      واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
                      واستدلوا بما نقله غير واحد من الإجماع على إباحة السماع، كما سنذكره بعد.

                      وثانياً: من حيث روح الإسلام وقواعده:
                      أ_ لا شئ في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعام الهنيء، لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم...الخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال؟
                      من المعروف أن الله تعالى كان قد حرم على بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم على سوء ما صنعوا، كما قال تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا. وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (سورة النساء/ 160-161)، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (سورة الأعراف/ 157).

                      فلم يبق في الإسلام شئ طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحله الله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالى: (يسألونك ماذا أحل الله لهم قل أحل لكم الطيبات) (سورة المائدة/ 4).

                      ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم على نفسه أو على غيره شيئا من الطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإن التحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل اللهُ لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون) (سورة يونس/59) وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردى صاحبه في هاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعى على من فعل ذلك من أهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) (سورة الأنعام/ 140).

                      ب_ ولو تأملنا لوجدنا حي الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتى إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلى الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهات والمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة حتى قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثراً يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر ـ لقوة نشاطه في سماعه ـ المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فنرى الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرع في سيرها، حتى تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها).

                      وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيه القويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.

                      ومصداق ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

                      وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، حتى أكون أنا التي أسأمه ـ أي اللعب ـ فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو".

                      وإذا كان الغناء لهواً ولعباً فليس اللهو واللعب حراماً، فالإنسان لا صبر له على الجد المطلق والصرامة الدائمة.

                      قال النبي صلى الله عليه وسلم لحنظلة ـ حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ: "يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.

                      وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.
                      وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
                      وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لها على الحق.

                      وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، كذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل عن ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة.

                      القائلون بإجازة الغناء:

                      تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كل الكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلى ذلك فقيه، فكيف وقد قال بموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء؟

                      وحسبنا أن أهل المدينة ـ على ورعهم ـ والظاهرية ـ على حرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص ـ والصوفية ـ على تشددهم وأخذهم بالعزائم دون الرخص ـ روى عنهم إباحة الغناء.

                      قال الإمام الشوكانى في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلى الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأساً، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

                      وحكى الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضاً عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي).
                      وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان جوار عوَّادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإلى جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله؟ فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول!).

                      وروى الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلى ابن سيرين قال: (إن رجلا قدم المدينة بجوار فنزل على ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجل فساومه، فلم يهو فيهن شيئا. قال: انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعا من هذا. قال: من هو؟ قال: عبد الله بن جعفر... فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن، فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر...الخ. القصة).

                      وروى صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل على ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل ترى بذلك بأساً؟ قال: لا بأس بهذا، وحكى الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعا العود عند ابن جعفر، وروى أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء بالمزهر بشعر من شعره.

                      وذكر أبو العباس المبرّد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.
                      وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضى المدينة سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلى الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سملة الماجشون مفتى المدينة.

                      هؤلاء جميعاً قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلآت المعروفة ـ أي آلات موسيقى ـ وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوى في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تأليفه الفقهية نقل الاتفاق على حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمين عليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضاً إجماع أهل المدينة عليه، وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر. وقال ابن النحوي في العمدة: وقد روى الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر ـ كما رواه ابن عبد البر وغيره ـ وعثمان ـ كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي ـ وعبد الرحمن بن عوف ـ كما رواه ابن أبي شيبة ـ وأبو عبيدة بن الجراح ـ كما أخرجه البيهقي ـ وسعد بن أبي وقاص ـ كما أخرجه بن قتيبة ـ وأبو مسعود الأنصاري ـ كما أخرجه البيهقي ـ وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد ـ كما أخرجه البيهقي أيضاً ـ وحمزة كما في الصحيح ـ وابن عمر ـ كما أخرجه ابن طاهر ـ والبراء بن مالك ـ كما أخرجه أبو نعيم ـ وعبد الله بن جعفر ـ كما رواه ابن عبد البر ـ وعبد الله بن الزبير ـ كما نقل أبو طالب المكي ـ وحسان ـ كما رواه أبو الفرج الأصبهاني ـ وعبد الله بن عمرو ـ كما رواه الزبير بن بكار ـ وقرظة بن كعب ـ كما رواه ابن قتيبة ـ وخوات بن جيبر ورباح المعترف ـ كما أخرجه صاحب الأغاني ـ والمغيرة بن شعبة ـ كما حكاه أبو طالب المكي ـ وعمرو بن العاص ـ حكاه الماوردي ـ وعائشة والرُّبيّع ـ كما في صحيح البخاري وغيره.

                      وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.

                      وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور (الشافعية). انتهى كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الإطار [ج‍8/264-266].

                      قيود وشروط لا بد من مراعاتها:
                      ولا ننسى أن نضيف إلى هذه الفتوى قيوداً لا بد من مراعاتها في سماع الغناء.
                      1- فقد أشرنا في أول البحث إلى أنه ليس كل غناء مباحاً، فلا بد أن يكون موضوعه متفقا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
                      فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجساً من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكاس" عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضاً آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.
                      والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل من يسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم؟!.
                      والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحبة العيون الجريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (سورة النور/ 30-31) ويقول صلى الله عليه وسلم: "يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة.
                      2- ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلى إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة ـ ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلى دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع على الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح على جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وأشغالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصاً لدى الشباب والشابات.
                      إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض). فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير؟!.
                      3- ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة الماثلة في الأذهان عندما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.
                      وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف على رؤوسهم بالمعارف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".

                      وأود أن أنبه هنا على قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلى الغناء في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم، وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.

                      أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلى الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها، وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلى جانب الإذن والتيسير.

                      4-هذا إلى أن الإنسان عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حباً فقط، والحب لا يختص بالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسداً وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلّل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانينا وبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا، وفي الدنيا بين الحق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجال العاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيرة وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة وأخوة وصداقة... الخ فلكل عاطفة حقها.

                      أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك على حساب العواطف الأخرى، وعلى حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلى حساب المجتمع وخصائصه ومقوماته، وعلى حساب الدين ومثله وتوجيهاته.

                      إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شئ حتى في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحاً؟!
                      إن هذا دليل على فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة، ودليل على إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمود وعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافا إلا وبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاغنا إلا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ولنعلم إن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه؟

                      د_ وبعد هذا الإيضاح تبقى أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستشير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح به في شطحات الخيال، ويطغى فيه الجانب الحيواني على الجانب الروحاني، فعليه أن يتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.

                      تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:
                      ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلى السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتاواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذا كتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمة خطيرة: إنها تعنى عقوبة الله على الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم، إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.

                      قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علىّ من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا على ما يصيرون إليه غداً لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل ـ وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ـ فكانوا يجمعون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون، ثم حينئذ يفتون فيها، وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلام عليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأرى كذا، وأما "حلال" و"حرام" فهذا الافتراء على الله. أما سمعت قول الله تعالى: (قل أرأيتم ما أنزل اللهُ لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون) (سورة يونس/59)؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرماه.

                      وقال الله تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) (سورة يونس/ 116).


                      { رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً و َأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }

                      تعليق


                      • #12
                        بارك الله فيك أخي عمر ، علمت أن للقرضاوي مقال يحلل فيه الغناء ، وعلمت أن شيخا رد عليه في كتاب ولكني لم أكمل قراءة الصفحة الأولى فيه لما يتسم به من شدة مبالغ فيها وأسلوب غير هادئ في إيصال المعلومة ، فبمجرد أن إقتبس قول القرضاوي ووجد فيها كلمة " فن " قال فيما معناه
                        فن ؟ ما هذه الكلمة الخبيثة ، ومتى أدخلت على الإسلام ..... إلخ

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة محمد فخر الدين مشاهدة المشاركة
                          بارك الله فيك أخي عمر ، علمت أن للقرضاوي مقال يحلل فيه الغناء ، وعلمت أن شيخا رد عليه في كتاب ولكني لم أكمل قراءة الصفحة الأولى فيه لما يتسم به من شدة مبالغ فيها وأسلوب غير هادئ في إيصال المعلومة ، فبمجرد أن إقتبس قول القرضاوي ووجد فيها كلمة " فن " قال فيما معناه
                          فن ؟ ما هذه الكلمة الخبيثة ، ومتى أدخلت على الإسلام ..... إلخ

                          فلتبحث عمن رد عليه بإسلوب هادئ غير مبالغ فيه
                          [frame="2 90"]



                          [/frame]

                          تعليق


                          • #14
                            قرأت فتوى الشيخ القرضاوى باهتمام
                            وهى دراسة واجتهاد وتشخيص وعلاج مؤيد بالأدلة
                            وليست فتوى مجردة من الدليل

                            وأنا لست ممن يؤخذ عنه الفتوى

                            وحراس العقيدة منتدى حوارى
                            والحوار أوالتقييم يلزمه الدليل


                            وأعتبر فتوى الشيخ القرضاوى كبداية وأساس لهذا الحوار لما فيها من العلم الشرعى ومن يعارضها عليه أن يقدم الدليل من القرآن أو من سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم أو مما كان عليه سلف هذه الأمة


                            ولا وزن للآراء الحماسية فى قضية شرعية بغير الدليل الشرعى


                            فإن كان هناك من رد على الشيخ القرضاوى فى كتاب أو مقال فليأت أحدكم به

                            وإن كان هناك آراء أو فتاوى سابقة أو لاحقة فى نفس القضية فلنضمها إلى هذا الموضوع مع ضم الأدلة الشرعية للرأى أو للفتوى
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق


                            • #15
                              جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل سيف الكلمة ..

                              نفعل إن شاء الله ..
                              .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, 16 مار, 2024, 02:41 ص
                              ردود 0
                              16 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              ابتدأ بواسطة د تيماء, 12 فبر, 2024, 07:30 م
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د تيماء
                              بواسطة د تيماء
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:01 ص
                              ردود 0
                              9 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:00 ص
                              ردود 0
                              7 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 12 سبت, 2023, 02:05 ص
                              ردود 0
                              11 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              يعمل...
                              X