تويت
البيضة أم الفرخة ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يستطع احد على مدار التاريخ البشرى أن يقدم حلا نهائيا لمعضلة الفكر الإنسانى فى اسبقية الوجود ........... هل البيضة هى التى سبقت وجود الدجاجة ......... ام الدجاجة هى التى سبقت وجود البيضة .
فلو كانت البيضة وجدت اولا ....... لقلنا وكيف توجد البيضة اولا إذا لم توجد الدجاجة التى تبيضها ؟
ولو كانت الدجاجة وجدت اولا ......لقلنا وكيف توجد الدجاجة اولا دون البيضة التى تخرج منها ؟
وهكذا إلى ما لا نهاية ظلت مشكلة البيضة اولا ام الدجاجة لغزا يحير اعتى عتاة الفكر وجهابذة الفلسفة , ورواد العلوم والمنطق .
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هو ........ ما علاقة البيضة والدجاجة بالعقيدة المسيحية ؟
نقول وبالله التوفيق ......ان العقيدة المسيحية لا زالت منذ نشأت وإلى يومنا هذا تتخبط فى مسألة جدلية عقيمة تثبت عجز كبار الاباء والاساقفة ان يضعوا لها حلا نهائيا او اجابة شافية تقنع الاطراف المؤيدة قبل المعارضة . فالعقيدة المسيحية لم تستطع إلى يومنا هذا ان تقدم ردا مقنعا بشان اسبقية الخلاص ...... هل الخلاص يأتى اولا بالروح القدس ثم يتبعها الايمان ....... ام الايمان ياتى اولا ثم يتبعه الأمتلاء من الروح القدس؟
دعونا نعرض المسألة بشيء من التفصيل :
يؤمن النصارى انه لكى تفهم حقيقة ومعانى عبارات الكتاب المقدس أنه ينبغى عليك ان تكون مسوق أولا بالروح القدس التى ترشدك وتنير لك طريق الفهم والامتلاء من الايمان ....... , فالروح القدس هى اساس الايمان , وهى البساط الذى يحمل الجاهل على الفهم والايمان كما يزعم النصارى, لذلك لا عجب حينما تسال النصرانى سؤالا فى عقيدته ويعجز عن الرد أن يبادر اليك قائلا ( انت لن تفهم لإنك لست مملؤا من الروح القدس ) . وهى محاولة رخيصة لتبرير عجزه عن الرد والإجابة ........ فإذا كنت انا عاجز عن استيعاب عقيدة النصارى او فهم كتابهم المقدس ...فلماذا لا تظهر الروح القدس الاقنوم الثالث قدرتها وتتغلب على قصورى البشري وعجزى الانسانى .... وتمنحنى القدرة على الفهم والاستيعاب كى انال الخلاص ......هذا إذا كان للروح القدس القدرة الالهية المطلقة كما يقول النصارى ؟
المهم ....... من له اسبقية الخلاص اولا الروح القدس ام الايمان ؟
فلو كان الايمان يسبق الروح القدس ...... لقلنا وكيف يؤمن غير النصرانى إذا لم يتحلى بالروح القدس التى ترشده وتنير طريقه ؟
ولو كانت الروح القدس تسبق الايمان ...... لقلنا وكيف تنزل الروح القدس على غير المؤمن أو المجدف الكافر بألوهية يسوع ؟
وهكذا سنظل فى دوامة من بحار الفكر , وامواج الفلسفة العاتية التى لم تعد تسمن او تغنى من جوع ......... ولن يستطيع النصرانى ابدا ان يجدا الجواب الشافى من كتابة المقدس ...... فهو السبب فى هذه الحيرة وحدوث هذا الاضطراب ........... ولنثبت ذلك دعونا ناتى بنصوص الكتاب المقدس التى تتضارب فى المعانى وتتناقض فيها أصول العقيدة بشكل غريب , وبالطبع ما دمنا نتكلم عن تناقض وتضارب فلابد ان نذكر بولس الرسول .
يقول بولس الرسول : ( لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُأَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
ماذا نفهم إخوانى من الجزء المظلل باللون الاخضر ؟
إانه يمثل تصريحا صريحا من بولس أنه لا يمكن لإحد أن يقبل يسوع كإله ورب إلا بالروح القدس ......... اذن الروح القدس تاتى اولا قبل الايمان .....وهذا يمثل تاكيدا من بولس أن الروح القدس تسبق الايمان .
ويؤكد المفسر انطونيوس فكرى هذه الحقيقة حيث يقول فى تفسير : الإيمان بالرب يسوع هو عمل الروح القدس الذي فينا. الذي يرشدنا للإيمان بالمسيح. انتهى (1)
فعلى هذا القول نقول ان الروح القدس تسبق الايمان ...... إذن لا ايمان ولا اعتراف بالوهية يسوع إذا لم تتبرر بالروح القدس أولا .
ولكن ناتى لنصطدم بالتناقض المباشر , وهذه المرة ياتينا التناقض من رسالة يوحنا الاولى ........ حيث تقول ان الايمان يسبق الروح القدس :
(3: 23 و هذه هي وصيته ان نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح و نحب بعضنا بعضا كما اعطانا وصية
3: 24 و من يحفظ وصاياه يثبت فيه و هو فيه و بهذا نعرف انه يثبت فينا من الروح الذي اعطانا (
لو لاحظنا الفقرتين السابقتين من الكتاب المقدس لوجدناهما تؤكدان حقيقة التناقض ....... فالفقرة الاولى توصى بالايمان اولا بيسوع . والفقرة الثانية ان هذا الايمان يثبت بالروح القدس..........
إذن يوحنا فى رسالته يقول ان الايمان يأتى أولا قبل الروح القدس , فى حين ان بولس يقول ان الروح القدس تأتى اولا قبل الايمان ( ليس احد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس ) كورنثوس الاولى 3:12
حسنا لم ننتهى بعد عزيزى القاريء ........ دعنا نضرب لك امثلة حية فى الكتاب المقدس تظهر مدى هذا التناقض العجيب فى اسبقية الخلاص ...... هل هو بالروح القدس أولا متبوعا بالايمان ثانيا , أم بالايمان أولا ملحوقا بالروح القدس ثانيا ؟
1- كيف امن بولس المجدف بيسوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
كثيرا ما ذكر بولس فى رسالاته حقيقة اضطهاده للمسيحية وللمؤمنين بيسوع , فنراه يقول (انا الذي كنت قبلا مجدفا و مضطهدا و مفتريا و لكنني رحمت لاني فعلت بجهل في عدم ايمان ) تيموثاوس الاولى 13:1
إذن بولس كان مجدف , وكان مضطهد للمسيحية فى بداية نشأتها ومارس الكثير من الشرور ضد الكنيسة , وضد القديسين(فأنا ارتأيت في نفسي أنه ينبغي أن أصنع أمورا كثيرة مضادة لاسم يسوع الناصري .وفعلت ذلك أيضا في أورشليم، فحبست في سجون كثيرين من القديسين، آخذا السلطان من قبل رؤساء الكهنة. ولما كانوا يقتلون ألقيت قرعة بذلك وفي كل المجامع كنت أعاقبهم مرارا كثيرة، وأضطرهم إلى التجديف. وإذ أفرط حنقي عليهم كنت أطردهم إلى المدن التي في الخارج ) اعمال 26/ 9-11
هكذا كانت سيرة بولس وهو يتحدث عن نفسه واصفا الممارسات الوحشية والشريرة التى فعلها ضد القديسين والمؤمنين . ثم حدثت له معجزة الايمان
دعونا الان نترك بولس يناقض نفسه ....... هل الروح هى التى قادته للايمان بيسوع ....... ام الايمان اولا بيسوع هو الذى جعل الروح القدس تحل عليه ؟
لا ينبغى ان نذكركم اولا ان بولس كان من الفريق القائل بأن الروح القدس تسبق الايمان , حيث قال (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
اذن لكى تؤمن ان يسوع هو الرب ينبغى ان تفعل ذلك وانت مسوق اولا باروح القدس ....... اذن الروح القدس تسبق الايمان .
ولكن الحقيقة ان قصة ايمان بولس نفسه تناقض اقواله تماما التى ذكرها فى الفقرة السابقة . يقول كاتب سفر الاعمال عن بولس :
3 وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء
4 فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له: شاول، شاول لماذا تضطهدني
5 فقال: من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس
6 فقال وهو مرتعد ومتحير: يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟ فقال له الرب: قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل
هل لاحظتم التناقض اخوانى ؟
كيف يبادر بولس وهو المجدف على يسوع ان يقول له يا رب دون ان تنزل عليه الروح القدس , مع انه هو القائل سابقا (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
فالروح القدس لم تحل على بولس كى يقول ليسوع ( يا رب ) بل غاية ما فى الامر ان يسوع ظهر لبولس ......
قد يقول قائل .... يكفى ظهور يسوع لبولس كى يؤمن ....... وهذا فى حد ذاته يمثل امتلاءا من الروح القدس لقبول الخلاص
ونحن نرد عليه ونقول ..... وكيف يظهر يسوع لبولس وهو الذى كان مجدفا ومهرطقا ..... فالروح القدس لا تحل إلا على المؤمنين , وبولس ساعة ان ظهر له يسوع كان فى قمة اضطهاده للمسيحية , وكان ذاهبا الى اورشليم بأوامر من رئيس الكهنة كى يمارس قتله وشروره ضد التلاميذ ؟
فالروح القدس لا تحل على المجدفين والمناوئين , خصوصا وان يسوع قال صراحة انه لا غفران على من يجدف على الروح القدس : (أما من قال على الروح القدس فلن يُغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي ) متى 32:12
وقال يسوع ايضا :
(28 الحق أقول لكم: إن جميع الخطايا تغفر لبني البشر، والتجاديف التي يجدفونها
29 ولكن من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد، بل هو مستوجب دينونة أبدية ( مرقص 29:3
ولا اعتقد ان يسوع قد يتراجع عن اقواله ويكسر تعاليمه بأن يغفر لبولس الذى مارس الشرور والاضطهاد ضد تلاميذ الرب خصوصا وان الاله نفسه فى العهد القديم قال فى سفر اشعياء:
(57: 20 اما الاشرار فكالبحر المضطرب لانه لا يستطيع ان يهدا و تقذف مياهه حماة و طينا
57: 21 ليس سلام قال الهي للاشرار )
فمن يا ترى هو الكاذب هنا ؟
1-هل هو بولس الذى قال انه لا احد يقبل و بالوهية يسوع ويعترف بها إلا إذا حلت عليه الروح القدس, مع ان بولس حينما ظهر له يسوع قال له يا رب دون ان تحل عليه الروح القدس ........ وبهذا يكون بولس قد خالف اقواله.
2-ام ان الكاذب هو يسوع الذى قال ان كل الخطايا تغفر لبنى البشر ما عدا المجدفين على الروح القدس , ومع ذلك ظهر لبولس وغفر له مع انه كان اكبر مجدف بإعتراف بولس نفسه شخصيا ؟
وهذا يطرح علينا السؤال التالى .... من ياتى اولا هل الايمان بيسوع انه رب قبل حلول الروح القدس مثلما امن بولس بيسوع قبل ان ينتظر حلول الروح القدس عليه ....... ام ان الروح القدس لا بد ان تحل اولا كى يحصل الايمان مثلما قال بولس (قال (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
2- لماذا امن اللص الذى على اليمين ولم يؤمن اللص الذى على الشمال ?
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورد على لسان يسوع انه قال فى انجيل لوقا (وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْجَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ.) لوقا 10:12
والنص السابق يمثل تصريحا من يسوع بأن من تناول يسوع نفسه بالسب أو الشتم أو الاهانة ....... فهو مغفور له , أما من جدف على الروح القدس فلن يغفر له . ........
ولكن هل يسوع التزم بأقواله وطبق تعاليمه ؟
دعونا نرى قصة اللصين الين صلبا مع يسوع ........ وكيف تصرف يسوع مع كليهما .
(وبذلك أيضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه) متى 44:27
وويكمل لوقا باقى الحكاية فى الاصحاح 23 فيقول :
39 وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا: إن كنت أنت المسيح، فخلص نفسك وإيانا
40 فأجاب الآخر وانتهره قائلا: أولا أنت تخاف الله، إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه
41 أما نحن فبعدل، لأننا ننال استحقاق ما فعلنا، وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله
42 ثم قال ليسوع: اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك
43 فقال له يسوع: الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس
اذن كان هناك لصين ......... أحدهما جدف على يسوع والاخر لم يجدف , وهذا الذى لم يجدف على يسوع بشره يسوع بأنه سيكون معه فى الفردوس , وأما الذى جدف فكان مصيره الدينونه واستوجب الجزاء .......
دعونى اوضح لكم الفكرة من اقوال القديسين انفسهم
البابا غريغوريوس (الكبير)
vغفر الرب له سريعًا، لأن اللص تاب سريعًا. النعمة أغنى من الطلبة. اللص طلب أن يذكره، أمّا الرب فأجابه (بفيض): "الحق أقول لك اليوم تكون معي في الفردوس". لأن الحياة هي أن تكون مع المسيح، وحيث يوجد المسيح يوجد ملكوته.
القديس يوحنا الذهبي الفم
vالصليب نفسه إن تأملناه حسنًا هو كرسي للقضاء. فقد جلس الديان في الوسط: لص آمن فخلص، وآخر جدف فدين
ماذا نستفيد الان اعزائى القراء ؟
نستفيد ان يسوع كان يكيل بمكيالين ......... فهذه اقوال القديسين تثبت ان يسوع قبل اللص احد اللصين ولم يقبل الاخر , فبالرغم من ان كلا اللصين كانا يجدفان على يسوع ويعيرانه إلا ان يسوع وعد احدهما بالفردوس ولم يقبل الاخر لانه امن على حد زعمهم .....وكما قلت هذا يعتبر كيل بمكيالين لأن اللصين كانا يجدفان على يسوع وليس على الروح القدس .........و يسوع قال ان حتى التجديف على ابن الانسان نفسه ( يسوع ) يغفر لصاحبه ........اما التجديف على الروح القدس فلا يغتفر . (وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْجَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ.) لوقا 10:12
المفترض ان يطبق يسوع تعاليمه ويغفر للصين لانهما كانا يعيرانه ويجدفان على شخصه وليس على الروح القدس ....... ومع هذا حينما اظهر احد اللصين بوادر ايمان ....... فإن يسوع بشره بمصاحبته معه فى الفردوس ولم يبشر الاخر , بل ان الاخر اصبح مدان كما قال القديس يوحنا ذهبى الفهم ...... وبهذا اصبح يسوع مناقضا لاقواله وافعاله , وبهذا يصبح مدى تغلغل الصفات الانسانية عند يسوع ووتأثره بمن يحبه وبمن يكرهه.
المهم ....... ما الذى نستفيده هنا فى قصة البيضة اولا ام الدجاجة.... اقصد الروح القدس اولا ام الايمان ؟
أقول كيف نصدق ان اللص الذى كان يعير يسوع ويجدف عليه اصبح مؤمنا فجأة وقال له ( يا رب ) مع انه لم تنزل عليه الروح القدس لان بولس قال سابقا (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
فهل الايمان بيسوع يسبق الروح القدس اولا مثلما حدث لذلك اللص ....... ام انه ينبغى ان تحل عليه الروح القدس بداءة مثلما قال بولس ؟
فلو كانت الروح القدس تسبق الايمان .لقلنا وكيف تنزل الروح القدس على المجدف الكافر ؟
ولو قلنا الايمان يسبق الروح القدس لقلنا وكيف يؤمن من لم تحل عليه الروح القدس ؟
فهل لنا من مجيب ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يستطع احد على مدار التاريخ البشرى أن يقدم حلا نهائيا لمعضلة الفكر الإنسانى فى اسبقية الوجود ........... هل البيضة هى التى سبقت وجود الدجاجة ......... ام الدجاجة هى التى سبقت وجود البيضة .
فلو كانت البيضة وجدت اولا ....... لقلنا وكيف توجد البيضة اولا إذا لم توجد الدجاجة التى تبيضها ؟
ولو كانت الدجاجة وجدت اولا ......لقلنا وكيف توجد الدجاجة اولا دون البيضة التى تخرج منها ؟
وهكذا إلى ما لا نهاية ظلت مشكلة البيضة اولا ام الدجاجة لغزا يحير اعتى عتاة الفكر وجهابذة الفلسفة , ورواد العلوم والمنطق .
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هو ........ ما علاقة البيضة والدجاجة بالعقيدة المسيحية ؟
نقول وبالله التوفيق ......ان العقيدة المسيحية لا زالت منذ نشأت وإلى يومنا هذا تتخبط فى مسألة جدلية عقيمة تثبت عجز كبار الاباء والاساقفة ان يضعوا لها حلا نهائيا او اجابة شافية تقنع الاطراف المؤيدة قبل المعارضة . فالعقيدة المسيحية لم تستطع إلى يومنا هذا ان تقدم ردا مقنعا بشان اسبقية الخلاص ...... هل الخلاص يأتى اولا بالروح القدس ثم يتبعها الايمان ....... ام الايمان ياتى اولا ثم يتبعه الأمتلاء من الروح القدس؟
دعونا نعرض المسألة بشيء من التفصيل :
يؤمن النصارى انه لكى تفهم حقيقة ومعانى عبارات الكتاب المقدس أنه ينبغى عليك ان تكون مسوق أولا بالروح القدس التى ترشدك وتنير لك طريق الفهم والامتلاء من الايمان ....... , فالروح القدس هى اساس الايمان , وهى البساط الذى يحمل الجاهل على الفهم والايمان كما يزعم النصارى, لذلك لا عجب حينما تسال النصرانى سؤالا فى عقيدته ويعجز عن الرد أن يبادر اليك قائلا ( انت لن تفهم لإنك لست مملؤا من الروح القدس ) . وهى محاولة رخيصة لتبرير عجزه عن الرد والإجابة ........ فإذا كنت انا عاجز عن استيعاب عقيدة النصارى او فهم كتابهم المقدس ...فلماذا لا تظهر الروح القدس الاقنوم الثالث قدرتها وتتغلب على قصورى البشري وعجزى الانسانى .... وتمنحنى القدرة على الفهم والاستيعاب كى انال الخلاص ......هذا إذا كان للروح القدس القدرة الالهية المطلقة كما يقول النصارى ؟
المهم ....... من له اسبقية الخلاص اولا الروح القدس ام الايمان ؟
فلو كان الايمان يسبق الروح القدس ...... لقلنا وكيف يؤمن غير النصرانى إذا لم يتحلى بالروح القدس التى ترشده وتنير طريقه ؟
ولو كانت الروح القدس تسبق الايمان ...... لقلنا وكيف تنزل الروح القدس على غير المؤمن أو المجدف الكافر بألوهية يسوع ؟
وهكذا سنظل فى دوامة من بحار الفكر , وامواج الفلسفة العاتية التى لم تعد تسمن او تغنى من جوع ......... ولن يستطيع النصرانى ابدا ان يجدا الجواب الشافى من كتابة المقدس ...... فهو السبب فى هذه الحيرة وحدوث هذا الاضطراب ........... ولنثبت ذلك دعونا ناتى بنصوص الكتاب المقدس التى تتضارب فى المعانى وتتناقض فيها أصول العقيدة بشكل غريب , وبالطبع ما دمنا نتكلم عن تناقض وتضارب فلابد ان نذكر بولس الرسول .
يقول بولس الرسول : ( لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ يَقُولُ: «يَسُوعُأَنَاثِيمَا». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
ماذا نفهم إخوانى من الجزء المظلل باللون الاخضر ؟
إانه يمثل تصريحا صريحا من بولس أنه لا يمكن لإحد أن يقبل يسوع كإله ورب إلا بالروح القدس ......... اذن الروح القدس تاتى اولا قبل الايمان .....وهذا يمثل تاكيدا من بولس أن الروح القدس تسبق الايمان .
ويؤكد المفسر انطونيوس فكرى هذه الحقيقة حيث يقول فى تفسير : الإيمان بالرب يسوع هو عمل الروح القدس الذي فينا. الذي يرشدنا للإيمان بالمسيح. انتهى (1)
فعلى هذا القول نقول ان الروح القدس تسبق الايمان ...... إذن لا ايمان ولا اعتراف بالوهية يسوع إذا لم تتبرر بالروح القدس أولا .
ولكن ناتى لنصطدم بالتناقض المباشر , وهذه المرة ياتينا التناقض من رسالة يوحنا الاولى ........ حيث تقول ان الايمان يسبق الروح القدس :
(3: 23 و هذه هي وصيته ان نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح و نحب بعضنا بعضا كما اعطانا وصية
3: 24 و من يحفظ وصاياه يثبت فيه و هو فيه و بهذا نعرف انه يثبت فينا من الروح الذي اعطانا (
لو لاحظنا الفقرتين السابقتين من الكتاب المقدس لوجدناهما تؤكدان حقيقة التناقض ....... فالفقرة الاولى توصى بالايمان اولا بيسوع . والفقرة الثانية ان هذا الايمان يثبت بالروح القدس..........
إذن يوحنا فى رسالته يقول ان الايمان يأتى أولا قبل الروح القدس , فى حين ان بولس يقول ان الروح القدس تأتى اولا قبل الايمان ( ليس احد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس ) كورنثوس الاولى 3:12
حسنا لم ننتهى بعد عزيزى القاريء ........ دعنا نضرب لك امثلة حية فى الكتاب المقدس تظهر مدى هذا التناقض العجيب فى اسبقية الخلاص ...... هل هو بالروح القدس أولا متبوعا بالايمان ثانيا , أم بالايمان أولا ملحوقا بالروح القدس ثانيا ؟
1- كيف امن بولس المجدف بيسوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
كثيرا ما ذكر بولس فى رسالاته حقيقة اضطهاده للمسيحية وللمؤمنين بيسوع , فنراه يقول (انا الذي كنت قبلا مجدفا و مضطهدا و مفتريا و لكنني رحمت لاني فعلت بجهل في عدم ايمان ) تيموثاوس الاولى 13:1
إذن بولس كان مجدف , وكان مضطهد للمسيحية فى بداية نشأتها ومارس الكثير من الشرور ضد الكنيسة , وضد القديسين(فأنا ارتأيت في نفسي أنه ينبغي أن أصنع أمورا كثيرة مضادة لاسم يسوع الناصري .وفعلت ذلك أيضا في أورشليم، فحبست في سجون كثيرين من القديسين، آخذا السلطان من قبل رؤساء الكهنة. ولما كانوا يقتلون ألقيت قرعة بذلك وفي كل المجامع كنت أعاقبهم مرارا كثيرة، وأضطرهم إلى التجديف. وإذ أفرط حنقي عليهم كنت أطردهم إلى المدن التي في الخارج ) اعمال 26/ 9-11
هكذا كانت سيرة بولس وهو يتحدث عن نفسه واصفا الممارسات الوحشية والشريرة التى فعلها ضد القديسين والمؤمنين . ثم حدثت له معجزة الايمان
دعونا الان نترك بولس يناقض نفسه ....... هل الروح هى التى قادته للايمان بيسوع ....... ام الايمان اولا بيسوع هو الذى جعل الروح القدس تحل عليه ؟
لا ينبغى ان نذكركم اولا ان بولس كان من الفريق القائل بأن الروح القدس تسبق الايمان , حيث قال (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
اذن لكى تؤمن ان يسوع هو الرب ينبغى ان تفعل ذلك وانت مسوق اولا باروح القدس ....... اذن الروح القدس تسبق الايمان .
ولكن الحقيقة ان قصة ايمان بولس نفسه تناقض اقواله تماما التى ذكرها فى الفقرة السابقة . يقول كاتب سفر الاعمال عن بولس :
3 وفي ذهابه حدث أنه اقترب إلى دمشق فبغتة أبرق حوله نور من السماء
4 فسقط على الأرض وسمع صوتا قائلا له: شاول، شاول لماذا تضطهدني
5 فقال: من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده. صعب عليك أن ترفس مناخس
6 فقال وهو مرتعد ومتحير: يا رب، ماذا تريد أن أفعل؟ فقال له الرب: قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل
هل لاحظتم التناقض اخوانى ؟
كيف يبادر بولس وهو المجدف على يسوع ان يقول له يا رب دون ان تنزل عليه الروح القدس , مع انه هو القائل سابقا (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
فالروح القدس لم تحل على بولس كى يقول ليسوع ( يا رب ) بل غاية ما فى الامر ان يسوع ظهر لبولس ......
قد يقول قائل .... يكفى ظهور يسوع لبولس كى يؤمن ....... وهذا فى حد ذاته يمثل امتلاءا من الروح القدس لقبول الخلاص
ونحن نرد عليه ونقول ..... وكيف يظهر يسوع لبولس وهو الذى كان مجدفا ومهرطقا ..... فالروح القدس لا تحل إلا على المؤمنين , وبولس ساعة ان ظهر له يسوع كان فى قمة اضطهاده للمسيحية , وكان ذاهبا الى اورشليم بأوامر من رئيس الكهنة كى يمارس قتله وشروره ضد التلاميذ ؟
فالروح القدس لا تحل على المجدفين والمناوئين , خصوصا وان يسوع قال صراحة انه لا غفران على من يجدف على الروح القدس : (أما من قال على الروح القدس فلن يُغفر له لا في هذا العالم ولا في الآتي ) متى 32:12
وقال يسوع ايضا :
(28 الحق أقول لكم: إن جميع الخطايا تغفر لبني البشر، والتجاديف التي يجدفونها
29 ولكن من جدف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد، بل هو مستوجب دينونة أبدية ( مرقص 29:3
ولا اعتقد ان يسوع قد يتراجع عن اقواله ويكسر تعاليمه بأن يغفر لبولس الذى مارس الشرور والاضطهاد ضد تلاميذ الرب خصوصا وان الاله نفسه فى العهد القديم قال فى سفر اشعياء:
(57: 20 اما الاشرار فكالبحر المضطرب لانه لا يستطيع ان يهدا و تقذف مياهه حماة و طينا
57: 21 ليس سلام قال الهي للاشرار )
فمن يا ترى هو الكاذب هنا ؟
1-هل هو بولس الذى قال انه لا احد يقبل و بالوهية يسوع ويعترف بها إلا إذا حلت عليه الروح القدس, مع ان بولس حينما ظهر له يسوع قال له يا رب دون ان تحل عليه الروح القدس ........ وبهذا يكون بولس قد خالف اقواله.
2-ام ان الكاذب هو يسوع الذى قال ان كل الخطايا تغفر لبنى البشر ما عدا المجدفين على الروح القدس , ومع ذلك ظهر لبولس وغفر له مع انه كان اكبر مجدف بإعتراف بولس نفسه شخصيا ؟
وهذا يطرح علينا السؤال التالى .... من ياتى اولا هل الايمان بيسوع انه رب قبل حلول الروح القدس مثلما امن بولس بيسوع قبل ان ينتظر حلول الروح القدس عليه ....... ام ان الروح القدس لا بد ان تحل اولا كى يحصل الايمان مثلما قال بولس (قال (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
2- لماذا امن اللص الذى على اليمين ولم يؤمن اللص الذى على الشمال ?
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورد على لسان يسوع انه قال فى انجيل لوقا (وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْجَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ.) لوقا 10:12
والنص السابق يمثل تصريحا من يسوع بأن من تناول يسوع نفسه بالسب أو الشتم أو الاهانة ....... فهو مغفور له , أما من جدف على الروح القدس فلن يغفر له . ........
ولكن هل يسوع التزم بأقواله وطبق تعاليمه ؟
دعونا نرى قصة اللصين الين صلبا مع يسوع ........ وكيف تصرف يسوع مع كليهما .
(وبذلك أيضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه) متى 44:27
وويكمل لوقا باقى الحكاية فى الاصحاح 23 فيقول :
39 وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا: إن كنت أنت المسيح، فخلص نفسك وإيانا
40 فأجاب الآخر وانتهره قائلا: أولا أنت تخاف الله، إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه
41 أما نحن فبعدل، لأننا ننال استحقاق ما فعلنا، وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله
42 ثم قال ليسوع: اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك
43 فقال له يسوع: الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس
اذن كان هناك لصين ......... أحدهما جدف على يسوع والاخر لم يجدف , وهذا الذى لم يجدف على يسوع بشره يسوع بأنه سيكون معه فى الفردوس , وأما الذى جدف فكان مصيره الدينونه واستوجب الجزاء .......
دعونى اوضح لكم الفكرة من اقوال القديسين انفسهم
البابا غريغوريوس (الكبير)
vغفر الرب له سريعًا، لأن اللص تاب سريعًا. النعمة أغنى من الطلبة. اللص طلب أن يذكره، أمّا الرب فأجابه (بفيض): "الحق أقول لك اليوم تكون معي في الفردوس". لأن الحياة هي أن تكون مع المسيح، وحيث يوجد المسيح يوجد ملكوته.
القديس يوحنا الذهبي الفم
vالصليب نفسه إن تأملناه حسنًا هو كرسي للقضاء. فقد جلس الديان في الوسط: لص آمن فخلص، وآخر جدف فدين
ماذا نستفيد الان اعزائى القراء ؟
نستفيد ان يسوع كان يكيل بمكيالين ......... فهذه اقوال القديسين تثبت ان يسوع قبل اللص احد اللصين ولم يقبل الاخر , فبالرغم من ان كلا اللصين كانا يجدفان على يسوع ويعيرانه إلا ان يسوع وعد احدهما بالفردوس ولم يقبل الاخر لانه امن على حد زعمهم .....وكما قلت هذا يعتبر كيل بمكيالين لأن اللصين كانا يجدفان على يسوع وليس على الروح القدس .........و يسوع قال ان حتى التجديف على ابن الانسان نفسه ( يسوع ) يغفر لصاحبه ........اما التجديف على الروح القدس فلا يغتفر . (وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْجَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ.) لوقا 10:12
المفترض ان يطبق يسوع تعاليمه ويغفر للصين لانهما كانا يعيرانه ويجدفان على شخصه وليس على الروح القدس ....... ومع هذا حينما اظهر احد اللصين بوادر ايمان ....... فإن يسوع بشره بمصاحبته معه فى الفردوس ولم يبشر الاخر , بل ان الاخر اصبح مدان كما قال القديس يوحنا ذهبى الفهم ...... وبهذا اصبح يسوع مناقضا لاقواله وافعاله , وبهذا يصبح مدى تغلغل الصفات الانسانية عند يسوع ووتأثره بمن يحبه وبمن يكرهه.
المهم ....... ما الذى نستفيده هنا فى قصة البيضة اولا ام الدجاجة.... اقصد الروح القدس اولا ام الايمان ؟
أقول كيف نصدق ان اللص الذى كان يعير يسوع ويجدف عليه اصبح مؤمنا فجأة وقال له ( يا رب ) مع انه لم تنزل عليه الروح القدس لان بولس قال سابقا (». وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. ) كورنثوس الاولى 3:12
فهل الايمان بيسوع يسبق الروح القدس اولا مثلما حدث لذلك اللص ....... ام انه ينبغى ان تحل عليه الروح القدس بداءة مثلما قال بولس ؟
فلو كانت الروح القدس تسبق الايمان .لقلنا وكيف تنزل الروح القدس على المجدف الكافر ؟
ولو قلنا الايمان يسبق الروح القدس لقلنا وكيف يؤمن من لم تحل عليه الروح القدس ؟
فهل لنا من مجيب ؟
اخوكم / مجد الاسلام عبداوى
