مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

    شواهد عظمة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
    ومن شواهد عظمة أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم،أنه انبهر أعداؤه قبل أصحابه بأخلاقه صلى الله عليه وسلم، فكانت سببًا في إسلام بعضهم، فلننظر إلى ملك عُمَان المعاصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الجُلَنْدى [انظر: ابن حجر العسقلاني: الإصابة 1/538 ترجمة رقم (1298)]؛ الذي انبهر بأخلاقه صلى الله عليه وسلم، فقال: "والله لقد دلَّني على هذا النبيِّ الأُمِّيِّ أنه لا يأْمُرُ بخير إلاَّ كان أوَّل آخذ به، ولا يَنْهَى عن شيء إلاَّ كان أوَّل تارك له، وأنه يَغْلب فلا يبطر، ويُغلب فلا يضجر، ويفي بالعهد وينجز الموعود، وأشهد أنه نبي". [القاضي عياض: الشفا 1/248]
    تكافؤ وتكامل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم
    ومن عظمة أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها متكاملة ومتكافئة؛ بحيث لا يطغى جانب على جانب آخر من أخلاقه صلى الله عليه وسلم، فكان صبره صلى الله عليه وسلم مثل شجاعته، وأمانته مثل كرمه، وصدقه مثل حلمه..وهكذا لا نجد له صلى الله عليه وسلم خُلُقًا في موضعه من الحياة يزيد وينقص على خُلُق آخر في موضعه، وهذا التكافؤ الخُلُقِيّ لم تعرفه الحياة الواقعية لإنسان غير محمد صلى الله عليه وسلم [كما قال: محمد الصادق عرجون: محمد رسول الله 1/211، 212]؛ لذلك قال الشاعر الألماني جوته: "بحثتُ في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم". [زغريد هونكه: شمس العرب تسطع على الغرب ص465]
    وكان القرآن الكريم هو المنبع الرئيسي الذي استمدَّ منه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أخلاقه، فأضفى على كماله الخلقي كمالاً، وعلى جميل أدبه جمالاً، وذلك بتوجيهه لكل خير، وإرشاده لكل معروف، حتى أصبح صلى الله عليه وسلم كأنه قرآنًا يمشي على الأرض في أفعاله وأقواله؛ لذلك قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما سألها سعد بن هشام بن عامر عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلتُ: بلى. قالت: فإنَّ خُلق نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن [مسلم (746)] وفي رواية أخرى قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان خلق رسول الله القرآن. ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين اقرأ: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * </span><span lang=AR-SA><o></o></span></div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * </span><span lang=AR-SA><o></o></span></div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) المؤمنون: 1-11 [فقالت: هكذا كان خلق رسول الله [انظر: الحاكم (3481)] فما أدقّ وصف أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم.
    كما كانت رؤية النبي محمد صلى الله عليه وسلم لطبيعة الإسلام رؤية مبنيَّة على مكارم الأخلاق،وهذا ما فهمه العرب منذ بداية دعوته صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فعندما عرض محمد صلى الله عليه وسلم نفسه -مثلاً- على وفد بني شيبان بن ثعلبة -وكان في القوم مفروق بن عمرو، والمثنى بن حارثة، وهانئ بن قبيصة، والنعمان بن شَرِيك- فتلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام: 151]. فقال مفروق: ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه. فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل: 90، فقال مفروق: دعوتَ والله يا قرشي إلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، ولقد أُفِكَ قومٌ كذبوك وظاهروا عليك. [البيهقي: دلائل النبوة (695)]
    ولقد ظهر تعظيمه صلى الله عليه وسلم للأخلاق في كثير من كلماته وأحاديثه، فها هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقول معلِّمًا لأصحابه: "إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ".[الترمذي عن عائشة رضي الله عنها (2612)]
    ولم تكن هذه الأخلاق مقصورة على قوم دون آخرين أو طائفة دون طائفة، بل ظهرت واضحة جلية في كل تعاملاته؛ فقد كان كثير المخالطة لأصحابه،لم يعتزل عنهم أبدًا، كان يُجالس الفقراء، ويرحم المساكين، وتسير به الأَمَة في شوارع المدينة أينما شاءت، وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويزور أصحابه في بيوتهم، ويزورونه في بيته، وهو في كل ذلك دائم الابتسامة، منبسط الأسارير، متهلِّل الوجه، وكان رحيمًا بأُمَّته تمام الرحمة، ما خُيِّر بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس عنه، وكان كثير العفو حتى عَمَّن ظلمه وبالغ في ظلمه.
    أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم مع أعدائه
    كما كانت أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمة في بيته،وفي تعامله مع غير المسلمين في مجتمعه، بل وتميز أيضًا صلى الله عليه وسلم بمعامله أعدائه ومبغضيه بكل رفق وأناة، وقد شهد بحسن خلقه أبو سفيان بن حرب قبل أن يُسلم وهو زعيم المشركين، فقال عند إسلامه: "والله إنك لكريم، ولقد حاربتك فنعم محاربي كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، فجزاك الله خيرًا". [أبو نعيم الأصبهاني: معرفة الصحابة 3/1509.]
    شهادة وليم موير:
    وبعدُ، فإننا لن نستطيع أن نستقصي أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم في صفحات قليلة، فقد كانت أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم محطَّ إعجاب كثير من المسلمين وغير المسلمين،فها هو ذا المستشرق البريطاني السير وليم موير (1819-1905م)، يصف حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: "كانت السهولة صورة من حياته كلها، وكان الذوق والأدب من أظهر صفاته في معاملته لأقلِّ تابعيه، فالتواضع، والشفقة، والصبر، والإيثار، والجُود صفات ملازمة لشخصه، وجالبة لمحبَّة جميع مَنْ حوله، فلم يُعرف عنه أنه رفض دعوة أقلِّ الناس شأنًا، ولا هديةً مهما صغرت، وما كان يتعالى ويبرز في مجلسه، ولا شعر أحد عنده أنه لا يختصُّه بإقبال وإن كان حقيرًا، وكان إذا لقي مَنْ يفرح بنجاحٍ أصابه أمسك يده وشاركه سروره، وكان مع المصاب والحزين شريكًا شديد العطف، حَسَنَ المواساة، وكان في أوقات العسر يقتسم قُوتَهُ مع الناس، وهو دائم الاشتغال والتفكير في راحة مَنْ حوله وهناءتهم". [انظر: وليم موير: حياة محمد نقلاً عن سعيد حوى: الرسول ص147]
    هذا هو رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي نفخر به، وتفخر معنا البشريَّة كلها؛ فقد كان حقًّا خُلُقه القرآن.
    شهادة إدوارد جيبون:
    إدوارد جيبون (1737–1794م). مؤرخ إنجليزي، يعتبر أعظم المؤرخين الإنجليز في عصره . "المورد" (1990) .
    يقول "إدوارد جيبون وسيمون أوكلي" في كتاب "تاريخ الإمبراطورية العربية الإسلامية " طبعة لندن (1870) ص54: "لا إله إلا الله محمد رسول الله هي عقيدة الإسلام البسيطة والثابتة. إن التصور الفكري للإله (في الإسلام) لم ينحدر أبدا إلى وثن مرئي أو منظور. ولم يتجاوز توقير المسلمين للرسول أبدا حد اعتباره بشرا، وقيدت أفكاره النابضة بالحياة شعور الصحابة بالامتنان والعرفان تجاهه، داخل حدود العقل والدين".
    شهادة لومارتان:
    لومارتان مؤرخ الفرنسي - من كتاب "تاريخ تركيا"، باريس، 1854، الجزء 11، صفحة 276-277.
    يقول: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادًا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم. لكن هذا الرجل محمد (صلى الله عليه وسلم) لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
    لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر من الله كان طموح النبي (صلى الله عليه وسلم) موجها بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته (صلى الله عليه وسلم) وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة).
    هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم) الفيلسوف،الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد (صلى الله عليه وسلم). بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)؟
    شهادة مونتجومري وات:
    مونتجومرى وات، من كتاب "محمد في مكة"، 1953، صفحة 52.
    إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.
    شهادة بوسورث سميث:
    بوسورث سميث، من كتاب "محمد والمحمدية"، لندن 1874، صفحة 92.
    لقد كان محمد قائدا سياسيا وزعيما دينيا في آن واحد. لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة. ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.
    شهادة الدكتور زويمر:
    الدكتور زويمر الكندي مستشرق كندي ولد 1813 ـ 1900 قال في كتابه (الشرق وعاداته).
    يقول الدكتور زويمر: إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً، ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء.
    شهادة برناردشو:
    برناردشو الإنكليزي ولد في دبلن بأيرلندا (1856-1950)، وهو ناقد وسيناريست وفيلسوف. له مؤلف أسماه (محمد)، وقد أحرقته السلطة البريطانية.
    يقول: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة [يعني أوروبا]).
    إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.
    يقول الفيلسوف الإنجليزي الشهير برنارد شو قولته الخالدة: "لقد كان دين محمد - صلى الله عليه وسلم - موضع تقدير سامي لما ينطوي عليه من حيوية مدهشة .. ... . هو الدين الوحيد الذي له ملكة الهضم لأطوار الحياة المختلفة، وأرى واجباً أن يدعى محمد - صلى الله عليه وسلم - منقذ الإنسانية، وإن رجالاً كشاكلته إذا تولى زعامة العالم الحديث فسوف ينجح في حل مشكلاته).
    ولقد وجد برنارد شو في شخصية الرسول – عليه الصلاة و السلام – ما دعاه إلى أن يصفه بأنه منقذ البشرية فقال: (لقد عمد رجال الاكليروس في العصور الوسطى إلى تصوير الإسلام في أحلك الألوان، وذلك بسبب الجهل وبسبب التعصب الذميم، والواقع أنهم كانوا يسرفون في كراهية محمد وكراهية دينه ويعدونه خصماً للمسيح، أما أنا فأرى واجباً أن يدعى محمد منقذ الإنسانية وأعتقد أن رجلاً مثله إذا تولى زعامة العالم الحديث نجح في حل مشكلاته وأحل في العالم السلام والسعادة وما أشد حاجة العالم اليوم إليهما).
    * * *
    غ 26- يؤيده الله تعالى بالمعجزات، إثباتًا لنبوته أمام الناس، وتصديقًا له
    لكن ما الغرض من المعجزات التى يقوم بها الأنبياء؟
    هل هى لتثبت ألوهية ما لديهم؟ بالطبع لا. فالمؤمنون يؤمنون أن الله تعالى قادر على كل شىء، ولا داعى لمعجزة ما تثبت ألوهيته.
    وبالتالى فالمعجزة لإثبات أن هذا الشخص الذى يقوم بها نبى من عند الله حقًا، ومؤيدًا من الله، ليستمع الناس إلى رسالة الله إليهم عن طريقه. لذلك نجد أن يسوع كان يرفع رأسه للسماء، طالبًا من الله تعالى أن يمده بالتأييد ليصدق الناس أنه رسول من عنده:
    فعندما حاول إحياء الميت: يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
    وعندما حاول شفاء الأصم الأعقد: مرقس 7: 32-35 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ ... وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً.)
    وعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
    لوقا 9: 16 (16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ)
    وعندما أراد أن يُخاطب الله ويدعوه: يوحنا 17: 1 (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً)
    وأعلن يسوع أنه يعمل هذه المعجزات بإصبع الله، أى بقدرته، وعبر عنها مرة أخرى أنه بروح الله يخرج الشياطين، أى إن الله ذاته هو الفاعل، وما يسوع إلا عبد يُظهر الله قوته على يديه. وأنه لا يفعل شيئًا من نفسه، وأن الله تعالى هو الذى يعلمه ما يقول، وما يفعل، وأن هذه الأعمال هى التى أعطاها الله له، أى ليست من عند نفسه:
    يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
    لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ ...)
    متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ ...)
    يوحنا 5: 20 (20لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ ...)
    يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي ...)
    يوحنا 5: 36 (لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
    وفى محاولته شفاء الأعمى تصديقًا لما نذهب إليه: مرقس 8: 22-26 (22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ 23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟ 24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ». 25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً. 26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ»)
    فهل لو كان يعمل المعجزات بلاهوته لفشل فى المرة الأولى واحتاج إلى تجربة ثانية ليشفى الأعمى؟ هل يوجد إله يقوم بتجارب يفشل منها ما يفشل، وينجح فى النهاية فى إشفاء أعمى؟
    وفكر فى قول يسوع الذى يرمى إلى أن الله تعالى على كل شىء قدير: مرقس 10: 27 (27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ».) ستجد أنه يقول لك إن كل ما هو غير مستطاع عن الناس، فهو مستطاع عند الله، وستجد أنه يعلنها لكل الناس أنه بشر، وليس بإله!!
    ثم قارن هذا بقول الكتاب الذى تقدسه من أن يسوع لم يستطع أن يقوم بمعجزة واحدة فى وطنه: بل مر عليه وقت فى وطنه لم يستطع أن يعمل معجزة واحدة: مرقس 6: 5 (5وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ.)
    بل إن يسوع أخبرهم أنه لن يعطيهم آية، إلا آية يونان النبى: متى 12: 38-39 (38حِينَئِذٍ قَالَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ: «يَا مُعَلِّمُ نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». 39فَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ.)
    وفى موضع آخر أخبرهم أنه لن يقوم بآية بالمرة: مرقس 8: 11-12 (11فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَابْتَدَأُوا يُحَاوِرُونَهُ طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ لِكَيْ يُجَرِّبُوهُ. 12فَتَنَهَّدَ بِرُوحِهِ وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً!»)
    ومن ناحية أخرى، ماذا كان رد فعل من شفاهم أو أحياهم بإذن الله؟
    وماذا كان رد فعل تلاميذه وأعدائه وجموع الناس؟
    لقد أقروا كلهم أنه نبى مرسل من الله:
    فعندما سأل الكهنة الرجل الذى شفاه يسوع بإذن الله من العمى، الذى ولد به، عن رأيه فيه، قال إنه نبى: يوحنا 9: 17 (17قَالُوا أَيْضاً لِلأَعْمَى: «مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ».)
    لقد أقر اثنان من تلاميذه بعد موته المزعوم إنه كان: لوقا 24: 17-20 (... 17فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟» 19فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ.)
    وأقر بطرس أنه رسول لله تعالى: وقال بطرس فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
    وأقر أعداؤه أنه رسول لله تعالى: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
    وأقرت الجموع أن يسوع رسول لله تعالى: متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
    وهكذا فهم كل الناس الذين عاصروه ورأوا معجزاته. بل أصرت ترجمة الفاندايك الشهيرة عند الأرثوذكس فى مصر على تغيير كلمة عبد الله على يسوع أربع مرات، فى الوقت الذى تصر فيه الترجمة الكاثوليكية ومعظم التراجم الأجنبية على اعتبار يسوع عبد الله"
    وكان يسوع عبدًا لله تعالى: فقد قال بطرس: أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    وقال بطرس أيضًا: أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    وقالا بطرس ويوحنا: أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    وقالا أيضًا: أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    فكيف تؤلهونه أنتم اليوم وتدعون عليه ما لم يفهمه معاصروه أو تلاميذه وما لم يتفوه هو به وما لا يقل به الكتاب الذى تقدسونه؟
    وأكثر من ذلك، فقد أقرَّ يسوع أنه لا يملك من أمر نفسه شيئًا، فلا يستطيع أن يعمل من نفسه شيئًا: لا معجزة، ولا تعاليم، ولا فطنة فى مواجهة الأعداء ومناظرتهم، ولا يطلب إلا مراد الله ومشيئته: يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
    وأقر أيضًا أنه لا يملك من أمر غيره شيئًا: متى 20: 23 (... وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي».)
    وأن الحساب والدينونة بيد الله: متى 6: 9-15 (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً زَلَّاتِكُمْ.)
    يوحنا 8: 50 (50أَنَا لَسْتُ أَطْلُبُ مَجْدِي. يُوجَدُ مَنْ يَطْلُبُ وَيَدِينُ.)
    ألا تعلم أن يسوع سيخضع فى الآخرة مثل كل المخلوقات لله رب العالمين؟ كورنثوس الأولى 15: 28 (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) ألا ينفى عنه هذا الألوهية التى نسبتموها إليه؟
    ألم يقل يسوع إن دخول الجنة يتوقف على شهادة أن لا إله إلا الله، وأنه عبد الله ورسلوه؟ يؤيدنا فى هذا الفهم قوله مرة أخرى: يوحنا 17: 4 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)
    ألم يقل يسوع إن الخلود فى الجنة يتوقف على فصلك بين الله ورسوله، والإيمان بالله كإله خالق الكون ومليكه، وتطيع رسوله الذى أرسله؟ ومن يمُت على ذلك فهو من أهل الجنة: يوحنا 5: 24 (24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
    وبهذا أثبتنا أن يسوع عمل معجزات تؤيد نبوته، على الرغم من تضارب بعض النصوص مع بعضها، ونفينا ألوهيته المزعومة بأقواله وأعماله وأقوال المعاصرين له، سواء كانوا تلاميذه أو أتباعه أو أعدائه أو جموع الناس الذين اختلطوا به وعرفوه.
    لكن ما هى معجزات يسوع التشريعية؟ لا يوجد تشريع من الأساس.
    ما هى معجزات يسوع العلمية فى مجال النباتات أو الحيوان أو الحشرات أو فى أى مجال آخر؟ لا يوجد.
    بل إن كل من يؤمن بيسوع حق الإيمان يمكنه أن يحيى الموتى، ويشفى المرضى بإذن الله. يوحنا 14: 12 (12اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَالأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا يَعْمَلُهَا هُوَ أَيْضاً وَيَعْمَلُ أَعْظَمَ مِنْهَا ....).
    فهل استطاع البابا الحالى أن يحيى من سبقه؟ وهل استطاع من سبقه أن يحيى من سبقهم؟ فأنت أيها السيد رشيد بين نارين: إما أن هؤلاء الباباوات الذين هم على رأس كنائسكم، وعلى قمة إيمانكم، وذروة علمكم، لم يؤمنوا بيسوع والأعمال التى قام بها، فلم يتمكنوا من إحياء ميتًا، كما فعل يسوع، وإما هذه الجملة مدسوسة على كتابكم!
    وهل المعجزات الحسية تثبت نبوة الشخص الذى يقوم بها؟
    تبعًا لما قاله يسوع "لا": متى 24: 24، (24لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً)ومرقس13: 22
    وعلى ذلك إن معجزات يسوع وحدها لا تكفى لإثبات نبوته تبعًا لقوله نفسه!
    لكن ما رأيك فيمن يؤيد الله تعالى لليوم صدق نبوته، وصدق الكتاب الذى جاء به؟
    لقد أيَّد الله تعالى النبى محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الكثيرة، التى تفوق فى عددها الألف فى حياته. سواء كان منها شفاء المرضى، أو تحدث الحيوانات أو الشجر إليه، واعترافهم بنبوته، سواء فى إخباره بالغيب وتحققه فى حياته أو بعد مماته، سواء تكلم كتف الشاة المذبوحة والمطهية واعترافها أنها سُمَّمَت. فمنها على سبيل المثال:
    1- القرآن الكريم
    2- انشقاق القمر ليلة البدر حتى افترق فرقتين على كل جبل جزء
    3- أن الله زوى ـ أي جمع ـ له الأرض كلها فضم بعضها لبعض حتى رآها وشاهد مغاربها ومشارقها، وقال تعالى له: إن ملك أمته سيبلغ ما زوى له منها .
    4- حنين الجذع إليه لما فارقه إلى المنبر وصار يخطب على المنبر بعد ما كان يخطب عليه ولم يسكن حتى أتى إليه فضمه وأعتنقه فسكت .
    5- نبع الماء من بين أصابعه. رواه البخاري
    6- تسبيح الحصى بكفه. رواه أبن عسكر من حديث أبي داود وغيره .
    7- تسبيح الطعام حين وضع بين يديه فنطق كما في البخاري عن ابن مسعود .
    8- تسليم الجحر والشجر عليه بالنطق. رواه أبو نعيم في دلائل النبوه .
    9- تكليم ذراع الشاة المشوية المسممة له صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه مسموم. رواه البخاري .
    10- أن البعير شكا إليه الجهد أن صاحبه يجيعه ويتعبه. رواه أبو داود .
    11- شهاد الذئب له بالنبوة. رواه الطبراني وابو نعيم .
    12- أنه جاء مرة إلى قضاء الحاجه ولم يجد شيئا يستتر به سوى جذع نخله صغيره وأخرى بعيده عنها. ثم أمر كلا منها فأتتا إليه فسترتاه حتى قضا حاجته ثم أمر كلا منهما بالمضي إلى مكانها. راواه الأمام أحمد والطبراني .
    13- أنه قربت منه ست من الأبل لينحرها فصارت كل واحده تقترب منه ليبدأ بها .رواه أبو داود والنسائي .
    14- أن عين قتاده بن النعمان الأنصاري سقطت يوم أحد فردها فكانت المردودة أحـد (أقوى) من العين الصحيحه .رواه الحاكم وغيره من عدة طرق .
    15- أن عين أبي طالب رضى الله عنه برأت من الرمد حين تفل فيها .متفق عليه .
    16- أن عبد الله بن عتيك الأنصاري أصيبت رجله حين نزل من درج إلى رافع أبن أبي الحقيق لما قتله فمسحها بيده الشريفه فبرأت. رواه البخاري.
    17- أن أبي بن خلف كان يلقي المصطفى فيقول إن عندي قعودًا أعلفه كل يوم أقتلك عليه. فيقول صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتلك إن شاء الله، فطعنه يوم أحد في عنقه فخدشه غير كثير، فقال: قتلني محمد فقالوا: ليس بك بأس. قال: إنه قال: أنا أقتلك فلو بصق علي لقتلني فمات.
    18- أنه أخبر أمية بن خلف أنه يقتله. فقتل كافرًا يوم بدر .رواه البخاري .
    19- أنه عد لأصحابه في بدر مصارع الكفار (الأماكن التى سيصرعون فيها) فقال: هذا مصرع فلان غدًا ويضع يده على الأرض، وهذا، وهذا، فكان كما وعد. وما تجاوز أحد منهم موضع يده. رواه ابو داود.
    20- أنه أخبر عن طوائف من أمته أنهم سيركبون وسط البحر أي يغزون في البحر كالملوك على الأسرة ومنهم أم حرام بنت ملحان فكان كما أخبر. رواه البخاري .
    21- أنه قال في الحسن بن علي إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كما قال. فإنه لما توفى أبوه بايعه أربعون ألفًا على الموت فتنازل عن الخلافه لمعاوية حقنا لدماء المسلمين .رواه البخاري.
    22- أنه أخبر في شأن عثمان بن عفان t أنه ستصيبه بلوى شديده يريد قتله فكان كما قال. رواه البخاري .
    23- أنه أخبر بمقتل الأسود العنسي في صنعاء اليمن في الليلة التي قتل فيها في المدينة، فجاء الخبر بما أخبر به .ذكره ابن اسحاق وغيره .
    24- أنه أخبر بقتل كسرى كذلك في ليلة مقتله الخبر كما ذكر.
    25- أخبر عن الشيماء بنت الحارث السعدية أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاع أنها قد رفعت في خمار أسود على بغله شهباء فكان كذلك .رواه أبو نعيم .
    26- أنه دعا أن يُعز الإسلام باحدى العمرين، فأصابت عمر بن الخطاب t ورفض أبو جهل ابن الهشام. فعز بإسلامه كل من أضحى مسلما .
    27- أنه دعا لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه بذهاب الحر والبرد عنه فكان علي لايجد حرا ولا بردا، رواه البيهقي.
    28- أنه دعا لابن عباس بفقه الدين وعلم التأويل فصار بحرًا زخارًا واسع العلم
    29- أنه دعا لثابت بن قيس بن شماس بأن يعيش سعيدا ويقتل شهيدًا فكان كذلك.
    30- أنه دعا لأنس بن مالك بكثرة المال والولد وبطول العمر فعاش نحو المائة سنه وكان ولده من صلبه مائة وعشرين ولدًا ذكرًا،وكان له نخل يحمل في كل سنة حملين.
    31- أنه قال في رجل مسلم، غزا معه وأكثر قتال الكفار مع المسلمين، إنه من أهـل النار، فأصابته جراحه فقتل نفسه بيده عمدًا.‍‍‍‍‍‍(وقاتل نفسه في النار) متفق عليه
    32- كان بينه وبين عتيبه بن أبي لهب أذى، فدعا عليه بأن يسلط الله عليه كلبًا من كلابه فقتله الأسد . رواه أبو نعيم وغيره .
    33- أنه لما شكا إليه شاك قحوط المطر ـ أي حبسه وانقطاعه وهو فوق المنبر في خطبة الجمعة فرفع يديه إلى الله تعالى ودعا. وما في السماء قطعة من السحاب فطلعت سحابة حتى توسطت السماء فاتسعت فأمطرت فقال: اللهم حوالينا ولا علينا فاقلعت وانقطعت .متفق عليه
    34- أنه أمر عمر الفاروق صلى الله عليه وسلم أن يزود أربع مائة راكب أتو إليه من تمر كان عنده فزودهم منه، والتمر كان مقدراه كالفصيل الرابض، فزودهم جميعا وكأنه ما مسه أحد. رواه أحمد وغيره .
    35- أنه أطعم أهل الخندق أيضا من تمر يسير أتت به إليه جاريه.رواه ابو نعيم
    36- أنه أطعم الألف الذين كانوا معه في غزوة الخندق من صاع شعير ودون صاع وبهيمة ـ وهي ولد الضأن فأكلوا وشربوا وانصرفوا وبقي بعد انصرافهم عن الطعام أكثر مما كان من الطام. متفق عليه .
    37- أنه أطعم جماعة من أقراص شعير قليلة بحيث جعلها أنس تحت ابطه لقلتها فأكل منها ثمانون رجلا وشبعوا كلهم وهو كما أتى لهم كأنه لم يمسه أحد كما جاء في الصحيحين عن أنس .
    38- أنه أطعم الجيش حتى وصلوا إلى حد الشبع من مزود ـ وعاء التمر ـ ورد مابقى فيه لصاحبه أبي هريرة. ودعا له بالبركه فأكل منه في حياته إلى حين قتل عثمان ـ رضي الله عنه .
    39- أنه حين تزوج بزينب بنت جحش أطعم خلقا كثيرًا من طعام قدم إليه في قصعة ثم رفع الطعام من بينهم وقد شبعوا وهو كما وضع أو أكثر. كما رواه أبو نعيم .
    40- أنه في غزوة حنين رمى الكفار بقبضهةمن تراب وقال: شاهت الوجوه فامتلأت أعينهم ترابًا كلهم، وهزموا عن أخرهم .رواه مسلم وغيره .
    41- أنه لما أجتمعت صناديد قريش في دار الندوة وأجمعوا على قتله وجاءوا إلى بابه ينتظرون خروجه فيضربونه بالسيوف ضربه رجل واحد خرج عليهم ووضع التراب على رأس كل واحد منهم .
    42- معجزة الأسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى .
    43- فيضان ماء بئر الحديبية
    44- قدح لبن روى الكثير من الناس ببركته صلى الله عليه وسلم
    45- امتلاء عكة سمن لأم سليم بعد فراغها
    46- توفية دين جابر الذي استغرق كل ماله
    47- سلام الحجر عليه صلى الله عليه وسلم
    48- توقير الوحش له صلى الله عليه وسلم واحترامه إياه
    49- احترام الأسد لمولى الرسول صلى الله عليه وسلم وقيادته إياه إلى زملائه للحاق بهم
    50- نطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم
    51- خروج الجن من الصبي بدعائه صلى الله عليه وسلم
    52- شفاء الضرير بدعائه صلى الله عليه وسلم
    53- شفاء صبي من امرأة من خثعم بفضل سؤره صلى الله عليه وسلم
    54- تحول جذل الحطب سيفًا لعكاشة بن محصن يوم بدر
    55- صدق إخباره بالغيب
    والكثير غيرها. وقد ذكرت لك ما ذكرت بالاختصار. وعليك التحقق من صدقها فى المراجع والكتب الإسلامية (دلائل النبوة، للبيهقى).
    وأسأل الله تعالى الهداية لك ولى!
    وقد زالت المعجزات الحسية كلها، بما فيها التنبوء بالغيب القريب، وهو ما حدث فى عصره، منها شفاء الميئوس من شفائه، منها استجابة الله لدعائه، منها تكلم الحيوان معه، ولم تتبق لنا إلا معجزة واحدة هى حجة على العالمين، وهى القرآن الكريم:
    فقد جرت سُنة الله في تأييده رُسله بالمعجزات أن يُؤيد كل رسول من رُسله بالمعجزة التي تناسب من أرسل إليهم، وتكون في بيئته أبلغ دَلالة على صِدقه وأشد إقحامًا لمن كذَّبوا به. فمحمد صلى الله عليه وسلم أيده الله بمعجزة القرآن؛ لأنه بعث في بيئة عربية في زمن كان العرب فيه يزعُمون أنهم استووا على عرش البلاغة والفصاحة، وملَكوا فنون القول، وأُتوا الحِكمة وفَصْل الخطاب، وقد قال النعمان بن المنذر بين يدي كسرى في وصفهم:"وأما حكمة ألسنتهم، فإن الله أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم. مع معرفتهم بالأشياء، وضرْبهم للأمثال، وإبلاغهم في الصفات ما ليس لغيرهم".
    فالله تعالى لحكمته البالغة، أيد محمدًا بالقرآن؛ ليُقحمهم في أعز ميادينهم، ويقنعهم بما لا سبيل لهم إلى الجدال فيه، ويُقيم لهم برهانًا هم أقدر الناس على إدراكه والإذعان له.
    والإعجاز هو إثبات العجز وإظهاره، وإعجاز القرآن للناس؛ أي: إثبات عجزهم عن أن يأتوا بمثله، ولا يتحقق الإعجاز إلا إذا توافرت أمور ثلاثة:
    الأول: أن تتحدى من تريد إثبات عجزه؛ أي: أن تتطلب منه أن يأتي بمثل ما جئت به، وتصارحه بأنه لا يستطيع ولن يستطيع.
    والثاني: أن تتوافر عند من تتحداه جميع الدواعي التي تحمله على أن يستجيب لدعوتك، ويَبطل تحدِّيك، ويأتي بمثل ما جئت به.
    والثالث: أن تنفي عنه الموانع الحسية والمعنوية التي تمنعه أن يستجيب لك. بمعنى أن القرآن نزل بلسانهم العربي، وألفاظه مكونة من حروفهم الهجائية التي يكونون منها ألفاظهم، وأساليبه على منهاج أساليبهم، وفيهم ملوك البلاغة والفصاحة، وفرسان السباق في الشعر والخطابة وسائر فنون القول، وفيهم أهل الحكمة والأمثال والتجارب، وبينهم الكُهان والرُّهبان وأهل الكتاب، وقد دعاهم القرآن في تحديه أن تستعينوا بمن شاؤوا؛ ليُكملوا ما نقصهم، ويُتموا عدتهم.
    وأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن هذا القرآن أوحى إليه من عند الله: روى البخاريُّ بسنده عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: (ما من نبيٍّ إلا أُوتِي ما مثله آمَن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتِيتُه وحيًا أُوحِي إليَّ، فأوَدُّ أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة).
    وأقره الله تعالى على ذلك، فقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا) النساء: 105
    وأقره فقال سبحانه وتعالى: (الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) إبراهيم: 1
    وقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) الزمر: 41
    وقال جل وعلا: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) يوسف: 3
    وقال سبحانه: (</div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) الشورى: 7
    وأكَّد عز وجل ذلك بقوله: (</div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) طه: 2
    وقال: إن هذا الوحي من الله إلىّ تصديق إلهي لي في دعواي أني رسول الله، وإن كنتم في ريب من أنه من عند الله، وزعمتُم أنه من قول البشر، فها أنتم من أقدر البشر على القول والبيان، فأتُوا بمثله أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، وتحدَّاهم بعبارات واخزة، وأساليب تثير الحَميَّة، وتستفز القريحة، وأقسم أنهم لا يستطيعون ولن يأتوا بمثله، ولن يفعلوا، ولن يستجيبوا؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ الإسراء: 88
    وتحداهم أن يأتوا بعشر سور مثل القرآن؛ فقال عز شأنه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾ هود: 13، 14،
    نعم إنهم لم يستجيبوا لليوم، ولن يتمكنوا، فلماذا لا يقرون بأنه من عند الله تعالى؟ إنه الكبر وبطر الحق!!
    وتحداهم أن يأتوا بسورة من مثله؛ فقال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ البقرة: 23، 24
    فالله سبحانه على لسان رسوله تحدَّى الناس بالقرآن بصور شتى من صور التحدي، وطالبهم أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، وأكد لهم بالقسم أنهم لن يستطيعوا ولن يفعلوا ولو اجتمعوا إنسًا وجنًّا، وتعاونوا بكل الوسائل، والعرب الذين تحداهم رسول الله بالقرآن توافرت لهم كل الدواعي التي تستفز عزيمتهم للمعارضة، وتَستنهض هِمَمهم للإتيان بمثله لو كان مقدورًا لهم؛ لأن محمدًا عاب آلهتهم، وسفَّه عقولهم، وجاءهم بغير ما وجدوا عليه آباءهم، فما أشد حرصهم على أن يبطلوا دعواه أنه رسول الله! وما أشد حرصهم على أن يدحضوا الحُجة التي احتج بها، ويأتوا بقرآن مثل قرآنه، ويثبتوا أن هذا القرآن من قول البشر!!
    فلا ريب في أن رسول الله تحدى بالقرآن بأبلغ عبارات التحدي وأشدها وخزًا للضمائر وحفزًا للهِمم، ولا ريب في أن من تحداهم توافر لديهم كل ما يقتضيهم أن ينازلوا هذا المتحدي لهم، وأن يأتوا بمثل ما جاء به، ولا ريب في أنهم انتفى عنهم ما يَمنعهم من هذه المعارضة من جميع النواحي اللفظية والمعنوية والزمنية؛ لأن القرآن بلغهم وفيهم أهل العلم والكتاب، وقد أنزل مُفرَّقًا في سنين عديدة.
    ولا ريب في أنهم مع هذا كله لم يحاولوا أن يعارضوه ولم يأتوا بمثله، ولو جاؤوا بمثله، لنصروا كهنتهم، وأبطلوا حُجة من سفَّه عقولهم، وكَفَوا أنفسهم ويلات الحرب والقتال في عدة سنين. فالْتِجاؤهم إلى المحاربة بدل المعارضة، وإلى التآمر على قتْل الرسول صلى الله عليه وسلم بدل التآمر على الإتيان بمثل قرآنه - اعترافٌ منهم بالعجز عن معارضته، وتسليم منهم بأن هذا فوق قدرة البشر، وبرهان على أنه من عند الله. (الشيخ عبد الوهاب خلاف)
    قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) يونس: 37

    تعليق


    • #47
      رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

      ومن وجوه إعجازه، التى لا يمكن أن يحصيها إلا الله تعالى:
      1- فصاحة ألفاظه، وبلاغة أساليبه، وإحكام معانيه، ودقة ألفاظه، وحسن تشبيهاته
      ويكفينا الاستشهاد بكلام الوليد بن المُغيرة، وكان من كفار مكة، بل مات كافرًا غير مؤمن بالقرآن، لكنه شَهد له بالبلاغة وحسن البيان وقوة التأثير قائلاً: "فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برَجَزِه ولا بقصيده مني، ولا بأشعار الجنِّ، والله ما يُشبه الذي يقول - أي القرآن - شيئًا من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإنَّ عليه لطلاوة، وإنه لمُثمِر أعلاه، مُغدِق أسفله، وإنه ليَعلو وما يُعلى عليه، وإنه ليحطم ما تحته" (نهاية الأرب فى فنون الأدب 4: 285)
      2- اتساق تشريعه واتفاق أحكامه ومبادئه
      3- قوة تأثيره فى النفوس، وسلطانه الروحى
      4- اشتماله على حقائق علمية فى مجال الحشرات
      5- اشتماله على حقائق علمية فى مجال النباتات
      6- اشتماله على حقائق علمية فى مجال الجيولوجيا
      7- اشتماله على حقائق علمية فى مجال البحار والمحيطات
      8- اشتماله على حقائق علمية فى مجال الكواكب والنجوم
      9- اشتماله على حقائق علمية فى مجال طبقات الجو
      10- اشتماله على حقائق علمية فى مجال تطور الجنين
      11- اشتماله على أخبار مستقبلية منها ما تم، ومنها ما ينتظر
      12- اشتماله على قصص أمم بادت وبادت آثارهم، ولم تخبر عنها الكتب السابقة
      13- اشتماله على إعجاز تاريخى
      14- اشتماله على إعجاز جغرافى
      15- اشتماله على إعجاز تربوى
      16- اشتماله على إعجاز عددى
      فكيف علم الرسول الأمى أن جسم النمل من مادة قابلة للكسر حتى يستعمل لفظ (التحطيم)؟
      وكيف علم صلى الله عليه وسلم أن النمل يتكلم؟
      وكيف علم صلى الله عليه وسلم أن النملة الأنثى هى التى تعمل وتتولى الدفاع عن القطيع؟
      وكيف علم صلى الله عليه وسلم أن النمل يعيش فى جماعات منظمة فى أودية؟
      إنه من قول الله تعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) النمل: 18
      النمل يتكلم

      أثبت العلماء بعد دراسة طويلة لعالم النمل أن النمل من أكثر الحشرات تنظيماً، ولديه وسائل للتواصل عن بعد، وذلك من خلال إفراز مواد خاصة تنتشر رائحتها في كل اتجاه، وتميزها بقية النملات وتفهمها، ولذلك فقد حدثنا القرآن عن حقيقة علمية لم يكن أحد ليقتنع بها حتى زمن قريب، وهي حقيقة التواصل والكلام في عالم النمل.

      يقول تعالى في قصة سيدنا سليمان عندما خرج مع جنوده وصادف مرورهم بقرب وادي النمل: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النمل: 18].

      وفى الآية إشارة إلى حقيقة أن للنمل ـ كما للطيور ولغيرهما من خلق الله ـ وعيًا‏ًً,‏ وإدراكًا‏,‏ وذاكرة‏ًً,‏ وقدراتٍ متباينةً على التعبير عن الذات‏،‏ والتفاهم‏,‏ والاتصال‏,‏ وتبادل المعلومات‏,‏ وإصدار الأوامر‏,‏ وتلقيها من الآخرين في تجمعاتها ومع غيرها من الأفراد والجماعات.‏ وعلوم سلوك الحيوان تؤكد ذلك‏.‏
      النملة هي التي تنبه من الخطر

      سبحان الله! من الحقائق العلمية المؤكدة والتي لم يكن لأحد علم بها زمن نزول القرآن أن النملات المؤنثة هي التي تتولى الدفاع عن المستعمرة وحمايتها من أي خطر مفاجئ، وذلك بإصدار إشارات لبقية أفراد المستعمرة ليتنبهوا إلى الخطر القادم. وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقول الحق تبارك وتعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النمل: 18]. وتأمل معي كيف جاء التحذير على لسان (نملة) مؤنثة، فمن كان يعلم أن النملة المؤنثة هي التي تتولى الدفاع عن المستعمرة في ذلك الزمن؟

      النملة تتحطم!

      في زمن نزول القرآن لم يكن لأحد قدرة على دراسة تركيب جسم النملة أو معرفة أي معلومات عنه، ولكن وبعد دراسات كثيرة تأكد العلماء أن للنمل هيكل عظمي خارجي صلب جداً يسمى exoskeleton؛ ولذلك فإن النملة لدى تعرضها لأي ضغط فإنها تتحطم، ولذلك قال تعالى على لسان النملة (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ) وبالتالي فإن كلمة (يَحْطِمَنَّكُمْ) دقيقة جداً من الناحية العلمية، فسبحان الله!

      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أطوار الجنين فى بطن أمه؟ من قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون: 12-14
      وليراجع الإعجاز العلمى فى موقع http://www.eajaz.org
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عنصر الماء عنصر أساسى فى كل كائن حي؟ إنه قول الله تعالى له: ﴿... وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ﴾ الأنبياء: 30
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السماوات والأرض، أى العالم كله، كانتا رتقًا واحدًا، أى كتلة واحدة وانفصلت منها؟ إنه وحى الله تعالى إليه فى القرآن: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ...﴾ الأنبياء: 30
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يتم تلقيح بعض النباتات عن طريق الرياح؟ إنه الله العزيز الغفور،الذى أوحى له قائلا:﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾الحجر: 22
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجبال تسير مثل السحاب؟ إنه الله العظيم الذى أوحى ذلك إليه فى كتابه: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ النمل: 88
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله مسخ أهل القرية، الذين كانوا يعدون فى السبت، ولم يذكرها بنو إسرائيل فى كتبهم التى يقدسونها، ولا فى أدبياتهم؟ إنه وحى الله اللطيف الخبير إلى نبيه الأمين: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) البقرة: 65
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كلما ارتفع الإنسان عن الأرض، أحس بضيق الصدر وصعوبة التنفس؟ لقد أخبره الله تعالى ذلك: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ﴾ الأنعام: 125
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التكوينات الأولى للبُوَيْضَة والحيوان المنويِّ تبدأ من بين الصلب والترائب، وهي عظام الصدر؟ إنه وحى الله العليم الخبير له: ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ الطارق: 5-7
      وكيف علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأرض بها شق؟ لقد أخبره العليم الخبير فى كتابه قائلا: لقد أقسم الله تعالى بالأرض ذات الصدع، أى ذات الشق ﴿وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ﴾ الطارق: 12
      وحسب تعريف لسان العرب، فان هذا الصدع عليه أن يشق الكرة الأرضية دون أن يفرّقها.
      في عام 1950، تم اكتشاف صدع في قعر المحيط الأطلسي في منتصف المسافة بين افريقيا واوروبا من جهة والقارّات الأمريكية من جهة أخرى طوله ستة عشر ألف كيلو متر يمتد من آيسلاندا في شمال الكرة الأرضية وحتي جنوب الأطلسي على عمق سبعة آلاف وسبعمائة متر مع اختلاف غريب في قياس الأعماق حيث تبين أن المنطقة عبارة عن سلسلة جبلية نشطة زلزالياً وأن هذا الصدع هو جزء من صدع واحد يمتد إلى المحيط الهاديء يبلغ مجمل طوله أربعون ألف كيلومتر يمتد في قعر المحيطات.
      وإذا ذهبنا نُعَدِّد أمثلةً للإعجاز العلمي في القرآن نجدها كثيرة، والقرآن حين يَعرِض هذه الآيات الكونية كدلائل للإعجاز يَعرِضها في مَعرِض الهداية بالقرآن الذي هو كلام العليم الخبير بأسرار السماوات والأرض، ويهدف منها إلى لفت الأنظار إلى بديع قدرة الله - تعالى - كدليل على وحدانيته وألوهيَّته.
      * * *
      غ 27- يحفظه الله تعالى فى نفسه وعقله حتى يتم دعوته
      كنا قد تكلمنا عن فقدان يسوع للأمل، وكفره بنصر الله له، فقال له: (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)) متى 27: 46
      وإن دل هذا ليدل على هذيان إنسان فقد عقله، فكفر بربه، ويأس من نصر الله له وإنقاذه إيَّاه.
      ومن الممكن أن نتبع نهج السيد رشيد، ونقتبس من أقوال أعدائه ونعتبره حجة على يسوع وندينه بها، ولكننا لن نفعل. فقد قال عنه الكهنة إنه مضل: (63قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِئَلَّا يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!») متى 27: 63-64
      ومن هذيانه وفقدان عقله والمنطق، بل والإيمان بالناموس وكتب الأنبياء التى لم يأت لينقض حرف واحد أو نقطة واحدة منها، قوله للكهنة: إنهم من الآن سينظرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء، وجالسًا على يمين القوة، كما لو كان المرء يمكنه من على الأرض رؤية الرب ومن سيجلس على يمينه، ولم يذكر لهم موقع الروح القدس من هذه الجلسة، ولا لماذا يُفضَّل هو بالجلوس على اليمين دون الروح القدس، ولماذا يُفضَّل الآب بالجلوس فى المنتصف أو على يسار يسوع، ولو كان الثلاثة واحد، فكيف يكون هناك واحد على اليمين وآخر على اليسار؟: (64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ».) متى 26: 64
      فكيف سينظرونه فى السماء وعلى يمين القوة، بينما هو فى قبضتهم يحاكموه؟
      ومن هذيانه أيضًا أمره ببغض الوالدين والزوجة والذرية والاخوة: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 26
      بل إن من يسمع أنه جاء بالسيف، نافيًا السلام، وأنه جاء ليفرق الأسرة ويشتتها، ليدرك مدى تدهور عقله: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.) متى 10: 34-36
      مع الأخذ فى الاعتبار أنه يعلم أن السيف للقتل، وهو قائل هذه العبارة بصفته الإله، الذى أوحى هذا إلى دانيال: (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
      وأنه لعن من يمنع سيفه من الدم والقتل: (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ، وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ) إرمياء 48: 10
      وقال عنه الفريسيون: (... «هَذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ») متى 12: 24
      وقال بعض من سمع كلامه إنه يهذى: (20فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ: «بِهِ شَيْطَانٌ وَهُوَ يَهْذِي. لِمَاذَا تَسْتَمِعُونَ لَهُ؟») يوحنا 10: 20
      وأعرف الناس به وهم اخوته لم يؤمنوا به: (5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ.) يوحنا 7: 5
      وعلى ذلك نكتفى بأن الذى كان على الصليب ويُحاكم أمام مجمع الكهنة هو إنسان فقد عقله وكفر بربه، ولم يحفظه الرب من الصلب أو الموت، وتركه يلقى مصيره كالمجرمين الملعونين. فهل كان هذا هو يسوع الإله الذى تعبده أيها السيد رشيد؟
      (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
      وبالطبع نحن المسلمون نبرِّىء عيسى عليه السلام من الصلب أو القتل أو اللعنة أو حتى القبض عليه. وهذا مصداقًا لقول الكاتب المجهول للرسالة إلى العبرانيين: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) عبرانيين 5: 7
      وهذا يُخالف للأسف عقيدتكم فى صلب يسوع وقيامته: (14وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ) كورنثوس الأولى 15: 14
      وعلى ذلك فقد مات يسوع على عقيدتكم، ولم يحفظه الله فى عقله ولا فى إيمانه، ولا فى ثقته بالله، ولا فى جسده، ويؤيد ما نقوله هو قول الرب إنه يحفظ الأتقياء المؤمنين به، ولا يسلمهم لأعدائهم: (3لأَنَّ غُرَبَاءَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ وَعُتَاةً طَلَبُوا نَفْسِي. لَمْ يَجْعَلُوا اللهَ أَمَامَهُمْ. سِلاَهْ. 4هُوَذَا اللهُ مُعِينٌ لِي. الرَّبُّ بَيْنَ عَاضِدِي نَفْسِي. 5يَرْجِعُ الشَّرُّ عَلَى أَعْدَائِي. بِحَقِّكَ أَفْنِهِمْ.) مزمور 54: 3-5
      (1طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. 2الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. 3الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ.) مزمور 41: 1-3
      فلماذا لم يحفظ الرب يسوع؟ لماذا أسلمه إلى أعدائه؟
      فهل اعتبر الرب يسوع من الأشرار، فتركه يُعلَّق بعمل يديه؟ أم قال هذا أعداؤه وجعلوه يموت ميتة الملاعين، مصلوبًا، ليرفعوا عنه غطاء الرب له، وحمايته إياه، ورفعه إلى السماء دون أن يلقى هوان أو تعذيب أو موت، ويمنعوا الناس من اتباعه؟ (16مَعْرُوفٌ هُوَ الرَّبُّ. قَضَاءً أَمْضَى. الشِّرِّيرُ يَعْلَقُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ) مزمور 9: 16
      وحتى لا يتطرق عقلك إلى فرية الخطيئة الأزلية، وأنه لا بد أن يموت يسوع فدية لحواء وخطيئتها، فلم يخطىء آدم فى عرف بولس: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي،) تيموثاوس الأولى 2: 14، اقرأ أقوال الناموس نفسه:
      (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
      (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4
      (فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ) إرمياء 31: 29-30
      (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
      (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
      بل قال بولس نفسه: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ.5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ)غلاطية6: 4-5
      وقال يسوع: (8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10، فالشجرة التى لا تثمر تقطع وتلقى فى النار، وليس كل الشجر تُلقى فى النار بسبب شجرة رديئة!!
      من وسائل حفظ الله لرسله:
      لقد حفظ الله تعالى رسله من قبل، فهذا هو إبراهيم أبو الأنبياء عليهم السلام قد حفظه الله تعالى عندما غدر به قومه وألقوه فى النار، كذلك نجى لوط وأهله، كما نصر نوح: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلوةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَوةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * </div><div align="right"></="direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: .25in"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ) الأنبياء 68-77
      أما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تعهَّد الله صراحة فى كتابه بحفظه، وقد صدق، فلم يقتل بأى صورة من الصور، وحفظه الله تعالى حتى أتم رسالته، وهذا من دلائل نبوته: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة 67
      ç تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت هذه الآية: (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة: 67، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسَه من القبة، فقال لهم: ((يا أيها الناس، انصرفوا عني، فقد عصمني الله)). [رواه الترمذي ح (3046)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (2489).]
      وقد صدق المستشرق بارتلمي هيلر في قوله: "لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة: 67، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته". [ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي ص (108).]
      ç ومن صور حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها أن قريشاً اجتمعت في الحِجر، فتعاقدوا باللاتِ والعزى ومناة الثالثةِ الأخرى، لو قد رأينا محمداً، قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقْه حتى نقتلَه.
      فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك لقد قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا قد عَرف نصيبه من دمك.
      فقال: ((يا بنية، أريني وَضوءًا)) فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا. وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه منهم رجل.
      فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: ((شاهت الوجوه)) ثم حصَبهم بها، يقول ابن عباس: فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاةً إلا قُتل يوم بدر كافراً. [رواه أحمد في المسند ح (2757) والحاكم في مستدركه (3/170)، وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد (8/228).]
      ç وأما أبو جهل فرعون هذه الأمة فقد رام أيضاً قتل النبي صلى الله عليه وسلم، حين أقبل يختال ذات يوم في جنبات مكة فقال: هل يعفِّر محمدٌ وجهَه بين أظهرِكم [يعني بالسجود والصلاة]؟ فقيل: نعم.
      فقال: واللاتِ والعزى، لئن رأيتُه يفعلُ ذلك لأطأنَّ على رقَبَتِه، أو لأعفِّرنَّ وجهَه في التراب.
      فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، زعمَ ليطأَ على رقَبَتِه، قال: فما فجِئهم منه إلا وهو ينكُص على عقبيه، ويتقي [أي يحتمي] بيديه.
      فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقاً من نارٍ وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو دنا مني لاختطفته الملائكةُ عُضواً عضواً)). [رواه مسلم ح (2797)]
      وهذه معجزة عظيمة، ودليل من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، شهد بها ألد أعدائه، فماذا تقول سيد رشيد فى هذا؟ هل الله يحمى الكاذبين ومدعى النبوة ليضلل المؤمنين به؟
      ç ولم يتوان المشركون من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم عن إيذائه والكيد له، ومن ذلك أنه لما نزل قوله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) المسد: 1-5، جاءت أم جميلٍ،امرأةُ عمه أبي لهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيَك، فلو قُمت، قال: ((إنها لن تراني)).
      فجاءت أم جميل، فقالت لأبي بكر: إن صاحبك هجاني! قال: لا، وما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مُصَدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لم ترَك؟! قال: ((لا، لم يزل ملك يسترني عنها بجناحه)). [رواه أبو يعلى في مسنده ح (2358)، والبزار ح (2294)، وصححه ابن حبان ح (6511).]
      ç وكذلك حفظه الله تعالى عندما اجتمعت القبائل على قتله، وأخرجوا من كل قبيلة رجلا منهم، ورصدوا له على باب بيته، فخرج عليه الصلاة والسلام من بينهم، وقد أعمى الله أبصارهم عنه، فلم يروه حال خروجه. [انظر الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام، للسهيلي (4/178)]
      وفي هذا يقول سبحانه: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) الأنفال:30، لقد رد الله مكرهم في نحورهم، ونجى نبيه عليه الصلاة والسلام.
      وخرج صلى الله عليه وسلم من مكة مستخفياً تحوطه عناية الله، حتى وصل وصاحبُه إلى غار ثور، واختبآ فيه عن أعين المشركين الذين جدّوا بالبحث عنه حتى وصلوا إلى الغار، ووقفوا ببابه، وظن أبو بكر رضي الله عنه الهلكة، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدهم نظر إلى تحت قدميه لأبصرنا، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بلسان الواثقِ من ربه، المتوكل عليه، العالمِِِِ بأنه لا يسْلمه إلى مرام أعدائه: ((ما ظنّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثُهما؟)) [رواه البخاري ح (3653)، ومسلم ح (2381)]
      نعم: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة: 40
      وهكذا نجّى النبي صلى الله عليه وسلم من بين أيديهم، واتجه صوب المدينة المنورة من جديد، تحوطُه رعاية الله، وتكلؤه عنايته.
      وفي رواية للبخاري يروي سراقة الخبر فيقول: (حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات - ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخَرَرت عنها، ثم زجرتُها فنهضتْ، فلم تكَد تُخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثَرِ يديها عُثانٌ ساطع في السماء مثل الدخان...) [ رواه البخاري ح (3906)].
      فقال سراقة: (إني قد علمت أنكما قد دعوتما عليّ، فادعوَا لي، فـاللهَ لكما أن أرُدّ عنكما الطلب، فدعا صلى الله عليه وسلم اللهَ فنجا، فرجع لا يلقى أحداً من الطَلَب إلا قال: قد كُفيتكم ما ها هنا، فلا يلقى أحداً إلا ردّه) [ رواه البخاري ح (3615)، ومسلم ح (2009)].
      ç وكذلك حفظه الله من صفوان وعمير. ولما رجع مشركو مكة من بدر مدحورين بقوة الله، أقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحِجِر،فقال صفوان: قبَّح اللهُ العيش بعد قتلى بدر.
      فقال عمير: أجل والله ما في العيش خيرٌ بعدَهم، ولولا دينٌ عليَّ لا أجد له قضاء، وعيالٌ لا أدع لهم شيئاً، لرحلت إلى محمد فقتلتُه إن ملأتُ عينيّ منه، فإن لي عنده عِلّة أعتل بها عليه، أقول: قدِمت من أجل ابني هذا الأسير.
      ففرح صفوان بإقدام عمير وخُطته، ومضى يزيل عوائق تنفيذها، فقال: علي دينُك، وعيالُك أُسوةُ عيالي في النفقة، لا يسعني شيء فأعجزُ عنهم. فاتفقا، وحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصُقل وسُمَّ، وقال عمير لصفوان: اكتم خبري أياماً.
      وقدم عمير المدينة، فنزل بباب المسجد، وعَقَل راحلته، وأخذ السيف، وعمَد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار، ففزع ودخل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لا تأمنه على شيء.
      فقال صلى الله عليه وسلم: ((أدخله علي)).
      فخرج عمر، فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحترسوا من عمير، وأقبل عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع عمير سيفُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ((تأخر عنه)).
      فلما دنا عمير قال له: ((ما أقدمك يا عمير؟)) قال :قدِمت على أسيري عندكم، تفادونا في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل.
      فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما بال السيف في عنقِك؟)). فأجاب عمير: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئاً؟ إنما نسيته في عنقي حين نزلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اصدقني، ما أقدمك يا عمير؟)). فقال: ما قدمت إلا في طلب أسيري.
      فبغته النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فماذا شرطتَ لصفوان في الحِجر؟))، ففزع عمير وقال: ماذا شرطتُ له؟ فأجاب من علَّمه الله الخبير فقال: ((تحمّلْتَ له بقتلي؛ على أن يعول أولادَك، ويقضيَ دَيْنَك، واللهُ حائلٌ بينك وبين ذلك)).
      فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله،كنا يا رسول الله نكذبُك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوان في الحِجِر لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق. ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجلِس يا عمير نواسِك)).
      وقال لأصحابه: ((علموا أخاكم القرآن))، وأطلق له أسيره، فقال عمير: ائذن لي يا رسولَ الله، فألحق بقريش، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديَهم .. ثم قدم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم بجُهده، فأسلم بسببه بشر كثير. [ رواه الطبراني في معجمه الكبير ح (117)، وابن هشام في السيرة (3/213)]
      وهكذا نجى الله نبيه وحبيبه من كيد عميرٍ وصفوان، فلم يجدْ عميرٌ أمام هذه المعجزة الباهرة والآية القاهرة إلا أن يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة، وللرب الذي حماه بالوحدانية.
      ç ومن صور حماية الله لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم قصة شاة اليهودية، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى خيبر، فقدمت له يهودية من أهل خيبر شاةً مشوية مسمومة، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراعَ، فأكل منها، وأكل رهطٌ من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ارفعوا أيديِكم))، وفي رواية: ((ارفعوا أيديكم، فإنها أخبرتني أنها مسمومة) [ رواه أبو داود ح (4510)، والحديث أصله في البخاري ح (2617)، ومسلم ح (2190).]
      وفي رواية للخبر في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سألها عن ذلك،فقالت: أردت لأقتلكَ. فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما كان الله ليسلطَكِ عليّ)) [ رواه البخاري ح (2617)، ومسلم ح (2190).]
      قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم ((ما كان الله ليسلطك عليّ)) فيه بيانُ عصمتِه صلى الله عليه وسلم من الناس كلِّهم، كما قال الله: (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) المائدة: 67، وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته من السُّمِّ المهلِك لغيرِه، وفيه إعلامُ الله تعالى له بأنها مسمومةُ، وكلامُ عضوٍ منه له، فقد جاء في غير مسلم: ((إن الذراع تخبرني أنها مسمومة)) [ شرح صحيح مسلم (14/179).]
      ç ومن صور حماية الله لنبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم يحدث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد [غزوة ذات الرقاع]، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركتهم نومة القيلولة في وادٍ كثير الشجر.
      وفي رواية لأحمد أنه قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال: من يمنعك مني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((اللهُ عز وجل)). فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ فقال الأعرابي: كن كخير آخذ. فقال صلى الله عليه وسلم: ((أتشهد أن لا إله إلا الله؟)) قال: لا، ولكني أعاهدُك أن لا أقاتِلَكَ، ولا أكونَ مع قوم يقاتلونك، فخلى سبيله، فذهب إلى أصحابه، فقال: قد جئتُكم من عندِ خير الناس. [رواه البخاري ح (4137)، ومسلم ح (843)، ورواية أحمد في المسند ح (14512)]
      وهناك الكثير والكثير غير ذلك، منها نزول ملاكان يحرسانه يوم أحد، ومنها العاصفة التى أخافت المشركين يوم الخندق، فقد كفاه الله قتالهم وحفظه والمسلمين.
      أليست هذه كلها أدلة على نبوته، يا سيد رشيد؟ أسأل الله لك الهداية!
      * * *
      يضًا أمره ببغضأيض
      غ 28- يحفظ الله دعوته من التحريف والتبديل لتكون حجة على العالمين
      1- إن القائل بتحريف القرآن لم يقدم دليلا، ولن يستطع إلى ذلك سبيلا. فكل المسلمين لديهم نفس الكتاب، بنفس المحتوى حرفًا حرفًا. فهل رأيت فى حياتك مصحف يختلف عن آخر ولو فى كلمة؟ لا. لا يوجد. أما الكاذبون والمدلسون من رواة الأحاديث الضعيفة، أو التى لا ترقى لأن تكون حديث، معهم الحاقدون على الإسلام، المنكرون لرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم من اليهود والمسيحيين، هم الذين يثيرون هذه الشبهات. ولم يقدم أى منهم دليل على صدق كلامه، وذلك بعد أن فشلوا أن يأتوا بسورة مثله.
      والمنطق يفرض عليهم أن يأتوا بسورة مثله، طالما أن غيرهم تمكن من تحريفه! بل إن قول الله تعالى لهم: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) يونس: 38، لهى دعوة منه لكل منكر لكتابه أن يحاول أن يحرفه، ثم يأتى بمثله. لأن كل كتاب غير كتاب الله من الممكن أن نأتى بمثله أو بأفضل منه. فمن الذى يمكنه اختراق حفظ الله تعالى لكتابه، بعد أن تعهد الله تعالى بحفظه كتابة وقراءة وحفظًا فى الصدور؟! قال الله تعالى: (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر: ٩
      إن العيب سيد رشيد أنكم تفكرون بعقلية قصص الكتاب الذى تقدسونه، فالرب لديكم لم يتعهد بحفظ كتبه السابقة كما تدعون وتزعمون، ولم يستطع حماية نفسه من الشيطان الذى أسره أربعين يومًا فى الصحراء، يجره معه أينما ذهب، بل أمره بالسجود له، كما فشل الرب لديكم فى انتقاء نبى محترم مؤمن، وبالتالى أثبت الرب كذب زعمكم أن علمه أزلى، لأنه لو سلمنا بعلمه الأزلى، على الرغم من انتقائه لأنبياء منهم الكاذب، ومنهم السارق، وكثير منهم كافر أو زانى، لكان شيطانًا اختار شرار خلقه لتضليل عباده، وفى النهاية ستحصدهم جهنم.
      بل لم يستطع الرب حماية اجتماعاته وسريتها، فالشيطان اخترق حراسات الرب وظهر فى اجتماعه مع كل جنود السماء من أجل إغواء نبيه أخاب. ومثل هذه الأقاصيص ليس لها مثقال ذرة من الواقع أو الصحة، فالشياطين تخشى الله وتخافه وتخاف ملائكته. فعندما يتعهد الله تعالى بحفظ كتابه، لن تستطيع قوة فى الأرض ولا فى السماء المساس به. وقد أثبتم ذلك بفشلكم فى الإتيان بسورة من مثله!
      2- إن المنطق العقلى والاستدلالى ليجعلنا نؤمن أن الله تعالى حفظ آخر كتبه، ورسالته للعالمين من التحريف، لتكون حجة على العالمين. وإلا كيف سيكون هذا الدستور الخالد حجة على العالمين دون حفظ الله تعالى له؟
      قال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) الفرقان: 1
      وقال سبحانه وتعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) القلم: 87
      ومخاطبة الله سبحانه وتعالى للناس كافة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ....) البقرة: 22
      وقوله تعالى لرسوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 107
      وقوله عز وجل: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سبأ: 28
      وكذلك بيت الله المحرم فهو قبلة للعالمين: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) آل عمران: 96
      فقد رأينا وأثبتنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان صادقًا أمينًا، وأنه كان يوحى إليه، وأن القرآن كلام الله دون شك، وأقر الله تعالى ذلك بقوله: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ) يونس: 37
      ورأينا إعجاز القرآن فى كل مناحى الحياة. وهذا لا يمكن لهيئة علمية بكل الأجهزة الحديثة أن تقوم به!
      وبالتالى فإن تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن لنا كان بحفظ الله وعنايته، حتى إن جبريل كان يراجعه كاملا معه مرة فى السنة، وفى آخر سنة راجعه مرتين. ولم يمت الرسول صلى الله عليه وسلم حتى كان القرآن مجموعًا فى صدور المئات من الصحابة وكذلك مكتوبًا ومراجعًا من النبى صلى الله عليه وسلم بنفسه.
      3- مات الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المسلمين المئات من حفظة القرآن الكريم، فهل جرؤ أحد على التحريف فى زمن الصحابة وبينهم الحفَّاظ، وكتبة الوحى؟
      4- لم تضع أو تُمحى أصول الكتاب، وهى شاهدة على تواتر القرآن حفظًا قبل الكتابة.
      5- شهد علماء اللغة وأساطينها بروعة أسلوب القرآن، وأنه ليس بكلام البشر، فهل لم تخرج الحياة علماء فى اللغة ليثبتوا أن هذه الآية تُخالف أسلوب القرآن؟ هل بالقرآن أسلوب أو لغة أو منهج غير منهج الله؟ لا. لا يوجد. ولم يخرج علينا من قال هذا، ولكنها كلها ادعاءات وتشكيكات فارغة دون مضمون!
      ومنهم الوليد بن المغيرة، الذى شهد للقرآن بأنه يعلو ولا يُعلى عليه وما هو بكلام البشر.
      6- مازال القرآن لليوم يتحدى العالمين بأن يأتوا ولو بسورة مثله. ولم ولن يأتوا. فقد خسروا إذن التحدى وهزمهم القرآن، وتبيَّن لأصحاب العقول أنه كلام الله، الذى لا يمكن لبشر أن يأتى مثله.
      (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) البقرة: 23-24
      7- تعهَّد الله تعالى بحفظه وجمعه وقراءته فقال سبحانه: (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر: ٩، وقال تعالى: (إنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ * فإذا قَرَأناهُ فَاتَّبِعْ قُرآنَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَينا بَيَانَهُ) القيامة: ١٧-١٩، كما تعهَّد من قبل بحفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولطالما تمكَّن الله من حفظ رسوله حتى أتم دعوته، فقد صدق الله أيضًا فى حفظ كتابه، وفى قوله سبحانه وتعالى: (وَإنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ * لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: ٤١-٤٢
      8- بيَّن الله تعالى أن هذا الكتاب لا يأتيه الباطل، حيث هو تنزيل من حكيم حميد، فهل يوجد بين دفتى الكتاب شىء مشين أو باطل؟ وهو تحد من الله تعالى للمنكرين أن يخرجوا لنا منه ما يشين! ولم يخرج علينا يومًا من قال بهذا من أصحاب العلم، فأثبت ذلك بصدق قول الله تعالى. وعدم وجود باطل بين دفتى كتاب الله، دليل على حفظ الله تعالى له، وأنه وصلنا كما نزل على الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه عليه. بل إنه يحتوى على معجزات علمية ذكرنا منها اليسير جدًا، ويمكنك الإطلاع على الباقى، ومناقشته مع أهل العلم والعلماء. بل لقد أسلم أساطين من العلماء بسبب بعض آيات الله تعالى وأقوال رسوله الكريم.
      9- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (تركتُ فيكُم ما إن تَمَسَّكتُم به لن تَضلُّوا كتابَ الله وسُنَّتي) أخرجه الحاكم في المستدرك1/93 وصحح إسناده الألباني في صحيح الجامع برقم (3232)
      فكيف نتمسك بكتاب الله إن كان سيُحرف أو تم تحريفه فى عصر الرسالة؟
      10- ومن الممكن أن نستخدم نفس أسلوب الأنبا شنودة فى الرد على الأسئلة وإقامة الحجج على خصومه ونقول:
      من الذى حرف القرآن؟
      ومتى حرفه؟
      وكيف كان قبل التحريف؟
      وهل لديكم نسخة قبل التحريف لتقارنوا بها النسخ المحرفة التى تملأ العالم؟
      وما الغرض من التحريف؟
      ولمصلحة من تم التحريف؟
      وهل تآمر المحرف مع ملايين الأشخاص الذين يحفظون القرآن فى كل بقاع الدنيا؟
      وكم دفع لهم وأين وكيف قابلهم ليُتم مؤامرته؟
      وأى الآيات التى تم تحريفها بالضبط؟
      وما الحكمة من تآمر الله على كتابه وكتمه التحريف عن المؤمنين به؟
      وهل الرب الذى حفظ رسوله من أعدائه على مدى 23 سنة فشل فى حفظ كتابه الذى تعهد بحفظه؟
      قد يسهل على العاقل أن يصدق فشل الرب فى حفظ كتابه، لو كان الرب قد قهره عبيده، وبصقوا فى وجهه وأجبروه على حمل صليبه، ومسمروه فى جزع شجرة، ثم انتزعوا منه روحه!
      قد يسهل على العاقل أن يصدق فشل الرب فى حفظ كتابه، لو كان الشيطان قهر الرب واعتقله لمدة 40 يومًا فى البرية دون طعام أو شراب، يجره معه أينما ذهب، ولم يتركه الشيطان إلا بإرادته هو نفسه (لوقا 4: 1-13)!
      قد يسهل على العاقل أن يصدق فشل الرب فى حفظ كتابه، طالما أن كتابه يمجد الشيطان ويجعله "إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4) ، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11)!
      قد يسهل على العاقل أن يصدق فشل الرب فى حفظ كتابه، طالما أن كتابه يمجد الشيطان ويجعله متساويًا مع الرب فى جزء من العبادة وهى التقدمة، بل جعلوا ذلك بأمر من الرب، كما لو كان الرب هو الذى يعمل لدى الشيطان ويؤمن له التقدمة والعبادة والتبجيل من نبى الرب، ليتفرغ الشيطان فى إضلال باقى البشرية، وبالتالى كان الشيطان أعلى مكانة وأرفع قدرًا من الرب! (لاويين 16: 5-10)
      11- إن القرآن يخاطب كل البشر فى كل زمان، فمن خصائص الأسلوب القرآني أن معانيه مصاغة بحيث يصلح أن يخاطَب بها الناس كلهم على اختلاف مداركهم وثقافتهم، وعلى تباعد أزمنتهم وبلدانهم، ومع تطوُّر علومهم واكتشافاتهم. وعلى ذلك إن من يحرف آية أو كلمة من القرآن يسهل كشفها، لأنه ستكون محددة الزمان أو المكان أو الثقافة والعلوم. وهذا ليس بموجود فى القرآن، لذلك: إن من يدعى تحريف القرآن لا يمكن أن يأتى بدليل على هذا الادعاء.
      ومثال على ذلك يضربه لنا الأستاذ محمد عبد الله دراز فى كتابه (النبأ العظيم ص147-148): خُذْ آية من كتاب الله ممَّا يتعلَّق بمعنًى تتفاوت في مدى فهمه العقول، ثم اقرأها على مسامع خليط من الناس يتفاوتون في المدارك والثقافة، فستجد أن الآية تعطي كلًا منهم معناها بقدر ما يفهم، وأنَّ كلًا منهم يستفيد منها معنًى وراء الذي انتهى عنده علمه، مثل قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا) الفرقان: 61،
      فهذه الآية تصف كلًا من الشمس والقمر فالعامِّي من العرب يفهم منها أن كلًا من الشمس والقمر يبعثان بالضياء إلى الأرض، والمتأمِّل من علماء العربيَّة يُدْرِك من وراء ذلك أن الآية تدلُّ على أن الشمس تجمع إلى النور الحرارة؛ فلذلك سمَّاها سراجًا، والقمر يبعث بضياء لا حرارة فيه لذلك سمِّيَ منيرًا، أمَّا العالِمُ الفلكي الحديث فقد يفهم منها أن إضاءة الشمس ذاتية كالسراج، بينما نور القمر مجرَّد انعكاس.. وكل هذه المعاني صحيحة.
      فإن لم تجد خلل فى كل آية من ناحية اللغة والتراكيب البلاغية، والمعجزات العلمية أو غيرها، فعليك أن تسلم لله رب العالمين، وتصدقه فى حفظ كتابه ليكون حجة على العالمين.
      12- إن شهادة القرآن باستمرار تحريف الكتاب المقدس لهى من دلائل وحى الله تعالى لنبيه، ومن أدلة حفظ الله تعالى لكتابه، وعدم تحريفه، حيث ما زال العلم يثبت تحريف القوم لكتابهم، وادعائهم أنه من عند الله:
      يؤكد هذا الباحث ما أكده القرآن قبل 14 قرنًا أن الكتاب المقدس خضع للتحريف المستمر من قبل مئات الكتَّاب الذين تعاقبوا عليه، وهذا يتطابق مع النص القرآني، لنتأمل هذه الآيات التي تصور لنا عمليات التبديل المستمرة:
      1- (يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة: 75
      2- (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) النساء: 46
      3- (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) المائدة: 13
      4- (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) المائدة: 41
      وانظروا معي إلى كلمة (يُحَرِّفُونَ) تأتي دائمًا بصيغة الحاضر أي الاستمرار ليدلنا الله تعالى على أن التحريف مستمر. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد الشهرة والمال كما يدعون، لوافق اليهود والنصارى على كتاباتهم ليكسبهم إلى صفه، ولكن صاحب هذا الكلام هو رب العالمين، والتوراة خضعت للتحريف، فمنَّ الله علينا بهذا النبي الأميّ الذي بلَّغنا القرآن بحرفيته وبقي محفوظًا بقدرة الله إلى يومنا هذا.
      ويقول البروفسور الأمريكي Bart Ehrman المختص بعلم اللاهوت ورئيس قسم دراسات العهد الجديد:
      The Bible we now use can't be the inerrant word of God.
      لا يمكن أن يكون الكتاب المقدس الذي بين أيدنا الآن كلمة الله! ثم يقول:
      When people ask me if the Bible is the word of God I answer 'which Bible?
      عندما يسألني الناس: هل الكتاب المقدس هو كلمة الله، أجيب أي كتاب؟ لأننا أمام آلاف المخطوطات وكل مخطوطة تختلف عن الأخرى. ويصرح هذا البروفسور الذي يشغل منصب أستاذ الدراسات الدينية في جامعة كرولاينا الشمالية يؤكد مرارًا وتكرارًا بأنه تعمق لأكثر من عشرين عامًا في دراسة الكتاب المقدس، وخرج بنتيجة ألا وهي أنه فقد إيمانه بهذا الكتاب، لماذا؟ لسبب بسيط وهو أن الكتاب المقدس الحالي مليء بالتناقضات والاختلافات!
      Bart D. Ehrman, http://en.wikipedia.org/wiki/Bart_D._Ehrman
      ويقول (ويل كينى) إن معظم الفروق التى تجاوزت الـ 5000 فرقًا تجدها فى العهد الجديد بين نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس من جهة، ومن جهة أخرى بين الطبعات الحديثة للكتاب المقدس مثل NASB (الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة) للكتاب المقدس، وNIV (الترجمة العالمية الحديثة) وRSV (الترجمة القياسية المنقحة) و(طبعة كتاب الحياة) وطبعات أخرى أيضًا ، أكرر مرة أخرى إن معظم الفروق الناتجة بين التراجم المختلفة ينتج عن الإختلافات الجوهرية بين هاتين المخطوطتين السينائية والفاتيكانية، والتى يُرجح أن تاريخهما يرجع إلى القرن الرابع الميلادى.

      تعليق


      • #48
        رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

        مقارنة بين المجلد السينائى والمجلد الفاتيكانى:
        والقارىء فى علم مخطوطات الكتاب المقدس يعلم أن المجلد السينائى يُرمز له بالحرف Aleph ، ويُرمز للمجلد الفاتيكانى بالحرف B .
        وقد قارن (دين جون وليام بورجون) المخطوطات السينائية والفاتيكانية فى كتابه (النسخة المنقحة) الذى صدر عام 1881، وذكر به قائمة تحتوى على حقائق مؤكدة لم ينكرها أحد من العلماء عن هاتين المخطوطتين.
        فيذكر السيد بورجون فى صفحة رقم 11 أنه من غرائب القول أن نذكر أن المخطوطتين الفاتيكانية والسينائية فى العشرين سنة الماضية قد احتلتا السيادة فى خيال علماء نقد النصوص، والتى يمكنها أن تكون خرافة، لا أساس لها من الواقع أو الصحة. ولا يهم أنه تم اكتشاف أنهما يختلفان جذريًا ليس فقط بنسبة 99% عن النص الماسورى، ولكنهما يختلفان أيضًا عن بعضهما البعض.
        ففى العهد الجديد ، ونخص بالذكر الأناجيل بمفردها قد حذفت المخطوطة الفاتيكانية على الأقل 2877 كلمة، وأضافت 536، واستبدلت 935 كلمة بأخرى، وقامت بنقل مواضع 2098 كلمة ، وحورت معنى 1132 كلمة، أى تم التحريف فى 7578 كلمة، وهو مجموع ما سبق!!
        أما بالنسبة للسينائية فقد حذفت 3455 كلمة، وأضافت 839 كلمة، واستبدلت 1114 كلمة، ونقلت 2299 كلمة عن مواضعها، وحورت معنى 1265 كلمة، أى تم التحريف فى 8972 كلمة، وهو مجموع ما سبق!!
        مع الأخذ فى الاعتبار أن الحذف أو الاضافة أو الاستبدال أو تحوير المعنى أو تغيير موضع الكلمة لم يستهدف نفس الكلمات فى كلتا النسختين. وأنه من الأسهل أن تجد جملتين متناقضتين عن أن تبحث عن جملتين تتفقان تمامًا مع بعضهما البعض.
        وفى صفحة 319 يقول فى ملاحظاته: ”إن الأناجيل الأربعة فقط للمجلد الفاتيكانى تحتوى على 589 قراءة مختلفة خاصة بها ، مؤثرة بذلك فى معنى 858 كلمة. بينما تجد فى السينائية 1460 قراءة مختلفة تؤثر فى معانى 2640 كلمة“.
        إن الغرض من هذه الدراسة وعرض البعض من الأمثلة العديدة هو إظهار مدى اختلاف أقدم مخطوطتين للكتاب للعهد الجديد وتضاربهما. فهما يختلفان عن النص اليونانى التقليدى، الذى تتبناه نسخة الملك جيمس، التى صدرت عام 1611، فقد حُذفت آلاف الكلمات من نص الملك جيمس، بناء على التنقيح الذى تم استنادًا على هاتين المخطوطتين: السينائية والفاتيكانية. أما النسخ الحديثة فهى لا تتبع نموذجًا عقليًّا أو منطقيًّا، فقد ضمَّنوا قراءات محددة من احدى النسخ واستثنوا غيرها.
        وتحت عنوان فقرات مخرَّبة أو محذوفة يقول (ويل كيمى):
        إن المجلد السينائى يحذف تمامًا الجُمل الآتية، بينما يتضمنها المجلد الفاتيكانى: فقد حُذفت منها (متى 24: 35) والتى تقول: (35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.).
        وحُذف من السينائية أيضًا: (لوقا 10: 32) (32وَكَذَلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضاً إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.)
        وحُذف من السينائية أيضًا: (لوقا 17: 35) (35تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعاً فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى.)
        وحُذف من السينائية أيضًا: (يوحنا 9: 38) (38فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ». وَسَجَدَ لَهُ.)
        وحُذف من السينائية أيضًا: (يوحنا 16: 15) (15كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.)
        وحُذف من السينائية أيضًا: (يوحنا 21: 25) (25وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ.)
        وحُذف من السينائية أيضًا: (كورنثوس الأولى 13: 2) التى تقول: (2وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ فَلَسْتُ شَيْئاً.).
        وإذا كان الرب قال: (18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 18، فهذا كفيل بإسقاط ما يدَّعونه من أن هذه المخطوطات أوحيت إلى ناسخيها.وإذا كانوا يؤمنون أن كلام الرب لا تزول منه نقطة واحدة، فمعنى ذلك أن هذه المخطوطة التى زال منها عدة فقرات ليست من كلام الرب، وإلا لاتهمنا الرب أنه لم يتمكن من الحفاظ على كلامه، كما فشل فى الحفاظ على ملابسه وقت الصلب، بل فشل فى الحفاظ على كرامته أو حياته!!
        أما المجلد الفاتيكانى فيحذف الجُمل الآتية، لأنها عنده غير مقدسة، ولم يوح بها الرب، بينما يتضمنها المجلد السينائى، لأن الرب أوحى بها لدى كاتبيها: فقد حُذف منها:
        فقد حُذف من الفاتيكانية: (متى 12: 47) (47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ».)
        وحُذف من الفاتيكانية أيضًا: (لوقا 23: 17) (17وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً)
        وهذا النص الأخير حذفته أيضًا غير الفاتيكانية النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة NASB والعالمية الحديثة NIV، بينما يتضمنها النص السينائى وأغلبية النصوص اليونانية، لضرورته لتأكيد عقيدة التناول وتبريرها كتابيًّا“.
        كما تحذف الفاتيكانية أيضًا من أصول كتاب الرب (لوقا 23: 34) (34فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ».)، بينما يذكرها المجلد السينائى، النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة NASB والعالمية الحديثة NIV.
        وتتفق الفاتيكانية والسينائية فى حذف الجُمل الآتية:
        1) متى 17: 21 (21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ.) بل إن وضع هذا النص فى متن بعض الأناجيل الحالية ليٌشين التلاميذ، وبالتالى يقدح فى علمهم، وما تناقله التقليد عنهم. فإذا كان هذا الجنس النجس من الشياطين لا يخرج إلا بالصلاة والصوم، وفشل التلاميذ فى إخراجه، فهذا دليل على أنهم لم يكونوا من المصلين أو الصائمين. الأمر الذى يخرجهم من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر أو العصيان أو الاثنين معًا.
        2) متى 18: 11 (11لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.)، وفى الحقيقة لو أخذنا أن ابن الإنسان هنا تُشير يسوع، فإنه بصفته متحدًا مع الآب والروح القدس، وهم يمثلون إلهًا واحدًا، ضحَّى بنفسه ليتمكن من غفران خطيئة البشرية التى لم يقترفها أحد منهم غير حواء، وترك الفاعل الأساسى. وما هذا إلا انتحار وخلاص من نفسه. والانتحار يأس وهروب من حل المشكلة، وليس خلاص منها.
        كما أن هذا لا يُنهى المشكلة، وليس بحل سليم لجريمة ما. إذ قد حلَّ الجريمة بجريمة أخرى، ولا يفعل ذلك إلا إنسان غبى أو قاصر التفكير، أو قليل الحيلة. وكل هذا ينفى عن الرب صفة الألوهية، لمصلحة الشيطان!!
        وهل بعد أن انتحر الرب (من أجل أكل اثنين من شجرة حرمت عليهما) زالت الجريمة وعمَّ السلام على الأرض؟ لا. فالجريمة مازالت موجودة، بل إن أحد ابنى آدم قتل الآخر، وما هزت الجريمة هذا الإله، وما حمَّل آدم وزوجه المسؤولية، بصفتيهما الوالدين المربيين، ومازال الملايين يعصون الله تعالى. يعلم الرب ذلك وقال إن بنى آدم خطَّاء، (لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ) أخبار الأيام الثانى 6: 36؛ فلماذا يقتل ابنه أو ينتحر ليغفر للبشر جريمة لم يقترفونها وألصقها هو بهم؟
        3) متى 23: 27 (وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.)
        4) مرقس 7: 16 (16إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.)
        5) مرقس 9: 44 و46 (44حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ.)
        6) مرقس 11: 26 (26وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضاً زَلاَّتِكُمْ».)
        7) مرقس 15: 28 (28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».)
        8) لوقا 9: 55-56(55فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ:«لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! 56لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّصَ». فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.)
        9) لوقا 17: 36 (36يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ».)
        10) لوقا 23: 17 (17وَكَانَ مُضْطَرّاً أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِداً)
        11) يوحنا 5: 4 (4لأَنَّ ملاَكاً كَانَ يَنْزِلُ أَحْيَاناً فِي الْبِرْكَةِ وَيُحَرِّكُ الْمَاءَ. فَمَنْ نَزَلَ أَوَّلاً بَعْدَ تَحْرِيكِ الْمَاءِ كَانَ يَبْرَأُ مِنْ أَيِّ مَرَضٍ اعْتَرَاهُ.)
        والغريب أنك تجد كل هذه الفقرات المحذوفة فى أغلب النصوص اليونانية المتبقية لدينا اليوم.
        ومن الجدير بالذكر أن النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة NASB طبعة عام 1972 قد حذفتها، إلا أنها أرجعتها مرة أخرى فى طبعة عام 1977. ثم حذفتها ومازالت غير موجودة فى طبعاتها الحديثة!
        وعلى ذلك على المسيحى أن يشترى كل طبعة من الكتاب المقدس حتى يعلم آخر تطورات الحذف والزيادة، وحتى لا يعتقد أن الذى حذفته الكنيسة من الكتاب المقدس مازال مقدسًا!!
        فهل من مُبرر لذلك إلا أن كتاب الرب يتعرض لأهواء علماء النصوص ومن وراءهم؟
        وهل من منطق غير أن هذه النصوص من تأليف أناس لم يوح إليهم؟
        وهل من الإيمان أن يشك المرء فى قدرة الرب على القيام بعمل لا تشوبه شائبة، ولا يُحتمل معه الخطأ ولو بأقل نسبة ممكنة، أو اتهام الرب بالإهمال أو ترك كتابه لُعبة فى أيدى الناس؟
        وإليك بعض الأمثلة الأخرى الدالة على بُعد هذه المخطوطات عن وحى الرب أو حمايته لها:
        المثال الأول: متى 6: 13 (.... لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.)
        من المعروف أن صلاة يسوع تنتهى بهذا القول، إلا أنك تجده موجود فى 990 مخطوطة، ولم يُذكر إلا فى عشر مخطوطات فقط! أى إن وجوده يُمثل الأغلبية بنسبة 99% من ألف مخطوطة. فأى إنسان هذا المسوق بروح الشيطان قد حذف نصًا يُمثل الأغلبية؟
        ومع ذلك فإن عدم وجوده فى هذا القدر البسيط من المخطوطات ليدل على عدم تعهُّد الرب بحفظ هذه المخطوطات، وأنَّ تكوين الكتاب الذى يقدسونه يخضع لقرار كبار رجال الكنيسة!!
        فقد ذكرت فى الديداكى (150م) والدياتسرون (170م) أى 200 سنة قبل السينائية والفاتيكانية، وذكرت أيضًا فى النسخ القديمة الآتية: النسخة اللاتينية القديمة (200م)، والبشيطا السريانية (250م) والهرقليانية Harclean والكيورتونية Curetonian والفلسطينية والقبطية والغوطية والأرمينية والأثيوبية.
        وعلى الرغم من ذلك فقد حذفتها النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية، والنسخة العالمية الحديثة والترجمة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة، بينما تذكرها النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة بين قوسين.
        فما هو معيار الرب (أقصد الكنيسة) فى انتقاء نصوص الكتاب من بين هذه المخطوطات؟
        وما هو معيار علماء الكتاب المقدس الذى حددوه لإنتقاء النصوص التى يعتبرونها مقدسة ومن وحى الرب؟
        وأى النسخ هى الأصح والتى أوحى بها الرب؟
        فإذا كانت النسخة السينائية أو الفاتيكانية هى وحى الرب فما مصير من آمن بالنسخة القبطية أو الأرمينية أو غيرها من النسخ على أنها وحى الرب؟
        وإذا كانت النسخ الأقدم هى التى أوحى بها الرب فما مصير من يؤمن حاليًا من المسيحيين بالترجمات التى تعتمد على هاتين المخطوطتين؟
        وإذا كان هذا الاختلاف فقط فى صلاة الرب، فأى حفظ هذا الذى أولاه الرب لكتابه ولكلامه؟
        ومازلت أكرر هذا السؤال: هل الرب الذى لم يتمكن من الحفاظ على حياته، وكان يصرخ متضجرًا من إلهه، يائسًا منه، معاتبًا له، صائحًا: (لما تركتنى؟) قادر على حفظ كتابه؟
        وهل الإله الذى أسره الشيطان أربعين يومًا فى الصحراء قادر على حماية كتابه من الشيطان وأعوانه؟
        وهل الإله الذى اقترعوا على ملابسه قادر على أن يحفظ كلامه أو كتابه؟ وها نحن قد رأينا أمثلة على تخاذل الإله فى حفظ ما يسمونه كتابه!!
        كما حذفتها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة.
        المثال الثانى: متى 6: 2-3 (2فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 3وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ)
        تحذف الفاتيكانية والسينائية معظم الجملة الثانية، وكل الجملة الثالثة، إلا أن النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة تذكر هذه الكلمات دون أدنى إشارة مرجعية تشير إلى ذلك، وكذلك تفعل الترجمة العربية المشتركة وترجمة الآباء اليسوعيين.بينما ذكرت النسخة الدولية الحديثة فى الهامش السفلى للصفحة أن هذه الكلمات ”غير موجودة فى بعض المخطوطات القديمة“. بينما أبقت عليهما الترجمة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة.
        المثال الثالث: متى 17: 20 (20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ.)
        فهناك خطأ مازال متداولا فى النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة، وجاء هذا الخطأ نتيجة لما ذكرته النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية. فعندما لم يتمكن التلاميذ من إخراج الشياطين سألوا يسوع عن سبب ذلك فأخبرهم قائلاً: (لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ) متى 17: 20
        فهذا الموقف يصورهم أنهم لا إيمان لهم مطلقًا، وقد أوضح ذلك بأن نفى عنهم وجود (مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ) من الإيمان. ومع ذلك فإن كل من النسخة السينائية والفاتيكانية يذكران كلمة (لقلة إيمانكم) بدلا من (لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ)، وهكذا تقول النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة والنسخة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة.
        فإذا كان إيمانهم قليل جدًا ، فقد كان يمكنهم القيام بهذا العمل، لأن يسوع يخبرهم أنهم يحتاجون فقط لما مقداره (مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ) من الإيمان ليقوموا بهذه الأعمال، وبالطبع فإن القليل الذى ذكرته التراجم الحديثة كان يكفيهم لهذا العمل، لأنه أكثر بأى حال من الأحوال من مثقال ذرة. وعلى ذلك جعلت التراجم الحديثة التى سايرت النسخة السينائية والفاتيكانية كلام يسوع هزى، لا قيمة له. والأقرب للصواب أنهم لم يتمكنوا من القيام بهذه الأعمال لعدم إيمانهم بالمرة!!
        ووافقت الترجمة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة على تغيير لفظة (لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ) إلى (لِقلِّةِ إِيمَانِكُمْ)، وبالتالى أوقعت نفسها هذه الطبعة فى تناقض: فكيف يكون لهم إيمان قليل، وهو ينفى بعدها حتى وجود ما مقداره حبة الخردل؟
        المثال الرابع: متى 27: 49 (49وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَقَالُوا: «اتْرُكْ. لِنَرَى هَلْ يَأْتِي إِيلِيَّا يُخَلِّصُهُ».)
        وهنا يوجد خطأ كبير وقعتا فيه المخطوطتان السينائية والفاتيكانية وذلك بأن ذكرا أنه (وتقدم واحد آخر وطعنه بحربة فى جنبه، وللوقت خرج ماء ودم).
        وقد تجنب هذا الخطأ الطبعات الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة والنسخة القياسية المراجعة والترجمة العربية المشتركة والترجمة الكاثوليكية اليسوعية. إلا أن النسخة القياسية المراجعة تذكره فى هامش الصفحة السفلى قائلة: (بعض المخطوطات القديمة تضيف: وتقدم واحد آخر وطعنه بحربة فى جنبه، وللوقت خرج ماء ودم)
        فقراءة السينائية والفاتيكانية تؤكدان أن هناك رجل يقتل الرب، فضلا عن الرب قد سلم روحه من تلقاء نفسه إلى يد أبيه طواعية. فهذه القراءة تؤكد أن يسوع قد مات مقتولا فى نفس هذه اللحظة، إلا أننا نرى من الفقرات التالية ومن الأناجيل الأخرى أنه مازال حيًّا يواصل الحديث قائلاً: (46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.)
        وقائلاً: (30فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) يوحنا 19: 30، فإلى هنا نرى أن يسوع قد أسلم روحه طواعية إلى بارئها.
        إلا أننا نواصل القراءة فى يوحنا 19: 34 (34لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ.).
        فمن الواضح أن أحد الكتَّاب المُهملين أخذ هذه القراءة من إنجيل يوحنا ووضعها فى إنجيل متى 27: 49، حيث لا قيمة لها فى هذا الموضع. وهى بصفة عامة غير موجودة فى طبعة الفاندايك، ولا الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، ولا العربية المشتركة.
        والآن فإن هذه القراءة وجدت فى أقدم وأفضل مخطوطتين ، والتى بنيا عليهما معظم التراجم الحديثة.
        المثال الخامس: مرقس 1: 2 (2كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ.)
        وتقوله الترجمة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة إنه مكتوب فى سفر أشعياء وليس فى الأنبياء كما تقول ترجمة الفاندايك: (2كُتِبَ في سِفرِ النَّبِيِّ أَشَعيا: ((هاءنذا أُرسِلُ رَسولي قُدَّامَكَ لِيُعِدَّ طَريقَكَ.)
        ونسخة الملك جيمس تقول: (كما هو مكتوب فى الأنبياء: إنى أرسل رسولى أمام وجهك ليمهد الطريق أمامك ...) وفى الحقيقة يرجع النص هنا إلى نبيين مختلفين، أحدهما النبى ملاخى، والآخر هو النبى إشعياء. وهذا هو السبب الذى جعلهما يكتبانها (الأنبياء) على الجمع، وهذه هى قراءة معظم النصوص اليونانية. فقد وجدت فى نسخ كثيرة قديمة، واستشهد بها إيريناوس وترتليان، اللذان يرجع تاريخ وجودهما إلى عام 150 قبل أن توجد المخطوطة السينائية أو الفاتيكانية.
        إلا أن النسخة الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة والنسخة الدولية الحديثة تذكران هذه الفقرة دائما على أن النبوءة جاءت من أشعياء كما تقولها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية والترجمة العربية المشتركة، على الرغم من أن جزء من هذا الاستشهاد قد جاء من أشعياء والجزء الآخر جاء من ملاخى.
        وهذا الخطأ الذى وقعت فيه التراجم الحديثة منشأه المخطوتان السينائية الفاتيكانية. فهاتان المخطوتان تستبدلان كلمة (الأنبياء) بكلمة (أشعياء) ويحذفان (أمام وجهك).
        وتنفرد السينائية بحذف عبارة (ابن الله) من الفقرة الأولى، وتُبقى عليها الفاتيكانية. على الرغم من أن الترجمة الكاثوليكية اليسوعية تقول فى شأنها بعد أن وضعتها من متن النص: ”«ابن الله» لا يرد هذا اللقب فى جميع المخطوطات. لكنه يعبر على كل حال عن فكر مرقس. مع أن الله كشفه (1/11 و9/7) والشياطين أذاعوه (3/11 و5/7)، لا بدَّ أن يبقى مكتومًا. لكن يسوع قبله فى أثناء محاكمته 14/61-62)، وقد ورد على لسان رجل وثنى بعد موت يسوع 15/39).“
        وقال هامش الترجمة العربية المشتركة: ”لا نجد فى بعض المخطوطات عبارة ابن الله“.
        فعلى الرغم من أن هذا اللقب لا يرد فى جميع المخطوطات، وأن هذا يعبر عن فكر مرقس، وأن الشياطين هم الذين أذاعوه وورد على لسان رجل وثنى إلا أنه جزء من الكتاب المقدس، وضعوه على لسان الرب، وأصبح جزءًا من كلامه!!
        وإذا أمعنا التفكير فى إذاعة الشياطين له: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41 ، وتدبرنا هل تفعل الشياطين الخير أو تقول الحق؟ بالطبع لا.
        فإن كان الحق أن يسوع هو ابن الله، فلماذا أراد أن يكتم الحق عن الناس؟ فالشياطين إذن كانوا أبر وأحكم منه!!
        وإن كان يسوع هو ابن الله بالحق، فإن المخطوطات التى تعولون عليها قد حُرفت بحذف هذه اللفظة منها، وجاء هذا مصداقًا لما طلبه يسوع من الشياطين. وعلى ذلك فإن النسَّاخ الذين حذفوا هذه العبارة من المطيعين ليسوع!!
        وإن عدم وجود لفظة (ابن الله) فى جميع المخطوطات ليدل على أنه حُرِّف الكتاب الذى تقدسونه بإضافتها إليه، والقول بما نهى يسوع الشياطين عنه!!
        وإن كان الشياطين قد أرادوا بذلك إضلال الناس، فقد ضللتم وقلتم بقولهم وما نهاهم يسوع عنه!!
        عودة لوسائل حفظ الله لدعوته:
        13- من وسائل حفظ الله لكتابه أن العلماء اليوم فى العالم يعتمدون القاعدة القرآنية فى الكشف والبحث عن كتاب الله، وجاء ذلك بناء على النص القرآنى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء: 82 أي إن الكتاب الإلهي يجب أن يكون خاليًا من الاختلاف والتناقض، وهذه القاعدة وضعها القرآن قبل 14 قرنًا، أما الكتاب المحرَّف فنجده مليئًا بالتناقضات، وهذا ينطبق على ما يسمونه بالكتاب المقدس.
        فكيف تعتد وتصدق كتابك الذى تقدسه على كل الأخطاء والتناقضات التى تملأه، ويختلف علماؤكم فقط فى عددها، ولا تصدق سلامة القرآن الكريم من عبث العابثين؟
        ويقول David Parker أيضًا كنتيجة لبحثه في المخطوطة الجديدة:
        Others may take it as more evidence that the Bible is the word of man, not God.
        آخرون يعتبرون (هذه الاختلافات) كدليل إضافي على أن الكتاب المقدس هو كلمة البشر، وليس كلمة الله.
        يقول Ehrman إن الكتاب المقدس هو كتاب إنساني جدًا، وكل بصمات الإنسانية واضحة فيه، فهو مليء بالتناقضات والأخطاء، وقد اشترك في تأليفه العديد من البشر وخضع لكثير من التبديل والحذف والإضافة،وكل واحد كان يضع وجهة نظره البشرية، حتى إننا لا نجد أي أثر لنص إلهي، ولذلك فقدتُ إيماني بهذا الكتاب، ولكن إذا كان يوجد إله للكون فمن المؤكد أنه غير الإله الذي يتحدث عنه الكتاب المقدس!!
        Bart Ehrman, Questioning Religion on Why We Suffer, http://www.npr.org/templates/story/s...oryId=19096131
        وتأملوا معي كيف يعتمدون القاعدة القرآنية لمعرفة مصدر أي كتاب: (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) أي أن التناقض صفة من صفات البشر، وهي دليل مادي ملموس على أن الكتاب المقدس الذي بين أيدينا محرف، بينما نجد التطابق شبه الكامل في جميع مخطوطات القرآن، وهذا دليل على أن القرآن لم يُحرَّف.
        14- كتاب الله تعالى لابد أن يحمل اسمه. فهل كتابك الذى تقدسه فيه اسم الله فى أصوله التى تترجمون منها؟ لا. فإن اسم الله تعالى ليس بيهوه ولا أدوناى ولا إلوهيم ولا يسوع. ففى أصول العهد الجديد اليونانية اسمه زيوس، وهو المعبود الوثنى الأكبر فى اليونان.
        أما بالنسبة ليهوه فتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الله): «ثالثا - أسماء الله: كانت كل أسماء الله أصلا تدل على صفاته، ولكن اشتقاقات الكثير منها – ومن ثم معانيها الأصلية – قد فقدت، فكان لابد من البحث عن معان جديدة لها: 1- الاسماء العامة: من أقدم أسماء الله المعروفة للجنس البشري واكثرها انتشارا اسم "إيل" مع مشتقاته "إيليم" "إلوهيم"، "إلوي"، وهو مصطلح عام مثل "ثيوس وديوس" في اليونانية ويطلق على كل من يشغل مرتبة الألوهية، بل قد يدل على مركز من التوقير والسلطة بين الناس، وقد كان موسى إلها "إلوهيم" لفرعون" (خر 7: 1)، ولهارون (خر 4: 16 – قارن قض 5: 8، 1 صم 2: 25، خر 21: 5 و6، 22: 7 وما بعده، مز 58: 11، 82: 1)».
        وتواصل دائرة المعارف الكتابية قائلة إن هذا الاسم: «مصطلح عام يعبر عن العظمة والنفوذ، واستخدم كاسم علم لإله إسرائيل في الفترة المتأخرة من فترات التوحيد عندما اعتبر اسم العلم القديم "ياه" أو "يهوه" اقدس من أن يتردد على الشفاه، والغموض الكامل يلف معنى الأصل "إيل"، وحقيقة العلاقة بينه وبين "إلوهيم" و"إلوي"».
        وتواصل دائرة المعارف الكتابية قائلة: «3- يهوه: وهذا هو اسم العلم الشخصي لإله إسرائيل كما كان كموش إله موآب وداجون إله الفلسطينيين، ولا نعرف المعنى الأصلي ولا مصدر اشتقاق الكلمة، وتظهر النظريات الحديثة المتنوعة انه من ناحية تاريخ اللفظ وأصله فإنه من الممكن وجود جملة اشتقاقات ولكن لأن المعاني المرتبطة بأي منها هي دخيلة على الكلمة ومفروضة عليها، فهي لا تضيف لمعرفتنا شيئا والعبرانيون أنفسهم ربطوا الكلمة مع كلمة "هياه" أو (حياة) أو "يكون" ففي الخروج (3: 14) يعلن الرب بأنه "أهيه" وهو صيغة مختصرة لـ "إهيه أشير إهيه" المترجمة "أهية الذي أهيه" أي "أنا هو الذي أنا هو" ويظن أن هذا يعني "الوجود الذاتي" للتعبير عن الله كالمطلق، ومع هذا فإن مثل هذه الفكرة يمكن أن تكون تجريداً ميتافيزيقيا مستحيلا ليس فقط بالنسبة للعصر الذي ظهر فيه الاسم ولكنه أيضا غريب عن العقل العبراني في أي وقت والترجمة الدقيقة للفعل الناقص "إهيه" هي "أكون الذي أكون" وهو مصطلح سامي معناه "سأكون" كل ما هو لازم حسبما يقتضي الحال وهي فكرة شائعة في العهد القديم (انظر مز 23)».
        ومن الجدير بالذكر ما نشرته جريدة الاتحاد الصادرة بتاريخ (الأربعاء 4 / 3 / 2000) على شبكة الإنترنت تحت عنوان ”المؤرخ الإسرائيلى هرتسوغ يفضح الأكاذيب التوراتية والآثار التى اكتشفها اليهود تنفى قيام دولة إسرائيل التاريخية“، جاء فيها أن هرتسوغ قال: «إن فى موقعى قنطرة اجرود، فى الجنوب الغربى لمرتفعات النقيب وخربة الكوم عند سفح جبال يهودا، تم العثور على كتابات عبرانية تذكر يهوه وايشراحة، يهوه شومرون وايشراح، مما يعنى إصرار كُتَّاب التوراة على عدم الفصل ما بين الإله يهوه وزوجته ايشاح، بحيث كانت الصلوات تردد الاسمين معًا، وهذا كاف بحد ذاته لتأكيد عدم إمكان اعتماد وحدانية الآلهة فى الدين الرسمى لمملكة إسرائيل المزعومة».
        وأعيد نشر هذه الفضيحة فى عدة مواقع على الإنترنت، كلها تقريبًا لا تفتح إلا موقعًا واحدًا، يذكر زوجة يهوه تحت اسم (أشيرة)، وجاء هذا المقال تحت عنوان: (أسرار أكبر عملية تزييف آثار تتولاها اسرائيل). وتذكرها مواقع أخرى باسم (ايشاح). (انظر أيضًا (تابوت يهوه، للعميد مهندس جمال الدين شرقاوى ص126)
        http://www.almotamar.net/news/print....567&mode=print
        هل تعلم كم مرة ذكر اسم الشيطان فى الكتاب الذى يقدسه اليهود والنصارى؟
        لقد ذكرت كلمة شيطان 70 مرة، وذكر إبليس 31 مرة، وبعلزبول 7 مرات، وكل ذلك فى العهد الجديد فقط. هذا غير باقى الأسماء التى اشتهر بها الشيطان. فهل الشيطان أهم من الرب لهذه الدرجة؟ وإذا كان من الأهمية بمكان أن يحذرنا الرب من الشيطان وينهانا عن اتباعه، فما هو اسم الإله الذى يجب أن نتبعه بديلًا عن الشيطان؟
        وإذا علمنا أن الشيطان له عدة أسماء أنقلها كما ذكرتها دائرة المعارف الكتابية مادة (إبليس – الشيطان): فهو يُسمَّى إبليس والشيطان و”"أبدون" أو "أبوليون" (رؤ 9: 11) ومعناهما "المهلك". كما يطلق عليه "المشتكي على الإخوة" (رؤ 12: 10)، و"الخصم" (1 بط 5: 18)، و"بعلزبول" (مت 12: 24)، و"بليعال" (2 كو 6: 15)، و"المضل لكل العالم" (رؤ 12: 9) و"التنين العظيم" (رؤ 12: 9)، و"العدو" (مت 13: 28 و 39)، و"الشرير" (مت 13: 19 و 38)، و"أبو الكذاب" (يو 8: 44)، و"إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4)، و"الكذاب" (يو 8: 44)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"القتاَّل" (يو 8: 44)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31، 14: 3، 16: 11)، و"الحية القديمة" (رؤ 12: 9)، و"المجرب" (مت 4: 3، 1 تس 3: 5)“. أى له 21 اسماً فى الكتاب.
        ونعلم أن كثرة أسماء المسمَّى تشريفًا له. فهل احتفظ الكتاب بأسماء الشيطان تشريفًا له، ولم يحفظ اسم الرب تحقيرًا له؟
        بل إن بعض الأشخاص احتفظوا باسمين فى حياتهم، مثل إبرام الذى أصبح إبراهيم، وإسرائيل الذى كان يعقوب. فهل ضنَّ الكاتب والكتاب على الرب أن يحتفظ باسم واحد فقط فى هذا الكتاب المنسوب إليه؟
        عزيزى القارىء: إن معرفة الله وصفاته فى أى دين لهو أهم الموضوعات التى تتعلق بلب هذه الديانة التى يدين بها الإنسان، ويُسلم أمره فيها لهذا الإله. إذ لابد أن أعرف اسمه الذى سأتعبد له به، وأناجيه، وأدعوه به. وهو اسم لا يشترك فيه معه أحد، غير قابل للتثنية والجمع، لأن الله إله أحد، ولا شريك له، ولا إله معه. فكيف نتوقع أن اسم الله يُجمع؟
        فى الوقت الذى ترى فيه الكتاب الذى يقدسونه قد حذف هذا الاسم أو استبدله بكلمة (الله) أو كلمة (الرب). فالاسم (يهوَه) أو (يهوِه)،‏ وهو اللفظ الذي يفضله الكتاب المقدس الأورشليمي الكاثوليكي وبعض العلماء، يظهر 7000 مرة تقريبًا في الأسفار العبرية الأصلية. لكنَّ غالبية الكتب المقدسة لا تبيِّن هذا الاسم بل تضع مكانه «الله» او «الرب». وبعض هذه الكتب المقدسة تعترف بأنها استبدلت الاسم يهوه. ولكن هناك ترجمات عصرية عديدة بلغات مختلفة تستعمل إما الاسم يهوَه او الاسم يهوِه.
        فكيف يتم هذا؟ ولمصلحة من يتم حذف اسم الرب؟ وكيف يتم تغيير الاسم العلم فى الترجمة؟ فقد يتفق اليهود والمسلمون فى الكثير من صفات الله، لكن أين اسم (الله) فى الكتاب بأكمله؟ وطبعًا لم ينس المترجم إلى اللغة العربية أن يكتب مكان يهوه أو ألوهيم أو زيوس التى جاءت فى العهد الجديد كلمة الله، على الرغم من أن صغار المترجمين يعلمون أن الاسم العلم لا يُترجم. فالأستاذ مصباح لا يُترجم تحت اسم master lamp، ولا تُترجم كلمة السيدة صباح إلى Mrs morning، وليس لديهم سببًا مقنعًا فى ترجمة أسماء الأعلام فى كتابهم!!
        ويقول الرب عن اسمه: (لأَنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا اسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ الأُمَمِ .. .. وَاسْمِي مَهِيبٌ بَيْنَ الأُمَمِ) ملاخى 1: 11، 14
        فاسم الله عظيم ومهيب بين الأمم من مشرق الأرض إلى مغربها، لكن ما هو هذا الاسم؟: (16وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا أَقَمْتُكَ لِأُرِيَكَ قُوَّتِي وَلِيُخْبَرَ بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ.) خروج 9: 16
        هل تتخيل معنى ضياع اسم الرب من كتابه؟ إنه ضياع رسالة الرب نفسها! وضياع رسالة الرب معناه فشل الرب فى اختيار أنبيائه، كما فشل فى الحفاظ على نفسه وكرامته، فقد ضربه يعقوب وأجبره على أن يباركه كنبى ويوحى إليه بتعاليمه (تكوين 32: 22-30)، كما فشل فى الحفاظ على نفسه أمام الشيطان الذى أسره وحبسه أربعين يومًا فى الصحراء معتقلا لديه! فكيف بإله وصل به الفشل إلى هذه الدرجة أن يُحافظ على كتابه وتعاليمه (لوقا 4: 1-13)؟
        عزيزى رشيد: احذر! أنت لست من شعب الله أو أحبائه! (6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي.) أشعياء 52: 6 إن عباد الله المؤمنين هم الذين يعرفون اسم الله كما قال إشعياء. ألا تريد أن تكون من عباد الله وأحبائه؟
        وإذا كنتم قد كتبتم أن اسم الإله الأعظم هو الله، وإذا كان الكتاب لديكم يقولها صراحة: إن عبادى يعرفون اسمى، فهذا اعتراف واضح منكم أننا أصحاب الدين الحق، الذين يعرف كتابهم الله، ويوحده وينادى باسمه!!
        عزيزى المسيحى احذر أنت من الهالكين! لأن من عرف اسم الله نجَّاه الله من كل هم وضيق: (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
        اقرأ بتمعن عزيزى المسيحى ما قاله يوحنا فى رؤياه: إن اسم الله الحى سوف يُختم على جباه المؤمنين قبل أن يُدمِّر ملائكة الله الأرض والبحار: (2وَرَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ طَالِعاً مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مَعَهُ خَتْمُ اللهِ الْحَيِّ، فَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ الأَرْبَعَةِ الَّذِينَ أُعْطُوا أَنْ يَضُرُّوا الأَرْضَ وَالْبَحْرَ 3قَائِلاً: «لاَ تَضُرُّوا الأَرْضَ وَلاَ الْبَحْرَ وَلاَ الأَشْجَارَ، حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلَهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ».) رؤيا يوحنا 7: 2-3
        وكرر أن المؤمنين سوف يكتب اسم إلههم على جباههم: (1ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوباً عَلَى جِبَاهِهِمْ.) رؤيا 14: 1
        وأن أهل الجنة سينظرون وجه الله وسيكون اسم الله مكتوبًا على جباههم: (4وَهُمْ سَيَنْظُرُونَ وَجْهَهُ، وَاسْمُهُ عَلَى جِبَاهِهِمْ.) رؤيا 22: 4
        لذلك قالها الله صراحة: إن عبادى يعرفون اسمى. (6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي. لِذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ الْمُتَكَلِّمُ. هَئَنَذَا».) أشعياء 52: 6
        لكن هنا أطرح سؤالاً فى أذن كل مسيحى ويهودى: مِن عباد مَن أولئك الذين لا يعرفون اسم الله؟ إنهم بالفعل ليسوا من عباد الله.فكيف تقبل عزيزى المسيحى واليهودى أن تكون من عباد غير الله الودود؟ وإذا كان الله طردهم من رحمته ومن زمرة عباده المؤمنين فأين مكانهم فى الآخرة غير النار والعذاب؟
        فعندما غضب الله على الكفرة من بنى يهوذا (إسرائيل)، الساكنين فى مصر، بسبب بعدهم عن شريعته وعبادتهم للإلهة إيزيس، حيث أوقدوا لها البخور، طردهم الله من زمرة عباده المؤمنين، وحرمهم من معرفة اسمه أو النطق به، إضافة إلى عقوبات أخرى: (25هَكَذَا تَكَلَّمَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ وَنِسَاؤُكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِفَمِكُمْ وَأَكْمَلْتُمْ بِأَيَادِيكُمْ قَائِلِينَ: إِنَّنَا إِنَّمَا نُتَمِّمُ نُذُورَنَا الَّتِي نَذَرْنَاهَا أَنْ نُبَخِّرَ لِمَلِكَةِ السَّمَاوَاتِ وَنَسْكُبُ لَهَا سَكَائِبَ فَإِنَّهُنَّ يُقِمْنَ نُذُورَكُمْ وَيُتَمِّمْنَ نُذُورَكُمْ. 26لِذَلِكَ اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ يَهُوذَا السَّاكِنِينَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. هَئَنَذَا قَدْ حَلَفْتُ بِاسْمِي الْعَظِيمِ قَالَ الرَّبُّ إِنَّ اسْمِي لَنْ يُسَمَّى بَعْدُ بِفَمِ إِنْسَانٍ مَا مِنْ يَهُوذَا فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً:حَيٌّ السَّيِّدُ الرَّبُّ)إرمياء 44: 26
        فهل أنت الآن من المعاقبين الذين حرمهم الله من معرفة اسمه؟ فكيف لا تسارع بالتوبة وتسلم أمرك لله وتعبده؟ إن معنى هذا أن هذا الكتاب وهذه العقيدة توقعك تحت عذاب الله لأنك لست من أصحاب العقيدة السليمة. وإلا ما معنى ألا يحتوى كتابك على اسم الله الذى تتعبَّد له، وتسأله الغفران والرحمة والشفاء؟
        وهكذا ترى عزيزى المسيحى أن المسلمين هم الشعب الذى يحمل اسم الله، ويسبح به ليلاً ونهارًا، وهى الأمة التى بشر بها سمعان فى سفر أعمال الرسل: (14سِمْعَانُ قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلاً الْأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْباً عَلَى اسْمِهِ.) أعمال 15: 14
        وهى نفس الأمة التى أنبأ بها عيسى عليه السلام بنى إسرائيل أنها هى التى ستأتى بملكوت الله أى دين الله وشريعته: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 42-46
        فكن عزيزى المسيحى عبدًا من عباد الله، الذين يحملون اسم الله على جباههم فى الآخرة، والذين يعرفون اسم الله فى الدنيا، الذين يحبهم الله ويعتبرهم خاصته، ومن كل ضيق ينجيهم: (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
        وكذلك يسوع ليس هذا باسمه، ولكن الأصول اليونانية تقول إنه عيسو بعد حذف النهايات الدالة على حالة الاسم الإعرابية. وهو نفس اسم أخى يعقوب، إلا أنهم يكتبزنه فى العربية يسوع، فما الذى أذهب بالعين (الحرف الأول) إلى نهاية الكلمة؟ وبما أن عيسى عليه السلام كان يتكلم الأرامية التى تميل إلى الفتح فى نهاية الكلمة، فقد كان اسمه إذا عيسى وليست عيسو، التى تُنطق بالضم فى نهاية الكلمة فى العبرية. (اقرأ بتفصيل أكثر فى كتابى: الرد على الإسلام بدون حجاب).
        وعن معنى كلمة (يسوع) هذه يقال الأستاذ أنيس فريحة فى (دراسات فى التاريخ ص 99) إنه اسم الصنم يغوث المذكور فى القرآن الكريم ما نصه: ”يغوث فعل مضارع بمعنى يسعف، وهو الاسم العبرى (يشوع) من جذر يشع بمعنى خَلَّصَ ومنها (يسوع).“
        ومعنى هذا أن يسوع اسم صنم وثنى كان يُعبد فى قوم نوح وفى الجاهلية من دون الله!! أليس هذا دليل على تحريف الكتاب الذى تقدسه عزيزى القارىء، وأن اليهود أخرجوكم بذلك من جماعة الرب: مرة بعدم الختان، ومرة بإخصاء الرجال أنفسهم، ومرة بمخالفة ناموس الله وترك شريعته، ثم بعبادة صنم من دون الله!
        ونعود مرة أخرى لقولهم إن يسوع هو الاسم الذى اشتق من الاسم العبرى يشوع: وفيه يقول الدكتور عبد المحسن ال***ب - من علماء الغرب المسيحى - فى كتابه (تاريخ اليهود القديم بمصر) ص 105 ما نصه: ”وهو اسم مشتق من اسم الثور الذى كانوا - بنوا إسرائيل - يعبدونه فى الصحراء.“
        أى حرَّف بنو إسرائيل اسم عيسى وجعلوه اسم صنم، عبده بنو إسرائيل فور خروجهم من مصر، وأغضبوا الرب بذلك، فأمر بقتل ثلاثة آلاف منهم، وهو هذه المرة الصنم (يسوع) الذى يشبه الثور. فهل يفرق هذا معك عزيزى المسيحى المؤمن، أم أنك اعتدت على تشبيه الرب بالحيوان فلا فارق عندك أن يكون الرب ثورًا أو خروفًا (رؤيا 17: 14) أو يولد كجحش الفرا، فارغ عديم الفهم (أيوب 11: 12لا مزية له على البهيمة (الجامعة 3: 19-20إن الفرق لكبير عند أحباب عيسى عليه السلام من المؤمنين الحقيقيين به، وبرسالته الحقَّة.
        السيد رشيد: ألم تطبق منهج البحث العلمى الحديث على إيمانك وكتابك واسم إلهك؟
        أنصحكم بتطبيقه على القرآن وكتابك الذى تقدسه!

        تعليق


        • #49
          رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

          العلم الحديث يؤكد صحة وحى القرآن، ونبوة رسولنا صلى الله عليه وسلم
          15- إن العلم الحديث مازال يؤكد ويؤكد على عدم تحريف القرآن الكريم، وحفظ الله تعالى له، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم تلقاه عن ربه موحًا إليه. فمازال القرآن يحمل المئات إن لم تكن الآلاف من المعجزات العددية والعلمية، والتى إن تغير فى الآية حرف واحد، فسدت هذه المعادلات، منها:
          1) قال الله تعالى: (ثٌمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاْءِ وَهِيَ دُخَاْنٌ) فصلت: 11
          أُلقِيَت هذه الآيات في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عقد في القاهرة ولما سمع البروفيسور الياباني (يوشيدي كوزاي) تلك الآية نهض مندهشًا وقال لم يصل العلم والعلماء إلى هذه الحقيقة المذهلة إلا منذ عهد قريب بعد أن التَقَطت كاميرات الأقمار الاصطناعية القوية صورًا وأفلامًا حية تظهر نجمًا وهو يتكون من كتلة كبيرة من الدخان الكثيف القاتم)، ثم أردف قائلًا إن معلوماتنا السابقة قبل هذه الأفلام والصور الحية كانت مبنية على نظريات خاطئة مفادها أن السماء كانت ضبابًا). وقال بهذا نكون قد أضفنا إلى معجزات القرآن معجزة جديدة مذهلة أكدت أن الذي أخبر عنها هو الله الذي خلق الكون قبل مليارات السنين).
          السيد رشيد! احفظ هذا السؤال القادم وطبقه عند قراءتك لكل معجزة:
          فهل هذه الآية قد حرفت فأظهرت إعجاز القرآن فى عصر العلم الحديث؟
          واسأل نفسك فى كل آية تقرأها فى القرآن ما هو الإعجاز الذى تشتمل عليه هذه الآيات من الجانب العلمى أو اللغوى أو البلاغى أو التربوى أو التاريخى أو الجغرافى أو العددى! أسأل الله لك الهداية!
          2) قال الله سبحانه وتعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِيْنَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَوَاْتِ والأَرْضَ كَاْنَتَاْ رَتْقًَا فَفَتَقْنَاْهُمَاْ) الأنبياء : 3
          لقد بلغ ذهول العلماء في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض 1979م ذروته عندما سمعوا الآية الكريمة وقالوا: حقًا لقد كان الكون في بدايته عبارة عن سحابة سديمية دخانية غازية هائلة متلاصقة ثم تحولت بالتدريج إلى ملايين الملايين من النجوم التي تملأ السماء. عندها صرح البروفيسور الأمريكي (بالمر) قائلًا إن ما قيل لا يمكن بحال من الأحوال أن ينسب إلى شخص مات قبل 1400 سنة لأنه لم يكن لديه تليسكوبات ولا سفن فضائية تساعد على اكتشاف هذه الحقائق فلا بد أن الذي أخبر محمدًا هو الله. وقد أعلن البروفيسور(بالمر) إسلامه في نهاية المؤتمر.
          3) قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَاْ مِنَ المَاْءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاْ يُؤْمِنُوْنَ) الأنبياء: 30
          يقول الدكتور منصور العبادي، الأستاذ بجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية:
          http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=274
          ... يقدّر علماء الجيولوجيا كمية الماء الموجودة على الأرض بستة عشر بليون كيلومتر مكعب أو ما يساوي ستة عشر بليون بليون طن أي أن نسبة كتلته إلى كتلة الأرض تبلغ خمسة وعشرون بالألف. ويوجد القسم الأكبر من هذه الكمية والتي تقدر بثلاثة عشر بليون كيلومتر مكعب في طبقات الأرض الواقعة تحت القشرة الأرضية وهي موجودة على شكل بخار ماء مضغوط وذلك بسبب الحرارة العالية لباطن الأرض. أما الكمية المتبقية والتي تقدّر بثلاثة بلايين كيلومتر مكعب فإن نصفها يدخل في تركيب الصخور والمعادن الموجودة في القشرة الأرضية بينما يوجد النصف الآخر في المحيطات والبحار والأنهار. ويتجمع معظم الماء الموجود على سطح الأرض في محيطات وبحار الأرض إلا أن هناك ما يقرب من مائة مليون كيلومتر مكعب من الماء موجودة على اليابسة في تجاويف القشرة الأرضية وفي البحيرات والأنهار والتربة على شكل سائل وفي المناطق الجبلية والجليدية على شكل جليد.
          ويعتقد العلماء أن الماء الموجود على سطح الأرض قد خرج من باطنها فبعد أن تكونت القشرة الأرضية الصلبة بدأ الماء يخرج من باطن الأرض على شكل بخار مع الحمم التي تقذفها البراكين من باطن الأرض إلى سطحها وذلك مصداقا لقوله تعالى (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا) النازعات 30-31. ويقدّر علماء الجيولوجيا كمية الماء الذي يخرج من باطن الأرض في السنة الواحدة بحوالي كيلومتر مكعب واحد أو ما يعادل ألف مليون طن ويعتقدون أن هذه الكمية كافية لتشكيل الاحتياطي الإجمالي للماء على سطح الأرض بمرور بلايين السنين على نشأة الأرض.
          لقد كان هذا الماء عند أول نشأة الأرض على شكل بخار يملأ جو الأرض الأولي بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض في تلك الحقّبة من الزمن وبعد أن برد هذا السطح بدأ بخار الماء بالتكثف ليسقط على شكل أمطار غزيرة لعبت دورًا كبيرا في تشكيل بعض تضاريس الأرض كالأودية والسهول الغنية بالتراب. ولو أن جميع ما في الأرض من ماء قد خرج من باطنها واستقر على سطحها لما وسعته المحيطات ولوصل ارتفاع الماء فوق سطح الأرض إلى ثلاثين كيلومتر ولكن من لطف الله بالناس أن تسعين بالمائة من هذا الماء لا زال محبوسًا كبخار تحت القشرة الأرضية. ويقوم هذا المخزون الضخم من الماء المحبوس تحت القشرة الأرضية بتعويض كمية الماء الموجودة على السطح إذا ما نقص بسبب هروب بعضه إلى الفضاء الخارجي أو اتحاده بشكل دائم مع بعض العناصر والمركبات الأرضية.
          ولو أن الأرض بقيت على شكل كرة ملساء كما كان حالها عند بداية خلقها لغطت كمية الماء الموجودة على سطحها فقط جميع سطح الأرض بارتفاع ثلاثة كيلومترات. ولكن بتقدير من الله عز وجل وبسبب ضغط الماء الهائل على قشرة الأرض التي كانت طرية ورقيقة عند بداية تكونها فقد بدأ جزء من سطح الأرض بالانخفاض تحت وطأة هذا الضغط ممّا جلب مزيدًا من الماء لهذا الجزء الذي واجه مزيدًا من الانخفاض. وقد توالت هذه العملية حتى تجمع الماء في جهة واحدة من سطح الأرض وانحسر عن الجزء المتبقي من السطح الذي ارتفع مستواه بسبب الضغط المعاكس على القشرة من داخل الأرض مكونا اليابسة. ولقد تأكدت هذه الحقيقة بعد اكتشاف علماء الجيولوجيا أن المحيطات الحالية كانت محيطا واحدا وكذلك القارات التي كانت قارة واحدة ولكن وبسبب حركة الصفائح التي تتكون منها القشرة الأرضية بدأت القارة الأولية بالانقسام إلى عدة قارات بشكل بطيء جدا بما يسمى ظاهرة انجراف القارات.
          وتغطي المحيطات الآن ما يقرب من سبعين بالمائة من سطح الأرض بينما تشكل اليابسة ثلاثين بالمائة من سطحها ويبلغ متوسط ارتفاع اليابسة عن سطح البحر ما يقرب من كيلومتر واحد بينما يبلغ متوسط انخفاض المحيطات عن سطح البحر أربعة كيلومترات تقريبًا. إن تحديد نسبة مساحة سطح اليابسة إلى مساحة سطح المحيطات لم يتم بطريقة عشوائية بل تم تقديره بشكل بالغ حيث بينت دراسات العلماء أن أية زيادة أو نقصان فيها قد يحول دون ظهور الحياة على الأرض. فمتوسط درجة حرارة سطح الأرض سيختلف عن الرقم الحالي البالغ خمسة عشر درجة فيما لو تغيرت هذه النسبة وذلك بسبب الاختلاف الكبير في الحرارة النوعية لكل من تراب اليابسة وماء المحيطات. وستتغير كذلك كمية ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي بسبب تفاوت نسب امتصاص البر والبحر لهذا الغاز الذي يعتبر مصدر الغذاء الرئيسي لجميع الكائنات الحية وكذلك فإن كمية الماء التي ستسقط على اليابسة ستزداد أو تنقص تبعًا لقيمة النسبة بين مساحة كل من البر والبحر.
          وقد يقول قائل أن كمية الماء الهائلة الموجودة في المحيطات قد تكون أكبر ممّا تحتاجه الكائنات الحية وأن محيطات بمتوسط عمق أقل من ذلك قد تكون كافية لهذا الغرض. ولكن هنالك حكمة بالغة وراء تقدير تلك الكمية من الماء حيث أن مياه الأمطار التي تعود للمحيطات من خلال الأنهار تحمل معها كميات كبيرة من أملاح تراب اليابسة ممّا يزيد من ملوحتها مع مرور الزمن. إن زيادة ملوحة المحيطات عن حد معين سيؤدي حتما إلى موت جميع الكائنات الحية فيها وأكبر دليل على ذلك الحال الذي هو عليه البحر الميت في الأردن. ولكن بتقدير من الله وبفضل منه وبسبب هذه الكمية الهائلة من المياه في المحيطات فإن ملوحتها لا زالت دون الحد الذي يمنع عيش الكائنات الحية فيها رغم أن أنهار الأرض تلقي فيها كميات كبيرة من الأملاح منذ ما يزيد عن أربعة آلاف مليون سنة وصدق الله العظيم القائل (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً) فاطر: 12
          ويتفرد كوكب الأرض من بين جميع كواكب المجموعة الشمسية بوجود هذه الكمية الضخمة من الماء على سطحه وذلك يعد أن تأكد للعلماء من خلال إرسال مركبات فضائية إلى كواكب المجموعة الشمسية أن سطوحها تخلو تمامًا من الماء. ولا زال العلماء يتساءلون عن مصير الماء الذي كان موجودًا على هذه الكواكب حيث أنها قد تكونت بنفس الطريقة التي تكونت بها الأرض ولا بد والحال هذا أن جميعها قد أخذ نصيبه من الماء وكذلك من بقية العناصر والمركبات الطبيعية. ومن الخطأ أن نعتقد أن الماء إذا ما توفر في كوكب ما فلابد أن يشكل محيطات وبحار على سطحه كما هو الحال مع الأرض وذلك لأن الظروف التي يتشكل خلالها الكوكب هي التي تحدد الطريقة التي سيكون عليها حال الماء على سطحه. وهذا يعني أن ضمان ظهور الماء على سطح الكوكب يحتاج لتقدير بالغ في تحديد تسلسل الأحداث التي يمر بها تشكل الكوكب عند نشأته وأن حدوث خطأ بسيط في تسلسل هذه الأحداث قد يحول دون ظهور الماء عليه. ولو قمنا بتقصي الأسباب التي قد تحول دون ظهور الماء على سطح كوكب ما، على الرغم من توفر الماء في جوفه لما أحصيناها عددًا. فعلى سبيل المثال، فمن الممكن أن الكواكب التي هي أبعد من الأرض عن الشمس قد تكونت قشرتها بشكل أسرع ممّا حدث على الأرض ممّا حالت دون خروج الماء من باطنها إلى ظاهرها من خلال البراكين. ومن الممكن أن هذا الماء قد تجمد بكامله في الكواكب الأبعد من الأرض عن الشمس بسبب البرودة الشديدة وتجمع في طبقات قشرة الكوكب أو عند أقطابه. ومن الممكن أنه قد تسرب إلى الفضاء الخارجي مع مرور الزمن وخاصة في الكواكب القريبة من الشمس بسبب ارتفاع درجة حرارة سطحها. ومن الممكن أيضا أن تكون قشرة الكوكب من السماكة بحيث أن الماء قد غار في طبقاتها المختلفة ولم يصل إلى باطن الكوكب الحار الذي يستطيع أن يخرجه كبخار مع البراكين وصدق الله العظيم القائل (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) المؤمنون: 18
          إن عملية نقل الماء من المحيطات وتوزيعها على اليابسة تتم بآليات بالغة الإتقان حيث تستخدم الطاقة الشمسية لتبخير الماء من المحيطات بدون أن يتم رفع درجة حرارة الماء إلى درجة الغليان.
          ويقدّر العلماء كمية الماء المتبخر من المحيطات في السنة الواحدة بأربعمائة ألف كيلومتر مكعب ومن اليابسة بستين ألف كيلومتر مكعب وتحتاج هذه الكمية الهائلة من الماء المتبخر من المحيطات إلى كمية هائلة من الطاقة تقدّر بمائتين وخمسين مليون بليون كيلو وات ساعة في السنة الواحدة.
          وتتكفل الشمس بتوفير هذه الكمية الهائلة من الطاقة لعملية تبخير الماء من خلال الإشعاع الذي يصل إلى الأرض على شكل أمواج ضوئية وحرارية. ومن حسن التقدير أن طاقة التبخير هذه لا تذهب هدرًا بل يتم الاستفادة منها عندما يتكثف بخار الماء في الجو فتنطلق هذه الطاقة لتسخن جو الأرض وخاصة أثناء الليل. وبعد أن يصعد هذا الماء المتبخر إلى طبقات الجو العليا مع التيارات الهوائية الصاعدة يبدأ البخار بالتكثف على شكل غيوم بسبب البرودة الشديدة لطبقات الجو العليا وصدق الله العظيم القائل (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الأعراف: 57
          إن رفع هذا الكمية الهائلة من الماء إلى ارتفاع عدة كيلومترات فوق سطح البحر يحتاج إلى كمية هائلة من الطاقة لا تقل عن كمية الطاقة التي لزمت لتبخيرها. وتقوم الشمس أيضا بتوفير هذه الطاقة من خلال تسخين الهواء الملامس لسطح الأرض والذي يرتفع إلى الأعلى حاملًا معه بخار الماء وذلك بسبب أن كثافة الهواء الساخن أقل من كثافة الهواء البارد. إن هذه الطاقة تعاد بكاملها إلى الأرض عند نزول الماء على شكل أمطار من خلال تحول طاقتها الوضعية إلى طاقة حركية ويتحول جزء كبير من هذه الطاقة الحركية إلى طاقة حرارية عند ارتطام قطرات الماء بسطح الأرض أماالجزء المتبقي فيبقى كطاقة حركية تنقل مياه الأنهار والسيول والجداول من أعالي الجبال إلى المحيطات والبحار والبحيرات. ويستفاد من هذه الطاقة الحركية في مياه الأمطار لنقل التراب من رؤوس الجبال الشاهقة إلى السهول المنبسطة الصالحة للزراعة.ولولا هذا التقدير لخلت هذه السهول مع مرور الزمن من العناصر والمركبات اللازمة للحياة. وقد استفاد الإنسان في العصور الماضية من هذه الطاقة الحركية في تشغيل النواعير لرفع الماء من الأنهار والطواحين لطحن الحبوب وفي هذا العصر في توليد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية. وبعد أن يرتفع بخار الماء إلى طبقات الجو المختلفة يبدأ بالتكثف ليكون الغيوم التي تسوقها الرياح إلى مناطق اليابسة حيث تبدأ حبيبات الماء بالتكون لتسقط على شكل أمطار وثلوج وبرد وصدق الله العظيم القائل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ۖ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) النور: 43-44
          ولو قدر لهذه الكمية الهائلة من الماء المتبخر أن تنزل دفعة واحدة على سطح جميع القارات لوصل ارتفاع الماء إلى عشرة أمتار ولكن من لطف الله بعباده أن 370 ألف كيلومتر مكعب منها ينزل على المحيطات بينما ينزل على اليابسة فقط 90 ألف كيلومتر مكعب. ولو وزع هذا الرقم الأخير على جميع مناطق اليابسة بالتساوي لكان نصيب كل متر مربع من الأرض مترا مكعبا واحدا من الماء. ومن لطف الله بالناس أن هذا الماء ينزل على مدى عدة أشهر وإلا فان نزول مثل هذه الكمية خلال يوم أو حتى أسبوع قد يتسبب في حدوث كوارث لا تحمد عقباها وصدق الله العظيم القائل (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) المؤمنون 18-20
          وإن ما حل بقوم سيدنا نوح عليه السلام من دمار وعذاب كان بسبب زيادة سقوط المطر عن الحدود التي قدرها الله وقد صور القران الكريم هذا المشهد العجيب بقوله سبحانه (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) القمر: 11-14
          إن كمية الماء التي تسقط على اليابسة والتي تقدّر بتسعين ألف كيلومتر مكعب تعود في النهاية إلى المحيطات والبحار حيث يعود ثلاثون ألف كيلومتر مكعب منها بشكل مباشر بواسطة الأنهار بينما تعود الستين ألف المتبقية بطريقة غير مباشرة من خلال عملية التبخر وذلك بعد أن يتم الاستفادة منها من قبل الكائنات الحية المختلفة وخصوصا النباتات التي تستهلك الجزء الأكبر من هذه الكمية بامتصاصها من التربة. ومن الجدير بالذكر أن مجموع ما يستهلكه البشر سنويًا من الماء للأغراض الزراعية والمنزلية والصناعية يقدّر بثلاثة آلاف كيلومتر مكعب أي ما يساوي ثلاثة آلاف بليون متر مكعب فقط. إن عملية توزيع مياه الأمطار على جميع مناطق اليابسة لا تتم بشكل متساوي بسبب التفاوت الكبير لتضاريس اليابسة ومقدار بعدها عن المحيطات حيث تسقط الأمطار بكميات كبيرة على المناطق الساحلية وتقل تدريجيًا كلما ابتعدنا عن شواطئ المحيطات والبحار. ومن فضل الله على الناس أن قام بتوفير آليات مختلفة لتزويد المناطق التي لا تسقط عليها كمية كافية من الأمطار بما يكفيها من الماء الذي يبعث فيها الحياة. فقد سخّر الله الأنهار التي تحمل الماء من المناطق الغنية به إلى المناطق الصحراوية الجافة كنهر النيل الذي يجلب الماء من الحبشة إلى السودان ومصر وكنهري دجلة والفرات التي تجلب الماء من تركيا إلى سوريا والعراق وكذلك الحال مع بقية أنهار الأرض وصدق الله العظيم القائل (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النمل: 61
          ومن عجائب تصميم الأنهار أن ميلان الأرض قد تم تقديره بشكل بالغ الدقة بحيث أن الماء ينساب بشكل طبيعي من منابع الأنهار إلى مصابها رغم أنها تجري لآلاف الكيلومترات وصدق الله العظيم القائل (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا ۖ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ۖ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الرعد: 3
          وبما أن الأمطار لا تسقط إلا في أشهر محددة من السنة في معظم أرجاء اليابسة فقد وفر الله وسائل عدة لحفظ مياه هذه الأمطار لتزود الكائنات الحية بالماء على طول أشهر السنة. ومن هذه الوسائل الثلوج التي تغطي قمم الجبال الشاهقة والتي تذوب في الصيف لتمد الأنهار والينابيع وبحيرات الماء العذب بكميات كبيرة من الماء وكذلك طبقات الصخور التي تختزن كميات كبيرة من المياه الجوفية فتخرج على شكل ينابيع لا تكاد تخلو منها أيّ منطقة على هذه اليابسة. ومن عجائب التقدير أن هذه الينابيع قد تتفجر في مناطق قاحلة لا يسقط عليها المطر أبدًا فيأتيها الماء من أماكن بعيدة على شكل أنهار تجري عبر طبقات الصخور وصدق الله العظيم القائل (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) الزمر: 21،
          والقائل سبحانه (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) الحجر: 22
          وبما أنه لا يمكن لكثير من الكائنات الحية أن تعيش بدون الماء لفترات لا تتجاوز عدة أيام فإن من فضل الله عليها أن قام بتوزيع مصادر الماء في كل ركن من أركان هذه الأرض لكي ينتشر البشر وبقية الكائنات الحية في جميع أرجاء الكرة الأرضية وصدق الله العظيم القائل (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) الفرقان: 48-50
          وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد مَكَّن الحيوانات من الحركة لتصل إلى مصادر الماء والغذاء لتأخذ منهما حاجتها، فقد صمم آليات معقدة لتوفير الماء للنباتات التي لا يمكنها الحركة على الإطلاق. فقد تم تهيئة تراب الأرض وتشكيل الصخور التي تحتها بحيث تحتفظ بماء الأمطار لفترات طويلة ولكي تتمكن النباتات بمختلف أنواعها من الحصول على حاجتها من الماء في فترات انقطاع المطر عنها. وقد زود الله هذه النباتات بجذور يمكنها الغوص في أعماق التراب والصخور لكي تصل إلى أماكن الماء وصدق الله العظيم القائل(وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ * فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) المؤمنون 18-19
          ومن البدهي أن يثار التساؤل حول السبب الذي جعل الماء أحد أهم عناصر الحياة التي لا يمكن لها أن تظهر على الأرض ولا على أيّ كوكب آخر بدونه. وللإجابة على هذه التساؤل لابد من التذكير بحقيقة مهمة عن طبيعة الحياة وهي قدرة الكائنات الحية على أن تصنع نسخًا عن نفسها بنفسها من العناصر والمركبات الموجودة على الأرض. فجميع أنواع الكائنات الحية تبدأ عملية تصنيعها من خلية واحدة يحتوي شريطها الوراثي على جميع مواصفات جسم الكائن الحي، ويتم تصنيع الكائن من خلال التعليمات التي يصدرها هذا الشريط لبعض مكونات الخلية. وتحتاج الكائنات الحية لبناء أجسامها إلى مواد مختلفة بمواصفات محددة وهذه المواد يتم تصنيعها من تراب هذه الأرض الذي يحتوي على جميع العناصر الطبيعية التي أنتجتها نجوم هذا الكون. وبما أن عملية تصنيع الكائنات الحية وما تحتاجه من مواد عضوية تتم بدون تدخل أيّ قوة خارجية فعلى هذه المواد أن تصنع نفسها بنفسها وأن تأخذ مواقعها في جسم الكائن من تلقاء نفسها. وبما أن هذه المواد ليس لها أيدي تمسك بها أو أرجل تمشي عليها فمن المستحيل أن تقوم بهذه المهمة إذا ما بقيت في أماكن تواجدها في تراب هذه الأرض. إن الطريقة الوحيدة التي تسهل حركة هذه المواد هو من خلال إذابتها في سائل ما يسمح لجزيئاتها بالحركة من خلال ظاهرة طبيعية وهي ظاهرة الانتشار. وفي مثل هذا السائل يمكن لجزيئات المواد المختلفة أن تتحرك بحرية ممّا يساعدها على الالتقاء ببعضها البعض وقد يؤدي هذا الالتقاء إلى حدوث التفاعلات الكيميائية بين هذه المواد لإنتاج مواد أكثر تعقيدًا. إن وجود مثل السائل هو أول شرط من شروط ظهور الحياة في أيّ مكان في هذا الكون فالمواد في حالتها الصلبة وخارج هذا الوسط السائل تحتاج إلى من يخلطها باستمرار لكي يحدث التفاعل فيما بينها أما في حالة وجودها مذابة في السائل فإن هذه المواد ستتحرك من تلقاء نفسها بسبب خاصية الانتشار.
          ويؤكد العلماء على أن الحياة ظهرت على الأرض بسبب الخصائص الفريدة والعجيبة للماء فبدون هذه الخصائص لا يمكن للحياة أن تظهر أبدًا. وممّا أثار استغراب العلماء أن جميع خصائص الماء الفيزيائية والكيميائية هي خواص شاذة أيّ أنها تختلف عن خواص مركبات مشابهة لها في التركيب ممّا حدا بعالم الكيمياء الفيزيائية الروسي "إيغور بتريانوف" بأن يصفه بأنه أغرب مادة في هذا الكون وذلك في كتابه "الماء تلك المادة العجيبة".
          لقد أثبت العلماء أن الماء هو السائل الوحيد من بين جميع السوائل الطبيعية الذي يصلح لأن يكون وسطًا مناسبًا لحدوث التفاعلات الكيميائية التي تلزم لتصنيع المواد التي تحتاجها أجسام الكائنات الحية. فقد وجد العلماء أن الماء هو أفضل المذيبات على الإطلاق بسبب ارتفاع ثابت عزله الكهربائي وهذه الخاصية بالغة الأهمية للحياة حيث أن الكائنات الحية تحتاج لآلاف الأنواع من الجزيئات التي يجب أن تصنع في داخل هذا الماء وهذا لا يمكن أن يتم إلا إذا كانت هذه الجزيئات قابلة للذوبان في الماء. ويستطيع الماء إذابة مختلف أنواع العناصر والمركبات العضوية وغير العضوية وسواء أكانت هذه المواد في حالتها الصلبة أو السائلة أو الغازية.
          أما الخاصية الثانية التي لا تقل أهمية عن الأولى فهي أن الماء له القدرة على تأيين أنواع مختلفة من الجزيئات الضرورية للحياة أيّ أن الجزيء يتفكك إلى أيونات موجبة وأخرى سالبة وهذا شرط ضروري لحدوث التفاعلات الكيميائية بين المواد المختلفة. بل الأعجب من ذلك أن الماء له القدرة على تأيين بعض جزيئاته وهذه الظاهرة ضرورية لإتمام كثير من التفاعلات الكيميائية التي تجري في داخل الخلايا الحية. فجزيء الماء المتأين ينتج أيون الهيدروجين الموجب والمسؤول عن ظاهرة الحموضة وأيون الهيدروكسايد السالب المسؤول عن ظاهرة القاعدية. وقد وجد العلماء أن بعض الأنزيمات لا تعمل إلا عند درجات محددة من الحموضة أو القاعدية في الماء.
          أما الخاصية الثالثة فهي قدرة الماء العالية للالتصاق بالأشياء التي يلامسها وهذه الخاصية تساعد في انتشار الماء بكل سهولة في أجسام الكائنات الحية بحيث يمكنه الوصول لكل خلية من خلايا أجسامها التي لا يمكن لها أن تعيش بدونه. وبما أن الماء لا يقوم بدوره هذا إلا وهو في الحالة السائلة فهذا يتطلب أن يكون الماء في هذه الحالة السائلة على مدى نطاق واسع من درجات الحرارة. وقد وجد العلماء أن الماء يتميز على جميع المركبات السائلة الأخرى في وجود فرق كبير بين درجة تجمده ودرجة غليانه فهو يتجمد عند درجة الصفر ويغلي عند درجة مائة درجة مئوية أيّ بفارق مائة درجة. وبهذه الخاصية فإن الماء يشذ شذوذا كبيرا عن بقية هيدرات العناصر الأخرى فدرجة تجمده كان يجب أن تكون مائة درجة تحت الصفر ودرجة غليانه كان يجب أن تكون ثمانين درجة تحت الصفر إذا ما قورن مع مركبات مشابهة له في التركيب. ومن عجائب التقدير في خلق الأرض أن التفاوت في درجة حرارة معظم مناطق سطحها يقع ضمن المدى الذي يكفل بقاء الماء في حالته السائلة ولهذا نرى أن معظم الماء الموجود على سطح الأرض هو في الحالة السائلة. ومن العجيب أن الكائنات الحية التي تعيش في مناطق تهبط فيها درجات الحرارة إلى ما دون درجة تجمد الماء قد تم تزويدها بآليات تمنع الماء الموجود في أجسامها من التجمد على الرغم من أن الماء يشكل ما يزيد عن ثمانين بالمائة من أجسامها.
          أما الخاصية الرابعة للماء فهي خاصية عجيبة لا يمكن أن توجد فيه إلا إذا كان الذي صنع هذا الماء من عناصره يعلم علم اليقين أن هذا الماء سيلعب دورا بالغ الأهمية في ظهور الحياة على الأرض. وتتلخص هذا الخاصية في أن أكبر كثافة للماء تحدث عندما تكون درجة حرارته أربع درجات مئوية أيّ أن الماء في حالته الصلبة أخف منه في حالته السائلة وهذا على عكس جميع السوائل الأخرى التي تزيد كثافتها كلما قلت درجة حرارتها. وهذه الخاصية ضرورية جدا لبقاء معظم الماء على سطح الأرض في حالته السائلة فلو كان حال الماء كحال بقية السوائل لتحولت جميع محيطات وبحار الأرض إلى جليد باستثناء طبقة رقيقة سائلة على سطوحها المعرضة للشمس. ولكن بسبب هذه الخاصية العجيبة فإن الماء عند سطح المحيطات إذا ما تعرض لدرجات حرارة منخفضة فإنه يهبط للأسفل إذا ما بلغت درجة حرارته أربع درجات مئوية ويتم استبداله بماء أسخن منه من أسفل المحيطات ممّا يحول دون تجمد السطح. وإذا ما بلغت درجة حرارة جميع ماء البحر أربع درجات مئوية فإن أول ما يبدأ بالتجمد ماء السطح ممّا يشكل طبقة عازلة تحول دون تجمد بقية ماء البحر وبهذا وفرت هذه الآلية العجيبة حياة آمنة لجميع الكائنات الحية البحرية في مياه البحار والمحيطات وعند درجة حرارة لا تقل عن أربع درجات مئوية فسبحان القائل (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) الفرقان: 2
          أما الخاصية الخامسة للماء التي لا تقل في الأهمية عن سابقاتها فهي ارتفاع حرارته النوعية حيث يمتلك أعلى حرارة نوعية من بين جميع العناصر والمركبات الموجودة على الأرض وقد تصل الحرارة النوعية للماء إلى مائة ضعف الحرارة النوعية لكثير من المعادن. والحرارة النوعية مقياس لكمية الطاقة التي تختزنها كمية محددة من المادة عندما ترتفع درجة حرارتها بمقدار درجة مئوية واحدة، فعندما يتم تسخين المواد فإن كمية الطاقة التي تختزنها تتناسب مع كتلتها ومقدار الزيادة في درجة حرارتها وكذلك حرارتها النوعية. وعندما تبرد هذه المواد فإنها تشع جميع الطاقة التي اختزنتها إلى الجو المحيط بها إذا ما هبطت درجة حرارتها إلى نفس الدرجة التي كانت عليها قبل تسخينها. إن الحرارة النوعية العالية للماء هي التي وفرت للكائنات الحية درجات الحرارة المناسبة لعيشها على سطح الأرض فلولا وجود الماء بهذه الكميات الكبيرة على سطح الأرض لهبطت درجة حرارة سطح الأرض إلى درجات متدنية جدا بسبب تدني الحرارة النوعية للمواد المكونة للقشرة الأرضية. ولكن مياه المحيطات التي تغطي سبعين بالمائة من مساحة سطح الأرض تقوم بامتصاص كميات كبيرة من الطاقة الشمسية خلال النهار ومن ثم تقوم أثناء الليل بإشعاع هذه الحرارة إلى جو الأرض لكي يحافظ على درجة حرارة سطح الأرض ضمن الحدود المسموح بها.
          وأما الخاصية السادسة للماء فهي شفافيته للضوء حيث أنه يسمح بمرور الضوء المنبعث من الشمس من خلاله بأقل فقد ممكن وهذه خاصية بالغة الأهمية لدوام حياة الكائنات في بحار ومحيطات الأرض فحياة جميع الكائنات البحرية تقوم على ما تنتجه الطحالب من مواد عضوية. وهذه الطحالب تقوم بتصنيع المواد العضوية من العناصر والمركبات الذائبة في الماء بوجود الطاقة الشمسية من خلال عملية التركيب الضوئي. ولو لم يكن الماء شفافا للضوء لما تمكنت أشعة الشمس من الوصول إلى الطحالب التي تعيش في الطبقات العليا من مياه المحيطات ولتوقفت عملية تصنيع المواد العضوية التي تتغذى عليها جميع الكائنات البحرية. وتساعد شفافية الماء الكائنات الحية البحرية على رؤية الأشياء من حولها من خلال نظام الإبصار التي زودها الله بها وتساعد كذلك الإنسان والحيوان على كشف وجود شوائب ضارة في الماء قبل أن تقوم بشربه.
          وأما الخاصية السابعة للماء فهي إمكانية تحوله إلى بخار الماء عند درجات حرارة أقل بكثير من درجة الغليان وبكميات كبيرة من خلال عملية التبخر المعروفة. وهذه الخاصية تقوم عليها حياة جميع الكائنات الحية التي تعيش على بر الأرض فبخار الماء المتكون على سطوح المحيطات تحمله تيارات الحمل إلى طبقات الجو الباردة فتحوله إلى غيوم تسوقها الرياح إلى اليابسة فتسقط أمطارا توفر الماء الذي يلزم لحياة الكائنات الحية البرية.
          وأما الخاصية الثامنة فهي أن درجة تجمده تقل عن الصفر المئوي في حالة وجود مواد ذائبة فيه وهذه خاصية بالغة الأهمية لحياة الكائنات الحية حيث أنها تتعرض في المناطق الباردة إلى درجات حرارة تقل عن الصفر في كثير من الأحيان. ولكن الماء في أجسام هذه الكائنات لا يتجمد بسبب المواد الذائبة فيه ولو كان الحال غير ذلك لماتت الكائنات الحية بمجرد تعرضها لدرجات حرارة تقل عن الصفر لفترة قصيرة من الزمن.
          وأما الخاصية التاسعة فهي الخاصية الشعرية والناتجة عن التوتر السطحي العالي للماء وتساعد هذه الخاصية الماء على الارتفاع في الأنابيب الشعرية بدون الحاجة لقوة تضخه إلى أعلى رغم وجود الجاذبية الأرضية وبهذه الخاصية يصل الماء من جذور الأشجار إلى معظم أجزاءها رغم ارتفاعها الكبير عن سطح الأرض. بل إن هذه الخاصية هي التي تعمل على حفظ الماء في خلايا جميع الكائنات الحية بنفس النسبة رغم تفاوت ارتفاع مواقعها في جسم الكائن ولولا هذه الخاصية لتجمع الماء في الأجزاء السفلى من جسم الكائن بسبب فعل الجاذبية الأرضية.
          وأما الخاصية العاشرة فهو أن الماء لا طعم له ولا رائحة ولو كان الحال غير هذا لطغى طعمه ورائحته على طعم ورائحة جميع المواد التي يدخل في تركيبها وخاصة تلك الموجودة في أجسام الكائنات الحية كثمار وأزهار النباتات ولحوم وألبان الحيوانات.
          ولا يقتصر دور الماء في ظاهرة الحياة على كونه السائل الوحيد الذي يسهل التفاعلات الكيميائية بين جزيئات المواد التي تلزم لبناء أجسام الكائنات الحية بل إنه يدخل في تركيب المواد العضوية التي تنتجها الخلايا الحية. فالمواد العضوية تتكون بشكل رئيسي من أربعة عناصر وهي الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنيتروجين وكميات قليلة من بقية العناصر الأرضية كالكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والحديد والفوسفور واليود. إن المصدر الرئيسي للكربون والأوكسجين هو ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء أو المذاب في الماء وأما مصدر الهيدروجين فهو الماء وأما مصدر النيتروجين فهو الهواء الذي تقوم الكائنات الحية الدقيقة بتثبيته في تراب الأرض ومياهها. إن عملية تصنيع المواد العضوية من مكوناتها الأساسية أو موادها الخام تبدأ أولا بتصنيع سكر الجلوكوز في خلايا النباتات والطحالب ومن ثم يستخدم هذا السكر لاحقا لتصنيع مختلف أنواع المواد العضوية. ويتم تصنيع سكر الجلوكوز من ثاني أكسيد الكربون والماء في داخل البلاستيدات الخضراء الموجودة في خلايا النباتات والطحالب بوجود الطاقة الشمسية من خلال عملية التركيب الضوئي. وفي هذه العملية تتحد ستة جزيئات من ثاني أكسيد الكربون وستة جزيئات من الماء لتنتج جزيئًا واحدًا من سكر الجلوكوز وستة جزيئات من الأوكسجين.
          إن عملية إنتاج سكر الجلوكوز من الماء وثاني أكسيد الكربون من التعقيد بحيث أن علماء هذا العصر لا زالوا يقفون عاجزين عن تقليد هذه العملية رغم توفر التكنولوجيا المتقدمة في مختبراتهم ومصانعهم. ويقدّر العلماء كمية الماء الذي تمتصه النباتات من الأرض والطحالب من البحر بأربعمائة وعشرة بلايين طن وكمية ثاني أكسيد الكربون التي تأخذه النباتات من الهواء والطحالب من البحر بخمسمائة بليون طن وكمية الطاقة التي تستمدها من ضوء الشمس بجزء من ألفي جزء من مجموع الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض وذلك في السنة الواحدة. وفي المقابل تنتج البلاستيدات الموجودة في النباتات والطحالب ثلاثمائة وواحد وأربعين بليون طن من سكر الجلوكوز ومائتين وخمسة بلايين طن من الماء وثلاثمائة وأربعة وستون بليون طن من الأوكسجين.
          ومن عجائب التقدير أن سكر الجلوكوز عند تحلله بعد الاستفادة من الطاقة المخزنة فيه يعيد هذه الكميات الضخمة من الماء وثاني أكسيد الكربون إلى الطبيعة ليعاد استخدامها من جديد، ولولا هذا التقدير لنفدت جميع الكميات الموجودة على الأرض من الماء وثاني أكسيد الكربون منذ زمن بعيد.
          ويشكل الماء نسبه عالية من وزن أجسام الكائنات الحية حيث تتراوح هذه النسبة بين خمس وستين بالمائة وتسعين بالمائة وتذكرنا هذه النسبة بنسبة مساحة سطح المحيطات إلى مساحة سطح الأرض الكلية والتي تبلغ ما يقرب من سبعين بالمائة.وقد ذكرنا سابقا أن هذه النسبة كانت ضرورية لحفظ درجات حرارة سطح الأرض ضمن حدود تناسب الكائنات وذلك بسبب الحرارة النوعية العالية للماء. وهذا أيضا ما ينطبق على أجسام الكائنات الحية فإن كمية الماء العالية في أجسامها تساعد نظام حفظ الحرارة على حفظ حرارة أجسامها عند درجات حرارة محددة وذلك لأن درجة حرارة الماء لا تستجيب بسرعة للتغيرات في درجة حرارة الجو المحيط به بسبب ارتفاع حرارته النوعية.
          ونظرًا للدور البالغ الأهمية الذي يلعبه الماء في ظاهرة الحياة على سطح هذه الأرض فقد أكثر القرآن الكريم من ذكره فتحدث عن أهميته وطرق تكونه وتوزيعه على مناطق الأرض ووسائل تخزينه في الأرض ودوره في خلق الحياة الأرض ودوره في حياة الكائنات الحية. فقد أكد القرآن الكريم أنه لا يمكن للحياة أن تظهر بدون الماء مصداقاﹰ لقوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) الأنبياء: 30
          وأكد على أن جميع الكائنات الحية قد خلقت من هذا الماء مصداقاﹰ قوله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) النور: 45
          وقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا) فاطر: 27.
          وبين كذلك طرق توزيع الماء على جميع أرجاء الأرض كما في قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ ۖ أَفَلَا يُبْصِرُونَ) السجدة: 27.
          وأشار كذلك إلى طرق تخزينه في بحيرات على ظاهرها وأحواض في باطنها ومن ثم إخراجه على شكل أنهار وينابيع كما في قوله سبحانه (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) الزمر: 21
          ونبه القرآن البشر إلى أنه من السهل أن يغور الماء الذي ينزل على الأرض في أعماق القشرة الأرضية لولا أن الله قد صمم الطبقات العليا لقشرة الأرض بشكل بارع لكي تحتفظ بالمياه وعلى مسافات قريبة من سطح الأرض لقوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) المؤمنون: 18 وقوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) الملك: 30.
          وأكد القرآن كذلك على أن الماء على اليابسة قد تم توزيعه على جميع أرجائها بحيث يضمن الحياة لكل كائن حي على ظهرها مصداقاﹰ لقوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) الفرقان: 48-50 .
          وأكد القرآن الكريم على أن كمية الماء التي تسقط على اليابسة قد تم تقديرها بشكل بالغ حيث أن الزيادة في كمية الأمطار الساقطة على الأرض قد تؤدي لتدمير الحياة عليها وذلك مصداقاﹰ لقوله تعالى (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ) الزخرف: 11"، وقوله تعالى (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا) الرعد: 17.
          وأكد على الدور المهم الذي تلعبه الرياح في نقل السحاب المحمل بالماء ومن ثم توزيعه على جميع مناطق اليابسة كما في قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الأعراف: 57، وقوله سبحانه (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) الحجر: 22
          وأشار القرآن الكريم كذلك إلى أن حصول خطأ بسيط في مكونات جو الأرض أو تراب الأرض قد يحول الماء العذب إلى ماء حامض أو مالح فقال عز من قائل (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) الواقعة: 68-70
          ولقد أكد القرآن الكريم على أن الحياة منذ نشأتها الأولى احتاجت إلى الماء كعامل أساسي لظهورها حيث ذكر أن الطين كان أول مراحل خلق الكائنات الحية والطين هو التراب المعجون بالماء فقال عز من قائل (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ) السجدة: 7
          إن الدور المهم الذي يلعبه الماء في حياة الكائنات الحية يمكن أن ندركه عندما نقارن حال الأرض قبل وبعد نزول الماء عليها فهي جرداء قاحلة في غياب الماء وخضراء يانعة بعد نزوله عليها وصدق الله العظيم القائل (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) الحج: 5، والقائل سبحانه (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) الحج: 63 والقائل سبحانه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ۖ لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) النحل: 10-11.
          الكاتب: الأستاذ الدكتور منصور ابراهيم أبوشريعة العبادي
          قسم الهندسة الكهربائية-جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، اربد – الأردن
          فمن أين لرسول الله صلى الله عليه وسلم بكل هذه المعلومات التقنية التى لم نعرفها إلا فى قرننا هذا؟ أليس هذا بدليل على أن الله تعالى الخالق هو الذى أوحى إليه هذا القرآن؟ ألا يُضاف هذا إلى إعجاز القرآن فى عصرنا هذا؟
          المراجع
          1- بداية الخلق في القرآن الكريم، د. منصور العبادي، دار الفلاح للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، طبعة 200م.
          2- الماء: تلك المادة العجيبة، تأليف إيغور بتريانوف، ترجمة عيسى مسوح، دار "مير" للطباعة والنشر، موسكو.
          3- الماء والحياة، الأستاذ فراس نور الحق، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
          4- طبيعة الحياة، تأليف فرانسيس كريك، ترجمة أحمد مستجير، عالم المعرفة، أيار 1988م، الكويت.
          5- مصدر بعض الصور الموسوعة الحرة .
          http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=274
          �!�8 �����Xلعالم: “تُنسب هذه الرواية إلى المصدر "الكهنوتى" ... ... والنص يستند إلى علم لا يزال فى عهد الطفولة. فلا حاجة إلى التفنُّن فى إقامة التوافق بين هذه الصور وعلومنا العصرية.”
          أعتقد أن الكاتب لو قصد أن هذا العلم الذى كان “لا يزال فى عهد الطفولة” هو علم الله فهو كافر! ولا يصح أن يُؤخذ عنه دين أو عقيدة أو تفسير. أما إذا كان يقصد تأريخ وتقييم هذه الرواية فى ضوء العلم الحديث فهو ينفى انتساب هذا الكتاب لله!!
          وفى ص71 يقول فى هامشه عن الفقرة 10 إلى 14: “هى توسُّع، ولعل المؤلِّف اليَهْوى هو الذى أدخلها هنا معتمداً مبادىء قديمة عن شكل الأرض.”
          فهل تفهم معنى كلمة (توسُّع) وكلمة (أدخلها) عزيزى القارىء؟ أى إن هذا النص غير موحى إليه، لقد لعبت فيه أيدى الكُتَّاب ومعتقداتهم الشخصية التى قتلوا من أجلها الأنبياء. وهل يُمكننا أن نقول بعد ذلك أن هذا السفر أوحاه الرب، إلا إذا كان هناك إله طفل ذو علم طفولى؟
          ويقول ص77 عن الإصحاح السادس (بنو الله وبنات الناس) “يعود المؤلِّف إلى أسطورة شعبية عن جبابرة (فى العبرية "نفيليم") يُقال إنهم ولدوا من زواج بين كائنات بشرية وكائنات سماوية. وهو لا يبدى رأيه فى قيمة هذا الاعتقاد ويُخفى وجهه الأسطورى، فيقتصر على التذكير بهذا الجنس الوقح من الجبابرة، كمثل للفساد المتزايد الذى سوف يُسبب الطوفان”.
          معنى أن المؤلف (لجأ) إلى أسطورة شعبية، أن هذا الكتاب من تصنيف إنسان وليس الله، وأنه لم يضطر إلى اللجوء لها، إلا جهل منه بحقيقة الأمور أو بناء على نقص أو تضارب معلومات متوفرة لديه. وأعتقد أنكم تؤمنون معى أنه لا يوجد على الأرض أو فى السماء ما يُجبر الخالق على شىء أو يُلجأه إلى علم عبيده؟!! فهذا دليل على أن المؤلف ليس الله!!
          ويُأكِّد المدخل إلى سفر نشيد الأناشيد بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين، على أن ذلك لا علاقة لسليمان به فى ص1378: “ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة”.
          ويقول فى الجامعة 4: 7: “ثم التفتُ فرأيت جميع المظالم التى تُرتكب تحت الشمس، وإذا بدموع المظلومين، ولا مُعزِّى لهم، وفى أيدى ظالميهم قُدرة ولا مُعزِّى لهم، فهنَّأت الأموات الذين ماتوا، ولا الأحياء الذين لا يزالون أحياء. وخير منهم جميعاً من لم يوجد حتى الآن، لأنه لم ير العمل الشرير الذى يُعمَل تحت الشمس”.
          وهذا لم يحدث فى عصر سليمان. لقد كان نبى الله سليمان حاكماً عادلاً، ويُستبعد هذا الظلم أن يكون قد حدث فى عصره، فقد أتى إليه حكماء ورؤساء من كل أنحاء العالم ليتعلموا على يديه الحكمة. الأمر الذى يؤكد أن كاتبه ليس سليمان، ولا يحكى عما حدث فى ملكه. كما أن الكتاب كله ملىء بالحزن والتشاؤم، ومثل هذه النظرة لا نتوقعها من رجل فى عصر سليمان، ولا من أحد معاصريه، حيث ملأ سليمان الأرض التى كان يحكمها عدلاً، فلماذا التباكى؟ وأين هذا الظلم؟
          إذن فهذا الرجل الذى ينقل السفر كلامه غير معروف. ومستحيل أن ينقل نبى الله سليمان أقوال لشخص مجهول أو حتى معلوم ويُدخلها فى وحى الله. فالله لا يحتاج لمساعد فى تكوين كتابه، أو فى بث حكمه. وهذا ما حدا بالمدخل لسفر الجامعة أن يقول: “إن هذا الكتاب غير متجانس، وهذا ما يجعل مطالعته عسيرة”.(ص1360)
          وجعل مقدمة الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق تقول: “إن سفر الجامعة لهو فى الحقيقة أشد أسفار الكتاب المقدس غموضاً وأجدرها فى تضليل القارىء السطحى”.
          وتجرأت مقدمة الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق، فقالت: “يبتدىء الغموض بشخص المؤلف نفسه الذى يدّعى فى الفصل الأول نفسه أنه ابن لداود وملك فى أورشليم. فيبدو لنا وكأن له كل حكمة سليمان وغناه المضروب بهما المثل. وكان يجب أن لا تغش هذه التسمية الوهمية أحداً لأن المؤلف يتكنّى فى ذات الوقت باسم آخر أى "الجامعة". وفى نهاية السفر خلاصة كتبتها يد ثانية تضعه بين "الحكماء"، دون ريب أمثال الذين سيدعون فى زمن الإنجيل معلمى إسرائيل. ثم إن كلمة الجامعة ليست اسم علم حقيقى بل تعنى شخص المؤلف من خلال وظيفته، وهى دون ريب وظيفة معيّنة فى الجماعة”.
          وهذا يعنى أن الكاتب كذَّاب، غشَّاش، مُخادع. فعجباً لكم! كيف تعتبرون كلامه من وحى الله؟

          تعليق


          • #50
            رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

            4) قال تعالى: (وَالسَّمَاْءَ بَنَيْنَاْهَاْ بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوْسِعُوْنَ) الذاريات: 47
            عندما بدأ العلماء باكتشاف الكون أطلقوا عليه كلمة space أي (فضاء)، وذلك لظنهم بأن الكون مليء بالفراغ، ولكن بعدما تطورت معرفتهم بالكون واستطاعوا رؤية بنيته بدقة مذهلة، ورأوا نسيجًا كونيًا cosmic web محكمًا ومترابطًا، بدءوا بإطلاق مصطلح جديد هو (بناء) أي building(16).
            فوجدوا أن السماء بناء محكم التشييد، دقيق التماسك والترابط، وليست فراغًا كما كان يعتقد إلى عهد قريب، وقد ثبت علميًا أن المسافات بين أجرام السماء مليئة بغلالة رقيقة جدًا من الغازات التي يغلب عليها غاز الإيدروجين، وينتشر في هذه الغلالة الغازية بعض الجسيمات المتناهية في الصغر من المواد الصلبة، على هيئة غبار دقيق الحبيبات، يغلب على تركيبه ذرات من الكالسيوم، والصوديوم، والبوتاسيوم، والتيتانيوم، والحديد، بالإضافة إلى جزيئات من بخار الماء، والأمونيا، والفورمالدهايد، وغيرها من المركبات الكيميائية. وبالإضافة إلى المادة التي تملأ المسافات بين النجوم، فإن المجالات المغناطيسية تنتشر بين كل أجرام السماء لتربط بينها في بناء محكم التشييد، متماسك الأطراف، وهذه حقيقة لم يدركها العلماء إلا في القرن العشرين، بل في العقود المتأخرة منه(17).
            إنهم بالفعل بدأوا برؤية بناء هندسي محكم، فالمجرات وتجمعاتها تشكل لبنات هذا البناء، كما بدأوا يتحدثون عن هندسة بناء الكون ويطلقون مصطلحات جديدة مثل الجسور الكونية، والجدران الكونية، وأن هنالك مادة غير مرئية سموها بالمادة المظلمة أي dark matter، وهذه المادة تملأ الكون وتسيطر على توزيع المجرات فيه، وتشكل جسورًا تربط هذه المجرات بعضها ببعض(18).
            ففي أحد الأبحاث التي أطلقها المرصد الأوروبي الجنوبي يصرح مجموعة من العلماء بأنهم يفضلون استخدام كلمة (لبنات بناء من المجرات) بدلًا من كلمة (المجرات)، ويؤكدون أن الكون مزين بهذه الأبنية تمامًا كالخرز المصفوفة على العقد أو الخيط!! ففي هذا البحث يقول بول ميلر وزملاؤه:
            (The first galaxies or rather، the first galaxy building blocks، will form inside the threads of the web. When they start emitting light، they will be seen to mark out the otherwise invisible threads، much like beads on a string.)
            ومعناه: (إن المجرات الأولى أو بالأحرى لبنات البناء الأولى من المجرات، سوف تتشكل في خيوط النسيج، وعندما تبدأ ببث الضوء، سوف ترى وهي تحدد مختلف الخيوط غير المرئية، وتشبه إلى حد كبير الخرز على العقدة)، إن هؤلاء العلماء يرون بناء وزينة، ففي إحدى المقالات العلمية نجد كبار علماء الفلك في العالم يصرحون بعدما رأوا بأعينهم هذه الزينة:
            Scientists say that matter in the Universe forms a cosmic web، in which galaxies are formed along filaments of ordinary matter and dark matter like pearls on a string.
            ومعناه: (يقول العلماء: إن المادة في الكون تشكل نسيجًا كونيًا، تتشكل فيه المجرات على طول الخيوط للمادة العادية والمادة المظلمة مثل اللآلئ على العقد)، إذن هم في أبحاثهم يتساءلون عن كيفية بناء الكون، ثم يقررون وجود بناء محكم، ويتحدثون عن زينة هذا البناء. ويقررون أن الكون يمتلئ بالمادة العادية المرئية والمادة المظلمة التي لا تُرى، أي لا وجود للفراغ أو الشقوق أو الفروج فيه. وفي مطلع الألفية الثالثة دخل علم الفضاء عصرًا جديدًا باستخدام السوبر كومبيوتر، عندما قام العلماء برسم مخطط للكون ثلاثي الأبعاد، وقد كانت النتيجة اليقينية التي توصل إليها العلماء هي حقيقة أن كل شيء في هذه الكون يمثل بناءًا محكمًا(19).
            وعلماء الفلك اليوم يطلقون على مادة الكون مصطلح (النسيج الكوني)، بعدما ثبت لهم أن الكون ذو بنية نسيجية، وقد لا نعجب إذا علمنا أن هنالك علمًا يدرس بناء الكون أو بنيته النسيجية هذه. هذه البنية النسيجية تحدّث عنها القرآن أيضًا بوضوح! ولكن ما هي الآية التي تقرر هذا النوع من بنية الكون؟، نحن نعلم بأن النسيج يُحبك حبكًا ليصبح متينًا وقابلًا للاستعمال، فالإنسان لا يستفيد شيئًا من خيوط النسيج إذا لم تكن محبوكة ومترابطة لتشكل له لباسًا يحتمي به، لذلك نجد القرآن يتحدث عن البنية النسيجية بكلمة واحدة هي (الحُبُك)، يقول تعالى: ﴿وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ [الذاريات: 7].
            إذا نظرنا إلى الكون من الخارج رأينا نسيجًا رائعًا متماسكًا ومحبوكًا بدقة فائقة يتألف من آلاف الملايين من المجرات والغبار الكوني وأشياء يعجز العلم حتى الآن عن إدراكها، كل هذا وصفه الله تعالى بثلاث كلمات ﴿وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ﴾(20).
            الاكتشافات الحديثة تثبت توسع الكون:
            إلى مطلع العقد الثاني من القرن العشرين، ظل علماء الفلك ينادون بثبات الكون وعدم تغيره، في محاولة يائسة لنفي الخلق، والتنكر للخالق سبحانه وتعالى، حتى ثبت عكس ذلك بتطبيق ظاهرة دوبلر على حركة المجرات الخارجة عن مجرتنا، ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر، كان العالم النمساوي دوبلر C.Doppler قد لاحظ أنه عند مرور قطار سريع يطلق صفارته فإن الراصد للقطار يسمع صوتًا متصلًا ذا طبقة صوتية ثابتة، ولكن هذه الطبقة الصوتية ترتفع كلما اقترب القطار من الراصد، وتهبط كلما ابتعد عنه، وفسر دوبلر السبب في ذلك بأن صفارة القطار تطلق عددًا من الموجات الصوتية المتلاحقة في الهواء، وأن هذه الموجات تتضاغط تضاغطًا شديدًا كلما اقترب مصدر الصوت، فترتفع بذلك طبقة الصوت، وعلى النقيض من ذلك، فإنه كلما ابتعد مصدر الصوت تمددت تلك الموجات الصوتية حتى تصل إلي سمع الراصد، فتنخفض بذلك طبقة الصوت.
            كذلك لاحظ دوبلر أن تلك الظاهرة تنطبق أيضًا على الموجات الضوئية، فعندما يصل إلى عين الراصد ضوء منبعث من مصدر متحرك بسرعة كافية، يحدث تغير في تردد ذلك الضوء، فإذا كان المصدر يتحرك مقتربًا من الراصد فإن الموجات الضوئية تتضاغط وينزاح الضوء المدرك نحو التردد العالي (أي نحو الطيف الأزرق)، وتعرف هذه الظاهرة باسم الزحزحة الزرقاء، وإذا كان المصدر يتحرك مبتعدًا عن الراصد، فإن الموجات الضوئية تتمدد وينزاح الضوء المدرك نحو التردد المنخفض (أي نحو الطرف الأحمر من الطيف)، وتعرف هذه الظاهرة باسم الزحزحة الحمراء، وقد اتضحت أهمية تلك الظاهرة عندما بدأ الفلكيون في استخدام أسلوب التحليل الطيفي للضوء القادم من النجوم الخارجة عن مجرتنا في دراسة تلك الأجرام السماوية البعيدة جدًا عنا(21).
            ففي سنة1914 م أدرك الفلكي الأمريكي سلايفر Slipher أنه بتطبيق ظاهرة دوبلر على الضوء القادم إلينا من النجوم في عدد من المجرات البعيدة عنا، ثبت له أن معظم المجرات التي قام برصدها تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات كبيرة، وبدأ الفلكيون في مناقشة دلالة ذلك، وهل يمكن أن يشير إلى تمدد الكون المدرك، بمعنى تباعد مجراته عنا وعن بعضها البعض بسرعات كبيرة؟،وبحلول سنة 1925 تمكن هذا الفلكي نفسه Slipher من إثبات أن أربعين مجرة قام برصدها تتحرك فعلًا في معظمها بسرعات فائقة متباعدة عن مجرتنا (سكة التبانة)، وعن بعضها البعض.
            وفي سنة1929 م تمكن الفلكي الأمريكي الشهير إدوين هبل Edwin Hubble من الوصول إلى الاستنتاج الفلكي الدقيق الذي مؤداه: أن سرعة تباعد المجرات عنا تتناسب تناسبا طرديًا مع بعدها عنا، والذي عرف من بعد باسم قانون هبل Hubble Law وبتطبيق هذا القانون تمكن هبل من قياس أبعاد العديد من المجرات، وسرعة تباعدها عنا، وذلك بمشاركة من مساعده ملتون هيوماسونMilton Humason الذي كان يعمل معه في مرصد جبل ولسون بولاية كاليفورنيا، وذلك في بحث نشراه معًا في سنة 1934 م.
            وقد أشار تباعد المجرات عنا وعن بعضها البعض، إلى حقيقة توسع الكون المدرك، التي أثارت جدلًا واسعًا بين علماء الفلك، الذين انقسموا فيها بين مؤيد ومعارض حتى ثبتت ثبوتًا قاطعًا بالعديد من المعادلات الرياضية والقراءات الفلكية في صفحة السماء.
            ففي سنة1917 م أطلق ألبرت أينشتاين A.Einstein نظريته عن النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية، وأشارت النظرية إلى أن الكون الذي نحيا فيه غير ثابت، فهو إما أن يتمدد أو ينكمش وفقًا لعدد من القوانين المحددة له، وجاء ذلك على عكس ما كان أينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظرية يعتقدون، انطلاقًا من محاولاتهم اليائسة لمعارضة الخلق، وقد أصاب أينشتاين الذعر عندما اكتشف أن معادلاته تنبئ -رغم أنفه- بأن الكون في حالة تمدد مستمر، ولذلك عمد إلى إدخال معامل من عنده أطلق عليه اسم الثابت الكوني، ليلغي حقيقة تمدد الكون من أجل الادعاء بثباته واستقراره، ثم عاد ليعترف بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته.
            وقد قام العالم الهولندي وليام دي سيتر Williamde Sitter بنشر بحث في نفس السنة(1917 م) استنتج فيه تمدد الكون انطلاقًا من النظرية النسبية ذاتها. كذلك في بداية القرن العشرين أثبت عالم الفيزياء والفلك البلجيكي جورج لوميتر، نظريًّا بأن الكون في حركة دائمة، وأنه يتمدَّد، وقد أكَّد هذه الحقيقة عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل عام (1929م)، حيث أثبت أن النجوم والمجرَّات تتحرَّك بعيدًا عن بعضها البعض بشكل دائم، وهذا يعني أنَّ الكون الذي يتحرَّك فيه كل شيء بشكل دائم بعيدًا عن بعضه البعض هو كَوْنٌ متمدِّد بشكل دائم
            ومنذ ذلك التاريخ بدأ الاعتقاد في تمدد الكون يلقى القبول من أعداد كبيرة من العلماء، فقد أجبرت ملاحظات كل من سلايفر (1914م)، ودي سيتر (1917م)، وهبل ومساعده هيوماسون (1934م) جميع الفلكيين الممارسين، وعددًا من المشتغلين بالفيزياء النظرية، وفي مقدمتهم ألبرت أينشتاين، ومجموعة البحث العلمي بجامعة كمبردج، والمكونة من كل من هيرمان بوندي Herman Bondi وتوماس جولد Thomas Gold وفريد هويل Fred Hoyle
            والتي ظلت إلى مشارف الخمسينيات من القرن العشرين تنادي بثبات الكون (22).
            وقد تبين فيما بعد أن المجرات لا تبتعد فقط عنا، بل هي تتباعد فيما بينها كذلك، وهذا يعني أن الكون يتوسع على الدوام(23).
            وجه الإعجاز:
            رأينا كيف تحدثت الآية الكريمة عن حقيقة البناء الكوني في قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ[الذاريات: 47]، وقد ثبُت يقينًا أن البناء الكوني منظم ومعقد ومحكم، وأن في الكون هندسة مبهرة فالكون يحوي أعمدة، ويحوي جسورًا من المجرات، ويحوي كذلك خيوطًا عظمى كل خيط يتألف من آلاف المجرات ويمتد لمئات البلايين من السنوات الضوئية، فسبحان من أحكم هذا البناء وحدثنا عنه قبل أن يكتشفه علماء الغرب بقرون طويلة.
            إن هذا البناء لخصه لنا القرآن بكلمة واحدة ﴿بَنَيْنَاهَا، وهنالك آيات كثيرة في القرآن تؤكد حقيقة البناء الكوني كما ذكرنا ذلك في بداية البحث.
            وهنا يتفوق القرآن على العلم من جديد، فالعلم يتحدث عن (فضاء)، والقرآن يتحدث عن (بناء)، وكلمة (بناء) هي الكلمة الأنسب علميًا لوصف السماء. فسبحان القائل: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا[الفرقان: 33]، والقائل سبحانه:﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزمر: 23] والقائل: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا [النساء: 87].
            وفهمنا من الآية الكريمة أن هذه الكون يتسع باستمرار من بداية خلقه إلى يومنا هذا، فقال تعالى:﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات: 47]، وعبر عن هذا الاتساع باسم الفاعل (مُوسِع)، واسم الفاعل يكون في الأزمنة الثلاثة (الماضي والحال والاستقبال) كما يقرر ذلك علماء اللغة العربية، أي أن هذا الاتساع بدأ في الماضي وهو مستمر في عصر نزول الآية وسيستمر إلى ما شاء الله تعالى، وتوسع الكون حقيقة لم يتمكن الإنسان من إدراكها إلا في الثلث الأول من القرن العشرين، ودار حولها الجدل حتى سلّم بها أهل العلم أخيرا، وقد سبق القرآن الكريم بإقرارها قبل أربعة عشر قرنًا أو يزيد، ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرًا لتلك الإشارة القرآنية الباهرة غير الله الخالق تبارك وتعالى، فسبحان خالق الكون الذي أبدعه بعلمه وحكمته وقدرته، والذي أنزل لنا في خاتم كتبه، وعلى خاتم أنبيائه ورسله صلى الله عليه وسلم عددًا من حقائق الكون الثابتة، ومنها تمدد الكون وتوسعه فقال عز من قائل: ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات: 47]، لتبقى هذه الومضة القرآنية الباهرة مع غيرها من الآيات القرآنية، شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله، وأن سيدنا ونبينا محمدا صلى الله عليه وسلم كان موصولًا بالوحي، معلمًا من قبل خالق السماوات والأرض، وأن القرآن الكريم هو معجزته الخالدة إلى قيام الساعة.
            إرجع إلى موقع المقالة لتتبع المراجع:
            http://www.jameataleman.org/main/art...rticle_no=1711
            5) قال الله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِيْ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاْ ذَلِكَ تَقْدِيْرٌ الْعَزِيْزِ الْعَلِيْمِ) يس: 38
            إن حركة الشمس كانت لغزًا محيرًا لآلاف السنين، فطالما نظر الناس إلى الأرض على أنها ثابتة وأن الشمس تدور حولها، ولكن تبين فيما بعد أن هذا الاعتقاد خاطئ، والسبب في ذلك هو ببساطة أن كتلة الشمس أكبر من كتلة الأرض بأكثر من مليون مرة، وبالتالي لا يمكن للأرض أن تجذب الشمس إليها بل العكس هو الصحيح.
            فالشمس وبسبب كتلتها الكبيرة تجذب جميع الكواكب إليها تمامًا كما تجذب الأرض القمر الذي هو أصغر من الأرض بكثير، ولذلك أيقن العلماء أن الشمس ثابتة والأرض تدور حولها! ولكن هل هذه هي الحقيقة كاملة؟
            لقد اكتشفوا بعد ذلك أن هذه الشمس تنجذب باتجاه مركز مجرتنا (درب التبانة)، بل وتدور حوله بشكل دقيق ومحسوب تتراوح سرعة الشمس في دورانها حول مركز المجرة 200-250 كيلو متر في الثانية. فقالوا إن الشمس تدور حول مركز المجرة، وأخيرًا وجدوا أن للشمس حركة أخرى صعودًا وهبوطًا، لقد أصبح الأمر أكثر تعقيدًا.
            لقد قام العلماء بدراسة حركة الشمس (المجموعة الشمسية) لمعرفة المسار الدقيق الذي ترسمه الشمس أثناء دورانها حول مركز المجرة. وقد وجدوا أن الشمس لا تدور دورانًا بل تجري جريانًا حقيقيًا!! وأن جريانها يشبه جريان الخيل في حلبة السباق!
            لقد وجد العلماء أن للشمس حركتين داخل المجرة: الأولى حركة دورانية حول مركز المجرة، والثانية حركة اهتزازية للأعلى وللأسفل، ولذلك فإن الشمس تبدو وكأنها تصعد وتنزل وتتقدم للأمام! وتتم الشمس دورة كاملة حول مركز المجرة خلال 250 مليون سنة! ويستغرق صعود الشمس وهبوطها بحدود 60 مليون سنة، وهكذا تصعد وتهبط وتتقدم مثل إنسان يجري.
            الجريان باتجاه المستقر
            إن مستقر الشمس هو الاتجاه الذي تجري الشمس والمجموعة الشمسية نحوه. وهذا ما وجد العلماء بعد دراسات معمقة أن الشمس تجري باتجاه محدد أسموه مستقر الشمس أو solar apex ويعرفه الفلكيون كما يلي:
            A point toward which the solar system is moving; it is about 10° southwest of the star Vega.
            أي هو النقطة التي تتحرك الشمس (مع كواكبها) باتجاهها أي بزاوية تميل 10 درجات جنوب غرب نجم النسر بسرعة تقدر بحدود 19.4 كيلو متر في الثانية. المهم أن القرآن قد أشار إلى وجود مستقر ما للشمس في قوله تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38].
            أصبح معروف علميًا بأن الشمس والنجوم التي نراها في الليل (200-400) مليار نجمة تشكل مع بعضها ما يسمى بالمجرة أو ما نسميه "مجرّة درب التبّانة".
            ولكن المجرّات بشكل عام ومثلها مجرتنا تشبه الصحن الذي نأكل منه وتقع شمسنا على أحد أطرافه، وتدور شمسنا حول محور المجرة مرة كل 250 مليون سنة في مسار كما في “البالوعة” حيث تجري شمسنا وتدور حالياً بسرعة تقدّر بـ 800,000 الى 960,000 كيلومتر في الساعة وتقترب شمسنا من مركز المجرة ويتسارع دورانها مع اقترابها من مركز المجرّة.
            في شهر يناير من عام 2009، تم نشر صورة مركّبة لمركز مجرة درب التبانة تم تجميعها مما يقارب الـ 2000 صورة مدمجة تم التقاطها بالأشعة تحت الحمراء من المسبار Hubble والمسبار Spitzer حيث إن رؤية مركز المجرة غير ممكنة بالضوء المرئي بسبب كثافة الدخان. ويَظهر مَركز المجرّة في الجزء الأيمن من اسفل الصورة على شكل غيمة بيضاء.
            توصل علماء الفلك إلى أن مراكز المجرّات ومجرتنا بشكل خاص يحتوي على ثقب أسود -أو أكثر- هائل الكتلة 4.1 – 6 ملايين كتلة الشمس ولكن حجمه يقارب الصفر، ومع إننا لن نستطيع رؤية الثقب الأسود، إلاّ أننا نستطيع أن نرى ما يحدثه عند نقطة الـ “لا عودة” حيث تدور النجوم حول الثقب وبسرعة هائلة بحيث تتفكك النجوم وتصبح كالسحاب قبل ان تستقر في المركز.
            وبالنهاية، وبعد ملايين أو مليارات السنين، فإن شمسنا ستستقر في نفس المكان الذي ستستقر فيه باقي نجوم المجرة.
            جريان النجوم
            من عجائب المقالات التي قرأتها مقالة بعنوان Star Streaming أي "جريان النجوم"، فقد وجد العلماء بعد دراسات طويلة أن النجوم بما فيها الشمس جميعها تتدفق بما يشبه النهر أو الجدول، ووجدتهم يستخدمون كلمة (يجري) أو Stream للتعبير عن حركة الشمس والنجوم، وهي الكلمة القرآنية ذاتها! ووجدتهم يستخدمون كلمة Rest أي المستقر وهي نفس الكلمة القرآنية أيضًا!!
            ويجرى القمر والمجرات أيضًا لقول الله تعالى: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) [الرعد: 2]. ولو تأملنا حركة القمر نلاحظ أنه يرسم مسارًا متعرجًا يشبه مسار الشمس في دورانها حول مركز المجرة.
            وبالتالي يمكننا القول إن القمر أيضًا يجري والأرض تجري والكواكب تجري، وكذلك النجوم تجري... وكذلك السفن عبر الله تعالى عنها أنها تجرى، يقول الله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ) [إبراهيم: 32].
            وهنا نلاحظ أيضًا وجهًا إعجازيًا يتجلى في كلمة (لِتَجْرِيَ) فلو تأملنا حركة السفن في البحر نلاحظ أنها تأخذ شكل الأمواج صعودًا وهبوطًا، ولكن هذه الحركة قد لا تظهر لنا مباشرة، إنما تظهر خلال المسافات الطويلة التي تقطعها السفينة في البحر. وهنا نجد أن التعبير القرآني دقيق علميًا.
            ولذلك فليس غريبًا أن يعبر القرآن عن حركة الشمس بكلمة (تجري) لأن الله تعالى يحدثنا عن الحقائق وهو يراها من أعلى! وليس غريبًا كذلك أن نجد بعض الملحدين يحاولون التشكيك في صحة هذا القرآن، فهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنه الحق، وهذا ما صوَّره لنا القرآن عندما أنكر فرعون آيات الله ومعجزاته وهم يعلمون أنها الحق، فكيف كانت عاقبتهم؟ تأملوا معي قول الحق تبارك وتعالى: (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آَيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 13-14]. عبد الدائم الكحيل www.kaheel7.com
            وعلى ذلك فإن الشمس وهي تجري -أيضًا- فإنه يجري معها أعضاء مجموعتها المرتبطة بها من الكواكب، وكذلك فالشمس تدور حول نفسها وتديرنا حولها، فهي تجري وكواكبها يجرون من حولها إلى أن تستقر حركتها فيستقرون معها، وهذا ما أكده العلم الحديث في مشاهداته الفعلية، وأرضنا التي نعيش عليها ليست إلا كوكبًا من كواكب المجموعة الشمسية التي تجري في ركب الشمس وتنقاد معها وفقًا لتقدير الخالق العزيز العليم، وسوف تستقر حركة الشمس بعد هذا الزمن، وحين تأتي هذه اللحظة سيتوقف الزمان بالنسبة لأهل وسكان المجموعة الشمسية، ولن يدور الزمن دورته، ولن تبقى المادة على حالها كما كان يدّعي الماديون والكافرون والملحدون، فللشمس ميقات ستستقر عنده بأمر خالقها وسينتهي عنده كل شيء، هذا ما أكّده العلم وما تأتي به هذه الآية من خالق الشمس على أن الشمس سوف تستقر بعد هذا الجري الدؤوب، وقد أثبت العلماء أن الشمس كرة من غاز الهيدروجين، وتصل درجة الحرارة في باطنها إلى أكثر من 15 مليون درجة، ويحدث بها أعقد التفاعلات النووية الاندماجية التي سوف تحولها في النهاية من كرة متوهجة إلى كرة مستقرة، ففي هذه الدرجة تندمج ذرتي الهيدروجين المتوهج وتتحولان إلى ذرة من غاز الهليوم الخامل، ويتحول جزء من كتلتي ذرتي الهيدروجين إلى طاقة تزيد الشمس تأججًا وتمنحها الطاقة التي تبعثها إلينا. وقد حاول الإنسان أن يحاكي ما يحدث في الشمس، ولكنه عجز عن هذا، وأدت أبحاثه في هذا المجال إلى اكتشافه للقنابل الهيدروجينية التي تنتج كمًّا هائلًا من الطاقة ينشأ عنها انفجارات مدمرة، وهكذا لم يتمكن البشر إلا في استخدامها للتدمير وليس لعمارة هذا الكون كما يحدث في شمسنا بأمر الله.
            وقد عجز البشر حتى يومنا هذا أن ينتجوا الطاقة الكهربائية باستغلال تفاعلات اندماجية كالتي تحدث في الشمس، وكي ترسل الشمس كل هذه الحرارة فإنها تحرق في كل ثانية 600 مليون طن من مكوناتها من الوقود الهيدروجيني، وهكذا يتحول غاز الهدروجين بعد احتراقه أو اندماجه إلى غاز الهليوم الخامل باستمرار وثبات ودون توقف، على مدى الأيام والقرون والدهور، وينطلق من الشمس مع هذا التحول في كل ثانية كمًّا من الطاقة يكفي ما تحتاجه الأرض لمدة مليون سنة كاملة، ولكن هذا الكمُّ يتوزع على الكون بأكمله ويكون نصيب الأرض من هذا الكمّ قدر محدد لها يكفيها دون زيادة أو نقصان، وهكذا فإن الشمس تتغير وتبدأ من غاز الهيدروجين الذي يجري له أو به هذا الكمّ الهائل من التفاعلات والاندماجات، ثم ينتهي إلى كرة من غاز ساكن أو خامل هو الهليوم، ولا يبقى لها في النهاية وقود يقاوم قوة جذب كتلة هذا الغاز الخامل، فيتقلص نجم الشمس بتأثير وزنه، وتصير الشمس في النهاية قزمًا ساكنًا أبيض، أو ثقبًا أسود في هذا الكون كما حدث في ملايين النجوم الأخرى، التي كانت مثل شمسنا وجرى لها ما سيجري لشمسنا بعد فترة قدّرها العلماء بحوالي 500 مليون سنة كي تتحول إلى هذا القزم الساكن.
            والآن ما الذي يحتفظ للشمس بهذا الجري والتفاعل بهذا الثبات الممتد عبر ملايين السنين التي نشأت أثناءها الحياة على الأرض،والتي تكونت خلالها الأرض؟ إن الشمس لو بردت بأقل عدد من الدرجات عن درجتها الحالية التي تقدر بملايين الدرجات، فسيؤدي هذا إلى انخفاض معدلات الاحتراق بها إلى النصف، وهذا ما يؤكده العلم الحديث، وبهذا تقل الطاقة التي تصل إلى الأرض فتتجمد الأرض، ولو زادت بضع درجات لتضاعفت معدلات الاحتراق وتزيد معها الطاقة التي تصل إلى الأرض فتحترق -أيضًا- الأرض، ثم إذا نظرنا إلى الشمس وهي تحترق وتقل كتلتها بملايين الأطنان في كل ثانية، فلنا أن نتعجب: هل هذا النقص الدائم في كتلة الشمس له الأثر على أفلاك الكواكب من حولها؟
            النظريات العلمية تؤكد أن هذه الأفلاك تتأثر فتبتعد الأرض عن الشمس، ولكن لو حدث هذا فستتجمد الحياة على الأرض، وهذا لم يحدث خلال الملايين من السنين التي هي عمر الأرض. لقد حار العلماء في فهم أسرار هذه الشمس بحيث تظل بهذا الثبات لها ولمن حولها، وجاء هذا النص من الخالق أنه هو الذي قضى عليها بهذا الثبات، فأودع هذا التعبير في كتابه بأرفع المعاني والكلمات {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم}، حقًا إنه عزيز في قدرته وتقديره، عليم يحيط بعلمه كل شيء.
            والعلم لا يستطيع أن يصل إلى سر جريان الشمس بهذا الثبات في تفاعلاتها، وفيمن تجريهم حولها، ويأتي كتاب الله ليعلن أن هذا جاء بتقدير إله قدير {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، هو من صنعه وحده وتقديره وحده وبعلمه وحده، وهذه الكلمات جاءت منه وحده.
            6) قال الله تعالى: (ومَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًَا حَرَجًَا كَأَنَّمَاْ يَصَّعَّدُ فِيْ السَّمَاْءِ) الأنعام: 125
            والآن عندما تركب طائرة وتطير بك وتصعد في السماء بماذا تشعر؟ ألا تشعر بضيق في الصدر؟ فبرأيك من الذي أخبر محمدًا صلى الله عليه وسلم بذلك قبل 1400 سنة؟ هل كان يملك مركبة فضائية خاصة به استطاع من خلالها أن يعرف هذه الظاهرة الفيزيائية؟ أم أنه وحي من الله تعالى؟ وهل لو حرف القرآن الكريم لوصل إلينا بهذا القدر من الإعجاز؟
            7) قال الله تعالى: (وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَاْرَ فَإِذَاْ هُمْ مُظْلِمُوْنَ) يس: 37 ,
            وقال تعالى: (ولَقَدْ زَيَّنَّاْ السَّمَاْءَ الدُّنْيَاْ بِمَصَاْبِيْحَ) الملك: 5
            حسبما تشير إليه الآيتان الكريمتان فإن الكون غارق في الظلام الداكن وإن كنا في وضح النهار على سطح الأرض، ولقد شاهد العلماء الأرض وباقي الكواكب التابعة للمجموعة الشمسية مضاءة في وضح النهار بينما السموات من حولها غارقة في الظلام فمن كان يدري أيام محمد صلى الله عليه وسلم أن الظلام هو الحالة المهيمنة على الكون؟ وأن هذه المجرات والنجوم ليست إلا مصابيح صغيرة واهنة لا تكاد تبدد ظلام الكون الدامس المحيط بها فبدت كالزينة والمصابيح لا أكثر؟ وعندما قُرِأَت هذه الآيات على مسمع أحد العلماء الأمريكيين بهت وازداد إعجابه إعجابًا ودهشته دهشة بجلال وعظمة هذا القرآن وقال فيه لا يمكن أن يكون هذا القرآن إلا كلام مصمم هذا الكون، العليم بأسراره ودقائقه.
            8) قال الله تعالى: (وجَعَلْنَاْ السَّمَاْءَ سَقْفًَا مَحْفُوْظًَا) الأنبياء: 32
            وقد أثبت العلم الحديث وجود الغلاف الجوي المحيط بالأرض والذي يحميها من الأشعة الشمسية الضارة والنيازك المدمرة فعندما تلامس هذه النيازك الغلاف الجوي للأرض فإنها تستعر بفعل احتكاكها به فتبدو لنا ليلا على شكل كتل صغيرة مضيئة تهبط من السماء بسرعة كبيرة قدرت بحوالي 150 ميل في الثانية ثم تنطفئ بسرعة وتختفي وهذا ما نسميه بالشهب، فمن أخبر محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن السماء كالسقف تحفظ الأرض من النيازك والأشعة الشمسية الضارة؟ أليس هذا من الأدلة القطعية على أن هذا القرآن من عند خالق هذا الكون العظيم؟؟؟
            9) قال الله تعالى: (والْجِبَاْلَ أَوْتَاْدًَا) النبأ: 7,
            وقال تعالى : (وأَلْقىَ فِيْ الأَرْضِ رَوَاْسِيَ أَنْ تَمِيْدَ بِكُمْ) لقمان: 10
            بما أن قشرة الأرض وما عليها من جبال وهضاب وصحاري تقوم فوق الأعماق السائلة والرخوة المتحركة المعروفة باسم (طبقة السيما) فإن القشرة الأرضية وما عليها ستميد وتتحرك باستمرار وسينجم عن حركتها تشققات وزلازل هائلة تدمر كل شيء .. ولكن شيئًا من هذا لم يحدث.. فما السبب؟
            لقد تبين منذ عهد قريب أن ثلثي أي جبل مغروس في أعماق الأرض وفي (طبقة السيما) وثلثه فقط بارز فوق سطح الأرض لذا فقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد التي تمسك الخيمة بالأرض كما في الآية السابقة، وقد أُلقِيَت هذه الآيات في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض عام 1979 وقد ذهل البروفيسور الأمريكي (بالمر) والعالم الجيولوجي الياباني (سياردو) وقالا ليس من المعقول بشكل من الأشكال أن يكون هذا كلام بشر وخاصة أنه قيل قبل 1400 سنة؛ لأننا لم نتوصل إلى هذه الحقائق العلمية إلا بعد دراسات مستفيضة مستعينين بتكنولوجيا القرن العشرين التي لم تكن موجودة في عصر ساد فيه الجهل والتخلف كافة أنحاء الأرض. كما حضر النقاش العالم (فرانك بريس) مستشار الرئيس الأمريكي (كارتر) والمتخصص في علوم الجيولوجيا والبحار وقال مندهشًا لا يمكن لمحمد أن يلم بهذه المعلومات ولا بد أن الذي لقنه إياها هو خالق هذا الكون، العليم بأسراره وقوانينه وتصميماته.
            وعلى ذلك لابد أن يكون كلام الله الذى تعهد بحفظه يكون قد وصلنا كما تعهد الله سبحانه وتعالى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فُصِّلَت: 42،وهو دليل على وجود الخالق، ووحيه لمحمد صلى الله عليه وسلم، وبالتالى نبوة الرسول، ووصول القرآن إلينا دون تحريف، وصدق الله تعالى فى حفظه لنا.
            10) قال الله تعالى: (وتَرَى الْجِبَاْلَ تَحْسَبُهَاْ جَاْمِدَةً وهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَاْبِ صُنْعَ اللهِ الَّذِيْ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) النمل: 88
            كلنا يعلم أن الجبال ثابتات في مكانها، ولكننا لو ارتفعنا عن الأرض بعيدًا عن جاذبيتها وغلافها الجوي فإننا سنرى الأرض تدور بسرعة هائلة (100ميل في الساعة) وعندها سنرى الجبال وكأنها تسير سير السحاب أي إن حركتها ليست ذاتية بل مرتبطة بحركة الأرض تمامًا كالسحاب الذي لا يتحرك بنفسه بل تدفعه الرياح، وهذا دليل على حركة الأرض، فمن أخبر محمدًا صلى الله عليه وسلم بهذا؟ أليس الله؟ من الذى أوحى لمحمد صلى الله عليه وسلم، النبى الأمى من أكثر من 1400 سنة هذا الإعجاز؟ أليس هو الله؟
            11) وقال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَاْنِ*بَيْنَهُمَاْ بَرْزَخٌ لاْ يَبْغِيَاْنِ)الرحمن: 19-20
            وقال تعالى: (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) النمل: 61
            وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) الفرقان: 53
            وهذه الحواجز تشبه الحدود المائية بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وبين البحر الأحمر وخليج عدن، وغيرها من بحار العالم. ولقد تبين من خلال الدراسات الحديثة أن لكل بحر صفاته الخاصة به والتي تميزه عن غيره من البحار كشدة الملوحة والوزن النوعي للماء حتى لونه الذي يتغير من مكان إلى آخر بسبب التفاوت في درجة الحرارة والعمق وعوامل أخرى، والأغرب من هذا اكتشاف الخط الأبيض الدقيق الذي يرتسم نتيجة التقاء مياه بحرين ببعضهما وهذا تمامًا ما ذكر في الآيتين السابقتين.
            وأثبتت الدراسات أيضًا أن البحر المتوسط في لقائه مع المحيط الأطلسي عند مضيق جبل طارق بينهما برزخ، ومن خلال التحليل الكيمائي لمياه كل منهما وجدوا أن البحر المتوسط أكثر ملوحة من الأطلسي، وأكثر حرارة، وأثقل منه، ويختلف كل منهما في الكائنات الحية، لذلك تسير مياه المتوسط تحت مياه الأطلسي. كما نشرت بعثة السير جون إمري مع بعثة الجامعة المصرية بعض الملاحظات حول المياه في خليج العقبة، والتي تختلف في خواصها وتركيبها الكيميائي والطبيعي عن المياه في البحر الأحمر.
            وكذلك عندما تلتقي مياه البحر الأسود بمياه المتوسط عند مضيق (البوسفور)، فإنهما يشكلان ماءين متلاصقين فوق بعضهما البعض، مياه البحر الأسود فوق مياه البحر المتوسط، لأن المتوسط أشد ملوحة فهو أثقل من الأسود.
            فإن ماء نهر (الأمازون) الذي يصب في المحيط الأطلسي ، يجعل الماء حلوة إلى مسافة مئات الكيلومترات. وهناك أنهار لا تمتزج مع أنهار أخرى، مثل نهري (الكنج) و(الجامونا) في مدينة (الله آباد) في الهند. وفي باكستان الشرقية أيضاً هناك نهران، يسيران جنباً إلى جنب ولا يمتزجان مع بعضهما ، و يمكن مشاهدة أحدهما منفصلاً عن الآخر، وكأن هناك حداً يفصل بينهما.
            وعندما نوقش هذا النص القرآني مع عالم البحار الأمريكي البروفيسور (هيل) وكذلك العالم الجيولوجي الألماني (شرايدر) أجابا قائلين أن هذا العلم إلهي مئة بالمئة وبه إعجاز بيّن وأنه من المستحيل على إنسان أمي بسيط كمحمد أن يلم بهذا العلم في عصور ساد فيها التخلف والجهل.
            وفى موقع http://www.eajaz.org للدكتور زغلول النجار تجد تفصيلا أكبر لعدم امتزاج مياه البحرين أو لتكون البرزخ بينهما.
            12) قال الله تعالى: (وأَرْسَلْنَاْ الرِّيَاْحَ لَوَاْقِحَ) سورة الحجر: 22
            وهذا ما أثبته العلم الحديث إذ أن من فوائد الرياح أنها تحمل حبات الطلع لتلقيح الأزهار التي ستصبح فيما بعد ثمارًا، فمن أخبر محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن الرياح تقوم بتلقيح الأزهار؟ أليس هذا من الأدلة التي تؤكد أن هذا القرآن كلام الله؟
            13) قال الله تعالى: (كُلَّمَاْ نَضَجَتْ جُلُوْدُهُمْ بَدَّلْنَاْهُمْ جُلُوْدَاً غَيْرَهَاْ لِيَذُوْقُواْ الْعَذَاْبَ) النساء: 56
            وقد أثبت العلم الحديث أن الجسيمات الحسية المختصة بالألم والحرارة تكون موجودة في طبقة الجلد وحدها، ومع أن الجلد سيحترق مع ما تحته من العضلات وغيرها إلا أن القرآن لم يذكرها لأن الشعور بالألم تختص به طبقة الجلد وحدها. فمن أخبر محمدًا بهذه المعلومة الطبية؟ أليس الله ؟؟
            14) قال الله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاْتٍ فِيْ بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاْهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَاْبٌ ظُلُمَاْتٌ بَعْضُهَاْ فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاْ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكُدْ يَرَاْهَاْ ومَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوْرَاً فَمَاْلَهُ مِنْ نُّوْرٍ) النور: 40
            لم يكن بإمكان الإنسان القديم أن يغوص أكثر من 15 متر لأنه كان عاجزًا عن البقاء بدون تنفس أكثر من دقيقتين ولأن عروق جسمه ستنفجر من ضغط الماء وبعد أن توفرت الغواصات في القرن العشرين تبين للعلماء أن قيعان البحار شديدة الظلمة كما اكتشفوا أن لكل بحر لجي طبقتين من المياه، الأولى عميقة وهي شديدة الظلمة ويغطيها موج شديد متحرك وطبقة أخرى سطحية وهي مظلمة أيضًا وتغطيها الأمواج التي نراها على سطح البحر، وقد دهش العالم الأمريكي (هيل) من عظمة هذا القرآن وزادت دهشته عندما نوقش معه الإعجاز الموجود في الشطر الثاني من الآية قال تعالى: (سَحَاْبٌ ظُلُمَاْتٌ بَعْضُهَاْ فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاْ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكُدْ يَرَاْهَاْ) وقال إن مثل هذا السحاب لم تشهده الجزيرة العربية المشرقة أبدًا، وهذه الحالة الجوية لا تحدث إلا في شمال أمريكا وروسيا والدول الاسكندنافية القريبة من القطب والتي لم تكن مكتشفة أيام محمد صلى الله عليه وسلم ولا بد أن يكون هذا القرآن كلام الله.
            15) قال الله تعالى: (غُلِبَتِ الرُّوْمُ * فِيْ أَدْنَى الأَرْضِ) الروم: 2-3
            (أَدْنَى الأَرْضِ) أى البقعة الأكثر انخفاضًا على سطح الأرض، وقد غُلِبَت الروم في فلسطين قرب البحر الميت, ولما نوقشت هذه الآية مع العالم الجيولوجي الشهير (بالمر) في المؤتمر العلمي الدولي الذي أقيم في الرياض عام 1979 أنكر هذا الأمر فورًا وأعلن للملأ أن هناك أماكن عديدة على سطح الأرض أكثر انخفاضًا فسأله العلماء أن يتأكد من معلوماته، ومن مراجعة مخططاته الجغرافية فوجئ العالم (بالمر) بخريطة من خرائطه تبين تضاريس فلسطين وقد رسم عليها سهم غليظ يشير إلى منطقة البحر الميت وقد كتب عند قمته (أخفض منطقة على سطح الأرض) فدهش البروفيسور وأعلن إعجابه وتقديره وأكد أن هذا القرآن لا بد أن يكون كلام الله.
            16) قال تعالى : (يَخْلُقُكُمْ فِيْ بُطُوْنِ أُمَّهَاْتِكُمْ خَلْقَاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِيْ ظُلُمَاْتٍ ثَلاْثٍ) الزمر: 6
            لم يكن محمد طبيبًا، ولم يتسن له تشريح سيدة حامل، ولم يتلقى دروسًا في علم التشريح والأجنة، بل ولم هذا العلم معروفًا قبل القرن التاسع عشر. إن معنى الآية واضح تمامًا وقد أثبت العلم الحديث أن هناك ثلاثة أغشية تحيط بالجنين وهي:
            - أولا: الأغشية الملتصقة التي تحيط بالجنين وتتألف من الغشاء الذي تتكون منه بطانة الرحم والغشاء المشيمي والغشاء السلي وهذه الأغشية الثلاث تشكل الظلمة الأولى لالتصاقها ببعضها.
            - ثانيًا: جدار الرحم وهو الظلمة الثانية.
            ثالثًا:جدار البطن وهو الظلمة الثالثة.
            فمن أين لمحمد صلى الله عليه وسلم بهذه المعلومات الطبية؟‍‍‍‍‍‍‍
            17) قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِيْ سَحَاْبَاً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاْمَاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاْلِهِ ويُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاْءِ مِنْ جِبَاْلٍ فِيْهَاْ مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيْبُ بِهِ مَنْ يَشَاْءُ ويَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاْءُ يَكَاْدُ سَنَاْ بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَاْرِ) النور: 43
            يقول العلماء: يبدأ تكون السحب الركامية بعدة خلايا قليلة كنتف القطن تدفعها الرياح لتدمج بعضها في بعض مشكلة سحابة عملاقة كالجبل يصل ارتفاعها إلى 45 ألف قدم وتكون قمة السحابة شديدة البرودة بالنسبة إلى قاعدتها، وبسبب هذا الاختلاف في درجات الحرارة تنشأ دوامات تؤدي إلى تشكل حبات البرد في ذروة السحابة الجبلية الشكل كم تؤدي إلى حدوث تفريغات كهربائية تطلق شرارات باهرة الضوء تصيب الطيارين في صفحة السماء بما يسمى (بالعمى المؤقت) وهذا ما وصفته الآية تمامًا. فهل لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يأتي بهذه المعلومات الدقيقة من عنده؟

            تعليق


            • #51
              رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

              18) قال الله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ...) الحديد: 25
              بينما لاتتعدي نسبة الحديد في شمسنا ‏0.0037%‏ فإن نسبته في التركيب الكيميائي لأرضنا تصل إلي ‏35,9%‏ من مجموع كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن‏,‏ وعلي ذلك فإن كمية الحديد في الأرض تقدر بأكثر من ألفي مليون مليون مليون طنا‏,‏ ويتركز الحديد في قلب الأرض‏,‏ أو مايعرف باسم لب الأرض‏,‏ وتصل نسبة الحديد فيه إلي‏90%‏ ونسبة النيكل ‏(وهو من مجموعة الحديد‏)‏ إلي ‏9%‏ وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتي تصل إلي ‏5,6%‏ في قشرة الأرض‏.‏
              وإلي أواخر الخمسينيات من القرن العشرين لم يكن لأحد من العلماء إمكانية التصور‏ (‏ولو من قبيل التخيل‏)‏ أن هذا القدر الهائل من الحديد قد أنزل إلي الأرض من السماء إنزالا حقيقيا‏!!‏
              كيف أنزل؟ وكيف تسني له اختراق الغلاف الصخري للأرض بهذه الكميات المذهلة؟ وكيف أمكنه الاستمرار في التحرك بداخل الأرض حتي وصل إلي لبها؟ وكيف شكل كلا من لب الأرض الصلب ولبها السائل علي هيئة كرة ضخمة من الحديد والنيكل يحيط بها وشاح منصهر من نفس التركيب‏,‏ ثم أخذت نسبته في التناقص باستمرار في اتجاه قشرة الأرض الصلبة؟
              لذلك لجأ كل المفسرين للآية الكريمة التي نحن بصددها إلي تفسير: (وأنزلنا الحديد‏)‏ بمعني الخلق والإيجاد والتقدير والتسخير‏,‏ لأنه لما كانت أوامر الله تعالي وأحكامه تلقي من السماء إلي الأرض جعل الكل نزولا منها‏,‏ وهو صحيح‏,‏ ولكن في أواخر القرن العشرين ثبت لعلماء الفلك والفيزياء‏,‏ الفلكية أن الحديد لايتكون في الجزء المدرك من الكون إلا في مراحل محددة من حياة النجوم تسمي بالعماليق الحمر‏,‏ والعماليق العظام‏,‏ والتي بعد أن يتحول لبها بالكامل إلي حديد تنفجر علي هيئة المستعرات العظام‏,‏ وبانفجارها تتناثر مكوناتها بما فيها الحديد في صفحة الكون فيدخل هذا الحديد بتقدير من الله في مجال جاذبية أجرام سماوية تحتاج إليه مثل أرضنا الابتدائية التي وصلها الحديد الكوني‏,‏ وهي كومة من الرماد فاندفع إلي قلب تلك الكومة بحكم كثافته العالية وسرعته المندفع بها فانصهر بحرارة الاستقرار في قلب الأرض وصهرها‏,‏ ومايزها إلي سبع أرضين‏!!‏ وبهذا ثبت أن الحديد في أرضنا‏,‏ بل في مجموعتنا الشمسية بالكامل قد أنزل إليها إنزالا حقيقيا‏.‏
              أولا: إنزال الحديد من السماء
              في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الإيدروجين هو أكثر العناصر شيوعًا إذ يكون أكثر من‏74%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي‏24%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ وأن هذين الغازين وهما يمثلان أخف العناصر وأبسطها بناءً يكوِّنان معًا أكثر من‏98%‏ من مادة الجزء المدرك من الكون‏,‏ بينما باقي العناصر المعروفة لنا وهي ‏(103)‏ عناصر تكون مجتمعة أقل من‏2%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج المنطقي أن أنوية غاز الإيدروجين هي لبنات بناء جميع العناصر المعروفة لنا وأنها جميعا قد تخلقت باندماج أنوية هذا الغاز البسيط مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تعرف باسم عملية الاندماج النووي تنطلق منها كميات هائلة من الحرارة‏,.‏ وتتم بتسلسل من أخف العناصر إلي أعلاها وزنًا ذريًا وتعقيدًا في البناء‏.‏
              فشمسنا تتكون أساسا من غاز الإيدروجين الذي تندمج أنويته مع بعضها البعض لتكون غاز الهيليوم وتنطلق طاقة هائلة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية‏,‏ ويتحكم في هذا التفاعل ‏(‏بقدرة الخالق العظيم‏)‏ عاملان هما زيادة نسبة غاز الهيليوم المتخلق بالتدريج‏,‏ وتمدد الشمس بالارتفاع المطرد في درجة حرارة لبها‏,‏ وباستمرار هذه العملية تزداد درجة الحرارة في داخل الشمس تدريجيا‏,‏ وبازديادها ينتقل التفاعل إلي المرحلة التالية التي تندمج فيها نوي ذرات الهيليوم مع بعضها البعض منتجة نوي ذرات الكربون‏12,‏ ثم الأوكسجين‏16‏ ثم النيون‏20,‏ وهكذا‏.‏
              وفي نجم عادي مثل شمسنا التي تقدر درجة حرارة سطحها بحوالي ستة آلاف درجة مئوية‏,‏ وتزداد هذه الحرارة تدريجيًا في اتجاه مركز الشمس حتي تصل إلي حوالي ‏15‏ مليون درجة مئوية‏,‏ يقدر علماء الفيزياء الفلكية أنه بتحول نصف كمية الإيدروجين الشمسي تقريبا إلي الهيليوم فإن درجة الحرارة في لب الشمس ستصل إلي مائة مليون درجة مئوية‏,‏ مما يدفع بنوي ذرات الهيليوم المتخلقة إلي الاندماج في المراحل التالية من عملية الاندماج النووي مكونة عناصر أعلي في وزنها الذري مثل الكربون ومطلقة كمًا أعلي من الطاقة‏,‏ ويقدر العلماء أنه عندما تصل درجة حرارة لب الشمس إلي ستمائة مليون درجة مئوية يتحول الكربون إلي صوديوم ومغنيسيوم ونيون‏,‏ ثم تنتج عمليات الاندماج النووي التالية عناصر الألومنيوم‏,‏ والسيليكون‏,‏ والكبريت والفوسفور‏,‏ والكلور‏,‏ والأرجون‏,‏ والبوتاسيوم‏,‏ والكالسيوم علي التوالي‏,‏ مع ارتفاع مطرد في درجة الحرارة حتي تصل إلي ألفي مليون درجة مئوية حين يتحول لب النجم إلي مجموعات التيتانيوم‏,‏ والفاناديوم‏,‏ والكروم‏,‏ والمنجنيز والحديد‏ (الحديد والكوبالت والنيكل‏)‏ ولما كان تخليق هذه العناصر يحتاج إلي درجات حرارة مرتفعة جدا لا تتوافر إلا في مراحل خاصة من مراحل حياة النجوم تعرف باسم العماليق الحمر والعماليق العظام وهي مراحل توهج شديد في حياة النجوم‏,‏ فإنها لا تتم في كل نجم من نجوم السماء‏,‏ ولكن حين يتحول لب النجم إلي الحديد فانه يستهلك طاقة النجم بدلا من إضافة مزيد من الطاقة إليه‏,‏ وذلك لأن نواة ذرة الحديد هي أشد نوي العناصر تماسكا‏,‏ وهنا ينفجر النجم علي هيئة مايسمي باسم المستعر الأعظم من النمط الأول أو الثاني حسب الكتلة الابتدائية للنجم‏,‏ وتتناثر أشلاء النجم المنفجر في صفحة السماء لتدخل في نطاق جاذبية أجرام سماوية تحتاج إلي هذا الحديد‏,‏ تماما كما تصل النيازك الحديدية إلي أرضنا بملايين الأطنان في كل عام‏.‏
              ولما كانت نسبة الحديد في شمسنا لاتتعدي‏0.0037%‏ من كتلتها وهي أقل بكثير من نسبة الحديد في كل من الأرض والنيازك الحديدية التي تصل إليها من فسحة الكون‏,‏ ولما كانت درجة حرارة لب الشمس لم تصل بعد إلي الحد الذي يمكنها من انتاج السيليكون‏,‏ أو المغنيسيوم‏,‏ فضلا عن الحديد‏,‏ كان من البديهي استنتاج أن كلا من الأرض والشمس قد استمد ما به من حديد من مصدر خارجي عنه في فسحة الكون‏,‏ وأن أرضنا حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوي كومة من الرماد المكون من العناصر الخفيفة‏,‏ ثم رجمت هذه الكومة بوابل من النيازك الحديدية التي انطلقت إليها من السماء فاستقرت في لبها بفضل كثافتها العالية وسرعاتها الكونية فانصهرت بحرارة الاستقرار‏,‏ وصهرت كومة الرماد ومايزنها إلي سبع أرضين‏:‏ لب صلب علي هيئة كرة ضخمة من الحديد‏(90%)‏ والنيكل‏(9%)‏ وبعض العناصر الخفيفة من مثل الكبريت‏,‏ والفوسفور‏,‏ والكربون‏(1%)‏ يليه إلي الخارج‏,‏ لب سائل له نفس التركيب الكيميائي تقريبا‏,‏ ويكوِّن لب الأرض الصلب والسائل معا حوالي‏31%‏ من مجموع كتلة الأرض‏,‏ ويلي لب الأرض إلي الخارج وشاح الأرض المكون من ثلاثة نطق‏,‏ ثم الغلاف الصخري للأرض‏,‏ وهو مكون من نطاقين‏,‏ وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتي تصل إلي ‏5,6%‏ في قشرة الأرض وهي النطاق الخارجي من غلاف الأرض الصخري‏.‏
              من هنا ساد الاعتقاد بأن الحديد الموجود في الأرض والذي يشكل‏35,9%‏ من كتلتها لابد وأنه قد تكون في داخل عدد من النجوم المستعرة من مثل العماليق الحمر‏,‏ والعماليق العظام والتي انفجرت علي هيئة المستعرات العظام فتناثرت أشلاؤها في صفحة الكون ونزلت إلي الأرض علي هيئة وابل من النيازك الحديدية‏,‏ وبذلك أصبح من الثابت علميًا أن حديد الأرض قد أنزل إليها من السماء‏,‏ وأن الحديد في مجموعتنا الشمسية كلها قد أنزل كذلك إليها من السماء‏,‏ وهي حقيقة لم يتوصل العلماء إلي فهمها إلا في أواخر الخمسينيات‏,‏ من القرن العشرين‏,‏ وقد جاء ذكرها في سورة الحديد‏,‏ ولايمكن لعاقل أن يتصور ورودها في القرآن الكريم الذي أنزل منذ أكثر من أربعة عشر قرنا علي نبي أمي ‏(صلي الله عليه وسلم‏)‏ وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين‏,‏ يمكن أن يكون له من مصدر غير الله الخالق الذي أنزل هذا القرآن بعلمه‏,‏ وأورد فيه مثل هذه الحقائق الكونية لتكون شاهدة إلي قيام الساعة بأن القرآن الكريم كلام الله الخالق‏,‏ وأن سيدنا محمدًا ‏(صلي الله عليه وسلم‏)‏ ما كان ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحي‏*‏ علمه شديد القوي‏.‏
              ثانيا‏:‏ البأس الشديد للحديد
              الحديد عنصر فلزي عرفه القدماء‏,‏ فيما عرفوا من الفلزات من مثل الذهب‏,‏ والفضة‏,‏ والنحاس‏,‏ والرصاص‏,‏ والقصدير والزئبق‏,‏ وهو أكثر العناصر انتشارًا في الأرض ‏(35,9%)‏ ويوجد أساسًا في هيئة مركبات الحديد من مثل أكاسيد‏,‏ وكربونات‏,‏ وكبريتيدات‏,‏ وكبريتات وسيليكات ذلك العنصر‏,‏ ولايوجد علي هيئة الحديد النقي إلا في النيازك الحديدية وفي جوف الأرض‏.‏
              والحديد عنصر فلزي شديد البأس‏,‏ وهو أكثر العناصر ثباتًا وذلك لشدة تماسك مكونات النواة في ذرته التي تتكون من ستة وعشرين بروتونًا‏,‏ وثلاثين نيوترونًا‏,‏ وستة وعشرين إليكترونًا‏,‏ ولذلك تمتلك نواة ذرة الحديد أعلي قدر من طاقة التماسك بين جميع نوي العناصر الأخري‏,‏ ولذا فهي تحتاج إلي كميات هائلة من الطاقة لتفتيتها أو للإضافة إليها‏.‏
              ويتميز الحديد وسبائكه المختلفة بين جميع العناصر والسبائك المعروفة بأعلي قدر من الخصائص المغناطيسية‏,‏ والمرونة ‏(القابلية للطرق والسحب وللتشكل‏)‏ والمقاومة للحرارة ولعوامل التعرية الجوية‏,‏ فالحديد لاينصهر قبل درجة ‏1536‏ مئوية‏,‏ ويغلي عند درجة ‏3023‏ درجة مئوية تحت الضغط الجوي العادي عند سطح البحر‏,‏ وتبلغ كثافة الحديد ‏7,874‏ جرام للسنتيمتر المكعب عند درجة حرارة الصفر المطلق‏.‏
              العلاقة بين رقم سورة الحديد في المصحف الشريف ورقم الآية في السورة بكل من الوزن الذري والعدد الذري للحديد علي التوالي:
              للحديد ثلاثة نظائر يقدر وزنها الذري بحوالي ‏54, 56, 57‏ ولكن أكثرها انتشارًا هو النظير الذي يحمل الوزن الذري ‏56 (55,847).‏
              ومن الغريب أن رقم سورة الحديد في المصحف الشريف هو‏57,‏ وهو يتفق مع الوزن الذري لأحد نظائر الحديد‏,‏ ولكن القرآن الكريم يخاطب المصطفي ‏( صلي الله عليه وسلم‏)‏ في سورة الحجر بقول الحق ‏(‏تبارك وتعالي‏):‏ (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ) ‏الحجر‏: 87
              وواضح من هذه الآية الكريمة أن القرآن الكريم بنصه يفصل فاتحة الكتاب عن بقية القرآن الكريم‏,‏ وبذلك يصبح رقم سورة الحديد ‏(56)‏ وهو الوزن الذري لأكثر نظائر الحديد شيوعًا في الأرض‏,‏ كذلك وصف سورة الفاتحة بالسبع المثاني وآياتها ست يؤكد أن البسملة آية منها ‏(‏ومن كل سورة من سور القرآن الكريم ذكرت في مقدمتها‏,‏ وقد ذكرت في مقدمة كل سور القرآن الكريم ماعدا سورة‏ (‏التوبة‏)‏ وعلي ذلك فإذا أضفنا البسملة في مطلع سورة الحديد إلي رقم آية الحديد وهو‏ (25)‏ أصبح رقم الآية ‏(26)‏ وهو نفس العدد الذري للحديد‏,‏ ولايمكن أن يكون هذا التوافق الدقيق قد جاء بمحض المصادفة لأنها لايمكن أن تؤدي إلي هذا التوافق المبهر في دقته‏,‏ وصدق الله العظيم الذي قال في وصفه للقرآن الكريم‏.‏
              (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء: 82
              19) قال الله تعالى: (وإِنْ يَسْلُبُهُمُ الذُّبَاْبُ شَيْئَاً لاْ يَسْتَنْفِذُوْهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّاْلِبُ والمطْلُوْبُ) الحج: 73
              وقد أثبت العلم الحديث وجود إفرازات عند الذباب بحيث تحول ما تلتقطه إلى مواد مغايرة تمامًا لما التقطته لذا فنحن لا نستطيع معرفة حقيقة المادة التي التقطتها وبالتالي لا نستطيع استنفاذ هذه المادة منها أبدًا. فمن أخبر محمدًا بهذا أيضًا؟ أليس الله عز وجل العالم بدقائق الأمور هو الذي أخبره؟
              20) قال الله تعالى: (ولَقَدْ خَلَقْنَاْ الإِنْسَاْنَ مِنْ سُلاْلَةٍ مِنْ طِيْنٍ*ثُمَّ جَعَلْنَاْهُ نُطْفَةً فِيْ قَرَاْرٍ مَكِيْنٍ*ثُمَّ خَلَقْنا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَاْ الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَاْ الْمُضْغَةَ عِظَاْمَاً فَكَسَوْنَاْ الْعِظَاْمَ لَحْمَاً ثُمَّ أَنْشَأْنَاْهُ خَلْقَاً آخَرَ فَتَبَاْرَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَاْلِقِيْنَ) المؤمنون: 11-13
              وقال تعالى: (يَاْ أَيُّهَاْ النَّاْسُ إِنْ كُنْتُمْ فِيْ رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّاْ خَلَقْنَاْكُمْ مِنْ تُرَاْبٍ ثُمَّ مِنْ نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِن ْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) الحج: 5
              من الآيات الكريمة السابقة يتبين أن خلق الإنسان يتم على مراحل كالتالي:
              1- التراب: ودليل ذلك أن كافة العناصر المعدنية والعضوية التي يتركب منها جسم الإنسان موجودة في التراب والطين والدليل الثاني أنه بعد مماته سيصير ترابًا لا يختلف عن التراب في شيء.
              2- النطفة: وهي التي تخرق جدار البويضة وينجم عن ذلك البيضة الملقحة (النطفة الأمشاج) التي تحرض الانقسامات الخلوية التي تجعل النطفة الأمشاج تنمو وتتكاثر حتى تصبح جنينًا متكاملاً كما في قوله تعالى: (إِنَّاْ خَلَقْنَاْ الإِنْسَاْنَ مِنْ نُّطْفَةٍ أَمْشَاْجٍ) الإنسان: 2
              3- العلقة: بعد الانقسامات الخلوية التي تحدث في البيضة الملقحة تتشكل كتلة من الخلايا تشبه في شكلها المجهري ثمرة التوت (العلقة) والتي تتميز بقدرتها العجيبة على التعلق على جدار الرحم لتستمد الغذاء اللازم لها من الأوعية الدموية الموجودة فيه.
              4- المضغة: تتخلق خلايا المضغة لتعطي براعم الأطراف وأعضاء وأجهزة الجسم المختلفة فهي تتكون إذًا من خلايا مخلقة أما الأغشية المحيطة بالمضغة (الغشاء المشيمي وكذلك الزغابات التي ستتحول إلى الخلاص لاحقًا) فإنها خلايا غير مخلقة، وتحت الدراسة المجهرية تبين أن الجنين في مرحلة المضغة يبدو كقطعة لحم أو صمغ ممضوغ وعليها علامة أسنان وأضراس ماضغة.
              ألا يؤكد هذا قوله تعالى: (مِنْ مُضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) فهل كان لمحمد صلى الله عليه وسلم جهاز (إيكو) عرف من خلاله هذه الحقيقة؟!
              5- ظهور العظام: ثبت علميًا أن العظام تبدأ بالظهور في نهاية مرحلة المضغة وهذا يوافق الترتيب الذي ذكرته الآية (فَخَلَقْنَاْ الْمُضْغَةَ عِظَاْمًَا).
              6- كساء العظام باللحم: لقد أثبت علم الأجنة الحديث أن العضلات (اللحم) تتشكل بعد العظام ببضعة أسابيع ويترافق الكساء العضلي بالكساء الجلدي للجنين وهذا يوافق تمامًا قوله تعالى: (فَكَسَوْنَاْ الْعِظَاْمَ لَحْمَاً).
              عندما يشرف الأسبوع السابع من الحمل على الانتهاء تكون مراحل تخلق الجنين قد انتهت وصار شكله قريب الشبه بالجنين ويحتاج بعض الوقت ليكبر ويكتمل نموه وطوله ووزنه ويأخذ شك له المعروف.
              والآن: هل كان من الممكن لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يدلي بهذه المعلومات الطبية وقد عاش في عصر يسود فيه الجهل والتخلف؟
              لقد أُلقِيَت هذه الآيات العظيمة في مؤتمر الإعجاز الطبي السابع للقرآن الكريم عام 1982 وما إن سمع العالم التايلاندي (تاجاس) المتخصص بعلم الأجنة تلك الآيات حتى أعلن على الفور وبدون تردد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، كما حضر المؤتمر البروفيسور الشهير ( كيث مور) وهو أستاذ كبير في الجامعات الأميركية والكندية وقال (من المستحيل أن يكون نبيكم قد عرف كل هذه التفصيلات الدقيقة عن أطوار تخلق وتصور الجنين من نفسه ولا بد أنه كان على اتصال مع عالم كبير أطلعه على هذه العلوم المختلفة ألا وهو الله) وقد أعلن إسلامه في المؤتمر الذي عقد عام 1983 وسطّر معجزات القرآن باللغة العربية في كتابه الجامعي الشهير الذي يُدَرّس لطلاب الطب في كليات أمريكا وكندا.
              (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) محمد: 24
              يقول الإمام الشعراوى فى تفسير هذه الآية: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء: 82، والحق سبحانه وتعالى حينما يحث المستمعين للاستماع إلى كلامه وخاصة المخالفين لمنهجه أن يتدبروا القرآن، معناه أنه يحب منهم أن يُعملوا عقولهم فيما يسمعون؛ لأن الحق يعلم أنهم لو أعملوا عقولهم فيما يسمعون لانتهوا إلى قضية الحق بدون جدال.
              (لَٰكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ ۖ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا) النساء: 166
              21) قال الله تعالى: (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ) الزخرف: 11
              وقال تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) المؤمنون: 18
              ثم لنقرأ قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أن رسول الله قال: (ما من عام أمطر من عام ولكن يصرفه حيث يشاء، ثم قرأ: "وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا" الفرقان: 50
              عند قراءة الآيتين والحديث الشريف نرى حقيقتين:
              أ ـ الكم المحدود من الهطول السنوي (ما من عام أمطر من عام)
              ب ـ قوله ـ عليه السلام ـ: يصرفه حيث يشاء تعنى توزيع الهطول على سطح الأرض توزيعًا حدده رب العزة بشكل يحقق التوازن النطاقي والإقليمي على سطح الأرض، والتوازن الرطوبي المنطلق لتحقيق مختلف أشكال التوازن المادي والطاقي الأرضي، وعند الله كل شيء بمقدار (وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ) الرعد: 8
              فهل مقدار الخسارة من الماء تساوى مقدار الكسب السنوى منها؟
              إن كمية ما يتبخر سنوياً من المحيطات يعادل (505) ألف كم3، وكمية هطول الأمطار فوق المحيطات (458) ألف كم3، وكمية مياه الأنهار التى تصب فى المحيطات (47) ألف كم3.
              وإذا ما ترجمنا ما سبق إلى أرقام مقدرة بآلاف الكم المكعبة من الماء نجد أن:
              كمية التبخر = كمية الماء الهاطل + كمية مياه الأمطار الصابة فيه
              505 = 458 + 47
              أما بالنسبة للقارات فإن عنصر الكسب يتمثل بكمية الهطول السنوية الذي يتم فوقها والبالغة (119) ألف كم3، إلا أن الخسارة الرطوبية تتجلى في كمية مياه الأنهار الصابة في المحيط العالمي، وتعادل (47) ألف كم3 كما رأينا، وهكذا نجد أن مجموع ما يتبخر سنوياً فوق القارات يعادل (72) ألف كم3 كالآتى:
              كمية المياه الهاطلة (119) = خسارة مياه الأنهار (47) + ما يتبخر (72)
              بعد أن تعرفنا على عناصر التوازن المائي الرطوبي فوق كل من المحيطات واليابسة يمكننا أن نوحدها في معادلة واحدة: (مجموع المفقود من المياه بالتبخر يساوى مجموع المكتسب من الأمطار): (505 + 72 = 458+119)
              راجع موقع إعجاز:
              http://www.eajaz.org/index.php/Scien...ith-(-rained-)
              * * *
              ومازلنا بصدد ادعائهم بتحريف القرآن الكريم:
              ذكرنا بضعة إشارات علمية تؤكد صحة نزول القرآن الكريم من عند الله على رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم. لكن ما رأيك يا سيد رشيد لو أثبت لك بطر يقة أخرى أن القرآن الكريم محفوظ من قبل الله تعالى، فلا حرف يزاد عليه ولا حرف يُنقص منه؟!
              هل تعرف عدد كلمات الكتاب الذى تقدسه؟
              ولو علمت ذلك، ففى أى طبعة تقصد؟ هل فى الطبعة اليونانية ذات النص التقليدى؟ أم فى الطبعة الحديثة التى تعتمد على أقدم المخطوطات؟ أم فى الترجمة؟ وفى أى ترجمة تقصد؟ هل ترجمة الفاندايك البروتستانتية التى تعتمد عليها الكنيسة الأرثوذكسية؟ أم فى الترجمة العربية المشتركة التى وافقت عليها كبرى الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية؟ أم فى الترجمة العربية المبسطة؟ أم فى الترجمة البولسية؟ أم فى أحد التراجم الكاثوليكية؟ أم فى أحد التراجم الإنجليزية أم الفرنسية أم الألمانية؟
              فى الحقيقة لا تعرف، ولا يمكن حصرها لا فيما تسمونه المخطوطات، لأن الكتاب الذى بين يديك مجمع من مخطوطات مختلفة، منها الذى يحتوى على بضعة كلمات، ومنها يحتوى على بضعة إصحاحات أو بضعة أسفار. وحتى الكتاب شبه الكامل مثل السينائية أو الفاتيكانية لم يعتمد عليه اعتماد تام، بل كانت هناك عملية انتقاء بين الأسطر والكلمات. وبأى حال من الأحوال فقد ضاع الأصل، ولا يمكن الوصول إليه بأى حال من الأحوال. وهذا ما قالته مقدمة الترجمة الكاثوليكية بنفسها:
              ففى الوقت الذى يقول فيه القس صموئيل مشرقى فى كتابه (عصمة الكتاب المقدس واستحالة تحريفه) ص31: “كانت هذه هى الدقة المتناهية فى النسخ والحرص الشديد على سلامته من الزيادة أو النقص ، حتى أن الكتبة قديماً كانوا يقومون بِعدِّ الأحرف فى كل سفر ، بل وفى كل صفحة ، مما يجعل التحريف اللفظى فى التوراة مستحيلاً. أما عن العهد الجديد فقد تم نسخه عن المتن الأصلى بنفس الدقة والأمانة التى اشتهر بها نساخ العهد القديم. وقد تمت مقابلة جميع النسخ القديمة ومطابقتها على ترجماتها ، الأمر الذى حقق عدم وجود أى خلاف أو تعارض لا بين هذه الترجمات والأصل ، ولا بين بعضها البعض ، وفضلاً عن ذلك فإن كتابات الآباء وبعضهم عاصر الرسل قد احتوت نصوص العهد الجديد لا المعانى فقط بل والألفاظ حتى لو فرض أن أسفاره فقدت بغتة ، لأمكن جمعها وإعادتها من الشواهد المتفرقة فى كتبهم!!
              وينتهى القس صموئيل مشرقى إلى هذه النتيجة فى ص31-32: “وهكذا تمت عملية نسخ الأسفار المقدسة بدقة هى مضرب الأمثال تؤكد بأنها ما زالت إلى اليوم على صحتها ونزاهتها لم يلحقها أدنى تغيير منذ كتابتها فى صدر المسيحية إلى أن وصلت إلينا كما هى الآن!!”
              ويرد عليه المدخل إلى العهد الجديد بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين (ص13) قائلاً: “ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر ، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصَّاً يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول ، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه”.
              ويبرهن مدخل الكتاب المقدس ص13 وجود هذه الأخطاء قائلاً: “واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير. فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت ، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت ، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه.”
              ويواصل (ص13) قائلاً: “ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحياناً كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ.”
              ويواصل مدخل الكتاب المقدس (ص13) رده على القس صموئيل مشرقى قائلاً: “يُضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحياناً ، عن حُسن نية ، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأً.”
              أما القرآن الكريم فقد حفظه الله تعالى عن طريق حفظ لغته، وتيسير حفظه لملايين من الأطفال والشباب والكبار. فما هو النظام العددي المناسب لهذه المعجزة؟
              كلنا يعلم أننا لكي نحفظ "وثيقة سرية" من التبديل لابد من استخدام نظام تشفير محدد. وبما أن الله تعالى أراد حفظ كتابه ووصوله لنا كما أنزل، فالطريقة المثالية أن يضع فيه نظامًا عدديًا، ويخفي هذا النظام عن عباده حتى يأتي العصر المناسب فيسخّر الله من عباده من يستخرج هذا النظام، ويثبت للعالم أن القرآن الذي بين أيدنا اليوم هو ذاته الذي أنزله الله على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
              والنظام العددي ينبغي أن يقوم على رقم محدد (مثلاً يعتمد الكمبيوتر في عمله على النظام الثنائي)، وبالنسبة لكتاب الله تعالى فإن الرقم المناسب هو الرقم "سبعة" لأسباب عديدة أهمها أن الله تعالى وضع نظاماً في الكون يقوم على الرقم سبعة، فكل ذرة من ذرات الكون تتألف من سبع طبقات. والأرض التي نعيش عليها تتألف من سبع طبقات، والسماء التي فوقنا تتألف من سبع سموات...
              والقرآن يبدأ بسورة هي أعظم سورة وهي تتألف من سبع آيات (وهي السبع المثاني)، وأول رقم ذُكر في القرآن هو الرقم سبعة في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 29]. والطواف سبعة أشواط، والسجود يجب أن يكون على سبعة أعضاء... ومن جحد هذه الحقائق فإن جزاءه جهنم ذات الأبواب السبعة، يقول تعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) [الحجر: 44].
              وبالتالي عندما يحدث أي تحريف أو زيادة أو نقصان فإن هذا النظام سيختل، ولن نحصل على أي نظام عددي. أي أن وجود نظام يشمل آيات القرآن وسوره وكلماته وحروفه هو الدليل المادي في هذا العصر على أن القرآن لم يحرّف.
              تعتمد فكرة هذه المعجزة العددية على مبدأ بسيط جدًا، وهو أننا عندما نقوم "بصفّ" الأعداد التي تعبّر عن السور أو الآيات أو الكلمات أو الحروف، فإن الأعداد الناتجة دائماً تقبل القسمة على سبعة من دون باق، أي أن هذه الأعداد من مضاعفات الرقم سبعة!
              أما طريقة عدّ الكلمات والحروف فهي سهلة جدًا وتعتمد على الحروف كما نراها مرسومة في كتاب الله تعالى دون اعتبار العلامات التي جاءت لاحقاً مثل الهمزة والمدّ والشدة ...، أي نعدّ الحروف حسب الرسم الأول للقرآن كما كُتب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يثبت أن الصحابة الكرام لم ينقصوا أو يزيدوا حرفاً واحداً في كتاب الله، ولو حدث ذلك لاختفى النظام العددي الذي أودعه الله في هذا القرآن.
              إثبات أن عدد الآيات والسور لم يُحرَّف
              كلنا يعلم أن عدد سور القرآن هو 114 سورة، وعدد آيات القرآن هو 6236 آية. وبالطبع نعتمد على المصحف الموجود بين أيدينا وهو مصحف المدينة المنورة. أما ما يُسمّى بقراءات القرآن فهذا موضوع آخر وفيه إعجاز ليس محله هنا. وهناك عدد مهم أيضاً لا يمكن تجاهله وهو عدد سنوات نزول القرآن وهو 23 سنة.
              لقد أودع الله في هذه الأعداد الثلاثة نظاماً عددياً يعتمد على الرقم سبعة بطريقة مدهشة. فعندما نقوم بصفّ هذه الأعداد بترتيب محدد (الأكبر فالأصغر) ينتج عدد كيفما قرأناه نجده من مضاعفات الرقم سبعة، وإليكم شرح هذا المثال.
              بلغة الكلمات نقول: إن الله تعالى أنزل سور القرآن الـ 114 في 23 سنة.
              بلغة الأرقام نكتب: إن العدد الناتج من صف العددين 114 و 23 هو 23114 هذا العدد من مضاعفات السبعة بالاتجاهين.
              فعندما نقرأ العدد من اليسار إلى اليمين يكون 23114 = 7 × 3302
              وعندما نقرأ العدد من اليمين إلى اليسار يكون 41132 = 7 × 5876
              لاحظوا معي أن الأعداد الناتجة صحيحة ولا يوجد فيها كسور، ويمكن القول لو حدثت زيادة أو نقصان في عدد سور القرآن لاختل هذا النظام. ولكن قد يقول قائل: ما الذي يضمن لي أن هذا النظام لم يأت بالمصادفة؟ الجواب أن هذا النظام ينطبق على عدد الآيات أيضاً!
              ونقول بلغة الكلمات: إن الله تعالى أنزل آيات القرآن الـ 6236 في 23 سنة.
              أما بلغة الأرقام فنضع الأرقام فقط: 6236 و 23 ويصبح العدد الناتج من صف هذين العددين هو 236236 وهو من مضاعفات الرقم سبعة بالاتجاهين أيضاً.
              فعندما نقرأ العدد من اليسار إلى اليمين يكون 236236 = 7 × 33748
              وعندما نقرأ العدد من اليمين إلى اليسار يكون 632632 = 7 × 90376
              والآن لو قلنا بلغة الكلمات: إن الله أنزل 6236 آية ووضعها في 114 سورة.
              يمكن أن نعبر عن هذه الحقيقة بلغة الأرقام ونضع الأرقام فقط: 6236 و 114 ويكون العدد الناتج من صف هذين العددين هو 1146236 وهو عدد مؤلف من سبع مراتب وهو من مضاعفات الرقم سبعة بالاتجاهين.
              فعندما نقرأ العدد من اليسار إلى اليمين يكون 1146236 = 7 × 163748
              وعندما نقرأ العدد من اليمين إلى اليسار يكون 6326411 = 7 × 903773
              وهنا يمكن القول لو فكر أحد الصحابة أو من جاء بعدهم بإضافة آية أو حذفها لاختلت المعادلات السابقة، ولذلك فإن هذه المعادلات دليل على أن القرآن لم يحرّف.
              انظروا معي أيها الأحبة كيف تتكرر القاعدة ذاتها في جميع الحالات، وهذه لا يمكن أن تكون مصادفة، لأن المصادفة لا تتكرر بهذا الشكل، بل هو إحكام إلهي أودعه الله في كتابه ليكون برهاناً لكل من في قلبه شك من هذا القرآن.
              إثبات أن عدد الكلمات والحروف لم يحرّف
              القرآن الكريم يحوي أكثر من سبعة وسبعين ألف كلمة، ولا يمكن دراسة هذا العدد الضخم في بحث واحد، ولكن يكفي أن نأخذ أول كلمة وآخر كلمة في القرآن لندرك أن القرآن كتاب كامل، ولا يمكن أن ينقص منه شيء لأن النظام العددي سيختل.
              كلنا يعلم أن أول آية في القرآن هي (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) وآخر آية في القرآن هي (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)، وقد وضع الله في حروف هاتين الآيتين النظام العددي ذاته ليدلنا على أن القرآن كتاب كامل من أول آية وحتى آخر آية.
              فنحن نقول بلغة الكلمات: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
              ولكن بلغة الأرقام نعبّر عن كل كلمة بعدد حروفها كما يلي: 3 4 6 6 أي نحن أمام عدد هو: 6643 وهذا العدد من مضاعفات السبعة فهو يساوي:
              6643 = 7 × 949
              ولكن هل هذه مصادفة وكيف نتأكد أنها ليست مصادفة؟ والجواب أن ننتقل لآخر آية في القرآن، ونكتب بلغة الكلمات : مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
              ولكن بلغة الأرقام نعبّر عن كل كلمة بعدد حروفها كما يلي: 2 5 1 5 أي نحن أما عدد هو 5152 وهو من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً، حيث يمكن أن نقول:
              5152 = 7 × 736
              لاحظوا معي أن القاعدة ذاتها تنطبق على أول آية وآخر آية في القرآن. ولكن هل ينطبق هذا النظام على أول كلمة وآخر كلمة في القرآن؟ لنبحث عن النظام العددي لتكرار هاتين الكلمتين في القرآن.
              فأول كلمة في القرآن هي (بِسْمِ) تكررت في القرآن 22 مرة، وآخر كلمة في القرآن هي (النَّاسِ)، وقد تكررت في القرآن 241 مرة، ويمكن أن نعبر عن هاتين الكلمتين بلغة الأرقام بوضع الأعداد فقط: 22 241 ويتشكل لدينا العدد 24122 وهو من مضاعفات الرقم سبعة، أي:
              24122= 7 × 3446
              ولكن قد يأتي من يقول إن أول كلمة نزلت من القرآن هي (اقرأ) وآخر كلمة نزلت (لا يُظلمون) في قوله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281]، وعندما نبحث عن كلمة (اقرأ) نجد أنها تكررت 3 مرات في القرآن، أما كلمة (يُظْلَمُونَ) فقد تكررت 15 مرة، ومن خلال أول كلمة لخص لنا الله تعالى "العلم"، وفي آخر كلمة أشار الحق تبارك وتعالى إلى "العدل" فهو لا يظلم الناس شيئاً. والعلم والعدل أساس استمرار أي حضارة على وجه الأرض، ولا تزول إلا عندما يختل هذين المقياسين.
              وعندما نرتب هاتين الكلمتين حسب ترتيبهما في القرآن نلاحظ أن كلمة (لَا يُظْلَمُونَ) [سورة البقرة] جاءت قبل كلمة (اقرأ) [سورة العلق]، ليؤكد لنا الله تعالى على أن العدل أهم من العلم، ولنجد بلغة الأرقام أن الكلمة الأولى تكررت 15 مرة والثانية 3 مرات والعدد الناتج من صف هذين الرقمين هو 315 وهو من مضاعفات الرقم سبعة كما يلي:
              315 = 7 × 45
              وأخيراً فإن أول سورة في القرآن جاء رقمها 1 وآخر سورة جاء رقمها 114 ولكي نضمن أنه لا توجد زيادة ولا نقصان فإننا نجد إشارة عددية في هذين الرقمين 1 و 114 فعندما نصفّ العددين نحصل على عدد جديد هو 1141 وهو من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
              1141= 7 × 163
              ونستطيع أن نقول: لو أن أحداً من الصحابة رضوان الله عليهم، فكّر بإضافة أو حذف كلمات من القرآن لا ختل هذا البناء العددي المحكم، ولذلك فإن القرآن وصلنا سليماً وكاملاً كما أنزله الله على قلب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
              1- كم عدد الآيات التى تبدأ بكلمة الله؟ 49، وهو حاصل 7 x 7
              هناك آيتان تكرر اسم (الله) في كل منهما 4 مرات:
              - الآية الأولى تتحدث عن إنزال القرآن بالتفصيل والملفت للانتباه أن اسم (الله) تكرر فيها 4 مرات.. العجيب أن ترتيب هذه الآية بين الآيات المعروضة هو 23 ، والعجيب أن رقم هذه الآية في القرآن هو 23 وهو نفس عدد سنوات نزول القرآن.. والآية تتحدث عن نزول القرآن!!
              - الآية الثانية تكرر فيها اسم (الله) أربع مرات وهي في سورة النور... تأملوا ترتيب هذه الآية بين الآيات المعروضة هو 14أي 7 × 2 ورقم هذه الآية في القرآن هو 35 أي 7 × 5 والعجيب أن المجموع 14 + 35 = 49 عدد تكرار اسم (الله) في هذه الآيات!!
              2- تكرار كلمة (قرآن) في سور ق
              سورة ق بدأت بحرف القاف وذلك في قوله تعالى: (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ) [ق: 1]، والعجيب أننا لو بحثنا عن تكرار حروف كلمة (قرآن) في هذه السورة فسوف نجد:
              ق ر ا ن
              57 52 206 112
              والمجموع هو عدد من مضاعفات الرقم سبعة:
              427 = 7 × 61
              3- تكرار حروف (المدثر) في سورة المدثر
              نزلت سورة المدثر على الحبيب صلى الله عليه وسلم في بداية الرسالة، والعجيب أن حروف كلمة (المدثر) وهو النبي، تكررت بطريقة مذهلة في سورة المدثر! فحرف الألف تكرر 162 مرة في هذه السورة، حرف اللام تكرر 104 مرات، حرف الميم تكرر 71 مرة، حرف الدال تكرر 26 مرة، حرف الثاء تكرر 10 مرات وحرف الراء تكرر 68 مرة. هل تعلمون كم هو مجموع هذه الأعداد؟ إنه العدد 441 وهذا العدد من مضاعفات العدد 63 أي :
              ا ل م د ث ر
              162 104 71 26 10 68
              المجموع = 441 = 63 ×7 = 7 × 7 × 9
              وبطريقة أخرى يمكن أن نكتب نفس العدد كما يلي: 441 = 63 × 7 المفاجأة أن العدد 63 هو عمر النبي الكريم؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم هو المدثر وجاءت حروف كلمة (المدثر) من مضاعفات العدد 63 وهو عمر النبي الكريم.
              مع ملاحظة أن عدد آيات سورة المدثر هو 56 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
              56 = 7 × 8
              وعدد كلمات سورة المدثر هو 287 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
              287 = 7 × 41
              عدد حروف سورة المدثر هو 1015 وهو أيضاً من مضاعفات السبعة:
              1015 = 7 × 145

              تعليق


              • #52
                رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                4- اسم (أحمد) في سورة الصف
                لقد بشر المسيح عليه السلام بنبي يأتي من بعده اسمه أحمد فقال: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف: 6]. والعجيب أن حروف اسم (أحمد) صلى الله عليه وسلم تكررت في هذه السورة بطريقة سباعية، لنكتب الحروف وتحت كل حرف تكراره في هذه السورة:
                أ ح م د
                138 13 75 19
                عندما نقوم بجمع هذه الأعداد نجد: 138 + 13 + 75 + 19 = 245
                هذا العدد من مضاعفات السبعة:
                245 = 7 × 7 × 5
                كذلك فإن حروف اسم (محمد) صلى الله عليه وسلم تكررت بنفس الطريقة، لنكتب كل حرف وتكراره في سورة الصف بنفس الطريقة:
                م ح م د
                75 13 75 19
                ومجموع هذه الأعداد هو: 75 + 13 + 75 + 19 = 182
                والعدد 182 من مضاعفات السبعة أي: 182 = 7 × 26
                والسؤال: هل هذه مصادفة أن تتكرر حروف اسم (محمد) واسم (أحمد) بنفس النظام السباعي؟
                5- اسم (يوسف ) واسم (محمد) في سورة يوسف
                نتابع هذه الرحلة في سورة سيدنا يوسف عليه السلام ونبحث عن تكرار حروف (يوسف) لنجد:
                ي و س ف
                612 487 166 198
                المجموع = 1463 = 7 × 209 = 7 × 11 × 19
                أي أن حروف (يوسف) تكررت في سورة يوسف بنظام يقوم على الرقم سبعة، والآن ماذا عن اسم (محمد) هل يبقى النظام قائماً؟
                دعونا نبحث عن حروف الميم والحاء والدال في سورة يوسف لنجد:
                م ح م د
                488 101 488 141
                المجموع: 1218 = 7 × 174
                أي أن حروف (محمد) تكررت في سورة يوسف بنظام يقوم على الرقم سبعة أيضاً.. فسبحان الله!
                6- اسم (محمد) في سورة البلد
                لنتابع بنفس الطريقة ونبحث عن تكرار كل حرف من حروف (محمد) في سورة البلد وهي السورة التي خاطب الله بها النبي الكريم: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ) [البلد: 1-2]. وسوف نجد:
                م ح م د
                27 9 27 14
                المجموع = 77 = 7 × 11
                إذاً مجموع تكرار حروف اسم (محمد) في سورة البلد من مضاعفات السبعة.
                7- اسم (محمد) في سورة التحريم
                على نفس الطريقة نبحث عن تكرار حروف اسم (محمد) في سورة التحريم وهي السورة التي خاطب الله بها نبيه فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التحريم: 1]. لنكتب الحروف وتحت كل حرف تكراره في سورة التحريم:
                م ح م د
                84 16 84 19
                المجموع = 203 = 7 × 29
                إذاً مجموع تكرار حروف اسم (محمد) في سورة التحريم من مضاعفات السبعة.
                8- تكرار كلمة (قرآن) في سور ق
                سورة ق بدأت بحرف القاف وذلك في قوله تعالى: (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ) [ق: 1]، والعجيب أننا لو بحثنا عن تكرار حروف كلمة (قرآن) في هذه السورة فسوف نجد:
                ق ر ا ن
                57 52 206 112
                والمجموع هو عدد من مضاعفات الرقم سبعة:
                427 = 7 × 61
                9- اسم سورة الكافرون والرقم سبعة
                سورة الكافرون من السور القصيرة جداً ومع ذلك نجد فيها معجزة تقوم على الرقم سبعة. فلو بحثنا عن تكرار حروف كلمة (الكافرون) نجد:
                ا ل ك ف ر و ن
                19 8 3 1 1 8 9
                المجموع هنا من مضاعفات السبعة بل هو سبعة في سبعة:
                49 = 7 × 7
                10- سورة النبأ والرقم سبعة
                لنكتب حروف كلمة (النبأ) وتكرار هذه الحروف في سورة النبأ:
                ا ل ن ب أ
                174 70 61 39 174
                المجموع: 174 + 70 + 61 + 39 + 174 = 518
                وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
                518 = 7 × 74

                11- سورة الطور والعددين 7 و17
                بنفس الطريقة نكتب كلمة (الطور) وتحت كل حرف تكراره في سورة الطور:
                ا ل ط و ر
                178 114 7 119 58
                المجموع: 476 = 7 × 17 × 4
                ولو أخذنا كلمة (وَالطُّورِ) وهي الآية الأولى في سورة الطور نجد مجموع تكرار حروفها = 595 وهذا العدد أيضاً من مضاعفات العددين 7 و17:
                595 = 7 × 17 × 5
                سبحان الله...
                12- سورة عبس والرقم 7
                بنفس الطريقة نكتب كلمة (عبس) وتحت كل حرف تكراره في سورة عبس:
                ع ب س
                13 19 10
                المجموع من مضاعفات الرقم سبعة:
                42 = 7 × 6
                13- أم الكتاب ... سورة الفاتحة
                لو بحثنا عن حروف عبارة (أم الكتب) وهو اسم لسورة الفاتحة نجد وبنفس الطريقة تكرار الحروف في سورة الفاتحة:
                ا م ا ل ك ت ب
                22 15 22 22 3 3 4
                المجموع من مضاعفات الرقم سبعة:
                91 = 7 × 13
                لو بحثنا تكرار حروف (قرآن) في سورة الفاتحة نجد:
                ق ر آ ن
                1 8 22 11
                المجموع من جديد يقبل القسمة على سبعة:
                42 = 7 × 6
                أما حروف لفظ الجلاله أي الألف واللام والهاء فهو أيضاً من مضاعفات السبعة:
                ا ل ه
                22 22 5
                والمجموع = 49 = 7 × 7
                14- سورة الضحى والرقم 7
                عدد كلمات سورة الضحى هو 49 كلمة أي 7 × 7 وإذا قمنا بعدّ حروف كلمة (الضحى) في سورة الضحى نجد:
                ا ل ض ح ي
                28 18 3 2 19
                المجموع هو عدد من مضاعفات السبعة:
                70 = 7 × 10
                كذلك لو بحثنا في سورة الضحى التي نزلت على النبي الكريم لتواسيه وتقول له بأن ربه لا ينساه ولا يتركه .. فإن حروف اسم (محمد) قد تكررت في سورة الضحى كما يلي:
                م ح م د
                10 2 10 6
                المجموع هو عدد من مضاعفات الرقم سبعة:
                28 = 7 × 4
                لو بحثنا الآن عن حروف كلمة (قرآن) في سورة الضحى نجد:
                ق ر آ ن
                2 8 28 4
                المجموع أيضاً عبارة عن عدد من مضاعفات السبعة:
                42 = 7 × 6
                15- سورة القارعة والرقم 7
                نبحث عن حروف كلمة (القارعة) في سورة القارعة نجد:
                ا ل ق ا ر ع ه
                31 11 4 31 8 5 15
                والمجموع: 105 = 7 × 15
                16- سورة النجم والرقم 7
                نبحث عن تكرار اسم سورة النجم في حروف هذه السورة لنجد:
                ا ل ن ج م
                263 147 113 12 109
                المجموع: 263 + 147 + 113 + 12 + 109 = 644
                وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
                644 = 7 × 23 × 4
                17- اسم محمد (ص) في سورة الإسراء
                كيف تكررت حروف اسم (محمد) صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء التي نزلت على النبي الكريم وتحدثت عن الإسراء به إلى المسجد الأقصى، لنكتب حروف اسم (محمد) وتحت كل حرف تكراره في سورة الإسراء:
                م ح م د
                441 88 441 143
                المجموع: 1113
                هذا العدد من مضاعفات الرقم سبعة:
                1113 = 7 × 159
                لا حظوا معي أن أول حرف من اسم (محمد) وهو حرف الميم تكرر في هذه السورة 441 وهذا العدد يساوي: 441 = 7 × 63 عمر النبي الكريم!
                18- اسم محمد (ص) في سورة القيامة
                كيف تكررت حروف اسم (محمد) صلى الله عليه وسلم في سورة القيامة ؟ لنكتب حروف اسم (محمد) وتحت كل حرف تكراره في هذه السورة المباركة:
                م ح م د
                40 5 40 6
                المجموع: 40 + 5 + 40 + 6 = 91
                وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
                91 = 7 × 13
                19- اسم سورة الرعد والرقم 7
                هذه النتائج تؤكد لنا بأن أسماء السور فيها إعجاز.. إذاً هي ليس من اجتهاد البشر بل هي وحي من رب البشر سبحانه وتعالى. دعونا نكتب حروف (الرعد) وتحت كل حرف تكراره من سورة الرعد:
                ا ل ر ع د
                557 476 135 99 77
                المجموع: 557 + 476 + 135 + 99 + 77 = 1344
                وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
                1344 = 7 × 192
                20- تكرار الم في سورة الروم
                لنتأمل تكرار حروف الألف واللام والميم في سورة الروم وهي السورة التي بدأت بقوله تعالى: (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ) [الروم: 1-2]. فحرف الألف تكرر في سورة الروم 493 مرة وحرف اللام فقد تكرر 390 مرة وحرف الميم تكرر في سورة الروم 314 مرة. لنكتب الحروف وتكرار كل حرف في السورة:
                ا ل م
                493 390 314
                المجموع هو 1197 = 7 × 9 × 19
                نلاحظ أن الله تعالى جعل تكرار حروف (الم) تشكل عدداً من مضاعفات الرقم سبعة وهو الرقم المعجز في القرآن، وكذلك من مضاعفات الرقم 19 عدد حروف البسملة. ليدلنا على أن الله عز وجل هو من أنزل القرآن الكريم.
                21- هناك آيات تبدأ بحرف القاف .. وآيات تنتهي بحرف القاف، ولكن ما هي أكثر آية ذكر فيها حرف القاف وتبدأ بحرف القاف؟
                (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار) [الرعد: 16]. نلاحظ أن حرف القاف تكرر عشر مرات (باللون الأحمر) في هذه الآية الكريمة.
                ثم ما هي أكثر آية ذكر فيها حرف القاف وتنتهي بحرف القاف؟
                إنها قوله تعالى: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّوَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) [آل عمران: 181]. المفاجأة أن هذه الآية أيضاً تحوي عشرة حروف قاف.. والسؤال: هل هذه مصادفة؟
                22- عمر النبي (محمد) في سورة محمد (صلى الله عليه وسلم)
                لو درسنا سورة محمد وتأملنا حروف اسم (محمد) صلى الله عليه وسلم نجد الحروف تتكرر في هذه السورة بطريقة معجزة، فحرف الميم تكرر 223 مرة في هذه السورة، حرف الحاء تكرر 23 مرة وحرف الدال تكرر 35 مرة، دعونا نكتب الحروف وتكرارها:
                م ح م د
                223 23 223 35
                المذهل أن مجموع هذه الحروف هو: 223 + 23 + 223 + 35 = 504
                وهذا العدد من مضاعفات العدد 63 كما يلي: 504 = 63 × 8
                هل تعلمون ماذا يعني العدد 63 ؟ إنه عمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ ونتساءل: هل هذه مصادفة أم دليل على صدق هذا النبي الكريم؟
                وهذا يعني أن حروف اسم (محمد) تكررت في سورة محمد بحيث تشكل عدداً من مضاعفات عمر النبي الكريم أي 63 وهذا يديل على أن كل حرف وضع في القرآن بتقدير من الله عز وجل.
                23- سورتا "الشورى" و"ق" وعدد ورود حرف القاف فيهما
                تذكر أن في القرآن سورتان تبدآن بأحرف مقطعة وهما: سورة الشورى (حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الشورى: 1-3]، وسورة ق التي تبدأ بالآية (ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ) [ق: 1]. إذاً كلتا السورتين بدأتا بافتتاحية تحوي حرف القاف.
                وكلتا السورتان بدأتا بالحديث عن القرآن والوحي.. وسبحان الله لو قمنا بعد حروف القاف في السورة الأولى أي سورة الشورى وجدنا حرف القاف يتكرر 57 مرة.. وبنفس العدد نجد حرف القاف يتكرر في سورة ق 57 مرة أيضاً.. تأملوا هذا التوازن العددي على الرغم من أن سورة الشورى أطول بكثير من سورة ق!!
                ولكن المذهل حقاً أن مجموع القاف في السورتين هو 57 + 57 = 114 عدد سور القرآن.. ولا ننسى أن ككلتا السورتين بدأتا بالحديث عن القرآن بعد حرف القاف مباشرة... ونعود فنسأل: هل هذه مصادفة؟
                24- لا أحد يشك بأن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم عاش 63 عاماً.. ولا أحد يشك بأن المهمة الأساسية للنبي صلى الله عليه وسلم كانت: القرآن! قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) [الكهف: 110]، والسؤال: هل هناك علاقة مادية ملموسة بين النبي الكريم وبين القرآن؟
                إن العدد الذي يميز حياة النبي الكريم هو العدد 63 (عمر النبي صلى الله عليه وسلم)، ولكن القرآن يتميز بأكثر من عدد.. فقد ثبت أن عدد حرف القرآن هو 322604 حرفاً، وذلك حسب الرسم الأول، أي كما كُتب بين يدي النبي الكريم.. وعدد كلمات القرآن هو 77432 كلمة، أما عدد آيات القرآن فهو 6236 آية حسب المصحف الإمام الموجود بين أيدينا اليوم.. وعدد سور القرآن هو 114 سورة.
                عندما نقوم بصف الأعداد المميزة للقرآن (الأكبر فالأصغر) أي الحروف ثم الكلمات ثم الآيات ثم السور 322604-77432-6236-114 وهذا هو الترتيب المنطقي لصف الأعداد نجد عدداً ضخماً هو: 114623677432322604 هذا العدد من مرتبة الألف مليون مليون.. فهو عدد كبير جداً ولكن ما علاقة هذا العدد بعمر النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم؟
                بعد تحليل هذا العدد رياضياً يتبين أن هذا العدد من مضاعفات العدد 63 فهو يساوي:
                114623677432322604 = 63 × 1819423451306708
                إذاً العدد الذي يمثل حروف وكلمات وآيات وسور القرآن مصفوفاً.. من مضاعفات العدد 63 عمر النبي الكريم.. ولكن هل هذه مصادفة؟
                دعونا الآن نجمع أرقام العدد ذاته.. أي العدد 114623677432322604 بعملية جمع بسيطة للأرقام المفردة نجد المفاجأة:
                4+0+6+2+2+3+2+3+4+7+7+6+3+2+6+4+1+1 = 63 وهو عمر النبي!!
                ولكن هذا ليس كل شيء... فحياة النبي الأعظم كانت على مرحلتين مرحلة ما قبل النبوة وتتميز بالعدد 40 وهو عمر النبي وقت نزول الوحي (ما قبل النبوة).. ومرحلة النبوة وهي 23 سنة حتى وفاته عليه الصلاة والسلام (ما بعد النبوة).
                دعونا نجمع الأرقام المفردة للحروف والكلمات: 322604-77432 سوف نجد المفاجأة:
                4+0+6+2+2+3+2+3+4+7+7 = 40 وهو عمر النبي (قبل النبوة) وقت نزول الوحي!!!
                والآن ماذا عن العددين الباقيين أي الآيات والسور: 6236-114 دعونا نجمع أرقامهما لنجد المفاجأة المذهلة:
                6+3+2+6+4+1+1 = 23 وهو مرحلة النبوة الشريفة.
                أول حرف وآخر حرف في القرآن
                لكي ننفي احتمال أي مصادفة دعونا نكتب عدد حروف القرآن ولكن بطريقة جديدة. فإذا قمنا بترقيم حروف القرآن كاملاً فإننا نجد أول حرف فيه رقمه 1 وآخر حرف فيه سيأخذ الرقم 322604 والمفاجأة أننا عندما نصف هذين الرقمين بهذا الترتيب أي 1 – 322604 نجد عدداً جديداً هو 3226041 هذا العدد ما علاقته بعمر النبي الكريم؟ دعونا نتأمل:
                3226041 = 63 × 51207 هل هذه مصادفة أن ترتبط حروف القرآن بعمر النبي الكريم؟؟
                أول آية وآخر آية في القرآن
                إذا قمنا بترقيم آيات القرآن بأرقام تسلسلية سوف نجد أن أول آية رقمها 1 وآخر آية رقمها 6236 والعجيب أننا لو جمعنا رقم أول آية وآخر آية وفق هذا النظام سوف نجد:
                1 + 6236 = 6237 ما هذا الرقم؟
                6237 = 63 × 99 عمر النبي – عدد الأسماء الحسنى
                وهنا من جديد نتساءل: هل هذه مصادفة أن ترتبط آيات القرآن بعمر النبي الكريم؟؟
                25- هل تعلم أن عدد ورود اسم الله تعالى فى القرآن يشير إلى التوحيد؟
                لقد ورد اسم (الله) بصيغ مختلفة (الله – فالله – تالله – لله – بالله...) وهذه الكلمة تكررت بالضبط 2699 مرة.. وهو عدد أولي لا يقبل القسمة إلى على نفسه وعلى واحد.. لأن الله واحد!
                ولكن هناك شيء مذهل وهو أن عدد صيغ اسم (الله) في القرآن هو سبعة !! لنكتب صيغ اسم (الله) وكل صيغة كم مرة تكررت في القرآن كله كما يلي:
                1- الله تكررت في القرآن 2395 مرة
                2- لله تكررت في القرآن 143 مرة
                3- تالله تكررت في القرآن 9 مرات
                4- فالله تكررت في القرآن 6 مرات
                5- بالله تكررت في القرآن 139 مرة
                6- فلله تكررت في القرآن 6 مرات
                7- أبالله تكررت في القرآن 1 مرة واحدة
                المجموع 2699 مرة .. هل هذه مصادفة ؟
                26- من عجائب سورة مريم
                سورة مريم عدد الكلمات 1084 وإذا استثنينا كهيعص يصبح عدد الكلمات 1083 هو عدد تكرار حروف مريم في السورة:
                م ر ي م
                287 167 342 287
                المجموع = 1083 = 19 × 19 × 3 ورقم سورة مريم هو 19
                تكرار حروف الحروف المميزة التي بدأت بها هذه السورة (كهيعص) كما يلي:
                ك ه ي ع ص
                137 174 342 117 26
                المجموع = 796 وإذا استثنينا كهيعص يصبح المجموع 791 = 7 × 113
                وإذا قمنا بعد حروف كهيعص وحروف البسملة سوف يصبح عدد مرات تكرار حروف كهيعص هو 798 حرفاً وهذا العدد يساوي:
                798 = 7 × 114 والعدد 114 هو عدد سور القرآن!!!
                أكثر سورة في القرآن ذكر فيها اسم (الرحمن) هي سورة مريم حيث تكرر اسم (الرحمن) 16 مرة، لذلك دعونا نبحث عن حروف اسم (الرحمن) في سورة مريم:
                ا ل ر ح م ن
                655 385 167 63 287 340
                المجموع من مضاعفات السبعة:
                1897 = 7 × 271
                27- سورة الغاشية والعدد 19
                كلمة (الغشيه) كتبت في القرآن من دون ألف ولو بحثنا عن تكرار هذه الحروف في سورة الغاشية نجد:
                ا ل غ ش ي ه
                58 35 3 2 44 29
                وهنا نجد المجموع من مضاعفات الرقم 19 فالسورة تتحدث عن طريقة عذاب أهل النار وكما نعلم النار عليها تسعة عشر ملكاً قال تعالى: (عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) [المدثر: 30].
                171 = 19 × 9
                28- كلمة (بينة) في سورة البينة
                نتابع رحلتنا ونبحث في حروف سورة البينة عن تكرار حروف كلمة (بينة) ونكتب التكرار كما يلي:
                ب ي ن ه
                13 36 34 31
                والمفاجأة هنا أن المجموع هو 114 = 19 × 6 والعدد 114 هو عدد سور القرآن الكريم!!
                29- سورة فاطر والرقم 19
                إذا بحثنا عن تكرار حروف كلمة (فاطر) في سورة فاطر نجد ما يلي:
                ف ا ط ر
                93 521 8 157
                المجموع هو من مضاعفات الرقم 19 كما يلي:
                779 = 19 × 41
                30- سورة الفتح واسم (محمد) والعددين 7 و19
                بنفس الطريقة نبحث عن تكرار حروف كلمة (الفتح) في سورة الفتح لنجد:
                ا ل ف ت ح
                358 319 63 83 31
                المجموع من مضاعفات الرقم سبعة:
                845 = 7 × 122
                ولكن بما أن هذه السورة نزلت على النبي الكريم تبشره بالفتح فقد تكررت حروف اسم (محمد) بطريقة رائعة، لنكتب الحروف وتحت كل حرف تكراره في سورة الفتح:
                م ح م د
                202 31 202 59
                المجموع هنا هو 202 + 31 + 202 + 59 = 494
                وهذا العدد من مضاعفات العددين 19 و13 كما يلي:
                494 = 19 × 13 × 2
                وسبحان الله، تستمر المعجزة ولا تكاد تنتهي ففي كل السور والآيات معجزات تقوم على هذه الأعداد لتشهد على صدق القرآن الكريم.
                31- سورة النمل والعدد 19
                سورة النمل هي السورة الوحيدة فيها بسملة مرقمة بعد الفاتحة وهي الآية رقم 30 يقول تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) [النمل: 30]، لو بحثنا الآن عن تكرار حروف كلمة (النمل) في سورة النمل نجد:
                ا ل ن م ل
                767 528 422 396 528
                أكثر حرف تكرر هو الألف ثم اللام ثم النون ثم الميم... بنفس ترتيب حروف كلمة (النمل) والعجيب أن المجموع هو عدد من مضاعفات الرقم 19:
                2641 = 19 × 139
                لاحظوا معي أن الناتج يتألف من عددين: العدد 19 يمثل حروف البسملة * والعدد 139 يمثل حروف الفاتحة... سبحان الله.
                لنكتب الآن تكرار حروف كلمة (قرآن) في سورة النمل:
                ق ر آ ن
                120 192 767 422
                المجموع من جديد من مضاعفات العدد 19:
                1501 = 19 × 79
                مع أن سورة النمل تبدأ بالحروف المميزة (طس) والعجيب أن حرف الطاء تكرر 27 مرة بنفس رقم سورة النمل، وحرف السين تكرر 93 مرة بنفس عدد آيات سورة النمل.. ولكن هناك إعجاز لحروف (الم) أيضاً فلو يحثنا عن تكرار هذه الحروف في سورة النمل نجد:
                ا ل م
                767 528 396
                المجموع: 767 + 528 + 396 = 1691
                وهذا العدد من مضاعفات العدد 19:
                1691 = 19 × 89
                32- سورة الشرح والعدد 19
                لو اتبعنا نفس الأسلوب السابق وقمنا بعد حروف كلمة (الشرح) في سورة الشرح سوف نجد:
                ا ل ش ر ح
                16 7 1 13 1
                المجموع من مضاعفات الرقم 19:
                38 = 19 × 2
                33- سورة النور والرقم 19
                هناك عبارة مهمة جداً في كتاب الله تعالى وهي: (نور على نور) هذه العبارة تكررت حروفها في سورة النور بطريقة معجزة أيضاً. لنكتب حروف العبارة وتحت كل حرف تكراره من سورة النور:
                ن و ر ع ل ي ن و ر
                434 474 174 179 717 493 343 474 174
                لنجمع هذه الأعداد ونحصل على العدد 3553 وهذا العدد من مضاعفات الرقم 19:
                3553 = 19 × 187
                34- اسم (محمد) في سورة الدخان
                بنفس الطريقة نكتب حروف هذا الاسم وتكرار كل حرف في سورة الدخان:
                م ح م د
                147 14 147 15
                المجموع: 147 + 14 + 147 + 15 = 323
                هذا العدد من مضاعفات العددين 19 و17 :
                = 17 × 19
                35- سورة الجن والرقم 19
                آخر آية في سورة الجن وردت فيها كلمة تشير إلى الإحصاء وأن الله تعالى أحصى كل شيء عدداً.. دعونا نتأمل حروف هذه الكلمة (عددا) وكيف تكرر كل حرف في سورة الجن:
                ع د د ا
                37 54 54 216
                المجموع: 37 + 54 + 54 + 216 = 361
                العجيب أن هذا العدد يساوي 19 × 19 سبحان الله!
                36- اسم (الله) في حروف القرآن
                لو بحثنا عن حروف اسم (الله) تعالى في القرآن وكتبنا تكرار كل حرف في القرآن كله نجد:
                ا ل ل ه
                52655 38102 38102 17194
                المجموع: 146053 وهذا العدد من مضاعفات الرقم 19 :
                146053 = 19 × 7687 .. سبحان الله !
                37- سورة الناس وإعجاز الرقم 7
                وسوف نرى إعجاز العدد 7 جليًا واضحًا في سورة الناس التي أنزلها الله للاستعاذة من إبليس وشره:
                1) تتكرر حروف كلمة الناس كاتالى:
                ا ل ن س
                18 12 9 10
                18 + 12 + 9 + 10 = 49 = 7 × 7 سبحان الله!
                والآن ندرك أهمية العدد 49 ولماذا نرمي الشيطان بهذه الحصيات، فهذه السورة نزلت للاستعاذة من إبليس (الوسواس الخناس) وهي نزلت للناس جميعاً وتكرر عدد حروف كلمة (الناس) 49 مرة، وعدد الحصيات التي نرمي بها إبليس هو 49 مرة... هل هذه مصادفة؟ إذاً لنتأمل الحقيقة التالية.
                2) وهناك علاقة بين أول سورة (الفاتحة) وآخر سورة (الناس)، فعندما نبحث عن حروف (الله) في سورة الفاتحة نجد أن عددها 49 حرفاً أي 7 × 7 بالتمام والكمال!! فحرف الألف تكرر في سورة الفاتحة 22 مرة وحرف اللام تكرر في سورة الفاتحة 22 مرة وحرف الهاء تكرر 5 مرات والمجموع:
                22 + 22 + 5 = 49 = 7 × 7 سبحان الله!
                فهذا "توقيع" من الله تعالى على أنه هو من أنزل هذه السورة العظيمة!

                تعليق


                • #53
                  رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                  الإعجاز فى كلمات القرآن:
                  1) رأينا الإعجاز في الحروف فماذا عن الكلمات وهل يمكن أن نجد معجزة عددية في كلمات السورتين؟ إن عدد كلمات أول سورة في القرآن ( الفاتحة) هو 29 كلمة، وعدد كلمات آخر سورة في القرآن (الناس) هو 20 كلمة والمفاجأة أن مجموع الكلمات هو:
                  29 + 20 = 49 = 7 × 7 سبحان الله!
                  لاحظوا معي أن البسملة هي آية من سورة الفاتحة وليست آية من سورة الناس، ولذلك نعدها في الفاتحة ولا نعدها في الناس... ولولا ذلك لاختلت هذه الحسابات، فانظر معي إلى دقة هذا الكتاب العظيم، وأنه لو نقصت منه آية أو زادت، بل لو زاد حرف أو نقص آخر لاختل هذا البناء الرقمي الرائع!
                  2) والآن لنجري هذه المقارنة المنطقية: ماذا يعني أن نجد أول سورة في القرآن تتحدث عن الله ويأتي عدد حروف اسم (الله) فيها7 × 7 مرة؟ وماذا يعني أن نجد آخر سورة في القرآن وهي سورة الناس تتكرر فيها حروف كلمة (الناس) 7 × 7 مرة؟ ماذا يعني أن تبدأ الرسالة بـ (بسم الله...) وتنتهي بـ (الناس)؟ إنه يعني أن الله تعالى يريد أن يعطينا إشارة خفية إلى أن:
                  هذا القرآن هو رسالة موجَّهة من الله ... إلى ... الناس...
                  فبدأ هذه الرسالة بسورة (وهي سورة الفاتحة وتحدث فيها عن نفسه) وكرر حروف اسمه (الله) 49 مرة... وختم هذه الرسالة بسورة (وهي سورة الناس وعلَّم الناس فيها كيف يستعيذون من شر إبليس) وكرَّر فيها حروف (الناس) 49 مرة... بالله عليكم هل هذه مصادفة، أم تأكيد من الله عز وجل على صدق رسالته للناس جميعاً؟!
                  38- تكرر قول الله تعالى (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان) فى سورة الرحمن 31 مرة. فهل فى هذا إعجاز؟
                  كان تكرار هذه الآية على هذا النحو مدخلاً للمشككين يدَّعون من خلالها أن القرآن كتاب فيه الكثير من الآيات المتكررة، لأن محمدًا كان ينسى ما كتبه فيكرر الآية! وسبحان الله! لو كان محمد صلى الله عليه وسلم هو من كتب سورة (الرحمن) فلماذا كرّر الآية ذاتها 31 مرة، وما هي الحكمة من ذلك؟ لقد أودع الله بعض الأسرار في هذه الآيات لتكون معجزة لكل ملحد أو مكذب في هذا العصر!
                  وقد حاول المشككون جاهدين انتقاد القرآن بزعمهم أنه يحوي تكرارات لا معنى لها، فلماذا تتكرر الآية ذاتها 31 مرة، ألا يكفي مرة واحدة؟
                  فهنالك علاقة رياضية مذهلة أساسها الرقم سبعة، هذه العلاقة هي تأكيد من الله تعالى أنه لا تكرار في كتاب الله بل إعجاز وتناسق وإحكام.
                  وأرقام الآيات هي:
                  13 16 18 21 23 25 28 30 32 34 36 38 40 42 45 47 49 51 53 55 57 59 61 63 65 67 69 71 73 75 77
                  طريقة صف الأرقام
                  فنضع أرقام الآيات بجانب بعضها ونقرأها دون أن نغير فيها أي شيء:
                  252321181613 77757371696765636159575553514947454240383634323028
                  هذا العدد الضخم الذي يمثل أرقام الآيات حيث وردت (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان) من مضاعفات الرقم سبعة! أي أننا إذا قسمنا العدد على سبعة ينتج عدد صحيح بلا فواصل. وهذا يدل على أن الله تعالى قد وضع أرقام الآيات بحيث تتناسب مع الرقم سبعة. ولكن ما هو الإثبات على أن هذا التناسق لم يأت بالمصادفة؟
                  قراءة العدد باتجاه معاكس
                  الآية تتحدث عن الإنس والجن وتخاطبهما وتذكرهما بنعم الله تعالى عليهما، ولو تأملنا العدد جيداً نجد أن معكوسه من مضاعفات الرقم سبعة. فلو قرأنا هذه العدد الضخم والذي يمثل أرقام الآيات الإحدى والثلاثين باتجاه معاكس، أي من اليمين إلى اليسار لوجدنا عدداً هو: 769617375777
                  31618112325282032343638304245474941535557595163656
                  وهذا العدد عندما نعالجه نجده أيضًا من مضاعفات الرقم سبعة! إذًا العدد الذي يمثل أرقام الآيات ينقسم على سبعة باتجاهين، وكيفما قرأناه. وسؤالنا: أليست هذه النتيجة المذهلة دليلاً صادقًا على أنه لا تكرار في القرآن, بل نظام مُحكَم ومتكامل؟
                  لا مصادفة في كتاب الله
                  ولكن قد يأتي أيضاً من يدعي بأن هذه صدفة، وهذا ما دعاني لطرح السؤال: لماذا تكررت الآية 31 مرة وليس 32 مرة، ما الحكمة من العدد 31، وهل هناك تناسق سباعي آخر؟ ولذلك فقد قمتُ بترقيم الآيات الـ 31 بشكل تسلسلي، أي 1-2-3-4-5......31 أي نبدأ بالرقم 1 وننتهي بالرقم 31 ، وقد وجدتُ بأنه يتشكل لدينا عدد ضخم هو:
                  1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 1819 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31
                  ولو تأملنا هذا العدد نجده من مضاعفات الرقم سبعة! ولو قمنا بعكس هذا العدد أي قرأناه من اليمين إلى اليسار فسوف يتشكل عدد هو:
                  12345678901112131415161718191021222324252627282920 313
                  وهذا العدد أيضاً من مضاعفات الرقم سبعة، وهنا ينتفي احتمال المصادفة إذ لا يُعقل أن تأتي جميع هذه التناسقات مع الرقم سبعة بالمصادفة!
                  وهنالك ملاحظة لطيفة وهي أن الكلمة الوحيدة في القرآن والتي تشير إلى الإنس والجن وهما الثقلين، هي قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ)[الرحمن: 31]، فهل هنالك علاقة بين رقم هذه الآية وبين عدد مرات تكرار الآية التي خاطب الله فيها هذين الثقلين: (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان)؟ إن رقم هذه الآية هو 31 من سورة الرحمن! أي أن تكرار الآية التي خاطب الله فيها الإنس والجن 31 مرة هو ذاته رقم الآية التي خاطب الله فيها الثقلين وهما الإنس والجن، فتأمل هذا التناسق، هل جاء مصادفة؟
                  والنتيجة
                  - أرقام الآيات حيث وردت الآية الكريمة (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان) جاءت لتشكل عدداً من مضاعفات السبعة بالاتجاهين.
                  - العدد التسلسلي من 1 وحتى 31 أيضاً جاء ليشكل عدداً من مضاعفات السبعة بالاتجاهين.
                  ولا نملك إلا أن نقول سبحان الذي أحكم هذه الأعداد ورتبها ليؤكد لكل من يشك بهذا القرآن أن القرآن ليس كتاب تكرارات بل هو كتاب المعجزات! وهو القائل: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93].
                  38- هل فى عدد فروض الصلاة وعدد الركعات إعجاز عددى مع آيات الرحمن؟
                  فعدد الصلوات المفروضة 5 وعدد الركعات المفروضة هو 17 وبما أن العدد سبعة هو عدد له أسرار عظيمة وهو محور الإعجاز، فإننا دائماً نجد تناسقات مبهرة مع هذا الرقم.
                  إذا وضعنا عدد الصلوات مع عدد الركعات يتشكل عدد من مضاعفات السبعة كما يلي:
                  عدد الصلوات المفروضة عدد الركعات المفروضة
                  5 17
                  والعدد 175 هو 7 × 5 × 5 أي هو عدد يرتبط بالرقم سبعة وبالرقم خمسة (عدد الصلوات).
                  عدد الركعات المفروضة في كل وقت يرتبط مع الرقم سبعة أيضاً، لنتأمل:
                  الفجر الظهر العصر المغرب العشاء
                  2 4 4 3 4
                  إن العدد 43442 من مضاعفات الرقم سبعة:
                  43442 = 7 × 6206
                  ولو بدأنا من صلاة العصر، لأنها الصلاة الوسطى، تبقى النتيجة ذاتها:
                  العصر المغرب العشاء الفجر الظهر
                  4 3 4 2 4
                  والعدد من مضاعفات السبعة مرتين:
                  42434 = 7 × 7 × 866
                  وقد بدأنا الترتيب من صلاة الصبح وصلاة العصر لأن الله تعالى أكد على أهمية الصلاة الوسطى فقيل إنها صلاة الفجر، وقيل إنها صلاة العصر، وفي كلتا الحالتين تأتي الأرقام محكمة ومنضبطة مع الرقم سبعة!
                  التناسق العجيب بين عدد الركعات المفروضة وعدد سور القرآن
                  القرآن يحوي 114 سورة، والعجيب أننا نجد تناسقًا سباعيًا بين عدد الركعات المفروضة وبين عدد سور القرآن، فلو قمنا بصف كلا العددين نجد:
                  عدد الركعات المفروضة عدد سور القرآن
                  17 114
                  والعدد الناتج هو 11417 من مضاعفات الرقم سبعة مرتين:
                  11417 = 7 × 7 × 233
                  التناسق العجيب بين مدة نزول القرآن وعدد سوره
                  كذلك وبما أن القرآن نزل في 23 سنة فإننا نجد علاقة بين عدد سور القرآن وعدد سنوات نزول القرآن كما يلي:
                  عدد سور القرآن عدد سنوات نزول القرآن
                  114 23
                  والعدد 23114 من مضاعفات السبعة:
                  23114 = 7 × 3302
                  التناسق العجيب بين مدة نزول القرآن وعدد الركعات المفروضة
                  كذلك نجد ارتباطًا سباعيًا بين عدد الركعات المفروضة وعدد سنوات نزول القرآن كما يلي:
                  عدد الركعات المفروضة عدد سنوات نزول القرآن
                  17 23
                  والعدد 2317 من مضاعفات الرقم سبعة:
                  2317 = 7 × 331
                  يستحيل التحريف مع دقة ترتيب آيات القرآن وحروفه رياضيًا
                  ولكن هناك علاقة أكثر تعقيدًا تتجلى في سور القرآن العظيم وترتبط بالعدد 17 والعدد 7 بشكل مذهل. فأرقام السور تبدأ من 1 في سورة الفاتحة وتنتهي بالرقم 114 وهي سورة الناس، وقد رأينا من قبل تناسقاً سباعياً بين أول سورة وآخر سورة كما يلي:
                  رقم أول سورة في القرآن رقم آخر سورة في القرآن
                  1 114
                  والعدد 1141 من مضاعفات السبعة:
                  1141 = 7 × 163
                  والحقيقة أن العدد 17 له أسرار في القرآن فأول آية رقمها 17 في القرآن هي الآية: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) [البقرة: 17]. هذه الآية التي رقمها 17 عدد كلماتها 17 أيضًا وقد قمنا بتلوين الكلمات كل كلمة بلون مختلف لتسهيل عملية العد.
                  لقد تكرر الأمر الإلهي (أقِم الصلاة) خمس مرات بعدد الصلوات المفروضة، وآخر مرة ورد هذا الأمر على لسان سيدنا لقمان عليه السلام عندما قال لابنه وهو يعظه: (يَبُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَوةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان: 17]. لاحظ عزيزي القارئ أن رقم الآية هو 17 وعدد كلماتها هو 17 أيضاً!!! والعجيب أن عدد حروف هذه الآية كما كُتبت في القرآن هو 17 × 4 حرفاً! هذه الآية تتألف من 17 حرفاً عدا المكرر!
                  الغريب أخي القارئ أن مجموع عدد كلمات هذه الآية مع عدد حروفها هو: 17 + 68 = 85 وهذا العدد يساوي بالضبط عدد الصلوات المفروضة في عدد الركعات المفروضة:
                  85 = 5 × 17
                  ونتذكر أخي القارئ أن هذه الآية موجودة في سورة لقمان وهذه السورة هي السورة رقم 17 في السور التي تبدأ بحروف مقطعة (الم). ولا ننسى أننا نبدأ بعد البسملة بقوله تعالى (الحمد لله رب العلمين) وهذه الآية تتألف من 17 حرفاً، وأخيراً لا نملك إلا أن نقول سبحان الله!
                  39- وهناك إعجاز فى القرآن للرقم 19، فأول آية في القرآن في سورة الفاتحة والمعروفة بالبسملة تتكون من 19 حرفًا.
                  40- يتكون القرآن من 114 سورة و114 = 6 x 19
                  41- يحتوى القرآن على 6234 آية مرقمة و112 آية غير مرقمة (البسملات والبسملة في سورة الفاتحة مرقمة) و6234+ 112 = 6346 = 19 x 334 ولاحظ أيضا أن مكونات الرقم 6346 مجموعها يساوى 19 حيث أن 6+4+3+6 = 19.
                  42- تتكرر البسملة 114 مرة في القرآن على الرغم من عدم وجود بسملة في سورة التوبة (سورة النمل تحتوى على بسملتين) وبالتالى فإن 114 = 19 x 6
                  43- بين البسملة الناقصة في سورة التوبة والبسملة الزائدة في سورة النمل يوجد 19 سوره بالتمام
                  44- لو جمعنا أرقام السور بين سورة النمل وسورة التوبة
                  (9+10+11+12+13+14+......+27) لوجدنا المجموع 342 = 18 x 19
                  45- هذا المجموع 342 هو أيضا عدد الكلمات بين البسملة الناقصة في سورة التوبة والبسملة الزائدة في سورة النمل 342 = 18 x 19
                  46- أول ما أوحى إلى النبي من سورة العلق الآيات من 1 إلى 5 والتي تتكون من19 كلمة
                  47- هذه التسعة عشر كلمة في أول الوحي تحتوى على 76 كلمة 76 = 4 x 19
                  48- سورة العلق وهي أول ما نزل من القرآن تتكون من 19 آية.
                  49- سورة العلق وضعت في الترتيب رقم 19 من آخر القرآن
                  50- سورة العلق تتكون من 304 حرفا 304 = 16 x 19
                  51- آخر سور القرآن وهي سورة النصر وتتكون من 19 كلمة
                  52- الآية الأولى من السورة الأخيرة (سورة النصر) تتكون من 19 حرفا
                  53- عدد حروف الياء والسين في سورة (يس) التي هي قلب القرآن هو 285 حرفاً، من مضاعفات الرقم 19. وترتيب هذه السورة بين السور ذات الفواتح هو 19.
                  54- لقد تحدى الله تعالى الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن فقال: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) الإسراء: 88، عدد كلمات هذه الآية 19، وعدد حروفها 76 من مضاعفات 19، وعدد الحروف الأبجدية التي تركبت منها هذه الآية هو 19، ومجموع الكلمات والحروف وعدد الحروف الأبجدية (19 + 76 + 19) هو 114 عدد سور القرآن، ومضاعفات الرقم 19 أيضًا!!!
                  55- وانظر إلى تكرار هذه الكلمات، وأسألك التأمل: هل مثل هذه الدقة تجعل من السهل تحريف هذا القرآن: إن كلمة
                  الحياة تكررت 145مرة .......... الموت تكررت 145مرة
                  الصالحات تكررت 167 مرة ....... السيئات تكررت 167مرة
                  الدنيا تكررت 115مرة .........الآخرة تكررت 115مرة
                  الملائكة تكررت 88 مرة ..........الشيطان تكررت 88 مرة
                  المحبة تكررت 83 مرة ........... الطاعة تكررت 83 مرة
                  الهدى تكررت 79 مرة ...........الرحمة تكررت 79 مرة
                  الشدة تكررت 102 مرة ..........الصبر تكررت 102 مرة
                  السلام تكررت 50 مرة ...........الطيبات تكررت 50 مرة
                  تكررت كلمة الجهر 16مرة ........... العلانية تكررت 16مرة
                  إبليس تكررت 11 مرة ......... الاستعاذة بالله تكررت 11مرة
                  تكررت جهنم ومشتقاتها 77مرة ....... الجنة ومشتقاتها تكررت 77مرة .
                  ففى وجهة نظرك يا سيد رشيد: أيتها كلمة حرفت، وكيف عرفت؟ وهل تأتينا بنسختين مختلفتين لتؤكد إدعاءك هذا؟

                  ولكن ما رأى المستشرقين المنصفين حول هذا الموضوع؟
                  أما بالنسبة لدحض هذه المفتريات على القرآن الكريم، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو أمر سهل وميسور، وسنعتمد في الجزء الأول منه على أقوال جانب من المستشرقين الموضوعيين الذين فندوا تلك الأقوال الباطلة والمزاعم الخاطئة حول القرآن الكريم، ونحن في هذا بصدد، «مستشرقون يردون على افتراءات مستشرقين»، والجزء الثاني من الرد سينصب على «الدليل النقلي» من القرآن الكريم، بعد أن أسبقناه «بالدليل العقلي»، وبذلك نكون قد جمعنا بين الأمرين معا في دحض تلك المفتريات.
                  ويقول المستشار على طنطاوى رئيس محكمة القيم فى كتابه: (افتراءات وأباطيل حول الإسلام .. عرض ونقد): لقد "حرص المسلمون منذ نزول القرآن على حفظه آية آية, وكلمة كلمة, وحرفًا حرفًا [كما رأينا فى الصفحات السابقة], حفظوه فى صدورهم وتلوه فى صلواتهم اليومية المتكررة وروه متواترًا حتى إنهم رددوه بكيفية نطقه باللهجات المختلفة فى أرض الجزيرة العربية, وأثبتوه أيضا بالكتابة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم والدنيا كلها لم تعرف كتابًا سماويًا أو غير سماوى بذل أتباعه فى حفظه وتحريره والعناية به حرفًا حرفًا, ومعرفة مخارج حروفه, وعددها وعدد كلماته وآياته, وأحزابه وأنصافه وأرباعه وسجداته كما فعل المسلمون".
                  وهذا فى حد ذاته يخرص أى لسان يريد أن يرمى بأقل شبهة تتعلق بتحريف القرآن أو نسخه وتزييفه؛ ومن دلائل حفظ الله تعالى لكتابه وجود من دافع عنه من غير المسلمين، سواء إنصافًا لمحتواه، أو فى التفانى فى طباعته، أو تجميل تجليده أو دفاعًا عن حقيقة يجهر بها الكثير من المستشرقين غير الحاقدين، والدارسين المنصفين، وهذا وحده، إلى جانب أنه من كمال الحق الاستشهاد بآرائهم المنصفة فى القرآن الكريم، كفيل للرد على كل من يدع تحريف القرآن أو يظن أنه تشوبه شائبة، حيث سيكون الشاهد من أهلهم.
                  يقول الكاتب والمفكر الفرنسى (إرنست رينان – 1823 - 1892)
                  وهو معروف بكرهه للرسول صلى الله عليه وسلم، وتهجمه على الإسلام وتاريخ انتشاره: "إن القرآن هو أساس الإسلام , وقد احتفظ بكينونته القديمة دون أن يعتريه أقل تبديل أو تحريف, وعندما نستمع إلى بعض آياته وما فيها من بلاغة وسحر تأخذنا رجفة الوله والوجد , وبعد أن نتوغل فى دراسة روح التشريع التى تنطوى عليها بعض تلك الآيات الإلهية لا يسعنا الا ان نعظم هذا الكتاب العلوى ونقدسه" (قيم حضارية فى القرآن الكريم – توفيق محمد السبع ص 94)
                  بل إن سلامة النص القرآني وحفظه ليشهد لها كثير من علماء غير المسلمين:
                  يقول المستشرق الفرنسي لوابلوا: "إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر".
                  المستشرق الإنجليزي لين بول
                  ويقول المستشرق الإنجليزي لين بول أستاذ الدراسات العربية بجامعة دبلن: "إن أكبر ما يمتاز به القرآن أنه لم يتطرق شك إلى أصالته؛ إن كل حرف فيه نقرؤه اليوم نستطيع أن نثق بأنه لم يقبل أي تغيير".
                  عالم اللاهوت الكاثوليكى هانس كونج
                  ويقول هانس كونج – مدير معهد أبحاث تطوير الكنائس المسيحية التابع لجامعة توبنجن بجنوب غرب ألمانيا الاتحادية: "إن القرآن قد استطاع أن يحتفظ بمحتواه عبر تطورات التاريخ والبلاد والأجيال بشكل يثير الإعجاب ولم يتغير فيه شيء عن الأصل".
                  المستشرق الألمانى نولدكه
                  ويقول المستشرق الألماني نولدكه في كتابه تاريخ القرآن: "لقد جاء النص القرآني على أحسن صورة من الكمال والمطابقة".
                  القس وهيري
                  ويقول القس وهيري في ترجمته للقرآن: "إن القرآن أبعد الصحف القديمة بالإطلاق عن الخلط والإلحاق وأكثرها صحة وأصالة".
                  المستشرق لوبلوا
                  يقول لوبلوا: "إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر".
                  السير وليم ميور
                  بينما يقول (وليم موير) فى مواضع متفرقة - وهو من أشد المتحاملين على الإسلام – في كتابه "حياة محمد": "فلعله – أي القرآن الكريم- هو الكتاب الوحيد في الدنيا الذي بقي نصه محفوظا من التحريف".
                  ويقول فى مواضع أخرى: "ومع ما أدى إليه مقتل عثمان نفسه من قيام شيع متعصبة ثائرة زعزعت ولا زالت تزعزع وحدة العالم الاسلامى, فإن قرآنًا واحدًا قد ظل قرآنها جميعًا وعقيدتها جميع صادرة عن كتاب واحد مع اختلاف العصور, وهذا في ذاته حجة قاطعة على أن ما أمامنا اليوم إنما هو النص الكامل للقرآن الذي جمع بأمر الخليفة سيء الحظ, والأرجع أن العالم كله ليس فيه كتاب غير القرآن ظل اثني عشر قرنا محتفظا بنصه ودقته, والنتيجة التي نستطيع الاطمئنان إليها هي أن مصحف زيد وعثمان لم يكن دقيقًا فحسب بل كان كاملا كما تدل عليه الوقائع, وأن جامعيه قد بذلوا جهدًا ضخمًا, ولم يغفلوا شيئا من الوحي, ونستطيع كذلك أن نؤكد استنادًا إلى أقوى الأدلة أن كل آية فى القرآن دقيقة فى ضبطها كما تلاها محمد" (واقعية المنهج القرآنى - توفيق محمد السبع ص117)
                  اللاهوتى شفارتزيناو
                  بل إن باول شفارتزيناو – أستاذ علم اللاهوت البروتستانتي وعلوم الأديان بجامعة دورتموند بألمانيا نجده يصرح في كتابه "دروس قرآنية للمسيحيين" معلنا بأن "القرآن هو الصورة الأصلية الأولى لتعاليم الكتاب المقدس". ويؤكد على ذلك بقوله: "إنها لحقيقة، إن أقوال عيسى وأقوال المسيحيين الأوائل لم تصل بشكل خال من النقص إلى العهد الجديد المعاصر، ثم يقول: إن القرآن هو التكملة الحقيقية للعهد الجديد".
                  المستشرق ارب ثونت
                  يقول: "وقد ظل القرآن كما هو حتى اليوم بدون أى تحريف أو تبديل لا من المتحمسين له, ولا من ناقليه إلى لغات أخرى, ولا ممن يتربصون به الدوائر, وهو موقف لم يقفه مع الأسف أى كتاب من كتب العهد القديم والجديد معا" (آراء المستشرقين – دكتور عمر بن ابراهيم ص586)
                  البروفسير رينولد نيكلسون
                  أما البروفسير (رينولد نيكلسون) فيقول في كتابه (التاريخ الأدبي للعرب ص143): "القرآن وثيقة إلهية رائعة, توضح بدقة سر تصرفات النبي محمد في جميع أطوار حياته, حتى إننا لنجد فيه مادة فريدة لا تقبل الشك أو الجدل, نستطيع من خلالها أن نتتبع سير الإسلام منذ نشأته وظهوره فى تاريخه المبكر, وهذا ما لا نجد له مثيلا فى البوذية أو المسيحية أو أيًا من الأديان القديمة".
                  المفكر دكتور جونسون
                  هل هو شعر؟ لا، ولكن الصعوبة تكمن في التفرقه بينه وبين الشعر. إنه أعلى مقاما من الشعر .هو ليس تاريخا أو نصيحة كنصيحة عيسى عليه السلام في الجبل. ولا هي قول من أقوال بودا أو كتاب من كتب المنطق والفلسفه. ولا هي من نصائح أفلاطون. إنه صوت نبي يستطيع أن يسمعه جميع من في الأرض ويسمع صداه أينما كان.
                  كورسل ( مفكر- مترجم لمعاني القرآن)
                  القرآن الكريم معجزة إلهية بليغة، ليست من قول بشر إنها معجزة دائمة ليست كأي معجزة هي أقوى من معجزة الموتى. يكفي أنه منزل من عند الله. عم بنوره الجزيرة العربية وتحدى بأقصر آية فيه أن يأتو بمثله فما استطاعوا.
                  لوزتنا بوز
                  قال: فلم تكن هناك أَي فرصة لتبديل أَي جزء في القرآن أَو تحويره ولو بوازع الحماس له، وهو الكتاب الوحيد الذي ينفرد بهذه الميزة بين سائر الكتب التي جاءت بها الديانات القديمة العظمى.
                  دكتور ماورث (متعمق في الأدب العربي ومترجم لمعاني القرآن)
                  ماهو القرآن؟ معجز ببلاغته. فخر لأمة الإسلام بإعجازه. أكمل وأشمل الكتب السماوية المنزلة. لطف وكرم من الله عز وجل للبشرية، فلو نظرنا إليه نجده أعلى بيانًا ومقامًا من الفلسفة اليونانية.
                  مليء بحمد وشكر خالق الأرض والسماوات مبينًا قدرته وتصرفه مشتملا لعظمته جل علاه.
                  إنه مرجع للأدباء والفصحاء وعلماء اللغة والمهتمين بعلومها والمهتمين بالشعر، إنه خزينة لكل العلوم ومرجع للفقه والشريعة.
                  إنه صوت الحق الذي علا من أرض الحجاز ومن غار حراء لينقذ النصارى مما وقعو فيه من شقاق ويعلمهم أطهر دين ولكنهم لم يسمعو لهذا الصوت ولم يعيروه أي انتباه..
                  م/جون داون بورت (كاتب – مفكر)
                  من أخص ما ذكر في القرآن قدرته سبحانه وعظمته .. إنه بعيد عن الأحاسيس البشرية .. بليغ ولا تجد فيه الصفات القبيحة والعادات والأخلاق السيئة، منزه عن النقائص. مع العلم أن جميع النقائص والتحريف موجودة في كتبهم .
                  إدوارد جيبون (مفكر ومؤرخ إنجليزي من القرن الثامن عشر)
                  المدن ما بين نهر الجانج والمحيط الأطلسي علمو أن القرآن نهج حياة وروحه التي لا تستقيم إلا به. بنظر القرآن لا فرق بين الحاكم الظالم والفقير المعدم ..إنه أتى بأحكام وقوانين لا نظير لها.
                  إنه أكبر دليل لوحدانية الله عز وجل. فصاحب العقل والمنطق السليم يقر بأنه الحق ولا يتردد في ذلك، فالإسلام أعلا سوية مما نفكر به اليوم ..
                  توماس كارليل (مفكر إنجليزي مشهور)
                  حين تقرؤون القرآن لمرة واحدة بعناية ودقة تجدون وتظهر لكم المميزات الخاصة به.. جمال القرآن يختلف عن سائر الأعمال الأدبية الأخرى .. ومن أهم خصوصيات القرآن أنه لم يحرف.. فمن رأي أن القرآن من أوله إلى آخره ملئ بالصدق والإنصاف .. فما بعث به النبي عليه الصلاة والسلام وبلغه حق وحقيقة.
                  البرفسور/ جرالد ج جورنجر (أستاذ علم الأجنة الطبي، جامعة جورج تاون)
                  هناك بعض الآيات القرآنية يعرف ويبين خلقة الإنسان من بدايته من مراحل تكوين الخلية إلى خلقه وتكوينه كاملا، فهذه المصطلحلت لا نظير لها.
                  معظم الحالات التي يتم تسجيلها في الكتابات العلمية التقليدية، وتطوير الأجنة البشرية قد سبق تعريفها منذ مئات السنين.
                  دكتور موريس بوكي (جامعة باريس، ورئيس قسم الجراحة الإكلينيكية)
                  مع تحليل القرآن اليوم في ضوء العلم الحديث نجد القرب والتوافق بينهم. فلا نستطيع أن نفكر ونقول بأن شخصا من زمن محمد بالعلم البسيط الذي يملكه كتب القرآن، إن تلك الأفكار تكشف عن أن القرآن لا مثيل له، وتجبر صاحب التفكير المادي على قبول تقصيره في ايجاد أدلته وتفسيرها ..
                  البروفسور لي جو سيمبسون (الطب النسائي، أستاذ علم الوراثة الجزيئي والبشرية)
                  بنظري لا تعارض بين الدين والعلم الوراثي، فالدين يضيف بالوحي ويوجه العلم البشري وهذا ما نلاحظه ونجده في القرآن بعد مرور قرن على نزوله وهذا دعم وتأييد من الله عز وجل.
                  المستشرق أربوتنت
                  يقول : المعروف أن القرآن نزل باللغة العربية، وما جاء فيه كان طبقًا للقواعد النحوية في اللغة العربية.
                  لكن المسألة المحيرة للعقول هي أن الآخرين مهما بذلوا من همة وسعي لكتابة شيء يضاهي كلام القرآن فشلوا في ذلك، وهذا هو الإعجاز القرآني.
                  المستشرق رينولد ألين نيكلسون
                  يقول: إن من أهم العوامل المؤثّرة في تقدّم الدين الإسلامي هو القرآن الكريم، الذي منشأه الوحي الإلهي للأحكام، بواسطة جبرائيل.
                  وبعد أن استلم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تلك الرسالة بلَّغها وقرأها على أنصاره وأتباعه، الذين أمر بعضهم بكتابتها على خوص النخيل، أو الجلود، أو العظام.
                  وفي بعض الأحيان كانوا يدوّنوها على أي جسم مقاوم، لتبقى في متناول الناس، ولهذا بقيت تلك الرسائل الإلهية المدوّنة محفوظة لمدّة ثلاث وعشرين سنة، وهي مدّة بعثة الرسول ( صلى الله عليه وسلم).

                  المستشرق فولتير
                  إن أول كتاب دافع فيه فولتير عن القرآن والمسلمين، هو كتابه (شرعيَّات رجل شريف)، الذي قال فيه: إنّ جميع الأديان الموجودة على الكرة الأرضية هي من صنع البشر، راجت بين الناس بواسطة الكذب والغش والنفاق.
                  أما الدين الإسلامي فهو الدين الإلهي الوحيد بين تلك الأديان، لأن قوانينه لا تزال سارية ومعمول بها في جميع أرجاء المعمورة.
                  وقد دافع فولتير عن القرآن مقابل التوراة والإنجيل، وردَّ على نيدهام، وهو أحد مفسِّري التوراة، الذي ادَّعى بأن القرآن كتاب أسطوري، حيث قال فولتير: (في الحقيقة أن القرآن مجموعة من المواعظ الأخلاقية، والتعاليم الدينية، وكتاب تطلب في الحاجات من المولى عزَّ وجلَّ، وتحذير للناس من العقاب، وحثهم نحو طلب الثواب، وشرحٌ لِسِيَرِ أنبياء الله (عليهم السلام) حسب الروايات العربية. فهل يمكن تصديق ادِّعاء هذا المفسِّر الأحمق، الذي لا يفقه شيئًا، ونقول بأن القرآن كتاب أسطوري؟).
                  وفي موضع آخر كذَّب فولتير ادِّعاءات من قال بأن ما في القرآن مأخوذ من التوراة والإنجيل، تعلمه النبي (صلى الله عليه وسلم) من الراهب (سرجيوس)، حيث قال فولتير: (القرآن ليس كتابًا تاريخيًا، جاء تقليدًا لما في كتب اليهود، وكتب الإنجيل، وهو ليس مجموعة من الضوابط والقوانين، كما في (سِفْر لاويان)، أو (سِفْر التثنية)، أو مجموعة من رؤى وأحلام رآها النبي (صلى الله عليه وآله)، أو أناشيد مذهبية، أو مكاشفات يُوحَنَّا، وغير ذلك).
                  المستشرق كبيب
                  يقول: لو كان القرآن من عند النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لاستطاع باقي العرب أن يأتوا بمثله، والقرآن تحداهم بأن يأتوا بعشر سور مثله فلم يستطيعوا، لذلك عليهم أن يصدقوا هذ الأمر وهو أن القرآن معجزة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من الله تعالى.
                  الفيلسوف جوستاف لوبون
                  ومن الطرائف أيضًا أن نجد من المستشرقين الطاعنين في القرآن من يرد على نفسه ويناقض كلامه بعضه بعضا، كالفيلسوف جوستاف، أو غستاف لوبون، الذي قال عن القرآن ما نصه: حسب هذا الكتاب جلالة ومجدا أن الأربعة عشر قرنا التي مرت عليه لم تستطع أن تجفف -ولو بعض الشيء- من أسلوبه الذي لايزال غضا كأن عهده بالوجود أمس، ولم يكن هذا النبي الجليل داعيا للآخرة وحدها، بل أمر أتباعه أن يأخذوا بنصيبهم من هذا الحياة (عبدالخالق أبو رابية، ص70)
                  فالقرآن الكريم معجزة خالدة لرسالة خالدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ودراسته تنفي أن يكون شيء منه من كلام بشر، والموازنة بينه وبين الأحاديث النبوية تؤكد بوضوح أن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" لا قدرة له على الإتيان بقرآن مثله، فهو كلام الله المعجز في آياته وبيانه.
                  وما فيه من تشريع ديني واجتماعي وسياسي وقوانين ومعاملات وشؤون أسرة وعلاقات داخلية وخارجية ونظام حروب وجهاد في سبيل الله لا يمكن أن يقوم به فرد واحد من عنده مهما كانت قوته وبلغ علمه.
                  جوكوهام دورلوف (عالم غربي)
                  لنعترف أولا بأن القرآن الكريم أعلى شرفا من الكتب السماوية الأخرى، فلو أخذنا بعين الإعتبار القواعد القرآنية البسيطة الكاملة لوجدنا بأن هذا الكتاب المقدس أنقذ العالم، أنقذه وأنقذ آسيا من أن تمثل خطرًا عظيمًا عليها.. الإسلام أوجب النظافة والنزاهة لجميع المسلمين، ومحى الجراثيم وأزال الأخطار ..
                  الأمير بسمارك (موحد ألمانيا فى القرن التاسع عشر)
                  إنني تدبرت وتأملت ودققت الكتب المنزلة السماوية، التي يُدعى أنها إلهية، فما وجدت ما أنا طالبه من الحكمة.. وإن تلك القوانين ليست تؤمّن السعادة للبشرية.
                  وقد دققت فى القرآن من كل جهة، فوجدت في كل كلمة منه حكمة عظيمة.. فأعداء الإسلام إن يدعون بأن هذا الكتاب قول محمد، يدعون بأن هذا التكامل وهذه الروعة صادرة من دماغ بشرية، وهذا ليس إلا إعماء البصيرة عن الحقائق ودس الحقد والضغينة وهذا يناقض العلم والحكمة ..
                  وإننى أؤمن أن محمد قوة رائعة ممتازة لا يأتى له مثيل ولا يحتمل ذلك.. متأثِّر بأنني لم أعاصرك يا محمد! ما تعلمه وتبلغه ليس لك ..هو إلهي فإنكار ذلك كإنكار كتب العلم وهذا مضحك ..
                  لهذا، قد شهدت البشرية المتميزة، مثلك مرة واحدة ولن تشهد مرة أخرى ..إنني أنحني لدى حضرته بالمحبة والأحترام ..

                  تعليق


                  • #54
                    رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                    جون جاكوبريسي (فيلسوف ألماني)
                    من تعلم قليل من العربية تراه يستهزئ بالقرآن فلو استمع هؤلاء لفصاحة القرآن وتأثيره، ولو استمعوا لمحمد عليه السلام وبلاغته وهو يحدث أصحابه عن القرآن لسجدو لله وقالو "يا رسول الله خذ بأيدينا واجعلنا ننال شرفًا بكوننا من أمتك".
                    الكونت هنري دي كاستري
                    فأما الأول فهو ما قاله الكونت هنري دي كاستري: «لو قال قائل إن القرآن ليس كلام الله بل كلام محمد فلابد لنا على الحالين من الاعتراف بأن تلك الآيات البينات لا تصدر عن مبتدع أبدا، خلافا لرأي من ذهب إلى تكذيب نبوته.. ولعل رأيهم جاء من ضيق «فهمهم» للغة التي تلجئنا (أي المستشرقين الطاعنين) إلى أن نرمي نبيا هو في الحقيقة شخص ملئ أمانة وصدقا» (الإسلام خواطر وسوائح، للكونت هنري دي كاستري، ص26).
                    ويتساءل «الكونت» مستنكرًا: وكيف يعقل أن النبي ألف هذا الكتاب (القرآن) باللغة الفصحى مع أنها في الأزمان الوسطى -كاللغة اللاتينية- ما كان يعقلها إلا القوم العالمون؟! بل ذهب إلى أبعد من ذلك فتعجب من مسيو «ريناردوزني» مما قاله في كتابه «تاريخ الإسلام» عن القرآن: «إن في القرآن أغلاطا نحوية كثيرة، وإن تلك الأغلاط جعلت فيما بعد من جملة قواعد النحو أو مستثنيات من قواعده» (المرجع السابق، ص24- 25)
                    ويعقب «دي كاستري» على ذلك بقوله: ولعمري أي مصدر اعتمد عليه ذلك المؤلف فيما ادعى، مع أننا لم نعهد كتبًا نحوية قبل الإسلام، ولو صح وجود شيء منها فلابد أنه كان عزيزا نادرًا. وقد شاهدنا أن أناسا -كان أكثرهم أميين قاموا في أمة العرب- وادعوا النبوة، وادعى النبوة منهم مسيلمة الكذاب الذي زعم أنه قرين محمد ثم أتى بسور (قصص) سخر العرب منها لسذاجتها وتدني قيمتها الأدبية!
                    كلوفارير (كاتب فرنسي معاصر وعضو مجمع اللغة العربية)
                    لقد جاهر «كلوفارير» بقوله: «إن آيات القرآن جميلة وتحسن تلاوتها، فيها نفحة ظاهرة عجيبة لأنها تأمر بالشجاعة والصدق والأمانة وتدعو إلى حماية الضعيف وإلى عبادة إله واحد» (جولة مع المستشرقين، عبدالخالق أبورابية، ص70)، ولعل في ذلك أبلغ رد على الذين يدعون بأن القرآن كلام ركيك، ثقيل على النفس، مدقع في الأفكار، وخليط مهلهل مشوش... إلخ.
                    بارتملي شتيلر (أديب الكبير)
                    والشيء نفسه يقرره الأديب الكبير بارتملي شتيلر (ولئن كان «شتيلر» أخطأ هو الآخر حينما استبعد أن يكون القرآن أملاه جبريل على النبي محمد الذي جاء به من عند الله عز وجل، فضلا عن اعتقاده الشخصي، بأن محمدا " صلى الله عليه وسلم" مؤلف هذا الكتاب «أي القرآن الكريم!!) بقوله: «إن القرآن قد بقي أجمل مثال للغة التي أنزل بها، ولم أر ما يشبه ذلك في جميع أدوار التاريخ الديني للعالم الإنساني، وهذا الأمر يفسر لنا التأثير العظيم الذي أحدثه هذا الكتاب على العرب (جولة مع المستشرقين، عبدالخالق أبورابية، ص70)
                    المستشرق جيمس منشز
                    ويقول المستشرق جيمس منشز في إحدى مقالاته: لعل القرآن هو أكثر الكتب التي تقرأ في العالم وهو بكل تأكيد أيسرها حفظا وأشدها أثرا في الحياة اليومية لمن يؤمن به، فهو ليس طويلًا كالعهد القديم. وهو مكتوب بأسلوب رفيع أقرب إلى الشعر منه إلى النثر (عبدالخالق أبو رابية، ص70). ولم يكن للنبي محمد في القرآن من حظ إلا أربعة أشياء هي:
                    الوعي والحفظ، لقوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى} (الأعلى 6)،
                    والحكاية والتبليغ {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَـزَّلْنَاهُ تَنْـزِيلا} (الإسراء 106)،
                    والبيان والتفسير، لقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44)،
                    ثم أخيرا التطبيق والتنفيذ لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ} (النساء:105)
                    وكما يقول «الكونت هنري دي كاستري».. لو لم يكن في القرآن غير بهاء معانيه وجمال مبانيه لكفى بذلك أن يستولي على الأفكار ويأخذ بمجامع القلوب، أتى محمد بالقرآن دليلا على صدق رسالته وهو لا يزال إلى يومنا هذا سرا من الأسرار التي تعذر فك «طلاسمها» (الإسلام خواطر وسوائح) (أي الصعب من ألفاظه وعباراته).
                    ولن يسبر غور هذا السر المكنون إلا من صدق بأنه منزل من عند الله، اللهم إلا إن اعتمدنا على قول ممجدي الديانة المسيحية مما كنا نرتاح إليه أيام شبيبتنا، وهو (أي ديكستري) يرجح أن القرآن تأليف فاتح أراد سلطته فجمع من كتب اليهود والمسيحيين قانونا أودعه بعض قواعد الأدب والدين وأضاف إليه قصص الوقائع العظيمة لتأييد رسالته. وعلى كل حال سواء توصلنا إلى معرفة حقيقة القرآن أم لا فلا ينكر أحد أن مظهر محمد كان مظهر نبوة بالفعل، هكذا قال «دي كاستري» في كتابه سالف الذكر.
                    وثمة حقيقة كبرى لا يمكن تجاهلها ولا بالمقدور إنكارها وهي أن ما جاء به نبي الإسلام "صلى الله عليه وسلم" وإن اتفق مع جميع الرسالات السابقة في الدعوة إلى التوحيد، إلا أنه انفرد بأشكال وأوضاع في العبادات والمعاملات لم يسبقه إليها دين من قبل، كما أن الإسلام انفرد بشمول شريعته وأحكامها لكل حاجات البشرية ومطالبها وأوضاعها المتعددة والمتباينة لكونه الدين الخاتم والشريعة الناسخة لما قبلها من شرائع وديانات. فكيف يصح في الأذهان أو تصدق العقول ما يفتريه «جولد تسهير» من أن الإسلام مزيج من منتخب المعارف والآراء اليهودية والمسيحية؟!( مفتريات على الإسلام، أحمد محمد جمال، ص126)
                    نعم قد نرى تشابها بين القرآن والتوراة في بعض المواضع إلا أن سببه ميسور المعرفة، ذلك أن محمدا كان يلصق «يقارن» ديانة الإسلام بالديانتين المسيحية واليهودية (إشارة إلى قوله تعالى على لسان رسوله الكريم {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ} (الأحقاف: 9)
                    فالبحث مباح فيما إذا كان مذهبه صحيحا اتخذه ليؤيد به الحقيقة الدينية من حيث هي (الإسلام خواطر وسوائح، الكويت هنري دي كاستري، ص27) ولكن لا نسلم بإنكار هذه الحقيقة وحينئذ لا عجب إذا تشابهت تلك الكتب في بعض المواضع خصوصا إذا لاحظنا أن القرآن جاء ليتممها كما أن النبي "صلى الله عليه وسلم" خاتم الأنبياء والمرسلين.
                    وفي تحليل هذه القضية يقول «الكونت هنري دي كاستري»: والآن نلخص مذهب المسلمين في الديانات الثلاث فنقول: «إن دين الأنبياء كان كله واحدا، فهم متحدون في المذهب منذ آدم إلى محمد، وقد نزلت ثلاثة [أربعة] كتب سماوية هي: الزبور والتوراة [والإنجيل] والقرآن، والقرآن بالنسبة إلى التوراة كالتوراة بالنسبة إلى الزبور أو أن محمدا بالنظر إلى عيسى كعيسى بالنظر إلى موسى، ولكن الأمر الذي تهم معرفته هو أن القرآن آخر كتاب سماوي نزل إلى الناس وصاحبه خاتم الرسل، فلا كتاب بعد القرآن ولا نبي بعد محمد "صلى الله عليه وسلم"، ولن تجد بعده لكلمات الله تبديلا» (الإسلام خواطر وسوائح، ص27)
                    إذا تقرر هذا لم يعد هنالك وجه للاستغراب من وجود بعض التشابه بين القرآن والتوراة، فمحمد كعيسى قال إنه ليتمم رسالة من قبله لا ليبيدها، فلم يكن من أمره الابتعاد عمن تقدمه. إذن ليس محمد من المبتدعين ولا من المنتحلين كتابهم وليس هو نبي سلاب كما يقول مسيو «سايوس» وجورج سيل ومن شابههما.
                    أما ما ادعاه كل من جورج سيل وريتشارد بل، وج إيراك وجوستاف فايل وكازانوفا.. من أن القرآن الذي نقله أصحاب محمد ليس بعينه القرآن الذي تلاه محمد على المسلمين أثناء حياته، بل إنه حرف وبدل بعد وفاته، خاصة في الصدر الأول للإسلام، فتجدر الإشارة إلى أن الذين زعموا هذا الزعم الفاسد هم من أشد المستشرقين تعصبا، أما كثرتهم فيقرون بأن القرآن الذي نقرأه ونرتله اليوم إنما هو بعينه القرآن الذي قرأه النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" أثناء حياته، لم يحرف ولم يبدل. وهم حريصون على أن يذكروا هذا وإن أضافوا إليه نقدًا للنظام الذي جمع القرآن به ولترتيب السور فيه، وكان على رأس هؤلاء المستشرقين السير وليم ميور، وهو المسيحي الشديد الحرص على مسيحيته، فقد ذكر في كتابه «حياة محمد» ما ترجمته: كان الوحي المقدس أساس أركان الإسلام فكانت تلاوة ما تيسر منه جزءًا جوهريًا من الصلوات اليومية (جولة مع المستشرقين، ص59)
                    وكل ما لدينا مقنع تمام الإقناع بأن الأمر كذلك -وهو أن القرآن الذي نتلوه إنما هو نص مصحف عثمان لم يتغير- فليس في الأنباء القديمة أو الجديرة بالتصديق ما يلقي على عثمان أية شبهة بأنه قصد إلى تحريف القرآن. ونستطيع أن نستنبط مطمئنين أن مصحف عثمان كان وما يزال صورة مضبوطة لما جمعه زيد بن ثابت مع مزيد في التوفيق بين الروايات السابقة له وبين لهجة قريش، ثم استبعاد القراءات التي كانت منتشرة في أنحاء الدولة.
                    ولا مراء في أن ذلك النفر القليل من غلاة المستشرقين الذين نادوا بفرية تحريف القرآن وأنه كتاب من وضع الرسول محمد هم مسيحيون مغرقون في مسيحيتهم ظلوا يفترون على الإسلام ونبيه الكريم ويلتمسون المطاعن في تعاليمه السمحة بمعاونة أحبار الكنيسة وبتأييد من الاستعمار الغربي، فأتوا بآراء ونظريات مما يبرأ منها الإسلام وأدخلوا على سيرة الرسول الأعظم خرافات لا يسيغها العقل الواعي ولا يقبلها الذوق السليم.
                    المستشرق بول كازانوفا
                    يقول: ليس هناك أقوى من لغة القرآن التي جاءت على شكل بيان ساحر بحيث أن العرب آنذاك كانوا قد وصلوا إلى مستوى عالٍ في الفصاحة والبلاغة، لكن بيان القرآن المؤثر في النفوس أجبرهم على الإذعان والتصديق به.
                    المستشرق جورج سيل
                    يقول: المترجمون السابقون للقرآن الكريم من المسيحيين كانوا متعصّبين، ويحملون نظرة سيئة عن الإسلام، تاركين بصماتهم السيئة على تلك الترجمات، إلى درجة لا يستطيع الفرد أن يكشف زيفهم بسهولة، لأنهم أعدّوا تلك الترجمات بحسب هوَسهم وهواهم الشخصي.
                    المستشرق جيمز مينجر
                    يقول: ليس القرآن مثل الإنجيل في أسلوبه، بل إنه جاء بشكل يناسب المدح والثناء، فليس هو بالشعر ولا بالنثر العادي، وإلى الآن لم يفقد قابليته، ففي كل زمن عندما ينصت السامع إلى كلام الله يجد فيه الجاذبية والإيمان.
                    المستشرق بارتلمي سنت هيلر
                    يقول: يعتبر القرآن آية لا مثيل لها من الآيات الجمالية للغة العربية، ولا بد من الاعتراف بأن الجمال الصوري للقرآن أقوى من المعاني، فقوة الألفاظ وانسجام الكلمات، وحداثة الأفكار التي جاء بها القرآن كل ذلك يجعل القلوب تستسلم قبل العقول التي تبحث عن المعاني.
                    هذا الأسلوب القرآني الذي اتبعه النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هو الذي ملك قلوب الناس، وهذه الصفة هي التي ميزت النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عن باقي الأنبياء ( عليهم السلام).
                    ويمكن القول: لم يستطع أحد لا في الماضي ولا في الحاضر أن يملك قلوب الناس كما فعل محمد (صلى الله عليه وسلم)
                    لقد جاء القرآن وبأسلوبه الخاص ببحوث متعددة، فهو تراتيل دينية، وثناء إلهي، وقوانين جزائية ومدنية، وبشير ونذير، ومرشد وناصح، يهدي المؤمنين إلى الصراط المستقيم، ومبين للقصص والحكم والأمثال في الوقت نفسه.
                    يعتبر القرآن أجمل ما في اللغة العربية، ولا مثيل لما جاءت به كتب الأديان الأخرى، ويكفينا أن نقول بأن عرب الجاهلية بما كان لديهم من فصاحة وبلاغة وعناد أذعنوا لهذا الكتاب، وحتى النصارى العرب وبالرغم من تعصبهم الشديد اعترفوا بأن القرآن له تأثير كبير على آذان السامعين.
                    وبرأيي لو ترجم القرآن إلى لغات أخرى سيفقد كثيرًا من رونقه وتأثيره على النفوس، ولو تمت ترجمته إلى اللغات الأخرى ستصلنا بعض اشعاعاته كما تصلنا أشعة الشمس من خلال السماء الملبدة بالغيوم.
                    المستشرق روديل
                    يقول: لا بد أن نذعن بأن القرآن الكريم قد اهتم بالإرشادات العالية والنظريات العميقة. وهذا الكتاب بروحه القوية حوّل ذلك المجتمع الفقير والجاهل إلى مجتمع يحمل حضارة قوية، وهي الحضارة الإسلامية التي امتد سلطانها وقدرتها إلى (إسبانيا) غربًا وإلى (الهند) شرقًا، وبفترة زمنية محدودة.
                    كما أن للقرآن الكريم منزلة رفيعة، حيث انتشرت تعاليمه على بركة الله سبحانه ورعايته بين أمة كانت تعبد الأصنام وتغطّ في جاهلية حمقاء، وعلى الأوربيين أن لا ينسوا بأنهم مدينون لهذا الكتاب العظيم الذي سطعت علومه كالشمس على أوربا في ظلمات القرن الوسطى.
                    فهل مثل هذا المدح ينال كتاب غير إلهى؟ فلماذا لم يقل أحد مثل هذا عن الكتاب الذى تقدسونه؟ لماذا لم تدن البشرية للكتاب الذى تقدسونه بالتقدم والرقى؟ لماذا كان هذا الكتاب الذى تقدسونه سببًا فى تخلف أوروبا لقرابة ألف عام؟ ببساطة شديدة، لأنه ليس كتاب الله، ليس الكتاب المقدس الذى يجب أن تدين له وبه البشرية!!
                    المستشرق وليام موير
                    يقول: القرآن عظيم وفريد في الإسلام، وجاء في تمام الدقة والوضوح، ويجيب عن كل صغيرة وكبيرة.
                    محيط: اعترف البريطاني آرثر جون آريري أحد مستشرقي القرن العشرين بأن القرآن الكريم وحي من قوة خارقة وأن الرسول محمد تلقاه وحيا، مفندا بذلك مزاعم سابقة للمستشرقين (آرغوليوث) و(جب) بقولهم ان القرآن هو كلام محمد.
                    وقال في مقدمة كتابها "القرآن مترجما": أحمد تلك القدرة الإلهية التي أنزلت الوحي على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أول من تلا آيات القرآن الكريم".
                    ويذكر أن ترجمة آرثر تعد من أهم الترجمات لأن لها قبولا حسنًا في أوساط المثقفين الغربيين لاسيما أنها تتميز بـ "دقة الأسلوب الأدبي" بفضل العلم الغزير الذي بلغه هذا المستشرق في اللغتين الانجليزية والعربية.
                    وتتميز ترجمة آريري عن الترجمات الاستشراقية الأخرى بالإنصاف تجاه مصدرية القرآن والنبوة المحمدية ناهيك عن خلوها من الافتراءات المغرضة بشأن مزاعم "تأليف الرسول للقرآن".
                    وفي تصريح صحافي قال آربري: "القرآن تحفة أدبية خالدة ليس لها مثيل في أي لغة أخرى "قبل أن يؤكد أنه" يوجد ترابط عجيب بين آيات القرآن الحكيم".
                    وتقع الترجمة في 674 صفحة من القطع المتوسط في مجلد واحد بغلاف ورقي وتضم فهرسا للمحتويات تتبعه مقدمة للمترجم ثم يأتي النص المترجم من دون نص القرآن وفي آخر الترجمة يوجد فهرس عام للكلمات المهمة وأسماء الأعلام والأماكن.
                    ويقر المستشرق بتأثير القرآن النفسي على الانسان حيث يؤكد تأثره بالقرآن تأثرا إيجابيًا موضحًا أن القرآن الذي نقرأه اليوم هو نفسه الذي جمع في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأنه "لم يحرف ويبدل".
                    وبذلك نكون قد أثبتنا عظمة القرآن وصحته، ونقله إلينا محفوظًا فى الصدور، ومكتوبًا فى السطور، ولو ضاعت الكتب، لظل محفوظًا فى صدور ملايين الأطفال قبل الكبار.
                    ادموند (سياسي انجليزي)
                    كلما ندقق في القرآن نرى كماله وعلوه ..يجذب المرء أولا ثم يبهره ويحيره ويجعله شغوفا به .. يجبر المرء على احترامه وبذلك ترى تأثيره في الأعماق ..
                    كارليل (فيلسوف أمريكي)
                    منذ ظهور القرآن وحقائقه تجده قد التهم جميع الأديان الأخرى وهذا من حقه ..لأنه لا فائدة ولا مخرج من خرافات اليهود والنصارى.
                    المستشرق كوته
                    يقول: مرت سنوات طويلة ولم يُخبرنا القساوسة بشيء عن الله، كما أنهم منعونا من الاطلاع على حقائق القرآن وعظمته بسبب جهلهم وتعصبهم.
                    ولو وضع أحدنا قدمًا واحدًا في طريق العلم تاركًا الجهل والتعصب خلف ظهره لاطلعنا على عظمة الأحكام المقدسة التي جاء بها القرآن، فهي محيرة للعقول، ولأصبحنا نتحدث عن عظمته وتأثيره على العلوم في عصرنا الحاضر.
                    وأخيرًا أقول: إن هذا الكتاب بحق أصبح محورًا يدور عليه هذا العالم.
                    المستشرق هرتوبك هير جفيلد
                    يقول : ليس عجيبًا أن نقول بأن القرآن تطرق إلى موضوعات (السماوات) و(الأرض) و(الحياة) و(الإنسان) و(التجارة) و(مسائل المعاملات) وغيرها، لأن القرآن ليس كتابًا خاصًا بتعاليم دينية محددة، وإنما هو مصدر لجميع العلوم.
                    كما أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كثيرًا ما كان يوجه الأنظار إلى الآيات القرآنية التي تحث على مراقبة حركة السماء، بل إن بعض الآيات القرآنية كانت تدعو إلى التعاون في طلب العلم، مما أحدث في المستقبل تحولًا كبيرًا في عالمي الطب والعلوم الطبيعية.
                    دكتور سيتى يونغست (متخصص في الأدب العربي _الانجليزي)
                    إنه إحدى أكبر مرجع يستفاد منه ..ونرى فيه بوضوح أخلاق رجل عظيم ..
                    وقد قال كارليل "علوية القرآن يشمل حقيقه الكون" فقوله صحيح ..فالقرآن مرجع للعقائد والأخلاق مرجع لهداية الإنسان وتوفيقه وأهم من ذلك كله الإيمان بمن يملك القدرة والقوة والقدر بيده سبحانه جل جلاله..
                    قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر الآية 9)، أي: وَإِنَّا لِلْقُرْآنِ لَحَافِظُونَ مِنْ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بَاطِلٌ مَا لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ يَنْقُصُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ مِنْ أَحْكَامِهِ وَحُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ.
                    وهذه الآية نص في أن الله – سبحانه وتعالى - تولى حفظ القرآن من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان .
                    وما حفظه الله فإنه لا يستطيع أحد أن يضيعه، ومادام الذي تعهد حفظ القرآن هو الله فلن يقدر أحد على تَغْيِير كلمة وَاحِدَة من القرآن أو زيادة كلمة أو نقصان كلمة رغم كَثْرَة من سعى فِي ذلك.
                    و قال تعالى : ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (سورة فصلت الآيات 41–42) أي: لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص، فهو محفوظ في تنزيله، محفوظة ألفاظه ومعانيه، قد تكفل من أنزله بحفظه .
                    وقال الطبري: "لَا يَسْتَطِيعُ ذُو بَاطِلٍ بِكَيْدِهِ تَغْيِيرَهُ بِكَيْدِهِ، وَتَبْدِيلَ شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِ عَمَّا هُوَ بِهِ، وَذَلِكَ هُوَ الْإِتْيَانُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَلَا إِلْحَاقَ مَا لَيْسَ مِنْهُ فِيهِ، وَذَلِكَ إِتْيَانُهُ مِنْ خَلْفِهِ".
                    وهذه الآية نص في عدم تحريف القرآن وعدم تبديله ؛ لأن التحريف والتبديل من أظهر الباطل، والقرآن لا يأتيه الباطل.
                    وقال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا﴾ (سورة آل عمران الآية 103) والاعتصام بالكتاب يستلزم عدم تحريفه وتبديله ونقصه إذ لو كان القرآن سيحرف أو يبدل لما كان للأمر بالاعتصام بالقرآن معنى إذ لا يجوز على الله – عز وجل - أن‌ يأمر الناس بالاعتصام والتمسك بالقرآن بما لا يقدرون علی الاعتصام والتمسّك‌ به.
                    وقال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (سورة النساء من الآية 59 ) والأمر بالرد للكتاب والسنة يستلزم حفظ الكتاب والسنة إذ لا معنى للرد للكتاب والسنة لفض النزاع وهما غير محفوظين.
                    وقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللهِ»، وهذا يقتضي أن يكون كل القرآن الكريم قد كتب في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه، ويقتضي أيضًا وجود القرآن كما كان في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليحصل به الهداية من الضلال إذ لا معنى للأمر بالتمسّك بالقرآن، والقرآن سيُحرّف ويبدّل في يومٍ ما؟! أي الأمر بالتمسك بالقرآن يستلزم عدم تحريف القرآن ويستلزم عدم تبديله فلا يجوز أن‌ يأمر الناس بالتمسّك‌ بما لا يقدر علی التمسّك‌ به.
                    والواقع التاريخي يثبت عدم وقوع التحريف والتغيير بالقرآن الكريم فقد قيض الله سبحانه وتعالى للقرآن حفظة قراء في كل زمان بحيث لو زيد فيه حرف واحد لأخرجه آلاف من الأطفال الأصاغر، فضلًا عن القراء الأكابر.
                    وقد كتب القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع ما كتب عند أبي بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب، ثم كان المصحف الإمام الذي كتب في خلافة عثمان بن عفان كما هو معلوم، فحفظ القرآن في السطور وحفظ في الصدور على مر القرون.
                    والعلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإن الغاية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته وبلغت إلى حد لم تبلغه فيما ذكرناه؛ لأن القرآن مفخر النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد.
                    والعلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتاب سيبويه والمزني فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا من النحو ليس من الكتاب لعرف وميزانه ملحوق وأنه ليس من أصل الكتاب وكذا القول في كتاب المزني ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء.
                    وانظر اليوم في هذا العالم شرقه وغربه لترى العدد الهائل الذي يحفظ القرآن عن ظهر قلب، بحيث لو شاء ملحد أو يهودي أو صليبي تغيير حرف منه فإنّ صبيًا صغيرًا، أو ربة بيت، أو عجوزًا لا يبصر طريقه - يستطيعون الردّ عليه وبيان خطئه، وافترائه، ناهيك عن العلماء الذين حفظه وفقهوا معانيه، وتشبعوا بعلومه.
                    وإذا رأينا في عصرنا الكثير من أطفال المسلمين يحفظون القرآن عن ظهر قلب والكثير من المسلمين كبارا وصغارا رجالا ونساءا يحفظون القرآن فلاشك أن المسلمين الأوائل كانوا أكثر حفظا للقرآن ؛ لأنهم أقوى حفظا وأكثر فهما للكلام العربي فضلا عن تعلمهم من النبي - صلى الله عليه وسلم.
                    ولم يزل المسلمون جيلا بعد جيل يتعبدون بتلاوة القرآن آناء الليل، وأطراف النهار، ويتدارسونه بينهم، فيحفظونه ويكتبونه - ولم تكن الكتابة إلا وسيلة من وسائل حفظه وإلا فإن الأصل أن القرآن في صدورهم - , ويرون ذلك من أفضل الطاعات والأعمال من عصر النبوة إلى عصرنا هذا .
                    ولم يُنقل المسلمون القرآن لنا وحده كي يمكن فرض تطرق التحريف إليه، بل نقل تفسير آياته، ومعاني كلماته، وأسباب نزوله، وإعراب كلماته، وشرح أحكامه، وكل من هذا شأنه لا يمكن تغييره ولا إسقاط شيء منه، ولأنه لو كان فيه تحريف بتغيير أو نقصان لم يبق وثوق بالأحكام وفي هذا هدم للدين.
                    وبالتالي يظهر كذب وبهتان من يقول أن القرآن الذي بأيدينا قد اعتراه النقص مع وجود حفاظ للقران في كل عصر ومع كتابة المصحف وشيوع كتابة المصحف وانتشار المصاحف المكتوبة في الآفاق ومع قراءة القرآن في الصلوات ووجود آلاف القراء والحفظة في كل عصر وفي كل مصر.
                    لأن معنى القول بتحريف القرآن تكذيب الله – عز وجل – وتكذيب رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – للخبر بحفظ القرآن من التحريف ،و تحريف القرآن يستلزم هدم الشريعة ؛ لأن القرآن لو كان محرفا لم يبقَ لنا اعتماد على شيء منه إذ على هذا يحتمل في كل آية منه أن يكون محرّفًا ومغيّرا، ويكون على خلاف ما أنزل الله، فلم تبق لنا في القرآن حجّة أصلًا فتنتفي فائدته وفائدة الأمر بإتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك.
                    وهذا رد شافى لكل من ادعى عدم صحة القرآن الكريم، سواء بوجود نقص أو زيادة أو نفى نسبته لله تعالى! ونحن إذا أردنا أن نقف على الأسباب العلمية في وصول القرآن إلينا في عصرنا الراهن دون أدنى تحريف فسنجد أن من أهم الأسباب لذلك أن القرآن لم يعتمد في نقله على الكتابة فقط كالكتاب المقدس، ولكنه اعتمد على حفظ القلوب مع الكتابة؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن ربي قال لي: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظان". رواه مسلم في صحيحه.
                    فالقرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة قد تغسل بالماء فتفسد، بل يقرأ في كل حال فهو "آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم". العنكبوت: 49.
                    وهو ما بشر به نبي الله إرمياء عليه السلام من قبل حسبما ورد في الكتاب المقدس على لسان الرب عن الأمة المنتظرة: (33بَلْ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً.) سفر إرمياء 31: 33
                    وهو ما يعرف بالعهد الثانى، أو العهد الأخير، أو العهد الجديد، الذى قطعه الله تعالى لبنى إسرائيل أنه سيرسل نبيًا من خارج بنى إسرائيل للعالمين: (15«يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ. 16حَسَبَ كُلِّ مَا طَلبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاً: لا أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلا أَرَى هَذِهِ النَّارَ العَظِيمَةَ أَيْضاً لِئَلا أَمُوتَ 17قَال لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلمُوا. 18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ. 20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) التثنية 18: 15-22
                    مع الأخذ فى الاعتبار اعترافهم بأنه لم يظهر نبى فى بنى إسرائيل قط مثل موسى عليه السلام، وهو من قصده الرب بقولة (مِثْلكَ)، ولم يكن يسوع مثل موسى، لا فى الميلاد، ولا فى انتهاء حياته الأرضية، فلم يكن موسى إلهًا ولا ابن إله، كما تزعمون فى يسوع، ولم يُهان أو يُصلب فداءً عن البشرية، كما تؤمنون، ولم يتبتل، بل تزوج النساء، وأنجب، وحارب، وكانت له شريعة، ونزل بكتاب، وكان قاضيًا مقسِّمًا بين شعبه، ولم يمت ملعونًا مصلوبًا مثل ما تدعون على يسوع. وفى الإجمال لم يكن يسوع مثل موسى مطلقًا إلا فى البشرية والنبوة. بينما تطابق الرسول صلى الله عليه وسلم مع موسى عليهما الصلاة والسلام فى كل شىء.
                    وهذا الوعد الإلهى سيكون من خارج اليهود يقينًا، إذ كيف يكون الفساد والكفر فيهم، ثم يوجد الله من بينهم نبيًا آخر؟!! لقد لعنهم كل نبى، حتى عيسى عليه السلام نفسه قطع شجرة التين التى ترمز للأمة اليهودية، قائلا لها، لا يخرج منك ثمر بعد: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19
                    وهذا دليل على انتهاء النبوة من بنى إسرائيل، فهو قد كان آخرهم. لذلك قال للمرأة السامرية إن الخلاص من اليهود، أى سيأتى على يد نبى من خارجهم، من خارج نسل إسحاق، ولكن سيكون من وسط العائلة الإبراهيمية، أى من أبناء العمومة: (19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. 24اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا».) يوحنا 4: 19-24
                    بل لقد أخبرهم يسوع أن الشجرة الفاسدة لا يمكن أن تثمر ثمارًا جيدة، وعلى ذلك يجب قطعها ورميها فى النار، وبالتالى لا يمكن أن يتولى اليهود قيادة العلم روحيًا، وعليه يجب أن ينتهى ملكوتهم لصالح أمة تعمل أثماره: (15«اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ الْحُمْلاَنِ وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ 17هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.) متى 7: 15-20
                    بل أوضح لهم تمامًا أن المسِّيِّا أى ابن الإنسان أى المسيح الرئيس أى خاتم رسل الله لن يكون من نسل داود، كما يزعم بنو إسرائيل، بل من خارج نسل إسحاق: (قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟) متى 21: 42-44
                    بل سألهم عن المسِّيِّا بأسلوب الغائب، وفى هذا الأسلوب وحده تأكيد أن المسِّيِّا شخص آخر غيره ، قائلاً: (وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                    ودعاهم لقبول أصغر نبى فى ملكوت الله، أى آخر نبى، وتقبل شريعته، ووصفه بأنه أعظم رسل الله، وسمَّاه إيليا أى أحمد بحروف الجُمَّل: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                    والغريب أنهم لا يفطنون إلى أن القول بأن يسوع هو المسِّيِّا ابن الله هو من أقوال الشياطين، الذين أخرصهم يسوع، ولم يدعهم يتكلمون ويضلون الحاضرين: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
                    كما أخبرهم بأن الحجر الذى رفضه البناؤون وهو إسماعيل ابن هاجر والنبوة من نسله قد صار رأس الزاوية، وأن ملكوت الله، أى النبوة والشريعة، سوف تنزع منهم، وتُعطى لأمة تعمل أثماره، وهى أمة محاربة، لا يُستهان بقوتها: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
                    ومن ثمة يتبين لنا أن أية محاولة لإثارة أية شبهة حول النص القرآني هي في الحقيقة محاولة فاشلة؛ وبذا امتازت الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم؛ فما تيقنت أمة من صحة كتابها تيقن الأمة الإسلامية؛ فصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "ما أعطيت أمة من اليقين أفضل مما أعطيت أمتي". رواه الحكيم عن سعيد بن مسعود، وصدق الله العظيم القائل في كتابه الكريم: (... قُلْ إِنَّ الْهُدَىٰ هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَىٰ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ ۗ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) آل عمران: 73

                    تعليق


                    • #55
                      رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                      شهادة القرآن على صدق رسول الله
                      تَعَدَّدَتِ الأدِلَّة على نُبُوَّة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تبقى شهادة ربِّ العالمين له بالرسالة أقوى دليل على صدقه فيما بَلَّغ عن ربِّ العزَّة؛ وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن الحقَّ لن يُوَفِّقَ إنسانًا كذابًا مُدَّعِيًا عليه سبحانه، بل ويُؤَيِّده بالمعجزات الباهرات.
                      إضافةً إلى سبب آخر جوهري ألا وهو شهادة الواقع التاريخي للقرآن، التي تُثبت -بما لا يدع مجالاً للشكِّ- أنه أصدق وثيقة ظَلَّتْ حتى الآن بلا تحريف أو تبديل، تناقلتْ عبر الأجيال حفظًا متواترًا وكتابة محفوظة في مئات البلدان التي دخلها الإسلام، ممَّا يُعْطِي لها مزيَّة لا تتوافر في كل الوثائق التاريخية الأخرى.
                      شَهِدَ الحقُّ تبارك وتعالى لنَبِيِّهِ محمد صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، فقال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب: 40
                      وقال تعالى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) آل عمران: 144
                      وقال تعالى: (وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) النساء: 79
                      ويقول الحقُّ تبارك وتعالى: (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا * رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) النساء: 164-166
                      وفي تحدٍّ عجيب يقول الحقُّ تبارك وتعالى للذين لا يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) الرعد: 43 والله تعالى لا يُصَدِّقَ مَنْ كذب عليه، فلا يَتِمُّ له أَمْرٌ. (ابن عاشور: التحرير والتنوير 25/21)
                      وقوله تعالى: (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) الأنعام: 19
                      وما أجمل أن نختم هذا المقال بقوله تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) الزمر: 33، والذي جاء بالصدق هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي شهد لما جاء به هو الله في قرآنه المنزَّل من فوق سبع سماوات.
                      غ 29- يتقبل الله تعالى دعاءه تأييدًا له وتصديقًا لرسالته أمام الناس
                      ومن دلائل نبوة النبى أن يتقبل الله تعالى دعاءه كنوع من التأييد الربانى له، وتصديقًا لرسالته. ولو تقبل الله دعاء مدعى النبوة لكان هو المتسبب فى إضلال خلقه:
                      (1أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي. 2الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلَهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي. 3أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي. 4اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. 5حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي. 6فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ. .............. 20يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ لِي. 21لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ الرَّبِّ وَلَمْ أَعْصِ إِلَهِي. 22لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي وَفَرَائِضَهُ لَمْ أُبْعِدْهَا عَنْ نَفْسِي. 23وَأَكُونُ كَامِلاً مَعَهُ وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. 24فَيَرُدُّ الرَّبُّ لِي كَبِرِّي وَكَطَهَارَةِ يَدَيَّ أَمَامَ عَيْنَيْهِ.) مزمور 18: 1-24
                      (1اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. 2أَقُولُ لِلرَّبِّ: [مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلَهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ]. 3لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ. 4بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ وَمِجَنٌّ حَقُّهُ. 5لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ اللَّيْلِ وَلاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ 6وَلاَ مِنْ وَبَأٍ يَسْلُكُ فِي الدُّجَى وَلاَ مِنْ هَلاَكٍ يُفْسِدُ فِي الظَّهِيرَةِ. 7يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ وَرَبَوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ. 8إِنَّمَا بِعَيْنَيْكَ تَنْظُرُ وَتَرَى مُجَازَاةَ الأَشْرَارِ. 9لأَنَّكَ قُلْتَ: [أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي]. جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ 10لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. 11لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرْقِكَ. 12عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. 13عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ. 14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزمور 91: 1-15
                      مع الأخذ فى الاعتبار أن الذى يدعو الله تعالى فى طلب ما هو عبد لله، وليس بإله! فهل تقبل الله دعاء يسوع بالنجاة من اليهود؟
                      والله وكأن داود يتكلم عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الذى جاء باسم الله، بل جاء بـ 99 اسمًا من أسمائه الحسنى، وهو الذى عصمه الله، فصرف حراسه عن خيمته، واكتفى بحفظ الله تعالى له.
                      فهل تقبل الله دعاء يسوع، عندما تضرع له، ساجدًا راكعًا، ومصليًا أن يُذهب عنه كأس الموت ويحفظه من أعدائه؟
                      متى 26: 36-44 (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ......... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ...... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.)
                      لوقا 22: 41-44 (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)
                      (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)) متى 27: 46
                      وماذا حدث فى النهاية؟ مات يسوع على الصليب، وكلكم تعلمون أن من يموت مصلوبًا، فقد مات ميتة الملاعين: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                      وبما أن دينك أقامه بولس على صلب يسوع وموته ميتة الملاعين: (2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً.) كورنثوس الأولى 2: 2
                      فلن يمكنك الاستشهاد بنص الرسالة إلى العبرانيين التى تفصح بتقبل الله تعالى لدعاء يسوع، أى إنقاذه من براثن الموت؛ لأنها تقوض دينك الذى بنى على صلب يسوع: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) العبرانيين 5: 7
                      لكن هل عدم تقبل الله لدعاء يسوع يجعل يسوع فى عداد الأنبياء أو حتى القديسين أو الأبرار؟ لماذا أسلمه إلهه إلى أيدى أعدائه ليقتلوه؟ هل تخلص منه لأنه من الأشرار، كما أراد واضعى قصة الصلب أن يوهموا قراء هذا الكتاب؟
                      ولو أسلمه الرب تنفيذًا لخطته الأزلية فى فداء البشرية، فهل لم يفهم يسوع هذه الخطة بصفته عضو فى الثالوث الإلهى؟ أم أراد أن يتصرف ضد إرادة الآب الخالق فتخلص منه لكفره وعناده، ومحاولته تدمير خطته؟
                      فى الحقيقة كان يسوع عبد الله ورسوله، وهناك الكثير من المواضع التى تؤيد ذلك فى كتابهم. ولن نتعجب بالطبع من تقبل الله تعالى لدعاء أى نبى من أنبيائه، فهذه علامة من علامات حب الله له، وتأييد دعوته. فقد تقبل الله تعالى دعوة يسوع فى شفاء المرضى وقيام الموتى بإذن الله:
                      فعندما حاول إحياء الميت: يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
                      وعندما حاول شفاء الأصم الأعقد: مرقس 7: 32-35 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ ... وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً.)
                      وعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
                      لوقا 9: 16 (16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ)
                      وعندما أراد أن يُخاطب الله ويدعوه: يوحنا 17: 1 (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً)
                      وكل هذه علامات نبوته وعبوديته الصادقة لله تعالى، وجاءت مصداقًا لأقواله أنه لا يستطيع أن يقوم بعمل واحد من تلقاء نفسه، وأن الله هو الذى يؤيده بهذه الأعمال:
                      يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
                      لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
                      متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
                      وقال أيضاً: يوحنا 5: 36 (36وَأَمَّا شأَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
                      وقال أيضًا: يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                      وهذا ما أقر به رئيس اليهود: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                      يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                      أما عن دلائل نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ففى هذا الصدد لن أتكلم عن كشف الله تعالى له شيئًا من الغيب، لا يعلمه إلا الله تعالى أو من أطلعه الله عليه من عباده المؤمنين، فهل يوجد إنسان كذاب يمكنه أن يخبر أناسًا عن كيفية موتهم، بل وموعده فى بعض الأحايين؟
                      فقد أخبر صلى الله عليه وسلم بوفاة السيدة فاطمة رضى الله عنها وأنه يموت فى مرضه هذا. واخباره صلى الله عليه وسلم بقتل عمار بن ياسر. وبشهادة عمر وعثمان وعلى والزبير وطلحة رضى اللهم عنهم جميعاً.
                      كذلك لن أتكلم فى هذا الصدد عن بركته صلى الله عليه وسلم، فإن البركة لا توجد فى إنسان يفترى على الله ويكذب وإنما تأتى لنبى من الله تعالى أو رجل صالح. ولكننى سأسألك: هل تقبل الله تعالى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم؟
                      وهل تقبُّل الله تعالى لدعاء نبيه دليل على نبوته كما أثبت لك ذلك من كتابك، وكما ينادى العقل أم لا؟
                      نعم، وفى عدة مواضع، نسرد منها (نقلا عن الدكتور منقذ السقار بتصرف):
                      ومن باهر ما يدل على النبوة إجابة الله دعاء النبي حين يدعوه، فإذا ما رفع نبي الله يديه داعياً ربه ومولاه؛ قبِل الله دعاءه وأجابه، وتكرارُ ذلك وديمومتُه دليل على صدقه، لأن الله لا يؤيد كاذباً ولادعياً يدعي عليه الكذب، أو يكذب بآياته، فالكاذب بآيات الله مجرم، وظالم، ومضلل، وكافر، ومن أظلم الناس وأبعدِهِم عن الله. يقول تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ) يونس: 17
                      يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الأنعام: 21
                      ويقول تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الأنعام: 144
                      وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ) الأنعام: 157
                      وهكذا؛ فإن الله لا يؤيد بتأييده الكاذب الذي يلجأ إليه، بل يهلِكُه ويفضَحُه، كما قال موسى مخاطباً سحرة فرعون: (وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ) طه: 61
                      فالمفترون على الله لا يؤيدهم الله بعونه، ولا يمدهم بمدده، لأنهم كفروا به، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) يونس: 69، وقال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) الزمر: 3
                      وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ) الأعراف: 37
                      وقال سبحانه: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ) العنكبوت: 68
                      قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومعلوم أن من عوّده الله إجابة دعائه، لا يكون إلا مع صلاحه ودينه، ومن ادّعى النبوة، لا يكون إلا من أبرّ الناس إن كان صادقاً، أو من أفجرهم إن كان كاذباً، وإذا عوّده الله إجابة دعائه، لم يكن فاجراً، بل برّاً، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برّاً، تعيّن أن يكون نبياً صادقاً، فإن هذا يمتنع أن يتعمّد الكذب، ويمتنع أن يكون ضالاً يظن أنه نبي". (الجواب الصحيح (6/297).)
                      1- ونبدأ بسنة جدبة أصابت الناس؛ وقف النبي صلى الله عليه وسلم فيها على المنبر يخطب الجمعة، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال, وجاع العيال، فادع الله لنا.
                      يقول أنس بن مالك: فرفع يديه، وما نرى في السماء قزْعة [أي قطعة من السحاب]، فوالذي نفسي بيده ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال, ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم, فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد، وبعد الغد، والذي يليه، حتى الجمُعَة الأخرى.
                      وفي الجمعة الأخرى قام ذلك الأعرابي، أو قال: غيره، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا)).
                      يقول أنس: فما يشير بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجَوْبة، وسال الوادي قناة شهراً، ولم يجىء أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجُوْد". (رواه البخاري ح (1013)، ومسلم ح (897) واللفظ له.)
                      لقد نزل المطر بدعائه صلى الله عليه وسلم واستمر أسبوعاً، ثم توقف بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد أسبوع من هطوله، كما انفرجت السحابة عن المدينة لقوله: ((اللهم حوالينا ولا علينا))، أليس ذلك كلُه من أمارات نبوته وعلامات صدقه؟
                      2- وفي بعض الأحيان خص النبي صلى الله عليه وسلم بعضاً من أصحابه بشيء من دعائه فأجاب الله سؤله، وقبل دعاءه، ومنه دعاؤه لخادمه الوفي أنس بن مالك ، فقد كافأه النبي صلى الله عليه وسلم على خدمته له بدعوة أجابها الله تعالى، فعاش أنس مجللاً ببركتها مائة سنة.
                      يقول أنس رضى الله عنه: جاءت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أُنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له.
                      فقال: ((اللهم أكثِر مالَه وولده))، قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي ووَلَدَ وَلَدي ليتَعادُّون على نحو المائة اليوم. (رواه البخاري ح (6344)، ومسلم ح (2481) واللفظ له.)
                      3- ودعا صلى الله عليه وسلم بالبركة لعروةَ البارقي في ماله، لما أعطاه النبي ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه. (رواه البخاري ح (3443).)
                      وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم بارك له في صفْقة يمينه)). يقول عروة: فلقد رأيتُني أقف بكُناسة الكوفة، فأربحُ أربعينُ ألفاً قبل أن أصِل إلى أهلي". (رواه أحمد في مسنده ح (18877))
                      4- وإذا أردنا أن نعرف سر الحافظة التي أوتيها راوية الإسلام أبو هريرة، فلنستمع إليه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو كثرة نسيانه للحديث، فيقول: يا رسول الله، إني أسمع منك حديثاً كثيراً أنساهُ، فقال له عليه الصلاة والسلام: ((ابسط رداءك))، فبسطتُه، قال: فغرفَ بيديه، ثم قال: ((ضُمّه))، فضممتُه، فما نسيتُ شيئاً بعده. (رواه البخاري ح (119).)
                      5- وثمة دعوة أخرى من رسول الله صلى الله عليه وسلم نال أبا هريرةَ خيرُها، ألا وهي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمِّه بالهداية، فقد كان يدعوها إلى الإسلام، وهي مشركة تأبى الإسلام وتصده عنه، يقول أبو هريرة: فدعوتُها يوماً، فأسمَعَتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، قلتُ: يا رسول الله، إني كنتُ أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى عليّ، فدعوتُها اليومَ، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهديَ أمَّ أبي هريرة.
                      ولم يخيب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صاحبَه الوفي، فقال: ((اللهم اهدِ أمَّ أبي هريرة))، فخرج مستبشراً فرحاً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، يرجو أن تكون سبباً في إسلام أمه.
                      يقول: فلما جئتُ، فصِرت إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعتْ أمي خَشْفَ قدميّ [أي صوت مشيي]، فقالت: مكانكَ يا أبا هريرة، وسمعتُ خضْخضَة الماء، فإذا هي تغتسل للإسلام، وتشهد بشهادة التوحيد.
                      قال: فرجعتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيتُه وأنا أبكي من الفرح، فقلت: يا رسول الله أبشر، قد استجاب اللهُ دعوتك، وهدى أمَّ أبي هريرة. (رواه مسلم ح (2491))
                      6- وسرورُ أبي هريرة وفرحُه لم ينسياه أن يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم دعوةً ثالثة، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يحبِّبَني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحبِّبَهم إلينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم حبِّب عُبَيدَك هذا وأمَه إلى عبادك المؤمنين، وحبِّب إليهمْ المؤمنين)).
                      يقول أبو هريرة: فما خُلِق مؤمن يسمع بي ولا يراني؛ إلا أحبني. (رواه مسلم ح (2491))
                      7- وأما عبدُ الله بن عباس حبرُ الأمة وتَرْجُمَانُ القرآن، فإن ما أوتيَه من العلم والحكمة كان بفضل الله الذي استجاب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، وذلك أنه لما كان غلاماً جهز وَضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي شاكراً صنيعه: ((اللهم فقهه في الدين)). (رواه البخاري ح (143)، ومسلم ح (2477) واللفظ للبخاري)
                      وفي مرة أخرى وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على كتِف ابن عباس وقال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلِّمه التأويل)). (رواه أحمد ح (2393))
                      وهذه الدعوة مما تحققتْ إجابةُ اللهِ النبيَ صلى الله عليه وسلم فيها، فقد شبَّ ابن عباس، فكان عمر يُجلِسه مع أكابر الصحابة يستشيره ويأخذ برأيه، على حداثة سنه، فقد فاق أقرانه، بما آتاه الله من الفقه في الدين وما علمه من محاسن التأويل، حتى صح عن ابن مسعودٍ فقيهِ الصحابة أنه قال فيه: " لو أدرك ابنُ عباس أسنانَنا؛ ما عاشره منا رجل" (رواه عبد الرزاق في المصنف ح (32219)) أي لنبوغه وفقهه، وكان يقول: "نِعم تَرْجُمَانُ القرآنِ ابنُ عباس". (رواه عبد الرزاق في المصنف ح (32220))
                      8- سجد النبى صلى الله عليه وسلم ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام وقال: ((اللهم عليك بقريش)) ثلاث مرّات.
                      يقول ابن مسعود: فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته.
                      ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهلِ بن هشام، وعتبةَ بنِ ربيعةَ، وشيبةَ بنِ ربيعةَ، والوليدِ بن عتبةَ، وأميةَ بنِ خلفٍ، وعقبةَ بنِ أبي مُعَيط)).
                      يقول ابن مسعود رضى الله عنه: وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، لقد رأيتُ الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سُحبوا إلى القليب، قليبِ بدر. (رواه البخاري ح (240)، ومسلم ح (1794) واللفظ له)
                      9- ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ورأى إدبار قريش وإعراضهم وصدهم عن الإسلام، قال: ((اللهم سبعٌ كسبع يوسف)).
                      قال ابن مسعود: فأخذتهم سَنةٌ حصّت كل شيء، حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف، وينظر أحدهم إلى السماء، فيرى الدخان من الجوع.
                      فأتاه أبو سفيان، فقال: يا محمد، إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا، فادعُ الله لهم.
                      وفي رواية لأحمد في مسنده أن أبا سفيان قال: أي محمد، إن قومك قد هلكوا، فادع الله عز وجل أن يكشف عنهم، قال: فدعا. ثم قال: ((اللهم إن يعودوا فعُدْ)).
                      ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: ]فٱرتقب يوم تأتي ٱلسَّماء بِدخانٍ مُّبين[ إلى قوله: }... إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون{ (الدخان: 10-16) قال: فالبطشةُ يومُ بدر. (رواه البخاري ح (1007)، ومسلم ح (2798)، وأحمد ح (4149))
                      لقد علم كفار قريش أن رسولَ الله مجابُ الدعوة عندَ الله، فجاؤوا يطلبون السقيا بدعائه، لأنهم علموا أن الله لا يرد نبيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام: 33).
                      10- واستهزأ عتيبة بن أبي لهب بالقرآن، فكُتب مع أبويه في سجل الهالكين؛ فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يموت بين أنياب السبُع، فقال: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك))، فكانت دعوة نبي أجابها الله، حين خرج عتيبة في قافلة يريد الشام، فنزل منزلاً، فقال: إني أخاف دعوةَ محمد صلى الله عليه وسلم.
                      فحطوا متاعهم حوله، وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه، فذهب به. (رواه الحاكم (2/588)، وصححه، ووافقه الذهبي، وحسنه ابن حجر في الفتح (4/39).)
                      11- وقعد بُسر الأشجعي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس يأكل بشماله، فلما ذكّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأكل باليمين استكبر عن قبول الحق فقال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا استطعت، ما منعه إلا الكبر))، فما رفعها إلى فيه. (رواه مسلم ح (2021)) أي عاجلته استجابة الله، فشُلت يمينه للتو، بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليه، جزاءَ استكباره عن قبول الحق والإذعان له.
                      12- وحاقت دعوتُه صلى الله عليه وسلم أيضاً بأعرابي دخل عليه النبي يَعُوده في مرضه، فقال صلى الله عليه وسلم مواسياً: ((لا بأسَ، طهور إن شاء الله))، فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلاّ، بل هي حُمّى تفُور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فنَعَمْ إذاً)). (رواه البخاري ح (5656).)
                      قال ابن حجر: "في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره ... وفي آخره: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن)) فما أمسى من الغد إلا ميتاً". (فتح الباري (6/722))
                      وهكذا؛ فإن هذه الدعوات المجابة وأمثالها دليل على رضا الله عن نبيه وتأييده له، ولو كان يتقوّل على ربه النبوة والرسالة لخذله اللهُ وأهلكه: } </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَمَا لَا تُبْصِرُونَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ *</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * </span><span lang=AR-SA><o></o></span></="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ[ (الحاقة:38-52).
                      * * *
                      غ 30- يهتم بالجانب العقلى لنفسه ولأتباعه
                      ومن دلائل النبوة أيضًا أن النبى يهتم بالجانب العقلى والصحى له ولأتباعه، فلا يشرب المسكرات من المشروبات أو يتناول ما يُعرف اليوم باسم المخدرات، ولا يأمر بتناول مغيبات العقل من المُسْكرَات، حتى يفهم الناس دعوته، ولا يفقدوا اتزانهم ووقارهم وعقلهم بين الناس، أو يستهزىء بهم غيرهم. وهذا مصداق لبعض النصوص التى يأمر بها الرب فى الكتاب الذى يقدسه السيد رشيد:
                      فقد وصف الرب الخمر بأقذع الأوصاف، فقال إن: (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة
                      بل أمر بعدم شربها: (20لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي الْخَمْرِ بَيْنَ الْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ.) أمثال 23: 20
                      وقال أيضًا فى القضاة 13: 14 (14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا)
                      (كُرُوماً تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ وَخَمْراً لا تَشْرَبُ وَلا تَجْنِي لأَنَّ الدُّودَ يَأْكُلُهَا.)تثنية 28: 39
                      (29لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ. 31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً.) أمثال 23: 29-31
                      بل إن من يشربها يعتبر من المرتدين، بل ويخرج من دائرة العقلاء: (الْخَمْرُ والنِّسَاءُ تَجْعَلانِ الْعُقَلاءِ أَهْلَ ردَّةٍ) سيراخ 19: 2
                      بل إن من يشربها فهو هالك: (6أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.) أمثال 31: 6-7 هكذا يعالج الرب مشاكل الناس!!
                      وهى من المشروبات التى حرمها الله تعالى على أنبيائه وقديسيه، وأصبحت علامة من علامات التقوى والورع والقداسة التى تلازم النبوة: (8وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ:9«خَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضاً دَهْرِيّاً فِي أَجْيَالِكُمْ) اللاويين 10: 8-9
                      لذلك منع أليصابات أم نبى الله يوحنا المعمدان من شربها أثناء حملها بنبيه يوحنا: (15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) لوقا 1: 15
                      ومنع المنذورين له من شرب الخمر، بل حرمها على أمهاتهم أثناء الحمل: (4وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئاً نَجِساً. 5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) قضاة 13: 4-5
                      إلا أن المحرفين لم يتركوا كلام الرب الطاهر، بل شوهوه بالتحريف، فادعوا أنه هو نفسه يشرب ويسكر، ثم ينام مثقل الرأس ويستيقظ فى الصباح تدمع عيناه من أثر شرب الخمر فى الليلة السابقة: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                      بالله عليك: هل يوجد إله يشرب الخمر ويسكر، ثم يسحب صفة القداسة والعظمة من نفسه فى نصوص أخرى من كتابه؟ فأين العقل الذى تشترطه فى النبوة؟ وأين العقل الذى تظنه فى هذا الإله السكران؟
                      إلا أنه من عجب العجاب أنك تجد يسوع فى الكتاب المقدس جدًا جدًا يقوم هو بنفسه بصناعة الخمر المعتقة من الماء الطيب: (3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». ..... 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ)يوحنا 2: 3-11
                      بل ويشربها فى عشائه مع التلاميذ: (26وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ 28لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 29وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي»)متى26: 26-29
                      ووصموا بها أيضًا نبى الله يوحنا: (19جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».) متى 11: 19
                      وبما أن هذه المشروبات لا يشربها العظماء،الذين منهم الأنبياء والصالحون: (4لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ الْمُسْكِرُ.) أمثال 31: 4، فهل كان يسوع وضيوفه من الصعاليك، الذى لا يشملهم أمر شرب الخمر والمسكر؟ أم كذب كاتب هذه الأسفار ونسب ليسوع هذه الصغائر تحقيرًا له، وتفريقًا للناس وإبعادهم عنه وعن دعوته؟ ألم أقل إن كتاب هذه الأسفار من أعداء يسوع، ويشوهون سيرته؟
                      ألم أقل لك أيها يا سيد رشيد إنك تقرأ كتابك الذى تقدسه ولا تفهم ما وراء هذه الكلمات؟ ألم أخبرك أن كُتَّاب هذه الأسفار التى تقدسها أرادوا سب يسوع وأمه وتسفيههما؟ وكُتَّابُ هذه الحكايات أرادوا بالطبع سحب صفة القداسة والقرب من الله من يسوع، وأن يجعلوا أول معجزة قام بها هى تدمير البشر. فهل يمكنك مع كل هذه الروايات والطعن فى يسوع إثبات نبوته، ناهيك عن ألوهيته؟
                      ولو راجعت قراءة القرآن لوجدت تحريم القرآن لها تدريجيًا، فلم يأمر القرآن بشرابها، بل نفَّرَ منها بصورة خفية، إلا على أولى اللباب، ومهَّدَ إلى تركها، حيث (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90
                      فقد صرَّح في التنفير منها بقول تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} البقرة: 219 فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعضهم وقالوا نأخذ منفعتها ونترك إثمها، فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} {النساء: 43 } فتركها بعض آخر من الناس وقالوا لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعضهم في غير أوقات الصلاة حتى نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة: 90 ، فصارت حراماً عليهم.
                      * * *

                      تعليق


                      • #56
                        رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                        غ 31- أن ينصر الله رسوله على أعدائه
                        وذلك تثبيتًا له ولمن معه، وإلا لضاع الدين والمؤمنون، وفشل الإله فى نشر دعوته. وهذا ما صرح به الكتاب الذى تقدسه:
                        (1أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي. 2الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلَهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي. 3أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي. 4اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. 5حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي. 6فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ. 7فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ أُسُسُ الْجِبَالِ. ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ لأَنَّهُ غَضِبَ. 8صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. 9طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. 10رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ وَهَفَّ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيَاحِ. 11جَعَلَ الظُّلْمَةَ سِتْرَهُ. حَوْلَهُ مَظَلَّتَهُ ضَبَابَ الْمِيَاهِ وَظَلاَمَ الْغَمَامِ. 12مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ عَبَرَتْ سُحُبُهُ. بَرَدٌ وَجَمْرُ نَارٍ. 13أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ بَرَداً وَجَمْرَ نَارٍ. 14أَرْسَلَ سِهَامَهُ فَشَتَّتَهُمْ وَبُرُوقاً كَثِيرَةً فَأَزْعَجَهُمْ 15فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْمِيَاهِ وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِكَ يَا رَبُّ مِنْ نَسَمَةِ رِيحِ أَنْفِكَ. 16أَرْسَلَ مِنَ الْعُلَى فَأَخَذَنِي. نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 17أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّي الْقَوِيِّ وَمِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. ...... 20يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ لِي. 21لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ الرَّبِّ وَلَمْ أَعْصِ إِلَهِي. 22لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي وَفَرَائِضَهُ لَمْ أُبْعِدْهَا عَنْ نَفْسِي. 23وَأَكُونُ كَامِلاً مَعَهُ وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. 24فَيَرُدُّ الرَّبُّ لِي كَبِرِّي وَكَطَهَارَةِ يَدَيَّ أَمَامَ عَيْنَيْهِ. 27لأَنَّكَ أَنْتَ تُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ وَالأَعْيُنُ الْمُرْتَفِعَةُ تَضَعُهَا. 28لأَنَّكَ أَنْتَ تُضِيءُ سِرَاجِي. الرَّبُّ إِلَهِي يُنِيرُ ظُلْمَتِي. 29لأَنِّي بِكَ اقْتَحَمْتُ جَيْشاً وَبِإِلَهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَاراً. 30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا! 32الإِلَهُ الَّذِي يُمَنْطِقُنِي بِالْقُوَّةِ وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلاً. 33الَّذِي يَجْعَلُ رِجْلَيَّ كَالإِيَّلِ وَعَلَى مُرْتَفِعَاتِي يُقِيمُنِي. 34الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. 35وَتَجْعَلُ لِي تُرْسَ خَلاَصِكَ وَيَمِينُكَ تَعْضُدُنِي وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي. 36تُوَسِّعُ خُطُوَاتِي تَحْتِي فَلَمْ تَتَقَلْقَلْ عَقِبَايَ. 37أَتْبَعُ أَعْدَائِي فَأُدْرِكُهُمْ وَلاَ أَرْجِعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. 38أَسْحَقُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ الْقِيَامَ. يَسْقُطُونَ تَحْتَ رِجْلَيَّ. 39تُمَنْطِقُنِي بِقُوَّةٍ لِلْقِتَالِ. تَصْرَعُ تَحْتِي الْقَائِمِينَ عَلَيَّ. 40وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي وَمُبْغِضِيَّ أُفْنِيهِمْ. 41يَصْرُخُونَ وَلاَ مُخَلِّصَ. إِلَى الرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ. 42فَأَسْحَقُهُمْ كَالْغُبَارِ قُدَّامَ الرِّيحِ. مِثْلَ طِينِ الأَسْوَاقِ أَطْرَحُهُمْ. ......... 47اَلإِلَهُ الْمُنْتَقِمُ لِي وَالَّذِي يُخْضِعُ الشُّعُوبَ تَحْتِي. 48مُنَجِّيَّ مِنْ أَعْدَائِي. رَافِعِي أَيْضاً فَوْقَ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ. مِنَ الرَّجُلِ الظَّالِمِ تُنْقِذُنِي. 49لِذَلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ وَأُرَنِّمُ لاِسْمِكَ. 50بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ.) مزمور 18: 1-50
                        وهذا النص أعلاه يؤكد أن الله تعالى يقف مع رسوله وينصره على أعدائه. فلماذا لم ينصر الرب يسوع وتلاميذه؟ لماذا ترك يسوع يُهان ويُستهزأ به ويموت ميتة الملاعين على الصليب وسط مجرمين؟ هل لأن يسوع لم يعبده حق عبادته؟ هل لأن يسوع لم يعظم شرع الله وأوامره ونواهيه؟ هل لأن يسوع من أعداء الرب فتركه يلقى هذا الهوان؟ أم نسى يسوع أنه الرب نفسه, أو أحد أفراد ثالوثه، وأنه نزل ليُصلب ويموت فداءً للبشرية؟ أم أراد يسوع أن يتراجع عن فداء البشرية فتركه الرب وتخلى عنه؟
                        مازال صراخ المصلوب فى أذنى: (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)) متى 27: 46
                        ومازال قول الرب يقرع فى أذنى: (15عَيْنَا الرَّبِّ نَحْوَ الصِّدِّيقِينَ وَأُذُنَاهُ إِلَى صُرَاخِهِمْ. 16وَجْهُ الرَّبِّ ضِدُّ عَامِلِي الشَّرِّ لِيَقْطَعَ مِنَ الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ. 17أُولَئِكَ صَرَخُوا وَالرَّبُّ سَمِعَ وَمِنْ كُلِّ شَدَائِدِهِمْ أَنْقَذَهُمْ. 18قَرِيبٌ هُوَ الرَّبُّ مِنَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ وَيُخَلِّصُ الْمُنْسَحِقِي الرُّوحِ. 19كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. 20يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لاَ يَنْكَسِرُ. 21الشَّرُّ يُمِيتُ الشِّرِّيرَ وَمُبْغِضُو الصِّدِّيقِ يُعَاقَبُونَ. 22الرَّبُّ فَادِي نُفُوسِ عَبِيدِهِ وَكُلُّ مَنِ اتَّكَلَ عَلَيْهِ لاَ يُعَاقَبُ.) مزمور 34: 15-22
                        فأيهما كلام الرب؟ هل صلب يسوع هو كلام الرب، أم وعد الرب بإنقاذ عبده الصديق؟ أم قتل يسوع شره؟ أم هذا ما أراد كاتبو أسفاركم أن يفهموه الناس حتى يقل أتباع يسوع وينفروا الناس منه ومن تعاليمه؟
                        فترى لماذا طعنوا يسوع برمح فى بطنه؟ أليس ليظهروا أنه ليس من الأبرار، بل من الأشرار الذين لم ينقذهم الرب، طبقًا لقول المزمور السابق؟
                        (31ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ لأَنَّ يَوْمَ ذَلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيماً سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. 32فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبَيْنِ مَعَهُ. 33وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. 34لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ.) يوحنا 19: 31-34
                        فهل من إجابة شافية على ترك الله تعالى له فى محنته؟ هل من إجابة شافية بإظهار يسوع بمظهر المجرمين وصلبه معهم، وطعنه بحربة فى جنبه، ولم يرحمه من كسر سيقانه إلا موته؟
                        أما نصر الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فهو غنى عن الإظهار والتحدث عنه. وسوف أذكر بضعة نقاط على حفظ الله تعالى له ولدعوته، ونصره على أعدائه؛ دفعًا لرسالة الحب والأمان بين العالمين ونشرًا لها:
                        يقول الله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾ الحج: 15
                        قال ابن كثير في تفسيره:
                        قَالَ اِبْن عَبَّاس: مَنْ كَانَ يَظُنّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّمَ - فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ أَيْ بِحَبْلٍ "إِلَى السَّمَاء" أَيْ سَمَاء بَيْته "ثُمَّ لْيَقْطَعْ" يَقُول ثُمَّ لِيَخْتَنِق بِهِ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَعَطَاء وَأَبُو الْجَوْزَاء وَقَتَادَة وَغَيْرهمْ.
                        وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم "فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء" أَيْ لِيَتَوَصَّل إِلَى بُلُوغ السَّمَاء فَإِنَّ النَّصْر إِنَّمَا يَأْتِي مُحَمَّدًا مِنْ السَّمَاء "ثُمَّ لْيَقْطَعْ" ذَلِكَ عَنْهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ.
                        وقال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ التوبة: 40
                        وقال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ غافر: 51
                        ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ الأنفال: 36
                        ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يوسف: 21
                        1- فنصره الله تعالى قبل الهجرة من كل أعدائه لمدة ثلاثة عشر عامًا، تطاول عليه فيها الكفار من قومه وخارجهم، وحاولوا إهانته، ورشوته، وقتله، فتصدى لهم الله تعالى. ونذكر من هذه الحوادث:
                        أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي (عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه إلا بين أظهركم؟ قالوا: نعم. فقال: واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته. قال: فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقيل له: ما لك؟ قال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهؤلاء أجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً) قال: وأنزل الله: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ إلى آخر السورة يعني أبا جهل ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ يعني قومه ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ يعني الملائكة.
                        وحاولوا كذلك رشوته: فقد أرادت قريش أن تجرب أسلوب الترغيب، فأرسلت عتبة بن ربيعة الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من المكان في النسب، وقد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به جماعتهم. فاسمع مني أعرض عليك أموراً لعلك تقبل بعضها، إن قلت: إنما تريد بهذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً, وإن كنت تريد شرفاً, سودانك علينا، فلا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً من الجن تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطبيب، وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ منه.
                        فلما فرغ من قوله تلا النبي صلى الله عليه وسلم عليه صدر سورة فصلت إلى أن وصل إلى قوله تعالى:
                        ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فصلت: 13
                        2- ونصره يوم الهجرة، فَأَمَرَهُ بِالْهِجْرَةِ مِنْ بَيْن ظَهْرَانَيْ قَوْمه إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وحفظه فى طريقه للخروج من بيته، ومن المدينة، وفى الصحراء، إلى أن وصل المدينة، التى واصل الله تعالى حفظ نبيه وانتصاراته بها.
                        أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قال وحدثني بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين بن أبي غطفان عن بن عباس قال وحدثني قدامة بن موسى عن عائشة بنت قدامة قال وحدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال وحدثني معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن سراقة بن جعشم دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا لما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حملوا الذراري والأطفال الى الأوس والخزرج عرفوا أنها دار منعة وقوم أهل حلقة وبأس فخافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في دار الندوة ولم يتخلف أحد من أهل الرأي والحجى منهم ليتشاوروا في أمره وحضرهم إبليس في صورة شيخ كبير من أهل نجد مشتمل الصماء في بت فتذاكروا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار كل رجل منهم برأي كل ذلك يرده إبليس عليهم ولا يرضاه لهم إلى أن قال أبو جهل أرى أن نأخذ من كل قبيلة من قريش غلاما نهدا جليدا ثم نعطيه سيفا صارما فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فلا يدري بنو عبد مناف بعد ذلك ما تصنع قال فقال النجدي لله در الفتى هذا والله الرأي وإلا فلا فتفرقوا على ذلك وأجمعوا عليه.
                        وأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال إن الله عز وجل قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكر الصحابة يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال أبو بكر فخذ بأبي أنت وأمي إحدى راحلتي هاتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن وكان أبو بكر اشتراهما بثمانمائة درهم من نعم بني قشير فأخذ إحداهما وهي القصواء وأمر عليا أن يبيت في مضجعه تلك الليلة فبات فيه علي وتغشى بردا أحمر حضرميا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام فيه. واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه يريدون ثيابه ويأتمرون أيهم يحمل على المضطجع صاحب الفراش. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وهم جلوس على الباب فأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذرها على رؤوسهم ويتلو ‏{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ حتى بلغ ‏{‏سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمون‏}‏ ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال قائل لهم ما تنتظرون قالوا محمدا قال خبتم وخسرتم قد والله مر بكم وذر على رؤوسكم التراب قالوا والله ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم وهم أبو جهل والحكم بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وأمية بن خلف ....
                        3- ثُمَّ مَنَحَهُ أَكْتَاف الْمُشْرِكِينَ يَوْم بَدْر فَنَصَرَهُ عَلَيْهِمْ وَخَذَلَهُمْ وَقَتَلَ صَنَادِيدَهمْ وَأَسَرَ سَرَاتَهُمْ فَاسْتَاقَهُمْ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَاد ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَخْذِهِ الْفِدَاء مِنْهُمْ.
                        4- نصر الله تعالى لرسوله والمسلمين فى غزوة الخندق، فقد أرسل الله عليهم الريح ليلا، فظنوا هجوم المسلمين عليهم وقتل بعضهم البعض، وفروا راجعين، ونصر الله تعالى رسوله والمسلمين وثبتهم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ الأحزاب: 9
                        وقد كانت قوة المشركين عشرة آلاف، يُضاف عليهم تحالف بنى قريظة مع المشركين، فى مقابل ثلاثة آلاف هى قوة المسلمين، ينقص منهم إنسحاب المنافقين.
                        5- نصره على اليهود والمشركين فى عدة محاولات لإغتياله، ومنها المرأة اليهودية التى سممت له ساق شاة، قبل أن تقدمها له ولأصحابه، فأنطق الله الشاة، وأخبرته أنها مسمومة، بل مات أحد الصحابة الذين أكلوا منها.
                        6- نصره صلى الله عليه وسلم من محاولة اغتياله على يد أحد يهود بنى النضير: واستغل بنو النضير من اليهود مجيء محمد (صلى الله عليه وسلم) ذات مرة إليهم ليناقشهم في شأن أحد التعويضات، يقول المؤرخ ابن كثير: فقالوا في سرِّهم: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه «ومحمد (صلى الله عليه وسلم) إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد»، فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه؟ فانتُدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب، فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي، فأتى رسولَ الله الخبرُ من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، فلما استلبث النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة فسألوه عنه فقال: رأيته داخلاً المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به) السيرة النبوية لأبن كثير (4/75).
                        7- ثُمَّ بَعْد مُدَّة قَرِيبَة فَتَحَ عَلَيْهِ مَكَّة فَقَرَّتْ عَيْنه بِبَلَدِهِ وَهُوَ الْبَلَد الْمُحَرَّم الْحَرَام الْمُشَرَّف الْمُعَظَّم فَأَنْقَذَهُ اللَّه تَعَالَى بِهِ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ الْكُفْر وَالشِّرْك..
                        8- وَفَتَحَ لَهُ الْيَمَن وَدَانَتْ لَهُ جَزِيرَة الْعَرَب بِكَمَالِهَا وَدَخَلَ النَّاس فِي دِين اللَّه أَفْوَاجًا ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ لِمَا لَهُ عِنْده مِنْ الْكَرَامَة الْعَظِيمَة ..
                        9- فَأَقَامَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَصْحَابه خُلَفَاء بَعْده فَبَلَّغُوا عَنْهُ دِين اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَوْا عِبَادَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى اللَّه جَلَّ وَعَلَا وَفَتَحُوا الْبِلَاد وَالرَّسَاتِيق وَالْأَقَالِيم وَالْمَدَائِن وَالْقُرَى وَالْقُلُوب حَتَّى اِنْتَشَرَتْ الدَّعْوَة الْمُحَمَّدِيَّة فِي مَشَارِق الْأَرْض وَمَغَارِبهَا، ثُمَّ لَا يَزَال هَذَا الدِّين قَائِمًا مَنْصُورًا ظَاهِرًا إِلَى قِيَام السَّاعَة.
                        فلماذا نصر الله تعالى نبيه فى كل هذه المواضع؟ أليس هذا نصر لدعوته ودينه؟ لماذا لم يتركه يقتل ويريح البشرية منه، لو كان شخص يدعى النبوة؟ ألم يقل الرب إن من يدعى النبوة سيقتله؟
                        (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) التثنية 18: 20-22
                        وَهَكَذَا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابه عَلَى مَنْ خَالَفَهُ وَنَاوَأَهُ وَكَذَّبَهُ وَعَادَاهُ فَجَعَلَ كَلِمَته هِيَ الْعُلْيَا وَدِينه هُوَ الظَّاهِر عَلَى سَائِر الْأَدْيَان.
                        وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ غافر: 51
                        وقال سبحانه: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يوسف: 21
                        وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ الأنفال: 36
                        * * *
                        غ 32- أن يحفظ الله تعالى لغة الكتاب الخاتم الذى أرسل به رسوله الخاتم
                        وذلك حتى تكون دعوته حجة على العالمين، وحتى لا يضيع مراد الرب بين المترجمين والمتفلسفين ورجال الدين.
                        ولا توجد مخطوطة لسفر واحد من أسفار الكتاب بلغة النبى الذى ينسب له هذا الكتاب أو بخط يديه. ولو أخذنا إنجيل متى على سبيل المثال، فهم يقولون إن أصل هذا الإنجيل كتبه متى بالعبرية، ثم الذى بين أيدينا هى ترجمته. فأين الأصل لنقارن دقة الترجمة من عدمها؟ ومن هو المترجم؟ وما مدى معرفته باللغة المترجم عنها؟ وهل هى ترجمة أم تأليف أم خليط بين الاثنين؟ كيف نتأكد من صحة هذا؟
                        أما القرآن الكريم فقد بقيت أصوله ولغته فى صدور الحفاظ، وفى الكتب، مهما اختلفت تفاسير المفسرين أو عقائد التابعين لهذا الكتاب.
                        * * *
                        غ 33- تأييد الله تعالى لدعوته بمعجزات خارقة يستوجب معها التسليم بنبوته
                        وأكرر هذه النقطة مرة أخرى بالتوثيق بأحاديث صحيحة متواترة: كحديثه صلى الله عليه وسلم مع الحيونات، وسجود الجمل بين يديه، وطاعة الشجرة وشهادتها أنه لا إله إلا الله وأنه رسول الله، وتسبيح الحجر والثمر بين يديه. فكل هذه إشارات أن الحيوانات والجمادات عرفت نبوته، وآمنت به، وسلمت له بالنبوة. ولا يتأتى هذا إلا من عند الله، الذى أراد بهذه المعجزات تثبيت نبوته فى قلوب الناس، حتى يسمعوا لدعوته، ويذعنوا لها.
                        1- فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى
                        ورُوي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (أُتى النبي صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ وَهُوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ القَوْمُ).
                        قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة. (البخاري (3307)، ومسلم (2279))
                        2- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله) رواه الترمذي و الدارمي، وصححه الألباني
                        3- فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه) رواه البخاري. وفي سنن الدارمي: (خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد).
                        4- روى جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما قال: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ: لا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَنْ مَعَهُ. فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ. فَصَاحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَيَّ هَلاَ بِكُمْ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ". فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ. فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ. فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: "ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلاَ تُنْزِلُوهَا". وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ) البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب (3876)، ومسلم: كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ويتحققه تحققًا تامًّا (2039).
                        5- يقول ابن مسعود رضى الله عنه: (لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ) البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3386).
                        6- ويقول أبو ذَرٍّ رضى الله عنه: (إني لشاهد عند النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة وفي يده حصى فسبَّحْنَ في يده، وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحهن مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر، فسبَّحْنَ مع أبي بكر، سمع تسبيحهن مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسبَّحْنَ في يده، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر فسبَّحْنَ في يده، وسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان فسبَّحْنَ في يده، ثم دفعهن إلينا فلم يُسَبِّحْنَ مع أحدٍ مِنَّا". رواه الطبراني في الأوسط (1244)، وقال الهيثمي: "وله طرق أحسن من هذا في علامات النبوة، وإسناده صحيح". مجمع الزوائد (5/327)، وصححه الألباني في تخريج كتاب "السُّنَّة" (1146)
                        7- روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "سِرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديًا أفْيَح [أى واسعًا] صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتَّبَعْتُه بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يَرَ شيئًا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ". فانقادت معه كالبعير المخشوش [أى المربوط بالحبل] انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ". فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما لأَمَ بينهما -يعني جمعهما- فقال: "الْتَئِمَا عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ"؛ فالتأمتا. يقول جابر: فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مُقبِلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق). رواه مسلم: كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر (3012).
                        8- يقول ابن عمر رضي الله عنهما: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْنَ تُرِيدُ؟". قَالَ: إِلَى أَهْلِي. قَالَ: "هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ؟". قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: "تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". فَقَالَ: وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَا تَقُولُ؟ قَالَ: "هَذِهِ السَّلَمَةُ". فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ بِشَاطِئِ الْوَادِي، فَأَقْبَلَتْ تَخُدُّ الأَرْضَ خَدًّا حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلاَثًا، فَشَهِدَتْ ثَلاَثًا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، وَرَجَعَ الأَعْرَابِيُّ إِلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ: إِنِ اتَّبَعُونِي أَتَيْتُكَ بِهِمْ، وَإِلاَّ رَجَعْتُ فَكُنْتُ مَعَكَ) رواه الدارمي: باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن (26)، وصحيح ابن حبان (6505)، والألباني في مشكاة المصابيح (5868)
                        9- وعن عبد الله بن جعفررضي الله عنه قال: (... فدخل [رسول الله صلى الله عليه وسلم] حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه) رواهالإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني
                        10- يقول أبو هريرة رضى الله عنه لمَّا فتحت خيبر أُهْدِيَتْ لرسول اللَّه صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاةٌ فيها سمٌّ، فقال رسول اللَّه صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنَ الْيَهُودِ. فَجُمِعُوا لَهُ... فَقَالَ لَهُمْ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِيَّ عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟" قَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: "هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا؟" فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ: "مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟" فَقَالُوا: أَرَدْنَا إِنْ كُنْتَ كَذَّابًا نَسْتَرِيحُ مِنْكَ، وَإِنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ). البخاري: كتاب الطب، باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم (5441)
                        11- يروي ذلك أنس بن مالكٍ رضى الله عنه فيقول: كان أهل بيتٍ من الأنصار لهم جملٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ، وإنَّ الجمل اسْتُصْعِبَ عليهم فمنعهم ظَهْرَهُ، وَإِنَّ الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنَّه كان لنا جملٌ نُسْنِي عليه وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ علينا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ، وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ.
                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "قُومُوا". فقاموا، فدخل الحائطَ والجمل في ناحيةٍ، فمشى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نحوه، فقالت الأنصار: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ [أى المفترس]، وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ.
                        فَقَالَ: "لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ". فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ.
                        فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ بَهِيمَةٌ لا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ، فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ: "لا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ" ...) مسند أحمد (12635)
                        فلماذا سخر الله تعالى الجماد والحيوان ليثبتوا نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ لأنه بالطبع نبيه وحبيبه، حفظه ليحفظ رسالته، حتى يتم نشرها على أتم وجه.
                        * * *
                        غ 34- ينتقم الله تعالى منه بالموت والقتل لو كان كاذبًا مدعيًا للنبوة، ويخلص الناس من شروره ودعوته الكاذبة
                        (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) التثنية 18: 20-22
                        وهذا لم يحدث للنبى صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا من قبل عدة أمثلة لحفظ الله تعالى له فى مكة وفى المدينة. فى السلم والحرب.
                        فهل حدث ذلك ليسوع؟ لا. إن أعداءه ادعوا أن اليهود قبضوا عليه، وعذبوه وأهانوه ثم قتلوه مصلوبًا على جذع شجرة،وبالتالى مات ميتة الملاعين بين اثنين من المجرمين.
                        لوقا 22: 41-44 (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)
                        (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)) متى 27: 46
                        متى 27: 28-31 (28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ)
                        (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                        لقد تركه إلهه وتخلى عنه على الرغم من ثقة يسوع به وعمله كل ما يرضيه:
                        يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                        يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
                        فهل خدعه إلهه وتركه يُصلب ويموت؟ أم إنه خدع الإله وعلم تعاليم كاذبة يرفضها العهد القديم مثل التثليث وتوارث الخطيئة الأزلية، وموت الإله؟ أم كان مدعيًا للنبوة أو الألوهية فانتقم الرب منه شر انتقام؟ أم أنقذه الله تعالى، وكل ما تحكيه هذه الأناجيل ما هو إلا كذب وافتراء على الله تعالى ونبيه العظيم عليه السلام؟ أترك لك الإجابة!
                        * * *
                        غ 35- لا يتركه الله تعالى يفعل ما يحلو له، لو كان مخالفًا لتعاليمه
                        هناك الكثير والكثير من التعاليم التى تُنسب ليسوع، وهى مخالفة لكتاب موسى وتعاليم الأنبياء، ولم نر معاتبة الله لقائلها أو ذم ما فعله، وهو دليل على تلاعب الكاتب بكتاب الرب وتعاليمه، منها:
                        أولا: الناموس:
                        لقد صرح يسوع أنه لم يأت إلا متبعًا لتعاليم الناموس، وأنه لن ينقض منه نقطة واحدة: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى5: 17-18
                        بل هاجم الكتبة والفريسيين دفاعًا عن الناموس ، فقال: (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ.) متى 23: 23
                        وتمسَّكَ هو نفسه بتعاليم موسى، فقال لمن شفاه بإذن الله: (3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») متى 8: 3-4 ، راجع أيضاً مرقس 1: 40-44
                        وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                        وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
                        وقال سفر الأمثال: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
                        وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيماً صَالِحاً فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
                        وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
                        وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
                        وقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
                        وقال الرب إن وصيته تلزم أتباعه إلى ألف جيل: (9فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ اللهُ ، الإِلَهُ الأَمِينُ الْوَفِيُّ بِالْعَهْدِ وَالإِحْسَانِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيلٍ.) تثنية 7: 9، فهل تغيير الناموس فيه وفاء بعهد الله؟
                        ولعن الرب من يعرض عن هذا الناموس وكلامه: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
                        ولعنه أيضًا فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                        وأعلن الرب غضبه على من يعرض عن شريعته التى أنزلها على موسى، واتبعها كل الأنبياء، فقال: (12بَلْ جَعَلُوا قَلْبَهُمْ مَاساً لِئَلاَّ يَسْمَعُوا الشَّرِيعَةَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّ الْجُنُودِ بِرُوحِهِ عَنْ يَدِ الأَنْبِيَاءِ الأَوَّلِينَ. فَجَاءَ غَضَبٌ عَظِيمٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْجُنُودِ.) زكريا 7: 12
                        إلا أن نفس الكتاب الذى يُنسب إلى الرب يتبرأ من هذا الناموس، ويعتبره لم يُكمل شيئًا، وأنه معيب، يجب إلغائه، وأن من يتبرر به سقط من النعمة، لأنه شوكة الموت، وقوة الخطية، وأنه لو كان به بر، فهذا يعنى أن يسوع صُلب بلا سبب، لذلك لا يبرر إنسان بأعمال الناموس:
                        (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
                        (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيداً» عَتَّقَ الأَوَّلَ. وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
                        (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
                        (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                        (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ.) رومية 3: 20
                        (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                        (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذاً مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
                        (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                        ثانيًا: إلغاء الختان:
                        (9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَاناً وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
                        بل قرَّرَ الرب أن يقتل موسى لأنه نسِىَ أن يختن ابنه: (21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ». 27وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاِسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ. 28فَأَخْبَرَ مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ وَبِكُلِّ الآيَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا.) خروج 4: 21-28
                        وهذا ما فعله عيسى ويوحنا المعمدان عليهما السلام (59وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَقَالَتْ أُمُّهُ: «لاَ بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا».) لوقا 1: 59-60 ، (21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.) لوقا 2: 21
                        أما بولس فله رأى آخر (فى الحقيقة دين آخر) فى موضوع الختان:
                        (أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2
                        (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                        (12جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَراً حَسَناً فِي الْجَسَدِ، هَؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ. 13لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. 14وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.) غلاطية 6: 12-15

                        تعليق


                        • #57
                          رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                          ثالثًا: الخطيئة الأزلية:
                          1- (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                          2- وقال الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ])أخبار الأيام الثانى 25: 4
                          3- وقال الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.) أخبار الأيام الثاني 7: 14
                          4- وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
                          أى (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى <u1></u1>(38)</span><span lang=AR-SA><o></o></span> </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى <u1></u1>(39) </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى <u1></u1>(40) </="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size: 18.0pt'>ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41)) سورة النجم 38-41
                          5- وقال الرب لهوشع: (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
                          6- وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                          7- وقال الرب لحزقيال: (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ.13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا، فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ، فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ، بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ، 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ، فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33 :11-16
                          فالله يطلب منهم إذن التوبة من ذنوبهم ، لكى يُدخلهم جنات الخلد ، فالطريق إلى البر والخلود فى جنات النعيم هو إذن الإستقامة وليست الإيمان بالمصلوب من أجل ذنب آدم وحواء. ويطالبهم بالتوبة كما فعل آدم فأنقذته، وكان بذلك حكيمًا: (هي التي حفظت أول من جُبِلَ أبًا للعالم لمَّا خُلق وحده، وأنقذته من زلته، وآتته قوة ليتسلط على الجميع) الحكمة 10: 1-2
                          8- وقال بولس: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5
                          9- (8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10 ، إذن فالنجاة من النار هو رهن الثمار الجيدة التى تنتجها أنت فى حياتك ، وليست رهن الإيمان بيسوع وإياه مصلوباً.
                          10- وقال الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18
                          11- وقال الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
                          12- وقال أيضاً: (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27
                          أما بولس فله رأى آخر (فى الحقيقة دين آخر) فى موضوع الخطيئة الأزلية:
                          (8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ. 10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. 12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. 13فَإِنَّهُ حَتَّى النَّامُوسِ كَانَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ الْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. 14لَكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى وَذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي. 15وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضاً الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ. 16وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هَكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ. 17لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً. 20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ. وَلَكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ الْخَطِيَّةُ ازْدَادَتِ النِّعْمَةُ جِدّاً. 21حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ الْخَطِيَّةُ فِي الْمَوْتِ هَكَذَا تَمْلِكُ النِّعْمَةُ بِالْبِرِّ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا.) رومية 5: 8-21
                          (22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!) عبرانيين 9: 22
                          (23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 23-25
                          رابعًا: اخراجكم من جماعة الرب:
                          يقول الرب إنه لا يدخل فى جماعته المخصى بالرضى: (لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 1
                          (لا يدخُلْ مَرضوضُ الخِصيتَينِ ولا مقطوعُ العُضْوِ التناسُليِّ جماعةَ المُؤمنينَ بالرّبِّ.) تثنية 23: 1، الترجمة العربية المشتركة
                          على الرغم من ذلك يُشجِّعك إنجيل متَّى على أن تخصى نفسك كما فعل أوريجانوس: (11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 11-12
                          خامسًا: إلغاء السبت:
                          تقديس السبت هو الوصية الرابعة من الوصايا العشر: (14فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلاً. إِنَّ كُلَّ مَنْ صَنَعَ فِيهِ عَمَلاً تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا. 15سِتَّةَ أَيَّامٍ يُصْنَعُ عَمَلٌ. وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. كُلُّ مَنْ صَنَعَ عَمَلاً فِي يَوْمِ السَّبْتِ يُقْتَلُ قَتْلاً.16فَيَحْفَظُ بَنُو إِسْرَائِيلَ السَّبْتَ لِيَصْنَعُوا السَّبْتَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 17هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ».) خروج 31: 14
                          (3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقاً.) تكوين 2: 3
                          (8اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. 9سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ 10وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ.) خروج 20: 8-10
                          بل وأمر الرب بقتل من يخالف نقطة واحدة من وصاياه، وهو عين ما قام به موسى فى قتل من خالف تعاليم الرب بشأن حفظ السبت: (32وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ. 33فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ. 34فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. 35فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ». 36فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى) عدد 15: 32-36
                          تقول موسوعة دائرة المعارف الكتابية ، تحت كلمة السبت (الرسول بولس والسبت):
                          وفى حديثه عن الناموس، لم يفرق الرسول بولس بين الناموس الأدبي والنامس الطقسي، فكلاهما جزء من العهد العتيق الذي أُبطل فى المسيح (2كورنثوس 3: 14). ولاشك فى أن "السبت" كان جزءاً من الصك الذى "كان علينا فى الفرائض الذي كان ضّداً لنا، وقد رفعه (الله) من الوسط مسمراً إياه بالصليب" (كولوسى 2: 14). وقد ورد ذكر السبت مع الأعياد والأهلة "التى هي ظل الأمور العتيدة" (كولوسى 2: 16و17) و "حفظ أيام وشهور وأوقات وسنين" هو استعباد "للأركان الضعيفة الفقيرة" (غلاطية 4: 9 و10، وانظر أيضاً كولوسى 2: 20). "فحفظ أيام" هو أحد خصائص الإنسان "الضعيف فى الإيمان" (رومية 14: 1-5).
                          إذن لقد ألغى بولس أيضاً تقديس يوم السبت الذى هو (مُقَدَّسٌ لَكُمْ.) وأمر الرب أن يُحفَظ أبدياً (فَيَحْفَظُ بَنُو إِسْرَائِيلَ السَّبْتَ لِيَصْنَعُوا السَّبْتَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْداً أَبَدِيّاً) بل أمر بقتل من دنسه واعتدى عليه: (مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلاً.) خروج 31: 14 وجعلَ بدلاَ منه القيصر الرومانى الوثنى قسطنطين عام 321 ميلادية يوم الأحد ، وقد كان اليوم المقدس عند عبدة الأوثان ، ويوم القيامة عند النصارى الذين آمنوا بصلب يسوع وقيامته ، ووافقه على ذلك الامبراطورين تيودسيوس وجوستين.
                          وغيره من الثوابت الإيمانية فى العهد القديم قام بولس بإلغائها. فهل رده الرب؟ هل منعه؟ هل عاتبه؟ مطلقًا.
                          بل استمر بولس فى دعوته الضالة بين اليهود على الرغم من محاكمة التلاميذ له، وإعطائه مهلة للاستتابة، وتغريمه نقود حلق رؤوسهم، وبالرغم من ذلك استمرت دعوة بولس، وطغت على تعاليم يسوع وموسى والأنبياء:
                          (وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 20-32 وظل المسيحيون من اليهود يحفظون السبت والناموس إلى أن تمكَّن بولس من فرض دينه وإخراجهم من دين الله.
                          فهل من الممكن أن يأمر الرب باتباع الناموس، وحفظ السبت،والختان، وعدم توارث الخطيئة، فى وقت ما، ويلعن من لا يتبعه، بل ويأمر بقتله، ثم بعد رفع نبيه، وفى عدم حضوره فى الدنيا، يأتى من يُغير أوامر الرب وينسبه لهذا النبى؟
                          وكان الأمر بخلاف ذلك مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
                          وأن كل ما أخبرنا به الرسول من قرآن وأحاديث قدسية، وأحاديث نبوية إنما صدر عن الله تعالى وبعلمه وتصريحه، فلم يتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم بهواه فى القرآن ولا فى الشريعة، بل علمه رئيس الملائكة جبريل: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) النجم: 3-5
                          قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (ولم يقل: «وما ينطق بالهوى»؛ لأن نفي نطقه عن الهوى أبلغ؛ فإنه يتضمن أن نطقه لا يصدر عن هوى، وإذا لم يصدر عن هوى فكيف ينطق به؟ فتضمن نفي الأمرين: نفي الهوى عن مصدر النطق، ونفيه عن نفسه، فنُطقه بالحق، ومصدره الهدى والرشاد لا الغي والضلال). [بدائع التفسير (4/672)]
                          وقال تعالى: (وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) النساء : 113
                          وقال: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) الجمعة: 2
                          فنفى الله تعالى أن يكون رسوله شاعر يؤلف القرآن أو حتى كاهن، وأكد أنه رسول الله تعالى، وأن مصدر القرآن من عند الله، وافترض أنه لو تقوَّل الرسول كلامًا نسبه لله، لانتقم الله منه، ولن يخلصه أحد:
                          (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)) الحاقة: 38-52
                          وإليك أمثلة يرد الله فيها رسوله إلى التصرف الأمثل:
                          1- عاتب الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم وبيَّن أن الغيرة بين الزوجات لا يجب أن تؤدى إلى شرع أو تصرف تُظلم فيه زوجة أو يهضم فيه حق من حقوقها، أو تُحرَّم فيه نعمة من نعم الله، تطييبًا لما لحق نفوس بعض أزواجه من الغيرة. فهناك من الأشياء الدافعة للغيرة ينبغي أن لا يؤبه لها. وعذر النبي صلى الله عليه وسلم في فعله هو جلب رضى الأزواج، وهذا من حسن معاشرته عليه الصلاة والسلام معهن، لكن الغيرة التي نشأت بينهن إنما هي معاكسة بعضهن بعضًا، وهذا مما يخل بحسن العشرة بينهن، فأخبره الله أن اجتهاده هذا غير معتبر وعاتبه على ذلك، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ التحريم: 1-2
                          2- وقال فى عتابه بشأن حادثة عبد الله بن أم مكتوم: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ عبس: 1-16
                          3- وعاتبه سبحانه وتعالى كذلك بشأن أخذ الفداء من أسرى بدر: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ الأنفال: 67-69
                          4- وعاتبه تبارك وتعالى بعد الإذن للمنافقين بالتخلف يوم العسرة: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾ التوبة: 43
                          5- وعلمه أن لا ينسى ذكر مشيئة الله تعالى قبل الوعد بعمل شىء: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾ الكهف: 23-24
                          6- وعاتبه عتابًا شديدًا قاسيًا فى تردده وتباطؤه فى الزواج من ابنة عمه، بعد أن طلقها زوجها زيد: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً * مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ الأحزاب: 37-39
                          أليس ذلك دليل من أقوى الأدلة على حفظ الله تعالى لكتابه، ورعايته لدينه، وتنقية له من أى شائبة تدخله، حتى ولو كانت من رسوله؟
                          * * * *
                          غ 36- يُمهِّد الله تعالى له ولدعوته فى حياته وقبل بعثته
                          نخص بالذكر هنا خاتم رسل الله، الذى يسمونه المسِّيِّا الرئيس، أو النبى الرئيس أى الخاتم. لقد مهد الله تعالى لدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم من بداية الخلق، ونلمس فى العهد القديم وعد الله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام بالبركة والنبوة فى نسل إسحاق، ثم فى نسل إسماعيل: (18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْداً أَبَدِيّاً لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.) تكوين 17: 20
                          وهنا يحدث تحريف آخر غير إضافتهم كلمة إسحاق بعد ابنك وحيدك، فقد قام المترجم بتغيير موافقة الله تعالى على طلب إبراهيم عليه السلام ، وأبدل كلمة (نعم) بكلمة (لا) أو تجنب أن يذكر كلمة (نعم) صريحة. فلاحظ الكلمات التى تحتها خط ، وتخبطهم فى كلمة واضحة المعنى والترجمة:
                          جاءت معنى هذه الكلمة فى ترجمة Einheitsübersetzung كالآتى:
                          Gott entgegnete: Nein، deine Frau Sara wird dir einen Sohn gebنren und du sollst ihn Isaak nennen. Ich werde meinen Bund mit ihm schlieكen als einen ewigen Bund für seine Nachkommen.
                          http://theol.uibk.ac.at/leseraum/bibel/gen1.html#1
                          وكانت فى ترجمة لوثر لعام 1545 كالآتى:
                          19Da sprach Gott: Ja، Sara، dein Weib، soll dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak heiكen; denn mit ihm will ich meinen ewigen Bund aufrichten und mit seinem Samen nach ihm.
                          http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=GEN+17&language=germa...
                          ويبدو أن المترجم للوثر أفاق بعد أن لفت نظره اليهود إلى أنه بصدقه فى الترجمة سيعطى لإسماعيل الحق فى النبوة ، وسيكون على شعوبنا الاعتراف بمحمد عليه الصلاة والسلام ودينه ، وعلينا ألا نحتل أراضيهم تحت شعار أرض الميعاد ، فغيرها المترجم المؤمن فى الطبعات التى تلت طبعة 1912 ، ثم وخذه ضميره فأعاد تصحيح الترجمة فى عام 1914 ، ثم مات ضميره فغيرها فى طبعة 1984):
                          19 Da sprach Gott: Nein، Sara، deine Frau، wird dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak nennen، und mit ihm will ich meinen * ewigen Bund aufrichten und mit seinem Geschlecht nach ihm. (1912)
                          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...nomd&bi=luther
                          19. Da sprach Gott: Ja، Sara، dein Weib، soll dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak heiكen; denn mit ihm will ich meinen ewigen Bund aufrichten und mit seinem Samen nach ihm.(1914), (GLB) e-sword
                          http://unbound.biola.edu/results/index.cfm?background=none&read=yes&print=yes&Versi on=german%5Fluthe...
                          19Da sprach Gott: Nein، Sara، deine Frau، wird dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak nennen، und mit ihm will ich meinen dewigen Bund aufrichten und mit seinem Geschlecht nach ihm. (1984)
                          http://www.bibel-online.net/buch/01.1-mose/17.html#17،1
                          وفى ترجمة Schlachter نفى قاطع أن يكون له مع إسماعيل عهد:
                          19 Da sprach Gott: Nein، sondern Sarah، dein Weib، soll dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak nennen; denn ich will mit ihm einen Bund aufrichten als einen ewigen Bund für seinen Samen nach ihm.
                          http://www.pfarre-grinzing.at/bibel/...ebi_Gen_17.htm
                          وفى تراجمة الـ Basic الإنجليزية جاءت أيضاً بالنفى:
                          19 And God said، Not so; but Sarah، your wife، will have a son، and you will give him the name Isaac، and I will make my agreement with him for ever and with his seed after him.
                          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=bbe
                          وتجاهلت ترجمة الملك جيمس ترجمة كلمة الرب الأولى منعاً للإحراج ، وهذا ما فعلته ترجمة الـ Webster لعام 1833 ، وسأضع الرابط أسفل رابط الترجمة:
                          19 And God said، Sarah thy wife shall bear thee a son indeed; and thou shalt call his name Isaac: and I will establish my covenant with him for an everlasting covenant، and with his seed after him
                          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=kjv
                          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...omd&bi=webster
                          إلا أنه يبدو أن المترجم قد وقع تحت ضغط اللوبى الصهيونى فتجرأ هذه المرة وغير كلمة الرب من نعم إلى لا:
                          19Then God said: "No، Sarah your wife shall bear you a son، and you shall call his name Isaac; I will establish My covenant with him for an everlasting covenant، and with his descendants after him. (NKJV)
                          http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=GEN+17&language=engli...
                          وكذلك نفت الترجمة الإنجليزية العالمية:
                          19. God said، "No، but Sarah، your wife، will bear you a son. You shall call his name Isaac. I will establish my covenant with him for an everlasting covenant for his seed after him. (World Eng.)
                          http://unbound.biola.edu/results/index.cfm?background=none&read=yes&print=yes&Versi on=web%3AWorld%20...
                          وبالإيطالية غير المترجم كلمة الرب وجعلها (لا) بدلاً من (نعم) ، ووافقتها على هذا التحريف ترجمة أخرى بالإيطالية أيضاً سأضع رابطها بعد رابط الترجمة:
                          19E Dio disse: "No، Sara، tua moglie، ti partorirà un figlio e lo chiamerai Isacco. Io stabilirٍ la mia alleanza con lui come alleanza perenne، per essere il Dio suo e della sua discendenza dopo di lui.
                          http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=GEN+17&language=itali...
                          http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=GEN+17&language=itali...
                          كما غيرتها الترجمة الفرنسية الآتية إلى رفض الرب هذا الطلب فى إسماعيل رفضاً قاطعاً، ولاحظ الفراغ الذى تركته قبل إجابة الرب:
                          19 Dieu reprit: ---Mais non! c'est Sara، ta femme، qui te donnera un fils. Tu l'appelleras Isaac (Il a ri) et j'établirai mon alliance avec lui، pour l'éternité، et avec sa descendance après lui.
                          http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=GEN+17&language=frenc...
                          ووافقتها فى التحريف هذه الطبعة الفرنسية:
                          http://unbound.biola.edu/results/index.cfm?background=none&read=yes&print=yes&Versi on=french%5Fjerus...
                          وكان مترجم الطبعة الفرنسية لداربى حى الضمير فأبى أن يكذب؛لأنه حى الضمير. وقد سوَّل له ضميره الحى أن لا يذكر كلمة الرب بالمرة ، فلم يترجم (نعم) ولا (لا). كما فعلت ترجمة الملك جيمس سابقة الذكر. ولكنه بدأها بقوله: بالطبع ستلد لك زوجتك سارة .. ، بدلاً من قوله: نعم. أو بالطبع. ثم يستأنف الجملة التى تليها. أى جعل الموافقة منصبة على ولادة سارة لغلام سيكون معه العهد:
                          19. Et Dieu dit: Certainement Sara، ta femme، t'enfantera un fils; et tu appelleras son nom Isaac; et j'établirai mon alliance avec lui، comme alliance perpétuelle، pour sa semence après lui.
                          http://unbound.biola.edu/results/index.cfm?background=none&read=yes&print=yes&Versi on=french%5Fdarby...
                          ووافقتها على هذا الضمير الحى فى معالجة كلمة الرب هذه الطبعة:
                          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=lsg
                          (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة: 79
                          فمن المستحيل أن يُخطىء كل هؤلاء. إن النية السيئة متوفرة لدى المترجمين. وقس على ذلك كل ما يشير فى الكتاب المقدس إلى المِسِّيِّا.وقد رأينا الكثير من ذلك، ومازلنا.
                          لقد أقسم الله بذاته أن يبارك إبراهيم ونسله بسبب طاعة إبراهيم لله، وأنه همَّ بذبح ابنه من أجل الله: (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».) تكوين 22: 16-18
                          وهذا بسبب استسلامه لأمر الله بذبح ابنه وحيده. ولم يكن إسحاق عليه السلام قد ولد بعد ، حيث إن الفارق فى العمر بينهما هو (14) عاماَ: (16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ.) تكوين 16: 16 و(5وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ) تكوين 21: 5
                          ولم يجد اليهود أو النصارى مخرجاً لهذه النقطة إلا سبِّ الإله واتهامه بالظلم. فقالوا: إن الابن الوحيد والبكر، لم يكن إسماعيل قط، لأن إسماعيل ابن الجارية، أما إسحاق فهو ابن الحرة. وعلى ذلك يكون إسحاق هو الابن الحقيقى لإبراهيم، وهو الوريث الوحيد.
                          والعجيب أن التوراة لم تقل أبداً إن إسماعيل ابن غير شرعى لإبراهيم، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلاً فآثرت أن تزوجه بهاجر: (3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3
                          أى إن نسلها يجب أن يكون نسلاً شرعياً، ويؤكد ذلك قول الرب نفسه: (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ») تكوين 21: 13
                          كما سمَّاه ابناً لإبراهيم: (. 23فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ وِلْدَانِ بَيْتِهِ وَجَمِيعَ الْمُبْتَاعِينَ بِفِضَّتِهِ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ وَخَتَنَ لَحْمَ غُرْلَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ كَمَا كَلَّمَهُ اللهُ. .. .. .. .. 26فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ خُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ.) تكوين 17: 23 و26
                          كما سمَّى الله إسماعيل أخاً لإسحاق ولباقى اخوته: (12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».) تكوين 16: 12
                          واعترف إبراهيم به ابناً شرعياً له: (15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْناً. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ».) تكوين 16: 15 ، أى إن الله اعتبر إسماعيل من نسل إبراهيم. وعلى ذلك يكون إسماعيل هو البكر.
                          كما تجد تعاطف الله سبحانه وتعالى مع إسماعيل وأمه من اللحظة التى فكرت فيها هاجر أن تهرب تبعاً لقول الكتاب ، فأرسل لها ملاكه يواسيها وينبئها بالبشارة السارة فى ابنها إسماعيل ونسله: (8وَقَالَ: ((يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟)). فَقَالَتْ: ((أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ)). 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا)). 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((تَكْثِيراً أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ)). 11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ ابْناً وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ)).) تكوين 16: 8-12
                          وهو نفس الكلام الذى قاله الله لإبراهيم عن ابنه البكر الذى سينجبه: ())4َإِذَا كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ: ((لاَ يَرِثُكَ هَذَا. بَلِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ هُوَ يَرِثُكَ)). 5ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: ((انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا)). وَقَالَ لَهُ: ((هَكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ)).) تكوين 15: 4-5
                          وعندما غارت سارة من هاجر: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
                          وفى برية بئر سبع (17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا:«مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً») تكوين 21: 17-18
                          وقالت عنه التوراة إنه ابن إبراهيم: (وهذه مواليد إسماعيل بن ابراهيم الذى ولدته هاجر المصرية جارية سارة لإبراهيم) تكوين 25: 12
                          وعند وفاة إبراهيم اشترك الابنان فى دفن أبيهما: (ودفنه إسحق وإسماعيل ابناه فى مغارة المكفيلة) تكوين 25: 7 ، والاشتراك فى الدفن يعنى الاشتراك فى الميراث.
                          إذن لقد كان عهد الله مع إبراهيم فى ابنه إسماعيل ، فى ابنه الوحيد الذى يحبه، الذى نزل ملاك الله من السماء ليبشر به إبراهيم ، ويؤكد ذلك لأمه هاجر.
                          أما إقحام اسم إسحق وأن العهد الأبدى كان به فتكذبه نقاط عديدة جداً جداً فى الكتاب منها ما ذكرت آنفاً ، ومنها أيضاً قول عيسى عليه السلام لليهود أبناء إسحاق ، أن العهد ليس فى نسلهم ، وأن النبوة لا بد أن تؤخذ منهم ، وستُعطى لأمة أخرى ، ستُعطى لرجل من نسل هاجر ، الحجر الذى رفضه البناؤون: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
                          أما القارىء الجيد للإصحاح السابع عشر من سفر التكوين يتضح له أن الرب أنبأ إبراهيم وسارة بولادة طفل يُسمونه إسحاق وأن الله سيعمل معه العهد الأبدى: (19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْداً أَبَدِيّاً لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. .. .. .. 21وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ) تكوين 17: 19 و21 ، فلا يليق بجلال الله وقداسته أن ينسى ما ذكره من قبل ، أو أن يدع عبداً من عباده يضحك على نسيان الرب أو إمتحان سخيف قد أعطى الرب نفسه ورقة الإجابة قبل أن يوزع الأسئلة. ويصر مع هذا أن يسميه إمتحان.
                          وكان رد فعل إبراهيم عليه السلام أنه ضحك وتعجب من أمر الله: (17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) تكوين 17: 17
                          كما غيَّرَ الرب اسم سارة: (15وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «سَارَايُ امْرَأَتُكَ لاَ تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ. 16وَأُبَارِكُهَا وَأُعْطِيكَ أَيْضاً مِنْهَا ابْناً. أُبَارِكُهَا فَتَكُونُ أُمَماً وَمُلُوكُ شُعُوبٍ مِنْهَا يَكُونُونَ». 17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».)تكوين 17: 15-17
                          لكن العجب العُجاب أنك لا تجد سارة نفسها تعرف شيئاً عن تغيير اسمها ، وليس لديها أية فكرة أنها ستلد ابناً: (9وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ سَارَةُ امْرَأَتُكَ؟» فَقَالَ: «هَا هِيَ فِي الْخَيْمَةِ». 10فَقَالَ: «إِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَأَتِكَ ابْنٌ». وَكَانَتْ سَارَةُ سَامِعَةً فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَهُوَ وَرَاءَهُ – 11وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الأَيَّامِ وَقَدِ انْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَالنِّسَاءِ. 12فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: «أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ!» 13فَقَالَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: «لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: أَفَبِالْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأَنَا قَدْ شِخْتُ؟ 14هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». 15فَأَنْكَرَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: «لَمْ أَضْحَكْ». (لأَنَّهَا خَافَتْ). فَقَالَ: «لاَ! بَلْ ضَحِكْتِ».) تكوين 18: 9-15
                          إذن ما قاله الرب فى الإصحاح السابق كان خاصاً بإسماعيل. ولم يُذكر اسم إسحاق لأول مرة إلا فى الإصحاح الذى تلاه ، عند تعجُّب سارة من هذه البشارة التى أفقدتها اتزانها ، وتعجبت من كلام الرب نفسه الذى نزل ليخبرها أو ملاكه. فلو كانت قد علمتها من قبل لما كان رد فعلها بهذه الدرجة ، أو لقالت على الأقل على اسمها الحقيقى الذى تعرفه ، لأنه من خلاف الأدب أن ينادى شخص ما شخصاً آخراً باسم غير اسمه وهو يعلم اسمه الحقيقى. فهل لم يعلم الرب أنها لم تعرف اسمها الجديد؟ ولو عرفت اسمها الجديد فكيف لم تعرف بالبشارة السعيدة بحملها لطفل يدعى إسحاق؟ ولو لم يخبرها إبراهيم ، فكيف لم يعلم الرب ذلك ويناديها باسم غريب عليها؟ وكيف لم تتعجب هى من هذا الاسم الجديد الذى ليس اسمها على حد علمها؟ وكيف لم يؤاخذ الرب إبراهيم فى عدم إبلاغه سارة باسمها الجديد وبباقى البشارة؟
                          ومعنى هذا أن التوراة قد حرَّفت اسم الذبيح وجعلته إسحاق بدلاً من إسماعيل ، وسار مؤلفوا العهد الجديد على نهجهم. وأتعجب هنا بالذات ، لأن نفس هذه الفكرة كانت سائدة أيام عيسى عليه السلام ، وحاربها ضمن الأفكار الخاطئة التى كان يروجها اليهود ، فى محاولة منهم ، لإبعاد إسماعيل ونسله عن وراثة النبوة ، التى وعدها الله إبراهيم فى ولديه: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
                          سأجعله أمة عظيمة. فالأمة تختلف عن الشعب. فالأمة هى عدة دول يجمعهم شىء مشترك: مثل اللغة أو الدين فنقول الأمة العربية أى البلاد الناطقة باللغة العربية ، ونقول الأمة الإسلامية أى الدول التى تُدين بالإسلام.
                          وإذا قرأت نص الذبيح فى (تكوين 22: 2) تجد أنه يقول له: خذ ابنك وحيدك الذى تحبه. فلو كان وُلِدَ إسحاق ، فلا يمكن أن يكون له ابن وحيد ، أو لكان سأله أيهما! ولو أراد الله بالذبيح إسحاق ، أو لو كان إسحاق قد ولِدَ عند هذا الإختبار الصعب ، أو لو كان الذبيح غير محبوب ومقبول عند أبيه ومرضى عليه منه ، فلا تتبقى قيمة للأضحية! ولو كان يحب إسحاق فقط لكان نبى الله ظالماً ، ولكان إلهه أيضاً ظالماً أن يُشجعه على التمادى فى الظلم بهذه التسمية! ولما قبح الكلام فى عينى إبراهيم عندما طردت سارة هاجر وابنها.

                          تعليق


                          • #58
                            رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                            هل ابن الجارية كان من المغضوب عليهم؟
                            بالطبع لا. فقط ابن الزنى. وإلا فماذا نقول عن (دان) و(نفتالى) ابنى يعقوب من بلهة جارية راحيل؟ وماذا نقول عن (جاد) و(أشير) ابنى يعقوب أيضاً من زلفة جارية ليئة؟ إن هؤلاء من الأسباط الاثنى عشر، ذرية يعقوب عليه السلام، واقتران يعقوب لبلهة جارية راحيل، وزلفة جارية ليئة مماثل لاقتران إبراهيم لهاجر جارية سارة.
                            فتقول التوراة بشأن (دان) و (نفتالى) أن راحيل (3فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بَلْهَةُ. ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضاً مِنْهَا بَنِينَ». 4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ 5فَحَبِلَتْ بَلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْناً 6فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضاً لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْناً». لِذَلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ «دَاناً». 7وَحَبِلَتْ أَيْضاً بَلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ 8فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي مُصَارَعَاتِ اللهِ وَغَلَبْتُ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «نَفْتَالِي».) تكوين 30: 3-8
                            وتقول التوراة بشأن (جاد) و (أشير): (9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً 10فَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْناً. 11فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِسَعْدٍ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «جَاداً». 12وَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ ابْناً ثَانِياً لِيَعْقُوبَ 13فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِغِبْطَتِي لأَنَّهُ تُغَبِّطُنِي بَنَاتٌ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «أَشِيرَ».) تكوين 30: 9-13
                            وقد حُسِبوا ضمن أولاده الشرعيين، فكيف يعترفون بهؤلاء أبناء شرعيين ليعقوب وينكرون ذلك على إسماعيل؟! وإلا لقلنا إن نبى الله، أبو الأنبياء، إبراهيم عليه السلام كان عنده ابن غير شرعى من الحرام؟ حاشاه أن يزنى أبو الأنبياء عليه السلام.
                            وهؤلاء هم أبناء يعقوب الاثنى عشر: (وَكَانَ بَنُو يَعْقُوبَ اثْنَيْ عَشَرَ: 23بَنُو لَيْئَةَ: رَأُوبَيْنُ بِكْرُ يَعْقُوبَ وَشَمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ. 24وَابْنَا رَاحِيلَ؛ يُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ. 25وَابْنَا بِلْهَةَ جَارِيَةِ رَاحِيلَ: دَانُ وَنَفْتَالِي. 26وَابْنَا زِلْفَةَ جَارِيَةِ لَيْئَةَ: جَادُ وَأَشِيرُ. هَؤُلاَءِ بَنُو يَعْقُوبَ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي فَدَّانَِ أَرَامَ.) تكوين 35: 22-26
                            ومن الدلائل الجلية أن (دان) ابن بلهة جارية راحيل جاء من ذريته شمشون، ذلك الإنسان الممسوح بالروح القدس منذ ولادته،وقد كان قاضياً لبنى إسرائيل لمدة 20 سنة، فها هو ملاك الرب يبشر امرأة منوح العاقر بولادتها لشمشون قائلاً: (5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) القضاة 13: 5
                            (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) القضاة 13: 24-25 ، (وهو قضى لاسرائيل عشرين سنة) القضاة 16: 31
                            ويدافع (جيمس هيستنج) عن حق البكورية لإسماعيل فيقول: لقد جانب التوفيق كُتَّاب سِفر التكوين ، أولئك الذين حاولوا أن يجعلوا نسل إسماعيل واستحقاقه لحقوق البكورية أقل مرتبة زعماً أن انتماءه لأمه هاجر جارية إبراهيم يفقده حق البكورية ، وبهذا الصنيع فهم يغفلون قانون الأسرة الواضح الصريح المنصوص عليه فى التوراة فى سفر التثنية ؛ ووفقاً لهذا القانون فإن حقوق الابن البكر لا يمكن إسقاطها بسبب الوضع الاجتماعى للأم. هذا الحق الشرعى قد بيَّنَه الناموس بالنسبة للرجل الذى يجمع أكثر من زوجة. فتقول التوراة: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
                            وحتى لا يقول قائل إن الذى ذهب منه هو حق البكورية، أى الضعف فى الميراث، فاقرأ قول دائرة المعارف الكتابية مادة (بكر - بكورية): «والكلمة تعني أساساً الابن الأكبر (خر 6: 14، 11: 5)، وفي حالة تعدد الزوجات كان البكر هو أول من يولد للرجل سواء من زوجة أو جارية. وكان البكر يستمتع ببعض الامتيازات أكثر من سائر إخوته، فكان من نصيبه بركة ابيه (تك 27: 1-4، 35-37)، وله مكانة مفضلة (تك 43: 33)، كما كان له نصيب اثنين في الميراث (تث 21: 15-17)».
                            أضف إلى ذلك قول عيسى عليه السلام مراراً: إن رسول الله (المسيَّا، البيركليت، خاتم الأنبياء) ليس من نسل داود، وهو بذلك قد نفى عن نفسه تُهمة أن يكون هو هذا المسيح أو يكون غيره من نسل داود. إذن فهو من نسل إسماعيل ، وهى البركة (النبوة) التى وعد الله نبيه إبراهيم أن تكون فى نسل ولديه.
                            كما أكَّدَ مراراً أنه لم يُبعث إلا إلى خاصته من بنى إسرائيل، بل إنه كان يرفض علاج إلا من أُرسِلَ إليهم إلا فى أضيق الحقوق وللمؤمنين فقط، على الرغم من أنه نبى الرحمة، ولكن ليأكد أنه ليس هو المسيح (المسيَّا الرئيس): («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24 ،
                            بل كانت توجيهاته لتلاميذه المقربين وحاملين الدعوة من بعده: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-10
                            وقبل مجيئه أعلن ملاك الرب أن سبب وجود هذا الغلام هو تخليص شعبه من خطاياهم: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 20-21
                            ويؤكد كلامى هذا أن الشياطين قالت من قبل نفس القول الذى لم يقبله يسوع منهم. ومعنى هذا أن الكتاب هنا أظهر الشياطين فى ثوب المؤمنين، وكان يسوع ظالماً لهم ، لأنه أخرصهم، ولم يتكهم يساعدونه فى الدعوة: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِفَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
                            ونفى عن نفسه أن يكون المسيَّا: (وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.) مرقس 8: 27-30
                            بل سألهم عن المسيَّا بأسلوب الغائب ، أى يسألهم عن شخص آخر غيره ، قائلاً: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                            وبذلك صحح لهم أن المسِّيِّا لن يأتى من نسل داود. وبذلك فالمسِّيِّا لن يكون من نسل إسحاق، ولأن العهد عمله الله مع إبراهيم بسبب طاعته لأمره فى ذبح إبنه. إذن فالذبيح ليس إسحاق، ولكنه إسماعيل.
                            وقد جاء عيسى عليه السلام ـ آخر أنبياء بنى إسرائيل من أبيه إسحاق ـ يُبشِّر المؤمنين أن ملكوت الله سوف يُنزع من بنى إسحاق وسيعطيه الله لبنى إسماعيل ، على الرغم أن هذا غريب على بعض غير الفقهاء فى الكتاب، وغريب على المعاندين الذين يظنون أنّ الملكوت سوف يدوم لهم، ونسوا وعد الله لنبيه إبراهيم عليه السلام، أنه سيقيم النبوة فى إسحاق وأيضاً فى إسماعيل (تكوين 17: 20 و تكوين 21: 17-21)، فقال لهم:
                            (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»)متى21: 42-44، مرقس12: 10-12
                            وقد قال سفر التكوين فى إزالة ملكوت الله من بنى إسرائيل: (10لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.) تكوين 49: 10 معنى هذا أن الحكم والسلطة الدينية ستزول يوماً ما من يهوذا (أبِى الشعب الإسرائيلى) ، ستزول من بنى إسرائيل ، ولكن عندما يأتى شيلون (من يكون له الأمر) ، وهذا النبى يكون دينه لكافة الأمم ، لليهود وللنصارى ولغيرهم من الأمم (وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ) ،
                            وهو نفس الأمر الذى قاله عيسى عليه السلام لليهود: (38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
                            حتى إنه أعلنها بأسلوب مختلف قائلاً إن آخر أنبياء الله هو الأصغر فى ملكوت الله وهو الأعظم: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
                            أى إن الأصغر فى ملكوت الله هو الأعظم ، فقد سأله تلاميذه: فمن أعظم أنبياء الله؟ فقال الأصغر، أى آخرهم، أى إيليِّا، الذى سوف يأتى بعده، أى إنه ليس هو المسِّيِّا، ودليل على ذلك قوله عن إيليَّا (المسيَّا) الذى قرب ظهوره: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                            هل وعيتم كلمته إلى الآن؟ (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.) أى إلى اليوم، حتى فى عصره يحاول الغاصبون أن يسرقوا الملكوت لأنفسهم، لكن من أراد أن يقبل الملكوت، فهذا هو إيليا القادم قريباً، هو صاحبه الحقيقى.
                            ويُستنتَج من كل ما سبق أنه:
                            لم يكن هناك ابناً بكراً لإبراهيم عليه السلام إلا إسماعيل.
                            وأن إسماعيل من أبناء إبراهيم المقربين والمرضىّ عنهم لدى الله سبحانه وتعالى، فقد استجاب الله لدعاء أبيه فى إكثار نسله، وباركه (أى جعل النبوة فى نسله).
                            وأنه لو كان إسحاق قد ولِدَ قبل رؤيا الذبح، لما كان لها معنى فى إثبات حب إبراهيم لله، لأنه سيكون فى هذه الحالة عنده البديل.
                            وأن بشارة الله بميلاد إسحاق هى مكافأة لإبراهيم عليه السلام على طاعته لله.
                            وأن بنو إسرائيل قد وضعوا إسحاق بدلاً من إسماعيل ، ليكونوا هم شعب الله المختار الذى افتداه الله ليرث الأرض الموعودة ، وإبعاد أى نسل آخر ينازعها هذا الميراث. لذلك صحّحَ عيسى عليه السلام هذه المفاهيم بقوله: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
                            لذلك أراد اليهود أن يتخلصوا أيضاً من عيسى عليه السلام واتهموه أنه هو المسِّيِّا المنتظر، وكان رد عيسى عليه السلام برفض هذه الفرية، ولذلك برأه بيلاطس، إلا أن اليهود أصرَّوا على صلبه، فتدخلت العناية الإلاهية التى كان يحظى بها دائماً ونجته.
                            ولو كان إسحاق هو الذبيح، لاتخذ بنو إسرائيل من الفداء سنة لهم ولذكروها فى مناسبات مختلفة، ولكننا نجد أن الفداء عند بنى إسرائيل يرتبط بالخروج من مصر، ولا نجد إشارة من قريب أو بعيد لذكرى فداء إسحق: («وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ .. .. 12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. .. .. 14«وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ابْنُكَ غَداً: مَا هَذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 15وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ الرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بِكْرِ النَّاسِ إِلَى بِكْرِ الْبَهَائِمِ. لِذَلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ الذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي.) خروج 13: 11-16
                            ومن عجائب اليهود أنهم يرفضون إسماعيل لأن أمه كانت خادمة لإبراهيم قبل زواجها منه عليه السلام ، ولم يرفضوا أولاد الزنى فى نسل أسباطهم!
                            شريعة جديدة، وقبلة جديدة وبيت جديد للعبادة مع المِسِّيِّا:
                            هذه هى أورشليم الجديدة التى قال الله تعالى فيها: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) البقرة 144، وقال ابن كثير فى تفسيرها: إن اليهود يعلمون أن الله تعالى سيوجه النبى صلى الله عليه وسلم إليها من كتبهم، ولكن أهل الكتاب يتكاتمون ذلك حسدًا وكفرًا وعنادًا. وقد أقر الله تعالى ذلك فقال: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) البقرة 150
                            أى إنهم يعلمون أن من صفة هذه الأمة، ومن خصائصها أن لها مدينة جديدة، أى ليست القديمة أورشليم، وقبلة جديدة، أى ليست إلى جبل جرزيم كما كانت قبلة اليهود السامرة، أو إلى جبل عيبال، كما كان يسجد اليهود العبرانيون. وهذا هو السبب الرئيسى الذى جعل النصارى يتخذون قبلة جديدة لهم تجاه المشرق فى القرن الرابع الميلادى، مخالفين بذلك قبلة عيسى عليه السلام التى كانت إلى جبل عيبال. وشريعة جديدة: أى ليست توراة موسى ولا كتب الأنبياء، ولا إنجيل عيسى عليهما الصلاة والسلام، ولكنها ترنيمة جديدة.
                            وفى هذا يؤكد أحبار اليهود على أن المسِّيِّا سوف يُمنح توراة جديدة، فقد صرح يلكوت إشعياء أن "القدوس تبارك اسمه سوف يجلس (فى جنة عدن) ويُسن توراة جديدة لإسرائيل تُقدَم لهم بواسطة المسِّيِّا).
                            وفى مدراش مخيلتا منذ زمن التانيين Tannaites أى من القرنين الأولين للمسيحية نجد تصريحًا بأن "التوراة سوف تُنسى فى النهاية".
                            ويشرح كلوسنر فى كتابه الفكرة المسِّيِّانية فى إسرائيل أن "التفسير الطبيعى لذلك هو أن التوراة والوصايا سيفقدون أهميتهم فى أيام المسِّيِّا".
                            ويقول المدراش على سفر الجامع أن "التوراة التى يتعلمها الإنسان فى هذا العالم ليست سوى باطل بالمقارنة مع تعاليم المسِّيِّا" ويشير بذلك إلى المزمور 146: 7 (نقلا عن المسيا فى العهد القديم ص 61-63).
                            وعلى ذلك فقد أثبتنا أنهم يعلمون نقل القبلة، وانتهاء الشريعة التوراتية، وانتقال الملكوت من بين أيديهم إلى أمة أخرى ذكرت الكتب عندهم صفاتهم. وهذا مصداقًا لقول الله تعالى: (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) أى يعلمون أن من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة، ولو افتقدوا ذلك، لربما احتجوا بها على المسلمين. وهذا سبب وجود بعض من أحبار اليهود فى مكة والمدينة، بل عرفوا يوم مولده، وأول من بشَّرَ قبيلة قريش بولادة نبى سيظهر فيهم هو أحد أحبار اليهود، وسنعود للكلام عن هذا الموضوع فى نهاية هذا الكتاب. (نقلًا عن سعيد أيوب ص 79-93 بتصرف)، وهذا ما أقره بولس أيضًا فى رسائله: (19فلِماذا الشَّريعَةُ، إذًا؟ إنَّها أُضيفَتْ مِنْ أجلِ المَعاصي إلى أنْ يَجيءَ النَّسلُ الّذي جعَلَ اللهُ لَه الوَعدَ.) غلاطية 3: 19 الترجمة العربية المشتركة.
                            وعندما سألته المرأة السامرية عن أى اتجاه هو الإتجاه السليم للصلاة قال لها: (19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.) يوحنا 4: 19-23
                            ولا يسجد أحد من النصارى للرب، وليس السجود من فرائض الصلاة عندهم.
                            وهذه القبلة الجديدة مرتبطة بمدينة جديدة. فقد تكلم يوحنا فى رؤياه عن هذه المدينة الجديدة التى أسماها أورشليم الجديدة، فهى مكعبة، تقع على سفح جبل، بل ومحاطة بجبال: (10وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، 11لَهَا مَجْدُ اللهِ، وَلَمَعَانُهَا شِبْهُ أَكْرَمِ حَجَرٍ كَحَجَرِ يَشْبٍ بَلُّورِيٍّ.) رؤيا يوحنا 21: 10-11
                            وهذا البيت، المسمَّا بالمدينة مكعب، أى الكعة: (16وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ. الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ)رؤيا يوحنا21: 16
                            وصاحب هذه المدينة (أى حاكمها) هو الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام: (11ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ.) رؤيا يوحنا 19: 11، والكل يعرف أن من ألقاب الرسول عليه الصلاة والسلام من قبل البعثة أنه الصادق الأمين. ولم تكن هذه الألقاب من ألقاب عيسى عليه السلام. ولم يحارب عيسى عليه السلام. إنه دعا لمحبة الأعداء، وترك العنف، ولو سُلِبَ منك حقك: (38«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.) متى 5: 38-41
                            وقال أيضًا: (أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ.) متى 5: 44-45
                            وتكون هذه الأرض أرضًا جديدة أى ليست الأرض القديمة فلسطين، ولا يوجد بحر فيها: (1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.) رؤيا 21: 1، ويقول ويسلى فى تفسيره لهذه الفقرة ص 123: (ليس هناك بحرًا جديدًا. بل سوف لا يكون هناك بحر على الإطلاق.).
                            ومعنى ذلك أنها ستكون فى أرض مقفرة، وقد فهم علماء اليهود هذا جيدًا، وكانوا فى انتظار مولد الرسول عليه الصلاة والسلام.
                            ويقول الرائى فى رؤياه (وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلًا) رؤيا 21: 22 ومازال المفسرون لليوم فى حيرة من أمرهم بشأن هذا الهيكل، فمنهم من يقول إنها الكنيسة (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 359)، ومنهم من ينفى ذلك بقوله: إن أبناء العهد الجديد ما عرفوا أو كتبوا عن الكنيسة، (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 360). ومنهم من قال: إن كل هذه التفاسير لا تستقيم مع الحق (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 361)، ومنهم من يؤكد أن هذه النبوءة لم تتم بعد وستتم فى المستقبل، (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 361). وسيكون هذا البناء أفخم وأعظم بناء. فهيكل سليمان فى كل عظمته لا يُعدُّ شيئًا بالنسبة لهذا البناء، (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 361). وعدم وجود الهيكل معناه أن الكل على سواء لهم حرية الاقتراب من الله (تفسير الرؤيا / ناشد حنا ص 458)، كما أنهم حول هذا البناء سوف يمتنعون عن كل ما يصدر عن الطبيعة (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 428)، ويكون رأس الرجل عاريًا، والمرأة تغطى رأسها (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 429)، ويلبسون السراويل لستر العورة من الحقوبين إلى الفخذين (تفسير حزقيال/ رشاد فكرى ص 429)، ويجزون شعر رأسهم جزًَّا (تفسير حزقيال/ رشاد فكرى ص 429)، وهناك نوع واحد من الزينة عند هذا البناء هو النخيل وأغصان النخيل. (تفسير حزقيال/ رشاد فكرى ص 374). (نقلًا عن المسح الدجال قراءة سياسية فى أصول الديانات الكبرى، سعيد أيوب ص 81)
                            ولا يمكن أن يكون الهيكل القادم هيكل سليمان، لأن النبوءة واضحة أنه سيكون هناك هيكلًا آخرًا أعظم من هيكل سليمان، أما بالنسبة لهيكل سليمان الذى قام تيطس بهدمه، كما يقول تاريخ الكنيسة، فإن الذى سيقوم ببنائه هو النبى الكذَّاب، كما يُجمِع علماء الكتاب المقدس على ذلك. أما الهيكل الجديد (الكعبة) (وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ) رؤيا 21: 27، فهى محرمة على الكافرين، ومحرم دخول أى شىء دنس إلى داخل المدينة. مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى: (</span><span lang=AR-SA><o></o></span></="text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; margin-right: 18.0pt"><span lang=AR-SA style='font-size:18.0pt;font-family:"Traditional Arabic"'>يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا) التوبة: 28
                            ولإسمها ستجثوا كل ركبة فى الكون (تفسير الرؤيا / ناشد حنا ص104)، وستكون مركزًا للأرض، وستسير الأمم فى نورها (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص489)
                            (راجع: عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا، وكذلك من هو الذبيح؟ لعلاء أبو بكر)
                            ولكن يسوع تكلم عن البيركليت، أو المعزى أو روح الحق، أو روح القدس، أو إيليا المزمع أن يأتى، أو الصادق الأمين. وكلها تشير إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
                            (15«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ) يوحنا 14: 15-17
                            (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ [فى الأصل اليونانى (روح القدس بدون الألف واللام)] الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.) يوحنا 14: 24-26
                            (26«وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي.27وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً لأَنَّكُمْ مَعِي مِنَ الاِبْتِدَاءِ».) يوحنا 15: 26-27
                            (7لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. 8وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ. 9أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. 10وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضاً. 11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ)يوحنا16: 7-10
                            وسمَّاه إيليا التى تساوى أحمد بحروف الجمَّل تساوى 53، وأنه سيد الأنبياء وأفضلهم، فهو الأصغر فى شجرة النبوة، أى آخر رسل الله: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                            وبالطبع لم يكن إيليا هذا المعمدان، حيث سأله اليهود عن ذلك فنفى مسِّيِّانته: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». .... 24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ 25فَسَأَلُوهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ وَلاَ إِيلِيَّا وَلاَ النَّبِيَّ؟») يوحنا 1: 19-25
                            وكان السامريون يُطلقون على المسِّيِّا لقب التاحب أو الطاحب (Taheb)، وحرف ( H ) الإنجليزى يحتمل أن يُنطَق به فى اللسان العربى والآرامى همزة أو ياء، وعلى ذلك تكون الكلمة إما تائب أو تايب أو تاحب. وهو معروف أن من أسمائه صلى الله عليه وسلم أنه نبى التوبة كما جاء فى مُسنَد الإمام أحمد. أما تاحب ـ على وزن فاعل ـ فهو بمعنى المُحِب. أى حوى الحب فى جوفه فهو حبيب الله.
                            فهل تعلم أن كلمتى الحبيب والطائب تتعادلان فى حساب الجُمَّل مع كل من كلمة أحمد وإيليا، حيث يكون مجموع كل منهم هو 53؟ (المسيح والمسِّيِّا ص 183-185) لمؤلفه Risto Santala (نقلا عن كتاب "عيسى ليس المسيح – الذى تفسيره المسِّيِّا")
                            ولا يخف على الدارس أن كلمة (المعزى) فى النسخة الأصلية هى (البيركليت)، وهى تساوى أفعل التفضيل من الفعل (حَمَدَ) أى أحمد، كما قال القس ديفيد بنيامين كلدانى (البروفيسور عبد الأحد داود بعد إسلامه) فى كتابه “محمد فى الكتاب المقدس” ص 219 إلى 229. وإلا لماذا قاموا بترجمة هذا الاسم البيركليت على الرغم من أن العرف والمنطق والعقل يقولون بعدم ترجمة الأسماء، وأنها تُنقل إلى اللغة المترجم إليها صوتياً فقط.
                            ولم يذكر شيء عن يسوع بالمرة فى العهد القديم، وكلها نبوءات تخص المسِّيِّا، التى ترجموها المسيح أو المسيح الرئيس، والتى تعنى عندهم خاتم رسل الله. وهى نفس ما سأل عنه اليهود يوحنا: إذا كان هو المسِّيِّا، أو النبى، أو إيليا.
                            بل نفى يسوع أنه المسِّيِّا (المسيح) وتكلم عنه بصيغة الغائب، وذلك على الرغم من أن بعضهم فهم بالفعل أن يسوع هو المسِّيِّا، ويلاحظ أن كل من قال ليسوع إنه المسيح أخرسه ووصفه بالشيطان:
                            ومنها أن المسِّيِّا سيأتى ملكاً، قاضياً، محارباً: (20فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ الْوَالِي وَسُلْطَانِهِ. 21فَسَأَلُوهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ بِالاِسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ وَلاَ تَقْبَلُ الْوُجُوهَ بَلْ بِالْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ. 22أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 23فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ 24أَرُونِي دِينَاراً. لِمَنِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» فَأَجَابُوا: «لِقَيْصَرَ». 25فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ». 26فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ الشَّعْبِ وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا)لوقا 20: 20-26
                            نعم دعوا لقيصر الدنيا، أما شريعة الله فدعوها لصاحبها، هو الذى يحدد شرعه وأنبياءه الذين يبلغوا كلمته لمن يشاء من عباده. فأين إذاً ملكه وهو خاضع لسلطان قيصر؟
                            لقد عرفته الجموع أنه عيسى الناصرى ابن داود، وكانوا يؤمنون أن المسِّيِّا سوف يأتى بعده، فكانوا فى انتظاره، وشوقهم إليه جعلهم يتساءلون عنه وعن رسالته، فقالوا: (31فَآمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ وَقَالُوا:«أَلَعَلَّ الْمَسِيحَ مَتَى جَاءَ يَعْمَلُ آيَاتٍ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الَّتِي عَمِلَهَا هَذَا؟».) يوحنا 7: 31
                            بل عندما تكلَّمَ عن ابن الإنسان أنه ينبغى أن يرتفع، كانوا يظنون به أنه المسِّيِّا، أو أرادوا إلباس ذلك عليه، أو أُضيفت للنص بعد ذلك، لإفهام العوام أن يسوع كان ابن الإنسان، وأنه سيكون لدينه نهاية، فسألوه مستنكرين قوله: (34فَأَجَابَهُ الْجَمْعُ: «نَحْنُ سَمِعْنَا مِنَ النَّامُوسِ أَنَّ الْمَسِيحَ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ ابْنُ الإِنْسَانِ؟ مَنْ هُوَ هَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟») يوحنا 12: 34
                            وهذه الإشكالات حول ماهية المسِّيِّا الرئيس قد أصابت بعض صحابته (تبعاً لقول الأناجيل)، فقد فهم بطرس خطأً من عند نفسه (أو أراد بسوء قصد) أن عيسى عليه السلام قد يكون هو المسِّيِّا: (40كَانَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَاحِداً مِنَ الاِثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا يُوحَنَّا وَتَبِعَاهُ. 41هَذَا وَجَدَ أَوَّلاً أَخَاهُ سِمْعَانَ فَقَالَ لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: الْمَسِيحُ). 42فَجَاءَ بِهِ إِلَى يَسُوعَ. فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا» (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ).) يوحنا 1: 40
                            وأقرَّ بذلك أمام عيسى عليه السلام فى قوله: (68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ 69وَنَحْنُ قَدْ آمنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ.) يوحنا 6: 68-71
                            وفى الحقيقة تعليق الكاتب أن عيسى عليه السلام كان يقصد بالشيطان يهوذا الإسخريوطى ليس صحيح، فهو كان يقصد بطرس الذى قال عنه إنه المسِّيِّا، ويتضح هذا من قوله عند متى: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ) متى 16: 23
                            إلا أننا نجد قوله هذا الذى قاله لعيسى عليه السلام هو نفس قول الشياطين الذى لم يرتضيه عيسى عليه السلام منهم: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِفَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
                            وكذلك نفى عن نفسه أن يكون المسِّيِّا عندما سألهم ماذا يقول الناس عنه: (27ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ. وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.) مرقس 8: 27-30
                            ثم سألهم عن المسِّيِّا بأسلوب الغائب، أى يسألهم عن شخص آخر غيره، قائلاً: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                            حتى إنه أعلنها بأسلوب مختلف قائلاً إن آخر أنبياء الله هو الأصغر فى ملكوت الله وهو الأعظم: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
                            وأقر أنه نبى محلى لبنى إسرائيل فقط، بل وللضالين منهم فقط بخلاف المسِّيِّا، الذى سيكون رسول الله للعالمين: (24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24
                            بل كانت توجيهاته لتلاميذه المقربين وحاملى الدعوة من بعده: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ.) متى 10: 5-7
                            وبهذا يثبت أن الكتب السابقة أنبأت بنهاية ملكوت بنى إسرائيل، لأنهم لم يعطوا ثمارًا، وتبعًا لقول يسوع فإن الشجرة الرديئة التى لا تعطى ثمارًا، يجب اقتلاعها وحرقها: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
                            كما أنبأت عن المسيح الرئيس، أو المسِّيِّا، وهو آخر رسل الله، وخاتم النبيين، وبالتالى أصغر نبى فى سلسلة النبوة من نسل إبراهيم، الذى سيتولى قيادة مملكة الله تعالى على الأرض، وتطبيق شرعه عليها، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.
                            * * *

                            تعليق


                            • #59
                              رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                              وما زلنا نتناول أدلة النبوة ونطبقها على كل من يسوع الإنجيلى ومحمد صلى الله عليه وسلم:
                              غ 37- يظهر الله تعالى الحق ويجريه على أيدى أو ألسنة أعدائه تثبيتًا له ولدعوته أمام الناس ليعتبروا
                              وذكرت من قبل شهادة أبى سفيان بنبوته صلى الله عليه وسلم، وشهادة قريش، وشهادة أبى جهل، وشهادة الوليد بن المغيرة أشعر شعراء العرب، وشهادة بعض زعماء اليهود، كحيي بن أخطب وأخيه أبى ياسر بن أخطب، وشهادة عبد الله بن سبأ، وكذلك اعتراف نصارى نجران وخوفهم من مباهلته، وإيمان أعدائه من من دعا عليهم بالموت، وخافوا الخروج حتى يأمنوا الموت، واستجابة الله لدعوته صلى الله عليه وسلم عليهم، كذلك شهادات قادة الفكر والفلسفة والتاريخ وبعض كبار رجال الكنيسة.
                              وأذكرك بشهادة أبى جهل أشد أعداء الإسلام جهالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفضًا لدعوته، ومحاربة لها، وكُرْهًا له، وحَنَقًا عليه، وسعيًا لقتله ومحوه من بين ظهرانيهم. وقد بلغت عداوته لرسول الله الذروة؛ فهو الذي أَصَرَّ على إشعال نيران الحرب بين الكافرين والمسلمين في غزوة بدر، وَجَرَّه كِبْرُه وجبروته لحتفه ومصرعه على الرغم من إيمانه بصدقه وصدق ما جاء به:
                              لقد شهد هذا العدُوُّ لرسول الله بالصدق والنُّبُوَّة؛ فقد سأل المِسْوَرُ بن مخرمة خاله أبا جهل عن حقيقة محمد ، إذ قال: "يا خالي، هل كنتم تَتَّهِمُون محمدًا بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال: يابن أختي، والله! لقد كان محمد فينا وهو شابٌّ يُدْعَى الأمين، فما جَرَّبْنَا عليه كذبًا قطُّ. قال: يا خال، فما لكم لا تَتَّبِعُونه؟ قال: يابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف، فأَطْعَمُوا وأَطْعَمْنَا، وسَقَوْا وسَقَيْنَا، وأجاروا وأجرنا، حتى إذا تجاثينا [أي جلسنا للخصومة] على الرُّكَبِ كُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ [أى متساويين في الفضل]، قالوا: مِنَّا نبي. فمتى نُدْرِكُ مثل هذه؟!
                              وقال: الأخنسُ بن شُريق يومَ بدر لأبي جهل: يا أبا الحكم، أَخْبِرْنِي عن محمد؛ أصادقٌ هو أم كاذب؟ فإنه ليس ها هنا من قريش أحدٌ غيري وغيرك يسمع كلامنا. فقال أبو جهل: ويحك! والله إن محمدًا لصادقٌ، وما كذب محمدٌ قطُّ، ولكن إذا ذهبتْ بنو قُصَيٍّ باللواء والحجابة والسقاية والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟" [ابن القيم: هداية الحيارى ص50، 51]
                              إن الاعترافيْن السَّابقيْن لأبي جهل -وهو العدُوُّ الأوَّل للدعوة الإسلامية- لدليلٌ واضح على صدق نُبُوَّة محمد؛ فأبو جهل لا يُنازِع محمدًا اعتقادًا منه بأنه كاذب أو مُدَّعٍ، بل يُنازعه لأجل عصبية زائفة،تجعل الاعتراف بمحمد ونُبُوَّتِه أمرًا بالغ الصعوبة والتعقيد؛ إذ الاعتراف بنُبُوَّته سيجعل كفَّة بني هاشم راجحةً قويةً على سائر بطون قريش، وهو الأمر الذي يرفضه أبو جهل رفضًا قاطعًا.
                              شهادة أبى بن خلف عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم:
                              لقد أقسم أبيّ بن خلف وهو بمكة ليقتلن رسول الله.. فلما بلغ قسمه الرسول قال: «أنا أقتله إن شاء الله».
                              وكان أبي بن خلف يلقى رسول الله فيقول: يا محمد إن عندي فرسًا أعلفه كل يوم فرقًا من ذرة أقتلك عليه. فيقول الرسول: "بل أنا قاتلك إن شاء الله".
                              وتحققت النبوءة في يوم أحد، عندما أسند النبي في الشعب بعد أن شاع مقتله في المشركين والمسلمين، ولكنه شق الصفوف وكذبّ الشائعة، فأدرك أبيّ بن خلف وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا، فقال القوم: يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منا؟ فقال رسول الله : دعوه فلما دنا منه تناول النبي الحربة من حارث بن الصمة، ثم استقبله وأبصر ترقوته، فطعنه فيها طعنة تدحرج منها عن فرسه مرارا، فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال: قتلني والله محمد، قالوا له: والله ذهب فؤادك، والله إن بك من بأس، قال أبيّ: إنه قد كان قال لي بمكة: “أنا أقتلك” فوالله لو بصق عليّ لقتلني، فمات عدو الله وهم راجعون به إلى مكة وكان يخور خوار الثور ويقول والذي نفسي بيده لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا جميعا. وكان أبيّ بن خلف الكافر الوحيد الذي قتله رسول الله ، وما سُمع أنه قتل بعدها أحداً.
                              فما الذى جعل أبى بن خلف يؤمن بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصر الله تعالى له، وتصديق وعده له بقتله، حتى آمن أنه لو بصق عليه لقتله؟
                              ومن الأخبار في هذا الشأن، ما رواه البخاري في صحيحه عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا قَالَ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ{.
                              شهادة أمية بن خلف عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم:
                              ومن عجائب الأخبار في ذلك ما يرويه عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ أَبِي صَفْوَانَ وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّأْمِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ انْطَلَقْتُ فَطُفْتُ فَبَيْنَا سَعْدٌ يَطُوفُ إِذَا أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ مَنْ هَذَا الَّذِي يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ سَعْدٌ أَنَا سَعْدٌ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ تَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَتَلَاحَيَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ أُمَيَّةُ لسَعْدٍ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ لَأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّامِ قَالَ فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ فَغَضِبَ سَعْدٌ فَقَالَ دَعْنَا عَنْكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ قَالَ إِيَّايَ قَالَ نَعَمْ قَالَ: وَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَمَا تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي الْيَثْرِبِيُّ قَالَتْ وَمَا قَالَ قَالَ زَعَمَ أَنَّه سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ قَالَ فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الصَّرِيخُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ أَمَا ذَكَرْتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ قَالَ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَخْرُجَ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ إِنَّكَ مِنْ أَشْرَافِ الْوَادِي فَسِرْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَسَارَ مَعَهُمْ فَقَتَلَهُ اللَّه".
                              وصدق الله العظيم القائل: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) الأنعام: 33
                              فهذه بعض شهادات من أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم للتدليل على أخلاقه وصدقه، بل ونبوته، وتصديق الله تعالى لدعائه ودعوته.
                              وذكرت من قبل تنبؤ يسوع بعودته أو بنزول ابن الإنسان قبل أن يموت هذا الجيل، وقد كذب هذا التنبؤ، فلم يأت ابن الإنسان حتى هذه اللحظة.
                              كما لم يشهد له الكتاب ولا صدق التلاميذ أنفسهم على دعوته، ففى الوقت الذى أمرهم فيه أن يعمدوا العالم كله باسم الآب والابن والروح القدس، نقرأ فى سفر الأعمال تعميد التلاميذ مثل بطرس وبولس وغيرهم باسم يسوع فقط، كما لو كانوا لم يسمعوا بهذا القول، كما يقول العلماء اليوم، وكما قال يوسابيوس القيصرى فى كتابه تاريخ الكنيسة الذى يرجع للقرن الرابع (ص100).
                              فلم يعرفها بطرس: (38فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) أعمال الرسل 2: 38، والمفروض أن هذا قاله بطرس بعد رفع يسوع بعدة أيام قليلة. فهل هذه الأيام كافية لأن ينسى أهم تعاليم دينه، وأهم وصية لأحب شخص لديه؟
                              ولم يعرفها كذلك فِيلُبُّسَ فى أعمال الرسل 8: 12 (12وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً.)
                              وكذلك لم يعرفها لا بطرس (كما تبيَّن من أعمال 2: 38) ولا يوحنا، ولا الروح القدس نفسه. فقد صلى بطرس ويوحنا لله ليتقبل الناس الروح القدس، واستجاب لهم الرب، وتعمَّدَ الناس على اسم الرب يسوع: (14وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا 15اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ 16لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ - غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 8: 14-16
                              ومن المستحيل أن يحكم عاقل بخطأ هذه الصيغة التى عمَّدَ بها (فِيلُبُّسَ) الناس أمام بطرس ويوحنا، وبعد صلاتهما، ورضى الرب أن يتم هذا العمل بهذه الكيفية!! لأنه لو كان التعميد خاطىء، وعلم الرب ذلك بعلمه الأزلى، ما كان ليتقبل صلاة بطرس ويوحنا، وما كان لينزل الروح القدس فى المرة الثانية، وإلا لقلنا إنه يُمكن لأى كافر اليوم أن يقوم بطقس التعميد هذا باسم يسوع بصورة خاطئة أو باسم شخص آخر ويطاوعه الروح القدس، ويهبط على المعمَّد، ولا حاجة للقسيس للتعميد، ولا حُجَّة على الكافر الذى يُعمِّد بصيغة خاطئة! ولكان الرب نفسه متورطًا فى هذا العمل!!
                              ويصعب على العقل أن يصدق أنه تورط ثلاثة من التلاميذ مرة واحدة فى هذا التحريف، ورضوا جميعًا بتعميد الناس بصيغة لم يتفوَّه بها يسوع!! مع العلم أنه لن يُتهم فى هذا إلا يسوع الذى نسب الإنجيل له القول (دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ)
                              وهو نفس الشىء الذى حدث فيما بعد أيضًا مع بطرس نفسه: (44فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. 45فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الْأُمَمِ أَيْضاً - 46لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: 47«أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضاً؟» 48وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّاماً.) أعمال الرسل 10: 44-48
                              لقد عمَّد بطرس إذن باسم الرب، ولم يعمِّد بالصيغة التى يحتويها إنجيل متى. وهذه هى المرة الثالثة التى نقرأ هذا فيها فى أعمال الرسل. فقد سبق له أن عمَّدَ الناس فى (أعمال الرسل 2: 38)، واستجاب الرب له وليوحنا، وأرسل الروح القدس، واستقبله الناس وآمنوا واعتمدوا (بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 8: 14-16، فهل تعتقدون أن يتركه الرب يُضلِّل باقى الناس ويستمر فى ضلاله، أم أن صيغة التعميد بإنجيل متى قد أُضيفت فيما بعد بعد مجمع نيقية؟
                              أما بالنسبة للرجل التقى حنانيا فيقول عنه الكتاب: (12ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيّاً حَسَبَ النَّامُوسِ وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ) أعمال الرسل 22: 12
                              فقد أمر حنانيا بولس نفسه أن يتطهَّر ويتعمَّد باسم الرب فقط: (16وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِياً بِاسْمِ الرَّبِّ.) أعمال الرسل 22: 16
                              وفى أعمال الرسل 19: 5 (5فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) عمَّدَ بولس بنفس الصيغة التى كان يعرفها التلاميذ بطرس ويوحنا وفيلُبُّس، وبنفس الطريقة التى تعمَّد هو بها على يد الرجل التقى حنانيا.
                              كما حدَّد بولس أن التعميد يتم باسم يسوع الذى صُلب، ولا يقول أحد أن الذى صُلب هو الآب والروح القدس، على الرغم من أن قانون الإيمان يُحتِّم أن يكون الصلب قد وقع على الثلاثة، لأنهم لا ينفصلون طرفة عين: (13هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ أَمْ بِاسْمِ بُولُسَ اعْتَمَدْتُمْ؟) كورنثوس الأولى 1: 13
                              وأوضح موقفه من العماد فى رومية 6: 3، فقال: (أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ)
                              وقال أيضًا في غلاطية 3: 27 (27لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ.)
                              بل قال الكتاب إن القداسة والتبرير لا يكون إلا باسم الرب (المعلِّم) يسوع: (11وَهَكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لَكِنِ اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا.) كورنثوس الأولى 6: 11
                              وفى الوقت الذى جاء فيه يسوع لتأكيد دعوة موسى والأنبياء والعمل بتعاليمهم، قام بولس بإلغاء هذه الدعوة، واعتبر أن الناموس لم يكمل شيئًا لضعفه. فمن الذى شهد بصحة دعوة يسوع؟ إن الأناجيل والرسائل الحالية تكذبه، ولا تدعى صحة تعاليمه.
                              وتقولون عن يسوع إنه الرب، فى الوقت الذى يقول فيه يسوع نفسه إن كل من يقول له يا رب يا رب لن يدخل الملكوت، وسيطرده من حضرته وينكره فى الآخرة: متى 7: 21 (21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) وتكررت فى لوقا 7: 21
                              وكذلك فى الوقت الذى يؤكد فيه يسوع اتباعه للناموس، وعدم نقضه لأى تعليم من تعاليمه أو تعاليم الأنبياء، أى يؤكد عدم توارث الخطيئة الأزلية، يأتى بولس فى رسائله ويهدم هذا التعليم بالناموس نفسه. فهل بهذا شهد بولس لتعاليم يسوع؟ طبعًا لا.
                              يقول موسى عليه السلام: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22
                              ويقول: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                              وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
                              وقال الرب لهوشع: (إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا...)هوشع 4: 15
                              وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                              إلا أن بولس له رأى آخر يُخالف رأى الرب، وأقوال أنبيائه: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
                              وهذا لأن بولس لم يبن أفكاره ولا تعاليمه على الناموس أو حتى أقوال أحد من التلاميذ: (10حَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاساً وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ.) كورنثوس الأولى 3: 10-11 أى ترك البناء مفتوحًا لكل من يريد أن يزيد بالبناء عليه!!
                              (20وَلَكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصاً أَنْ أُبَشِّرَ هَكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لِآخَرَ.) رومية 15: 20
                              وقال أيضاً: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
                              (17الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الاِفْتِخَارِ هَذِهِ.) كورنثوس الثانية 11: 17
                              فإذا كانت تعاليم يسوع نفسه لا تشهد له، وتعاليم تلاميذه تتعارض معه، فهل نحن فى حاجة إلى شهادات تأييد خارج هذه الكوكبة؟
                              وعلى ذلك فليس هناك شهادة ليسوع على صدق دعوته ومحتواها لا من التلاميذ ولا من الكتاب الذى تسمونه العهد الجديد، ولا من أعدائه، ولا حتى من أقربائه.
                              فقد قال أقرباؤه عنه إنه مختل عقليًا: (21وَلَمَّا سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ مُخْتَلٌّ!».) مرقس 3: 21
                              فهل أهمل تلاميذه تعاليمه بشأن الناموس وغيره مما ذكرنا لإيمانهم أنه كان مختل عقليًا، أم لإيمانهم أنه لم يكن رسول لله؛ أم أثبتوا أنه ليس بنبى لأن نبوءاته لم تتحقق، فقتله اليهود، أم ما هو السبب الذى جعلهم يغيروا تعاليم يسوع ويلغوا تعاليم الرب؟
                              ألم يقل الرب فى جزء من كتابهم الذى يقدسونه:
                              وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
                              وقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
                              وقال سفر الأمثال: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
                              وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيماً صَالِحاً فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
                              وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
                              وقال الرب إن وصيته تلزم أتباعه إلى ألف جيل: (9فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ اللهُ ، الإِلَهُ الأَمِينُ الْوَفِيُّ بِالْعَهْدِ وَالإِحْسَانِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيلٍ.) تثنية 7: 9، فهل تغيير الناموس فيه وفاء بعهد الله؟
                              لذلك جاء عيسى عليه السلام نبيًا تقيًا يخشى الله تعالى ربه وربنا، إلهه وإلهنا، وأكد على أهمية الناموس، فقال: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                              (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                              (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
                              وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                              وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
                              فهل قتل يسوع لأنه خالف تعاليم موسى، واتبع التقية أمام اليهود ليستمر فى دعوته، ولا ينالوا منه؟ أم اتبع يسوع ناموس موسى وكلام الرب الصالح، وغير تلاميذه أو كتبة الأناجيل والرسائل؟ وهل هذا التغيير فى تعاليم يسوع يعتبر شهادة له ولتعاليمه، أم انتصار لتعاليم الرسائل ومن خالفوا دعوته، وقاموا بإلغاء الناموس والختان وتعاليم الأنبياء؟
                              راجع تعاليم بولس الضالة التى حاكمه التلاميذ بشأنها، وانتصار دعوته على تعاليم يسوع والتلاميذ! (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
                              * * *
                              وما زلنا نتناول أدلة النبوة ونطبقها على كل من يسوع الإنجيلى ومحمد صلى الله عليه وسلم:
                              غ 38- أن يفضل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة
                              أى يضع الله تعالى ورسالته فى مقدمة كل حدث، وأن يفضل مصلحة الأمة على مصلحته الشخصية، وقبل اتخاذ أى قرار.
                              إن المصالح التي تقوم بها أحوال العبد لا يعرفها حق معرفتها إلا خالقها، ومن أفضل طرق المحافظة على المصلحة العامة هو اتباع أوامر الله تعالى ورسوله الذى أرسله للبشر هاديًا ومعلمًا لهم، وقد أولى الإسلام عناية فائقة للحفاظ على البيئة، بما فيها من إنسان وحيوان وطير وهواء وماء وضوضاء.
                              ويؤسفنا أن الإحصاءات تشير إلى أن العالم قد خسر في عام واحد فقط حوالي 36 نوعا من الحيوانات الثديية، 94 نوعا من الطيور بالإضافة إلى تعرض 311 نوعا آخر للخطر، أما الغابات فهي في تناقص مستمر بمعدل 2% سنويا نتيجة الاستنزاف وتلوّث الهواء المنتج للأمطار الحامضية، وكذلك التربة فإنَّها تتناقص باستمرار بمعدل 7% من الطبقة العليا كلّ عقد، وذلك بسبب الانجراف والتآكل بشكل مستمر نتيجة الإنهاك المستمر بالزراعة الكثيفة أو الريّ الكثيف، مِمَّا يؤدِّي إلى ملوحة التربة وتصحرها.
                              كذلك تسود استخدامات المياه ممارسات خاطئة تؤدّي إلى ندرة المياه ونضوبها، عدا عن الانخفاض الطبيعي الحاصل في منسوب المياه في باطن الأرض، الأمر الذي يهدّد البشرية بخطر حقيقي.
                              فماذا قدم الرسول صلى الله عليه وسلم لتجنب هذا التلوث، بل الاعتداء على البيئة، وما يسبب تلوثها من أمراض ومشاكل بيئية أخرى؟
                              لقد عنى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بالبيئة عناية فائقة، فقد وضع الإسلام الإطار العام لقانون حماية البيئة في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ الأعراف: 85
                              وقال جلَّ شأنه: ﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ البقرة: 60
                              وقال تعالى: ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ القصص: 77
                              وحذر ـ جلّ شأنه ـ كلّ من يسيء إليها أو يفسد فيها أو يبدلها… بالعقاب الشديد، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب﴾ البقرة: 112
                              وقال: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ البقرة: 60
                              وقال سبحانه: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ الأعراف: 56.
                              وقال جل جلاله: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الروم: 41.
                              فعبارة ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾ تتضمن كلّ المعاني المادية والمعنوية التي تنتج عن سلوك الإنسان التخريبي في الطبيعة والمجتمع، والتلوّث بمعناه الواسع أقرب إلى مفهوم الفساد، وقد تقدم لفظ البر على البحر تأكيدًا لحقيقة موضوعية وهي: أن نشاط الإنسان بدأ في البر أولاً، ثم امتدَّ إلى البحر.
                              فالبيئة بمواردها الطبيعية لا تعتبر ملكًا خالصًا لجيل من الأجيال يتصرف بها كيفما يريد، إنما هي ملك وميراث دائم للبشرية، لا يستطيع أي جيل أن يدعي لنفسه ملك هذا الحق، قال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين﴾ البقرة: 36
                              وقد اهتمت السنة النبوية المطهرة بالبيئة وعناصرها، فقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تلفت نظر المسلم إلى الاهتمام بأمر البيئة كغرس الأشجار والزرع وحمايتها، وعدم قطعها لغير مصلحة عامة، وقد ربط الغرس والزرع بالأجر من الله والصدقة الجارية.
                              وقد وردت في هذا الصدد أحاديث كثيرة منها:
                              عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة إلا كان له به صدقة» (رواه البخاري، باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه برقم (2152))
                              وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلاّ سأله الله عزّ وجل عنها يوم القيامة, قيل: يا رسول وما حقها؟ قال: حقها أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي به» (أخرجه الإمام عبد الرزاق في مصنفه، 4/450، رقم (8414)).
                              وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل عصفورا عبثاً عج إلى الله عزّ وجل يوم القيامة يقول: يا ربّ، إنّ فلاناً قتلني عبثاً، ولم يقتلني لمنفعة»(أخرجه الإمام البيهقي في السنن الكبرى 3/73، رقم (4535)).
                              وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتَّى يغرسها فليغرسها»( أخرجه الإمام البخاري في الأدب المفرد 1/168، رقم (479)، والإمام أحمد في مسنده 3/183، رقم (12925)).
                              فقد حثّ النبيّ الكريم على أن يظل الإنسان المسلم يغرس غرسه لتجميل البيئة وتحسينها ونشر الظل، وزيادة الأكسجين ونقص ثانى أكسيد الكربون نهارًا عن طريق تنفس الأشجار والنباتات له، حتَّى لو قامت الساعة، أى للمنفعة العامة دون الخاصة.
                              وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنار»( أخرجه الإمام أبو داود برقم (3477)،)، وقد حرص الإسلام على النظافة، وجعل المحافظة عليها من الإيمان.
                              عن أَبِي مالك الأَشْعَرِيِّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ»( أخرجه مسلم برقم (556))، فنظافة الثوب والبدن والمكان من علامات الإيمان.
                              ونهى كذلك أن يبال في الماء الراكد، فقد روي عن جابر رضى الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قَال: «لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في الماءِ الدَّائم الذي لا يجرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فيه» (البخاري برقم (236)).
                              وجعل إماطة الأذى عن الطريق صدقة، فقد أخرج الطبراني في الكبير، والبخاري في الأدب المفرد، عن المستنير بن الأخضر بن معاوية بن مرة عن جده قال: كنت مع معقل بن يسار في بعض الطرقات، فمررنا بأذى فأماطه عن الطريق، فرأيت مثله فنحيته، فأخذ بيدي وقال: يا ابن أخي، ما حملك على ما صنعت؟ قلت يا عم: رأيتك صنعت شيئاً فصنعت مثله، فقال: سمعت رسول الله صلعم يقول: «من أماط أذى من طريق المسلمين كتب الله له حسنة، ومن تقبلت منه حسنة دخل الجنة»( أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 20/216، رقم (502)).
                              وعن أَبِي هريرةَ أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بينما رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وجد غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَرِيقِ فَأَخَّرَهُ فشكر اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ» (البخاري، 1/233، برقم (624)).
                              وها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بالحفاظ على المصلحة العامة، وعدم إتلاف الصالح فى البيئة أو فى الحياة، سواء كانت ممتلكات عامة أو خاصة. فالإتلاف الذي يفضي إلى عجز البيئة عن التعويض الذاتي، فيؤول إتلافه إلى الانقراض فهو محرم ومنهى عنه، والإتلاف في استخدام مواردها ولو كان ذلك الإتلاف استهلاكا في منفعة نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم. والحديث الذي رواه البخاري وغيره عن النعمان بن بشير رضى الله عنه ما عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» (البخاري برقم (2493))
                              وَإِنَّمَا طلبت الشريعة الإسلامية صيانة البيئة من هذين النوعين من التلف لما يفضي إليه كل منهما من خلل بيئي يعطل كفاءة البيئة عن أداء مهمتها في إعالة الحياة، إذ كل شي فيها قدر تقديرًا في سبيل تحقيق تلك الإعالة، ومن النصوص الناهية عن إتلاف البيئة بنوعيه قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾ البقرة: 205
                              وقوله صلى الله عليه وسلم في النهي عن إتلاف الحيوان «من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله يوم القيامة، يقول: إن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني في منفعة» (أخرجه النسائي، كتاب الضحايا، باب من قتل عصفورا)،
                              وقوله صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من ***ش الأرض» (البخارى ومسلم)،
                              وكذلك الأمر بالنسبة لإتلاف النبات، فقد قال صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن: «من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار» (رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب قطع السدر).
                              ولا يكون الفساد في الأرض بإهلاك عناصر البيئة الطبيعية إهلاكا عبثياً أو إهلاكا قارضا فحسب، وَإِنَّمَا يكون الفساد أيضاً بتلويث البيئة بما يقذف فيها من عناصر مسمومة، أو بما يغير من النسب الكمية أو الكيفية لمكونات البيئة التي قُدِّرَت عليها في أصل خلقتها، فإنَّ ذلك يفضي إلى تعطيل العناصر البيئية في ذاتها أو في كيفياتها عن أن تؤدي دورها النفعي للإنسان،بل قد تحولها هي نفسها إلى عناصر وكيفيات مسمومة، وإذا أداؤها البيئي يتحول من نفع للحياة ولحياة الإنسان خاصة إلى إضرار بهما، وقد وجدت البيئة أصلا من أجل إعمار الحياة، وتمكين الإنسان من أداء مهمة الخلافة.
                              ومن أبين الأحكام المتعلقة بصيانة البيئة من التلوّث ما جاء من تشريع يوجب على الإنسان الطهارة في حياته كلها، ابتداءً من طهارة الجسم إلى طهارة الثوب والآنية والمنزل، وانتهاء بطهارة الشارع والحي والأماكن العامة. وقد ارتقت الأوامر الشرعية في هذا الشأن إلى أن أصبحت تمثل مبدأ أساسيا من مبادئ السلوك، بل إنها ارتبطت بمفهوم العبادة ارتباطا أصبح معه التطهر بمفهومه العام جزءا من عبادة الله عالٍ، وناهيك عن ذَلِك أن الصلاة وهي رأس العبادات تتوقف في صحتها على تحقق الطهارة في الجسم والثوب والمكان، وقد قال تعالى في التطهر بمعنى عام: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾(البقرة: 222).
                              ومن هذه الأحكام ذات الدلالة في صيانة البيئة من التلوّث ما جاء في تشريع يوجب التطهير للأماكن الخاصة والعامة، وصيانتها من كلّ ما عسى أن يلوثها من مختلف الملوثات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله»(أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة)، وذلك على معنى أن يتخير لتصريف بوله موقعا تمحى فيه آثاره بسرعة، فلا يكون له تلويث يضر بما حوله، كما قال صلى الله عليه وسلم أيضا: «اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظلّ»( رواه أبو داود، كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن البول فيها)، ففي هذه المواضع يكون البراز أكثر تلويثا للبيئة إذا هي مواقع حركة من شأنها أن تزيده انتشارا، فورد النهي عنها منعاً للتلوّث، وفي هذا السياق قال النبيّ صلى الله عليه وسلم أيضا «لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثُمَّ يغتسل فيه»( أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم)، وذلك لِما يتسبب فيه هذا الصنيع من تلوّث المياه وعفونتها.
                              وقال الله تعالى على لسان لقمان لابنه وهو يعظه بخفض الصوت وعدم تلويث البيئة بالصوت المرتفع: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ، إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)لقمان: 19
                              ومن وسائل تنمية الوعى الجماعى والحفاظ على المصلحة العامة هي رقابة الرأي العام، الذي يمثل (الضمير الجماعي) للأمة، بمقتضى فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي ميّز الله بها هذه الأمّة ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾( آل عمران: 110).
                              وهنا كان قول الرسول صلى الله عليه وسلم معلمًا للأمة أن تغيير المنكر والنهى عنه هو سعى إلى إصلاح الأمة، وعملا على المصلحة العامة لها: فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم
                              وهو من الأوصاف الأساسية لمجتمع المؤمنين والمؤمنات، كما وصفه الله تعالى في كتابه حيث قال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾ التوبة: 71
                              فقدّم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الفرائض المعروفة: الصلاة، والزكاة، ليشعر بأهميته في الدين، وبهذا يتكون الضمير الاجتماعي للأمة، وتقرر رقابة الرأي العام الواعي على أوضاعها، والسهر على استقامتها.
                              ولا ريب أن إصلاح البيئة ورعايتها من المعروف، وأن إفسادها وتلويثها والاعتداء عليها من المنكر.
                              ومعنى هذا: أنّ كلّ مسلم مسئول مسئولية تضامنية عن سلامة البيئة وصلاحها، وإذا رأى من يجور عليها بتلويث أو إتلاف أو إفساد، وجب عليه أن ينهاه عن ذلك، بل المطلوب أساسًا أن يغير هذا المنكر بقدر استطاعته، بيده إن كان ذا سلطة، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
                              وفي هذا السياق جعلت الشريعة الإسلامية زرع الزروع وغرس الأشجار بابا عظيما من أبواب الأجر لا ينقطع ن فقد قال صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير منه فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة»( أخرجه مسلم، كتاب المساقاة، فصل الغرر)، وكفى بذلك دافعا إلى التنمية البيئية في المجال النباتي.
                              ومن التشريعات الإسلامية في تنمية البيئة ما جعل في ملكية الأرض إذا كانت مهملة من أن إحياءها بالزرع هو السبب الذي يبتغى منه ملكيتها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» (أخرجه الترمذي)، وما جعل من أن تعطيل تلك الأرض عن دورها الإنمائي للثروة النباتية قد يكون سببا في نزع ملكيتها من صاحبها، قد قال صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه»، وحينما يعتبر إنماء البيئة النباتية سببا لملكية الأرض فإنَّ ذلك يكون دافعاً قويا لتحقيق هذا الإنماء لفطرية ما في النفوس من حب التملك عامة وتملك الأرض بصفة خاصة.
                              ولم يعلمنا القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم قيم المحافظة على المصلحة العامة والبيئة وغيرها فقط، بل علمنا الحفاظ على القيم الجمالية التي تختص بتوجيه سلوك الإنسان نحو التذوق الجمالي المجتمع الذى يعيش فيه بمكونات البيئية، وتجاه الناس فى. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يُحبّ الجمال، الكبر بطر الْحَقّ وغمط الناس» (أخرجه مسلم).
                              وقد لاحظ المتدبر للآيات والأحاديث المذكورة أعلاه أن المصلحة العامة تعنى جلب المنافع ودفع المفاسد، وتمتاز المصلحة العامة عن المصلحة الخاصة بالشمول وعموم النفع للمسلمين، فلذا كانت أولى بالتقديم وعموم النفع، سواء كان عمومها لأهل بلد أو حي, أو إقليم أو مملكة من الممالك، وهكذا كلما كان اتساع نفعها كان تحقيقها ورعاية تحصيلها ألزم وأولى.
                              وعن ذلك بيَّنَ الله تعالى: أن رعاية الدين ومصالحه خير من رعاية حظوظ النفس
                              فقال تعالي: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة: 24
                              بين الله تعالى أنه يجب تحمل جميع هذه المضار الدنيوية ليبقى الدين سليمًا، فهو أنفع ما فى الوجود لعباد الله تعالى، وحذر جل جلاله أنه إن كانت رعاية هذه المصالح الدنيوية عندكم أولى من طاعة الله وطاعة رسوله ومن المجاهدة في سبيل الله، فتربصوا بما تحبون حتى يأتي الله بأمره، وهى عقوبة وعيد لمن آثر حظوظ نفسه على مصلحة دينه، الذى فيه فائدة الجماعة فى الدنيا والآخرة.
                              وهذه الآية تدل على أنه إذا وقع التعارض بين مصلحة واحدة من مصالح الدين وبين جميع مهمات الدنيا ، وجب على المسلم ترجيح الدين على الدنيا.
                              وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة اللّه ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من اللّه ورسوله، وجهاد في سبيله.
                              ولنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم أسوة حسنة .. عندما قدم أروع الأمثلة في تقديم العام عن الخاص عندما عرضت عليه قريش المال والجاه والسلطان في سبيل أن يتخلي عن الدين الجديد الذي جاء به ..فرفض وأبي …
                              (اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب وغيرهم من رؤساء قريش وقالوا: ابعثوا إلى محمد، فبعثوا إليه: إن أشراف قومك قد اجتمعوا بك ليكلموك . فأتهم، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعًا، وهو يظن أن قد بدأ لهم فيها كلمهم فيه بداء. وكان عليهم حريصاً يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا له: يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك ، وإنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك ، لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة ، وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة ، فما يعنى أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا ، فنحن نسودك علينا ، وإن كنت تكون تريد به ملكاً ملكناك علينا ، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيْاً تراه قد غلب عليك بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بي ما تقولون، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم، ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل علي كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم).
                              وقد بنى الإسلام تشريعاته على تأمين المصالح الخاصة والعامة. فالإسلام يدور مع المصلحة والنفع للعباد فحيثما وجدت المصلحة وجد الإسلام قال تعالى: (وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) الرعد: 17. فالحق هو عين المنفعة وعين المصلحة وقد فهم الصحابة هذا المعنى وبنوا عليه رسالتهم ولقد أظهرها ربعي بن عامر رضي الله عنه لرستم مبينا له معالم هذه الرسالة العظيمة وما تقتضيه من حمل المصلحة للعباد (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة).
                              وإذا ما تعارضت المصلحة الخاصة مع مصلحة العباد فإن الإسلام يرغب في تقديم المصلحة العامة.
                              وإذا نظرت إلى التشريعات كلها وجدتها تخدم هذا المعنى فالجهاد والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها كلها تصب في المصلحة العامة فالرجل الذي يذهب إلى الجهاد تاركًا كل أموره الخاصة من بيت وأولاد وتجارة أو وظيفة أو غيرها وذهب ربما تزهق روحه في سبيل الله تجد أن الدافع من وراء ذلك هي المصلحة العامة.
                              وهاهو الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه يسير علي خطي الرسول صلى الله عليه وسلم عندما عادت قوافله محملة بالخير والطعام في عام الرمادة ووقف تجار المدينة يساومونه علي بيعها بأضعاف أثمانها فإذا به يرفض اغتنام الفرصة وبيعها بأعلي الأسعار ويقدم مصلحة الأمة علي مصلحته الشخصية.
                              وحينما تعرض الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة لمحنته المشهورة جاءه الإمام الشعبي وقال له: يا أحمد إن الله قد أعطاك الرخصة فخذ بها (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ) النحل: 106. فقال له الإمام أحمد انظر يا شعبي من خلف هذا الباب فنظر الشعبي فرأى آلاف الطلاب يحملون الدواة والقلم والقرطاس ينتظرون قول الإمام أحمد لينشروه في الآفاق وصمَّم الإمام على موقفه وكان يستطيع أن يحظى بالنعيم والخير والرضى إلا أنه آثر المصلحة العامة للعباد على مصلحته الخاصة حتى لو كان فيها من النغص ما فيها.

                              تعليق


                              • #60
                                رد: مناظرة مع السيد رشيد حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

                                فهل فضل يسوع دعوة الله ودينه على الكفر وعبادة الأوثان؟
                                فلو كانت الإجابة بنعم، فلماذا اختار أنبياء وملوك هم أراذل الناس وأكثرهم كفرًا ونفاقًا وكذبًا ومحاربة لدين الرب نفسه؟
                                ولماذا أمر هارون بتقديم تيس لعزازيل؟ (لاويين 16: 5-10)
                                ولماذا لم يأمر بقتل هارون ضمن قتلة العجل، وهو صانعه كما تدعون؟
                                أليس هذا تلاعب بالشعب وبمصلحته العامة فى أن يرى القدوة المتمثلة فى التوحيد الخالص، والوقوف فى وجه كل كفر وكل شرك؟
                                هل ترك هارون صانع العجل ومضلل بنى إسرائيل والمتسبب فى قتل ثلاثة آلاف منهم يعتبر من باب تفضيل المصلحة العامة أو الخاصة؟
                                ولماذا قبل الرب أن يُسمَّى الشيطان فى كتابه بإله هذا الدهر (2 كو 4: 4) ، ورئيس هذا العالم (يو 12: 31؛ 16: 11)، ورئيس سلطان الهواء (أف 2: 2)؟
                                ولماذا قبل الرب اجتماع الشيطان ضمن جنوده للبحث فى إغواء أخاب؟ (ملوك الأول 22: 19-22)
                                وكيف يكون إلهًا قويًا وقد أسره الشيطان فى الصحراء أربعين يومًا؟ (لوقا 4: 1-13)
                                وكيف يكون إلهًا عزيزًا وقد أسره أعداؤه وأهانوه وبصقوا فى وجهه ثم قتلوه؟
                                (28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.) متى 27: 28-31
                                أليس هذا تلاعب بعقول العباد الذين يصدقون أن هذا الكلام كلام الرب؟ فهل هذا من باب تفضيل المصلحة العامة، أم ...؟
                                فهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)، وهذا يعقوب كذب على أبيه وسرق البركة والنبوة من أخيه، وبذلك فرض على الرب أن يوحى إليه (تكوين الإصحاح 27)، بل ضرب الرب وأجبره أن يباركه (تكوين 32: 24-30)، وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4) ، وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وهذا موسى وهارون خانا الرب ولم يقدساه أمام بنى إسرائيل (تثنية 32: 48-51)، وهذا هارون صنع العجل ودعا بنى إسرائيل لعبادته، وتركه موسى ولم يعاقبه (خروج 32: 1-6)، وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وعلى الرغم من ذلك فإن المسِّيِّا المنتظر، الذى يُعد خاتم رسل الله، وشريعته سوف تكون الشريعة الباقية، سيأتى فى نظرهم من داود، بعد كل ما قالوه عنه، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7)، ناهيك عن نبى يمشى حافيًا عاريًا كما ولدته أمه لمدة ثلاث سنوات (إشعياء 20: 3)، وكذلك فعل شاول عندما حلت عليه روح الرب القدوسة (صموئيل الأول 19: 24)، ومن الرب نفسه العنصرية، فيأمرك أن تقرض الغريب بربا (تثنية 23: 19-20)، وأن تبيع لحم الجثث لهم (تثنية 14: 21)، وتقديم القرابين البشرية (ملوك الأول 13: 2، )، وأكل أولادك فى الحصار والجوع (تثنية 28: 53).
                                فماذا يعلمنا هذا الكتاب المسمى زورًا التوراة؟ من إبراهيم التفريط فى شرف الزوجة مقابل حفنة من النقود أو المصالح الشخصية! ومن إسحاق العنصرية! ومن داود الزنا والقتل! ومن سليمان الكفر وعبادة الأوثان! إذا كان هؤلاء هم الأنبياء، فأستحلفك بالله من هم الأعداء أو الكفار أو عُبَّاد الشيطان؟
                                يقول الحق تبارك وتعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِياًّ) مريم 58
                                ويقول الله تبارك وتعالى عنهم: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) الأنبياء 73
                                لقد فرط إبراهيم فى شرفه، وترك زوجته لفرعون يستمتع بها، وهو الذى أقنع سارة بهذا المخطط من أجل عدم قتل فرعون له، ومن أجل أن ينال منه على ماشية ونقود، ولم ينتقده الرب فيما فعل ولم يحذر عبيده من إتيان مثل هذا العمل:
                                اقرأ: نبى الله إبراهيم لا يخشى الله ويضحى بشرفه وشرف زوجته سارة خوفاً على نفسه من القتل ولتحقيق مكاسب دنيوية، ويأمر زوجته بالكذب: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدّاً. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْراً بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
                                اقرأ: نبى الله إبراهيم لا يخشى الله ويقبل التضحية بشرفه وشرف زوجته سارة مرة أخرى، ولم يتعلم من الدرس الذى أخذه من حكايته مع فرعون، على الرغم من أنه فى هذا الموقف لا يخش على نفسه القتل أو الموت: (1وَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ الْجَنُوبِ وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ. 2وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ سَارَةَ امْرَأَتِهِ: «هِيَ أُخْتِي». فَأَرْسَلَ أَبِيمَالِكُ مَلِكُ جَرَارَ وَأَخَذَ سَارَةَ. 3فَجَاءَ اللهُ إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ مَيِّتٌ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا فَإِنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ بِبَعْلٍ». 4وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ أَبِيمَالِكُ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهَا. فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ أَأُمَّةً بَارَّةً تَقْتُلُ؟ 5أَلَمْ يَقُلْ هُوَ لِي إِنَّهَا أُخْتِي وَهِيَ أَيْضاً نَفْسُهَا قَالَتْ هُوَ أَخِي؟ بِسَلاَمَةِ قَلْبِي وَنَقَاوَةِ يَدَيَّ فَعَلْتُ هَذَا». 6فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضاً عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هَذَا. وَأَنَا أَيْضاً أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ لِذَلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا. 7فَالْآنَ رُدَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ فَيُصَلِّيَ لأَجْلِكَ فَتَحْيَا. وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ تَرُدُّهَا فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَوْتاً تَمُوتُ أَنْتَ وَكُلُّ مَنْ لَكَ». 8فَبَكَّرَ أَبِيمَالِكُ فِي الْغَدِ وَدَعَا جَمِيعَ عَبِيدِهِ وَتَكَلَّمَ بِكُلِّ هَذَا الْكَلاَمِ فِي مَسَامِعِهِمْ. فَخَافَ الرِّجَالُ جِدّاً. 9ثُمَّ دَعَا أَبِيمَالِكُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا وَبِمَاذَا أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيَّ وَعَلَى مَمْلَكَتِي خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟ أَعْمَالاً لاَ تُعْمَلُ عَمِلْتَ بِي!». 10وَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَاذَا رَأَيْتَ حَتَّى عَمِلْتَ هَذَا الشَّيْءَ؟» 11فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «إِنِّي قُلْتُ: لَيْسَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَوْفُ اللهِ الْبَتَّةَ فَيَقْتُلُونَنِي لأَجْلِ امْرَأَتِي. 12وَبِالْحَقِيقَةِ أَيْضاً هِيَ أُخْتِي ابْنَةُ أَبِي غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتِ ابْنَةَ أُمِّي فَصَارَتْ لِي زَوْجَةً.) تكوين 20: 1-12
                                هل عدم محاسبة الرب ليهوذا على زناه بزوجة ابنه من باب تفضيل المصلحة العامة أم الخاصة؟
                                هل زنى داود بجارته وتسببه فى قتل زوجها مع عدة جنود آخرين من باب تفضيل المصلحة العامة أم الخاصة؟
                                بل هل اختيار الرب لسليمان، وهو يعلم بعلمه الأزلى أنه سيكفر، ويضلل عباده من بنى إسرائيل من باب تفضيل المصلحة العامة أم الخاصة؟
                                هل ترك يسوع للزانية دون أن يحكم عليها من باب تفضيل المصلحة العامة أم الخاصة؟ (يوحنا 8: 4-7)
                                هل أمر يسوع بقتل كل من لا يتخذه ملكًا من باب تفضيل المصلحة العامة والدعوة بالنقل والعقل أم تفضيل للمصلحة الخاصة؟ ولو طبقنا هذا المنطق، فمن سيقتل من؟ هل الكاثوليك هم أصحاب الحق، وأى فرقة منهم بالضبط، أم البروتستانت، وأى فرقة منهم بالضبط، أم الأرثوذكس، وأى فرقة منهم بالضبط، أم المارمون أم شهود يهوه أم السبتيين أم من بالضبط؟ وهل من المصلحة العامة قتل كل البشر التى لا تؤمن بيسوع ملكًا؟ (أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي.) لوقا 19: 27
                                فتخيل طائفة منهم فقط هى صاحبة الحق، فكم من مليارات العالم سوف تُقتل؟ إنها إبادة جماعية للبشر من إله لا يعرف قبول الآخر والتعايش معه رغم وجود اختلافات بينهم فى العقيدة؟ إنه إله ديكتاتورى لا يرى إلا الأنا، ولا يعرف إلا الأنا!!
                                وهل كان يؤمن هو نفسه أنه ملك؟ ألم يرفض الملك وهرب إلى الجبل؟ (15وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.) وحنا 6: 15
                                ألم يرفض أن يحكم بين أخوين فى الميراث؟ (13وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟») لوقا 12: 13-14
                                ألم يرفض أن يحكم على المرأة الزانية؟ (4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» .... 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!») يوحنا 8: 4-7
                                ألم يكن راضيًا بعبوديته وخضوعه لقيصر؟ ألم يكن يدفع الجزية؟ أم يطالبكم بالرضوخ لقيصر ودفع الجزية له؟ فما الذى غير حاله وجعله يفكر فى الملك؟ فهو إله أُهين وبُصق فى وجهه، ورفضه عبيده وأنبياؤه، وضربه أحد الناس (يعقوب) ليجبره على مباركته، ثم أماتوه ميتة الملاعيين مصلوبًا على شجرة، ثم طعنوه برمح. فهل يفكر بعد كل هذا أن يكون ملكًا ولو على بضعة أفراد عاقلين؟ (فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 21
                                وهل تحبيذ يسوع لإخصاء الرجال أنفسهم من باب تفضيل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة أم القصور العقلى لإدراك مغبة هذا الأمر ومخالفته لأوامر الرب فى كتب موسى والأنبياء، التى لم يأت لينقض نقطة واحدة منها؟ (11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ») متى 19: 11-12
                                ولو التزم كل الناس بهذا الأمر، فمن سيتبقى بعد عدة سنوات ليتخذه ملكًا؟
                                وهل تحبيذ يسوع أن تدلك جسده امرأة ويفضل نفسه على الفقراء من باب تفضيل المصلحة العامة أم من باب إيثار النفس على ذوى الحاجة؟ (3وَفِيمَا هُوَ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ الأَبْرَصِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا قَارُورَةُ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ. فَكَسَرَتِ الْقَارُورَةَ وَسَكَبَتْهُ عَلَى رَأْسِهِ. 4وَكَانَ قَوْمٌ مُغْتَاظِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا: «لِمَاذَا كَانَ تَلَفُ الطِّيبِ هَذَا؟ 5لأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُبَاعَ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِمِئَةِ دِينَارٍ وَيُعْطَى لِلْفُقَرَاءِ». وَكَانُوا يُؤَنِّبُونَهَا. 6أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: «اتْرُكُوهَا! لِمَاذَا تُزْعِجُونَهَا؟ قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَناً. 7لأَنَّ الْفُقَرَاءَ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ وَمَتَى أَرَدْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِمْ خَيْراً. وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مَعَكُمْ فِي كُلِّ حِينٍ. 8عَمِلَتْ مَا عِنْدَهَا. قَدْ سَبَقَتْ وَدَهَنَتْ بِالطِّيبِ جَسَدِي لِلتَّكْفِينِ. 9اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: حَيْثُمَا يُكْرَزْ بِهَذَا الإِنْجِيلِ فِي كُلِّ الْعَالَمِ يُخْبَرْ أَيْضاً بِمَا فَعَلَتْهُ هَذِهِ تَذْكَاراً لَهَا».) مرقس 14: 3-9
                                وهل تحبيذ بولس أن يظل الرجال والنساء دون زواج من باب تفضيل المصلحة العامة أم من باب القضاء على أتباع يسوع والحد من أعدادهم تمهيدًا للقضاء عليهم؟ (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 25-28
                                وهل أمره بالحجر على النساء المطلقات ومنعهن من الزواج من باب المصلحة العامة؟: (11فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. 12وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».) مرقس 10: 11-12
                                وهل أوامر يسوع ببغض الوالدين وباقى الأسرة من باب تفضيل المصلحة العامة أم من باب هدم الأسرة والمحبة بين أفرادها وتدمير النفس فى الحياة الدنيا والآخرة؟ فقد قال للجموع الكثيرة التى كانت تتبعه: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 26
                                هل قول يسوع إنه جاء ليلقى سيفًا ويفرق بين المرء وذويه من باب تفضيل المصلحة العامة أم تدميرها؟ (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.) متى 10: 34-36
                                وهل سماح الرب للرجل أن يبيع ابنته القاصر من باب المصلحة العامة للمجتمع؟ (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج21: 7
                                هل عدم نهى يسوع عن الخمر، بل صناعته لخمر جيد فى عرس قانا، وشربه الخمر فى العشاء الأخير، بل شرب الرب نفسه للخمر من باب المحافظة على المصلحة العامة؟ ألا يعلم أنه إذا سكر الرجل أصبح غائب الوعى وارتكب من الجرائم غير الأخلاقية ما تقشعر منها الأبدان؟
                                (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                                (8لأَنَّ فِي يَدِ الرَّبِّ كَأْساً وَخَمْرُهَا مُخْتَمِرَةٌ. مَلآنَةٌ شَرَاباً مَمْزُوجاً. وَهُوَ يَسْكُبُ مِنْهَا. لَكِنْ عَكَرُهَا يَمَصُّهُ يَشْرَبُهُ كُلُّ أَشْرَارِ الأَرْضِ.) مزمور 75: 8
                                وكم راعى الرب المصلحة العامة فقرر أن شرب الماء وحده مضر، وعليك أن تشربه ممزوجا بالخمر: (ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء ...) المكابيين الثانى 15: 40
                                (23لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْراً قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.) تيموثاوس الأولى 5: 23
                                والغريب أنه ينسب لبولس قولا آخرًا مناقضًا لهذه النصوص: (18وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ،) أفسس 5: 18
                                كما نصت بعض نصوص العهد القديم بتحريم شرب الخمر، واعتبرها الرب من وصاياه الواجبة التنفيذ: (14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا) القضاة 13: 14
                                إلا أنهم أرادوا نزع القداسة عنه، فجعلوه يشرب الخمر: (26وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ 28لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 29وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي».) متى 26: 26-29
                                هل تدمير يسوع لإقتصاد الدولة والأفراد يُعد من باب المصلحة العامة؟ لقد أمر يسوع أحد الأغنياء أن يبيع كل ما لديه ويعطيه للفقراء، وكان أجدى به أن يجعله ينشىء أماكن عمل لهم أو يعطيهم ما يجعلهم يقيمون أعمال لهم ولمن مثلهم:
                                ولا يمكن بحال من الأحوال أن تنشىء المسيحية ملكوتًا اقتصاديًا على الأرض، لأنها تعتمد على أقوال يسوع التى تؤدى إلى تدمير اقتصاديات الأمم، وتنادى بأن الكمال فى الفقر: (21قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي».) متى 19: 21
                                بل حدد أنه لن يدخل ملكوت السموات غنى، فقال: (23فَقَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَعْسُرُ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 24وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضاً: إِنَّ مُرُورَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ»)متى 19: 23-24
                                هل إخفاء يسوع لتعاليم تغطى كل جوانب حياة المرء من ميراث واغتسال وكيفية صيام وكيفية الركوع والسجود وجهاد وزكاة وحج ودعوة وتكفير عن الذنوب وتسبيح، وتعلم من سنن الأسبقين، بل واسم الآب نفسه، فهل هذا من باب تفضيل المصلحة العامة، أم إنه جاء ليؤكد تعاليم موسى والأنبياء، فلم يأت بدين جديد، احتاج معه أن يكرر هذه التعاليم؟
                                نعم فهو لم يأت بجديد إلا تخفيف فى بعض التشريعات، وإلا لما قام بالتدريس وتعليم اليهود فى معبدهم! وإلا لكان يسوع متطرفًا إرهابيًا، قام بالسطو على أماكن عبادة أصحاب دين مخالف لدينه، واتخذه لنفسه وأتباعه! فهل تعتقدون أنه جاء بالمسيحية وأسرار الكنيسة وكان يعلم كل هذا فى معبد اليهود؟ ألا تتذكرون كيف فعل الناس فى بولس عندما تنامى إلى علمهم أنه يعلم يهود الشتات أن لا يختنوا أولادهم وأن لا يسلكوا حسب الناموس والعوائد؟ (أعمال الرسل 21: 17- )
                                هل التزم يسوع بالناموس وتعاليم موسى والأنبياء كما قال فى (متى 5: 17-19)؟
                                فقد رأينا مرارًا مخالفة تعاليم لتعاليم موسى والأنبياء نسبت ليسوع مثل الحفاظ على الناموس والتمسك به، وإلغاء الختان، الذى يمثل العهد الأبدى بين الرب وإبراهيم ونسله، والقول بتوارث الخطيئة الأبدية التى نهى الرب بالقول بها فى العديد من المواضع فى كتب موسى والأنبياء. ناهيك عن الأمر بالتثليث غير الوجود فى تعاليم أى نبى من الأنبياء من قبله.
                                هل فضل يسوع المصلحة العامة على المصلحة الخاصة؟
                                لا. فلم يفضل مصلحة الدين، فلم يذكر طوال حياته على الأرض أى شيئ عن هدم الناموس وإلغائه، أو التثليث أو توارث الخطيئة الأولى، وفجأة بعد صلبه المزعوم تُذكر هذه التعاليم، ويشوب مكانها فى المخطوطات لغط كبير، ليس مكان ذكره هنا.
                                فهل كتم يسوع صلب تعاليمه عن أتباعه، وخاف أن يعلم الشيطان شخصيته فينتقم منه، فآثر أن يكتمها حتى بعد الصلب؟ أى هل فضل المصلحة الخاصة عن المصلحة العامة ومصلحة الدين؟
                                هل ساعد يسوع فى الحفاظ على البيئة أو علم أتباعه شيئًا من ذلك؟
                                بالطبع لا. فقد دمر شجرة التين: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19
                                كما تسبب فى قتل 2000 من الخنازير وتلويث البحر بجثثها: (11وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى 12فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». 13فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ - وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ.) مرقس 5: 11-13
                                فأيهما يحب الإنسان الطبيعى غير المتعصب أن يسميه نبيًا ويتبعه قرير العين: هل تتبع رجلا بشخصية يسوع المدمرة للبيئة والإنسان وأسرته أم بشخصية محمد صلى الله عليه وسلم البناءة لك ما ينفع البشر وبيئته؟
                                ومن هنا يتضح لنا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان نبيًا، وكان أنفع الناس للناس والحيوانات والطيور والزرع ويحافظ على البيئة ويأمر بعدم تدميرها أو إتلافها، على النقيض من يسوع الذى تعتبرونه إلهًا وقد كان مدمرًا للبيئة. وبالتالى ينطبق معيار النبوة هذا على محمد صلى الله عليه وسلم ويسقط هذا المعيار نبوة يسوع.
                                لكن ربما يفكر مسيحى لم يقرأ ردى من أوله أن يسوع كان أكثر نفعًا للبشر، حيث ضحى بدمه وغفر للبشرية الخطيئة الأولى، التى لم ترتكبها، ولكنها تُنسب للمرأة فقط.
                                وفى الحقيقى فقد تناولت هذه النقطة عدة مرات بطرق مختلفة، وأحيانًا متشابهة، فقد تحدى يسوع اليهود أن يقبضوا عليه أو يعذبوه أو حتى يصلبوه، ونحن نصدق يسوع، فقال لهم: (33فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَاناً يَسِيراً بَعْدُ ثُمَّ أَمْضِي إِلَى الَّذِي أَرْسَلَنِي. 34سَتَطْلُبُونَنِي وَلاَ تَجِدُونَنِي وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا».) يوحنا 7: 33-34
                                بل أخبرهم أن من سيرفعونه ليصلب سيكون غيره، وسيظنون معتقدين أن يسوع هو ذلك الشخص: (21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» ... 23فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. 24فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». ..... 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 21-29
                                وكذلك سجد فى ضيعة جثيمانى متضرعًا لله تعالى أن يقيه الشرور القادمة عليه، واستجاب الله له من أجل تقواه: (.... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». .... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ».) متى 26: 39-42
                                وأقر كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن الله استجاب لدعائه من أجل تقواه: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) عبرانيين 5: 7
                                فمن يقل إن يسوع قبض عليه وصلب، فقد اتهم يسوع بالكذب، فى تحديه أمام اليهود أن يحدث هذا،وبالتالى نفى عنه الألوهية والنبوة، حيث يُمتنع أن يكون هناك نبى كاذب!
                                ومن يقل إن يسوع صلب، ينفى عنه التقوى واستجابة الله لدعائه!
                                ومن يقرأ النص بوعى يدرك أنه كانت هناك إرادتان: إرادة يسوع وإرادة الله تعالى! ومن أدب يسوع فى الدعاء أنه طلب إرادة الله! وهذا ينفى كونهما واحد إلا فى الهدف.
                                ومن يقرأ النص بوعى يدرك أنه كانت هناك مشيئتان:واحدة ليسوع والأخرى لإلهه! ومن أدب يسوع فى الدعاء أنه طلب مشيئة الله! وهذا ينفى كونهما واحد إلا فى الهدف.
                                ومن يقرأ النص بوعى يدرك أنه كانت هناك قوة واحدة ومشيئة واحدة، هى التى تسير الأمور كلها، ويخضع لها يسوع فى الدنيا والآخرة،الأمر الذى ينفى عنه الألوهية.
                                (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) كورنثوس الأولى 15: 28
                                ثم اقرأ قول الرب فى أنه يرجع الشر الذى يحيكه إنسان ما بعبد من عبيده المؤمنين إلى الشرير نفسه: (5يَرْجِعُ الشَّرُّ عَلَى أَعْدَائِي. بِحَقِّكَ أَفْنِهِمْ.) مزمور 54: 3-5
                                (1طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. 2الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. 3الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ.) مزمور 41: 1-3
                                فهل أنقذ الرب عبده المؤمن يسوع، أم كان يعتبره من الأشرار فتركه يلقى هذا الموت بهذه الطريقة التى تجعله ملعونًا مهانًا؟
                                (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                                فهل اعتبر الرب يسوع من الأشرار، فتركه يُعلَّق بعمل يديه؟ أم قال هذا أعداؤه وجعلوه يموت ميتة الملاعين، مصلوبًا، ليرفعوا عنه غطاء الرب له، وحمايته إياه، ورفعه إلى السماء دون أن يلقى هوان أو تعذيب أو موت، ويمنعوا الناس من اتباعه؟ (16مَعْرُوفٌ هُوَ الرَّبُّ. قَضَاءً أَمْضَى. الشِّرِّيرُ يَعْلَقُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ) مزمور 9: 16
                                وحتى لا يتطرق عقلك إلى فرية الخطيئة الأزلية، وأنه لا بد أن يموت يسوع فدية لحواء وخطيئتها، (فلم يخطىء آدم فى عرف بولس: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 14)، اقرأ أقوال الناموس نفسه:
                                (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                                (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4
                                (فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ) إرمياء 31: 29-30
                                (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
                                (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                                (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19
                                بل قال بولس نفسه: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ.5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ)غلاطية 6: 4-5
                                وقال يسوع: (8فَاصْنَعُوا أَثْمَاراً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10، فالشجرة التى لا تثمر تقطع وتلقى فى النار، وليس كل الشجر تُلقى فى النار بسبب شجرة رديئة!!
                                (34فَقَالَ بُطْرُسُ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. 35بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ.) أعمال الرسل 10: 34-35
                                فهل كذب الرب فى كل هذه النصوص، وأصبح فى عهد يسوع فقط توارث هذه الخطيئة المزعومة؟
                                أم هل كذب يسوع ولم يخبر أتباعه بهذه الفرية ولم يذكرها من قريب أو بعيد؟
                                أم كذب يسوع فى ادعائه أنه لم يأت ناقضًا للناموس أو الأنبياء، ثم هدم الناموس وتعاليم الأنبياء فى هذا الشأن؟
                                أم أراد يسوع أن يسب الرب ويتهمه بالظلم وأنه يحاسب المرء على عمل لم يقم به؟
                                (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7
                                (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
                                (3أَلَيْسَ الْبَوَارُ لِعَامِلِ الشَّرِّ وَالنُّكْرُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ! 4أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي. 5إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ الْكَذِبِ أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى الْغِشِّ 6لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي.) أيوب 31: 3-6
                                وقال الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-12
                                وقال الرب لحزقيال: (كَطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دِنْتُهُمْ.) حزقيال 36: 19
                                وقال الرب لهوشع: (الآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ.) هوشع 7: 3
                                ألم يقل موسى للرب: («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22، فأمر الرب بخروج بنى إسرائيل وابتعادهم عن خيام قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ، وأمر الرب الأرض فانفتحت وابتلعتهم دون بنى إسرائيل.
                                فهل تريدون القول إن موسى وهارون كانا أرحم من الرب وأعدل منه حتى يُطالباه بمحاكمة المذنب فقط أو الصفح عنه أو إمهاله ربما يتوب؟ وهل لو علم موسى وهارون بوجود الخطيئة الأزلية لكانا اعترضا فى هذا المقام؟
                                ونؤكد النتيجة السابقة: إن هذا المعيار يدلل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ويثبت أيضًا أنه كان أنفع للبشر والبيئة من يسوع الإنجيلى. ونؤكد أن كتبة هذه الأناجيل تعمدوا طمس رسالة يسوع الحقة، وتشويه صورته أمام الناس وتحويل دينه إلى ما يقارب البوذية وغيرها من الأديان الوثنية التى تؤمن بنزول الإله على الأرض وموته على يد أناس أو آلهة أخرى فداءً للبشرية.
                                * * *
                                وما زلنا نتناول أدلة النبوة ونطبقها على كل من يسوع الإنجيلى ومحمد صلى الله عليه وسلم: فالمعيار التالى يتناول:

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                مغلق: علوم الاجنة بواسطة Momen Abedi
                                ابتدأ بواسطة Momen Abedi, 12 ديس, 2021, 07:30 ص
                                ردود 5
                                139 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                                ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 1 ديس, 2021, 08:18 م
                                ردود 9
                                289 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة طالب علم مصري  
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 13 يول, 2021, 12:17 ص
                                ردود 5
                                327 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                 
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 20 ماي, 2021, 11:43 م
                                رد 1
                                187 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                 
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 15 ماي, 2021, 02:16 ص
                                ردود 0
                                145 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                 
                                يعمل...
                                X