هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

تقليص

عن الكاتب

تقليص

فتى يسوع مسلم اكتشف المزيد حول فتى يسوع
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فتى يسوع
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    • 3 أبر, 2008
    • 156

    هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

    بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه والأنبياء السابقين وسلم

    هذه مقالة جزء من ثلاث مقالات (حيث أنها في الأصل مبحث صغير اضطررت إلى تقسيمه إلى ثلاث مقالات حتى لا يطول على القارئ) أبين فيها تطور عقيدة التثليث حيث لم يكن المسيح هو الله لدى المسيحيين الأرثوذوكس (ركز على عبارة "أرثوذوكس") وإنما كان إلهاً تحت الله (وهي ما تسمى بعقيدة الخضوعية أو التبعية)، ثم تحول المسيح منذ القرن الرابع إلى الله نفسه [ بحسب اعتقاد المسيحيين الأرثوذكس ]

    مشكلة عبادة الإنسان في الوثنيات

    جميع الديانات على وجه الأرض تقريباً تؤمن بأن للكون إلهاً خالقاً، وسواء أكان الله في الإسلام أو براهما في الهندوسية أو كان زيوس لدى قدماء اليونانيين أو إلوهيم ويهوه عند اليهود فالكل يصرح بأنه إله فوق الكل، إلا أن جميع الديانات الوثنية تقريباً سقطت في عبادة الإنسان، وذلك سواء أكان كرشنا أو غيره في الهندوسية أو بوذا في البوذية أو المسيح في المسيحية، وهذه المعبودات البشرية غالباً هي لم تصرح بالألوهية (إلا في حالة الملوك والأباطرة مدعوا الألوهية)، وإنما تأليه أولئك البشر تم بعد زمنهم بوقت ليس بالقصير، وبالطبع الديانات التي نجت من عبادة الإنسان هي الإسلام واليهودية.

    كما أن هذه الديانات التي ألّهت الإنسان هي ألّهته بإحدى طريقتين:

    1- إما برفع الإنسان إلى مرتبة الألوهية: أي بالإيمان أن هذا الإنسان الإله كان إنساناً في الأصل ثم ترقى وارتفع إلى مقام الألوهية، وذلك كما نراه في البوذية.
    2- وإما بفكرة تجسد الإله: وهو أن الإله نزل إلى الأرض وتجسد في إنسان، وهذا هو غالب ما عليه الديانات الوثنية، ولذلك يُعتبر هذا الإنسان الإله في هذه الأديان مساوياً للإله الذي تجسد منه، وبعض تلك الديانات تشخصن الإله وتعدده في شخصيات مختلفة ثم تجعل ذلك الإنسان ممثلاً ومجسداً لإحدى الشخصيات الإلهية، فمثلاً المسيحية والهندوسية كلاهما يؤمنان بأن المسيح (في المسيحية) وكرشنا (في الهندوسية) تجسدات للشخصية الثانية من الثالوث الإلهي (المسيح تجسد لله الابن وكرشنا تجسد للإله فيشنو)، والعجيب أن السبب في خلق شخصية ثانية للإله الأصل هو إيمان تلك الديانات بعدم إمكانية تجسد الإله (الله الآب في المسيحية وبراهما في الهندوسية)، وبالتالي جعلوا للإله شخصيات أخرى يمكنها النزول إلى الأرض والتجسد.
    ولذلك مهما ادعى أولئك المؤلهون للإنسان وصنعوا شخصيات متعددة للإله فإنهم في قرارة أنفسهم يشعرون بعظمة الإله الأصل فوق عظمة الشخصيات الإلهية التي توالدت أو انبثقت من ذلك الإله الأصل.

    وبالتالي سنقرأ في هذا المبحث عن تطور الفكر التثليثي لدى المسيحيين خصوصاً عن علاقة الابن بالله الآب، هل هم متساوون أم أن الآب أعظم من الابن؟ فمفهوم المساواة هو ما يعرف بعقيدة التثليث المعاصرة (وهي العقيدة المتبنية في الفكر المسيحي منذ القرن الرابع الميلادي) بينما مفهوم التفاضل (أي أن الآب أعظم من الابن) فيسمى بعقيدة الخضوعية أو التبعية (وهو المعتقد المتبنى في المسيحية ما قبل القرن الرابع)، ومع ذلك قبل الخوض في الحديث عن معتقدات آباء الكنيسة ما قبل القرن الرابع الميلادي وعن مدى تحريف هذا المعتقد في القرون اللاحقة فإني سأبدأ بتوضيح مشكلة تأليه المسيح أصلاً، ثم آتي على عقيدة آباء الكنيسة ما قبل القرن الرابع، والتي كانت بالرغم من كونها مبنية على تأليه المسيح إلا أنها كانت منكرة لجعل المسيح هو الله نفسه، بل اعتبروه في مرتبة تحت الله، بعضهم اعتبروه كجزء من الله وبعضهم اعتبر لفظة التأليه لفظة مجازية لا يُقصد بها الألوهية كما أطلقت على موسى في العهد القديم: "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أنَا جَعَلْتُكَ إلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ»." (الخروج 7 : 1)

    التعديل الأخير تم بواسطة عاشق طيبة; 28 مار, 2015, 12:59 ص. سبب آخر: اضافة كلمة لمنع اللبس وسوء الفهم
  • فتى يسوع
    2- عضو مشارك

    حارس من حراس العقيدة
    • 3 أبر, 2008
    • 156

    #2
    رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

    هل ادعى المسيح بأنه الله


    يعتقد المسيحيون بأن المسيح هو الله، فهل فعلاً هو صرّح بذلك؟ لا يوجد ولا نص واحد في الأناجيل الأربعة يصرح المسيح فيها بأنه الله (باعتبار أن الأناجيل تجمع أقوالاً منسوبة إلى المسيح)، نعم يستدل بعض المسيحيين ببعض أقوال المسيح أهمها أنه دعي بـ"ابن الله"، وقوله: "أنا والآب واحد"، ولكن كلا النصين ليسا بكافيين لتأليه المسيح لأنهما أيضاً أطلقا على المؤمنين:
    1- فعن بنوة المؤمنين لله يقول المسيح: "طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ." (متى 5 : 9)، ويقول بولس: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ." (رومية 8 : 14)

    2- وأما عن وحدة المؤمنين مع الله مثل وحدة المسيح مع الله يقول المسيح: "(20) وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكلاَمِهِمْ (21) لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. (22) وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. (23) أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي." (يوحنا 17 : 20-23)

    إذن البنوة لله والوحدة معه لا تثبت أي ألوهية، ولو كانت كذلك لقلنا بأن المؤمنين أيضاً آلهة، بل إن هناك نصوصاً واضحة من تصريح المسيح تنكر الألوهية عليه.

    وبينما نجد تصريحات البنوة والوحدة مع الله لا نجد أي تصريح من المسيح بكلام واضح صريح أنه هو الله، فلا نجد نصاً واحداً يقول المسيح فيه: "أنا الله"، فلو كان المسيح حقاً هو الله فما الذي سيمنعه من استعمال كلمة "الله" على نفسه بدلاً من استعمال كلمتين "ابن الله"؟ فكلمة واحدة (وهي الله) أبسط وأوضح من كلمتين (أي ابن الله).

    تعليق

    • فتى يسوع
      2- عضو مشارك

      حارس من حراس العقيدة
      • 3 أبر, 2008
      • 156

      #3
      رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

      نصوص تنكر كون المسيح هو الله

      مع عدم وجود أي نص يصرح المسيح فيه أنه هو الله نجد على العكس من ذلك تماما أن المسيح يصرح في نصوص عديدة أنه ليس هو الله:
      - فأصل ومصدر الصلاح هو الله وحده وليس المسيح: "وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟» فَقَالَ [المسيح] لَهُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ. وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا»." (متى 19 : 16-17)

      - وميقات يوم الساعة لا يعلم بها المسيح وإنما الله وحده يعلم: "وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ." (مرقس 13 : 32)

      - والله هو مصدر العلم فمنه يتعلم المسيح: "أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «تَعْلِيمِي لَيْسَ لِي بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي»." (يوحنا 7 : 16)

      - وذلك لأن المسيح مجرد إنسان يوحى إليه من الله: "وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ." (يوحنا 8 : 40)

      - وبالتالي فالله أعظم من المسيح: "أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي." (يوحنا 14 : 28)

      - فالله أعظم من المسيح لأنه إلهه: "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: « . . . إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ». (يوحنا 20 : 17)


      بل وحينما يتحدث عن أي سلطة أو مكانة أو حتى معجزة للمسيح فإنه يُصرّح بأنه عطية من الله له:

      - فالمسيح ليس مصدراً لما عنده وإنما الله أعطاه إياه: "كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي." (متى 11 : 27)

      - حتى معجزاته هي من الله وليست من نفسه ولذلك شكره عليها؛ فحينما أحيا الميت لعازر قال: "«أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي، وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي»." (يوحنا 11 : 41-42)

      - وإلا لولا الله لما استطاع المسيح فعل شيء، فهو من نفسه لا يستطيع عمل شيء: "أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً." (يوحنا 5 : 30)

      - ولذلك حتى يوم القيامة لا يستطيع عمل أي شيء ما لم يعطه الله إياه: "فَقَالَ لَهَا: «مَاذَا تُرِيدِينَ؟» قَالَتْ لَهُ: «قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هَذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ» . . . فَقَالَ لَهُمَا: « . . . وَأَمَّا الْجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَلَيْسَ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ إِلاَّ لِلَّذِينَ أُعِدَّ لَهُمْ مِنْ أَبِي»." (متى 20 : 23)

      وقد يتشدق البعض قائلاً بأن كل هذه النصوص التي تدل على عدم ألوهية المسيح بأنها مختصة بناسوت المسيح (أي بشرية المسيح) وليست مختصة بلاهوته (أي ألوهيته)، فهم يؤمنون بأن للمسيح طبيعتين: الطبيعة اللاهوتية والطبيعة الناسوتية، فأقول بأن كل النصوص التي ذكرتها في الأعلى ليست متعلقة بشيء اسمه طبيعتي لاهوت وناسوت! فتصريح المسيح بأنه لا يعلم متى يوم القيامة استخدم فيها كلمة: "ولا الابن" فالابن في التعليم المسيحي اللاهوتي هو الشخصية الثانية من الله (الله الابن) أي أن "الابن" يعبر عن اللاهوت، وفي هذا النص رأينا كيف أن المسيح يصرح بأن "الابن" ليس له علم بوقت يوم القيامة، ومثله قول المسيح: "أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً." فقد صرّح في نفس الاصحاح بأن عدم القدرة متعلقة بالابن (وليس الناسوت كما يدّعون): " فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهَذَا يَعْمَلُهُ الاِبْنُ كَذَلِكَ. لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الاِبْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هَذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ." (يوحنا 5 : 19-20) (فقد استخدم كلمة "الابن" كما هو واضح)، وحينما صرح المسيح بأن له إلهاً قالها بعد حادثة الصلب والتي يؤمن المسيحيون بأنه قام بجسد المجد أي قام بألوهية من دون ناسوت، وحينما صرح بأن الآب أعظم منه صرح بأن هذا هو سبب صعوده (أي طاعة لأمر الله لأنه أعظم منه)، وهو صعد على حسب المعتقد المسيحي بلاهوته، وهكذا عطيته للجلوس عن يمينه وشماله لا يملكها بنفسه يوم القيامة مع أنه سوف يكون بلاهوته بحسب المعتقد المسيحي.

      وبالإضافة إلى ما سبق فإن التبرير الخالي عن الدليل بوجود طبيعتي لاهوت وناسوت لم يصرح بها الكتاب المقدس، ولذلك فموضوع وجود طبيعتين في المسيح هي خلاف ما زال دائراً في الأوساط المسيحية بين الأقباط الأرثوذوكس والسريان من جهة والروم الأرثوذوكس والكاثوليك والبروتستانت من جهة أخرى! كما أن آباء الكنيسة في القرون التي سبقت القرن الرابع لم يكونوا ليفسروا تلك النصوص بوجود طبيعتين، بل الآباء الذين عاشوا في القرنين الثاني والثالث كانوا يفسرونها بأنها تدل على خضوعية المسيح لله الآب وأنه يقع في منزلة تحت منزلة الله (كما سيأتي في المقالات القادمة)!

      ولذلك أريدك أيها القارئ أن تركز على النصوص السابقة لأنه كما قلت سيأتي أن آباء الكنيسة في القرون الأولية كانوا يستخدمونها لإثبات أن المسيح لا يساوي الله وأنه ليس الله ذاته، وهذه العقيدة التي كانوا يتبنونها تعرف في المصطلح اللاهوتي باسم Subordinationism أي "الخضوعية" (أو "التبعية" أو "التابعية").

      تعليق

      • فتى يسوع
        2- عضو مشارك

        حارس من حراس العقيدة
        • 3 أبر, 2008
        • 156

        #4
        رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

        عقيدة التثليث غير منطقية


        قبل أن نبين عدم منطقية التثليث يجب معرفة ما هي عقيدة التثليث بالضبط، فتذكر دائرة المعارف الكتابية الثالوث كالآتي:

        "لم ترد كلمة "الثالوث" في الكتاب المقدس، حيث لا يذكر الكتاب المقدس هذا اللفظ بالذات تعبيراً عن مفهوم أنه ليس هناك سوى الله الواحد الحقيقي، وأن في وحدانية الله ثلاثة أقانيم هم واحد في الجوهر، ومتساوون في الأزلية والقدرة والمجد، لكنهم متمايزون في الشخصية."

        وتعرّفها الموسوعة الكاثوليكية Catholic Encyclopedia تحت عنوان "الثالوث المبارك" (THE BLESSED TRINITY):

        "الثالوث هو كلمة تستخدم لتشير إلى مركز معتقد الديانة المسيحية - والحقيقة هي أن وحدانية الألوهية فيها ثلاثة أشخاص: الآب والابن والروح القدس وهؤلاء الثلاثة أشخاص هم في الحقيقة مختلفون عن بعضهم البعض."
        "The Trinity is the term employed to signify the central doctrine of the Christian religion – the truth that in the unity of the Godhead there are Three Persons, the Father, the Son, and the Holy Spirit, these Three Persons being truly distinct one from another."

        والتثليث مما سبق عبارة عن الاعتقاد بأن الله إله واحد ولكنه عبارة عن ثلاثة أشخاص، وكل واحد من هؤلاء الثلاثة ليس الآخر، أي أن الابن ليس هو الآب، والآب ليس هو الروح القدس، والروح القدس ليس هو الابن، فهم شخصيات متمايزة مختلفة، وهنا نقف عند مجموعة نقاط:

        1-أن كل واحد منهم هو إله كامل، ولاشك لمن عنده أدنى قدر من التفكير إله كامل وإله كامل وإله كامل ستعطينا ثلاثة آلهة وليس إلهاً واحداً!
        2- وتجدهم يقولون بأنه مادام أنهم طبيعة واحدة (وهي الإلهية) فبذلك هم إله واحد، وهذا من أعجب الكلام، فلو كان عندنا بطرس ومتى ويوحنا على سبيل المثال والذين هم ثلاثة أشخاص من طبيعة واحدة (وهي البشرية) فلا يصح لأحد أن يقول بأنهم إنسان واحد أو رجل واحد وإنما هم ثلاثة بشر أو رجال، فوجود الشخصيات المتميزة هي التي تجعلهم ثلاثة رجال وليسوا رجلاً واحداً.
        3- والأعجب أن يبرر بعضهم التثليث بمبررات غريبة كأن يقول أنت كشخص مكون من ثلاثة أشياء: جسم وعقل وروح، ومع ذلك أنت شخص واحد، وهذا كلام ضد قائله ويبين حالة التناقض في دعوى التثليث، فالجسم والعقل والروح أجزاء من الشخصية ولا يمثل كل واحد منهم شخصية كاملة، وإلا لو كان الجسم شخصا والعقل شخصا والروح شخصا لكانوا ثلاثة أشخاص وليس شخصاً واحداً، ولو كانوا بذلك ثلاثة شخصيات لكانوا ثلاثة رجال أو نساء.
        4- فالزعم بأن وحدانية الله تعني وجود ثلاثة أشخاص إلهية إنما هي تخالف معتقدات الأنبياء السابقين وما توارثه اليهود منهم أن الله عبارة عن شخص واحد فقط لا غير؛ ومن ذلك نقرأ: "أَنَا اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرَ." (أشعياء 45 : 22)، فبينما صرّح الآب بأنه هو الله وليس آخر نجد بأن المسيح أعلن بأنه آخر غير الآب: "الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ." (يوحنا 5 : 32)
        5- بل وعقيدة التثليث تخالفها عدم علم المسيح بموعد يوم القيامة (مرقس 32 : 13) وخضوعه يوم القيامة لله (1 كورنثوس 15 : 28) وغير ذلك من النصوص التي استدللت عليها سابقاً.
        التعديل الأخير تم بواسطة فتى يسوع; 28 مار, 2015, 01:49 ص.

        تعليق

        • فتى يسوع
          2- عضو مشارك

          حارس من حراس العقيدة
          • 3 أبر, 2008
          • 156

          #5
          رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

          عقيدة التثليث هرطقة متأخرة

          إن عقيدة التثليث القائلة بمساواة المسيح بالله الآب مع الإقرار بأنه ليس هو الله الآب لم تظهر إلا في القرن الرابع الميلادي، وإليك بعض المراجع العلمية التي توضح ذلك:

          1- نقرأ في قاموس الكتاب المقدس (Dictionary of the Bible) للقس الشهير جون ماكينزي (John L. McKenzie) (وهذا القاموس كما تبين موسوعة الويكيبيديا تحت اسم القس بأنه أشهر قاموس للكتاب المقدس على الإطلاق للناطقين باللغة الإنجليزية) ص 899 (ط 1965):
          "إن ثالوث الله تُعرِّفُه الكنيسة بأنه الاعتقاد بأن في الله ثلاثة أشخاص ذوو طبيعة واحدة، وهذا المعتقد وصل على هذا النحو فقط في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، ومن هنا فإنها ليست تحديداً ورسمياً معتقداً إنجيلياً."
          "The trinity of God is defined by the church as the belief that in God are three persons who subsist in one nature. The belief as so defined was reached only in the 4th and 5th centuries AD and hence is not explicitly and formally a biblical belief."

          2- نفس هذا الاعتراف تقر به موسوعة أمريكيانا (Encyclopedia Americana) ص 294، ج 27 (ط 1959):
          "إن تثليث القرن الرابع لا يعكس بدقة التعليم المسيحي المبكر فيما يتعلق بطبيعة الله بل هو انحراف عن هذا التعليم."
          "Fourth century Trinitarianism did not reflect accurately early Christian teaching regarding the nature of God; it was, on the contrary, a deviation from this teaching."

          3- وقاموس الكتاب المقدس الجديد (The New Bible Dictionary) (الذي أحد محرريه F. F. Bruce وهو المؤلف الذي يحب البروتستانت الاقتباس من كلامه كثيراً) نقرأ في ص 1298 (ط 1962) تحت عنوان: "التثليث" (TRINITY):
          ". . . إنها [أي التثليث] لم تجد لها مكاناً رسمياً في لاهوت الكنيسة حتى القرن الرابع."
          ". . . it did not find a place formally in the theology of the Church till the 4th century."

          4- ونقرأ في الموسوعة الكاثوليكية الحديثة (The New Catholic Encyclopedia) ص 295، ج 14 (ط 1965) هذا الاعتراف الخطير:
          "وهناك أيضاً تشابه متقارب من الاعتراف من جهة مؤرخي العقيدة واللاهوتيين النظاميين أنه حينما يتحدث أحد ما عن [معتقد] التثليث غير المؤهل فإنه ينتقل من فترة أصول المسيحية إلى الربع الأخير من القرن الرابع الميلادي، فمنذ ذلك الوقت فقط ما يمكن تسميته بعقيدة التثليث المحدد "إله واحد في ثلاثة شخصيات" قد أصبح متمثلاً بشكل كلي في الحياة والفكر المسيحي ... إنها نتاج ثلاث قرون من التطور العقائدي."
          "There is also the closely parallel recognition on the part of historians of dogma and systematic theologians that when one does speak of an unqualified Trinitarianism, one has moved from the period of Christian origins to, say, the last quadrant of the 4th century. It was only then that what might be called the definitive Trinitarian dogma 'One God in three Persons' became thoroughly assimilated into Christian life and thought ... it was the product of 3 centuries of doctrinal development."

          5- وفي الموسوعة البريطانية الحديثة (The New Encyclopedia Britannica) (ط 1976) نقرأ تحت عنوان "التثليث" (TRINITY) عن تثليث القرن الرابع بشيء من التفصيل وأسماء من ساهموا في تشكيل تلك العقيدة المتأخرة:
          "إن مجمع نيقية عام 325 أعلن عن صيغة حاسمة لتلك العقيدة والتي فيها يكون الاعتراف بأن الابن "له نفس جوهر [هومووسيوس] الآب"، وبالرغم من ذلك قيل القليل جداً عن الروح القدس، وبعد نصف قرن قام أثاناسيوس بالدفاع وصقل الصيغة النيقاوية، ومع نهاية القرن الرابع الميلادي تحت قيادة باسيليوس القيصري وغيريغوريوس النيصيّ وغريغوريوس النازينازي (الآباء الكبّادوكيّون) أخذت عقيدة التثليث بشكل جوهري الشكل الذي حُفظت عليه منذ ذلك الحين."
          "In Christian doctrine, the unity of Father, Son, and Holy Spirit as three persons in one Godhead Neither the word Trinity nor the explicit doctrine appears in the New Testament, … The Council of Nicaea in 325 stated the crucial formula for that doctrine in its confession that the Son is 'of the same substance [homoousios] as the Father,' even though it said very little about the Holy Spirit. Over the next half century, Athanasius defended and refined the Nicene formula, and, by the end of the 4th century, under the leadership of Basil of Caesarea, Gregory of Nyssa, and Gregory of Nazianzus (the Cappadocian Fathers), the doctrine of the Trinity took substantially the form it has maintained ever since."
          التعديل الأخير تم بواسطة فتى يسوع; 28 مار, 2015, 02:44 ص.

          تعليق

          • فتى يسوع
            2- عضو مشارك

            حارس من حراس العقيدة
            • 3 أبر, 2008
            • 156

            #6
            رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

            المقالة الثانية ستكون بإذن الله إكمالاً للموضوع والتي ستكون بإذن الله عن المسؤول عن هرطقة التثليث والذين هم الآباء الكبادوكيين الذين عاشوا في القرن الرابع الميلادي وورطتهم في تبرير التثليث والذي يبين إيمانهم بثلاثة آلهة!

            تعليق

            • طبيب أثري
              1- عضو جديد
              حارس من حراس العقيدة
              • 26 مار, 2015
              • 57

              #7
              رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

              بارك الله فيك على الموضوع

              تعليق

              • فتى يسوع
                2- عضو مشارك

                حارس من حراس العقيدة
                • 3 أبر, 2008
                • 156

                #8
                رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

                وإياك أخي طبيب أثري

                تعليق

                • فتى يسوع
                  2- عضو مشارك

                  حارس من حراس العقيدة
                  • 3 أبر, 2008
                  • 156

                  #9
                  رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

                  عبارة في معرض حديثي عن عبادة الإنسان في الوثنيات أظنها لم تتضح أعيدها هنا مع إضافة توضيحية:
                  "ولذلك مهما ادعى أولئك المؤلهون للإنسان وصنعوا شخصيات متعددة للإله فإنهم في قرارة أنفسهم يشعرون بعظمة الإله الأصل فوق عظمة الشخصيات الإلهية التي توالدت أو انبثقت من ذلك الإله الأصل، ذلك أنهم لم يستسيغوا ولم يقبلوا أن يتجسد الإله الأصل نفسه (لإدراكهم أن التجسد عبارة عن تحول الإله إلى إنسان، وكذلك لما في التجسد من محدودية للإله المطلق غير المحدود) مما اضطرهم لصنع شخصية إلهية أخرى إلى جانب الإله الأصل وجعل هذا الإله الإضافي هو من يقوم بعملية التجسد!"

                  تعليق

                  • فتى يسوع
                    2- عضو مشارك

                    حارس من حراس العقيدة
                    • 3 أبر, 2008
                    • 156

                    #10
                    رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

                    المقالة الثانية التي تعد إكمالاً للموضوع على الرابط التالي: https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=52877
                    والمقالة الثالثة والأخيرة على التالي: https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=52889

                    تعليق

                    • Battar Kurdi
                      1- عضو جديد
                      • 8 أكت, 2014
                      • 94

                      #11
                      رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

                      بارك الله فيك


                      مدونتي باللغة الكوردية لمقارنة الاديان:
                      ------ ئاين و مه‌زهه‌به‌كان ------
                      battarduhoki1.wordpress.com


                      تعليق

                      • فتى يسوع
                        2- عضو مشارك

                        حارس من حراس العقيدة
                        • 3 أبر, 2008
                        • 156

                        #12
                        رد: هل كان هناك تثليث قبل القرن الرابع؟ (1) هرطقة التثليث

                        وإياك أخي بتار كردي حفظك الله

                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 6 يوم
                        ردود 2
                        15 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 مار, 2024, 03:34 ص
                        ردود 0
                        32 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 11 مار, 2024, 01:39 ص
                        رد 1
                        41 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 ينا, 2024, 02:46 ص
                        ردود 2
                        32 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                        ابتدأ بواسطة رمضان الخضرى, 18 ديس, 2023, 02:45 م
                        ردود 0
                        111 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة رمضان الخضرى
                        يعمل...