فوائد هامة في العقيدة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عادل خراط مسلم اكتشف المزيد حول عادل خراط
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فوائد هامة في العقيدة

    ​​​الفائدة : 1

    [ فائدة في فضل العلم و أفضله ]

    لا يختلف الناس على فضل العلم ، و أن زيادة اليقين تكون - من بين ما تكون - بمقدار زيادة العلم ، و أعظم مراتب اليقين: اليقين بالله ، ففضل العلوم بفضل المعلوم .

    و أفضل العلوم نوعان :

    ° الأول : العلم بالمعبود ؛ و هو الله تعالى .
    ° الثاني : العلم بحق المعبود.

    و حق المعبود : أن يُعبد وحده بما شرع ؛ فالعبادة هي الصلة التي تكون بين العابد و معبوده، و المخلوق و خالقه .

    و أدنى دركات الجهل : الجهل بالمعبود ، ثم الجهل بعبادته؛ فمن كان جاهلا بالله صرف العبادة لغير الله ، و من كان عالما بالله و جاهلا بالعبادة عبد الله بغير ما شرع، و من كان جاهلا بالعبادة و المعبود وقع في الشرك و البدعة كليهما .

    و قد أوجد الله الإنسان في الأرض و جعل له عقلا ليُبصر به دنياه ، و أنزل إليه النقل ( الوحي ) ليبصر به دينه ؛ فمن عطّل العقل فسدت دنياه كما تفسد دنيا المجنون ، و من عطّل النقل فسد دينه كما يفسد دين المحرفين و أهل الأهواء ، و من أبصر فساد دنيا فاقدِ العقل عرف كيف يكون فساد دين فاقد النقل .​

  • #2
    الفائدة : 2

    [ فائدة في حفظ العقل و النقل ]

    فطر الله الإنسان على الإحتراز مما يفسد عقله من الأمراض و العلل ؛ حتى لا تؤثر على دنياه ، و بمثل ذلك جاءت حياطة النقل من الأهواء و البدع حتى لا تؤثر على الدين ، و لكن لما كانت لذة الدنيا عاجلة و متعة الآخرة آجلة ؛ غلب على الناس حماية الدنيا أكثر من حماية الدين .

    و قد وصف الله ميل الإنسان و حبه للذة العاجلة في مواضع ؛ قال تعالى : " كلا بل تحبون العاجلة " ، و قال : " إن هؤلاء يحبون العاجلة " ، و قال : " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء ".

    فالنفس ميالة للمتعة العاجلة ؛ فإن المتعة العاجلة تسلب الحواس و تجذبها إليها ؛ و لهذا أمر الله بعدم مد البصر إليها حتى لا تجذبه و تحرفه ، و قد قال الله لنبيه المعصوم: " و لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ، و رزق ربك خير و أبقى ".
    و التوسع بالمتعة العاجلة ينسي النعيم الآجل ؛ كما قال تعالى: " و لكن متّعتهم و آباءهم حتى نسوا الذكر و كانوا قوما بورا ".

    و سير الإنسان لتحقيق المتعة الدنيوية و الإكتفاء بذلك قدر يشاركه فيه الحيوان ؛ كما قال تعالى : " و الذين كفروا يتمتعون و يأكلون كما تأكل الأنعام و النار مثوى لهم " .
    بل إن الحيوان أكمل في تحقيق كمال متعته من الإنسان؛ و لكن الله اختص الإنسان بالعبودية له ؛ و هي التي يفارق الإنسان بها الحيوان ، و لهذا فإن الله إذا ذكر الإنسان في القرآن ذكره مذموما ، و إذا وصفه بالإيمان مدحه .

    و قد أنزل الله الوحي ليحفظ العقول من سطوة النفوس و استبدادها على الإنسان.​

    تعليق


    • #3
      الفائدة : 3

      [ فائدة في فضل قرب الزمان و المكان الأول ]

      أصحّ الناس اعتقادا و أسلمهم فهما أصحاب القرون الثلاثة الأولى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " ، و قد أنزل الله الوحي على نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين ، و كان وضعه على وضع قريش و لسانهم .

      و أقرب الناس إلى الحق و فهمه من تحقق فيه القربان من الوحي :
      ▪︎ القرب الأول : قرب الزمان .
      ▪︎ القرب الثاني : قرب المكان .

      و قد كان طُلاب الحق في القرون الأولى يعظمون أهل الفقه في الحجاز ، و يقدمون فهمهم ، فكلما كان الواحد منهم أسبق زمنا و أقرب مكانا كان أقرب إلى الصواب من غيره ؛ لأن الوحي نزل بين أظهُرهم و بلسانهم أو لسان من حولهم .
      و كلما تقادم الزمان و تباعد المكان ضعُف اللسان .

      و قد يوجد صحيح الإعتقاد بعيد المنزل ، و قريب المنزل فاسد الإعتقاد .​

      تعليق


      • #4
        الفائدة : 4

        [ فائدة هامّة عن المغرب زمن الصحابة و التابعين ]

        دخل الإسلام المغرب في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم توسع في خلافة من بعدَه : كعثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم في إمارة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، و يزيد بن معاوية، و عبد الملك بن مروان .

        فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد بعث عمرو بن العاص رضي الله عنه، و عثمان بن عفان بعث عبد الله بن أبي السرْح رضي الله عنهما ، و معاوية بن أبي سفيان بعث رُويفع بن ثابت و معاوية بن حُديج، و عبد الله بن الزبير و عقبة بن نافع رضي الله عنهم، و جاء يزيد بن معاوية و أتم أمر عقبة بن نافع .

        و كل أولئك المبعوثين صحابة ؛ إلا عُقبة فمولود زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ و به دخل الإسلام عامة المغرب الأدنى و الأوسط حتى بلغ محيطه الأطلسي، و مما اشتهر عنه قوله: " اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود ، و لولا هذا البحر لمضيتُ في البلاد أُقاتل من كفر بك ؛ حتى لا يُعبد أحد دونك ".
        المصدر : رياض النفوس ، الجزء الأول ، ص : 39.

        و كل هذا قبل تمام المائة من الهجرة .

        و قد دخل بلدان المغرب جماعة من الصحابة فاتحين ، و قد سمى أهل السِّيَر خلقا منهم متفرقين يقربون أو يزيدون على خمسين نفسا ، و قد أخرج ابن عبد الحكم عن سليمان بن يسار قال : " غزونا إفريقية مع معاوية بن حُديج ، و معنا بشر كثير من أصحاب رسول الله من المهاجرين و الأنصار ".
        المصدر : فتوح مصر ، ص : 220 .

        و أما التابعون فخلق كثير لا يُحصون ، و قد ارتحل إلى المغرب جماعة من فقهاء التابعين ممن سمع أو أدرك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كابن عباس و ابن عمر و عبد الله بن عمرو و طبقتهم لنشر العلم في المغرب ؛ كحيّ بن موهب المَعافري، و حِبان بن أبي جَبَلة القرشي، و إسماعيل بن عُبيد الله القرشي ، و بكر بن سوادة الجُذامي ، و عبد الرحمن بن رافع التّنّوخي ، و عبد الله بن يزيد المَعافري ، و إسماعيل بن عُبيد الله بن أبي المُهاجر ، و جُعثل بن عاهان الرُّعيني ، و سعد بن مسعود التُّجِيبي ، و طلق بن جعبان الفارسي .
        و هؤلاء أرسلهم عمر بن عبد العزيز لتعليم أهل المغرب .

        و كذلك في المغرب من التابعين : عبد الله بن أبي بُردة القرشي ، و علي بن رباح اللخمي .

        و عامة هؤلاء سكن القيروان بلد ابن أبي زيد ، و أكثرهم توفي فيها ، و خلفهم في ذلك تلامذتهم ، و كان السلف يسمون القيروان بإفريقية ، و قد قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: " توفيت حفصة عام فُتحت إفريقية ".
        المصدر : تاريخ أبي زرعة ، ص : 489 و 1282.
        يريد : القيروان .

        و هكذا في ( المدونة ) إذا أُطلق إفريقية فالمراد بها : " القيروان ؛ لأنها أظهر معالمها و عوامرها " .
        المصدر : حاشية العدوي بهامش شرح مختصر خليل ، الجزء الثالث ، ص : 186.​

        تعليق


        • #5
          الفائدة : 5

          [ فائدة هامة : السنة و الأثر و علم الكلام في المغرب ]

          كان الناس في إفريقية و المغرب على السنة و الأثر، و لم تظهر فيهم البدع متمكنة، و لا علم الكلام و الفلسفة ، و قد كان الفيلسوف أبو بكر محمد بن الطفيل القيسي في القرن السادس يصف ندرة الفلسفة في المغرب بأنها أعدم من الكبريت الأحمر.
          راجع ( حي بن يقظان ) ، ص : 20.

          و لما ذكر عبد الحق الصقلي علم الكلام ذكر أن المغرب سالم من هذا في هذا الوقت .
          راجع ( المعيار ) للونشريسي، الجزء 11، ص : 230.
          و كانت حياته في النصف الأول من القرن الخامس ، و كانت المغرب آخر بلدان الإسلام ينتظم فيها علم الكلام.

          كانت بلدان الإسلام على جهات ثلاث :

          * الأولى بلاد المشرق : و هي من عراق العجم إلى خراسان و ما وراءها ، و هي موضع الفلاسفة في الإسلام ، و فيها ظهر علم الكلام و دخل في تقرير مسائل الدين ؛ كأقوال الجهم بن صفوان و الجعد بن درهم، و هي موطن الفارابي و ابن سينا و ابن مسكويه ، و هي موطن الأئمة المتكلمين كابن فُورك و أبي إسحاق الإسفراييني و أبي القاسم القشيري و الجويني و الغزالي .

          * الثانية بلاد المغرب : و هي المغرب الأدنى و تسمى إفريقية ،و هي القيروان و ما حولها ، و المغرب الأقصى ؛ و هي الأندلس و ما وراءها .

          * الثالثة : ما بينهما : و هي جزيرة العرب و ما اتصل بها ممن بين المشرق و المغرب ، و ما يربط بهما من عراق العرب و الشام ،و إن كان العراق يعده أهل الحجاز شرقا و الشام يعدونه غربا .​

          تعليق


          • #6
            الفائدة : 6

            [ فائدة هامة عن أثر المشرق على المغرب ]

            مما ضرّ بخاطري أن يعمد أستاذ - نُجله و نحترمه - أكاديمي إلى العتاب عليّ بأنني أنقلُ فتاوى علماء المشرق ، فقال : " أليسَ في المغرب علماء لتنقُل عنهم ؟!".

            الأستاذ الكريم كتب مُعرفا نفسه بأنه أشعري العقيدة ، مالكي المذهب ، و على طريقة الجُنيد في التصوف.

            نعم ، يوجد في المغرب علماء، و العلم الشرعي المتوفر لديهم نُقل من المشرق، و أبو الحسن الأشعري من المشرق، و مالك بن أنس من المشرق، و الجُنيد من المشرق، فكل هؤلاء و علمهم من المشرق، فلماذا تُنكر عليّ - أستاذنا الفاضل - نقلي عن علماء المشرق و فضيلتك تعتز بالإنتماء : عقيدة و مذهبا و تصوفا إلى علماء المشرق ؟!

            المذاهب الإسلامية في المغرب في الأصول و الفروع إنما أُخذت من المشرق؛ حتى مذهب أهل الظاهر لم ينشأ في المغرب و إنما نشِط فيه، و نشأته مشرقية.

            و من نظر في عامة متكلمي الأشاعرة في المشرق وجد أنهم لا يكادون يذكرون متكلميهم في المغرب ؛ بخلاف المغاربة مع متكلميهم في المشرق حتى القرن التاسع.​

            تعليق


            • #7
              فائدة في العقيدة : 7

              [ فائدة هامة عن فلسفة اليونان و أثرها على المتكلمين ]

              بعض العلوم كالفلسفة أصلها في الغرب ؛ فقد كان رؤوس الفلاسفة يونانيين، و لكن لم تُؤسلِم فلسفتهم إلا في المشرق أول الأمر، ثم أخذها المغاربة بعد أسلمتها من الشرق، و لم يُؤسلموها بأنفسهم .

              ذكر الفيلسوف اليهودي ابن ميمون القرطبي : " أن كل ما قالته المعتزلة و الأشاعرة في علم الكلام مبني على مقدمات مأخوذة كلها من كتب اليونانيين و السريانيين ، الذين راموا مخالفة آراء الفلاسفة الذين يطعنون في دينهم النصراني ، و دعمهم ملوك يريدون منهم حماية دينهم من تلك الآراء الفلسفية التي تهد قواعد شريعتهم؛ فنشأ فيهم علم الكلام ، و عنهم أخذ المعتزلة ثم الأشاعرة و طبّقوه بزعمهم حماية للدين من تلك الآراء ، و اختاروا من آراء الفلاسفة ما رأوه مستقيما على طريقتهم ".

              دلائل الحائرين، الجزء الأول، ص : 180.

              و قال في موضع آخر - ص : 182 - بأنه : " نظر في كتب المتكلمين و الفلاسفة كلهم حسب طاقته - من اليهود و النصارى و الملسمين - فوجد أن طريق المتكلمين كلهم طريق واحد بالنوع، و إن اختلفت أصنافه ؛ و أنهم في مواضع كثيرة يتبعون الخيال و يُسمونه : عقلا ".​

              تعليق


              • #8
                فائدة : 8

                [ فائدة هامة في اعتقاد أهل المغرب ]

                لم يكن الناس في المغرب أهل جدل ؛ بل أهل سنة و أثر ؛ حتى في المغرب الأقصى: الأندلس ، كما قال الباجي : " كانوا عن سَنن المجادلة عادلين " .
                المنهاج ، ص : 7

                و قلة الجدل في متقدمي أهل المغرب لا تعني عدمه فيهم ؛ فلابن سُحنون كتاب في ( أدب المتناظرين ) ، و كانوا على معتقد السلف ، فنُقل إليهم اعتقاد مالك كما نُقل إليهم فقهه ، و نُقل إليهم اعتقاد أحمد بن حنبل ؛ فقد أدخله المغرب الأقصى و الأدنى : أسلَم بن عبد العزيز قاضي قضاة الأندلس، و قد ارتحل و لقي أصحاب أحمد و أصحاب الشافعي كالمُزَني و الربيع و يونس بن عبد الأعلى و غيرهم... كما أسند عقيدة أحمد بن حنبل برواية أسلَمَ و سنده : محمد بن الحارث الخُشني القيرواني في كتابه { أخبار الفقهاء و المحدثين بالأندلس } ، و فيها عقيدته بصفات الله كالإستواء و كلام الله و عُلوه و معيته و مسائل الإيمان و البعث ، و ابن الحارث ناقل عقيدة أحمد بن حنبل تلك هو شيخ ابن أبي زيد القيرواني.

                و الإعتزال لم يكن منتشرا في المغرب في القرن الثاني و الثالث و الرابع لدى العلماء؛ يعقدون له المجالس و يصنفون فيه الكتب ؛ فلم يتبنّه عالم معتبر و لا رأس في الشريعة ، و هذا في المغرب عامة الأقصى و الأدنى ، و خاصة من المالكية أتباع مالك ؛ حتى قيل: " إنه لا يوجد مالكي معتزلي إلا أبا إسحاق إبراهيم الغافقي "، كما قاله أبو العباس أحمد المقري في كتابه ( نفح الطيب ) ، الجزء الثاني، ص : 604 - 605.

                و كان ابن رشد الحفيد يعتذر عن عدم إيضاحه لمراد المعتزلة في بعض المسائل ؛ لأن كتبهم لم تصل إليهم ببلدهم في المغرب الأقصى بقُرطبة .
                الكشف عن مناهج الأدلة، ص : 60.

                و قد قال ابن حزم في رسائله : " و أما علم الكلام فإن بلادنا و إن كانت لم تتجاذب فيها الخصوم ، و لا اختلفت فيها النِّحل ، فقلّ لذلك تصرفهم في هذا الباب ؛ فهي على كل حال غير عرية عنه ، و قد كان فيهم قوم يذهبون إلى الإعتزال ".
                رسائل ابن حزم ، الجزء الثاني، ص : 942.

                و بنحوه قال ابن جُبير في الرحلة ؛ بأن المغرب على جادّة واضحة لا بُنيات لها ، و ليس فيه ما في الجهات الشرقية من أهواء و بِدع ، و فِرق ضالة و شِيع .
                رحلة ابن جُبير ، ص : 55- 56.​

                تعليق


                • #9
                  الفائدة : 9

                  [ فائدة هامة عن وجود الإعتزال في المغرب ؛ و موقف علماء المغرب منه ]

                  لا تنسوني من صالح دعائكم : بالشفاء العاجل و تفريج الكرب .

                  الإعتزال في المغرب موجود؛ و وجوده لا يعني أن له شوكة و رأسا في العلم ، كما قال ابن عبد البر فيهم : " لا يُعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء " .
                  جامع بيان العلم ، الجزء الثاني ، ص : 942.

                  و قد كان العلماء لا يردون عليهم بالتصنيف ردا ظاهرا ؛ لأنهم لا يُعدون خلافهم خلافا ؛ كما قاله ابن عبد البر في [ الإستذكار ] ، الجزء :24 ، ص : 52.

                  و وجودهم في تلك القرون في طبقتين :

                  - الأولى: حمَلة من العامة و أواسط المتعلمين ، لا يُنسبون إلى العلم بالشريعة و الفهم فيها ؛ و هذا وُجد في أول ظهور الإعتزال في المشرق ؛ فقد ارتحل بعض أصحاب واصل بن عطاء إلى المغرب ، كعبد الله بن الحارث، و تأثر بهم بعض عوام المغرب و جُهالهم ، خاصة من البربر في تاهَرتَ في المغرب الأوسط [ الجزائر اليوم ] .

                  - الطبقة الثانية : بعض أمراء المغرب ككثير من الأغالبة، فقد كانوا على الإعتزال اقتداء ببعض أمراء المشرق من بني العباس كالمأمون و المعتصم و الواثق ، و بعض قضاتهم ، و ذلك لما جعله الله من تأثر النفوس بالعِلية و الكبراء؛ فيقتدي الأدنى بالأعلى فيحاكيه ، فحاكى بعض أمراء المغرب أمراء المشرق ، و حاكى بعض قضاة المغرب قضاة المشرق ، فحمل بعض أمراء الأغالبة - و هم أولاد الأغلب بن سالم التميمي ، قائد بني العباس في غزو المغرب - الناس على الإعتزال ؛ كمحمد و أحمد ابني الأغلب ، و من القضاة المنسوبين إلى العلم المغاربة : ابن أبي الجوّاد ، و محمد بن الأسود الصديني، و سليمان بن عمر العراقي القيرواني ، و من أشهرهم : سليمان بن أبي عصفور الحنفي شيخ الإعتزال بالقيروان ، و يُعرف بالفراء ، فقد كتب في خلق القرآن، و كان مقامه قريبا من مقام بشر المريسي عند المشارقة؛ فهو من أصحاب بشر و أبي الهذيل و من الراحلين إليهم.

                  و قد امتُحن في المغرب العلماء و العامة ، كسُحنون بن سعيد ، و موسى بن معاوية ، و كان سحنون بن سعيد عصريا لأحمد بن حنبل، و قام و ثبت في فتنة خلق القرآن في المغرب ، كما قام ابن حنبل و ثبت في المشرق.

                  و كان العلماء و العامة يهجرون أهل الكلام و من يقول بقولهم ، فقد كان بُهلول بن راشد و سحنون بن سعيد ، و علي بن زياد لا يسلمون عليهم ، و كان سحنون بن سعيد لا يصلي خلفهم ، بل كان عبد الله بن فروخ و ابن غانم و بهلول بن راشد لا يصلون على جنائزهم ، و قد حكى بعض علماء المغرب اتفاق علماء السنة المغاربة على أنه لا تجوز الصلاة على من يدين بالإعتزال.

                  اللهم رب الناس ، أذهب البأس ، و اشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما .
                  ربنا متّعنا بأبصارنا و بدننا و صحتنا ما أحييتنا .
                  اللهم يا ذا الجلال و الإكرام فرّج عنا الكرب .​

                  تعليق


                  • #10
                    الفائدة: 10

                    [ بداية رد المغاربة على المشارقة في الفروع لا في الأصول ]

                    المذاهب الفقهية - المذاهب الأربعة المشهورة - مذاهب فقهية و ليست طُرقا عقدية؛ فليس كل من انتسب إلى إمام في الفروع فهو على طريقته في الإعتقاد، و لا يُنسب للإمام اعتقاد قرره بعض أتباعه في الفروع.

                    و من نظر في كثير من رؤوس الإعتزال وجدهم حنفية في الفروع، و أبو حنيفة بريئ من اعتزالهم، و هكذا في بعض من ينتسب لمالك و الشافعي و أحمد؛ فتُؤخذ مذاهب الفروع بمأخذ غير طرائق العقائد.

                    و لم تظهر الأهواء في المغرب منتظمة مبكّرة؛ كما ظهرت في المشرق و العراق و الشام، و قد كانت غاية البدع الكلامية يحملها أفراد، و ربما يتهيبون من الدعوة إليها و الكتابة بها، و كان عامة ردود المغاربة و مناظراتهم في القرن الثالث و الرابع- خاصة المالكية- في الفروع، و دفاعا عن مالك و مذهبه من ردود بعض المشارقة و غيرهم عليه ، خاصة من أبي حنيفة و الشافعي و أصحابهما، و خاصة في كتاب محمد بن الحسن { الحجة على أهل المدينة } ، و كتاب الشافعي { اختلاف مالك } و غيرهما.

                    و قد رد جماعة من المغاربة على الشافعي، منهم: محمد بن سُحنون في كتابه { الجوابات } ، و يحي بن عمر الكناني الأندلسي القيرواني في كتابه { الحجة في الرد على الشافعي } ، و رد على الشافعي : يوسف المغامي الأندلسي ، و أبو عثمان سعيد الحداد، و رد محمد بن سحنون على أبي حنيفة و أصحابه في كتابه { الرد على أهل العراق }.

                    و هذه الردود كلها في القرن الثالث.

                    و قد كانوا يردون الإحتجاج بكتب داود الظاهري و أقواله قبل دخول بعض رجاله المغرب في مذهبه ، و قبل ولادة ابن حزم، و أول من أدخل كتب داود للأندلس تلامذته: عبد الله بن قاسم بن هلال القرطبي، و منذر بن سعيد البلوطي، ثم أدخل كتب داود مغرب إفريقية: محمد بن خيرون القيرواني في { رحلته إلى العراق } ، التي لقي فيها أصحاب أحمد و ابن معين و ابن المديني، و هو أول من أدخلها القيروان، و هذا قبل ولادة ابن حزم بنحو قرن.

                    و قد تكلم أبو عثمان سعيد الحداد في مسألة ،فقيل له: إن داود قال فيها كذا و كذا، فقال: لو كان نومي كيقظة داود ما تكلمت في العلم.
                    معالم الإيمان، الجزء الثاني، ص: 297 - 298.

                    و ابن الحداد شيخ شيوخ ابن أبي زيد القيرواني.

                    و رد ابن أبي زيد نفسه على الظاهرية و خلافهم لمالك في كتابه { الذب عن مذهب مالك } ، و كان كتابه ردا على كتاب لأحد الظاهرية سماه { التنبيه و البيان عن مسائل اختلف فيها مالك و الشافعي } حيث ذكر صاحب { التنبيه و البيان } مخالفة مالك للسنة في بعض أصول فقهه، و سبعا و ثلاثين مسألة من فروعه، و كان المغاربة يسمون داود بالقياسي لأنه ينفي القياس.

                    و إنما قويت شوكة أهل الظاهر في المغرب الأقصى بعد ابن حزم، و انتشر مذهبهم حتى القرن السابع، فضعفوا حتى كأن لم يكن لهم فيها أثر.

                    و كتب الأئمة المشارقة السابقين في العقائد معروفة، و لم يكن أهل المغرب يردون على شيء منها، و من ذلك : كتب أبي جعفر الطحاوي الحنفي؛ فقد كتب رسالته في { معتقده و معتقد أئمة مذهبه أبي حنيفة و أصحابه } ، و كتب في فروعهم و أدلتها { مشكل الآثار } و { معاني الآثار } و غيرهما .

                    و لم يرد عليه المالكيون إلا في الفروع ؛ كما رد عليه شيخ ابن أبي زيد القيرواني أبو الفضل العباس الممسي في تحريم المُسكِر .

                    و كثرة ردودهم في الفروع في تلك الطبقة دليل اتفاقهم في الأصول ؛ فإنهم لم يكونوا يختلفون مع الشافعي و أصحابه في عقائدهم ، و لا لهم في القرن الثالث كبير شيء من كتب في أصول الدين لاستقرار الأمر على السنة و جريانه على الفطرة .

                    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيني ، و يُفرج عني الهم و الغم .​

                    تعليق


                    • #11
                      فوائد في العقيدة : 11

                      [ أسباب تأخر ذيوع علم الكلام في المغرب ]

                      كان ما بين المشرق و المغرب من البلدان - كجزيرة العرب و ما علاها من علماء العراق و الشام - حائلا عن وصول علم الفلسفة و الكلام إلى المغرب؛ فشغلوا فلاسفة المشرق الأقصى و متكلميهم بالرد و النقض و التحذير ، و نازعهم بالحجة و البرهان ؛ فحُبست تلك البدعة في العراق و الشام، و لم تنتقل إلى المغرب إلا بعد نحو مائتي سنة من ظهورها في المشرق؛ على يد الجعد بن درهم ، فالجهم بن صفوان ، فبشر المريسي، فأحمد بن أبي دُؤاد ، و طبقتهم و أصحابهم من المعتزلة، و كذلك من أخذ بعلم الكلام ممن لم يجْر مجرى المعتزلة ، و إنما رد عليهم؛ كأبي الحسن الأشعري ، فضلا عن الفلاسفة المشّائين و أشباههم من المشارقة كيعقوب بن إسحاق الكِندي.

                      و إن كان في المغرب فلاسفة ؛ كابن مسرة الجِبلي بقرطبة من أتباع أنباذوقليس أحد حكماء اليونان السبعة، و كان يزعم الإنتساب إلى مذهب مالك ؛ و اختصر [ المدونة ]، و كان يحفظ مسائلها و يسردها، و هو من فلاسفة المتصوفة ، و تبعه تلامذة نُدرة على مذهبه ؛ كمحمد الخولاني ابن الإمام، و عبد العزيز بن حكم، و كان الخليفة يتتبع أتباعه بالحبس و النفي.

                      و قد رد ابن أبي زيد القيرواني على ابن مسرة في كتابه [ الرد على ابن مسرة المارق ] ، و بقي مذهب ابن مسرة في المغرب ، و هو الذي آل إليه ابن عربي في القرن السادس بالأندلس.

                      و كذلك : فإن فيهم معتزلة قليلين؛ كخليل بن عبد الملك بن كُليب القرطبي؛ المعروف بخليل الغفلة، و قد شدد عليه جماعة كبَقي بن مخلد و ابن وضّاح.

                      و من المعتزلة أبو طالب شيخ المعتزلة و لسانهم، و فيهم أهل خرافات في الكرامات ؛ كأبي القاسم البكري الصِّقلي القيرواني، و قد رد عليه ابن أبي زيد القيرواني بكتابه [ الرد على البكرية ].

                      و ليس لهؤلاء المبتدعة كتب ، و إنما هي أقوال تفوّهوا بها.

                      و قد كتب ابن أبي زيد القيرواني إلى الباقلاني - مع كون ابن أبي زيد أسنّ منه - يسأله عن الكرامات لعلمه بأقوال المعتزلة، و رده عليهم؛ حيث نُسب ابن أبي زيد في [ رده على البكري ] بمشابهة قول المعتزلة بنفي الكرامات، فانتصر الباقلاني لابن أبي زيد و بيّن قوله في [ البيان ]، ص : 5، و قد قال فيه : " شيخنا ".​

                      تعليق


                      • #12
                        فوائد في العقيدة : 12

                        [ أسباب انتشار علم الكلام في المغرب ]

                        كانت غالب البدع الكلامية في المغرب يحملها أفراد؛ و ربما يتهيبون الدعوة إليها و الكتابة بها، حتى إذا كان القرن الرابع و الخامس حملها بعض المغاربة إلى بلدانهم من بعض شيوخ المشرق، و بدأ الخوض في الكلام و الفلسفة، و بدأت رياح المشرق الكلامية تصل و تؤثر في المغرب بأسباب ثلاثة :

                        ¶ أولها :

                        ارتحال المغاربة إلى المشرق الأدنى و الأقصى و الأخذ و السماع من علمائها؛ فسمعوا منهم القرآن و السنة و الأثر و الفقه و الكلام، و رحل فرج بن سلام القرطبي و لقي الجاحظ و أخذ كتبه، و رحل عبد الله بن مسرة بن نجيح و أبو بكر يحي بن السمينة و إبراهيم القلانسي ؛ و دراس بن إسماعيل القيروانيون و غيرهم.

                        و لم يأخذ فيما أعلم أحد من أعيان المغاربة المعتبرين من أبي الحسن الأشعري علم الكلام مباشرة ، و إنما كان هناك من التقى ببعض أصحابه كابن مجاهد الطائي؛ فقد ارتحل إلى العراق : أبو بكر إسماعيل بن إسحاق بن عذرة و محمد بن خلدون؛ و كلاهما من تلامذة ابن أبي زيد القيرواني ، و التقيا ابن مجاهد من جملة من التقياه بالعراق؛ و قد استجاز ابن مجاهد كتاب [ المختصر ] لابن أبي زيد القيرواني ، و أرسل إليه مع تلاميذه بذلك، و رحل إلى المشرق : أبو بكر محمد بن موهب؛ و هو جد أبي الوليد الباجي، و حكم بن منذر البلوطي.

                        و أكثر المتكلمين في المغرب : أبو بكر الباقلاني و صاحبه أبو ذر الهروي؛ ثم الجُويني.

                        فالباقلاني أخذ عنه المغاربة في العراق؛ و بلغت بعض كتبه المغرب ك [ التمهيد ]، فقد شرحه أبو القاسم عبد الجليل الربعي القيرواني و سمى شرحه [ التسديد في شرح التمهيد ]، و كان منتصف القرن الخامس.

                        أما الهروي فأخذوا عنه في مكة لأنه جاور فيها، و أسمع صحيح البخاري و الفقه و الكلام أزيد من ثلاثين عاما، و كان يميل إلى مذهب مالك، و كان يعجبه من مذهبه و هو هروي ؛و كان يُسأل : من أين تمذهبتَ بمذهب مالك و رأي الأشعري ؛ مع أنك هروي؟!

                        أما الجويني فقد انتشرت كتبه و تلاميذه في المغرب و غيره.

                        و قد سمع من الباقلاني جماعة من أهل المغرب و ساكنيها؛ كأبي عمران الفاسي و أبي طاهر البغدادي ، و الحسين بن حاتم الأذري نزيل القيروان، و أبي عمرو الداني.
                        و سمع من تلامذة الباقلاني جماعة من المغاربة كعبد الجليل الربعي القيرواني.

                        و سمع من أبي ذر الهروي و قد سكن مكة عقودا؛ و أخذ عنه جماعة كثيرة من أهل المغرب، و كان يُقصد لروايته للبخاري و صحة ضبطه له، و كان أكثر من أدخل الحديث المغاربة في علم الكلام ؛ فقد أخذ عنه أبو عمران الفاسي و أبو الوليد الباجي و مكي بن أبي طالب و جماعة.

                        و سمع من الجويني جماعة من المغاربة ؛ كابن أبي حمزة الأندلسي و محمد الميورقي و أبي القاسم المعافري ، و رحل بعض أصحابه المشارقة إلى المغرب معلمين؛ كأبي نصر سهل بن عثمان النيسابوري، ثم لقي أبو بكر بن العربي أصحاب الجويني في المشرق كالغزالي ؛ و لكنه لم يلق الجويني نفسه؛ فأخذ علمه و نشره في المغرب و اتسع و ظهر هذا في كتب ابن العربي ، ككتابه [ المتوسط في الإعتقاد ]، فقد جرى فيه مجرى الجويني في [ الإرشاد ] ، و كان ابن العربي أول من أدخل كتاب الجويني [ النظامية ] إلى المغرب، فهو من آخر كتبه؛ سمعها من الغزالي عن شيخه الجويني.

                        و لم يكن مذهب المتكلمين - التأويل و التفويض التام - منتظما في المغرب الأقصى و الأدنى، و لا رواج له مستمر، و إنما في أفراد و زوايا حتى آخر القرن الخامس؛ كما قال ابن حزم : ( إن الأشعرية قامت لهم سوق بصِقلّية و القيروان؛ ثم رقّ أمرهم ). [ الفِصل : 4 / 155 ].

                        و كان أول أمرهم و إدخالهم علم الكلام في الإعتقاد يستنكره علماء المغرب ، و ربما بالغوا في ذلك، و قد كان الأندلسي : أبو محمد عبد الله القحطاني يصفهم في قصيدته [ النونية : ص : 187 ] ب ( الزنادقة )، و كان ذلك في منتصف القرن الرابع، و من بعده فعل ابن حزم و سمى مقالتهم ب ( الملعونة ) [ الفصل : 4/ 34 ] ، حتى ذكر المراكشي في [ المعجب : ص : 131 ] : أن ( أهل المغرب أول الأمر كفّروا كل من دخل في علم الكلام )، و كان بعض الأئمة يُسأل عن حكم لعن من استعمل علم الكلام و سبّهم ؛ كما سُئل ابن أبي زيد و ابن رشد [ مسائل ابن رشد : ص : 153 و 215 ] ، و كان مالك الصغير : ابن أبي زيد القيرواني يحذر أصحابه القاصدين للحج من دخول العراق خوفا من تأثرهم بعلم الكلام، و إن دخلوها ألّا يجالسوهم.

                        و الإشارات في تفويض الحقيقة في كلام بعض أئمة المغاربة لا تعني أنهم يُؤصلون لذلك ؛ و إنما هي تقريرات عارضة يقررون في نظائرها خلافها، و مما يدل على أنهم لم يكونوا على أصول الكلام في التأويل و التفويض التام، و إشارات التفويض عند بعض المغاربة المتقدمين نظير إشارات التشبيه في كلام بعض المشارقة التي ليست أصلا لديهم؛ يقررون خلافها في مواضع أخرى من النظائر.

                        كان المتقدمون من المالكية على إثبات حقيقة الصفات و إمرار نصوصها بلا تكييف و لا تفسير و لا تشبيه؛ حتى كان يُسمَّون من خصومهم بالحَشَوية، كما قال أبو القاسم بن حوقل في أهل السوس : ( و المالكية من فُظّاظ الحشوية )، [ صورة الأرض : 1/ 191 ].

                        و كلما تقدم الزمن في المغرب اتسع القول بالكلام مع الأعوام؛ حتى تقرر و ثبت و رسخت أصوله في مجالس العلم و الكتب بأيدي المغاربة أنفسهم بعدما كان بأيدي غيرهم.

                        ¶ ثانيها :

                        انتقال كتب المشارقة إلى المغرب مع الرسل و النُساخ؛ و قد كان بعض المعتزلة ممن يزعم اتباع مذهب مالك في العراق يكاتب أصحاب مالك بالمغرب بالإعتزال و يدعوهم إليه ، فقد كتب علي بن أحمد البغدادي رسالة إلى أهل المغرب بالقيروان يدعوهم إلى الإعتزال و نفي القدر و خلق القرآن ؛ و يزعم أن هذا مذهب مالك بن أنس لأنه يعلم إجلالهم لمالك و قوله، و قد رد عليه جماعة من المغاربة و منهم شيخ شيوخ المالكية ابن أبي زيد القيرواني في رسالته [ الرد على القدرية ].

                        راجع : [ ترتيب المدارك : 6 / 218 ].

                        و كانت بعض كتب ابن مجاهد صاحب أبي الحسن قد أُدخلت المغرب؛ ككتابه [ عقود أهل السنة ]، و رسالته فيما التمسه أهل الثغر من شرح أصول مذاهب المتعبدين.

                        راجع : [ شجرة النَّور : ص : 96 ].

                        ¶ ثالثها :

                        انتقال بعض المشارقة إلى المغرب ممن له نظر في الفلسفة و الكلام، و هذا قليل كالحسين بن حاتم الأذري نزيل القيروان صاحب أبي بكر الباقلاني [ تاريخ دمشق : 41 / 471 ].
                        و لكن الأذري موصوف بالضعف في علم الكلام، و كان أبو محمد بن عطية الأندلسي في فهرسه يصفه ببلادة الذهن في علم الأصول ، و كان نحويا يأذن له شيخه الباقلاني أن يصحح كتبه من جهة النحو، و ينهاه عما عدا ذلك.

                        راجع : [ فهرس ابن عطية : ص : 55 ].​

                        تعليق


                        • #13
                          فوائد في العقيدة : 13

                          [ أثر الإعتزال في قبول علم الكلام على طريقة الأشاعرة - في المغرب - ]

                          بلغت المعتزلة المغرب بالكلام و النظر، و عامة أهل المغرب أهل حديث و أثر، و كان دخول علم الكلام على طريقة الأشاعرة مؤثرا في تلقي المغاربة له؛ لأنه الحجة التي يردون بها على المعتزلة، فيردون عليهم بلُغتهم، و لو دخل علم الكلام المغرب على طريقة الأشاعرة أول الأمر، لم يكن له قبول و لا نظر و لا تمكُّن ، و لكن سبقه شر الإعتزال و فتنته؛ فرقّق علم الكلام بعضه بعضا.

                          ذكر الفيلسوف ابن ميمون القرطبي في القرن السادس : أن علم الكلام على طريقة المعتزلة نشأ في مسلمي المغرب قبل دخوله على طريقة الأشاعرة فيهم، حتى أخذ يهود الأندلس علم الكلام من المعتزلة.

                          راجع : [ دلالة الحائرين ]، الجزء الأول ، ص : 180 - 181.​

                          تعليق


                          • #14
                            فوائد في العقيدة : 14

                            [ مراتب المُخالفين تقتضي مدح الأقرب و اللّين معه ]

                            انطلاقا من هذا المفهوم مدح جماعة من الأئمة بعض المُنظِّرين من المتكلمين على طريقة الأشاعرة؛ لأن غالبه كان مقترنا بزمن شدة النزاع بين المعتزلة و الأشاعرة ، و كان لهم فضل في صدّ عادية المعتزلة، و كان المُلقب بمالك الصغير - ابن أبي زيد القيرواني - يُثني على أبي الحسن الأشعري مع كونه - ابن أبي زيد - ليس من أهل الكلام و لا النظر فيه، بل كان مُحذرا منه.
                            و ثناؤه على أبي الحسن الأشعري و أصحابه إنما كان لأثرهم على أهل البدع ، و ردهم على المعتزلة و الجهمية ، و قد قال في أبي الحسن الأشعري لما وقع فيه المعتزلة : " هو رجل مشهور؛ أنه يرد على أهل البدع و على القدرية و الجهمية ، مُتمسك بالسُّنن".

                            اُنظر [ تبيين كذب المُفتري ]، ص : 123.

                            و مثل هذا قاله في الذبّ عن ابن كُلاب.

                            اُنظر [ تبيين كذب المفتري ]، ص : 405.

                            و هذا من فقه ابن أبي زيد و درايته؛ أن من انبرى من المُخالفين لصدّ عادية الزنادقة و من هم أشد منهم مخالَفة، ليس من الفقه دفعه بذاته؛ لأنه باب لو كُسر لفُتح على السُّنة بعده شر أعظم لا يقوم به غيره، و بعض المتمسكين بالسنة و الأثر يعامل كل مخالف بالنظر إلى مُخالفته، و لا ينظر إلى ما وراءه من شرور مدفوعة به، و كان يسعه بيان السنة من البدعة، و عدم كسر باب بدعة يدخل على الإسلام منه بدعة أكبر منها.

                            و هذه طريقة الأئمة في التعامل مع المخالفين؛ يحفظون السنة من البدعة، و من حفظها : تقدير مراتب المُخالفين و أحوالهم، ففرق بين مخالف وجهه إلى بدعة أشد من بدعته يُحاربها، و بين مخالف وجهه إلى سنة يُحاربها؛ و لو كانت مخالفة الثاني أخفّ ، فربما شددوا على الثاني و خففوا في الأول.

                            و قد كان أبو عثمان الصابوني يثني على أبي منصور البغدادي و يُعظمه لمقامه في الرد على المعتزلة ؛ مع كونه - البغدادي - من أهل الكلام.

                            اُنظر [ تبيين كذب المفتري ]، ص: 253.

                            و قد كان إمام المذهب المالكي في المغرب : ابن أبي زيد ؛ على هذا النهج، و مُعتقده يُبينه ما كتبه و قاله، و لا يؤخذ من مضامين الثناء و المدح للأعلام.

                            نعم، كان ابن أبي زيد على طريقة الإمام مالك و الإمام أحمد ؛ و كان معظما للإمام أحمد ؛ و كان يقول : " أحمد بن محمد بن حنبل؛ به يُقتدى ، و قد أنكر هذا ، و ما أنكر أبو عبد الله أنكرناه".

                            اُنظر [ تبيين كذب المفتري ]، ص: 408.

                            و نسبة شيخ المالكية في المغرب - ابن أبي زيد - لطريقة الأشعري قديمة؛ بسبب ما تقدم ذكره من نصرة الأشعري و أصحابه في سياق صد المعتزلة و الجهمية.

                            و قد بين أبو نصر عُبيد الله السِّجزي و هو في أوائل القرن الخامس في رسالته [ الرد على من أنكر الحرف و الصوت ] خطأ ظن بعض المغاربة أشعرية أين أبي زيد ، و أبي الحسن القابسي ؛ فرسالته على طريقة السلف كما في [ رسالته ] و [ جامعه ] و بقية كتبه ، و مثله القابسي كما في كتابه [ الإعتقاد ].

                            و ابن أبي زيد يثبت الصفات لله على ظاهر يليق بالخالق لا بالمخلوق، بلا تكييف؛ و هذا ظاهر في إثباته لصفة اليدين و الرضا و السخط و الغضب، و النزول و المجيء و الضحك و غيرها...​

                            تعليق


                            • #15
                              صفحتي على الفايسبوك :

                              https://www.facebook.com/profile.php?id=100084116497871

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 14 يول, 2023, 02:56 ص
                              ردود 0
                              12 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 18 مار, 2023, 06:08 م
                              رد 1
                              26 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة الأندلسى
                              بواسطة الأندلسى
                               
                              ابتدأ بواسطة ماجد تيم, 14 مار, 2023, 12:32 ص
                              رد 1
                              10 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ماجد تيم
                              بواسطة ماجد تيم
                               
                              ابتدأ بواسطة ماجد تيم, 9 مار, 2023, 08:38 م
                              رد 1
                              20 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ماجد تيم
                              بواسطة ماجد تيم
                               
                              ابتدأ بواسطة ماجد تيم, 4 مار, 2023, 03:12 م
                              رد 1
                              17 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ماجد تيم
                              بواسطة ماجد تيم
                               
                              يعمل...
                              X