بارك الله فيك أخونا أبوعبدالله المصري ونفع بك .. بداية رائعة وأتمنى منك استكمال هذا الموضوع الهام .. قرأت المنحولات الكلمنتية أكثر من مرة والتي أتاحت لي فرصة للتعرف أكثر على عدد من الحواريين (بطرس- يعقوب - برنابا) وعدوهم الذين يتحدثون عنه مرمزين اياه بسيمون الساحر تقريبا .. وقد ذهب كثير من المحققين بأن العدو المقصود ما كان الا بولس.. على كل حال نستطيع أن نرى هنا صورة أكثر وضوحا ونقاءاً للحواري بطرس صخرة الايمان كرجل عالم ورع .. فقد تحدث في أكثر من نص عن تحريف الكتاب وأنه غير مقتنع بالصورة المشوهة لأخلاق الأنبياء عليهم السلام في الكتاب ... وله عظة في منتهى الجمال عن العلة من قبح الكفر بنعمة الله ... وغيرها من الأحاديث التي تجعلنا نرى صورة أكثر وضوحا لشخصيته التي شوهت في الأناجيل والرسائل وأعمال الرسل.
بارك الله فيكم.. وفي انتظار المزيد إن شاء الله

ولكم بمثل أخونا الأندلسي، جزاكم الله خيرا على هذا التشجيع، و أرفق هنا ترجمتي لأول خمسة فصول من الرسالة المنسوبة لإكليمندس الروماني (كيلمنت) و الموجهة إلى يعقوب:



رسالة كيلمنت إلى يعقوب
من كيلمنت إلى يعقوب سيد و أسقف أساقفة القدس و كنيسة العبرانيين المقدسة في كل مكان والتي تم تأسيسها بحكمة الله مع الشيوخ والأساقفة و الإخوة، ليكن السلام معكم دائما.

الفصل الأول: استشهاد بطرس
كما تعلم ياسيدي أن سمعان والذي بإيمانه و أساس عقيدته خصص ليكون أساس الكنيسة و سمي لذلك ببطرس بفم يسوع الصادق نفسه، فهو باكورة عمله و أول رسله، لمن كشف له الآب أولا طريق الابن، والذي باركه المسيح لسبب وجيه. فهو المدعو و المختار و رفيق المائدة و الأسفار، التلميذ الفاضل و الذي اختير -لكونه الأنسب- ليضئ الجزء الأكثر ظلمة من العالم، الجزء المسمى بالغرب، وقد نجح في تحقيق ذلك، فإلى أي مدى أطيل الحديث حتى أتجنب إخبارك بالخبر الحزين والذي مع ذلك من الضروري أن أخبرك به رغم ترددي، فإنه بعد أن وصل روما وبسبب حبه الكبير للناس فإنه واجه الشرير الذي عارضه بوضوح وصرامة و أعلن بأنه سيكون هناك ملك صالح على العالم أجمع، و بينما ينقذ الناس بإبلاغهم بعقيدته الملهمة من عند الله، و نتيجة لأنه قوبل بالعنف فإنه استبدل هذا الوجود الحاضر بالحياة الأبدية.

الفصل الثاني: تعيين كيلمنت
ولكنه قبل موته بوقت قصير و بينما كنا في جمع من الإخوة أمسك بيدي فجأة ونهض قائلا أمام حضور الكنيسة: اسمعوني أيها الإخوة يا عباد الله، لأنه و كما علمني سيدنا و معلمنا يسوع المسيح فإن يوم موتي يقترب، ولذا فإني أختار كيلمنت ليكون أسقفا لكم أوكل له خلافة كرسيَّ، حيث أنه سمع كل عظاتي و سار معي في كل رحلاتي من البداية و حتى النهاية وقد وجدته ثابت الإيمان وفاق الجميع في تقواه و خيريته و نقائه وعلمه وصلاحه وسعة قلبه حتى أنه يسعى بسخاء لتحمل جحود بعض الوعاظ. لذلك أوكل إليه سلطة الحل والعقد فكل ما يقرره على الأرض يقرر في السماء. لأنه بمعرفته بقانون الكنيسة فإنه سيقرر عقد ما يجب أن يعقد و يحل ما يجب أن يحل. وبناء على ذلك فاسمعوا له لأنه و كما تعلمون فإنه من يخطأ في حق الرئيس الحق يخطأ في حق المسيح و في حق آب الكل. وبذلك لا يستحق أن يحيا. وعلى من يتولى الرئاسة أن يكون كالطبيب و لا ينجرف خلف الغضب الذي يخرجه عن الرزانة و التعقل.



الفصل الثالث: لا أريد الأسقفية
و بينما قد سمعت ما قاله ركعت و توسلت إليه ألا يكلفني سلطة وشرف كرسي الأسقفية، لكنه أجاب قائلا: لا تجادلني بخصوص هذا الأمر و خصوصا أن موقفك هذا قد أكد لي حسن اختياري إذ أن هذا الكرسي لا ينبغي أن يناله شخص طامع فيه ولكن يجب أن يشغله شخص تقي و متقن لكلام الله، فإذا رفضت فأرني من غيرك يكون جديرا به، لأنك أنت أول ثمار الذين اهتدوا بمواعظي. بالإضافة إلى ذلك خذ في حسبانك بأنك إن امتنعت عن تولي إدارة الكنيسة خوفا من خطر وقوعك في الخطيئة فإنك تعرض نفسك لخطيئة أكبر و هي تركك لمساعدة الأتقياء حفاظا على مصالحك الخاصة، لذا أرى أن عليك أن تتحمل الخطر، لذلك فإني أطلب منك مساعدة الجميع و كما تفهم الوضع فإنه كلما أسرعت في الموافقة على تولي المسؤولية كلما ساهمت في تخفيف قلقي.

الفصل الرابع: استيفاء الثواب
و على الرغم من علمي يا كيلمنت بالهموم والأحزان و المخاطر و جهالات الجماهير الغير متعلمة التي ستواجهها، و كل ذلك يمكنك أن تواجهه بشهامة بالتطلع إلى ثواب الصبر الذي يمنحه الله. وضع في اعتبارك أيضا: متى يحتاج المسيح مساعدتك؟ الآن، عندما يشن الشر حربه ضد الخير؟ أم عندما يأتي الزمان الذي يعود فيه حاكمًا منتصرًا؟ ألا يتضح لكل ذي عقل أن الحاجة لهذا هي الآن؟ ولذلك أطلب منك وبكل حسن نية أن تسرع الآن في زمن الضرورة لخوض المعركة الحالية بجانب الملك الصالح والذي من طبعه إجزال الثواب بعد النصر. ولذلك أطلب منك قبول المسؤولية بابتهاج بهذا الوقت الأنسب، حيث أنك تعلمت مني إدارة شؤون الكنيسة، وذلك لحماية جميع الإخوة الذين احتموا بنا.

الفصل الخامس: تكليف
على كل أود أن أذكرك في حضور الجميع و من أجل مصلحة الجميع بكل ما يخص شؤون الإدارة. ينبغي أن تطرح عنك -بكل جدية وبدون لوم لنفسك- كل هموم الدنيا و ألا تنخرط في أي نشاط دنيوي. لأن المسيح لن يقيمك حكما على الشؤون الدنيوية فتحصر اهتمامك بها و تنشغل عن التمييز بين الصالحين والطالحين بكلمة الحق. بل تدع التلاميذ يدبرون هذه الأمور بين بعضهم البعض لتتفرغ أنت للتعاليم التي تؤدي إلى الخلاص.
فكما أنه من الخطأ أن تتولى إدارة الشؤون الدنيوية و تنشغل بها عما أمرت به، فإنه من الخطأ أن يرفض العامة مساعدة بعضهم بعضا في الشؤون الدنيوية. فإذا لم يفهم الجميع تدبير هذه الأمور فلتدع مهمة تعليمهم هذه الأمور للشمامسة بحيث تتفرغ لرعاية الكنيسة و إدارة شؤونها و تعليم الكلمة الحقة.


​

أستكمل ترجمتي للرسالة المنسوبة لإكليمندس الروماني (كيلمنت) في كتاب عظات اكليمندس، من الفصل السادس وحتى الفصل العاشر:


الفصل السادس: مسئولية الأسقف
فإنك إن انشغلت بإدارة الشؤون الدنيوية تكون قد خدعت نفسك وخدعت المستمعين إليك على حد سواء، حيث أن انشغالك بمثل هذه الأمور سيعيقك عن تعليم ما هو مفيد، مما قد يؤدي بك لاستحقاق العقوبة لعدم قيامك بما يتوجب عليك من تعليم ما ينتفع به الناس، مما يؤدي بهم للهلاك كنتيجة حتمية لجهلهم. لأجل هذا ينبغي أن ترأسهم دون انشغال بهذه الأمور، لتعلمهم في الأوان المناسب الكلمات التي تعينهم على الخلاص، ليستمعوا إليك عالمين بأن كل ما يربطُهُ سفيرُ الحق على الأرض يكون مربوطاً في السماء، وما يحلُّه يكون محلولا. وبناء على ذلك يجب عليك أن تربط ما ينبغي أن يربط وتحل ما ينبغي أن يحل، وهذه الأمور و ما يشبهها هي ما ينبغي أن تتعلق بمسؤوليتك كرئيس للكنيسة.

الفصل السابع: مسئوليات شيوخ الكنيسة
أما بالنسبة للشيوخ فدعهم يُقدِّمون هذه التعليمات على ما سواها، إن عليهم أن يشجعوا الشباب على الزواج المبكر متوقعين المشاكل التي قد تنتج عن نزوات الشباب. ولكن ذلك لا يعني إهمال تزويج كبار السن لأن تلك النزوات قد تظل قوية حتى مع التقدم في العمر. لئلا تجد الفاحشة موضعًا بينكم فتجلب عليكم وباءً شديدًا، خذوا الحيطة، وتفحّصوا الأمر، لئلا تشتعل في وقتٍ ما نارُ الفاحشة خُفيةً في وسطكم. فالزنا خطيئة شنيعة، حتى أنه يحتل المرتبة الثانية من حيث استحقاق العقوبة، أمّا العقوبة الأكبر فمخصّصة للذين قد زاغوا وضلّوا، ولو كانوا عفيفين.
لذلك ينبغي عليكم يا شيوخ الكنيسة أن تدربوا عروس المسيح على العفة (و بالعروس أعني أعضاء الكنيسة).لأنّه إن وُجدت عفيفةً في نظر عريسها الملكي، نالت أعظم كرامة، وأنتم، بوصفكم ضيوف العُرس، تنالون ثناءً عظيمًا. أمّا إن ضُبطت وقد وقعت في الخطيئة، فإنها تُنبذ، وأنتم أيضًا تنالكم العقوبة، إن كانت خطيئتها قد حدثت في أي وقت بسبب إهمالكم.


الفصل الثامن: أحسنوا إلى الجميع
لأجل هذا فالحرص على العفة مقدم على كل شئ آخر، حيث أن الوقوع في الفاحشة أمر مرير في نظر الله. كما أن للفاحشة صور عديدة كما سيشرحها لكم كيلمنت. أهمها وقوع المتزوجون في الفاحشة بحيث لا يكتفي الرجل بزوجته ولا الزوجة بزوجها. فإذا أصبح الإنسان عفيفا فإنه يغدو قادرا على فعل الخير وبذا يصبح مستحقا للرحمة الأبدية، فكما أن الفاحشة شر عظيم فإن فعل الخير هو أفضل فضيلة. لذا عليكم أن تحبوا جميع إخوتكم بعين الرحمة، قوموا للأيتام مقام الوالدين، وللأرامل مقام الأزواج، موفّرين لهم القوت بكل لطف، ومرتّبين الزواج للذين هم في سنّ الشباب، ومهيّئين لمن لا مهنة لهم وسائل الرزق الضرورية؛ توفرون العمل للقادر عليه، وللعاجز صدقة.

الفصل التاسع: لتدم المحبة الأخوية
إن رسّختم المحبة في أذهانكم، فإني على يقين بأنكم ستفعلون هذه الأمور. ولا سبيل إلى ذلك إلا بتشارك الطعام بينكم. لأجل ذلك احرصوا على أن تستضيفوا بعضكم بعضا على قدر استطاعتكم لتحافظوا على الفضل بينكم، حيث أن هذا هو السبيل لعمل الخير وعمل الخير سبب للخلاص. فليشارك كل منكم زاده مع إخوته في الله، عالمين بأن بذلكم للدنيا الفانية يورثكم الحياة الأبدية. فليكن همكم إطعام الجائع وإرواء العطشان و كساء العريان وزيارة المريض و السجين، ساعدوهم بقدر استطاعتكم و استضيفوا الغريب في بيتكم بكل حب.

الفصل العاشر: كل ما هو مستقيم
فإن طرأ بين أي من الإخوة أية خصومة فلتحرصوا على ألا ترفعوها للسلطات، و ليحكم بينكم شيوخ الكنيسة باذلين لهم السمع و الطاعة. واجتنبوا الطمع، فإن الطمع في مكسب دنيوي زائل قد يحرمكم من نعم الحياة الأبدية. احرصوا على عدالة موازينكم ومكاييلكم، وكل ما يتعلّق بتجارتكم. وكونوا أمناء على ما استودعتم من أمانات. داوموا على فعل هذه الأمور وما شاكلها حتى النهاية، متذكرين دائما يوم الحساب أمام الله. فمن ذا الذي يجرؤ على ارتكاب الخطيئة وهو على يقين بيوم الحساب بعد نهاية الحياة الدنيا أمام حكم الله العدل؟ الله ذو الأناة والفضل، حتى ينعم على الصالحين في الآخرة بنعم لا توصف أما الأشرار الذين واقعوا الخطايا فإنهم يحشرون إلى عذاب أبدي لا يوصف. ولا يمكن الشك في أي من هذه الأمور بعد أن أبلغنا بها النبي الحق وأكد على وقوعها.
​